المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٤٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم

على كل حال إذا كانت الزوجة متدينة، وقد رضيت دينها، وأقدمت على زواجها بهذا السبب فالطاعة بالمعروف، احرص على أن تؤلف بينها وبين والدتك، ولو بعزل كل واحدة منهما بمنزل مستقل إذا لم يتم الوفاق بينهما بمنزل واحد، والأمر إليك إن أردت أن تمسك كما هو الأصل حفاظاً على أولادك فلا إثم عليك؛ لأن الطاعة بالمعروف، وإن أردت أن تطيع والدتك .. ، قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمر:((أطع أباك)) لكن من مثل عمر بن الخطاب في تقدير المصالح والمفاسد؟

يقول: عن الهيثم بن حنش قال: كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فذكر محمداً، فكأنما نشط من عقال.

وعن مجاهد رحمه الله: قال: خدرت رجل رجل عند ابن عباس رضي الله عنهما، قال: اذكر أحب الناس إليك، فقال: محمد، فذهب خدره، ذكره ابن القيم في الوابل الصيب، فهل هذا الأثر صحيح؟ وهل يقال مثل هذا الذكر؟ وما أفضل طبعات الوابل الصيب؟

أفضل طبعات الوابل الصيب فيما أظن هي طبعة المؤيد، أنا قرأتها قديماً، نسخة صحيحة وسليمة، ما فيها أخطاء، هي مطبوعة من أكثر من عشرين سنة، طبعة طيبة، وحقق بعد ذلك، لكني لم أطلع على هذه النسخ المحققة.

أما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام عند ما يحصل للرجل ما يحصل من خدور فليس فيه شيء مرفوع، وهذا وإن كان عن صحابيين جليلين، فالعبرة بما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.

طالب:. . . . . . . . .

مرفوع ما فيه شيء مرفوع، والعبرة بما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم

ص: 4

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: أحسن ما سمعت في وصية الحامل، وفي قضاياها في مالها، وما يجوز لها أن الحامل كالمريض، فإذا كان المرض الخفيف غير المخوف على صاحبه، فإن صاحبه يصنع في ماله ما يشاء، وإذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه.

قال: وكذلك المرأة الحامل أول حملها بشر وسرور، وليس بمرض ولا خوف؛ لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [(71) سورة هود] وقال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [(189) سورة الأعراف] فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها، فأول الإتمام ستة أشهر، قال الله تبارك وتعالى في كتابه:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [(233) سورة البقرة] وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] فإذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث.

قال: وسمعت مالكاً يقول في الرجل يحضر القتال: إنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث، وإنه بمنزلة الحامل والمريض المخوف عليه ما كان بتلك الحال.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم

يعني من يغلب على الظن هلاكه.

ص: 5

"الحامل" في آخر الحمل على خطر "والمريض" الذي مرضه مخوف أيضاً لا ينفذ من تصرفه إلا في الثلث، وكذلك الذي يحضر القتال، إذا شرع فيه، وحمي وطيسه، فإنه حينئذٍ لا يتصرف إلا في الثلث؛ لأن نَفاقه غلبة ظن، فليس له من ماله إلا الثلث، كالمرض المخوف، بخلاف ما إذا كان الحمل في أوله، فهو بشر كما قال المؤلف رحمه الله على ما سيأتي، أو كان المرض غير مخوف مزكوم مثلاً، هذا يتصرف بماله كيفما شاء، أو مرض خفيف يرجى برؤه، فإن هذا يتصرف كالسليم، في ماله كيف شاء، ولا حجر عليه، إذا كان حراً رشيداً مكلفاً.

"والذي يحضر القتال مثلهم" لأنه في الغالب في موقف قتله سهل، فيغلب على الظن أنه يموت، وليس المراد بغلبة الظن بالنظر إلى كثرة من يسلم من الحوامل، أو من يسلم من المرضى الشديدي المرض، ولا بالنظر إلى كثرة من يرجع من القتال سالماً؛ لأننا كيف نقول: غلبة ظن؟ نعم؟ والحوامل يسلم منها أكثر من تسعة وتسعين بالمائة؟ والمرضى يسلم منهم من يسلم، وقد يكون مرضه خفيفاً يسيراً ويموت فيه، وكذلك من حضر القتال يرجع منهم الأكثر، فليس هذه غلبة الظن في مقابلهم، ممن تسلم من الحوامل أو المرضى أو من يحضر القتال، المقصود أن نفقاهم سهل يعني، يعني لا يستغرب أن يقال: فلان قتل في المعركة، ولا يستغرب أن يقال: فلانة ماتت في ولادة، وإن كان هناك تسعة وتسعين بالمائة من الحوامل ما يموت، فليست غلبة الظن هنا مثاره إلى المقابل، فإننا لا ننظر إلى كثرة من يقتل، بالنسبة إلى من يرجع، فنقول: غلبة الظن أنه يرجع، لا، لكن لسهولة الموت في مثل هذه الصورة.

ص: 6

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: أحسن ما سمعت في وصية الحامل، وفي قضاياها في مالها، وما يجوز لها أن الحامل كالمريض، فإذا كان المرض الخفيف" يعني إذا وجد المرض الخفيف - (كان) هنا تامة- غير المخوف على صاحبه، فإن صاحبه يصنع في ماله ما شاء، كالسليم الصحيح السالم العاري من المرض، يتصرف فيه كيفما شاء، شريطة أن يكون حراً مكلفاً رشيداً، وإذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه، مريض مرض مخوف، الغالب فيه العطب، فإن هذا لا يتصرف إلا في الثلث؛ لأن الاحتمال قائم أن تصرفه في ماله في أكثر من الثلث أنه يقصد به حرمان الورثة، ولو عري عن هذا القصد إلا أن المال تبعاً لغلبة الظن ليس له، هو ما زال يملكه، لكن ملكه في حكم المنتقل؛ لأن موته غلبة ظن، بخلاف ما لو كان المرض خفيفاً.

قال: "وكذلك المرأة الحامل أول حملها بشر وسرور، وليس بمرض ولا خوف؛ لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [(71) سورة هود] " بشر وسرور يعني ما هو مخوف في أول الأمر، امرأة طبيعية، تزاول من الأعمال ما يزاوله غيرها بشر وسرور، {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ} [(71) سورة هود] وليس بمرض فضلاً عن أن يكون مخوفاً، لكن إذا أثقلت وقربت الولادة، وأقعدها الحمل عن العمل، فإنه يكون حكمها حكم المرضى.

وقال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} [(189) سورة الأعراف] والضمير عند أكثر المفسرين يعود إلى آدم وحوى، وبعضهم ينزع إلى أن المراد به جنس الإنسان.

ص: 7

{لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [(189) سورة الأعراف] فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها؛ لأن نفاقها وموتها متصور، لا أن الغالب من الحوامل يموت، وإن كانت الظروف والأحوال والنساء والولدان والأزمان تختلف الحوامل فيه باختلاف هذه التغيرات، والناس إلى وقت قريب والمرأة الحامل في الشهر التاسع ترعى الغنم، وتجذ النخل، وتزاول ما يزاوله الرجال فضلاً عن النساء، نعم قد تكون في طريق، في سفر، وأسماء بنت عميس أصابها الطلق بالمدينة قبل أن يخرجوا من المدينة، وخرجت إلى الحج مع النبي عليه الصلاة والسلام، وولدت بالميقات، بذي الحليفة، عشرة كيلو عن المدينة، يعني ظروف الناس اختلفت، الآن إذا خرجت النتيجة قيل: على ظهرك على السرير، لا تتحركي، لا تركبي، لا تنزلي، فوكلوا إلى مثل هذا الهلع وهذا الخوف، فصار الإسقاط لأدنى سبب.

"فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها، فأول الإتمام ستة أشهر" يعني يولد الولد تاماً لستة أشهر، وقد جيء بامرأة ولدت بعد زواجها بستة أشهر عند عمر وإلا عثمان؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، علي اللي احتكم إليه فيما بعد؟ نعم القصة تقول: عند عمر، نعم، فهم برجمها، فقال علي رضي الله عنه: الولادة ممكنة في ستة أشهر، والولد تام، فاستدل بالآيتين اللتين ذكرهما المؤلف، ولا شك أن هذا فقه دقيق من علي رضي الله عنه، وقد يعزب عن الفاضل ما يحضر المفضول، كما أن الدليل بكامله قد يعزب، عمر رضي الله عنه في خبر الاستئذان أنكر على أبي موسى حتى شهد له أبو سعيد، لا يلزم أن يكون الإنسان الفاضل أفضل من غيره من كل وجه، لا يلزم أن يكون أفضل من غيره، لكن في الجملة يكون أفضل من غيره، بالمجموع يكون أفضل من غيره.

ص: 8

يقول: "فأول الإتمام ستة أشهر، قال الله تبارك وتعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [(233) سورة البقرة] وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] " إذا حذفت الحولين الكاملين، الأربعة والعشرين شهراً من الثلاثين بقي كم؟ بقي ستة، فإذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث؛ لأن حكمها حكم المريض "من يوم حملت" يوم ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى على الفتح في محل جر، كيومَ ولدته أمه، ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى، لكن لو أضيف إلى جملة صدرها معرب أُعرب {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} [(119) سورة المائدة].

قال: "وسمعت مالكاً يقول في الرجل يحضر القتال: إنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث" كالمريض المرض المخوف؛ لأن نفاقه وموته قريب، فلا يستغرب أن يقال: قُتل فلان إذ المعارك لا تخل من قتل، ولا يلزم أن يكون العدد المقتول بالنسبة للسالم أكثر ليغلب على الظن، ما يلزم هذا، لكن لا يستغرب أن يقال: قُتل، فهذا الذي يغلب على الظن أنه في حكم المريض مرضاً مخوفاً.

"لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث، وإنه بمنزلة الحامل الذي أثقلت، والمريض المخوف عليه، ما كان بتلك الحال" يعني وإن كان قبل التحام الصفوف، وبدء القتال قبل ذلك، يجوز له أن يتصرف؛ لأنه قال:"إنه إذا زحف في الصف للقتال صار حكمه حكم المريض المرض المخوف" لكن قبل ذلك؟

طالب: مثل السليم المعافى.

مثل الحمل الخفيف، ومثل المرض غير المخوف؟ يعني الفرق بينهما أن هذا بإمكانه أن يترك القتال، وهذا ليس بإمكانه؟

طالب: إيه هذا ما يجوز أن يولي الدبر، إذا التقى الصفان ما يجوز أن يولي الدبر.

هل قوله: "إذا زحف" بمعنى أنه حصل الزحف والتولي حرام، من الموبقات، فقبل الزحف، قبل زحف القتال يجوز له أن يرجع؟

طالب: لا، لا يجوز، لكنه على حسب اكتتابه ووضعه، لكن ممكن ما يكون في المقدمة، ممكن يكون في المؤخرة، يمكن يكون في الحراسة.

طيب إذا زحفوا في المؤخرة هم، بطرف الناس.

طالب: ممكن يكون في الحراسة، وما في زحف، وهو مكتتب.

ص: 9