المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: صدقة الحي عن الميت - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٤٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: صدقة الحي عن الميت

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ –‌

‌ كتاب الأقضية (15)

‌باب: صدقة الحي عن الميت

وكتاب: الوصية - باب: الأمر بالوصية

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: صدقة الحي عن الميت

حدثني مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال: خرج سعد بن عبادة رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إنما المال مال سعد، فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد بن عبادة رضي الله عنه ذكر ذلك له، فقال سعد: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه.

وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((نعم)).

وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة، فهلكا، فورث ابنهما المال، وهو نخل، فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((قد أجرت في صدقتك، وخذها بميراثك)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: صدقة الحي عن الميت

ص: 1

وماذا عن صدقة الحي عن الحي؟ إنسان يتصدق من ماله لأبيه أو لأمه سواء كان حيين أو ميتين، الأخبار التي ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- تحت هذه الترجمة مطابقة للترجمة، وهي صدقة حي عن الميت، والصدقة يصل ثوابها بالاتفاق، كما أن الدعاء أيضاً مجمع عليه بين أهل العلم، والحج والعمرة عمن عجز عنهما كذلك، والخلاف فيما عدا ذلك من سائر القرب، مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، هل يصل أو لا يصل؟ الجمهور على أن من كسب ثواباً من جراء قربة وبسببها، ثم أهدى الثواب لحي أو ميت وصلت، وصل الثواب، فلو قرأ القرآن مثلاً وختمه، وقال: ثواب هذه الختمة لأبي أو لأمي أو لجدي أو لخالي، على قول الأكثر يصل، على أنهم يتفقون أنه لا يصلي أحد عن أحد، والصيام محل خلاف بين أهل العلم، وفيه حديث:((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) في الحديث الصحيح، فمنهم من يقول: الصيام كالصلاة عبادة بدنية لا تصح النيابة فيها، وإنما المراد بالحديث: من مات وعليه صوم صام عنه وليه فيخرج عنه ما يقوم مقام الصيام، يقول: الصيام متعذر في حق المنوب عنه بموته، فهو متعذر في حق النائب، وإذا تعذر في حق المنوب عنه أخرج عنه الطعام، فلو أخرج عنه طعاماً كان كمن صام عنه؛ لأن البدل له حكم المبدل، ولا شك أن هذا تكلف ظاهر، وظاهر الحديث يدل على أن الصيام يقبل النيابة في مثل هذه الصورة.

ص: 2

فمن مات وعليه صوم جمع من أهل العلم يرون أنه لا يصام عنه، بل يطعم عنه؛ لأن الصيام عبادة بدنية كالصلاة لا تقبل النيابة، ومنهم من يقول: يصام عنه مطلقاً، مات وعليه سواء كان الصوم واجباً بأصل الشرع، أو مما أوجبه الإنسان على نفسه، مات وعليه قضاء من رمضان يصام عنه، يصوم عنه وليه، مات وعليه نذر يصوم عنه وليه، والمعروف عند الحنابلة أن مثل هذا إنما يكون في صوم النذر خاصة؛ لأن ما وجب بأصل الشرع من الصيام كالصلاة لا يقبل النيابة، وأما ما أوجبه الإنسان على نفسه فإنه حينئذٍ يقبل النيابة، لا سيما وأن في بعض طرق الحديث ما يدل على أن الصوم المسؤول عنه صوم نذر، فرق بين ما وجب في أصل الشرع مثل هذا لا يقبل النيابة، وما أوجبه الإنسان على نفسه كالنذر فإنه يقبل النيابة، وهذا معروف عند الحنابلة، ورجحه شيخ الإسلام وابن القيم، وجمع من أهل العلم، ويقولون: إنه هو الجاري على القواعد، واختصاصه بالنذر لأنه ورد في بعض طرق الحديث ما يدل على أن المسوؤل عنه نذر، هذا بالنسبة إلى الصلاة والصيام، وأما الحج ففيه: أن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، فقال:((حج عن أبيك)) وفي رواية: ((حجي عن أمك)) المقصود أنه ورد فيه أكثر من نص، وأنه يقبل النيابة في مثل هذه الصور، وفي رواية:((واعتمر)) والعمرة حكمها حكم الحج تقبل النيابة في حال العجز عنها، لكن في حال الصحة تقبل النيابة أو لا تقبل النيابة؟ أبوه صحيح شحيح، لكنه لا يريد أن يكلف نفسه، فيريد ابنه أو يدفع لمن يحج عنه أو يعتمر عنه؟

طالب: نفل أو فرض؟

نعم المسألة مفترضة في الفريضة، الفريضة لا تقبل النيابة، ولذا لا بد فيها بالنسبة للمستطيع ما هي محل نزاع، النافلة مثلاً.

طالب: محل الخلاف في النافلة؟

هل يحج عنه ويعتمر عنه وهو قادر على ذلك؟ أو شخص مثلاً وهذا يجري كثيراً الآن لأنه في ليالي العشر من رمضان، تجد من الطلاب المغتربين هناك في مكة من يحج عنك في رمضان بمائة ريال.

طالب: يعتمر.

يعتمر عنك نعم، وهي حجة، عمرة في رمضان تعدل حجة.

هذا تبرير لسبق اللسان ما يخالف.

ص: 3

على كل حال يريد أن يعتمر عنه، في رمضان بمائة ريال، ويقول: سهل أنا أدفع مائة ريال، لكن هل هذا مشروع أو غير مشروع؟ نعم؟

طالب: .... صدقة الحي عن الحي.

أيو؟

طالب:. . . . . . . . .

خلنا نشوف هذا. . . . . . . . .

طالب:. . . . . . . . . لأن الحج عبادة بدنية مالية، وبعضهم قال: إنها بدنية مالية بما أنه بماله فينيب عنه. . . . . . . . .

يعني المال يقبل النيابة كالصدقة، المال المحض يقبل النيابة بلا خلاف، والعبادة المحضة لا تقبل النيابة، والعبادة المشوبة بين المال والبدن تكون مترددة بين أصلين، فهل تلحق بالمال باعتبار أن فيها نفقة وفيها بذل للمال، أو تلحق بالعبادة البدنية باعتبار أن العمل كله بل جله على البدن؟ المسألة معروفة أنها خلافية، هل يحج عن والده المستطيع؟ هل يحج عن أمه المستطيعة القادرة؟ أو يحج عمن مات من أبويه وقد حجا حج الفريضة، ولم يبق سوى النافلة؟ والسؤال الوارد في أصل المسألة الذي هو حديث وقبول النسك للنيابة إنما هو في الفريضة "إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة" فقبوله النيابة في مثل هذه الصورة لا إشكال فيه، لكن ما عدا ذلك من الصور إما ميت قد حج الفريضة، أو حي حج الفريضة وأراد ولده أن يبر به فيحج عنه نفلاً، أو يستأجر من يحج عنه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذه ما فيها إشكال، قلنا: إهداء الثواب أي قربة، جمهور أهل العلم على وصولها.

طالب:. . . . . . . . .

انتهينا من مسألة إهداء الثواب بجميع التفاصيل، لو صلى وقال: ثواب هاتين الركعتين لفلان عند الجمهور صحيحة، ما دام ملك الثواب فيما يغلب على ظنه المرتب على هذه العبادة، ثم أهداه إلى غيره، الجمهور على أنه يصل.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 4

لا، ما هو

، يقول: لبيك عن فلان، لا ونأتي إلى مسألة تكثر وهي مسألة حج وعمرة الصبيان، يعني الناس عموماً يعني أعرف، بل كل من عرفته ممن يسأل وممن لا يسأل، يحجون بصبيانهم، ويعتمرون بهم، ويقولون: حجة فلان لفلان، لجدي فلان، وعمرة فلان لجدتي فلانة، ولخالي فلان الذي لم يحج، وهكذا، يفعلون هذا بكثرة، بحيث يقال للصبي: قل: لبيك عمرة عن فلان، النبي عليه الصلاة والسلام لما رفعت له المرأة الصبي، قالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: ((نعم، ولك أجر)) فهل الذي يهدى لهذا القريب من جد أو أب أو عم أو خال هل الذي يهدى الحج؟ قال: ((نعم)) له حج، من الذي يملك إهداء هذا الحج الذي لهذا الصبي؟ ((ولك أجر)) إن أهدت أجرها الذي حصلت عليه بسبب حجها بهذا الصبي هذا يدخل في المسألة الأولى، إهداء الثواب.

طالب: أصحاب البدع يا شيخ من وين دخلوا في مسألة الإهداء؟ هل هو من الاستئجار؟

ما هم أهل البدع، إهداء الثواب ما فيه إشكال، يعني جمهور أهل العلم.

طالب: أنا أعلم يا شيخ، لكن مثلاً. . . . . . . . .

هو قول معتبر عند أهل العلم أنه لا يصل ثواب أي عبادة ولا إهداء ولا شيء إلا ما جاء فيه النص، إلا ما ورد فيه النص، وبعض المشايخ ممن يرى هذا القول، ويرى هذا الرأي، وفي جماعة المسجد الذي يأمه شخص عامي كثيرة التلاوة، يقرأ القرآن باستمرار، وإذا انتهى من ختمة قال: أهدي ثوابها لوالدي، وإذا انتهى من الثانية لأمي، لخالي، لعمي، لجدتي

الخ، فينكر عليه هذا الشيخ ويقول: إن هذا بدعة، ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا عن سلف هذه الأمة، يقول: بدعة، قال: أنا لا أحتكم إليك، ولا آخذ رأيك، أنا الآن حصلت على الثواب وأهديته لأبي، والله -جل وعلا- لن يظلمني، إن قبله عن فلان وإلا رجع إلي، إن كان يصل بها ونعمت، ما يصل بيرجع لي ما هو بضايع.

طالب:. . . . . . . . . هذه حجة العامي هذا بيع وشراء. . . . . . . . .

ص: 5

لكن مسألة الثقة بالله -جل وعلا- شيء، ومسألة الاتباع شيء آخر؛ لأن الدين دين اتباع، شرط قبول العمل أن يكون موافقاً لما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، يعني مثل هذا قد يعجب الله -جل وعلا- لحاله ويجري ما أراد على ما أراد سبحانه، الله -جل وعلا- فضله عظيم، ومثل هذا أيضاً العامي، إذا كان قد اقتدى بمن تبرأ الذمة بتقليده من شيوخه، كلهم يقولون بهذا، معروف هذا، ما هو بمستحيل، ما جاءت من فراغ يعني، يعني العامي ما ابتدعها من نفسه، إنما أفتاه من أفتاه ممن تبرأ الذمة بتقليده، فكون الإنسان لا يرى هذا الرأي لا يعني أن الناس كلهم يلزمون به، لا، المقصود أن مثل هذه المسائل التي يختلف فيها أهل العلم، يعني يحرص الإنسان على ما اتفقت عليه الأمة، وما ورد فيه النص، فالصدقة لا إشكال فيها، ولا يخالف فيها أحد، أيضاً الصيام صيام النذر ورد فيه الحديث الصحيح، الحج حج الفريضة إذا كان المكلف عاجزاً عنها وحج عنه، فلا شك أن هذا الحج صحيح، وما عدا ذلك مما يختلف فيه من العبادات البدنية التي يختلف هل تقبل النيابة وإلا لا تقبل؟ لا يلزم أن يقوم بها بنفسه، وإن أهدى ثوابها بعد حصوله عليه، فقول أكثر أهل العلم على وصوله، ولو كانت بدنية محضة.

شخص مريض، وعنده أموال طائلة، مريض وعنده أموال طائلة، فأصيب بإغماء فقيل لولده: إن الصدقة

((داووا مرضاكم بالصدقة)) فتصدق عن هذا المريض من ماله، من مال المريض، الصدقة صحيحة وإلا ليست صحيحة؟

طالب: ليست بصحيحة.

نعم؛ لأنه تصرف بما لا يملك، وبمجرد ارتفاع التكليف عنه لا يصح التصرف بماله، إلا في الواجبات التي تلزمه شرعاً على نظر الحاكم، على نظر القاضي، التصرفات والنفقات الواجبة عليه تخرج، الزكوات تخرج، وأما ما عدا ذلك من الصدقات والنوافل فلا، نعم إن تصدق الولد من ماله عن أبيه فيحمد على هذا، ويرجى قبوله -إن شاء الله تعالى-.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 6

والله لو أهدى الثواب كان نوع من البر لوالديه، والله -جل وعلا- فيما يغلب على الظن أن هذا له حكم الدعاء، يدعو لفلان، ولا يقول: شح بهذا الدعاء، وادع لنفسك. لا يقال: شح بهذا الدعاء، فإذا أهدى الثواب لغيره لن يعدم -إن شاء الله تعالى- لأن حكمه حكم الدعاء، أن يكون له مثله، نعم؟

طالب: ما الفرق بين الصدقة بالمال بين إهداء الثواب. . . . . . . . .

الصدقة بالمال؟ تخرج هذا المال صدقة لله -جل وعلا- عن فلان.

طالب:. . . . . . . . .

إهداء الثواب تتصدق بها عن نفسك، ثم بعد ذلك تقول: ثواب هذه الصدقة لفلان، في مثل الصورة قريب من الصوري.

طالب:. . . . . . . . .

بلى.

طالب:. . . . . . . . .

. . . . . . . . . ما شرع الله -جل وعلا-؛ لأن لهذا الولد ذمة يؤاخذ عليها، ويؤجر عليها، مستقلة عن ذمة والده.

من عوام المسلمين وهذا موجود بكثرة إذا قدم الطعام سواء كان للأسرة أو لضيوف، يقول: اللهم اجعل ثوابه لفلان، أو تقول المرأة هذا مسلوك عندهم.

طالب: وعشاء الوالدين؟

نعم عشاء الوالدين هذا في الاثنين والخميس، كل اثنين وخميس من رمضان، يهدى ثواب هذا الطعام للوالدين، مسألة إهداء الثواب معروفة، لكن التحديد بيوم معين، أو بنوع معين من الطعام، أو بلون معين، يحتاج إلى نص.

طالب:. . . . . . . . .

ذكرنا هذا، ورد في رواية الخبر ما يدل على أنه نذر.

طالب:. . . . . . . . .

إيه؛ لأن العموم هذا معارض بنصوص أخرى، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الحج باعتبار أنه ورد فيه ما يدل على قبول النسك للنيابة في الجملة، ما يدل على قبول النسك للنيابة فبابه أوسع من الصيام، والصيام أوسع من الصلاة وهكذا.

الزكاة لو وجبت الزكاة على الوالد والوالد شحيح، فتبرع بها الابن تجزئ وإلا ما تجزئ؟

طالب:. . . . . . . . .

هي تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة.

طالب: العين. . . . . . . . .

هو مسألة عين المال ترى ظهورها في الزروع والثمار وغيرها ظاهر، لكن في التجارات؟ حينما نقول: عين المال صاحب بقالة نقول: طلع من كل عين من أعيان المال زكاته؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 7

حينما قال النبي عليه الصلاة والسلام عن زكاة العباس: ((هي علي ومثلها)) هذا لفظ الصحيح، نعم فيه روايات أخرى تدل على أنه تعجل زكاة سنتين، اللي هو العباس، أخذها منه النبي عليه الصلاة والسلام، لكن مثل هذا لا يدل على أنها تقبل النيابة، لو دفعها إنسان بطوعه واختياره، وكذلك الكفارات، وقل مثل في زكاة الفطر، أب له أبناء مكلفون يستطيعون على دفعها، أو ابن كبير يريد أن يدفع عن والديه يقال: لا تدفع؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني هل الكفارات لو تبرع بها أحد؟ لو تبرع عليه كفارة يمين قال: أنا أدفعها عنك تجزئ وإلا ما تجزئ؟ مع علمه بذلك، وانتفاء المنة؟

طالب:. . . . . . . . .

هو بيدفع لو ما وجد أحد يدفع عنه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، كثير من الأولاد من شفقتهم على أبيهم، وعظم الزكاة، عظم شأن الزكاة في الشرع، يقول: زكاة والدي مثلاً خمسة وعشرين ألف عنده مليون بخزنه، أنا أدفع إذا كانت تقبل النيابة، فيستصحب مسألة ما إذا لو لم يوجد مثل هذا لدفعها الأب، الأمر سهل، لكن إذا كان رافضاً الدفع، ثم دفعها الابن مثل هذا تقبل النيابة، إذا رفض الأب دفع الزكاة فأخرجها الابن حينئذٍ لا تبرأ ذمته، وإذا مات الأب وعليه زكاة، مات الأب وأولاده يعرفون أنه خلال عشرين سنة الزكاة ما يخرج ربعها، وهذا يوجد عند الناس، يوجد، يعرف الابن الحريص صاحب التحري أن والده ما يخرج الزكاة بدقة، فلما مات قالوا: نحسب السنوات الماضية، ونخرج الزكاة إبراءً لذمة الوالد، المال معروف أنه انتقل من ملك الوالد إلى ملك الورثة، فإن جادوا به، واتفقوا على ذلك، وسألوا الله -جل وعلا- أن يبرئ والدهم، وأن يعفو عنهم لعل وعسى مثل تصحيح الوصية التي فيها جنف، تصحح بعد وفاته، ويرجى أن يصله شيء من آثار هذا التصحيح.

طالب:. . . . . . . . .

لكن لو قالوا: إن الزكاة الأخيرة لكن هو مصر على عدم إخراج الزكاة خلال سنوات.

طالب: هذا ما يزكى عنه يا شيخ، ليش يزكى عنه وهو مصر؟

من شفقة الولد.

ص: 8

طالب: يتصدقون عنه، يتصدقون عنه صدقة، لكن هو إذا كان مصر ما يزكي هذا بينه وبين الله، هذا تحت المشيئة، لكن يتصدقون عنه لعل الله يعفو ويصفح.

لا، المسألة يعني حتى لو قيل: إنه هل يلزمهم؟ هل يلزم الأولاد أن يخرجوا باعتبار أنها دين؟ يعني مثلما قالوا: في الحقوق المتعلقة بالتركة الخمسة المعروفة: مؤونة التجهيز، والديون المتعلقة بعين التركة، ثم دين فيه رهن، ثم الحق الثالث: الديون المطلقة، ومنها حقوق الله -جل وعلا- كالكفارات، وديون الآدميين.

طالب:

الكفارات شيء؛ لأنها غير مقيدة، أما الزكاة إذا هو مفرط .... لم يتوب وهو حي، لكن مات وما عنده نية يتوب، الكفارة لا، كثير منا ينسى .... ما هي مقيدة بوقت معين .... باغته الأجل، بخلاف الزكاة معروف وقتها، ومعروف قدرها، وهذا ترك الزكاة عمداً فريضة من فرائض الله

على كل حال المسألة، هذه مسألة من مات وعليه زكوات، معروف عند أهل العلم ومبحوثة، والخلاف ظاهر فيها، لكن ما الذي يترجح؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا ما يصلى عنه، من ترك الصلاة عمداً لا يصلى عنه.

طالب:. . . . . . . . .

لكن هذا ماله، الذي وجبت الزكاة بعينه موجود، يعني لو أخر الزكاة عمداً، وجمع عشر سنوات ما زكى، هل يقال له: لا تزكي، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يزكي بلا شك، لكن باعتبار أن المال انتقل من ملك الموروث إلى ملك الوارث لا بد من إذن الورثة، فإذا أخرجوا فالله -جل وعلا- يتولاه.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

أقول: المال انتقل الآن من ملك المورث إلى ملك الوارث، فإذا جادت به أنفسهم كتصحيح الوصية، لو جنف مال في وصية، ثم صححوها ينتفع الموصي.

على كل حال هذه أمور يعني إذا اصطلح الورثة عليها، وجادت أنفسهم لوالدهم فيرجى.

طالب:. . . . . . . . .

ما أتردد في مثل هذا، أنا عندي أنه ينفع، ينفع -إن شاء الله-.

ص: 9

يقول: "حدثني مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال: خرج سعد بن عبادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فحضرت أمه الوفاة بالمدينة" أم سعد بن عبادة "فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إنما المال مال سعد" يعني ما عندها مال، المال مال ولدها، والذي يملك الوصية هو صاحب المال "فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد بن عبادة ذكر ذلك له، فقال سعد: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال رسول صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) " ولذا أهل العلم يتفقون على أن الصدقة عن الميت تنفعه "فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها، لحائط سماه" يعني من ماله، فتصدق به عن والدته فيصل، ومثل هذا لو بنى مسجداً عن أبيه مثلاً، أو أوقف بيتاً وجعل غلته فيما ينفع أبيه بعد موته، يصرف في المصارف النافعة فإنه حينئذٍ يصل -إن شاء الله تعالى-.

يقول: "وحدثني مالك"

النيابة عن الميت؟

طالب:. . . . . . . . .

الصورة الثانية يقول بها أكثر ممن يقول بالصورة الأولى من أهل العلم، لكن الصيغة واردة، لبيك عن فلان باعتبار

الصيغة وصحة الحج نيابة في الجملة كأنه الأقرب، وإلا من يقول بالصورة الثانية أكثر ممن يقول بالصورة الأولى، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا الصدقة متفق عليها بين أهل العلم، بخلاف الحج إذا كان مستطيعاً أو نفل، نعم.

قال: "وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها" يعني أخذت بغتة فلتة، يعني ماتت فجأة "وأراها لو تكلمت" يعني لو ترك لها فرصة مدة، يعني مرضت وطالت بها المدة حتى تمكنت من الوصية، أو الصدقة لفعلت "وأراها" يعني أظنها "لو تكلمت تصدقت" لكنها فجأة "أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((نعم)) ".

وهذا أعني موت الفجأة، هو الذي يخشى منه، أن يؤخذ الإنسان على غرة قبل أن يتصرف التصرف الذي ينفعه، ويكون زاداً له يوم القيامة، ولذا شرعت الوصية، وأمر بها، لا سيما على ما سيأتي التفصيل فيه، إذا كانت الوصية واجبة.

ص: 10

الآن مثل هذه التي أخذت على غرة، أخذت بغتة، ومثلها كثير، وموت الفجأة يكثر، لا سيما مع حوادث السيارات وغيرها، يعني لو الإنسان في حال السعة يحاسب نفسه، ويتصدق بما يريد الصدقة به، ويبرأ من عهدة بعض .. ، من عهدة ما يلزمه من حقوق لله -جل وعلا-، أو لعباده، كثير من الناس يؤجل مسألة الكفارات، ويتراخى فيها، ومع ذلك لا يكتبها، يعني مثل هذه الأمور إذا نسيت، وهي واجبة في ذمته يعاقب عليها، وامرأة تسأل عن كفارة جماع في نهار رمضان، قالت: لو لم أكفر ويش اللي يصير؟ تسأل؛ لأنه إن كان له أثر على علاقتها بزوجها، يعني تبي تسأل، وإن كان المسألة حساب في الآخرة ما هي معتبرة، طيب لو ما كفرت ويش يصير؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، هي لزمتها الكفارة.

طالب:. . . . . . . . .

هي لزمتها الكفارة قلت: العتق، قالت: من أين العتق؟ قلت: الصيام، قالت: الصيام الله المستعان يبدو أن الصيام هو السبب، قلت: الإطعام، قالت: طيب لو ما أكفر ويش يصير؟ المسألة مسألة دين، الذمة، الله المستعان، بعض الناس ما يهتم إذا كان الحق لله -جل وعلا-، ودين الله أحق بالقضاء.

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

أيو؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، الحديث السابق يدل على أن الصدقة تنفع سواءً كان فجأة أو غير فجأة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا.

"وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) " يعني تصدق عنها.

"وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة، فهلكا" يعني ماتا، والموت يعبر عنه بالهلاك {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر].

طالب: {فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا} [(34) سورة غافر].

نعم.

ص: 11

{حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] فقول الناس الآن: هلك فلان، هل هو بمعنى مات؟ أو حتى في التواريخ كتب التواريخ إذا قيل: هلك، يعني في الفرائض واضح، يستعملون هلك هالك، وفي النصوص ماشي في القرآن، وجاء مثله عندنا هنا "فهلك" لكن الاستعمال العرفي لهلك، يعني حينما يقال في التواريخ وتراجم الرجال: هلك في سنة كذا، هل يمكن أن تقال هذه الكلمة لرجل مرضي، أو إنما يعبر بها أو تطلق في حق من هو غير مرضي؟

طالب: غير مرضي.

نعم، هذا عرف واصطلاح خاص حادث، فهل يسوغ أن يقال: هلك مثلاً ابن باز سنة عشرين؟ هلك الألباني سنة عشرين؟ هلك فلان؟ العرف يعني ما في شك أن النص وارد، قيلت في حق يوسف، نعم {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] وهنا هلك، وهما من الصحابة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب، هو ما في شك أن الاصطلاح الخاص يقضي على المعنى العام، ويبقى أنه إذا كان المخاطب يعرف معنى الكلمة، وأنها استعملت استعمالاً شرعياً صحيحاً، وإذا قيلت له لم يكن في نفسه شيء، لا ما نع من استعماله، لكن إذا كان الاصطلاح الخاص قضى عليها، بحيث لا تعرف بين الناس، ولا يعرفها المخاطب، وإذا استعملت في حقه أنكرها، فحينئذٍ تكون مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح.

يعني مات الأب المهدى إليه سيارة مثلاً، اشترى سيارة وأهداها لأبيه، فمات الأب عن خمسة من الأولاد، وخلف تركة، فكانت هذه السيارة من نصيب من أهداها، على مقتضى الحديث ما في إشكال، أقول: لا إشكال في ملكه لها بالإرث، لكن لو قال: هذه الصدقة مني على أبي لو بحثتم عن غيرها، فعوضتموني؛ لئلا أدخل فيمن عاد في صدقته، هل يحسن مثل هذا أو نقول: إن المسألة انتهت بوفاة المهدى إليه؟ وأجرك ثبت عند الله -جل وعلا-، وعادت إليك بالميراث، ولا فرق بينك وبين غيرك؟

طالب: الثاني أوجه يا شيخ.

نعم، هو الماشي على الحديث.

طالب: والأول ورع.

ص: 12

لكن لو قال هو ضد هذا، أهديت لأبي سيارة، وهي عزيزة على قلبي، ونفيسة عندي، لكنه أغلى منها، و {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] وأنا أحب هذه السيارة، وأهديتها له، فمات وخلف هذه السيارة وسيارات أخرى، وأثاث وأمتعة وأموال، فقال: أنا أريد هذه السيارة، يعني عكس الصورة التي ذكرناها، هل يكون هذا من العود في الصدقة في الهبة؟

طالب: ما فيها عود؛ لأنها ملك له يتخير، مثله مثل غيره، يا شيخ بالإهداء انتهت ملكيته، بالوفاة تجددت ملكيته.

إيه، لكن قلنا: إنه في الصورة الأولى ما في إشكال حينما وصلت إليه من غير قصد، لكنه الآن قصدها يريدها.

طالب: حتى لو قصدها مثل الأول يخير يقول: والله أنا بيت في بريدة ما أبيه وأبي بيت في الرياض، وهو يقصد. . . . . . . . .، بل انتهت، الأول انتهى راح بينه وبين الله. . . . . . . . . والثاني هو الآن يخير بين أنواع الأموال، بلغت محلها الأولى.

بلغت، نفترض المسألة في غير الموت والإرث، أهدى لزيد من الناس كتاب ثم مات، فوجد الكتاب يباع، يعني في وقت حياته وجده يباع لا يشتريه، لكن بعد موته يشتريه وإلا ما يشتريه؟

طالب: خلاص انتقل الملك إلى ملك الورثة لبيع الورثة، ما هو للمهدى.

لكن أليس من الورع أن يترك؟ لأنه لا بد أن يحابى في مثل هذه الصورة.

طالب: من يحابيه؟

يحابيه إخوانه.

طالب: الورثة؟

الورثة إيه.

طالب:. . . . . . . . .

هذه المسألة مسألة، أجل لو اشترى من وهبه أو تصدق به بأكثر من قيمته؟

طالب:. . . . . . . . .

انتفت العلة.

طالب: إيه، لكن حديث عمر النص، لكن هنا الآن ما فيها نص لأنه مات.

المقصود أنه قد توجد المحاباة الشبهة واردة.

طالب:. . . . . . . . .

الشبهة واردة، فكونه يعود إليه مع إمكان تعويضه بغيره لا شك أن هذا أولى، أما إذا لم يوجد غير هذه السلعة التي وهبها، وآلت إليه في الإرث، النص ظاهر في هذا.

طالب:. . . . . . . . .

صدقة، صدقة تصدق بها، نوى الثواب بذلك.

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن هذا قدر زائد على النفقة، صدقة.

طالب:. . . . . . . . .

صدقة، صدقة، إذا كان يرجو الثواب من الله -جل وعلا- صدقة، نعم؟

ص: 13

طالب:. . . . . . . . .

على أبوه.

طالب:. . . . . . . . .

إيه، المعنى ينقلب، كيف تعود إليه؟ ما ترجع له في الميراث.

طالب:. . . . . . . . .

تصدق عن أبويه بمعنى أنها دفعت إلى غيرهما، كيف تعود إليه بالميراث؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا غلط، غلط.

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن ويش لون تبي ترجع إليه بالميراث؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، ما يصح المعنى.

سم.

أحسن الله إليك.

كتاب: الوصية

باب: الأمر بالوصية

حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)).

قال مالك رحمه الله: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا أوصى في صحته، أو مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك، ما بدا له، ويصنع من ذلك ما شاء، حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل إلا أن يدبر مملوكاً، فإن دبر فلا سبيل إلى تغيير ما دبر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)).

قال مالك: فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته، ولا ما ذكر فيها من العتاقة، كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها، وقد يوصي الرجل في صحته وعند سفره.

قال مالك: فالأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه يغير من ذلك ما شاء غير التدبير.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى--:

كتاب: الوصية

باب: الأمر بالوصية

الوصية: فعيلة بمعنى المفعول، فالوصية هي الموصى به، وقد يراد بها الفعل، الفعل الذي هو الإيصاء، والحديث:((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) فوصيته يحتمل أن يراد بها الموصى به مدون، أو أن فعل الوصية الذي هو الإيصاء مسجل مدون، ولا انفكاك بين الإيصاء والوصية إلا أن الوصية المصدر هنا يراد به الفعل، فعل الموصي، والوصية أكثر ما تطلق على اسم المفعول ما يوصى به.

ص: 14

قال رحمه الله: "وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر" هذا أصح الأسانيد عند الإمام البخاري رحمه الله "رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ)) " يعني ليس من حقه وعنده شيء يوصي به أن يؤخر الوصية، فيبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.

ابن عمر بادر، فما نام تلك الليلة إلا وقد كتب وصيته، وهو معروف بالمبادرة ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان لا ينام من الليل إلا القليل.

في الحديث: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) حديث ابن عمر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) فقال ابن عمر مباشرة: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" فابن عمر رضي الله عنهما صاحب مبادرة، وهذه دليل على قوة الإيمان، قوة الاقتداء والائتساء، وعرف بذلك رضي الله عنه، ولا شك أن المبادرة تدل على القوة والعزم، وأخذ الدين {خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} [(63) سورة البقرة] لذا فرق كبير بين من أمر بذبح ابنه فتله للجبين، هذا تمام الامتثال، يكون بمثل هذا، وبين أمة تؤمر بذبح بقرة {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة].

ص: 15

ابن عمر يبادر إلى الامتثال ((ما حق امرئ)) ليس من حقه ((حق امرئ مسلم له شيء يوصي)) أو ((يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) ليلتين النص صحيح، لا شك أن مفاد الخبر الأمر بالمبادرة بالإيصاء، لماذا لم يقل ليلة؟ ليلتين يمكن أن يموت قبل الليلتين، وإذا قلنا: ليلة لماذا لم يقل قبل ذلك لاحتمال أن يموت قبل مجيء الليل؟ ليس المقصود لا الليلة ولا الليلتين ولا الثلاث، إنما المقصود من الخبر المبادرة إلى كتابة الوصية، فليس من حقه أن يؤخر ويؤجل الوصية، ليس من حقه الواجب أو المستحب على حسب حكم الوصية، فإن كانت الوصية واجبة لزمه أن يكتب وصيته، ويدون ما له وما عليه، الذي عنده أموال يكتب وصيته، وبين ما له وما عليه، المدين يكتب أنه مدين لفلان ولفلان ويبين؛ لأنه لو مات من غير بيان ومن غير وصية لا شك أنه يعرض نفسه للسؤال عن هذا الحق، وديون الخلق أمرها وشأنها عظيم، مثل هذا لا بد أن يكتب، لو أن إنسان بينه وبين جاره جدار مثلاً، ويخشى من الورثة إذا مات أن ينازعوا الجار، فيقولون: الجدار لنا، فعليه أن يبين أن الجدار ليس له، إن لم يكن لهم، وهكذا لو أن إنساناً طلق زوجته طلقة مثلاً، ويخشى من طول العهد أن ينسى هذه الطلقة، عليه أن يكتبها، ويشهد عليها، وهكذا في الأمور الواجبة تجب الوصية، في الأمور المستحبة تستحب الوصية.

((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة)) في بعض الروايات: ((عند رأسه)) يكتبها، ويحافظ عليها، شخص من الأشخاص كتب الوصية ووضعها امتثل ووضعها تحت وسادته وحافظ عليها، فجعل يتقلب الليل كله ما نام، الليلة الأولى والثانية إلى أن مزق الوصية خاف من الموت؛ لأن الوصية غالباً أنها تقرن بالموت.

طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنه تصور أنه بيهجم عليه الموت ليلتين.

طالب:. . . . . . . . .

فمثل هذا أقول: فيما يجب على الإنسان بيانه يجب أن يثبته، أنت افترض أن شخص طلق امرأته بعد الزواج بشهر شهرين سنة سنتين، ثم بعد خمسين سنة طلق الثانية، ثم بعد سنة أو سنتين طلق الثالثة، نسي الأولى، إذا لم يكتبها ينساها مع طول العهد، فقد يطلق رابعة وهو ناسي

نعم؟

ص: 16

طالب: أكثر ما يورد سؤال. . . . . . . . .

المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من تقييدها وبيانها.

"قال مالك رحمه الله: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني في المدينة "أن الموصي إذا أوصى في صحته أو مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك، فإنه يغير من ذلك ما بدا له" يعني الوصية عند أهل العلم إنما تثبت بالموت، فقبل أن يموت الموصي له أن يغير، وله أن يزيد، وله أن ينقص؛ لأن الوصية مرتبطة بالموت، لا تلزمه إلا بالموت، وقبل لزومها يجوز له أن يزيد، ويجوز له أن ينقص، ويجوز له أن يغير، ما في إشكال، بخلاف الوقف، الوقف من حين كتابته، أو من حين الإشهاد عليه، من حين إخراج ما يوقف من يده فإنه حينئذٍ يلزم، ولا يجوز له أن يزيد ولا ينقص ولا يغير.

"أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك ما بدا له، ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل" لماذا؟ لأنها لم تلزم بعد "إلا أن يدبر مملوكاً" يعني ما الفرق بين أن يقول: بيته هذا وصية، والوصية تثبت بالموت، وبين أن يقول: رقيقه هذا مدبر؟ يعني يعتق عن دبر حياته، يعني إذا مات، كلاهما مرتبط بالموت، يعدل في الوصية، ويرجع فيها، لكن لا يرجع في العتاقة.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لماذا؟ لأن الشرع يتشوف للعتق، وإلا فكأنه علق عتقه.

لو قال: هذا البيت إذا مت فهو وقف، يعني علق إيقافه على موته، حكمه حكم الوقف، أو حكمه حكم الوصية؟ الوصية لا تثبت إلا بالموت، والتدبير يثبت باللفظ الذي يخرج من يده باللفظ، لكن له أن يستعمله حتى يموت، ولا يعتق إلا بموته، فإذا قال: بيته هذا وقف إذا مات، فهل حكمه حكم الوصية يغير فيه، أو نقول: إنه وقف معلق بشرط؟ يعني كما لو قال: إذا جاء رمضان فبيته وقف؟

طالب: يختلف يا شيخ، كلام مالك نص، كلام مالك بأنه وصية لجميع الورثة. . . . . . . . .

هذا إذا قال: وصية، إذا كانت وصية، الوصية لا تثبت إلا بالموت، لكن الوقف المعلق على شرط؟

طالب: تثبت بشرط.

شرط سواءً كان دخول رمضان أو وفاته.

ص: 17

طالب: إيه، لكن هذا إذا كان هو يريده وقفاً أصلاً، لكن إذا هو أوصى أن يكون هذا البيت وقف، فهو نوع من الوصية، هنا الإشكال، ما هو مثل لو قال: ها البيت هذا إذا مت أنا فهو وقف، وبينا وأنا أكتب وصيتي أني أوصي أن بيتي اللي يعادل ثلث مالي أنه يكون وقف، أو يكون ريع، يعني نوع من أنواع ....

لا، المدبر انتهى؛ لأن الشرع يتشوف، لكن الطلاق إذا قال: إذا جاء رمضان فزوجته طالق، وأراد أن يرجع قبل وقوعه، قبل وقوع الطلاق، يرجع وإلا ما يرجع؟

طالب: يرجع.

يرجع وإلا ما يرجع؟

طالب: على الصحيح أنه يرجع.

يعني إذا علق على شرط محقق، إذا علق الطلاق على شرط محقق، عامة أهل العلم على أنه يقع، الجمهور على أنه يقع، مجرد دخول رمضان تطلق المرأة، علقه على شرط محقق، فإذا أوقف بيته وعلقه على شرط محقق؟

طالب: يقع.

يعني هل وقوع الطلاق من النطق أو من حصول الشرط؟ من حصول الشرط بلا شك، لو مات قبل رمضان فهي زوجة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الآن عندنا صور، إذا أوصى بثلث ماله، وكتب هذا وصية، معروف أن مثل هذه الوصية له أن يتصرف فيها، فيزيد وينقص، ويلغي ويبدل، له أن يرجع عن الوصية بالكلية، لم تلزم بعد، وبين أن يقول: إذا مت فغلامي حر، يعني دبر حياته يكون تدبير، وليس له أن يرجع كما قال الإمام مالك، وإن كانتا متقاربتين، لكن بالنسبة للعتق الشرع يتشوف لمثل هذا، لكن لو قال: إذا مات فزوجته طالق يقبل كلامه؟ ما يقبل بالكلية، لا يمكن أن يقع مثل هذا الطلاق، لكن لو قال: إذا دخل رمضان فزوجته طالق، فالجمهور على أنها تطلق؛ لأنه شرط علق على شرط محقق.

وهل يقصد بذلك بحال من الأحوال أنه يريد أن يحث هذه الزوجة أو يمنعها؟ لا، إنما يريد إيقاع الطلاق، فهذا الطلاق واقع لا محالة.

إذا قال: إذا جاء رمضان فبيتي وقف، أو إذا مت فبيتي وقف، ويش الفرق بينهما؟

طالب:. . . . . . . . .

ويش يصير وصية وإلا وقف؟

طالب: هذه وصية.

طيب والثاني إذا جاء رمضان؟

طالب: إذا جاء رمضان لأنه. . . . . . . . .

مما تكرر ....

طالب:. . . . . . . . .

المسألة العلم عند الله -جل وعلا-، لكن المقدمات معلومة الآن.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 18

المقدمات معلومة لنا، مات قبل رمضان هل هذا وقف وإلا ما هو بوقف؟

طالب: مثل الذي قال: إذا جاء رمضان فزوجتي طالق ومات قبل رمضان تطلق وإلا ما تطلق؟

الزوجة ما تطلق؛ لأن ما علق عليه لم يقع.

طالب: طيب، لو هو قال: أنا بيتي إذا جاء رمضان فهو وقف ومات قبل رمضان هل يدخل ضمن التركة أو يدخل ضمن الوقف؟

لا، هو انتقل إلى الوارث قبل نفوذ الوقف.

طالب: قبل نفوذ الوقف، لكن لو قال: لو مت هذا البيت وقف، لو مت هذا البيت قبل الوقف وأفلس ومات. . . . . . . . .

ومات قبل الرجوع؟

طالب: لا هو ما بعد أفلس. . . . . . . . . ليس عنده شيء؟

عنده البيت هذا.

طالب:. . . . . . . . .

هذا تصرف، لكن إن قلنا: وقف لا يجوز له التصرف، وإن قلنا: وصية يجوز له التصرف.

طالب:. . . . . . . . .

والفرق بينهما.

طالب:. . . . . . . . .

"ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل، إلا أن يدبر مملوكاً، فإن دبر فلا سبيل إلى تغيير ما دبر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) ".

"قال مالك: فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته ولا ما ذكر فيها من العتاقة كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها، وقد يوصي الرجل في صحته وعند سفره" يعني يوصي على أي حال من الأحوال، حتى في مرض موته المخوف له أن يوصي بالثلث فأقل على ما سيأتي.

قال مالك.

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب: هذا ما لم يضر وإلا لا؟

الثلث يملكه ولو أراد الإضرار.

"قال مالك: فالأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه يغير من ذلك ما شاء غير التدبير" لأنه ينفذ فوراً، ويبقى ينتفع به إلى مجيء الشرط.

اللهم صل على محمد ....

ص: 19