المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٥٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح الموطأ -‌

‌ كتاب الحدود (4)

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان

وحدثني مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة، فنام في المسجد، وتوسد رداءه، فجاء سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أسرقت رداء هذا؟ )) قال: نعم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده، فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((فهلا قبل أن تأتيني به)).

وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقاً، وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير ليرسله، فقال: لا، حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير رضي الله عنه:"إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمة الله تعالى-:

باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان

ص: 1

الحدود إذا بلغت السلطان لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يشفع فيها، وأن يسعى في تعطيل حدود الله، إذا بلغت السلطان فلا شفاعة، وفي الصحيح من حديث المرأة التي كانت تستعير المتاع وتجحده، فلما رفعت على النبي عليه الصلاة والسلام فأمر بقطع يدها شفع لها أسامة بن زيد، كلّم النبي عليه الصلاة والسلام لمكانته منه، فهو حب النبي عليه الصلاة والسلام وابن حبه، حتى قال الأعيان والملأ من قريش، قالوا: لا يمكن أن يشفع إلا أسامة، كلموا أسامة فكلم النبي عليه الصلاة والسلام، فأنكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام، ((أتشفع في حد من حدود الله؟ )) غضب عليه، ((والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) فلا بد من تطبيق الحدود بقوة وحزم ليقطع دابر الفساد، ولا يمكن أن يقضى على الفساد والمفسدين إلا بهذه الطريقة، وإلا لو دخلت الواسطات والشفاعات في الحدود ما قام منها شيء، ولآل الأمر إلى ما آل إليه بنو إسرائيل، إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه.

يقول: "إذا بلغ السلطان" السلطان هو ولي الأمر، الإمام الأعظم، أو من ينوب منابه، ويقوم مقامه من القضاة ونحوهم، وأما قبل ذلك فمن الأعوان والهيئات والشرط، وما أشبه ذلك، لكن مع ذلك يجب أن يكون عفوهم وشفاعة الشافعين لديهم في الأمور الممكنة، لا يشفعون للمفسدين، لأهل السوابق، وأهل الجرائم هذا لا يجوز أن يشفع لهم، ولا يجوز أن يتركوا، وأن يفلتوا من حكم الله عز وجل، أما إذا بلغت السلطان فلا شفاعة لأحد كائناً من كان، ولا شفاعة في أحد كائناً من كان.

ص: 2

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية قيل له: إن من لم يهاجر هلك" ولا شك أن الهجرة لها شأن عظيم في أول الإسلام، الهجرة إلى النبي عليه الصلاة والسلام لها شأن عظيم، واستمر حكمها على الوجوب إلى قيام الساعة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام "فقدم صفوان بن أمية المدينة" مهاجراً، أول ما قدم ليس له بيت يؤويه "فنام في المسجد وتوسد رداءه" توسد رداءه "فجاء سارق فأخذ الرداء من تحت رأسه" وهذا حرز، كون الإنسان يتوسد الشيء، أو يتكئ عليه، أو يجعله في جيبه هذا حرزه "فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" ولا يدري ما العاقبة؟ وما النتيجة؟ يظن أن هذا حق مالي ثبت في ذمة هذا السارق كسائر الديون، وسائر الحقوق يستخرج منه، ولا يدري أنه يترتب عليه قطع يد "فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم" ليقرره:((أسرقت رداء هذا؟ )) يقوله للسارق "فقال: نعم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده" لأنها حق لله -جل وعلا-، وإن عفا المسروق منه، قد يعفو عن المال، لكن لا يعفو عن الحد، ولذا في بعض الجهات من ولاة أمور المسلمين بعض أهل الذمة سرق، فقيل له: كم دية اليد؟ قيل: نصف الدية، قال: هذه نصف الدية أنا. . . . . . . . .، فاستلم نصف الدية التي قيمة اليد، فقطعها وأعطاها إياه، قال: أنتم اشتريتم اليد، ما اشتريتم الحد، اشتريتم اليد ولم تشتروا الحد، الحد لا يباع ولا يشترى، ولا يساوم عليه "فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أسرقت رداء هذا؟ )) قال: نعم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده" هذا حكمه، الذي سرق ما يبلغ النصاب من حرزه الذي أخذه خفية، فإنه يجب القطع حينئذٍ.

"فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله" أنا لا أريد القطع، أنا أريد أن يرد علي ردائي، لا أكثر ولا أقل "هو عليه صدقة" تنازل عنه "فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((فهلا قبل أن تأتيني به)) ".

ص: 3

يعني لو تنازلت قبل ما تجي ما دورناك، لكن ما دام بلغ الحد السلطان، فلا يجوز له حينئذٍ أن يعفو، جاء في بعض الأخبار: إن عفا فلا عفا الله عنه، لا يجوز له أن يعفو بحال عن الحدود بعد أن تصدر وتقرر بجميع متطلباتها.

قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك "أن الزبير بن العوام" نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كل شيء بحسبه، كل شيء بحسبه، هذا حرز.

طالب:. . . . . . . . .

هذا الذي قررناه أنه حرز، حرز، نعم، هذا الذي قررناه سابقاً.

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال ترى القضاة عندهم فتوى أنه ليس بحرز، والسيارة ليست بحرز، ولا يقطعون بها، معروف هذا، لكن مع ذلك المتجه أنه حرز، يعني مع أن المسألة ما هي محل اتفاق بين أهل العلم حتى من أهل العلم الكبار من يرى أنها حرز، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال إذا أغلقت وأحكمت بزجاجها، وأقفالها هذا حرزها، وأما المطالبة بأن تدخل في البيوت فليس كل أحد يملك البيت، هذا عرفي، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

بل بعض الأموال تحفظ بما هو دون ذلك بكثير، المواشي تحفظ بأخشاب تقرن بحبل، يحل هذا الحبل وتساق، هذا حرز، يقطع به، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيش فيه؟

طالب:. . . . . . . . .

النصاب ثلاثة دراهم، أو ربع دينار.

طالب:. . . . . . . . .

لا ما هو بأقل، الأترجة أكثر من ثلاثة دراهم فضلاً عن الريال.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

ما يلزم أن يكون

، أن يعلم الحكم، لا صاحب المال ولا السارق، وإذا عرف أن الحكم التحريم فلا يلزم أن يعرف ما يترتب على الحكم.

طالب:. . . . . . . . .

ما يعرف أن السرقة محرمة؟

طالب: لا، يعرف يا شيخ.

خلاص انتهى، لا لو ما عرف أن في قطع، لو ما عرف، هذا حق لله -جل وعلا-.

طالب: صاحب المال يا شيخ.

هو صاحب المال ليس له أن يطالب بالقطع، ليس له أن يطالب إلا بماله.

طالب:. . . . . . . . .

القول معروف، لكن مع ذلك له ماله، هذا الأصل أن الأموال تثبت بالذمم المتعدية.

ص: 4