المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح: باب النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح: باب النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم:

وذكر –أي النبي عليه الصلاة والسلام بالإسناد المذكور، وما جاء بالأمر في الإبراد مخصص لما جاء من نصوص المبادرة والمسارعة، وبيان أن أفضل الأوقات أولها، أوائل الأوقات أفضل، الصلاة على أول وقتها، فيكون هذا النص مخصص لما جاء، مع أنه مخصوص أيضاً بصلاة العشاء، وذكر -يعني النبي عليه الصلاة والسلام بالإسناد السابق-:((أن النار اشتكت إلى ربها فأذن لها في كل عام بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف)).

ثم بعد ذلك قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) ".

هذا يقول: إذا استيقظ للصلاة في وقت طلوع الشمس فماذا يفعل؟

يصلي فوراً، الفوائت تقضى فوراً، يجب قضاء الفوائت فوراً، والفرائض لا تدخل في النهي، نعم.

سم.

‌شرح: باب النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم:

أحسن الله إليك:

باب: النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم:

عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مسجدنا يؤذينا بريح الثوم)).

عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه كان يرى سالم بن عبد الله إذا رأى الإنسان يغطي فاه وهو يصلي جبذ الثوب عن فيه جبذاً شديداً حتى ينزعه عن فيه.

ص: 7

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم" ثم ذكر حديث سعيد بن المسيب أرسله وإلا هو موصول في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل من هذه الشجرة)) يعني شجرة الثوم، وإطلاق الشجرة على مثل الثوم هل يقال لها: شجرة؟ {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [(6) سورة الرحمن] ابن عباس فسر الشجر بما له ساق، والنجم ما لا ساق له، فالثوم له ساق؟ لا ساق له، ومن الذي قال هذا الكلام ((من أكل من هذه الشجرة؟ )) الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو عربي، يتكلم بلسان العرب، فابن عباس رضي الله عنه فسر الشجر بما له ساق، والنجم ما لا ساق له، ولا يمنع أن يكون إذا ذكر الاثنان اختص كل واحد بتعريف، وإذا أفرد أحدهما نعم عن الآخر جاز إطلاق الاسمين عليه، فيطلق النجم على ما ساق له، والشجر على ما لا ساق له، هذا إذا أفردا، أما إذا اجتمعا فلكل واحد منهما تعريفه، كالإسلام والإيمان، والفقير والمسكين وما أشبه ذلك.

((من أكل من هذه الشجرة)) الإشارة إلى حاضر في الأعيان، ويشير إليها "من هذه الشجرة" أو إلى حاضر في الأذهان؟ نعم، الآن هل أمامه مزرعة ثوم؟ ((من أكل من هذه الشجرة)) هل حضور المشار إليه حضور عيني أو حضور ذهني؟ يعني افترضنا أن مؤلفاً يقول: أما بعد: فهذا كتاب نشرح فيه أو نبين فيه كذا، "هذا كتاب" يشير إلى الكتاب الموجود أمامه أو الموجود في ذهنه؟ هذا إن كانت المقدمة قبل التأليف فيشير إلى ما في ذهنه، وإن كانت المقدمة بعد التأليف فيشير إلى شيء حاضر في الأعيان، هنا الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:((من أكل من هذه الشجرة)) يشير إلى حاضر في الأعيان إذا كان في مزرعة ثوم، يقول:((من أكل من هذه الشجرة)) ممكن، لكنه يشير على حاضر في الذهن.

ص: 8

((فلا يقربن)) أو ((فلا يقرب مساجدنا)) في رواية: ((مسجدنا)) والعلة: ((يؤذينا بريح الثوم)) ما في ما يمنع أن يكون يوجد فص من الثوم أو شيء من هذا مع أحد، ما يمنع، لكن اللي يظهر -والله أعلم- من السياق سياق الروايات كلها أنه لما تأذى برائحة الثوم قال هذا الكلام، فتكون الإشارة إلى حاضر في الذهن يقربه ويحدده الرائحة التي تأذوا بها، وفي رواية:((فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان)) ((الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان)) قد يقول قائل: هل لمن أكل من هذه الشجرة أن يدخل المسجد وما فيه أحد؟ خالي؟ يقول: ما في إنسان يتأذى؟ النهي عن قربان المسجد، نعم، أقول: قد يقول قائل: إذا خرج الناس من الصلاة رحت صليت، نعم، قد يوجد إنسان إذا كان الناس يتأذون برائحة الثوم لكن لو اتفق مجموعة من الناس أو جميع جماعة المسجد وأكلوا ثوم، حينئذ لا يتأذون ارتفعت العلة، هل معنى هذا أنه يسوغ لهم أن يدخلوا المسجد؟ أو تبقى العلة المنصوصة في بعض الروايات:((فإن الملائكة تتأذى))؟ فعلى هذا لا يقرب المسجد ولو لم يكن فيه أحد، ولو أكلوا كلهم الثوم.

ويلتحق بالثوم كل ما له رائحة كريهة من .. ، كالبصل، والكراث، ومن باب أولى المحرم كالدخان مثلاً، أو شخص تنبعث منه روائح كريهة من بخر، أو ما أشبهه مثل هذا لا يؤذي الناس.

طالب:. . . . . . . . .

لا البرا أمره سهل ما هو بمسجد، ما هو بمسجد، من باب: نصر، قرب من باب إيش؟ عظم، عظم يعظم، نعم، أقول: يلتحق به كل ما له رائحة، سواءً كانت بفعل الإنسان، أو خارجة عن فعله إلا إذا خفف ذلك بزيادة في التنظيف، أو روائح طيبة من طيب وشبهه تكسر هذه الرائحة الخبيثة التي تنبعث منه.

ص: 9

وأيضاً يمنع -قياساً على ذلك- إرسال الروائح الكريهة في المسجد، الروائح الكريهة إرسالها كالفساء والضراط والجشاء يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم، شخص جالس في المسجد احتاج إلى أن يرسل شيئاً من ذلك، نعم، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما لم يحدث، ما لم يحدث أو يؤذي، هو يقول: أنا باجلس في المسجد أقرأ القرآن عن ظهر قلب، وهذا لا يؤثر، واحتاج إلى أن رسل شيئاً من ذلك، أما مع الحاجة فقد قال أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي على حديث:((فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) قال: فيه جواز إرسال ذلك للحاجة، للحاجة، ومعلوم أن بقاء الإنسان طاهراً في المسجد ذاكراً تالياً مصلياً هذا هو الأكمل.

ص: 10

إذا كان أكل هذه الأشياء ذوات الروائح الكريهة مثل الثوم والبصل والكراث يمنع من دخول المسجد، ويمنع من حضور الجماعة فما حكمه؟ حضور الجماعة واجب، وصلاة الجماعة واجبة، فهل نقول: إن ما يمنع منها حرام؟ نعم، نعم إن تعمد الأكل ليترخص بذلك، لكن أكل لحاجة هو ما قصد الأكل من أجل ألا يصلي مع الجماعة، لم يقصد التحايل بذلك، لكن الحاجة، الحاجة لا تصل إلى حد يقاوم الواجب، أقول: هذه الحاجة قد يكون يأكله تلذذاً مثلاً، جاء وصفها بأنها خبيثة في قوله -جل وعلا-:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [(157) سورة الأعراف] وجاء وصفها: ((من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين)) يقول أهل الظاهر: بأن الأكل منهما حرام ولو لم يرد في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عنهما أحرام هما؟ قال: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) فهما حلال خلافاً لأهل الظاهر، لكن الحلال الذي يمنع من الواجب، الحلال الذي يمنع من الواجب حكمه يعني لا لذاته، لا يحرم لذاته، إنما لما يؤدي إليه، وعلى هذا يحمل حال من يأكله تحايلاً لإسقاط الواجب، أما من أكله لحاجة فلا، بأن يوصف علاج مثلاً إذا قيل: ينفع لك مثلاً علاج ثوم وإلا .. ، وفي منافع كبرى يذكرها الأطباء وتذكر في كتب الطب، لا سيما الثوم ويقرب منه البصل في كثير من خصائصه، يذكرون أشياء، منافع عظيمة فيها، لكن مع ذلك تحصيل أمور الدنيا لا يعني أنه تهدر بسببها أمور الآخرة، نعم إذا وصف علاج لمرض موجود فالأمر -الحمد لله- الدين في سعة لمثل هذا.

إيش في؟

طالب: الرجل. . . . . . . . .

المقصود أنه للحاجة لا بأس به، إذا أكله تحايل من أجل إسقاط الجماعة، لكن بعض الناس يأكله لحاجة ويصعب عليه أن يتخلف عن شهود الجماعة، نعم، بلا شك إذا خفف ذلك، إذا انتفت العلة، إذا انتفت العلة وتطيب وخفت هذه الرائحة، فالعلة معقولة، فإذا ارتفعت ارتفع معها حكمها.

ص: 11

يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر" عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عمر بن المجبر سقط تكسر فجبر قيل له: مجبر، ومنهم من يقول: إنه مات أبوه وهو في بطن أمه حمل، فقيل: لعل الله -جل وعلا- أن يجبره ويعوضه عن أبيه فسمي مجبر، كل من رآه قال: الله يجبره، نعم، هذا قول، "أنه كان يرى سالم بن عبد الله" التابعي الجليل الفقيه أحد الفقهاء السبعة "إذا رأى الإنسان يغطي فاه وهو يصلي جبذ الثوب عن فيه"، "إذا رأى الإنسان يغطي فاه وهو يصلي جبذ الثوب عن فيه جبذاً شديداً"، نعم أبلغ في التعليم، وفي الإنكار باليد مع الاستطاعة، "حتى ينزعه عن فيه"، والسبب في ذلك أمور:

منها: أن يباشر الأرض بأنفه كجبهته.

منها أيضاً: ما قاله بعض أهل العلم أن التلثم ينافي الخشوع، ينافي الخشوع، يقول: لما فيه من الكبر، وأيضاً: قد يظن بعض الناس أنه .. ، أن هذا الذي تلثم وغطى أنفه يظن بعض الناس أنه من أجله؛ لئلا يشم رائحته أو يستنكف أن يشم رائحة في المسجد أو من أحد المصلين فيقع في نفسه ما يقع، وفي الاستذكار يقول:"تغطية الفم والأنف في الصلاة مكروه لمن أكل ثوماً"، وبهذا نعمل الفائدة من إرداف حديث الثوم بالتلثم، نعم، يقول:"تغطية الفم والأنف في الصلاة مكروه لمن أكل ثوماً، وأصل الكراهية لأنهم كانوا يتلثمون ويصلون على تلك الحال فنهوا عن ذلك" يعني ما يكفي أن يتلثم إذا أكل ثوماً أو بصلاً ثم حضر المسجد تلثم، نعم قد لا تشم منه الرائحة، لكنه لا يكفي ذلك.

طالب:. . . . . . . . .

التطيب، نعم هو إذا وجد الطيب الذي له رائحة قوية بحيث تقاوم رائحة الثوم فالعلة معقولة، يعني ارتفعت هذه الرائحة فلا بأس حينئذ.

طالب:. . . . . . . . .

لا اللثام لأمور، يعني ما هو لأمر واحد، ما هو من أجل الثوم فقط؛ لأنه ينافي الخشوع، وفيه كبر، وفيه أيضاً يمنع من مباشرة الأرض، فيه أمور مجتمعة، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا في مقاومة يعني، الذي يشم الرائحة، إذا تطيب مثلاً الإنسان شماغه ولحيته وذا، تقاوم يعني، فالرائح تشم، نعم.

ص: 12

مناسبة الباب في أكثر الموطئات بين هذا الباب وبين كتاب الوقوت، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر في أكثر الموطئات، لكن في موطأ يحيى تأخر هذا الباب، وضعه في آخر كتاب الصلاة، مع أن ابن عبد البر يقول: ليس له هناك مدخل، ولذا قدمه، ابن عبد البر في الاستذكار قدم الباب إلى هنا، وضعه قبل النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم، نعم، ما المناسبة؟ من يذكر المناسبة بين هذا الباب وكتاب الوقوت؟ نعم، في مناسبة؟ هذا إذا كان ينقطع، إذا كان ينقطع قبل وقت الصلاة، هو يحتمل على بعد أن النهي عن قربان المساجد يعني في أوقات الصلاة، النهي عن قربان المساجد في أوقات الصلاة التي يوجد فيها من يتأذى، يعني لو جاء شخص يصلي ركعتي الضحى في المسجد وآكل ثوم يمنع وإلا ما يمنع؟ أو جاء في منتصف الليل بيوتر في المسجد يمنع وإلا ما يمنع؟ لا يوجد من يتأذى، ((يؤذينا بريح الثوم)) يقال: ما في إنسان يتأذى إذاً الملائكة لا تتأذى، إذاً كلامك هذا يلزم منه أنه لا يؤكل مطلقاً؛ لأن الملائكة يوجد القرين بعد، بدون. . . . . . . . .، القرين معه باستمرار ويتأذى في غير وقت صلاة وفي غير مزاولة صلاة ما يؤكل؟ أنت إذا قرنت بين المساجد المساجد، النهي عن قربان المساجد إذا قرنت بها ((يؤذينا)) المسجد مع الأذى، العلة مركبة ما هي بمفردة، العلة مركبة من كونه أذى وكونه في المسجد، ولذا في مجامع الناس مثلاً في الأسواق أكل ثوم نقول: لا تروح تؤذي الناس؟ نعم، الآن لو شخص أكل ثوم وطلع السوق نقول: حرام عليك؟ نقول: العلة مركبة، العلة مركبة من قربان المسجد والأذى؛ لأن غير المسجد اللي تأذى يؤخر، يطلع يا أخي، نعم، الذي يتأذى -الحمد لله- الأمر فيه سعة، لكن المسجد الذي هو مورد الناس كلهم هذا الذي ما يقدر يتركه الإنسان لأنه محل العبادة، لكن العلة المنصوصة الآن في الحديث مركبة وليست مفردة من قربان المسجد ومن الأذى، فعلى هذا إذا مسألة قربان المسجد هل تستقل بالتعليل؟ والأذى وحده هل يستقل بالتعليل؟ محل نظر، ما يمكن يسلم به، فالعلة مركبة، فإذا اجتمع الأمران منع، وعلى هذا إذا جاء في منتصف الضحى قال:

ص: 13

أنا أريد أصلي ركعتي الضحى والمسجد ما فيه أحد، نقول: لا يقرب مسجدنا؟ نعم؟ كيف؟ لأنه ما يوجد من يتأذى، لا يوجد من يتأذى، وهذا هو الظاهر لأن العلة إذا كانت مركبة من أمرين لا يستقل أحد الأمرين بترتيب الحكم، فعلى هذا من أراد أن يصلي الضحى، من أراد أن يوتر لا مانع أن يدخل المسجد ولو أكل إذا لم يوجد من يتأذى؛ لأن العلة المنصوصة مركبة من أمرين.

هنا في مسألة في الحديث -في الخبر الثاني- رأى إنسان يغطي فاه وهو يصلي، الحال أنه يصلي، تغطية الفم أو التلثم خارج الصلاة خارج الصلاة لغير حاجة، أما إذا وجدت حاجة برد مثلاً شديد، أو حساسية عند الإنسان يتأثر بأدنى شيء هذه الحاجة معروف حكمها، لكن بغير حاجة دائماً يمشي بين الناس وهو متلثم، بعض أهل العلم يطلق الكراهة، يطلق الكراهة، لماذا؟ نعم، لا شك أنه يحدث ريبة ونفرة أيضاً، الناس ينفرون من مثل هذا المتلثم، لا سيما إذا لم يعرفوا السبب الباعث له على ذلك.

جبذ الثوب وجذبه لغتان بمعنى، وإن قال بعضهم: إنه مقلوب، لكن الفيروزآبادي أنكر أن يكون مقلوباً، إنما هو لغة أصلية في جذب الثوب، وهنا فيه الإنكار باليد مع الاستطاعة، ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) هذا هو الأصل، هذا إذا استطاع، إن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه، والله المستعان.

ص: 14