المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: القضاء في قسم الأموال - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٣٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: القضاء في قسم الأموال

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ -‌

‌ كتاب الأقضية (11)

‌باب: القضاء في قسم الأموال

- وباب: القضاء في الضواري والحريسة - وباب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم - وباب: القضاء فيما يعطى العمال.

الشيخ: عبد الكريم الخضير

بسم الله الرحمن الرحيم

باب: القضاء في قسم الأموال

حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً في العالية والسافلة: إن البعل لا يقسم مع النضح إلا أن يرضى أهله بذلك، وإن البعل يقسم مع العين إذا كان يشبهها، وإن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما أنه متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في قسم الأموال

يعني كيف تقسم الأموال في الشركات والمواريث وغيرها؟ قال -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثور بن زيد الديلي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز، فبينه من الرواة عكرمة وابن عباس، فالخبر على هذا معضل، وقد وصل من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، وإبراهيم بن طعمان ثقة، وعلى كل حال فالخبر صحيح ويشهد له الواقع، حيث أجرى النبي عليه الصلاة والسلام العقود على ما كانت عليه، بعد الإسلام أجرى العقود على ما كانت عليه، فالأملاك بيد أربابها، ولم يسأل أحداً كيف وصل إليه هذا الملك، ولم ينظر في عقده، وكذلك عقود النكاح وغيرها، وملك الرقاب ما سأل النبي عليه الصلاة والسلام من بيده رقيق كيف ملكته؟ إنما أجراه على ما كان عليه.

ص: 1

قال: "بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما دار أو أرض)) " يعني دار معمورة أو أرض غير معمورة ((قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية)) والواقع العملي يشهد بذلك، فلم يذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام سأل أحداً عن داره أو أرضه كيف ملكها؟ وكيف تمت قسمتها بينه وبين مشاركيه في الإرث؟ ما سأل أحد، مع أن الأحكام تختلف في الجاهلية عنها في الإسلام.

((وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) تقسم على قسم الإسلام، على شريعة الله، مات مورثهم قبل الإسلام، تركت تركته لم تقسم حتى جاء الإسلام فإنها حينئذٍ تقسم على قسمة الله -جل وعلا- في كتابه بين الورثة، للذكر مثل حظ الأنثيين، يعني لو قسمت قبل الإسلام، وحرمت الأنثى مثلاً، وخص بها الذكور، وحرمت الزوجة، وحرم البنات، يعني يترك على قسم الجاهلية؟ مقتضى الحديث، نعم، ولو قسمت الأموال في الجاهلية، وأعطي الذكر نصف نصيب الأنثى على عكس ما هو عليه في الإسلام، فإن القسم مقتضى الحديث يدل على أنه يجرى على ما كان عليه، والواقع يشهد بذلك، ما عرف أن النبي عليه الصلاة والسلام سأل أحداً كيف قسمت أمواله؟ أبداً، وكيف ملك هذه الدار؟ وكيف ملك هذا الرقيق؟ فهي على قسم الإسلام، مات المورث، وترك أموالاً ودوراً وأراضٍ وعين، ورقيق، ثم بعد ذلك جاء الإسلام قبل قسمتها، يعني تأخرت قسمتها لنزاع أو شقاق.

طالب:. . . . . . . . .

فإنها تقسم حينئذٍ إذا جاء الإسلام ولما تقسم فإنها تقسم على ضوء ما شرع الله -جل وعلا-.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسالفة، أن البعل لا يقسم مع النضح"

نعم؟

طالب: أحسن الله إليك: بالنسبة للإسلام الدار وإلا الرسالة؟

المقصود الرسالة بعد مجيء الإسلام، وتحاكموا إلينا إذا كانوا غير مسلمين، وإن كانوا مسلمين فيحكم فيهم بشرع الله.

طالب: لا يجرى عليهم

ص: 2

ما المقصود بالجاهلية؟ المقصود بالجاهلية ما كان قبل الإسلام، الفترة التي كانت قبل الإسلام، وبعضهم يقول: إن هذا يخص الوثنيين غير المتدينين بدين، فإن الوثنيين تجرى أحكامهم على ضوء أعرافهم، ومن يتدينون بدين فإنهم يردون إلى أديانهم، لكن الحديث عام، يعني يهودي قسم أمواله بينه وبين مشاركيه في الإرث على غير شريعته، فإنه يرد إلى شريعته؛ لأنه يتدين بدين، لكن الحديث عام، يجرى على كيفما اتفقوا واصطلحوا كالجاهلية.

طالب:. . . . . . . . .

هذه المسألة يختلف فيها أهل العلم، فمنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية وهو قول الأكثر ما كان قبل الإسلام، ومنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية ما كان قبل الهجرة، ويروون في ذلك أن ابن عباس رضي الله عنهما قال له أبوه وهو بمكة في الجاهلية: اسقني ماءاً أو شيئاً من هذا، المقصود أنه قال: في الجاهلية، وابن عباس صغير ما أدرك الجاهلية، إنما ولد في الشعب، فيستدلون بهذا على أن الحكم بعد الهجرة يختلف عن الحكم قبلها، وأكثر أهل العلم على أن المراد بالجاهلية ما كان قبل الإسلام.

ص: 3

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسافلة" يعني جهتان بالمدينة، جهة عالية وجهة سالفة، والعوالي معروفة بالمدينة، والسافلة تقابل العالية "إن البعل لا يقسم مع النضح" البعل: ما يشرب الماء بعروقه، والنضح: ما يسقى بالنواضح، يسقى بكلفة ومؤونة، هذا لا يقسم مع هذا، لماذا؟ لأن الواجب في هذا غير الواجب في هذا، بالبعل يجب العشر، وبالنضح يجب نصف العشر، فإذا قسمنا هذا مع هذا ظلمنا صاحب هذا، وزدنا صاحب هذا، إلا أن يرضى أهله بذلك، فإذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، إذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، وإن البعل يقسم مع العين، البعل يقسم مع العين، يعني يقسم مع الدراهم والدنانير، إذا كانت العلة في عدم قسم البعل مع النضح اختلاف الواجب في البعل والنضح، فإن الاختلاف ظاهر؛ بل أظهر منه، أظهر في العين منه في النضح؛ لأنه يجب بالنضح نصف العشر، وبالعين ربع العشر، بالعين يجب ربع العشر، اللهم إلا إذا كان من العشور أو غيرها، نعم، على كل حال هذا كلامه، والتفريق ظاهر في عدم ضم ما كان بعلاً مع النضح ظاهر، لكن ظهوره وقسمته مع العين هذا محل إشكال، إذا قلنا: إن السبب في ذلك هو ما ذكر، اختلاف الواجب فيهما، فإذا ضممنا البعل مع العين لا شك أن هذا يتضرر؛ لأن صاحب البعل في الأصل يجب عليه العشر، وصاحب العين يجب عليه ربع العشر، أقل مما يجب بالنضح، إذا كان يشبهها، وجه الشبه؟ ما وجه الشبه؟ إمكان وجه الشبه؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب: إذا كان عروض

قلنا: إن البعل يختلف اختلافاً كبيراً مع العين في العلة التي ذكرناها.

طالب: إذا كانت ....

لا لا، انتهينا من النضح، النضح انتهى الكلام فيه، الآن الكلام في البعل مع العين، مع الأموال، يعني ضم البعل مع العين، متى يتم التشابه بينهما؟ وجه التفريق هنا بين النضح والبعل إذا كان السبب في عدم الضم الزكاة فظهوره في العين أكثر، إذا كان هذا هو السبب، وإن كان النظر في ذلك بعد إخراج الزكاة يختلف النضح مع البعل، ويختلف النضح مع العين، ويشترك البعل مع العين، متى؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب: إذا وجده في الكنز.

في الركاز الخمس، صار أشد.

ص: 4

طالب:. . . . . . . . .

شوف، الآن إذا نظرنا إلى الزكاة وجدناها متفاوتة بين الأمور الثلاثة، فلا يضم بعضها إلى بعض، وإذا نظرنا إليها بعد إخراج الزكاة، أو أنها لا ينظر إلى الزكاة أصلاً؛ لأنها أموال تقسم، فما كان بعلاً فهو مال خالص، مال خالص كالعين جاهز، ما فيه تبعات، بينما ما كان نضحاً فيه الزرع وفيه النضح، فهل يدخل النضح في الإضافة إذا أردنا أن نضمها إلى العين، أو تستثنى النواضح؟ باعتبار أنه مال غير مصفى، يعني البعل مال في حكم المصفى، ما له توابع، وقد تكون النواضح مستأجرة، نعم، قد تكون النواضح مستأجرة، نعم إذا كان ملك لصاحبها، نعم، ممكن أن يقوم الجميع، الزرع مع الأرض مع النواضح، مع جميع ما يحويه المكان، فيضاف إلى العين، وتقسم، أما إذا كان النواضح مستأجرة والمال لا يستغني عنها فكيف يتم إضافتها أو اقترانها بالعين؟ من هذه الحيثية يتبين الفرق، واضح وإلا ما هو بواضح؟ البعل مال خالص ما فيه شوائب، لكن النضح ما يسقى بالنضح، النواضح الإبل التي يستقى عليها، احتمال أن تكون هذه النواضح ليست ملكاً لصاحب الأرض، مستأجرة، والمال يحتاج إليها، فإذا قوم المال بمفرده دون هذه النواضح ما استقام؛ لأنه بحاجة إلى هذه النواضح، وإذا قومت النواضح معه ليست ملكاً لصاحبها، لصاحب الأرض، وهنا يتبين الفرق، الآن عندك التركة فيها سيارات، منها ما دفعت قيمتها وصارت ملكاً لصاحبها، ومنها ما بقي فيه أقساط، عشر سيارات دفعت قيمتها وحولت ملكيتها إلى صاحبها، وعشر أخذها بالأقساط، وسدد البعض، وبقي شيء يسير، هل نقول: تضم هذه السيارات إلى بعض؟ من أجل أن تقسم بين الورثة؟ ما يمكن تقسم، حتى تحرر من الأقساط؛ لأن فيها تبعات، فما فيه تبعة ما يمكن أن يضم إلى الخالص من أجل القسمة.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، ما دام فيها شوائب فيكون على .. ، أنت تبي تقسم سيارات، هذه يمكن قسمتها.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 5

هذا على التراضي، إذا رضوا بذلك ما فيه إشكال، لكن كيف تعطي زيد سيارة فيها أقساط، وتعطي عمرو سيارة محررة، وتعطي كذا ما تجئ، افترض أن عند الميت قطعتين من الأرض متساويتين من كل وجه، وخلف ولدين لكل واحد قطعة أرض إذا كانتا محررتين، لكن واحدة مرهونة بدين، والثانية محررة تعطي هذا المرهونة، وتعطي هذا المحررة؟ تضم واحدة إلى الأخرى وتقسم بينهما؟ ما تنضم هذه إلى هذه، فالذي فيه إشكال ما يمكن يضم إلى ما لا إشكال فيه؛ لأنه يتضرر الشريك الذي يؤول إليه ما فيه إشكال.

"إذا كان يشبهها، وأن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما متقارب أن يقام كل مال منها ثم يقسم بينهم" يعني متشابهة، إذا كانت أموال بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، فإنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم "والمساكن والدور بهذه المنزلة" خلف بيت بالرياض، ونفس المخطط مطبق بالخرج، لزوجة أخرى كان بالخرج، ونفس المخطط مطبق بمكة هل نقول للأولاد الثلاثة: يلزمك أن تأخذ .. ، كل واحد يأخذ واحد؟ نلزمهم بذلك؟ والذي في الرياض مفترض أن يكون ضعف قيمة ما بالخرج، والذي مكة يفترض أن يكون ضعف ما كان بالرياض، وهذا ظلم للورثة، لماذا؟ لأنها لا تتشابه، والأموال إذا كانت بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، لكن لو كان في مخطط واحد، ببلك واحد، ثلاث فلل متقاربة، والمسألة ما تفرق كثير، بخلاف ما إذا كانت الدور متباعدة.

"فالذي بينهما متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة"

ص: 6