الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"الأمر عندنا في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه: إنه إن أفلس الذي أحيل عليه" لأنه بالحوالة برئت ذمة المحيل، والمحال عليه ذمته مشغولة، مشغولة بدين المحيل أولاً، ثم بدين المحال عليه ثانياً، فذمته مشغولة، وأما المحيل لا سيما إذا اشترطنا عدم رضا المحال، فإن ذمته قد برئت للخبر الذي فيه الأمر.
"إنه إن أفلس الذي أحيل عليه أو مات فلم يدع وفاء" يعني لم يترك في تركته ما يفي بهذا الدين "فليس للمحتال على الذي أحال أي شيء" لأن ذمته برئت، وانتقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه "وأنه لا يرجع على صاحبه الأول" هذا إذا كان ملياً حقيقة وحكماً، أما إذا كان في ظاهر الأمر مليء، ثم تبين في النهاية أنه ليس بمليء؛ لأن بعض الناس يتظاهر بالثراء، ويوحي للناس أن عنده الأموال، وهو ليس كذلك، أو العكس، فإنه حينئذٍ لا يلزمه قبول الحوالة.
يقول: "وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا".
"قال مالك: فأما الرجل يتحمل -يعني يضمن- له الرجل بدين على رجل آخر" يضمن له، لزيد على عمرو مبلغ من المال، بذمة عمرو مبلغ من المال ألف ريال لزيد، فطالبه زيد، طالب عمرو بالمال، فقال: أنا الآن ما عندي شيء، لكن أحضر لك ضامن، غارم، كفيل، حميل، يغرم المال إذا عجزت ثم يقبله زيد، فبعد ذلك هو مخير بمطالبة أحدهما، وإن لم تبرأ ذمة المحتمل عنه، ما زال الدين في ذمته، وإنما الضامن الحميل إنما هو زيادة في التوثقة، فله أن يطالب هذا، أو يطالب هذا.
"ثم يهلك المتحمل" يعني الضامن الغارم يهلك "أو يفلس، فإن الذي تحمل له يرجع على غريمه الأول" وهذا مثلما ذكرنا أن ذمته لم تبرأ بخلاف من أحيل عليه، فإن ذمته قد برئت من الدين.
طالب:. . . . . . . . .
ما صار مليء.
طالب:. . . . . . . . .
ما صار مليء، المماطل ليس بمليء، المليء الغني المستعد للدفع.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا ابتاع الرجل ثوباً وبه عيب من حرق أو غيره قد علمه البائع، فشُهد عليه بذلك، وأقر به فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً من تقطيع ينقص ثمن الثوب، ثم علم المبتاع بالعيب فهو رد على البائع، وليس على الذي ابتاعه غرم في تقطيعه إياه، قال: وإن ابتاع رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك، وقد قطع الثوب الذي ابتاعه، أو صبغه، فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق، أو العوار من ثمن الثوب، ويمسك الثوب فعل، وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب ويرده فعل، وهو في ذلك بالخيار، فإن كان المبتاع قد صبغ الثوب صبغاً يزيد في ثمنه، فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص العيب من ثمن الثوب، وإن شاء أن يكون شريكاً للذي باعه الثوب فعل، وينظر كم ثمن الثوب وفيه الحرق أو العوار؟ فإن كان ثمنه عشرة دراهم، وثمن ما زاد فيه الصبغ خمسة دراهم، كان شريكين في الثوب لكل واحد منهما بقدر حصته، فعلى حساب هذا يكون ما زاد الصبغ في ثمن الثوب.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب
اشترى ثوباً فوجد به عيباً، أخذه ولم ينظر فيه النظر الكافي في المحل، فلما وصل إلى البيت وجد به عيب.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا ابتاع الرجل ثوباً وبه عيب من حرق أو غيره" الحرق يتصور بكثرة، خاط الثوب، وجهزه للزبون، وغسله ثم كواه بعد ذلك، ليكون أفضل، ثم المكوى أحرق الثوب، وقال: هذا شيء يسير ما يؤثر، إن شاء الله ما عليه، فعرضه أعجب الزبون فأخذه، لما وصل إلى البيت وجد هذا الحرق.
"إذا ابتاع الرجل" يعني اشترى "ثوباً به عيب من حرق أو غيره، قد علمه البائع" البائع عرف أن المكوى أثر في هذا الثوب، أحرق هذا الثوب، لكنه قال: إن شاء الله ما يؤثر هذا ولا عليه، وكتم هذا العيب بعد أن علمه "فشُهد عليه بذلك" يعني مصر على أن لا يخبر المبتاع، المشتري، أو ندم على ذلك فأخبره، ندم على كتمه هذا العيب فأقر به واعترف "فشُهد عليه بذلك، وأقر به، فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً من تقطيع ينقص ثمن الثوب" جيء بالثوب، الثوب القطعة الكبيرة من القماش، فصار فيها تلف، فيها عيب، فيها خرق، والخرق كثيراً ما يأتي في الأقمشة من المسامير التي توضع في الصناديق، يخرج منها مسمار، فيحدث عيباً في الثوب، يحدث خرقاً في الثوب، وهذا كثير.
"فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً" الثوب مطوي على هيئة طول، يسمونه طول أو طاقة، العيب في آخره، علمه البائع، فجعله في الآخر، من جهة العصا الذي يطوى عليه، الذي ابتاعه يريد أن يقطعه ثياب، يلبسها، يقطعها تدريجياً، ما يحلها بالكامل، فلا يطلع على العيب إلا بأن يقطع منها أكثر من قطعة، إلى أن يصل إلى الآخر، ولذلك قال:"ثم علم المبتاع بالعيب" ما علم إلا في النهاية " فهو رد على البائع، وليس على الذي ابتاعه غرم في تقطيعه إياه" عقوبة للبائع الذي علم بهذا البيع، فكتمه عن المشتري.
قال: "وإن ابتاع" اشترى "رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك" ما شُهد عليه ببينة ولا اعترف "زعم أن الذي باعه أنه لم يعلم بذلك" يعني مع .. ، خلت المسألة عن البينة وعن الاعتراف بقي اليمين، يحلف يمنياً أنه ما علم بذلك "وقد قطع الثوب الذي ابتاعه أو صبغه أو أحدث فيه حدث" يعني من الأمثلة الظاهرة ومناسبة بالنسبة لكم، اشترى كتاب، والكتاب يحتاج إلى تجليد، ذهب به إلى المجلد، لما جلده وبدأ يقرأ فيه، وصل إلى نصفه، إذا به سقط ملزمة أو بياض، البائع يغلب على الظن أنه لا يدري، لكن أحياناً يدري، يصير اشتراه شخص آخر ورده عليه، ويدري، بعض الباعة -باعة الكتب- يعرف العيب، يأتي به الزبون الذي اشتراه، ويقول: هذا بياض يا أخي شوف، أو نقص ملزمة، يأخذه منه ويضعه في الدولاب مع الكتب الجديدة، ويبيعه على أساس أنه لا عيب فيه، هذا يحصل، وبعض الناس من ورعه يقول: لا، ما دام فيه عيب خلوه على جنب، وقد يأتي العامل فيأخذه ويرده إلى .. ، وحينئذٍ يتصور أنه لا يعلم، هذا أخذ الكتاب واشتراه وجلده، ثم تبين العيب، والبائع لا يدري.
يقول: "وإن ابتاع رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك، وقد قطع الثوب الذي ابتاعه، أو صبغه، فالمبتاع –المشتري- بالخيار، إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق أو العوار من ثمن الثوب" اشتراه بمائة وبه حرق، تعادل العُشر، فحط عنه عشرة دراهم، أو ظهر العيب بالكتاب نقص ملزمة، الكتاب سليم يستحق مائة، لكنه معيب ما يستحق إلا خمسين.
"فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق أو العوار من ثمن الثوب ويمسك الثوب فعل، وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب" قطع والبائع لا يدري بالعيب؛ لأنه لو عرف العيب قبل ذلك في الصورة الماضية يرد عليه، لكن في هذه الصورة لا يدري، يشتركان في جهل هذا العيب، فالمشتري يتصرف، بما ينقص السلعة، وقد يتصرف بما يزيدها، على ما سيأتي، إذا تصرف بما ينقص السلعة، إما أن يمسك الثوب ويأخذ الأرش، أو يرد الثوب، ويدفع الأثر الذي تسبب عن تصرفه.