المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في من أحصر بعدو: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٧٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في من أحصر بعدو:

هذه رواية، هذه رواية وفيها ما فيها، فيها أبو نجيح السندي معشر، مضعف لكن هي تسأل عن أبيها وحمله على الجد لا شك أنه خلاف الظاهر.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

على الرواية، هذا كله، هي في الحج هي تحج عن نفسها الآن، هي الآن عن نفسها تسأل، بعد المنصرف من مزدلفة السؤال، بين مزدلفة ومنى، أبوها إن كان الأب الأقرب الذي هو الذي هي من صلبه فهي تسأل عنه وهي في محج، وإن كان على ما قيل: إن أباها معها وترك لها السؤال تسأل النبي عليه الصلاة والسلام لكي تتعرض تعرض نفسها عليه كي يتزوجها، والمراد بالأب الجد، وإطلاق الأب على الجد مستفيض في النصوص كما جاء في بعض روايات هذا الحديث، المقصود أن المسألة واضحة يعني، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في من أحصر بعدو:

حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو فحال بينه وبين البيت فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس، وليس عليه قضاء.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدي، وحلقوا رءوسهم، وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت، وقبل أن يصل إليه الهدي، ثم لم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحداً من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئاً، ولا يعودوا لشيء.

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال حين خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة: "إن صددت عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم

صنعنا.

أحسن الله إليك.

"إن صددت عن البيت صنعنا .... "

كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أنا عندي سقط.

أحسن الله إليك.

إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهل بعمرة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بعمرة عام الحديبية، ثم إن عبد الله نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلا واحد، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة ثم نفذ حتى جاء البيت فطاف طوافاً واحداً، ورأى ذلك مجزئاً عنه وأهدى.

ص: 15

قال مالك رحمه الله: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأما من أحصر بغير عدو فإنه لا يحل دون البيت.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في من أحصر بعدو" الحصر والإحصار هو المنع عن المضي في ما دخل فيه من نسك ومنع إتمامه، يقال: حصره العدو وأحصره إذا حبسه ومنعه وصده حصره العدو والمرض أيضاً منعه، وعلى كل حال الأصل في الحصر المنع {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [(39) سورة آل عمران] أي ممنوعاً أو مانعاً نفسه، على الخلاف في هل هو ممتنع بنفسه عن النساء أو ممنوع عن النساء؟ المقصود أن الحصر هو المنع.

قال: "حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو" حبس وحصر بعدو حال بينه وبين البيت "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه" يعني ولو لم يشترط: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ولو لم يشترط إذا وجد ما يحول بينه وبين الباب فإنه يتحلل، وسبق أن ذكرنا فيمن أحصر بعد فساد حجه أنه يتحلل ولا يلزمه المضي في فاسده؛ لأنه محصور ممنوع "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس" يعني في أي موضع كان، داخل الحرم أو دونه قبل الحرم، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام في الحديبية فلا يلزمه أن يبعث بهديه إلى الحرم، ويبقى محرماً إلى أن يبلغ الهدي محله، إنما ينحر هديه ويحلق رأسه حيث حبس في المكان الذي حبس فيه "وليس عليه قضاء" لما أحصر عنه، عندنا الحصر والمنع بالعدو يترتب عليه أمور أشار إليها الإمام -رحمه الله تعالى-: النحر -نحر الهدي-، وحلق الرأس، والقضاء، الإمام يرى أنه ليس عليه قضاء.

ص: 16

بالنسبة لنحر الهدي النبي عليه الصلاة والسلام نحر هديه بالحديبية، لكن هل هذا على سبيل الوجوب واللزوم أو على سبيل الاستحباب؟ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] يعني فالواجب ما استيسر من الهدي، وبهذا قال الجمهور: إنه لا بد من الهدي، لكن من أهل العلم من يرى أنه يتحلل دون هدي، دليله؟ دليله أن الذين كانوا مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحديبية ألف وأربعمائة، وليس معهم إلا سبعين من الإبل، والسبعين دون الخمسمائة أربعمائة وتسعين، فيبقى تسعمائة أو يزيدون دون هدي، ولم يذكر أنهم أمروا أن يشتروا هدي ليذبحوه في هذا، هذه حجة من يرى أنه لا هدي على المحصر، لكن الآية صريحة {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] لفظ ما استيسر هل يوحي باللزوم أو يوحي بأن الأمر فيه شيء من السعة؟ الذي معه هدي يذبحه، والذي ليس معه هدي لا يلزم بشرائه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب، يعني هل نقدر، فإن أحصرتم فالواجب ما استيسر من الهدي؟ يعني كما قلنا: فعدة من أيام أخر، فالواجب عدة من أيام أخر، نعم هل نقول: هذا مثل هذا؟ أو نقول: إن لفظ استيسر دليل على اليسر وأنه لا يلزم الإنسان بما ليس معه إن تيسر الهدي يذبح وإن لم يتيسر لا يلزم؟

النبي عليه الصلاة والسلام نحر هديه، ومعهم سبعون من الإبل، وعدتهم ألف وأربعمائة، هل أمر أحد منهم أن يشتري هدي؟ ما حفظ، وينحر هديه، يعني إن كان معه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أقول: إذا قدرنا فالواجب ذبح ما استيسر من الهدي، قلنا: إن الهدي واجب، وبهذا يقول الجمهور، جمهور أهل العلم على أن الهدي واجب، هدي الإحصار، وإذا قلنا: إن الآية فيها ما يوحي بأن على التيسير إن وجد وإلا فلا يلزم به ولا يكلف، ويؤيد ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام ما أمر أحداً ممن معه أن يشتري هدياً يذبحه، وعلى كل حال الآية ما استيسر من الهدي، كأن الجمهور يقولون: فالواجب عليه ما استيسر، ما تيسر من أنواع ما يهدى، ما استيسر، إبل، بقر، غنم، فالتخيير بين الأنواع الثلاثة بين هذه الأنواع بين مفردات هذه الأنواع لا بين هذه الأنواع وعدمها.

ص: 17

"وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس" وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه أن يحلقوا رؤوسهم فترددوا، في أول الأمر رجاء أن يثبت لهم ما قصدوه من زيارة البيت، لكنه أصر النبي عليه الصلاة والسلام وقبل الصلح على أن يرجع هذا العام، ويحج من قابل، فدخل على بعض نسائه مغضباً؛ لأنه يأمر عليه الصلاة والسلام ولم يمتثلوا، ومعلوم أن الباعث لهم على ذلك إرادة الخير، ومع ذلك قالت أم المؤمنين: لو حلقت رأسك لحلقوا، صحيح إذا حلق النبي عليه الصلاة والسلام رأسه وأيسوا بادروا بالحلق، لكن قبل أن يحلق هم على رجاء أن يتم لهم ما أرادوا، فلما حلق النبي عليه الصلاة والسلام كادوا أن يقتتلوا على الأمواس؛ لأن الآن ما في مندوحة من قبول هذا التوجيه.

"ويحلق رأسه" في الموضع، في أي موضع حصر فيه، فلا يلزمه أن يبعث الهدي إلى الحرم، وأن يحلق رأسه في الحرم "وليس عليه قضاء" لما أحصر عنه، هذا رأي الإمام مالك، وهو أيضاً معروف عن الإمام أحمد وجمع من أهل العلم أنه ليس عليه قضاء، ويرى آخرون أن عليه القضاء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قضى هذه العمرة من قابل، لكن لم يثبت أن جميع من كانوا معه في العام الماضي أنهم قضوا في هذا العام، يعني هل كل من كان معه في الحديبية اعتمروا من العام القابل في عمرة القضاء؟ قالوا: إن الذين تخلفوا عنه كثير لم يقضوا، هذه حجة من يقول: إنه ليس عليه قضاء، ومن يقول بالقضاء يقول: إنه دخل في النسك فلزمه إتمامه، فلما صد عنه صار كمن أفسد حجه عليه القضاء، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذه والله أنا أقول: إذا أمكنه ولم يصعب عليه شراؤه بأن كانت قيمته. . . . . . . . . ويستطيع أن يقترض ولا يشق عليه، وإلا تكليفه بأن يستدين لا شك أن هذا خلاف ما استيسر؛ لأن لفظ ما استيسر يشمل المفاضلة بين الأنواع الثلاثة، كما أنه يشمل المفاضلة بينها وبين عدمها، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا العموم يشمله.

"وليس عليه قضاء" هذا قول الإمام مالك بدليل أن الذين كانوا معه في عمرة الحديبية أو في صلح الحديبية كثير منهم تخلف عن عمرة القضاء.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 18

نعم، بهذا لا، لكن {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] هذا من باب الإتمام اللزوم المضي فيه إن أمكن وإلا فبدله، يعني من هذا الباب.

طالب: حتى لو كانت عمرة؟

إذا دخل فيها صار حكمها حكم الواجب.

طالب:. . . . . . . . .

هدي هدي، إيه هذه السبعين هذه.

"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية" يعني لما صدهم المشركون "فنحروا الهدي وحلقوا رءوسهم وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت" يعني حلوا من كل شيء منعوا منه بسبب الدخول في النسك "قبل أن يطوفوا بالبيت" وهذا معلوم أنهم صدوا عن البيت، "وقبل أن يصل إليه الهدي" وإنما نحر هديه في مكانه عليه الصلاة والسلام "ثم لم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحداً من أصحابه" الملازمين له، المتقدمين في الصحبة "ولا ممن كان معه" من الخارجين للحديبية، والكل صحابة، لكن يحمل قوله:"من أصحابه" على من تقدم إسلامهم، ولازموا النبي عليه الصلاة والسلام، ولا ممن كان معه ممن خرج إلى الحديبية من متأخري الإسلام، كل هؤلاء لم يؤمروا "أن يقضوا شيئاً ولا أمرهم أن يعودوا لشيء" يفعلونه.

ص: 19

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال حين خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة" حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير بمكة، وحصل منه ما حصل، قال ابن عمر حين خرج إلى مكة حين أراد أن يخرج إلى مكة معتمراً في ذلك الظرف الذي نزل فهي الحجاج بابن الزبير لقتاله:"إن صددت عن البيت" قال ذلك جواباً لولديه سالم وعبيد الله اللذين نصحاه بأن لا يحج هذا العام، نصحاه أن لا يحج، المسألة فيها إشكال، وفيها احتمال فتنة، وفيها احتمال قتال أشاروا عليه من باب الشفقة على والدهم أن لا يحج هذه السنة، فقال:"إن صددت عن البيت -منعت عن البيت- صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية" صنعنا أي صنعت أنا ومن معي كما صنع النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الصد موجبه ما تقدم من التحلل حيث منعوا من دخول مكة عام الحديبية "فأهل -ابن عمر- بعمرة" لكي يطابق فعله فعل النبي صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام لما صد كان محرماً بعمرة، فأهل ابن عمر بعمرة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بعمرة عام الحديبية، سنة ست من الهجرة "ثم إن عبد الله بن عمر تأمل ونظر في أمره" وسأل نفسه ما الفرق بين الحج والعمرة؟ النبي عليه الصلاة والسلام تحلل من العمرة لما صد عنها، هل يكون هناك فرق بين أن يكون الصد عن عمرة أو عن حج؟ تأمل ابن عمر وراجع نفسه في هذا "ثم إن عبد الله نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلا واحد" الحج والعمرة حكمهما واحد فإذا صددت تحللت، سواءً كان ذلك حج أو عمرة، قال هذا في نفسه، زور هذا في نفسه "ثم التفت إلى أصحابه" فأخبرهم بما استقر عليه اجتهاده "فقال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة" قد قال ذلك ليقتدى به وإلا فالنية في مثل هذا تكفي، أن يلبي بهما جميعاً، من دون أن يشهد الناس على ما أراد، لكن من أجل أن يقتدوا به "ثم نفذ -يعني مضى- حتى جاء البيت فطاف طوافاً واحداً" هو أوجب الحج مع العمرة يعني إيش؟ أحرم بماذا؟

طالب: بالقران.

ص: 20

بالقران، أوجب الحج مع العمرة فصار قارناً "حتى إذا جاء البيت فطاف طوافاً واحداً" والقارن كما تقدم لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد كالمفرد "ورأى ذلك مجزيا عنه" يعني يكفي الطواف الواحد والسعي الواحد "وأهدى" هدي القران، وهذا رأي الجمهور أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد كالمفرد، والحنفية يرون أن القارن كالمتمتع يلزمه طوفان وسعيان كالمتمتع سواء.

طالب:. . . . . . . . .

هو طواف الركن، أما طواف القدوم فليس بلازم، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كأنه لم يطف للقدوم، حتى إذا جاء البيت يحتمل أنه بعد نزوله من عرفة، وهذا هو الركن، وهذا كونه طاف طوافاً واحداً مما يلزمه، ولا ينفي هذا أن يكون طاف للقدوم، أو أن يكون تطوع بالطواف، لكن الطواف الواحد هذا مما يلزمه "ورأى ذلك مجزياً عنه" يعني ما طاف طواف بنية عمرة مستقلة كالمتمتع، ولو كان قد طاف للقدوم لا يرد على هذا التعبير؛ لأنه إنما طاف طوافاً يعني مما يجب عليه، والحنفية يرون أن القارن كالمتمتع يلزمه طوافان وسعيان، فعندنا رأي الجمهور أن القارن مثل المفرد يلزمه طواف واحد، وسعي واحد، ولا فرق في الصورة بين الإفراد والقران.

الحنفية يرون أن القارن مثل المتمتع يطوف طوافين ويسعى سعيين، وشيخ الإسلام رحمه الله يرى أن المتمتع يلزمه طوافين وسعي واحد، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فطافوا بين الصفا والمروة طوافاً واحداً، شيخ الإسلام جمعوا بين الحج والعمرة يرى أنه يشمل التمتع، والجمهور يحملونه على القران.

"قال مالك: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو -يفعل- كما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه" فيفعل كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام من التحلل ونحر الهدي ولا قضاء؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ولم يذكر قضاء، ولا ألزم كل من معه في الحديبية بالقضاء "فأما من أحصر بغير عدو -كمرض- فإنه لا يحل دون البيت".

ص: 21

يعني رأي الإمام مالك في التفريق فيمن كان حصره بسبب العدو أو بسبب المرض ظاهر، يقول: فأما من أحصر بغير عدو، يعني كالمرض، أو ذهاب نفقة، أو موت دابة تحمله إلى المشاعر ولا يستطيع أن ينتقل هذا أحصر، ولكنه بغير عدو كالمرض مثلاً فإنه لا يحل دون البيت، لا بد أن يصل إلى البيت، طيب مريض ما يستطيع يمرض، وإذا عوفي يذهب إلى البيت ويتحلل بعمرة إذا كان الحج قد فاته "فإنه لا يحل دون البيت" وبهذا قال الشافعي وأحمد وإسحاق وجماعة خلافاً لأبي حنيفة ككثير من الصحابة في أنه عام في كل حابس من عدو ومرض وغيرهما.

يعني النص بالعدو، لكن الحصر بالمرض محلق به بجامع المنع من الوصول إلى البيت في العدو في حال حصر العدو، وفي حال حصر المرض، هم يفرقون بين الحصر والإحصار والمتعدي واللازم في كلام طويل يعني، ولذلك الإمام رحمه الله ترجم بعد هذا بقوله:"باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو" على كل حال هذا رأي الإمام مالك، وبه يقول الإمام الشافعي، وهو رواية عن أحمد.

يقول في المقنع مع حاشيته: "ومن أحرم فحصره عدو ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هدياً في موضعه وحل، فإن لم يجد هدياً صام عشرة أيام ثم حل، وفي وجوب القضاء على المحصر روايتان، ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن له التحلل، فإن فاته الحج تحلل بعمرة؛ لأن الحصر بالمرض وذهاب النفقة لا يمنعه من أن يصل إلى البيت، يعني غاية ما هنالك أنه يدخل المستشفى فإذا عوفي وصل إلى البيت لم يكن له التحلل فإن فاته الحج تحلل بعمرة، ويحتمل أنه يجوز له التحلل كمن حصره العدو بجامع المنع في كل منهما، وأن الحصر بالمرض إن لم يكن أشد من الحصر بالعدو فليس دونه.

ص: 22

ومن شرط في إحرامه: أن محلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك، ولا شيء عليه، يتحلل، فلا يلزمه هدي، ولا يلزمه حلق رأس، ولا يلزمه قضاء، المقصود أنه إذا كان قد اشترط ينفعه ذلك، والاشتراط جاء في حديث ضباعة بنت الزبير أنها قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال:((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) فالاشتراط ينفع مطلقاً كما يقول بعض العلماء، للإنسان أن يشترط ويتحلل متى حصل له ما يمنع من الحج، حتى أنهم قالوا: إن الحائض لها أن تشترط إذا خشيت أن تحبس الرفقة أن تتحلل وينفعها ذلك، ومنهم من يرى أن الاشتراط خاص بضباعة بنت الزبير، ومنهم من يقول كشيخ الإسلام ابن تيمية: إن الاشتراط ينفع من حاله كحال ضباعة ممن وجدت آثار أو مقدمات المرض، وأنه لا ينفع مطلقاً؛ لأن فيه نقضاً لما أبرمه من الدخول في النسك.

وعلى كل حال النص صحيح صريح ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) لكن التوسع في الاشتراط بأن يشترط كل من أراد النسك يشترط؟ كان هذا معروف بين الناس متداول بينهم، كل من دخل في الإحرام قال: فإن حبسني حابس فحملي حيث تحبسني، ويوجد من يشترط في غير الحج، يعني وجد من العامة من يسمع مثل هذا الكلام ويصطحبه –ويستصحبه- حتى في الصيام مثلاً، ويقول: اللهم إني أريد الصوم فإن حبسني حابس .. ، هذا سمع من بعض العامة.

طالب: العشرة الأيام. . . . . . . . .

نعم؟

طالب: ثم يتحلل. . . . . . . . .

أيوه؟

طالب:. . . . . . . . .

ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة

أو قبل؟ ومن أحرم فحصره عدو ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هدياً في موضعه وحل، فإن لم يجد هدياً صام عشرة أيام، ثم حل

، أنه لا يحل حتى يصوم عشرة أيام، وهذه المسألة وحصر المرض وتأثيره والخلاف في المسألة؛ لأنه حيث ترجم الإمام -رحمه الله تعالى- في الباب الذي يليه، باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو، يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 23