الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ -
كتاب البيوع (11)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: الملامسة والمنابذة
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن الملامسة والمنابذة".
قال مالك رحمه الله: "والملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ولا يتبن ما فيه، أو يبتاعه ليلاً ولا يعلم ما فيه، والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه على غير تأمل منهما، ويقول: كل واحد منهم هذا بهذا، فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة.
قال مالك -رحمه الله تعالى- في الساج المدرج في جرابه أو الثوب القبطي المدرج في طيه: إنه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا وينظر إلى ما في أجوافهما، وذلك أن بيعهما من بيع الغرر، وهو من الملامسة.
قال مالك رحمه الله: وبيع الأعدال على البرنامج مخالف لبيع الساج في جرابه والثوب في طيه، وما أشبه ذلك فرق بين ذلك الأمر المعمول به، ومعرفة ذلك في صدور الناس، وما مضى من عمل الماضين فيه، وأنه لم يزل من بيوع الناس الجائزة والتجارة بينهم التي لا يرون فيها بأساً؛ لأن بيع الأعدال عن البرنامج على غير نشر لا يراد به الغرر، وليس يشبه الملامسة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الملامسة والمنابذة
مفاعلة من اللمس والنبذ، ولا تكون إلا بين اثنين هذا ما تقتضيه الصيغة غالباً، وقد تكون من واحد كالمسافرة والمطارقة والمعاقبة.
قال -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان" ابن واسع "وعن أبي الزناد" عبد الله بن ذكوان، كلاهما "عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم:"نهى عن الملامسة" يعني عن بيع الملامسة، عن عقد الملامسة، مفاعلة من اللمس "والمنابذة" أيضاً مفاعلة من النبذ، وفسر الإمام مالك -رحمه الله تعالى- هذين العقدين عقد الملامسة وعقد المنابذة بقوله:"والملامسة أن يلمس الرجل" يلمس من باب ضرب، لمس يلمِس، ويقال: من باب نصر يلمُس، نصر ينصُر "أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره" ثياب مدرجة ملفوفة وفي الدواليب، في الرفوف، يلمس الثوب، يلمس منه جانب منه، ويقول: هذا الثوب عليك بكذا، من غير أن ينشره وينظر في تفصيله وطوله وعرضه، وجودة خياطته، بحيث لا ينشره، وهذا لا شك أن في غرراً شديداً، لا سيما وأن الخياطة في السابق ليست كالخياطة في الحاضر، لكن لو كان في الكرتون معروف الأصيل ومقاسه هنا ولونه هنا، هذا ما يحتاج إلى أن ينشر، وليس فيه غرر، معروف عند الجميع، تعرف أنت مقاسك واللون الذي تريد، والنوعية التي تريدها، هذا ما فيه غرر، لكن لو تبين أن الذي في الكرتون غير مطابق لما كتب عليه هذا غرر، وإن خرج الثوب مطابقاً لما كتب عليه ما فيه غرر
…
طالب: ليس هناك غرر وإلا خلاف العقد؟
لا فيه غرر، فيه جهالة.
طالب: لا إذا صار غير الوصف، ما يصير فيه خلاف العقد، المتعاقد أنا متعاقد على أن أشتري هذه المقاسات، مخالف العقد.
هو الغرر مخالفة، الغرر مخالفة، لو صارت موافقة ما صار فيه غرر.
"الملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ولا يتبين" يعني لا يظهر له ما فيه، وقد يكون فيه عيب فيه خروق، فيه شقوق، وفيه رقع من غيره، أو يبتاعه ليلاً يشتريه ليلاً، ولا يعلم ما فيه، ومن ذلك تعمد أصحاب أو بعض أصحاب المحلات، وضع الأنوار التي تخرج الأشياء، تظهر الأشياء على غير حقيقتها، الأنوار لها دور في إظهار الشيء، فهذا فيه غرر بحيث لو رآه في النهار في غير هذه الأنوار، ورآه يختلف عما عرض به هذا غرر.
"أو يبتاعه ليلاً ولا يعلم ما فيه" هذا بناء على أن الملامسة المفاعلة من طرف واحد، يعني على خلاف الأصل، قلنا: إن الأصل فيها، والغالب أنها تكون بين طرفين، وعلى هذا إذا كانت على بابها فالمقصود به أن تلمس هذا الثوب، ويلمس أيضاً بضاعة عندك، أي ثوب لمسته فهو في أي كتاب لمسته، أنت عندك كتب وهو عنده ثياب، أي ثوب تلمسه من دون أن تتبين ما فيه بأي كتاب يلمسه، ولا يظهر منه ما يدل عليه، فتكون بين طرفين، مفاعلة.
"والمنابذة أن ينبذ" يطرح " الرجل إلى الرجل ثوبه، وينبذ الآخر إليه ثوبه" كل واحد ينبذ على الثاني ثوبه "من غير تأمل بينهما" ما يتركان فرصة لكل واحد يتأمل، ما نبذ إليه، بمعنى أنه يلزم العقد بمجرد النبذ، والمفاعلة ظاهرة في مثل هذه الصورة؛ لأنها من الطرفين، فلا يتأمل كل واحد منهما، ولا ينظر، ولا يقلب الثوب بحيث ينظر إلى حقيقته الكاشفة "ويقول كل واحد منهما: هذا بهذا" على سبيل الإلزام على ثبوت العقد بمجرد النبذ "فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة" لكن لو ترك كل واحد منهما للآخر الخيار؛ كل واحد نبذ إلى الثاني ثوبه وقال: يا الله إن جاز لك جزمنا، ويقول الثاني كذلك ما يدخل في المنابذة؛ لأن النبذ بذاته لا يترتب عليه شيء، إنما نهي عنه لما يترتب عليه من الغرر الظاهر والجهالة الواضحة، لكن لو كان ذلك على سبيل الخيار، وأن العقد لا يلزم حتى يتم النظر فلا مانع من هذا، منهم من يرى أن المنابذة مرادف لبيع الحصاة، وهو أنه يأخذ حصاة ويقول: خذ هذه الحصاة فأنبذها على هذه المجموعة من الثياب أو من الأغنام، أو من أي بضاعة كانت، أي شيء تقع عليه هذه الحصاة فهو عليك بكذا، فالجهالة هنا قد تقع الحصاة على ثوب بمائة، وقد تقع على ثوب بخمسين، وقد تقع على ثوب بمائتين، ويحدد له السعر بمائة مثلاًًً، هذا غرر الجهالة، لكن لو كانت الأسعار واحدة، دخل محل أبو ريالين وقال: خذ هذه وانبذ على اللي تبي بريالين في غرر وإلا ما فيه؟ الغرر من جهة أن الحصاة قد تقع على سلعة لا يريدها، قد تقع على سلعة لا يريدها، يعني يشتري سلعة وسعرها محدد، ثم تقع هذه الحصاة ما كل الناس يصيب ما يريد، نعم، فإذا وقعت على شيء لا يريده الجهالة جاءت من تحديد السلعة، العقد صحيح وإلا غير صحيح؟ والغرر كبير وإلا غير كبير؟ الغرر شديد وإلا غير شديد؟ دخل على محل مستوي الأثمان كل حبة بمائة معروف أو بريالين مثلاً، فقال: خذ هذه الحصاة وارميها على ما شئت، أي شيء تقع عليه فهو بريالين، ما الفائدة من النبذ في مثل هذه الصورة؟ النبذ في الصور الأولى التي فيها الغرر أحدهما مستفيد فائدة كبيرة، والثاني متضرر وهذا لا شك أنه مثل هذه الصورة أنها لا تجوز للغرر
والجهالة، لكنه هنا لا يوجد أحد مستفيد فائدة أكثر من العادة، فرماها وهو يريد سلعة، يريد مأكول ووقعت على ملبوس، لا يرده السعر واحد، هذا فيه غرر وإلا ما فيه؟ فيه غرر في أصل السلعة، قد يقول قائل: ماذا يستفيد الطرفان؟ ماذا يستفيد صاحب المحل من هذه المنابذة أو من هذا النبذ؟ يستفيد وإلا ما يستفيد؟ ما يستفيد لأنه سواء اشترى الملبوس أو المأكول كله بسعر واحد، اللهم إلا إذا كانت بعض السلع أدرج من بعض فهو يريدها أن تقع على السلعة التي لا تدرج أو لا تمشي فهو مستفيد من هذه الحيثية
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن سعرها بريالين ماشية ويش لونها هذه؟ شراها هذا وإلا شراها غيره.
على كل حال النبذ كله في مثل هذه الصور كلها لا يجوز، والجهالة موجودة والغرر ظاهر، لكن بعض الناس يصيب إذا نبذ يصيب ما يريد، الناس يتفاوتون في الرمي منهم يصيب الهدف مائة بالمائة، ومنهم من يصيب تسعين بالمائة، ومنهم من لا يصيب ولا خمسين بالمائة يرمي هنا وتروح هناك، يتفاوتون الناس بلا شك، على كل حال هذه البيوع كلها لا تجوز؛ لأن فيها الغرر والجهالة، أما ما طريقه النظر لا شك أن الأعمى لا يدرك إدراك المبصرين، لكن إذا اشترى سلعة وبانت على غير ما يريد، يريد أسود فأعطي أخضر، قال: أريد ثوب أسود فأعطاه صاحب المحل ثوب أخضر، هذا مثل الصفة خيار الخلف في الصفة ثابت له.
طالب:. . . . . . . . .
يريد ثوباً جيداً، هو يريد ثوب بس، فأعطي ثوب، إذا ما حدد أوصاف فهو أي ثوب يعطاه يقبله، فإذا اختلف عما حدده له الخيار، إذا ما اختلف واشترى شراء مطلقا، ً ولم يذكر أي وصف، والسلعة هذه قيمتها ما فيها غبن، ما له خيار؛ لأنه هو الذي فرط، علماً بأن من العميان من يدرك الألوان ومن هو أدق بالاختيار من المبصرين، أعمى يشتري سيارة فإذا لمسها عرف موطن السمكرة وعرف هذا أصلي هذا تقليد يعرف، وأعمى ينزل في الخزان الفوزي يشوف التلييس هل هو ناعم وإلا ما هو بناعم، والمبصرين ما نعرف أحد نزل إلى الخزان الفوزي، وينظر أعالي الأبواب هل هي دهانها جيد، وصبغتها جيدة، وملساء وإلا
…
، بعض الأبواب ما تصبغ أصلاً مع الحرف الأعلى، والمبصرين ما يبحثون عن مثل هذا، وقد رأينا من العميان من يطلع على سلم ويلمس أعلى الباب، يشوف هل هو ناعم؟ هل هو مصبوغ؟ يصلحون السيارات ويهندسون الساعات في علل في السيارات ما أدركها المبصرون، وأدركها العميان، لا شك الأعمى عنده تعويض في هذا الباب، فإذا فرط ما طلب اللون الذي يريده وأعطي هذا طلبه طلب ثوب وأعطي ثوب، لكن هل اختلف الثوب عن وصفه؟ ما اختلف.
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أي شيء فيه غرر ما يكفي التراضي، ما يكفي التراضي.
طالب:. . . . . . . . .
"قال مالك في الساج المدرج" الساج قالوا: الطيلسان المدرج في جرابه لكن هل الطيلسان يدرج في جراب؟ "في جرابه" يعني في غلافه في علبته، أي شيء في جرابه يعني يدرج في .. ، كالسيف في قرابه، وأي سلعة تودع في ما يغطيها ويشملها كالعلبة مثلاً، أو الكرتون.
يقول: "أو الثوب القبطي المدرج في طيه: إنه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا" فإذا نشر كل واحد منهما، وعرفت أوصافه بدقة جاز بيعه، بعض المحلات ما يرضى أن تفك الغلاف؛ لأن الزبون الذي يأتي بعدك يظنه مستعمل، فما يرضى أن تفك الغلاف من الكرتون أو البلاستيك، يقول: هذا مستعمل، لا بد أن ينشر، ولا بد أن تعرف حقيقته بدقة.
يقول: "إنه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا، وينظر إلى ما في أجوافهما" من السلع نشره يضره ويؤثر فيه، مثل ما ذكرنا في الدرس الماضي البطيخ مثلاً، قال: افتح لي فوجدها تنزل قليلاً عما طلب، قال: ما تصلح، افتح لي ثانية وثالثة وتركها، هذه تفسد على صاحبها، فمثل هذه يكفي فيها غلبة الظن، ويتجاوز فيها عن الغرر اليسير، لو جاء إلى شخص يبيع بيض، وقال: الصفار فيها كبير وإلا صغير؟ اكسر، خلنا نشوف، يوافق على هذا؟ ما يمكن أن يوافق على مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
نعم احتمال أن يكون فيها صفارين، أو البائع قال: فيها صفارين مثلاً، وقال: اكسر خلني أشوف، خلاص تتلف إذا كسرها، فمثل هذا نشره يفسده، فالذي يفسده ما يطلب
…
، مثل ملح وقع فيه نجاسة، أو كتاب وقعت عليه نجاسة هل يلزم غسله بالماء؟ غسله بالماء يتلفه مثل هذا لا يلزم، وإن كان الأصل في إزالة النجاسة يجب إزالة النجاسة، لكن إذا كان غسله بالماء يتلفه اكتفي فيه بما دون ذلك، ومثل هذا يتلفه نشره.
"وينظر إلى ما في أجوافهما" أي ما لم يظهر منهما حال الطي، والجوف هنا مشبه بجوف الحيوان "وذلك أن بيعهما من بيع الغرر، وهو من الملامسة" المنهي عنها، النظر الإجمالي لا يكفي في السلعة التي تشمل على أجزاء، ولها عدة أوصاف، فلا تتبين إلا بنشرها.
قال مالك: "وبيع الأعدال على البرنامج
…
"
طالب:. . . . . . . . .
يا شيخ أحسن الله إليك. ....
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعض السلع غالية جداً. . . . . . . . .
اللي هو الأنموذج، اللي بعده على طول الأنموذج.
"قال مالك: وبيع الأعدال على البرنامج مخالف لبيع الساج بجرابه" الساج بجرابه تقدم أنه فيه غرر، وفيه جهالة "والثوب في طيه، وما أشبه ذلك فرق بين ذلك" يعني في الحكم "الأمر المعمول به ومعرفة ذلك في صدور الناس" أي متقدموهم "وما مضى من عمل الماضين فيه، وأنه لم يزل" أي مستمر "من بيوع الناس الجائزة، والتجارة بينهم التي لا يرون بها بأساً" فهذا جائز بيع البرنامج الذي هو الأنموذج، الأعدال جمع عدل، وهو الكيس الكبير، فيه بضاعة، كيس فيه مائة كيلو من الرز مثلاً، أو من القمح، أو من البن مثلاً، أو من الهيل كيس يحتاج أن تنشره ليرى جميع حباته؟ ما يحتاج، لكن لو أخذت منه شيئاً يسراً، وأريته إياه يكفي وإلا ما يكفي؟ يكفي؛ لأن هذا اليسير فيه دلالة على ما في هذا الكيس، لكن لو اختلف وضع نصف الكيس الأسفل رديء، وأعلاه جيد، وأخذ لك من الجيد وورّاك، لك خيار الخلف؛ لأنه اختلف، أما إذا لم يختلف فهذا اليسير، وهذا البرنامج، وهذا الأنموذج يكفي للدلالة عليه.
وما زال عمل الناس على هذا، يدورون بين المحلات بشيء يسير يستدلون به على شيء كثير، هذا لا إشكال فيه، ولا يلزم نشر بقية البضاعة، لكن مثل ما سأل الأخ عن الصور، تأتي إلى محل مثلاً مفروشات يوريك الكتلوج، والكتلوج فيه قطع من هذه المفروشات، لكن هل هذه القطع تدل دلالة دقيقة على هذه المفروشات؟ إذا كانت سادة تدل، إذا كانت مشجرة مثلاً هذه المفروشات، واختار لك قطعة من أفضل النقوش التي في الفرشة تختلف وإلا ما تختلف؟ تختلف، والصورة محل نجارة مثلاً يقول: أنا أصنع لك ماسة أو دالوب أو غرفة نوم أو أي شيء على هذه الصورة، الصورة تستهويك؛ لأنها صورت في وقت إما الكهرباء شغال، ومن زوايا معينة، وظهرت جميلة جداً، لما رأيتها على الطبيعة اختلفت، يقول: يا أخي هذه صورتها، تعال شوف، نفس الشيء، وقل مثل هذا في محلات الخياطة الذين عندهم نماذج مصورة على دفاتر، وغير ذلك، تسمى برمودات وإلا إيش هي؟
طالب: كتلوج.
هو كتلوج يسمونه، وقد يسمونه بالنسبة للنساء برمودة، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
بردة يسمونها بردة، نعم.