المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: العينة وما يشبهها - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٠٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: العينة وما يشبهها

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ -‌

‌ كتاب البيوع

(1)

‌باب: العينة وما يشبهها

الشيخ: عبد الكريم الخضير

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: العينة وما يشبهها

حدثنا يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)).

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه)).

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه.

وحدثني عن مالك عن نافع أن حكيم بن حزام -رضي الله تعالى عنه- ابتاع طعاماً أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه فبلغ ذلك عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فرده عليه وقال: لا تبع طعاماً ابتعته حتى تستوفيه.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن صكوك خرجت للناس في زمان مروان بن الحكم من طعام الجار، فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على مروان بن الحكم فقالا: أتحل بيع الربا يا مروان؟ فقال: أعوذ بالله وما ذلك؟ فقالوا: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها، فبعث مروان بن الحكم الحرس يتبعونها ينزعونها من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها،

ص: 1

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً أراد أن يبتاع طعاماً من رجل إلى أجل فذهب به الرجل الذي يريد أن يبيعه الطعام إلى السوق فجعل يريه الصبرة، ويقول له: من أيها تحب أن أبتاع لك؟ فقال المبتاع: أتبيعني ما ليس عندك؟ فأتيا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فذكرا ذلك له، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما للمبتاع: لا تبتع منه ما ليس عنده، وقال للبائع: لا تبع ما ليس عندك.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل بن عبد الرحمن المؤذن يقول لسعيد بن المسيب: إني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله، ثم أريد أن أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل، فقال له سعيد: أتريد أن توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت؟ فقال: نعم، فنهاه عن ذلك.

قال مالك -رحمه الله تعالى-: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه من اشترى طعاماً براً أو شعيراً أو سلتاً أو ذرة أو دخناً أو شيئاً من الحبوب القطنية، أو شيئاً مما يشبه القطنية مما تجب فيه الزكاة، أو شيئاً من الأدم كلها الزيت والسمن والعسل والخل والجبن والشِبَرّق.

الشِبْرِق.

طالب: أحسن الله إليك.

والشِبْرِق واللبِن، وما أشبه ذلك من الأدم.

اللَّبن، اللّبن.

واللَّبن، وما أشبه ذلك من الأدم فإن المبتاع لا يبيع شيئاً من ذلك حتى يقبضه ويستوفيه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: العينة وما يشبهها

العينة عند عامة أهل العلم التي جاء الحديث بمنعها: هي أن يشتري الرجل سلعة لا يريدها وإنما يريد ثمنها، بثمن مرتفع إلى أجل، ثم يبيعها إلى من اشتراها منه حالة بثمن أقل، يشتري سلعة من رجل لا يحتاجها، وإنما يحتاج ثمنها، يشتريها إلى أجل بثمن مرتفع فيه زيادة في مقابل الأجل، ثم يبيعها ممن اشترها منه على نفس البائع الأول بثمن حال أقل مما اشتراها به، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إي طيب.

ص: 2

جمهور أهل العلم على منعها، وأنها حيلة صريحة مكشوفة على الربا المحرم المقطوع بتحريمه، وعند الشافعية تجوز، كأن الإمام مالك رحمه الله حينما أدخل هذه الأحاديث التي فيها المنع من بيع الطعام قبل قبضه تحت هذه الترجمة يتوسع في معنى العينة، الصورة التي ذكرناها هي المعتمدة عند أهل العلم، سميت عينة لأن المشتري إلى أجل يأخذ بدل السلعة عيناً يعني مالاً، أو لأن البائع الأول رجع إليه عين ماله فهي عينة على الاحتمالين، وهما موجودان في الصورة المشروحة، منعت من وجوه عند أهل العلم، أطال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تهذيب السنن في تقرير منع العينة لأنها حيلة، وهي مشبه لحيل اليهود الذين يتوصلون بها بحيلهم إلى استحلال ما حرم الله -جل وعلا-، جاء في الحديث مما خرجه أبو داود وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) والحديث بطرقه وشواهده مصحح، وإن كان بمفرده لا يصل إلى درجة الصحة، فهو صحيح لغيره، ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر)) يعني اكتفيتم بالزرع ((وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 3

بترك هذه الأمور المنصوص عليها التي هي سبب تسليط الذل {إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد] إذا وجد السبب الذي من أجله سُلط الذل، ولم يمر على الأمة ذل أشد مما تعيشه الآن، ولا يرتفع إلا بمراجعة الدين، لا سيما ما نص عليه في هذا الحديث؛ لأنها هي السبب، هي السبب في تسليط هذا الذل، ((سلط الله عليكم)) والفعل سلط والتسليط في الغالب يصاحبه القهر، إن الله منع عن مكة الفيل أو القتل، وسلط عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، سلط؛ لأن هذا الفعل يصاحبه شيء من الإذلال والقهر، فهل للإنسان أن يقول: سلط الله عليه المصائب والمرض يعني يحكي عن نفسه، يعني هل للإنسان أن يقول عن نفسه: إن الله سلط عليه المرض والمصائب؟ هنا سلط عليهم ((سلط الله عليهم ذلاً لا ينزعه)) الداعي إلى هذا الكلام أن شخصاً قام يسأل أمام الناس بعد الصلاة، وبين يديه شيخ من كبار المشائخ، فقال هذا السائل: سلط الله عليه الأمراض وكذا وكذا والمصائب، فقال: لا تقل: سلط الله علي، وإنما قل: قدر الله علي، فهل في إطلاق هذا اللفظ من محذور، وجاء فيه الحديث الصحيح؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

يعني إذا كان الخبر عن غيره ما تحتمل الجزع ولا التشكي، وإذا كانت خبر عن نفسه حملت في طياتها التشكي، على كل حال ما دام ثبت اللفظ فالتسليط نسبته إلى الله -جل وعلا- جائزة، وإن كان المسألة من حيث الأدب والتأدب مع الله -جل وعلا-، فالحديث الصحيح ((سلط عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون)) فالعدول عن الفاعل الظاهر إلى بناء الفعل للمجهول لا شك أنه تأدب {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [(10) سورة الجن] فالرشد أضيف إلى الله عز وجل صراحة، والشر بني فيه الفعل للمجهول، ((والشر ليس إليك)) وكلٌ من عند الله، لكن من باب الأدب.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

سلطه.

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

سلطه؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 4

لا هذا ما فيه إشكال هذا، الإشكال في كون

يعني الشخص يسلط ماله ويوجه ماله ما فيه إشكال، العينة لا شك أن فيها تحايل صريح على الربا، هذا يريد درهم ولا يريد السلعة فيذهب إلى من عنده ما يحتاجه، وبدلاً من أن يقول: أعطني ألف بألف ومائتين يقول: أعطني هذه السلعة بألف ومائتين واشترها مني بألف، دراهم بدراهم بينهما سلعة، بينهما حريرة كما يقول ابن عباس، التحايل ظاهر، هل يختلف الحكم فيما لو باعها على طرف ثالث؟ يعني اشترى هذه السلعة ولا يريدها يريد ثمنها اشتراها بألف ومائتين، وباعها بألف بدلاً من أن يبيعها على صاحبها الأول فتكون عينة محرمة باعها على طرف ثالث، هذه يسمونها التورق، وهي جائزة عند جماهير أهل العلم، طيب هذه فيها تحايل، على كل حال من أهل العلم ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية، وبعض الشيوخ المعاصرين يرون تحريم مسألة التورق أيضاً؛ لأن التحايل فيها ظاهر، لكن هل الحيلة فيها مثل الحيلة التي في العينة؟ لا، هو اشترى السلعة، وقد يكون الطرف الأول لا علم له، أو لا علم عنده بما أسره الثاني، فيشتري منه السلعة بقيمة إلى أجل، والطرف الأول يعرف أن البيع إلى أجل هو الدين الجائز بالإجماع {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] ما فيه إشكال، لكن الطرف الثاني ضاقت به المسالك، واضطر إلى المال ولم يجد وسيلة إلا هذه، الذين يحرمونه ويقولون: إنها حيلة مثل العينة ولا فرق بينهما، يقولون: إذا ما وجد وضاقت به المسالك واضطر إلى المال يأخذ ربا صريح أسهل من التحايل مع الربا، لكن هذا الكلام فيه نظر ظاهر، يعني صورة يجيزها عامة أهل العلم مثل الربا الصريح؟! يعني إن كان للإنسان أن يرتكب الشبهات ولا يرتكب الصريح في مقابل الصريح، فلا شك أن مثل هذا فيه خطورة يعني كوننا نقول: اذهب وخذ من البنوك الربا الصريح، واترك مسألة التورق التي عامة أهل العلم عليها فهذا فيه .... ! نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 5

يعني عليه تجارة الناس كلهم، يعني التجارة، التجار كلهم على هذا، يشترون السلع لا ليستفيدون منها ولا يريدونها ولا يحتاجونها، إنما ليبيعوها.

طالب: إيه بس مو الفرق ما يزيد السعر يا شيخ ما .... ؟

لا هي تختلف من جهة، وهي أن هذا المشتري التاجر يبيع بربح، والمتورق يبيع بنازل، ولذا مسألة العينة لو اشتراها إلى أجل، ثم باعها على من اشتراها منه بثمن مساوٍ أو أكثر جازت، فافترقا من هذه الحيثية.

طالب: إذا كان هناك اضطرار للتورق هل نقول -أحسن الله إليك- بالجواز؟

عدم الحاجة يدخله ((من أخذ أموال الناس تكثراً)) لا إذا أجيز أصل المسألة خلاص انتهى، يثبت الحكم لعلة، ثم ترتفع العلة يبقى الحكم

طالب:. . . . . . . . .

الاتفاق بينهما لا ما يلزم.

طالب: ولو فعلوها .... ؟

ولو فعلوها من دون اتفاق تنطبق إيه.

طالب: وإذا كان محتاجاً للسلعة؟

إذا كان محتاجاً للسلعة ثم طرأ له أن يبيع هذه ترتفع مسألة التحايل، لكن تبقى صورة المنع لأن التعامل والأحكام إنما تبنى على الظاهر.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه يعني

طالب:. . . . . . . . .

إيه بلا شك، لكن مع ذلك ينظر إلى ظاهر العقد وباطنه، باطن العقد لأن العبرة بحقائق الأمور، هذا الأصل فيها، العبرة بحقائق الأمور، والظاهر من أجل بناء الأحكام على الظاهر.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

اللي يظهر ما دام عقد محرم يفسخ، يفسخ العقد، يرد.

عرفنا الآن صورة العينة التي جاء فيها النص، وفسرها الجمهور بما ذكرنا، والفرق بينها وبين التورق الطرف الثالث، العينة من طرفين فقط، ويحصل فيها عقدان، أما بالنسبة للتورق يحصل فيه عقدان، لكن بين ثلاثة أطراف، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إي لا بد، لا بد أن لا تعود إلى صاحبها الأول.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 6