المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٧٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد:

‌باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن الصعب بن جثامة رضي الله عنه

تشديد جثَّامة.

أحسن الله إليك.

عن الصعب بن جثَّامة الليثي رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي، قال:((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)).

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن عامر بن ربيعة قال: "رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه: كلوا، فقالوا: أو لا تأكل أنت؟ فقال: إني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي".

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت له: "يا ابن أختي إنما هي عشر ليال فإن تخلج في نفسك شيء فدعه" تعني أكل لحم الصيد.

قال مالك رحمه الله في الرجل المحرم يصاد من أجله صيد فيصنع له ذلك الصيد فيأكل منه وهو يعلم أنه من أجله صيد فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله.

وسئل مالك عن الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم أيصيد الصيد فيأكله أم يأكل الميتة؟ فقال: بل يأكل الميتة، وذلك أن الله تبارك وتعالى لم يرخص للمحرم في أكل الصيد، ولا في أخذه في حال من الأحوال، وقد أرخص في الميتة على حال الضرورة".

قال مالك: وأما ما قتل المحرم أو ذبح من الصيد فلا يحل أكله لحلال ولا لمحرم؛ لأنه ليس بذكي كان خطأ أو عمداً فأكله لا يحل، وقد سمعت ذلك من غير واحد، والذي يقتل الصيد ثم يأكله إنما عليه كفارة واحدة مثل من قتله ولم يأكل منه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد" في الباب السابق ما يحل، وهو ما لم يصده أو يصد من أجله، والباب الثاني: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد وهو ما صاده بنفسه أو صيد من أجله.

ص: 22

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب -الإمام الجليل محمد بن مسلم الزهري- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود -الهذلي أحد الفقهاء السبعة من التابعين- عن عبد الله بن عباس -حبر الأمة وترجمان القرآن- عن الصعب بن جثامة -بن ربيعة الليثي- أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً" هذه الرواية تدل على أنه كامل، حمار كامل، وحشي، في بعض الروايات: لحم حمار، وهذا لا يدل على كماله، وهي في مسلم، وفي رواية: رجل حمار، وفي رواية: عجز حمار وحشي، ويطلق الكل ويراد به البعض والعكس، فلا اختلاف بين هذه الروايات "وهو بالأبواء" يقولون: جبل بينه وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً "أو بودان" موضع قرب الجحفة، فهما موضعان متقاربان "فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم" فتأثر؛ لأن رد الهدية لا شك أن فيه كسر لقلب المهدي، ولذا لما رد النبي عليه الصلاة والسلام الخميصة على أبي جهم، قال:((أتوني بأنبجانية أبي جهم)) أو أبي جهيم، نعم، لكي يعرف أنه إنما رده لأمر، لا لأنه رده لذات المهدي بدليل أنه طلب منه غيرها لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام هذا التأثر في وجهه قال تطييباً لقلبه:((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) يعني محرمون، ولأجل أننا محرمون رددناه عليك، وهذا محمول على أن الصعب صاده من أجله عليه الصلاة والسلام، ولذلك رده لكي يتم الجمع والتوفيق بين هذا وبين حديث أبي قتادة.

((إنا لم نردَه عليك)) ضبط نرده؟ المحدثون يضبطونه هكذا (لم نردَه) الدال مفتوحة، حرف مضعف، والأصل في (لم) أنها عاملة تجزم الفعل المضارع والمضعف لا يبين عليه مشدد، فالمحدثون ينطقونه هكذا لم نردَه، والنووي ينقل عن أهل اللغة قاطبة وهم يخطئون أهل الحديث في مثل هذا الموضع (لم نردُه عليك) لكن لو كان مضافاً إلى ضمير المؤنث فتح لم نردَها للمناسبة، المحدثون يقولون:(لم نردَه) وأهل اللغة يقولون: (لم نردُه) ما الذي يترتب على قول أهل اللغة؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 23

نعم إهمال العامل، الآن إذا الفعل أولاً لا يدخله الجر، لكن إذا ترتب على إهمال العامل سواءً كان اللفظي أو المعنوي إذا ترتب عليه ما يلغيه عن العمل يحرك، ويحرك بحركة لا تلتبس بتأثير العوامل الأخرى، وإذا كان .. ، إذا الفعل في موضع جزم ووليه ساكن يكسر {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] نعم لالتقاء الساكنين، يُرفع لالتقاء الساكنين، لو حرك بالضم بالرفع مثلاً لالتغى عمل العامل، صح وإلا لا؟ لو قيل: يرفعُ الله، التغى عمل العامل، والعامل لا يمكن إلغاؤه، فيحرك بحركة إذا لم تمكن حركته المناسبة له يحرك بحركة لا تؤدي إلى إلغائه، ولذلك حركوا المضارع المجزوم عند التقاء الساكنين بالكسرة، والأصل أن الكسر لا يدخل الأفعال، فإذا قرأ القارئ الفعل المضارع مكسور، وهو يعرف أن الفعل لا يدخله الكسر تبين أن هناك عامل أثر في هذا الفعل؛ لأنه لا يتعذر النطق فيه على إلغاء العامل، لا يتعذر، الرفع ما يتعذر، لكن إعمال العامل متعذر فيحرك بحركة تدل على أن الفعل انتقل من حركته الأصلية قبل دخول العامل إلى حركة فرعية، وحيث تعذر إعمال العامل بحركة مناسبة له يحرك بحركة تدل على أنه انتقل عن وضعه الأصلي مثل تحريك الفعل المضارع المجزوم بالكسر عند التقاء الساكنين.

ونأتي هنا إلى (نردُه) لو قلنا: (إنا لم نردُه) ترتب على ذلك إلغاء عمل العامل (لم)، وإذا قلنا:(لم نردَه) ولم يتقدمه ضمير نصب عرفنا أن العامل أثر فيه، لكن لما لم نتمكن من الحركة الأصلية حركناه بحركة تدل على أنه فعل منتقل، من فعل مجرد عن العوامل إلى فعل أثر فيه العامل، أيضاً المضارع لو أتينا بفعل الأمر منه والأمر يجزم .. ، أقول: يبنى، الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، فكيف نصوغ الأمر من (نردُه)؟ ردَه، هل يستطيع أن يقول: ردُه؟ نعم؟ بالضم؟ ما يمكن، إذاً هذا مثله، ونسبة النووي هذا إلى أهل اللغة لعل المراد به بعضهم.

طالب:. . . . . . . . .

ويش فيها ربيعة؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 24

المسألة معروفة عند أهل اللغة، (لم) حرف نفي وجزم وقلب، الجزم هنا متعذر لأن التضعيف أخفى الحرف الذي عليه الجزم، فشدد، نعم، فيحرك بالضم إذا حركناه بالضم على ما ادعاه النووي من أنه قول أهل اللغة إذا حركناه بالضم أدى ذلك إلى إلغاء العامل، ورده إلى الأصل، والعامل عامل، نعم، فيحرك بحركة تدل على أن الفعل منتقل عن وضعه الأصلي قبل دخول العوامل إلى ما أثر فيه العامل، لكن لما تعذر عمل العامل بالحركة المناسبة انتقل إلى غيرها كما في جر الفعل المجزوم عند التقاء الساكنين.

أما لغة ربيعة التي تذكر فهم لا ينونون "سمعت أنسَ بن مالك" هذه اللغة الربعية عندهم "سمعت أنسَ بن مالك" والأصل أن تقول: "سمعت أنساً بن مالك" فلا تأتي هنا، طيب عندنا {لَا تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [(233) سورة البقرة] لا تضارَّ نعم {لَا تُضَآرَّ وَالِدَةٌ} [(233) سورة البقرة]{وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [(282) سورة البقرة] كلها حركت بإيش؟ بالفتح، أصلها: تضارِر، أو تضارَر، فالفعل مشترك بين المسند إلى الفاعل والمسند إلى المفعول، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 25