المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن جابر بن - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٨٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن جابر بن

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار، قال جابر: فبينا أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هلم إلى الظل، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت إلى غرارة لنا، فالتمست فيها شيئاً، فوجدت فيها جرو قثاء فكسرته، ثم قربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((من أين لكم هذا؟ )) قال: فقلت: خرجنا به يا رسول الله من المدينة، قال جابر: وعندنا صاحب لنا نجهزه يذهب يرعى ظهرنا، قال: فجهزته، ثم أدبر يذهب في الظهر وعليه بردان له قد خلقا، قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أما له ثوبان غير هذين؟ )) فقلت: بلى يا رسول الله، له ثوبان في العيبة كسوته إياهما، قال:((فادعه فمره فليلبسهما)) قال: فدعوته فلبسهما، ثم ولى يذهب قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما له يلبس الخلقين ضرب الله عنقه، أليس هذا خيراً له؟ )) قال: فسمعه الرجل فقال: يا رسول الله في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((في سبيل الله)) قال: فقتل الرجل في سبيل الله.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب".

وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تيم

تميمة.

عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم، جمع رجل عليه ثيابه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

‌كتاب اللباس:

ص: 15

اللباس يراد به ما يواري البدن، وتستر به العورة، هذه حقيقته، وإن أطلق على غيره كالزوج والزوجة {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [(187) سورة البقرة] هذا الاستعمال على خلاف الأصل، بعضهم يقول: مجاز، على كل حال هو استعمال غير أصلي؛ لأن الاستعمال الأصلي للثياب التي تواري البدن، وستر العورات مطلب شرعي، توافقه الفطر السليمة بخلاف الفطر المنحرفة التي اجتالتها الشياطين، وكان من أهداف إبليس الأولى أن ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما، وما زال يصنع هذا ويسول للناس من تلك الأيام إلى قيام الساعة، فنزع اللباس الذي لا يجوز نزعه إنما هو استجابة لرغبة إبليس وأتباعه من أهل النفاق؛ لأن الله -جل وعلا- قال في أواخر سورة الأحزاب:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا* لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [(59 - 60) سورة الأحزاب] يعني في مخالفة مثل هذا الأمر، الله -جل وعلا- يأمر بالستر، وإبليس وأتباعه من المنافقين يدعون إلى الكشف، ينزع عنهما لباسهما، وعلى كل حال الرائحة تشم من خلال الأسطر في كتابات بعض الكتاب، ومن خلال الجمل والكلمات، من خلال بعض المقالات، والحق بين وواضح، ولا يعني هذا أن من أداه اجتهاده وهو من أهل النصح، ومن أهل العلم الحقيقي، ومن أهل الاجتهاد إلى اجتهاد في مسألة من المسائل أن يلحق بأمثال هؤلاء الذين لا علاقة لهم بعلم ولا خلق ولا دين، أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، يعني إذا قيل: إن هناك من يدعو إلى كشف الوجه، وكشف ما يزيد على الوجه، ووصفنا هذا بالنفاق وهو ظاهر من خلال النصوص، ومن خلال المقاصد التي لا تكنها النيات، بل أفصحت عنها الألسنة، لا يعني بهذا أننا نرمي من اجتهد، ورأى أن كشف الوجه -وهو من أهل الاجتهاد- أنه لا بأس به، نقول: اجتهد، وهو مثاب على اجتهاده، ومأجور عليه وإن أخطأ، لكن إذا كان أهلاً للاجتهاد، وحاديه إلى ذلك النصح لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، أما إذا كان هدفه وغرضه الإفساد

ص: 16