الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمة التي تخلت عن دينها إلى لا دين، فصاروا ملاحدة وزنادقة، فوزعت سموم الإلحاد وقذارة التغريب على المجتمعات الإسلامية التي لا تزال تعاني منها ومن أتباعها.
2 – الدافع الاستعماري:
بعد أن انهزم الغرب في حروبه الصليبية على العالم الإسلامي، وكانت شديدة الوطأة على الغرب من النواحي كافة، العقدية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية، والعسكرية، إلا أن الغرب بدأ يعيد حساباته، ويخطط للاحتلال والغزو مرة أخرى، ولكن في هذه المرة يكون بشكل آخر واستراتيجية مختلفة، حيث لجأ هذا العدو إلى تأسيس مراكز وأكاديميات مختصة بشؤون العالم الإسلامي، وصرف جهودًا جبارة وأموالاً طائلة، لتكون مرافقة مع استعمارها للأمة وبلادها.
لقد درست هذه المراكز حال الأمة الإسلامية عقديًا وجغرافيًا واقتصاديا وعسكريا، وعرفت نقاط الضعف فيها ودرستها دراسة عميقة وواعية، فبدأ الاحتلال العسكري مرة أخرى، من خلال تلك النقاط، وكان احتلالاً عسكريًا وفكريا في آن واحد، وبعد أن تمركزت قوتهم في العالم الإسلامي، بدأ الاحتلال الفكري أو الغزو الفكري لعقول أبناء الأمة ونفوسها، وذلك بإظهار تفوقهم العلمي والتقني، وتخلف المسلمين في ذلك، وكذا بث روح الضعف والوهن في نفوسهم؛ لقتل روح المقاومة والتمسك بدينهم، وإظهار هذا الدين بصورة مشوهة غير صحيحة، مما كان له أثره الخطير في الأمة، فقد تأثر جمع غفير من أبنائها بهذه الوسائل، وقد ساعدهم على ذلك حصولهم على الثروات العلمية الإسلامية في البلاد المستعمرة، وتمكنهم من دراسة
علومها في اللغة والأدب والدين والفقه والسيرة، واستطاعوا أن يخرجوا من بطون هذه الكتب نماذج من الأدب الوضيع والفكر المنحرف والعقيدة الفاسدة كالتصوف، والتركيز عليها وتوصيلها إلى المثقفين والدارسين من أبناء الأمة على أنها الإسلام، فكان وسيلة قوية لتلك الدول على الاحتلال العسكري والبقاء لفترات أطول في ديار المسلمين، والاستيلاء على ثرواتهم وتسخيرها في مصالحهم المعيشية والتقنية والعسكرية.
هذا بالإضافة إلى الدور الذي قام به هؤلاء المستشرقون في إفشاء روح الإقليمية والعنصرية بين المسلمين والتركيز على إثارة الفتن القومية بين الشعوب، كافتخار العربي بالعروبة والتركي بالتركية والمصري بالفرعونية، والكردي بالكردية، والفارسي بالفارسية وهكذا، فكان كل ذلك معول هدم وخراب، لذلك البناء المتين الذي أرسى قواعده الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، والعمالقة من أبناء الإسلام على مرّ العصور والأزمان، رغم أن الدين الإسلامي جاء وأزال كل هذه التصورات التي عدّها صفات جاهلية لا تتناسب مع الرسالة الربانية.
والحق أن الاستشراق صار ملازمًا للاستعمار أينما حلّ وأناخ، وتوسع مجاله ونطاقه بتوسع احتلاله واغتصابه لحقوق الشعوب عامة والمسلمين خاصة، حيث يقول المستشرق الهولندي سنوك هرجرنجي عن ذلك بقوله: "إن الشريعة الإسلامية موضوع مهم للدراسات الاستشراقية، ليس فقط لأسباب تجريدية [نظرية] متعلقة بتاريخ القانون والحضارة والدين، ولكن كذلك لأهداف عملية: وذلك أنه كلما توثقت العلاقات بين أوروبا والشرق الإسلامي، وكلما زاد [عدد] البلاد الإسلامية التي تقع تحت السيادة الأوروبية