الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"قال زياد بن أبي زياد: وقال أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله تعالى من ذكر الله -جل وعلا-".
لأن الذكر يدل على أن الإنسان مستحضر مراقب لربه، بخلاف الغافل واللاهي الذي لا يخطر له الذكر على بال، مثل هذا محروم.
يقول: "وحدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى -بن خلاد بن رافع الزرقي- عن أبيه" يحيى بن خلاد بن رافع عن جده، عن عمه، أو إيش؟ إيش يصير؟ رفاعة بن رافع، يحيى بن خلاد بن رافع، نعم، نعم، "عن رفاعة بن رافع أنه قال:"كنا يوماً" يعني من الأيام "نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم" صلاة المغرب "فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة، وقال: ((سمع الله لمن حمده)) " يعني شرع في الرفع "وقال: ((سمع الله لمن حمده)) قال رجل وراءه" هو رفاعة نفسه: "ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه" حمداً: منصوب بفعل مضمر دل عليه لك الحمد، كثيراً طيباً يعني: خالصاً لوجه الله عز وجل، مباركاً فيه: كثير الخير فيه، زاد النسائي:"كما يحب ربنا ويرضى"، "فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم -من صلاته- قال:((من المتكلم آنفاً؟ )) " يعني قريباً، "فقال الرجل: أنا يا رسول الله"، "فقال الرجل: أنا يا رسول الله، وما أريد بذلك إلا الخير" يرجو بذلك الثواب، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد رأيت بضعة)) " البضع: من ثلاثة إلى تسعة، ((بضعة وثلاثين ملكاً)) يعني بعدد حروفها، حروفها ثلاثة وثلاثين حرف، ((بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها)) يسارعون، يتسارعون في كتابتها، ((أيهم يكتبها أول)) أولُ أو أولاً؟ أولُ: بالضم على البناء، بقطعه عن الإضافة مع نية المضاف إليه، وأولاً: منصوب على الحال، فمثل هذا الذكر ينبغي أن يحافظ عليه الإنسان، والله المستعان.
شرح: باب: ما جاء في الدعاء:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الدعاء:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل نبي دعوة يدعو بها فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: ((اللهم فالق الإصباح، وجاعل الليل سكناً، والشمس والقمر حسباناً اقضِ عني الدين، وأغنني من الفقر، وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفرُ له
…
((من يستغفرني فأغفرَ له)) أحسن الله إليك.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "كنت نائمةً إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففقدته من الليل فلمسته بيدي، فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد، يقول:((أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)).
وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله بن كُرَيز
…
أحسن الله إليك: عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاووس اليماني عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول:((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاووس اليماني عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في بني معاوية، وهي قرية من قرى الأنصار فقال:"هل تدرون أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجدكم هذا؟ فقلت: نعم وأشرت له إلى ناحية منه، فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن فيه؟ فقلت: نعم، قال: فأخبرني بهن؟ فقلت: دعا بأن لا يظهر عليهم عدواً من غيرهم، ولا يهلكهم بالسنين فأعطيهما، ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها، قال: صدقت، قال ابن عمر: "فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه كان يقول: "ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الدعاء"
باب: ما جاء في الدعاء، جاء الأمر بالدعاء في قوله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر]، فالدعاء مأمور به، وهو عبادة من أفضل العبادات، ولذا جاء:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [(60) سورة غافر] بعد الأمر بالدعاء، فالدعاء عبادة، والدعاء كما يكون دعاء مسألة، يكون أيضاً دعاء العبادة، والعبادات في جملتها متضمنة للمسألة، متضمنة للمسألة، فما من مسلم يعبد الله -جل وعلا- بعبادة مشروعة إلا وقد تضمنت هذه العبادة طلب القبول، وطلب الثواب المرتب على هذه العبادة، فالتعبد مستلزم للدعاء، التعبد المشروع مستلزم للدعاء، ومثلما ذكرنا هو من أشرف العبادات وأجلها، فعلى المسلم أن يلهج بالدعاء، بدعاء الله -جل وعلا- أن يعينه على ذكره وشكره، وأن يثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يرزقه الإخلاص في القول والعمل، إلى غير ذلك من الدعوات، ويحرص على الجوامع، والأدعية الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ ليسلم من أن يعتدي في دعائه وهو لا يشعر، عليه أن يلح بالدعاء، وعليه أن يتحرى الأوقات الفاضلة التي هي مظنة للإجابة كالسجود، وعند الأذان، وساعة الجمعة، وفي يوم عرفة، وغير ذلك من المواطن التي جاءت النصوص على أنها تستجاب فيها الدعاء، أو يستجاب فيها الدعاء، ويحرص على دفع الموانع ودرئها، ومن أعظمها أكل الحرام، ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة))، ذكر الرجل يطيل السفر يمد يديه، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، يلح ويكرر، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟ استبعاد، فليحرص الإنسان على طيب المطعم ليكون مستجاب الدعوة، يجتنب الدعاء بالإثم، وقطعية الرحم، ويتخلق بالأخلاق التي يرد ذكر بعضها من خلال ما أورده المؤلف -رحمه الله تعالى- في الكتاب.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد" أبو الزناد عبد الله بن ذكوان "عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل نبي دعوة)) " لكل نبي دعوة مستجابة، دعوة مستجابة، كما جاء في رواية أبي ذر لصحيح البخاري لكنها لا توجد لسائر الرواة، كما أنها لا توجد في شيء من نسخ الموطأ ورواياته.
"لكل نبي دعوة" الوصف بكونها مستجابة ذكر أو لم يذكر هو مقصود، وإلا فالأدعية المحفوظة عن نبينا عليه الصلاة والسلام وعن غيره من الأنبياء كثيرة، لا يتصور أن نبياً من الأنبياء لم يدعُ إلا بدعوة واحدة، نعم، له أدعية، إذاً هذه الدعوة من صفتها أنها مستجابة، فنص عليها أو لم ينص الأمر واضح ومعروف.
له دعوة مستجابة يدعو بها، مفهومه، مفهوم تخصيص الإجابة بدعوة واحدة أن ما عداها من الدعوات نعم، مردود أو على الرجاء كغيرهم؟ نعم على الرجاء، لا شك أن هذا ظاهر الحديث مستشكل، استشكل ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة، النبي عليه الصلاة والسلام أجيب له أكثر من دعوة وغيره، مما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة لا سيما نبينا عليه الصلاة والسلام، وظاهره أن لكل نبي دعوة واحدة مستجابة والبقية مردودة، لكن الاحتمال الثاني: أنها على الرجاء، والجواب: أن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، دعوة واحدة مقطوع بإجابتها، مقطوع بإجابتها، وما عدا ذلك من دعواتهم -عليهم الصلاة والسلام- فهو على رجاء الإجابة كغيرهم، وقيل: لكل واحد منهم –من الأنبياء- دعوة عامة مستجابة، يعني تعم الأمة كلها، وليس المراد بذلك الدعوات الخاصة، نعم، هذا أرجح.
ماذا عن .. ؟، يعني لو دعا على أمته بالهلاك كما فعل بعض الأنبياء، نوح مثلاً دعا على عمومهم على من لم يجب دعوته بالغرق، فأغرقوا، لماذا لم يستغل الأنبياء هذه الدعوة المستجابة بهداية جميع الأتباع؟ مو قلنا: أنها دعوة عامة للأمة كلها بحيث لو دعا عليهم بالهلاك أهلكوا؟ نعم، وبعض الإخوان يقول: إن هذا القول هو الراجح، لماذا لم يدع بأن يهدي الله جميع الأتباع؟ جميع الأمة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ هذا ينافي السنة الإلهية، ينافي السنة الإلهية من وجود الصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة.
أما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب، ومنها ما لا يستجاب، وفي الحديث الصحيح الذي سيأتي أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا بثلاثة أشياء، نعم فأجيب في اثنتين، ((دعوت ربي ثلاثاً)) ((أو سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة)) وسيأتي هذا الحديث، ولا شك أن الحديث يجعل الأنبياء في غير هذه الدعوة كغيرهم على الرجاء، لكن الناس في إجابة دعواتهم على حسب ما في قلوبهم من إيمان، وبما في أعمالهم من إتباع، وهم أكمل الناس في هذا الباب، فهم أرجى من ترجى إجابة دعوته، يعني لا يقال: إنهم مثل غيرهم بالسوية، لا، هم على الرجاء بلا شك، لكن رجاؤهم أقوى من رجاء غيرهم؛ لأنهم أكمل الناس في كل باب من أبواب الدين، كما أن أتقى الناس نعم، أرجى من غيره، وهكذا.
((يدعو بها)) فتعجل كل نبي دعوته لقومه أو عليهم، ((فأريد)) " وفي رواية البخاري:((إن شاء الله))، ((أن أختبئ دعوتي)) المستجابة، ((شفاعة لأمتي في الآخرة)).
((فأريد -إن شاء الله تعالى - أن أختبئ)) يعني: أن أدخر، ((دعوتي)) المستجابة، ((شفاعة لأمتي في الآخرة)).
وزاد في رواية أبي صالح: ((فهي نائلة -إن شاء الله- من مات من أمتي لا يشرك بي شيئاً)) يعني شفاعته عليه الصلاة والسلام لعصاة الموحدين، شفاعته عليه الصلاة والسلام لعصاة الموحدين ثابتة بالطريق القطعي المتواتر، ولا ينكرها إلا من ينكر إخراج أهل الكبائر من النار كالخوارج والمعتزلة، هذه الشفاعة أجمع عليها من يعتد بقوله من أئمة الإسلام وسلف الأمة.
لا شك أن الحديث فيه كمال شفقة النبي عليه الصلاة والسلام على أمته، وفي الحديث أيضاً إثبات الشفاعة وهي كما قلنا: محل اتفاق ممن يعتد بقوله من علماء الأمة، ((لكل نبي دعوة مستجابة)) يعني هل من ضير أن نناقش بعض الدعوات النبوية أنها هل أجيبت أو لم تجب؟ يعني هل من سوء الأدب مع النبي عليه الصلاة والسلام أن نقول: إن دعوته في قوله: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) أجيبت أو لم تجب؟ نعم؟ هل هذا من سوء الأدب مع النبي عليه الصلاة والسلام؟ إذا عرفنا أن لكل نبي دعوة مستجابة، وما عدا ذلك من الدعوات على الرجاء، وسيأتي في حديث أنه لم يجب في دعوته الثالثة، نعم، هو دعا عليه الصلاة والسلام، دعا على أقوام، هل وقع فيهم ما دعا به عليهم؟ ودعا على أشخاص، ولعن أشخاص، ثم قال عليه الصلاة والسلام:((اللهم اجعل دعوتي عليهم رحمة)) يعني بعد أن كانت لعنة تكون رحمة، وهذا من كمال شفقته عليه الصلاة والسلام، فلا يلزم من كل دعوة يدعو بها النبي عليه الصلاة والسلام أو غيره من الأنبياء أن تجاب، إنما المضمون دعوة بخلاف غيره، فغير الأنبياء جميع دعواتهم على الرجاء، فالمضمون للأنبياء دعوة مستجابة، وما عدا ذلك على الرجاء، وهم أولى الناس بإجابة الدعاء؛ لأنهم لا يدعون إلا مع توافر الأسباب، ومع انتفاء الموانع، فإذا توافرت الأسباب وانتفت الموانع ترتب الأثر، لكن لا يلزم من ذلك أن يجاب بنفس ما دعا به، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما الشفاعة العظمى التي بواسطتها يتخلص الناس من هول الموقف هذا خاص، هذه خاصة به، له شفاعات خاصة، ولغيره أيضاً شفاعات، لكن الشفاعة لعصاة الموحدين لأمته، الشفاعة لأمته في الآخرة، هو يشفع لأهل الموقف كلهم، لكن شفاعته الخاصة بأمته نعم بإخراج العصاة نعم، ولا يبقى فيها من قال: لا إله إلا الله، عليه الصلاة والسلام، فهذه شفاعة من شفاعاته، وله أكثر من شفاعة.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد" وهنا فيه إسقاط، الأصل عن مسلم بن يسار أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول، ومسلم بن يسار تابعين فالخبر نعم مرسل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو من النُسَخ، لا، لا، عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
طالب:. . . . . . . . .
هو لا يتصور أن يكون من يحيى بن سعيد إنما موجود في بعض الروايات.
هنا يقول: لم تختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث ولا في متنه، وهو مرسل، فمسلم بن يسار تابعي، دل على أن النسخة التي وقف عليها ابن عبد البر فيها مسلم بن يسار، "أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول:((اللهم فالق الإصباح)) " فالق الإصباح، اللهم: أصلها: يا الله، يا الله، حذف حرف النداء وعوض عنه بالميم المشددة، يا الله، ولذا يندر اقتران اللهم بياء، نعم، يعني نادراً يقال: يا اللهم، وجاء في شعر أمية بن أبي الصلت أو لغيره، والخلاف في ذلك معروف:
إني إذا ما حدثٌ ألما
…
أقول: يا اللهم يا اللهم
وهذا نادر، بعضهم يحكم عليه بالشذوذ.
((اللهم فالق –مظهر- الإصباح)) الصبح، و ((جاعل الليل سكناً)) جاعل الليل سكناً، ((اللهم فالق الإصباح)) فالق، نعم، إعرابها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدل من إين؟ من لفظ الجلالة؟
منادى إيش؟
طالب. . . . . . . . .
أو بدل من الله؟ المنادى؟
طالب:. . . . . . . . .
بدل وإلا منادى؟ اللهم يعني يا الله، يا فالق الإصباح، يا جاعل الليل، أو هي بدل من لفظ الجلالة المنادى الذي محله النصب؟ نعم؟ محل لفظ الجلالة المنادى النصب، فالق الإصباح: مظهر الصبح، وجاعل الليل سكن، جاعل الليل سكناً، نعم الليل سكن، محل للنوم، جعل الليل والنهار، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا لا فيها لف ونشر، {وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص]{لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص].
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
قبل، قبل، الآية أولها، {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص]، الليل لتسكنوا فيه، والنهار لتبتغوا من فضله، هذا الأصل، هذا الأصل أن الليل سكن والنهار معاش، ليبتغى من فضله بطلب الرزق، لكن كثير من الناس عكس، جعل الليل هو وقت السعي، والنهار هو وقت النوم.
((وجاعل الليل سكناً، والشمس)) هاه؟ ويش عندكم الشمس ويش عليها؟ ((والشمسِ والقمرِ)) معطوف إيش؟ على الليل، والعطف على نية تكرار العامل، يعني: وجاعل الشمس والقمر ((حسباناً)) وجاعل الشمسِ والقمرِ حسباناً، أي حساباً، كما في قوله -جل وعلا-:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، يعني اتصور أنه لا فرق بين ليل ولا نهار، الصفة واحدة كلها إما شمس وإما ظلام، كيف نعرف الحساب؟ كيف نعرف ابتداء اليوم من نهايته؟ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، بهذا نعرف، والحساب والحسبان بمعنى واحد، هذه مقدمات، فيها من الثناء ما فيها، ثم جاء طلب الحاجة، فينبغي للداعي أن يقدم بين يديه من عبارات الثناء ما يكون سبباً في قبول دعائه.
((اقضِ عني الدين)) والمراد ديون الخلق، وديون الخالق، ودين الله حق أن يقضى، ((وأغنني من الفقر)) الفقر الذي يشغل الإنسان عما خلق من أجله وهو العبادة، أو الذي يلجئه إلى تكفف الناس وسؤالهم، هذا استعاذ منه النبي عليه الصلاة والسلام، وطلب الغنى منه، وليس المراد به الغنى الذي يطغي الإنسان ويشغله عما خلق له، ((وأمتعني بسمعي)) لما في ذلك من التنعم بسماع ما ينفع، ((وبصري)) لما فيه من رؤية ما يسر، ورؤية المخلوقات بالتدبر والاعتبار، وأيضاً للتمكن من النظر في المصحف، ورؤية كلام الله -جل وعلا- وقراءته، ((وقوتي)) واحدة القوى، ويروى:((قوني)) من القوة، ((وقوني في سبيلك)).
يعني: اجعلني قوياً في سبيلك، ويحتمل أن يراد به الجهاد، والاحتمال الآخر أن يراد به جميع أعمال البر، وجميع أعمال البر في سبيل الله، ومن أعظم ما يندرج في هذا طلب العلم، طالب العلم يسأل الله -جل وعلا- أن يقويه في .. ، على .. ، يقويه على تحمل المشقة في طلب العلم، ((وقوني في سبيلك)) لكن إذا أطلق السبيل فالمراد به الجهاد، لو أوصى أو وقف إنسان شيئاً وجعل غلته في سبيل الله، ينصرف انصرافاً أولياً إلى الجهاد في سبيل الله، لكن إذا لم يوجد نظر، نظر في الوجوه الأخرى من أعمال البر التي يمكن أن يطلق عليها في سبيل الله، نعم.
أما في آية مصارف الزكاة فالمراد بها الجهاد، {وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [(60) سورة التوبة]، المراد به الجهاد، وفي مثل قوله عليه الصلاة والسلام:((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) محتمل، ولذا جاء به البخاري في كتاب الجهاد، فكأنه يميل إلى أن المراد في سبيل الله هنا الجهاد، والذي يرجحه كثير من أهل العلم أن في سبيل الله يراد به ابتغاء وجه الله -جل وعلا-، فمن صام يوماً يبتغي بذلك وجه الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
جاء الخبر بذلك، والنظر إلى الكعبة، والنظر إلى الوالد، لكن الخبر فيه ضعف، الخبر ضعيف، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الحساب، الحساب مبني على الرؤية هذا، الحسبان نحسب الليالي والأيام بدءاً من رؤية الهلال في أوله، ثم نحسب ما بعده.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يجزئ، ما يجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
أما بالنسبة للعبادات فهي مبنية على الرؤية، ((صوموا لرؤيته، أفطروا لرؤيته)) هذا ما يدخله حساب ولا شيء، أما حسابات الناس، نعم وحلول آجالهم وديونهم هذا أمر سهل يعني لو زاد يوم ونقص يوم ما هو بمشكلة، لو مشوا على التقويم ما يلامون نعم لكونه أضبط لأمورهم؛ ولأن ترائي الهلال إنما يطلب من أجل العبادات، لا إشكال في كون الدين يحل يوم الخميس أو الجمعة بناء على أن الشهر تام أو ناقص، أما العبادات فهي مربوطة برؤية الهلال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال أمور العبادات كلها مبنية على الرؤية، مبنية على الرؤية.
ثم قال رحمه الله: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز، وأبي الزناد اسمه إيش؟ عبد الله بن ذكوان، "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا يقل أحدكم)) " والنهي الأصل فيه التحريم، وحمله النووي على الكراهة، وابن حجر قال: هو أولى، نعم، ((إذا دعا اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)) ما الذي صرف هذا النهي من التحريم إلى الكراهة عند النووي وعند ابن حجر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم ما جاء من بعض الأدعية: ((طهور إن شاء الله)) ((ذهب الظمأ وثبت الأجر -إن شاء الله-)) جاء في بعض الأدعية التعليق بالمشيئة، لكن هذا صارف عند بعض أهل العلم، ومنهم من يقول: يبقى النهي هنا على التحريم، وأنه إذا جاء الدعاء بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة، إذا جاء الدعاء بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة، أما إذا جاء بلفظ الخبر، الدعاء جاء بلفظ الخبر جاز اقترانه بالمشيئة، ولذا لم يرد دعاء مقرون بالمشيئة لفظه لفظ الأمر، إنما جاء ما لفظه لفظ الخبر، ((طهور إن شاء الله)) لكن ما تقول: اللهم طهره إن شاء الله، ما تجي، ثبت الأجر إن شاء الله، ما تقول: اللهم ثبت أجري إن شاء الله، ما تجي، تدخل في النهي.
((اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم .. )) أي يجتهد ويلح من غير استثناء في المسألة التي هي الدعاء، ((فإنه -يعني الله -جل وعلا- لا مكره له))، ((اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت)) زاد في رواية همام عن أبي هريرة عند البخاري: ((اللهم ارزقني إن شئت)) المقصود أن كل دعاء بلفظ الأمر لا يجوز أن يقرن بالمشيئة، الأصل في النهي التحريم، فلا يجوز أن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، هذا حرام، لكن إذا جاء بلفظ الخبر لا بأس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما في شي؛ لأنه بلفظ الخبر، لكن ما تقول: اللهم وفقه إن شئت، بلفظ الأمر ما يجوز، الفرق أن هذا بلفظ الخبر جاءت النصوص بجوازه، وهذا بلفظ الأمر جاءت النصوص بمنعه.
يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء، لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه من التقصير" لأن بعض الناس يمتنع من الدعاء لأنه يعرف أنه مقصر في حق الله -جل وعلا-، فلا ينبغي أن يمتنع بسبب تقصيره، نعم على الإنسان أن يتواضع وأن يكون خائفاً وجلاً من ذنبه وتقصيره، وأن يكون أيضاً خائفاً من عدم قبول عمله وإن كان صالحاً، ومع هذا الخوف يوسع الرجاء في الله -جل وعلا-، ويحسن الظن بربه، يحسن الظن بربه ولا يصل به الحد إلى أن يقنط وييأس؛ لأن القنوط من رحمة الله لا يجوز، واليأس من روح الله لا يجوز حرام، بل يحسن الظن بربه -جل وعلا-.
شخص يتعبد سبعين سنة، سبعين سنة في العبادة ويقول: إنه لا يسأل الله الجنة، يخجل أن يسال الله الجنة وهذه عبادته، بل يكتفي أن يستعيذ به من النار، هذا موجود، لا يسأل الجنة، يخجل؛ لأن عمله لا يناسب، ولا يكفي، وعلى أسلوب العوام لا يواجه أن يطلب به الجنة، يقول: يكفيه أن يستعيذ بالله من النار، لا شك أن هذا استحضار لعظمة الله -جل وعلا-، لكنه من وجه آخر فيه زيادة في الخوف، وفيه شيء من اليأس، لكن مع ذلك على الإنسان أن يسأل الله الجنة، ويستعيذ به من النار.
يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه من التقصير، فإن الله -جل وعلا- قد أجاب دعاء شر خلقه -وهو إبليس- حين قال: رب أنظرني إلى يوم يبعثون"، أجاب الله دعائه، فعلى الإنسان أن يسعى في إصلاح عمله، وأن يجتنب ما نهي عنه، ويصدق ويلح في الدعاء، ويتوسط في أمره، لا يزيد جانب الرجاء بحيث يأمن من مكر الله، ولا يزيد جانب الخوف بحيث ييأس ويقنط من رحمة الله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد" سعد بن عبيد "مولى" عبد الرحمن "بن أزهر" الزهري "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل)) "((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل)) يعجل أو يتعجل في الإجابة والاستجابة، يتعجل يسأل مرة، مرتين، ثلاث، عشر، مائة يقول: خلاص، إما أن يظن نفسه أنه ليس بأهل أن تستجاب دعوته، أو يرى أنه أهل للإجابة، ولكن الله -جل وعلا- منعه من هذا الحق، هذا ما يقتضيه الاستعجال، إما أن يستحسر، ويرى أن .. ، ييأس ويقنط وأنه ليس بأهل لأن تجاب دعوته؛ لأنه دعا، دعا، دعا ما في فائدة، على حد زعمه، هو ما يدري المسكين أنه إذا وفق للدعاء فأمر الإجابة أسهل، لكن على الإنسان مع تحسينه الظن بربه -جل وعلا- أن يسعى جاهداً في درء الموانع.
((فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي)) قال ابن بطال: "المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه، فيكون كالمان بدعائه أو أنه أتى من الدعاء يعني جاء بشيء من الدعاء ما يستحق به الإجابة، فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة، ولا ينقصه العطاء".
وفي الحديث أدب من آداب الدعاء، أدب من آداب الدعاء وهو أنه يلازم الطلب، يلازم الطلب ولا ييأس من الإجابة، لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف:"لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة"، فالإنسان إذا وفق للدعاء لا شك أن الذي وفقه للدعاء يوفقه للإجابة، لكن لا يلزم أن يجاب بنفس ما دعا على ما سيأتي.
وقد جاء ما يدل على أن دعوة المؤمن لا ترد، فإما أن تستجاب بعينها، أو تدخر له في القيامة، أو يدفع عنه من الشر ما هو أعظم منها، سم.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه سواءً كان بلسان حاله أو مقاله، نعم، إذا كان الباعث له على الترك كونه دعا، دعا دعا، ثم دعا ثم دعا، ثم ترك ولو لم يلفظ به.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليس هذا من الاستعجال، الاستعجال لو قال: اللهم عجل، مرتين، ثلاث، عشر، مائة، ثم ترك قال: دعوت بالاستعجال فلم يستجب لي، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الأمر بتعجيل الدعوة ليس تعجلاً .. ، تعجل الاستجابة، ولذا جاء في دعاء الاستسقاء:((عاجلاً غير آجل)) هذا ما يضر هذا؛ لأن الحاجة كما تكون داعية للمدعو به تكون داعية لتعجيله.
لا يرد القضاء إلا الدعاء، لا شك أن القضاء والدعاء يعتلجان، نعم، فقد يكون في الدعاء من القوة ما يرد القضاء، وقد يكون في القضاء ما يرد من القوة، أو في الدعاء من الضعف ووجود المانع ما لا يمحى به القضاء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله -سلمان- الأغر" الجهني مولاهم "وعن أبي سلمة -بن عبد الرحمن بن عوف- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا)) وفي رواية في البخاري: ((يتنزل ربنا)) ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا)) وهذا حديث النزول الإلهي، الحديث العظيم المتفق عليه، الثابت لدى الأمة ثبوتاً قطعياً.
((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر)) حين يبقى ثلث الليل الآخر، الحديث حديث عظيم، شرحه شيخ الإسلام في مجلد أسماه:(شرح حديث النزول)، والنزول الإلهي على ما يعتقده أهل السنة والجماعة من أئمة الإسلام وسلف الأمة ثابت حق على ما يليق بجلاله وعظمته، على ما يليق بجلاله وعظمته، نثبت، ونعتقد أن له معنى، وأنه ليس مجرد خبر عاري عن المعنى، أما كيفيته فالله أعلم بها، علينا أن نؤمن بما بلغنا، وليس علينا أن نبحث عما وراء ذلك، فأمره كغيره من الصفات، المعاني معلومة، والكيف مجهول، أورد إشكالات حول الحديث، لكن نقول ما قاله علماء الإسلام:"قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم"، فإذا نزل هل يخلو منه العرش أو لا يخلو؟ هذه مسألة معروفة عند أهل العلم، والذي رجحه شيخ الإسلام أنه يحصل النزول ولا يخلو العرش، هذا له نصوص، وذاك له نصوص، وأيضاً ما يورده بعضهم من أن التقييد بثلث الليل على اختلاف المسافات قد يكون ثلث الليل الآخر هو الثلث الثاني عند قوم، والثلث الأول عند آخرين، فيكون كل الوقت، كل الليل ثلث، المقصود أن هذه إشكالات أجاب عنها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، وعلينا إذا سمعنا مثل هذا الخبر أن نقول: سمعنا وأطعنا، وإذا كان في المخلوقات ما لا نستطيع درك حقيقته وكنهه فكيف بالخالق الذي لا تدركه الأفهام ولا تبلغه الأوهام -جل وعلا-؟!
الشمس تدور في فلكها أربعة وعشرين ساعة، وجاء في الحديث الصحيح أنها تذهب فتسجد تحت العرش، ماذا نقول عن هذا الخبر؟ الخبر صحيح، نقول: سمعنا وأطعنا، ليس لنا كلام مع الخبر إذا صح.
أمور الشهادة، الأشياء المشهودة التي يمكن أن ندركها نناقش متونها، لكن الأمور الغيبية إذا صحت عن النبي عليه الصلاة والسلام ليس لنا أن نناقش متونها.
ابن بطوطة في رحلته يقول: إنه مر بدمشق، ورأى شخصاً على منبر الجامع الأموي يتحدث عن النزول الإلهي، ثم وصفه بأنه كثير العلم قليل العقل، وقال: إن الله ينزل في ثلث الليل الأخير كنزولي هذا، فنزل من المنبر، ويقصد بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذه فرية، الشيخ رحمه الله في الوقت الذي دخل فيه ابن بطوطة دمشق في السجن، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، لكن من أراد أن يثبت النزول، وأنه حقيقي فنزل من الدرج، وقال: إن الله ينزل نزولاً حقيقياً كما أن نزولي هذا حقيقي، يعني كما لو قرأ {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [(134) سورة النساء]، فوضع يده .. ، إصبعه على بصره، والأخرى على أذنه لإثبات أن هذا حقيقة وليس بمجاز، كما أن العين الباصرة عند المخلوق حقيقية فكذلك العين عند الخالق -جل وعلا- حقيقية، ولا يظن بذلك أنه يشبه؛ لأن مثل هذا وارد، فوضع إصبعه على عينه وسمعه وبصره، على بصره وسمعه.
على كل حال إذا كان المراد به إثبات أن ما ثبت عن الله -جل وعلا- حقيقة، كما أن هذا النزول حقيقة، وأن هذا البصر حقيقة، وأن هذا السمع حقيقة فلا يقتضي التشبيه، لا يقتضي التشبيه إلا أنهما يجتمعان في كون كل منهما حقيقة، أما أن يكون السمع مثل السمع، سمع الخالق مثل سمع المخلوق، وبصر الخالق مثل بصر المخلوق، ونزول الخالق كنزول المخلوق فلا، وعلى كل حال ما ذكره ابن بطوطة عن شيخ الإسلام فرية، وهو مجرب بذلك، ورحلته على ما فيها من أعاجيب إلا أن فيها جميع ما يذكر من مخالفات في توحيد الإلوهية، فمن أراد أن يدرس كتاب التوحيد ومسائل توحيد الإلوهية ويريد بأمثلة للمخالفات في هذه الأبواب فليقرأ رحلة ابن بطوطة، فيه دعاء صريح للأشخاص، وفيه ادعاء علم الغيب من قبل الأشخاص، وفيه أمور من الشرك الأكبر والأصغر الشيء الكثير.
طالب:. . . . . . . . .
تمثيل إيش؟
على كل حال إذا كان قصده أن ما نسب أو ما جاء عن الله وعن رسوله مما يتعلق بالله -جل وعلا- من أسماء وصفات إذا كان المقصود به إثبات أن هذا الكلام حقيقة لا مجاز فله أصل، وينبغي أن يقتصر فيه على ما ورد، يتقصر فيه على ما ورد،؛ لأن الذهن نعم قد يفهم من المتصرف أو من .. نعم أنه يريد التشبيه أو التمثيل، فيقتصر من ذلك على ما ورد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم نعم، وضع السماوات على أصبع، والأرضين على أصبع، يعني الأمر .. ، أمر الخالق عظيم تبارك وتعالى.
فهذا الحديث حديث عظيم، شرحه شيخ الإسلام في كتاب مستقل، كتاب نفيس لا يستغني عن قراءته طالب علم، بين فيه مذهب السلف والأئمة في إثبات النزل لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، فعلينا الإيمان والتسليم لما جاء عن الله وعن رسوله، وكما قال أهل العلم: قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.
وأوّلَه، أوّلَ الحديث كثير من المتأخرين، نعم؛ لأنهم توهموا فيه التشبيه، فالتعطيل مرحلة تالية للتشبيه، لكن الحق هو التنزيه مع الإثبات، مع اعتقاد ما جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن تأويل النزول أو غير النزول، ينزل أمره، ينزل ملك بأمره -جل وعلا-، كله حيد عن الصواب، عن مذهب السلف، وسلف هذه الأمة وأئمتها، وكل خير في اتباع من سلف.
((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر)) يعني في وقت التهجد، ولذا يفضل أن يقوم الإنسان يتهجد في الثلث الأخير من الليل؛ لأنه هو وقت النزول الإلهي، وإن قام من نصفه ونام السدس الأخير أدرك من الثلث ما أدرك.
((فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)).
وهذه الأفعال الثلاثة منصوبة بأن المضمرة بعد فاء السببية المسبوقة بالاستفهام، المسبوقة بالاستفهام.
ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- وهو معروف بصفاء عقيدته على مذهب السلف، رد على من تأول النزول بنزول أمره -جل وعلا-، رده بأن أمره ورحمته تنزل في الليل والنهار، في كل وقت، نعم نزول الأمر والمَلَك والرحمة في كل وقت، لا يختص هذا بالثلث الأخير من الليل، فهذا مما رد به الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر على من تأول حديث نزول أمره.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين قالت: "كنت نائمةً إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففقدته" ففقدته "من الليل"، انتبهت في ليلتها في نوبتها، فلم تجده بجوارها، "فلمسته"، يعني طلبته والتمسته وبحثت عنه "بيدي" تبحث عنه بيدها، تقول: "فوضعت يدي على قدميه" يدي على قدميه، يد واحد على القدمين، يستدل بهذا من يقول: بأن السنة إلصاق القدمين حال السجود، إلصاق القدمين حال السجود؛ لأنه لا تقع اليد الواحدة على القدمين معاً إلا إذا كانتا ملصقتين، وفي المسألة حديث عند ابن خزيمة، وعلى كل حال الذي يخالف في هذا يقول: إن الأصل في الصلاة حال السجود المجافاة، وهذا منها، لكن الإلصاق أرجح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الإلصاق.
"وهو ساجد" وضعت، في رواية:"وقعت يدي على قدميه وهو ساجد"، وفي هذا أن الملموس لا ينتقض وضوؤه، الملموس لا ينتقض وضوؤه، "وهو ساجد –حال- يقول في دعائه -حال سجوده-:((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك)) " يعني هذا ترقٍ من الأفعال .. ، من الصفات الفعلية إلى منشئ هذه الأفعال وهو الله -جل وعلا-، الرضا له مقابل الذي هو إيش؟ السخط، والمعافاة لها مقابل التي هي العقوبة، لكن ((وبك)) لا مقابلة لله -جل وعلا-، وإنما قال:((بك منك)) جعله هو المقابل لنفسه إذا لا مقابل له، ((لا أحصي ثناءً عليك)) لا أحصي ثناء عليك: أي لا أبلغ الواجب من الثناء عليك لعجزي عن ذلك، ((أنت كما أثنيت على نفسك)) يعني الثناء عليك الذي يبلغ الواجب في الثناء كما أثنى الله على نفسه، إذا المخلوق عاجز عن أن يثني على الله -جل وعلا- كما ينبغي، وأن يشكره على جميع نعمه فهو متصف بالعجز، لكن إذا اعترف بعجزه رجي له ما تمناه، هذا مبالغة في الانكسار، مبالغة في انكسار الإنسان بين يدي ربه، يفوض الأمر إلى الله -جل وعلا-، وأنه عالم ما في نفسه، لكن هذه مبالغة بعدم القدرة في بيان العجز وإظهاره، هذه مبالغة، والإنسان إذا بالغ في بيان عجزه، وبالغ في بيان عظمة ربه، وعظم نعمه التي لا يستطيع أن يكافئها، وعظم شأنه الذي لا يستطيع أن يبلغ به ما يؤدي بعض حقه، الله -جل وعلا- إذا علم من العبد الصدق في مثل هذا الكلام لا شك أن له وقع عنده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: أنا عاجز، ومع ذلك يثني، هو يثني، لكن يقول مثل هذا إظهاراً لعجزه مع ما أثنى به عليه، نعم، مع ما أثنى به عليه، وهو عاجز عن الشكر مع أنه يلهج بالشكر، يقول: أنا أشكر لكن على قدر استطاعتي، أما ما يليق بالله -جل وعلا-، ويقابل نعمه التي لا تعد ولا تحصى أنا عاجز عنها، يدعو ويقول هذا الكلام أيضاً، هذا مطلق، مطلق.
يقول: ما معنى حديث -هذا فيه أكثر من سؤال- ((من شغله ذكر عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين))؟
لا شك أن الذكر وهو دعاء العبادة هو نوع من الدعاء، ودعاء المسألة أيضاً دعاؤه في الوقت نفسه عبادة، لكن الذكر عند أهل العلم أفضل من الدعاء، فإذا ترك المفضول وانشغل بالفاضل فيعطى ما يؤمله -إن شاء الله تعالى-، لكن يبقى أن الذكر والدعاء وهما من أفضل العبادات، والصلاة عبادة، والصوم عبادة، ينبغي أن تنوع، فتنوع العبادات من مقاصد الشرع، فيذكر أحياناً، ويدعو أحياناً، ويصلي أحياناً، ويصوم أحياناً، وهكذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.