الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام الذي ذكرناه ظاهر في هذه المسألة، يعني تنزيل الاتفاق الذي ذكره شيخ الإسلام على الصورة التي صورناها الظاهر أن كلام الشيخ ما يحتمل غيرها؛ لأنه يقول: وإن تمتع في السفرة الثانية فهو أفضل، يعني مفترض سافر للعمرة فقط، ثم سافر ثانية، يقول: أتمتع وإلا أفرد؟ هل نقول: الأفضل في حقك الإفراد لأنك خصصت العمرة بسفر وهو ما عنده مانع يتمتع؟ نقول: تمتع، لكن الذي يقول: أنا لا أزيد على ما أوجب الله علي، أجمعهن بسفرة واحدة وإلا بسفرتين؟ نقول: سفرتين أفضل، وعلى هذا ينزل كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
يقول: فإن كثيراً من الصحابة الذين حجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه اللفظة نقل الاتفاق عليها أشكل على كثير من طلاب العلم، كانوا قد اعتمروا قبل ذلك، ومع ذلك فقد أمرهم بالتمتع ولم يأمرهم بالإفراد؛ لأنه يجمع بين عمرتين وحجة وهدي وهو أفضل من عمرة وحجة.
الحالة الثانية: إن أفرد العمرة بسفرة في أشهر الحج ثم قدم للحج والتمتع في حق هذا أفضل، أظن هو الكلام نفسه الذي قبله، نعم؟
الحالة الثالثة: أن يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم في مكة حتى أيام الحج فالإفراد في حق هذا أفضل باتفاق الأئمة، أن يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم في مكة حتى أيام الحج فالإفراد في حق هذا أفضل باتفاق باعتبار أن عمرة المكي مختلف فيها وهو في حكم المكي، وفي عمرة المكي خلاف، وفي تمتع المكي خلاف، وإذا تمتع لم يلزمه هدي على القول الصحيح {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] فهو في حكمهم، نعم.
الحالة الرابعة: أن يجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة في أشهر الحج، وفي هذه الحالة ينظر فإن كان ساق الهدي معه من الحل فالقران في حقه أفضل، وإن لم يسق الهدي فالتمتع في حقه أفضل.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: القران في الحج:
حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن المقداد بن الأسود دخل على علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- بالسقيا وهو ينجع بكرات له دقيقاً وخبطاً، فقال: هذا عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة فخرج علي بن أبي طالب وعلى يديه أثر الدقيق والخبط، فما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه حتى دخل على عثمان بن عفان، فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقال عثمان: ذلك رأيي فخرج علي مغضباً، وهو يقول: لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معاً".
قال مالك رحمه الله: الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة لم يأخذ من شعره شيئاً ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً إن كان معه ويحل بمنى يوم النحر.
وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع خرج إلى الحج، فمن أصحابه من أهل بحج، ومنهم من جمع الحج والعمرة، ومنهم من أهل بعمرة فقط، فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلل، وأما من كان أهل بعمرة فحلوا.
وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون: من أهل بعمرة ثم بدا له أن يهل بالحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد صنع ذلك ابن عمر رضي الله عنهما حين قال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني أوجبت الحج مع العمرة.
قال مالك رحمه الله: وقد أهل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع بالعمرة، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: القران في الحج" المراد بالقران الجمع بين النسكين في أفعالهما كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام،
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد" بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر، وكلاهما من أئمة الهدى، ولا يضيرهما ما نسب إليهما زوراً وبهتاناً، وأهل السنة أهل عدل وإنصاف يروون عن مثل هذين لإمامتهما، ولا يؤثر فيهما ما نسب إليهما، وما نقل عنهما من الكذب والبهتان "أن المقداد بن الأسود دخل على علي بن أبي طالب بالسقيا" قرية بطريق مكة "وهو ينجع -يسقي- بكرات له" والبكرات جمع بكرة، وهي ولد الناقة، وتطلق الآن على الأنثى فقط "وهو ينجع بكرات له دقيقاً وخبطاً" الخبط ورق الشجر الذي يُنفض بالمخابط، عُصي تضرب بها الشجر حتى ينزل ورقها "فقال: هذا عثمان بن عفان" دخل فقال، يعني المقداد دخل على علي بن أبي طالب فقال له: "هذا عثمان بن عفان ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة" وإنما يأمر بالإفراد فلا يجمع بين النسكين بسفرة واحدة "ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة، فخرج علي بن أبي طالب وعلى يديه أثر الدقيق والخبط، فما أنسى أثر الدقيق" ومثل هذا يستدل به على أن الراوي ضبط القصة، وحفظها وحفظ ما يحتف بها "فما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه، حتى دخل على عثمان بن عفان فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " والمسألة في خلافة عثمان "أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " يعني واجهه رضي الله عنهما بالإنكار، واجهه بذلك لأمن المفسدة، وكلاهما من الراشدين الذين يقولون بالحق ويؤثرونه على آرائهم، والمفسدة منتفية.
"أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " وإلا فالأسلوب قوي، فمثل هذا الأسلوب إذا أمنت الفتنة .. ، أولاً: التغيير والإنكار أمر لا بد منه مع أي شخص كان مرتكبه كائناً من كان، لكن يتحرى الأسلوب المناسب الذي يضمن التغيير ولا يترتب عليه مفسدة، أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ يعني قد يقول قائل: لماذا لا يكون التغيير بطريقة على طريقة السؤال، ما رأيك -رضي الله تعالى عنك وأرضاك- فيمن يقرن بين الحج والعمرة بسفرة واحدة؟ يعني هذه الأسلوب لا شك أنه بالنسبة لبعض الناس الذين يخشى منهم أو ليس عندهم من الإيمان واليقين ما ينصاعون إلى الحق بسببه بمثل هذا الأسلوب، النبي عليه الصلاة والسلام رأى الداخل، الداخل من باب المسجد يراه النبي عليه الصلاة والسلام وجلس، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:((هل صليت ركعتين؟ )) أسلوب مناسب جداً، لكن لو قال له: قم فصل، قد يثقل على نفسه مثل هذا الأمر، مع أنه استعمله عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان حين أمن من هذه المفسدة، وعلى كل حال لكل مقام مقال، ولكل شخص ما يناسبه من الأساليب؛ لأن الهدف تغيير المنكر، هذا القصد وهذا الهدف، فإذا تغير المنكر بأي أسلوب يناسبه هذا هو الهدف، ولذا بعض الناس يغير ما يرتكبونه من المنكرات باليد؛ لأنه لا يترتب على ذلك مفسدة، وهو الأصل، إن لم يستطع هذا أو هذه المرتبة لا يستطيعها المغير ينتقل إلى المرتبة التي تليها وهكذا، فلا يغير المنكر بما يترتب عليه من مفاسد هي قد تكون أعظم منه، أيضاً إقرار المنكر والتواطؤ على إقراره والسكوت عنه لا يجوز، بل إنكار المنكر فرض على الأمة، وهو سبب خيريتها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [(110) سورة آل عمران] وما وصل الأمر إلى الحد الذي يعيشه المسلمون في سائر البقاع إلا بترك هذه الشعيرة، حتى إذا كثر الأمر، وكثر الخبث التفت بعض الناس إلى الإنكار بعد أن عمت البلوى بكثير من المنكرات مما لا يستطاع تغييرها الآن، ومع ذلك لا يأس، كل يغير حسب استطاعته، وحسب قدرته على أن يسلك الأسلوب المناسب؛ لأن الهدف تغيير المنكر، أما إذا
ترتب على التغيير منكر أعظم منه فلا.
"أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " يعني أبو سعيد رضي الله عنه ينكر على مروان وهو على المنبر، الفتنة مأمونة؛ لأن العصر عصر صحابة؛ لأنه في عصر الصحابة، الصحابة متوافرون، والحق ظاهر، والتعصب للرأي قد لا يوجد إلا على أمن على شيء يسير، وإلا قل أن يسلم منه، على كل حال إذا أمكن التغيير فالأصل التغيير باليد ثم اللسان ثم القلب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كان يتأذى المنكر يتضرر المنكر بنفسه أو ماله أو ولده يجعلونه صارف، إذا ترتب على ذلك مفسدة تتعدى المنكِر نعم إذا كان هناك مفسدة تتعدى المنكِر فمثل هذا لا يقدم على الإنكار إلا بأسلوب يناسب، وإذا كان المنكر لا يستطيع إنكار مثل هذا المنكر ويعرف من يستطيع تغييره عليه أن يتصل، من إنكاره لهذا المنكر أن يتصل بمن يستطيع تغييره، والتعاون بين الأمة صغارها وكبارها، شيوخها وطلابها، عوامها وعلمائها الأمر لا بد منه.
"فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقال عثمان: ذلك رأيي" ذلك رأيي لماذا؟ لأنه فهم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بقلب الإحرام من حج إلى عمرة أنه فهم أنه خاص بهم، وقد صرح به بعض الصحابة، فقال: ذلك رأيي، يعني فهمي، وأوردنا الاحتمالات الثلاثة والأقوال الثلاثة التي قيلت من أجل ما احتف بذلك الأمر من ظرف.
"ذلك رأيي، فخرج علي مغضباً وهو يقول" ولا بد من الغضب إذا انتهكت محارم الله، نعم هذه وجهة نظر لعثمان وهو أمير المؤمنين وهو الخليفة لكن مثل هذه الوجهة لا يعارض بها النص المرفوع، نعم ينظر ما عنده من شبهة فإن أمكن كشفها بها فنعمت، وإن أصر يبين الحق على أي حال.
"فخرج علي مغضباً وهو يقول: لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معاً" غير -رضي الله تعالى عنه- وأنكر بلسانه، ثم فعل ما يدل على إنكاره ما سمع وما رأى، فأنكر بالفعل والقول، فتظافر عليه قوله وفعله -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، قال مالك: الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة أو قرن الحج والعمرة، لم يأخذ من شعره شيئاً، ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] حتى ينحر هدياً إن كان معه ويحل بمنى يوم النحر، متى؟ إذا فعل أمرين، نعم، إذا رمى الجمرة وحلق لكن ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً، هل نحر الهدي من أسباب التحلل عند أهل العلم؟ مع أنه جاء النص الصحيح، نص القرآن، النهي عن حلق الرأس حتى يبلغ الهدي محله، لكن هل بلوغ الهدي محله وقت حلوله، أو مكان حلوله؟ نعم؟ مكان حلوله، يعني لو أرسل الهدي إلى منىً قبل عرفة، بلغ المكان، يحلق؟ إيه إذاً الوقت نعم، ولذا قال: حتى ينحر هدياً إن كان معه، ويحل بمنىً يوم النحر، مكان الحلول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني الإلزام، يعني ليس بإلزام، على كل حال على أي حال كان إذا نهى عن أمر فيه نص نعم ينكر عليه، وهذه المسألة فيها نص، نقول: الخلاف في الفهم، أنا أوردت هذا ورددته أكثر من مرة، الخلاف في الفهم، الظرف الذي احتف بهذا الأمر ما هو؟ ما وقع في نفوسهم مما ورثوه من الجاهلية، وأن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، لما وصل إلى الميقات خيرهم بين الأنساك الثلاثة، ومنهم من أهل بعمرة، منهم من أهل بحج، ومنهم من أهل بحج وعمرة، نعم، وبقي في أنفسهم شيء إلى أن دخلوا مكة، وفي أنفسهم شيء، يعني مثل ما نظرنا السعي بين الصفا والمروة بقي بأنفسهم شيء لأنه كان يسعى بين صنمين، نعم؟ وتأنف النفس عموماً يعني
…
، مسألة الحكم هو النص، يعني سعى النبي عليه الصلاة والسلام بين الصفا والمروة، نعم، ونزل قوله -جل وعلا-:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة] فلا بد أن يرتفع ما في النفوس، لكن قد يبقى في النفس شيء، أنت الآن لو معك مصحف، مصحف كلام الله -جل وعلا-، وعندك كرتون جديد من المصنع، لكن داخله حفايض جدد، تجي تضع المصحف فوقه ما في نفسك شيء أنت؟ هذا جديد من المصنع، ما فيه شيء، لو حملته وأنت تصلي ما عليك شيء، صلاتك صحيحة طاهر، لكن يبقى من بعض الأمور في النفس شيء، لا سيما إذا اختلط بالعبادة ما يضادها، فهم كانوا يطوفون بين الصفا والمروة لصنمين، نعم، فبقي من أنفسهم شيء فسعى النبي عليه الصلاة والسلام بفعله، ونزل قول الله -جل وعلا-:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة] فاجتث ما في قلوبهم، وهنا خيرهم بين الأنساك ثم ما زال في أنفسهم شيء، حتى أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بأن يقلبوا إحرامهم إلى عمرة، أن يجعلوها عمرة، فاجتث ما في قلوبهم، لما اجتث ما في قلوبهم وانتهى هذا الأمر عاد الأمر إلى ما كان عليه من جواز الأنساك الثلاثة.
عثمان رضي الله عنه ربط الأمر نعم ربط الأمر بهذا الظرف فرأى أن هذه الظرف ارتفع، فالأمر المرتبط به ارتفع أيضاً، وغيره من أهل العلم منهم من قال: إن الأمر ثابت وقائم إلى قيام الساعة فأوجب التمتع، نعم، ومنهم من نظر إليه من زاوية وقال: إن هذا الظرف له أثر في الأمر، لكن لا يعني وجوب الأمر يصرفه من الوجوب إلى الاستحباب، ولا يعني أنه لا أثر له بالكلية فلا يجوز قلب الإحرام، وهذا رددناه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" سليمان بن يسار من الفقهاء السبعة من التابعين فالخبر مرسل "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقد تقدم موصولاً في أول الباب السابق.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، تابع تابع، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إيه.
أن المقداد، يحكي قصة لم يشهدها.
طالب: يكون ضعيفاً؟
وين؟ لا، لا هو معروف، معروف من طرق أخرى، معروف من طرق أخرى ما في إشكال.
هذا الخبر الذي يليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع خرج، هذا يحكي قصة أيضاً لم يشهدها، تابعي لم يشهد القصة فهي مرسلة، وهي ثابتة بالسند المتصل في الباب الذي قبله.
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع خرج إلى الحج، فمن أصحابه من أهل بحج، ومنهم من جمع الحج والعمرة، ومنهم من أهل بعمرة، فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلل" يعني حتى يوم النحر "وأما من كان أهل بعمرة فحلوا" الحل كله بعد أن أدوا جميع أعمالها وهذا تقدم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون: من أهل بعمرة ثم بدا له أن يهل بحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة" يعني أهل متمتعاً أو أهل بعمرة مفردة ثم أراد أن يدخل الحج على العمرة ليصير قارناً نعم، هذا إن كان له عذر، مثل حائض، كقصة عائشة، هذا لا إشكال فيه، وأما إذا أراد أن ينتقل من فاضل وهو التمتع إلى مفضول وهو القران فهذا فيه ما فيه عند بعض أهل العلم، ومالك يرى جوازه.
"ثم بدا له أن يهل بحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد صنع ذلك ابن عمر حين قال: إن صددت" يعني عام نزل الحجاج بمكة، وخشي أن يصد عن البيت "فقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني أهل بعمرة فقال: إن صددت صنعنا مثل ما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية، نعم، صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يرى في أول الأمر اجتهاده على أن هذا في عمرة كالحديبية "ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد" يعني الحج والعمرة واحد، إذا صددنا ننحر الهدي ولا عندنا إشكال، نحل، نعم "فقال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني أوجبت الحج مع العمرة" فصار قارناً، أدخل الحج على العمرة، أهل بعمرة ليصنع كما صنع النبي عليه الصلاة والسلام في الحديبية، ثم قال: إن أمرهما واحد، إذا صددنا عن البيت سواءً كان بحج أو عمرة نذبح ما كان معنا من هدي، ونحلق رؤوسنا، وننتهي كما صنع النبي عليه الصلاة والسلام في الحديبية، وما أمرهما إلا واحد، وبهذا يستدل عمر على جواز إدخال الحج على العمرة.
"قال مالك: وقد أهل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع بالعمرة، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة)) يعني يدخل الحج على العمرة، وهذا أفضل في حقه؛ لأنه ساق الهدي "((ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً)) " والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.