الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء)) " يعني هذه الحرارة التي تصيب بدن الإنسان، وتخرجه عن حد الاعتدال، كما أن انخفاض الحرارة العكس يعطى من الحوار ما يرفع درجته، فخروج الجسم عن حد الاعتدال سواءً كان بارتفاع أو نزول هذا هو المرض، هذه حقيقة المرض، خروج البدن عن حد الاعتدال، وكل مرض له حد، الحرارة لها حد درجة معينة إن انخفضت تحتاج إلى رفع، وإن ارتفعت تحتاج إلى خفض، الضغط له حد، السكري له حد وهكذا، ومهمة الطبيب ملاحظة هذا الاعتدال، فإن كان مرتفعاً سعى في خفضه، وإن كان منخفضاً سعى إلى رفعه.
وجاء في الحديث الصحيح: ((إذا اشتد الحر فابردوا، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) والله -جل وعلا- أذن لجهنم بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فالإبراد مطلوب، والتبريد أيضاً لمن ارتفعت حرارته مطلوب، كما جاء في هذا الحديث وغيره.
"وحدثني مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء)) " يعني أطفئوا حرارتها بالماء، نعم.
أحسن الله إليك.
باب عيادة المريض والطيرة:
حدثني عن مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عاد الرجل المريض خاض الرحمة حتى إذا قعد عنده قرت فيه)) أو نحو هذا.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا عدوى ولا هام ولا صفر، ولا يحل الممرض على المصح، وليحلل المصح حيث شاء)) فقالوا: يا رسول الله وما ذاك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه أذى)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب عيادة المريض والطيرة:
عيادة المريض سنة، جاءت النصوص الكثيرة بالأمر بها، جاء الأمر بعيادة المريض:((عودوا المريض وفكوا العاني)) و ((حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض، ويتبعه إذا مات)) وهكذا، ونقل النووي -رحمه الله تعالى- أن عيادة المريض سنة بالإجماع، ومراده بهذا أنه لا يوجد من يخالف في شرعيتها، وإلا فقد قال الإمام البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض.
"والطيرة" يعني حكم الطيرة كما في الحديث الثاني.
يقول في الحديث الأول: " حدثني عن مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عاد الرجل)) " يعني المسلم أخاه ((المريض خاض الرحمة))، ((لم يزل في خرفة الجنة)) كما جاء في الحديث الصحيح، ((حتى إذا قعد عنده قرت فيه)) شبه الرحمة بالماء الذي يخاض إذا أريد قطعه فهو يخوض غمرات هذه الرحمة حتى إذا قعد عنده قرت فيه، وثبتت، يعني ثبت أجره على الله -جل وعلا-، أو نحو هذا.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا عدوى ولا هامة ولا صفر)) " الحديث الصحيح: ((لا عدوى ولا طيرة)) في البخاري وغيره، ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا يحل الممرض على المصح)).
((لا عدوى)) أهل العلم يختلفون في هذا النفي هل هو نفي عام أو خاص؟ يعني تنفى العدوى في عموم الأمراض أو في بعضها دون بعض؟ أو أن المرض لا يُعدي البتة؟ فجمع من أهل العلم يرون أن النفي على حقيقته، وأن المرض لا يعدي، وأن مخالطة المريض مثل مخالطة السليم.
قوله: ((ولا يحل الممرض على المصح)) وقوله في الحديث الصحيح: ((فر من المجذوم فرارك من الأسد)) ليس إثباتاً للعدوى، وإنما هو خشية أن يصاب بالمرض نفسه فيقع في نفسه الحرج في الظن بتكذيب الحديث، كيف لا عدوى وأنا مرضت لما جلست عند هذا المريض؟ فمن أجل هذا الحرج الذي يقع فيه المخالط للمريض قيل:((فر من المجذوم)) وإلا الأصل أن ما في عدوى.
منهم من يقول: المنفي انتقال المرض وسراية المرض بنفسه إلى شخص آخر، وإلا فكون المخالطة سبب للانتقال هذا ما فيه إشكال، وعلى هذا جل الأطباء، يرون أن العدوى موجودة، وأن مخالطة المريض سبب لانتقال المرض منه إلى المخالط، يُحذرون، وبعض الأمراض لها محاجر صحية؛ لأن انتقالها سريع.
وعلى كل حال هما قولان معتبران عند أهل العلم منهم من يقول: أبداً لا عدوى مطلقاً، فمخالطة المريض مثل مخالطة الصحيح، يعني تزور شخص في بيته ليس به أدنى مرض، وتزور المريض في المستشفى ما في فرق لا عدوى أصلاً، والأمر بالفرار منه وعدم إيراد الممرض على المصح إنما هو من أجل رفع الحرج الذي يلحق الزائر بحيث لو أصيب وقع في نفسه تكذيب الخبر، فتحسم هذه المادة عنه.
والقول الثاني: أن العدوى موجودة، ويقولون: إن الواقع يشهد بها، والآلات الحديثة تثبت ذلك، والأطباء كأنهم يتفقون على مثل هذا، لكن المنفي انتقال المرض وسراية المرض بنفسه لا بتقدير الله -جل وعلا-، كما يقوله العرب في الجاهلية.
أما من اعتقد أن هذا المرض يسري من هذا المريض إلى الصحيح بتقدير الله -جل وعلا- وبسراية الله -جل وعلا- له فلا إشكال في هذا.
((ولا هامة)) الهامة طائر يسمى البوم، يقولون: إنه إذا وقع على بيت فهو علامة على نعي أهله أو بعض أهله، ((لا هام)) يعني وقوع هذا الطائر أو وقوع غيره من الحمام وغيره كله لا أثر له.
((ولا صفر)) منهم من يقول: إن صفر داء يصيب البطن، ومنهم من يقول: إنه هو الشهر، وكانوا يتشاءمون به.
((ولا يحل الممرض على المصح)) يعني لا يورد أصحاب الإبل المريضة على .. ، إبله على الإبل الصحيحة؛ خشية أن تصاب بمرضها، وسئل النبي عليه الصلاة والسلام عن العدوى فقال:((لا عدوى)) فقيل له: إن البعير الأجرب يكون في الإبل فيجربها؟ قال: ((من أعدى الأول؟ )) يعني الأول من أعداه؟ من أصابه بالمرض؟.
((وليحلل المصح حيث شاء)) اللي إبله صحيحة ينزل في أي مكان غير هذا المكان الذي فيه الإبل المريضة أو العكس.
"فقالوا: يا رسول الله وما ذاك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه أذى)) " يعني مخالطة المريض فيها شيء من الأذى، فيها شيء مما قد يقع في قلب الصحيح إذا سرى أو أصيب بهذا المرض ابتداءً عند من ينفي العدوى مطلقاً، أو أصيب به بسبب الاختلاط عند من يثبت العدوى، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.