المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌[المقدمة] إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ - الاستيعاب في بيان الأسباب - جـ ١

[سليم الهلالي - محمد موسى آل نصر]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

[المقدمة]

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضلّ له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد: فإن معرفة أسباب نزول آي القرآن من أجلِّ علومه وأشرف مقاصدها؛ لأنه يعين على فهم معناها، ولهذا فقد أشكلت آيات على بعض الصحابة فمن دونهم حتى استبان لهم سبب نزولها؛ كقوله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فقد وضّح لهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه سبب نزولها؛ فعرفوا تفسيرها؛ فاستبان لهم معناها.

قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب"

(1)

.

ولا يعني هذا: أن يلتمس الإنسان لكل آية سبباً؛ فإن القرآن لم يكن نزوله وقفاً على الحوادث والوقائع أو على السؤال والاستفسار، بل كان القرآن يتنزل ابتداءً بعقائد الإيمان، وواجبات الإسلام، وشرائع الله -تعالى- في حياة الفرد وحياة الجماعة. قال الجعبري رحمه الله:"نزل القرآن على قسمين: قسم نزل ابتداء، وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال"

(2)

.

(1)

"مجموع الفتاوى"(13/ 339).

(2)

"الإتقان في علوم القرآن"، للسيوطي (1/ 28).

ص: 5

ولذا؛ فإن سبب النزول هو: ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه كحادثة أو سؤال.

قال السيوطي: "والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه؛ ليخرج ما ذكره الواحدي في "تفسيره" في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة؛ فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية؛ كذكر قصة قوم نوح، وعاد، وثمود، وبناء البيت، ونحو ذلك، وكذلك ذكره في قوله: {وَاتَّخَذَ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] سبب اتخاذه خليلاً، فليس ذلك من أسباب نزول القرآن؛ كما لا يخفى"

(1)

.

•‌

‌ ما يعتمد عليه في معرفة سبب النزول:

"والعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة، فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا إذا كان صريحاً لا يكون بالرأي، بل يكون له حكم المرفوع؛ كما نبّه على ذلك الحاكم وابن الصلاح وغيرهما من أئمة الحديث رحمهم الله"

(2)

.

قال السيوطي: "قد تقرر في علوم الحديث: أن سبب النزول حكمه حكم الحديث المرفوع؛ لا يقبل منه إلا الصحيح المتصل المسند، لا ضعيف ولا مقطوع"

(3)

.

وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم يتورعون أن يقولوا في القرآن أو تفسيره أو أسباب نزوله دون علم أو تثبت خوفاً من الوقوع في وعيد قول

(1)

المصدر السابق (1/ 31).

(2)

"مباحث في علوم القرآن"، مناع القطان (ص 76)، وانظر:"المدخل لدارسة القرآن الكريم"، محمد أبو شهبة (ص 134).

(3)

"المقامة السندسية"(ص 7)، وانظر -لزاماً-:"التحبير في علم التفسير"(ص 86).

ص: 6

الرسول صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليّ متعمّدًا؛ فليتبوأ مقعده من النار"

(1)

.

قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن؛ فقال:

"اتق الله، وقل سداداً، ذهب الذين يعلمون فيمَ أنزل القرآن".

قال الواحدي رحمه الله: "لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطلب"

(2)

.

•‌

‌ فوائد معرفة أسباب النزول

(3)

:

1 -

معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.

2 -

تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.

3 -

أن اللفظ قد يكون عاماً، ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته، فإن دخول صورة السبب قطعي، وإخراجها بالاجتهاد ممنوع.

4 -

الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال.

5 -

دفع توهم الحصر.

6 -

معرفة اسم من نزلت فيه الآية، وتعيين المبهم فيها.

7 -

تثبيت الوحي وتيسير الحفظ والفهم، وتأكيد الحكم في ذهن من يسمع الآية إذا عرف سببها.

• ومن أمثلة معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.

وفي ذلك فائدة للمؤمن وغير المؤمن:

(1)

حديث متواتر.

(2)

"أسباب نزول القرآن"(ص 5).

(3)

انظر: "الإتقان"، السيوطي (1/ 29)، و"البرهان"، الزركشي (1/ 22 - 29)، و"مناهل العرفان"، الزرقاني (1/ 106، 107).

ص: 7

أما المؤمن: فيزداد إيماناً وبصيرة بحكمة الله في تشريعه؛ فيدعوه ذلك إلى شدة التمسك بها.

وأما غير المؤمن: فيعلم أن الشرع قام على رعاية المصلحة، وجلب المنفعة، ودفع المضرة، فيدعوه ذلك إن كان منصفاً إلى الدخول في الإسلام.

وذلك مثل ما إذا عرفنا سبب تحريم الخمر؛ عرفنا الحكمة في التحريم؛ إذ أنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتذهب العقل والوقار، وتضر بالصحة وتفني الأموال في غير طائل

(1)

.

• ومن أمثلة الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال:

أنه أشكل على عروة بن الزبير رضي الله عنهما أن يفهم فرضية السعي بين الصفا والمروة من قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، وذلك لأن الآية نفت (الجناح) ونفي (الجناح) لا يدل على الفرضية، حتى سأل خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن ذلك؛ فأفهمته أن نفي (الجناح) ليس نفياً للفرضية، وإنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين يومئذ من التحرج والتأثم من السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه من عمل الجاهلية وقد كان سبب هذا التحرج ما روي من أنه كان على الصفا صنم يقال له:

(إساف) وعلى المروة صنم يقال له: (نائلة)، وكان المشركون إذا سعوا تمسحوا بهما، فلما ظهر الإسلام، وكسرت الأصنام تحرج المسلمون أن يطوفوا بينهما لذلك؛ فنزلت الآية، لنفي هذا الحرج

(2)

.

(1)

"مدخل إلى دراسة القرآن"(ص 141).

(2)

"المرجع نفسه"(ص 136)، وانظر:"الإتقان"(1/ 84).

ص: 8

•‌

‌ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

إذا اتفق ما نزل مع السبب في العموم، أو اتفق معه في الخصوص، حمل العام على عمومه، والخاص على خصوصه.

ومثال الأول قوله -تعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة: 222].

عن أنس رضي الله عنه قال: "إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء إلا النكاح"

(1)

.

قال السيوطي: "اختلف أهل الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟

والأصح عندنا الأول، وقد نزلت آيات في أسباب، واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها؛ كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أمية، وحد القذف في رماة عائشة، ثم تعدى إلى غيرهم، ومن يعتبر عموم اللفظ قال: خرجت هذه الآيات ونحوها لدليل آخر، كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقاً لدليل قام على ذلك.

ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ، احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعاً ذائعاً بينهم.

قال ابن جرير

(2)

: حدثني محمد بن أبي معشر، أخبرنا -أبو معشر- نجيح قال: سمعت سعيد المقبري يذكر محمد بن كعب القرظي؛ فقال سعيد:

(1)

سيأتي تخريجه (ص 169).

(2)

"جامع البيان"(3/ 574 - طـ هجر).

ص: 9

إن في بعض كتب الله: "إن لله عباداً؛ ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرّ من الصِبِر، لبسوا لباس منسوك الضأن من اللين، يجترُّون الدنيا بالدين.

فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)} [البقرة: 204].

فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت؟

فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.

فإن قلت: فهذا ابن عباس لم يعتبر عموم: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} [آل عمران: 188]، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.

قلت: أجيب عن ذلك بأنه لا يخفى عليه أن اللفظ أعم من السبب؛ لكن بين أن المراد باللفظ خاص، ونظيره تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الظلم في قوله تعالى:{وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، بالشرك؛ من قوله:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] مع فهم الصحابة العموم في كل ظلم.

وقد ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم؛ فإنه قال به في آية السرقة مع أنها نزلت في امرأة سرقت.

عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] أخاص أم عام؟ قال: عام"

(1)

.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد يجيء كثيراً من هذا الباب قولهم: إن هذه الآية نزلت في كذا، لا سيما إن كان المذكور شخصاً، كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله، وإن قوله:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: 49] نزلت في بني قريظة والنضير. . .، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في

(1)

"الإتقان"(1/ 85، 86).

ص: 10

قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين.

فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم؛ فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنّة تختص بالشخص المعيّن، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص؛ فنعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، والآية التي لها سبب معيّن إن كانت أمراً ونهياً؛ فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبراً بمدح أو ذم؛ فهي متناوله لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته"

(1)

.

قلنا: وما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هو الراجح في هذه المسألة عند جمهور العلماء من الأصوليين والمفسرين.

•‌

‌ تعدد الأسباب والنازل واحد:

قال الزرقاني: "إذا جاءت روايتان في نازل واحد من القرآن وذكرت كل من الروايتين سبباً صريحاً غير ما تذكره الأخرى، نظر فيهما:

فإما أن تكون إحداهما صحيحة والأخرى غير صحيحة.

وإما أن تكون كلتاهما، ولا مرجح لأحدهما على الأخرى، ولكن يمكن الأخذ بهما معاً.

وإما أن تكون كلتاهما صحيحة ولا مُرجِّح ولا يمكن الأخذ بهما معًا.

فتلك صور أربع لكل منها حكم خاص نسوقه إليك:

أما‌

‌ الصورة الأولى:

وهي ما صحت فيه إحدى الروايتين دون

(1)

"مجموع الفتاوى"(13/ 338 - 339)، وعنه السيوطي في "الإتقان"(1/ 85 - 86).

ص: 11

الأخرى؛ فحكمها الاعتماد على الصحيحة في بيان السبب، وردُّ الأخرى غير الصحيحة.

أما‌

‌ الصورة الثانية:

وهي صحة الروايتين كلتيهما، ولإحداهما مرجح؛ فحكمها أن نأخذ في بيان السبب بالراجحة دون المرجوحة، والمرجح أن تكون إحداهما أصح من الأخرى، أو أن يكون راوي إحداهما مشاهداً للقصة دون راوي الأخرى.

وأما‌

‌ الصورة الثالثة:

وهي ما استوت فيه الروايتان في الصحة، ولا مرجح لإحداهما، لكن يمكن الجمع بينهما، بأن كلّاً من السببين حصل، ونزلت الآية عقب حصولهما معاً؛ لتقارب زمنيهما، فحكم هذه الصورة أن نحمل الأمر على تعدد السبب؛ لأنه الظاهر، ولا مانع يمنعه.

قال ابن حجر: "لا مانع من تعدد الأسباب".

وأما‌

‌ الصورة الرابعة:

وهي استواء الروايتين في الصحة دون مرجح لإحداهما ودون إمكان للأخذ بهما معاً لبعد الزمان بين الأسباب؛ فحكمها أن نحمل الأمر على تكرار نزول الآية بعدد أسباب النزول التي تحدثت عنها هاتان الروايتان أو تلك الروايات؛ لأنه إعمال لكل رواية ولا مانع منه.

قال الزركشي في "البرهان": "وقد ينزل الشيء تعظيماً لشأنه، وتذكيراً عند حدوث سببه خوف نسيانه"

(1)

.

•‌

‌ المؤلفات في أسباب النزول:

1 -

"تفصيل لأسباب النزول عن ميمون بن مهران"، المتوفى سنة (117 هـ).

2 -

"أسباب النزول"، علي بن المديني، المتوفى سنة (234 هـ).

3 -

"القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن"، عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس، المتوفى سنة (402 هـ).

(1)

"مناهل العرفان"(1/ 119، 120).

ص: 12

4 -

"أسباب النزول"، علي بن أحمد الواحدي، المتوفى سنة (468 هـ).

5 -

"أسباب النزول والقصص الفرقانية"، محمد بن أسعد العراقي الحكيمي، المتوفى سنة (567 هـ).

6 -

"عجائب النقول في أسباب النزول"، إبراهيم بن عمر الجعبري، المتوفى سنة (732 هـ).

7 -

"العجاب في بيان الأسباب"، ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة (852 هـ).

8 -

"لباب النقول في أسباب النزول"، جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة (911 هـ).

هذه المؤلفات عيون هذا الباب، وأوسعها كتاب أمير المؤمنين الحافظ ابن حجر العسقلاني:"العجاب في بيان الأسباب".

وهو على سعته وشموله لم يتمه رحمه الله، وسكت عن أحاديث كثيرة؛ فلم يُبَيّن عللها، وأدخل في الأسباب ما ليس منها.

ولذلك فقد استخرنا الله عز وجل في جمع مادة هذه المعلمة القرآنية الحديثة من بطون كتب التفسير المسندة والصحاح والسنن والمعاجم والأجزاء والمسانيد والفوائد والمشيخات وغيرها من كتب السنّة النبويّة المسندة.

ولما كانت فائدة هذا العلم لا تتم إلا بعد بيان الصحيح من الضعيف، عكفنا على ما جمعنا دراسةً وتحقيقاً وتخريجاً في ضوء قواعد علم الحديث والمصطلح التي حبّرها أئمتنا الأقدمين تحبيراً؛ فأتت هذه المعلمة شاملة كاملة -بإذن الله-

(1)

.

(1)

يتفيأ الدارسون للقرآن وعلومه ظلالها ويتنسم الباحثون في السنّة وعلومها أنفاسها ليجتمع في الجيل المعاصر حب القرآن الكريم والسنّة المطهرة؛ فعسى أن نكون جميعاً من أهل القرآن والسنّة؛ لنفهم ديننا كما فهمه السلف الصالح من الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار.

ص: 13

نرجو الله عز وجل أن يتقبّلها منّا بقبول حسن خدمة لكتابه ونصرة لسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونصحاً لأهل العلم وطلابه، وأن يدخر لنا ثواب ذلك ليوم لقائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وكتب

سليم بن عيد الهلالي السلفي - أبو أسامة

ومحمد بن موسى آل نصر - أبو أنس

ص: 14

‌سورة الفاتحة

• بيان سبب نزول {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وأنها للفصل بين السور.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم السورة؛ حتى ينزل عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أبو داود في "سننه"(1/ 209 رقم 788) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 42)، و"السنن الصغير"(1/ 152، 153 رقم 390)، و"شعب الإيمان"(5/ 271، 272 رقم 2125)، وابن طاهر المقدسي في "مسألة التسمية"(ص 64)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 315 رقم 336) -، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 405، 406 رقم 1375)، والبزار في "مسنده"(3/ 40 رقم 2187 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 64 رقم 12544 - 12546)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 10)، و"الوسيط"(1/ 61، 62)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 231، 2/ 611) -وعنه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 514 رقم 706)، و"شعب الإيمان"(5/ 272 رقم 2126، 2127) -، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 316، 317 رقم 337 - 339)، وغيرهم من طرق عن عمرو بن دينار وسالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس به.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وقال الذهبي: "أما هذا؛ فثابت".

وأخرجه الحاكم (2/ 611) من طريق مثنى عن عمرو بن دينار به.

وقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". =

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وتعقبه الذهبي بقوله: "مثنى؛ قال النسائي: متروك".

قلنا: لكنه لم ينفرد؛ فقد توبع.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 109، 6/ 310): "اقتصر أبو داود منه على قوله: "لا يعرف خاتمة السورة حتى تنزل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، رواه البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح".

قلنا: وقد فاته رحمه الله أنه عند الطبراني؛ فليستدرك؛ فإنه على شرطه.

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 17): "وفي "سنن أبي داود" بإسناد صحيح عن ابن عباس (وذكره) ".

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "العجاب"(1/ 224): "وهذا رواته ثقات ".

وقال في "فتح الباري"(9/ 42): "أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم".

وقال شيخنا الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود"(707): "صحيح".

قلنا: وهو كما قالوا.

ورواه الحميدي في "مسنده"(1/ 242 رقم 528)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 407 رقم 1376)، وأبو داود في "سننه"(رقم 788)، و"المراسيل"(90/ 36) -ومن طريقه ابن طاهر المقدسي في "مسألة التسمية"(ص 64) - وغيرهم من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير به مرسلاً.

قلنا: والوصل زيادة؛ فالحكم لها، وبخاصة أن الذي يرجح الوصل هو الكثرة، وهو كذلك في حديثنا.

قال أبو داود: "قد أسند هذا، وهذا أصح".

وكلامه متعقب بأن جمع من الثقات رووه عن عمرو بن دينار موصولاً، أضف إلى هذا: أن عمراً لم يتفرد بالوصل بل تابعه سالم الأفطس؛ فالحكم للوصل.

وللحديث شاهدان:

1 -

حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 10)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 474 رقم 2129).

2 -

حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 11).

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 224، 225): "وأورد الواحدي له شاهدين بسندين ضعيفين".

قلنا: وهو كمال قال، وفي الصحيح غنية عن غيره.

ص: 16

‌سورة البقرة

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)} .

• قال الضحاك: نزلت في أبي جهل، وخمسة من أهل بيته.

• وقال الكلبي: يعني: اليهود

(1)

.

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 13 معلقاً).

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 229 - 232):

"ونقله شيخ شيوخنا أبو حيان عن الضحاك، ثم قال: "وقيل: نزلت في أهل القليب؛ قليب بدر، منهم: أبو جهل، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، والوليد بن المغيرة".

كذا حكاه أبو حيان ولم ينسبه لقائل، وأقره، وفيه خطأ؛ لأن الوليد بن المغيرة مات بمكة قبل الهجرة، وعقبة بن أبي معيط إنما قتل بعد رحيل المسلمين من بدر راجعين إلى المدينة؛ قتل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصفراء، باتفاق أهل العلم بالمغازي.

وقال أبو العالية: نزلت في قادة الأحزاب، وهم الذين قال الله -تعالى- فيهم:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)} [إبراهيم: 28].

وقال غيره: أنزلت في مشركي العرب من قريش وغيرهم.

ويوافق قول الكلبي ما أورده ابن إسحاق عن ابن عباس، قال:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} بما أنزل إليك، وإن قالوا: إنا قد آمنا بما جاءنا من قبلك {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} ؛ لأنهم كفروا بما جاءك، وبما عندهم من ذكرك، مما جاءهم به غيرك فكيف يسمعون منك إنذاراً وتحذيراً وقد كفروا بما عندهم من علمك؟

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص أن يؤمن =

ص: 17

{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم؛ فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله بن أُبَيّ: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم؟ فأخذ بيد أبي بكر الصديق؛ فقال: مرحباً بالصديق سيد بني تيم، وشيخ الإسلام، وثاني رسول الله في الغار، والباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد عمر؛ فقال: مرحباً بسيد بني عدي بن كعب، الفاروق، القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد علي؛ فقال: مرحباً بابن عم رسول الله، وختنه وسيد بني هاشم ما خلا رسول الله، ثم افترقوا، فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم؛ فافعلوا كما فعلت؛ فأثنوا عليه خيراً، فرجع المسلمون

= جميع الناس، ويتابعوه على الهدى؛ فأخبره الله -تعالى-: أنه لا يؤمن إلا من سبقت له "السعادة". اهـ.

وحاصله: أنها خاصة بمن قدّر الله -تعالى- أنه لا يؤمن". اهـ. كلام الحافظ.

قلنا: ما ذهب إليه الحافظ رحمه الله هو الصواب للوجوه الآتية:

1 -

لم يثبت في تعيين المراد فيمن نزلت هذه الآية شيء، ولذلك؛ فالتعيين تحكم.

2 -

أن سياق الآيات يدل على عموم من كفر.

3 -

وهذا ما رجحه المحققون من أهل العلم.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 48): "والمعنى الذي ذكرناه أولاً، وهو المروي عن ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة أظهر، ويفسر ببقية الآيات التي في معناها، والله أعلم".

وقال ابن عطية في "المحرر الوجيز"(1/ 106): "والقول الأول مما حكيناه هو المعتمد، وكل من عين أحداً فإنما مثل بمن كشف الغيب بموته على الكفر أنه في ضمن الآية".

ص: 18

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه بذلك؛ فأنزل الله هذه الآية

(1)

. [موضوع]

{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19). . .} .

• عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} إلى {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} : أما الصيب والمطر؛ فكان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله، فيه رعد شديد وصواعق وبرق، فجعلا كلما أضاء لهما الصواعق؛ جعلا أصابعهما في آذانهما؛

(1)

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 236): "أسند الواحدي من طريق محمد بن مروان السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به".

قلنا: وهو في "أسباب النزول" له (ص 13) معلقاً.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 78) وزاد نسبته للثعلبي.

قلنا: وهذا حديث كذب موضوع، من دون عبد الله بن عباس رضي الله عنهما متهمون بالكذب.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "العجاب"(1/ 237): "قلت: الكلبي والراوي عنه تقدم وصف حالهما، وآثار الوضع لائحة على هذا الكلام، وسورة البقرة نزلت في أوائل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ كما ذكره ابن إسحاق وغيره، وعلي إنما تزوج فاطمة رضي الله عنهما في السنة الثانية من الهجرة". اهـ.

قلنا: وقال الحافظ (1/ 209): "ومن روايات الضعفاء عن ابن عباس: "التفسير" المنسوب لأبي النضر محمد بن السائب الكلبي؛ فإنه يرويه عن أبي صالح؛ وهو مولى أم هانئ عن ابن عباس، والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض، فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب، ومع ضعف الكلبي؛ فقد روى عنه تفسيره مثله أو أشد ضعفاً وهو محمد بن مروان السدي الصغير، ورواه عن محمد بن مروان مثله أو أشد ضعفاً وهو صالح بن محمد الترمذي. . .". اهـ.

فاحفظ هذا؛ فهو من المهمات، وضنائن العلم الغاليات.

ص: 19

من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما؛ فتقتلهما، وإذا لمع البرق؛ مشوا في ضوئه، وإذا لم يلمع؛ لم يبصرا؛ قاما مكانهما لا يمشيان، فجعلا يقولان: ليتنا قد أصبحنا؛ فنأتي محمداً؛ فنضع أيدينا في يده، فأصبحا؛ فأتياه؛ فأسلما ووضعا أيديهما في يده، وحسن إسلامهما؛ فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلاً للمنافقين الذين بالمدينة، وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم؛ جعلوا أصابعهم في آذانهم؛ فرقاً من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل فيهم شيء أو يذكروا بشيء؛ فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما، وإذا {أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} ؛ فإذا كثرت أموالهم وولد لهم الغلمان وأصابوا غنيمة أو فتحاً؛ مشوا فيه، وقالوا: إن دين محمد صلى الله عليه وسلم دين صدق، فاستقاموا عليه، كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهم البرق؛ مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم، قاموا، فكانوا إذا هلكت أموالهم وولد لهم الجواري وأصابهم البلاء؛ قالوا: هذا من أجل دين محمد؛ فارتدوا كفاراً كما قام ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبراني في "جامع البيان"(1/ 119): ثني موسى بن هارون الحمال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن عبد الله بن عباس.

وعن مرة عن عبد الله بن مسعود.

وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلنا: السند الأول عن ابن عباس موصول؛ لكنه ضعيف؛ فيه أسباط بن نصر؛ ضعفه النسائي، والساجي، ويحيى بن معين في رواية، وأحمد، ووثقه يحيى بن معين في روايات أُخر، وكذا ابن حبان، ولخصه الحافظ ابن حجر بقوله في "التقريب"(1/ 53)"صدوق كثير الخطأ يغرب"، وهذا ميل منه لتضعيفه.

والثاني: كسابقه.

والثالث: يضاف لما سبق علَّة ثانية، وهي: الإعضال؛ فالعمدة على الإسنادين السابقين؛ لكنهما ضعيفان كما سبق بيانه، والله أعلم. =

ص: 20

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)} .

• عن عبد الله بين عباس رضي الله عنهما؛ قال: وذلك أن الله ذكر آلهة المشركين؛ فقال: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} [الحج: 73]، وذكر كيد الآلهة؛ فجعله كبيت العنكبوت، فقالوا: أرأيتم حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت، فيما أنزل من القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم؛ أي شيء يصنع بهذا؟ فأنزل الله هذه الآية

(1)

. [ضعيف جداً]

= وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 71 رقم 197 - البقرة) من هذا الوجه عن السدي فقط؛ أي: معضلاً.

وعلى كل حال؛ فسواء أكان الإعضال أصح أم الوصل؛ فكلاهما لا يثبت؛ لأن مدارهما على أسباط بن نصر.

ثم رأينا الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 211) بعدما ذكر روايات الضعفاء عن عبد الله بن عباس ذكر منها:

"ومنهم إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وهو كوفي صدوق؛ لكنه جمع التفسير من طرق منها: عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس، وعن مرة بن شراحيل وهو ثقة عن ابن مسعود أو عن ناس من الصحابة وغيرهم، وخلط روايات الجميع فلم تتميز رواية الثقة من الضعيف، ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك، وربما التبس بالسدي الصغير الذي تقدم ذكره". اهـ.

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 14) من طريق الطبراني ثنا بكر بن سهل ثنا عبد العزيز بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عنه به.

قلنا: وهذا سند واهٍ بمرة؛ فيه علتان:

الأولى: موسى بن عبد الرحمن الثقفي؛ واهٍ، بل اتهمه ابن حبان.

الثانية: عبد الغني بن سعيد الثقفي؛ ضعيف؛ كما قال الحافظ ابن حجر وغيره.

وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(1/ 246): "الروايتان واهيتان، وتقدم =

ص: 21

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما ضرب الله -سبحانه- هذين المثلين للمنافقين؛ يعني: قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: 17] وقوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19]؛ قالوا: الله أجلّ وأعلى من أن يضرب الأمثال؛ فأنزل الله هذه الآية

(1)

. [موضوع]

• عن قتادة؛ قال: لما ذكر الله تبارك وتعالى العنكبوت والذباب؛ قال المشركون: ما بال العنكبوت والذباب يذكران؟ فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)}

(2)

. [ضعيف]

= التنبيه على وهاء الكلبي وعبد الغني الثقفي".

وقال في (1/ 220): "ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين، يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس، وقد نسب ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث، رواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي؛ وهو ضعيف".

ولا يعل بابن جريج، وهو مدلس، وقد عنعن؛ لأن روايته عن عطاء على وجه الخصوص محمولة على السماع والاتصال، والله أعلم.

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 13، 14) معلقاً حيث قال: "قال ابن عباس في رواية أبي صالح (ذكره) ".

قلنا: وقد بيَّنا كلام الحافظ على هذه الرواية.

واعلم -علمك الله-: أن الرواية التي فيها الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس هي كذب موضوعة؛ لأنهما متهمان بالكذب.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "التفسير"(1/ 1/ 41) -ومن طريقه ابن أبي حاتم (1/ 93 رقم 274 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 138) -: ثنا معمر عن قتادة به.

قلنا: ورجال إسناده ثقات؛ لكنه مرسل.

وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 138) من طريق يزيد بن زريع عن =

ص: 22

• وعن الحسن وإسماعيل بن أبي خالد مثل قول قتادة

(1)

.

• عن السدي؛ قال: فلما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين؛ قال المنافقون: الله أعلى وأجلّ من أن يضرب هذه الأمثال؛ فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)} .

• عن ابن عباس: نزلت في قريظة، وكانوا أول من كفر من اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم وتبعهم يهود فدك وخيبر"

(3)

.

{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)} .

= سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "قال أهل الضلال. . .".

قلنا: ورجال إسناده ثقات؛ لكنه مرسل.

وأورده السيوطي رحمه الله في "الدر المنثور"(1/ 103)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(1)

ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 93 رقم 274 - البقرة).

ونسبه الحافظ رحمه الله في "العجاب"(1/ 246) لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم (1/ 93 رقم 273 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 137، 138) من طريق عمرو بن حماد القناد عن أسباط عن السدي به.

قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: ضعف أسباط بن نصر.

وأخرجه ابن جرير من طريق السدي أبي مالك -وهو ثقة- وأبي صالح -وهو كذاب- عن عبد الله بن عباس.

وعن مرة عن عبد الله بن مسعود عن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فإن راويه عن السدي هو أسباط بن نصر، وهو ضعيف.

(3)

ذكره الحافظ في "العجاب"(1/ 251)، ونسبه للكلبي في "تفسيره".

قلنا: وهذا حديث كذب؛ لأن الكلبي كذاب.

ص: 23

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في يهود المدينة، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين: اثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به، وهذا الرجل؛ يعنون: محمداً صلى الله عليه وسلم؛ فإن أمره حق، وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه

(1)

. [موضوع]

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} .

• عن سلمان رضي الله عنه؛ قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل دين كنت معهم، فذكرت من صلاتهم وعبادتهم؛ فنزلت:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى. . .}

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد: لما قص سلمان على النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب

(1)

ذكره الواحدي -معلقاً- في "أسباب النزول"(ص 14): "قال ابن عباس في رواية الكلبي عن أبي صالح (وذكره) ".

قلنا: وهو حديث كذب؛ لأنّ الكلبي وشيخه كذَّابان.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 156) وقال: "وأخرجه الثعلبي والواحدي عن عبد الله بن عباس".

قلنا: الواحدي ذكره معلقاً.

وسكت عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 252).

(2)

أخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 179) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 198 رقم 638 - البقرة) -: ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين مجاهد وسلمان؛ فهو لم يسمع منه؛ كما في "جامع التحصيل"(ص 336، 337)، وقال الحافظ في "العجاب" (1/ 256):"وأخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد"، ولم ينبه على الانقطاع.

ص: 24

الدير؛ قال: "هم في النار"، قال سلمان: فأظلمت عليّ الأرض؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} إلى قوله: {يَحْزَنُونَ} قال: فكأنما كشف عني جبل

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي، فبينا هو يحدث النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ ذكر أصحابه؛ فأخبره خبرهم فقال: كانوا يصومون، ويصلون، ويؤمنون بك، ويشهدون أنك ستبعث نبياً، فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم؛ قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم:"يا سلمان! هم من أهل النار"؛ فاشتد ذلك على سلمان؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}

(2)

. [ضعيف جدًا]

(1)

أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 255) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 14) - من طريق يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عنعنة ابن جريج.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "العجاب"(1/ 255): "أخرج الواحدي من تفسير أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان الحافظ الأصبهاني بسند له صحيح إلى ابن جريج".

قلنا: ولم يتكلم على العلتين اللتين ذكرناهما.

وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 256) من طريق الحسين بن داود: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد به.

وهذا سند ضعيف؛ سنيد؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"، وفيه تدليس ابن جريج، وأسقط من سنده عبد الله بن كثير، أضف إلى هذا أنه مرسل.

(2)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 256) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 15) -، وابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 198، 199 رقم 640 - البقرة)، وابن جرير الطبري في "جامع البيان" =

ص: 25

• عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود: الآية في أصحاب سلمان نزلت، وكان من أهل جند سابور، وكان من أشرافهم، وكان ابنُ الملك صديقاً له ومواخياً، وكانا يركبان إلى الصيد، فبينما هما في الصيد إذ رفع لهما بيتٌ من عباء، فأتياه، فإذا هما برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه، ويبكي، فسألاه: ما هذا؟ قال: الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما، فانزلا. فنزلا إليه، فقال: هذا كتاب جاء من عند الله أمر فيه بطاعته، ونهى عن معصيته، فيه: أن لا تزني ولا تسرق، ولا تأخذ أموال الناس بالباطل، فقصَّ عليهما ما فيه، وهو الإنجيل. فتابعاه فأسلما، وقال: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام. ولم يزل معهما يتعلّمان منه حتى كان عيد للملك فجعل طعاماً، ثم جمع الناس والأشراف، وأرسل إلى ابن الملك، فدعاه ليأكل. فأبى، وقال: إني عنك مشغول. فلما أكثر عليه، أخبر أنه لا يأكل من طعامهم. فقال له الملك: من أخبرك بهذا؟ فذكر له الراهبَ. فطلب الراهب وسأله، فقال: صدق ابنك. فقال: لولا أن الدم عظيم لقتلتُك. اخرج من أرضنا، فأجّله أجلاً. فقمنا نبكي عليه، فقال: إن كنتما صادقين، فأنا في بيْعة في المَوْصِل مع ستين رجلاً نعبد الله، فائتونا. فخرج، وبقي سلمان وابن الملك. فجعل سلمان يقول لابن الملك: انطلق بنا، وابن الملك يقول: نعم. فجعل يبيعُ متاعه يريد

= (1/ 254 - 256) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعفه النسائي وأحمد وأبو نعيم وابن معين والساجي.

قال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(1/ 256، 257): "وأخرج الواحدي -أيضاً- من تفسير إسحاق بن راهويه بسنده القوي إلى السدي".

قلنا: فيه نظر؛ كما تقدم.

ص: 26

الجهاز، وأبطأ، فخرج سلمان حتى أتاهم، فنزل على صاحبه وهو ربُّ البيعة.

فكان سلمان معه يجتهد في العبادة، فقال له الشيخ: إنك غلام حدث، وأنا خائف أن تفتر، فارفق بنفسك، قال: خل عني. ثم إن صاحب البيعة دعاه، فقال: تعلم أن هذه البيعة لي، ولو شئت أن أخرج هؤلاء، لفعلت، ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء، وأنا أريد أن أتحول إلى بيعة أهلها أهون عبادة، فإن شئت أن تقيم ها هنا، فأقم. فأقام بها يتعبد معهم، ثم إن شيخه أراد أن يأتي بيت المقدس، فدعا سلمان، وأعلمه، فانطلق معه، فمروا بمقعد على الطريق، فنادى: يا سيد الرهبان، ارحمني. فلم يكلمه حتى أتى ببيت المقدس، فقال لسلمان: اخرج فاطلب العلم، فإنه يحضر المسجد علماء أهل الأرض. فخرج سلمان يسمع منهم، فخرج يوماً حزيناً، فقال له الشيخ: مَا لَكَ؟ قال: أرى الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم. قال: أجل، لا تحزن فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعاً منه، وهذا زمانه، ولا أراني أُدركه، ولعلك تدركه. وهو يخرج في أرض العرب، فإن أدركته فآمِن به. قال: فأخبرني عن علامته. قال: مختوم في ظهره بخاتم النبوة، يأكل الهديّة، ولا يأكل الصدقة. ثم رجعا حتى بلغا مكان المقعد. فناداهما: يا سيد الرهبان، ارحمني يرحمك الله؛ فعطف إليه حماره، فأخذ بيده، ثم رفعه، فضرب به الأرض ودعا له، فقال: قم بإذن الله، فقام صحيحاً يشتد، وسار الرهبان، فتغيب عن سلمان وتطلّبه سلمان. فلقيه رجلان من كلب، فقال: هل رأيتما الراهب؟ فأناخ أحدهما راحلته وقال: نعم، راعي الصِّرمة هذا فانطلق به إلى المدينة. قال سلمان: فأصابني من الحزن شيء لم يصبني قط. فاشترته امرأة من جهينة، فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم، وكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد صلى الله عليه وسلم.

ص: 27

فبينما هو يرعى إذ أتاه صاحبه، فقال: أشعرت أنه قدم المدينة رجل يزعم أنه نبي؟

فقال: أقِم في الغنم حتى آتي، فهبط إلى المدينة، فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى خاتم النبوة، ثم انطلق فاشترى بدينار بنصفه شاة فشواها، وبنصفه خبزاً وأتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما هذا؟ " قال: صدقة، قال:"لا حاجة لي بها" أخرجها يأكلها المسلمون. ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزاً ولحماً، فأتى به، فقال: هذا هدية، فأكلا جميعًا.

وأخبره سلمان خبر أصحابه، فقال: كانوا يصومون ويُصلُّون، ويشهدون أنك ستبعث. فقال:"يا سلمان! هم من أهل النار"، فاشتد ذلك على سلمان. وقد كان قال: لو أدركوك صدّقوك واتّبعوك.

فأنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

(1)

. [ضعيف]

{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} ؛ أي: بصاحبكم رسول الله، ولكنه إليكم خاصة، وإذا خلا بعضهم إلى بعض؛ قالوا: لا تحدثوا العرب بهذا؛ فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم، فكان منهم؛ فأنزل الله:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} ؛ أي: تقرون بأنه نبي، وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم

(1)

أخرجه سمويه؛ كما في "سير أعلام النبلاء"(1/ 522)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 15) من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس.

وعن مرة عن ابن مسعود عن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلنا: هذا موصول؛ لكن في السند أسباط بن نصر، وهو ضعيف.

ص: 28

باتباعه، وهو يخبرهم أنه النبي صلى الله عليه وسلم الذي كنا ننتظر، ونجده في كتابنا؛ اجحدوه ولا تقروا لهم به، يقول الله:{أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة: أن امرأة من اليهود أصابت فاحشة؛ فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبتغون منه الحكم؛ رجاء الرخصة؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عالمهم وهو ابن صوريا، فقال له: احكم، قال: فجبوه.

قال عكرمة: التجبية: يحملونه على حمار، ويجعلون وجهه إلى ذنب الحمار، وذكر فيه كلاماً.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم. "أبحكم الله حكمت؟ [أو بما أنزل على موسى؟] "، قال: لا، ولكن نساءنا كن حساناً؛ فأسرع فيهن رجالنا؛ فغيرنا الحكم، وفيه أنزلت:{وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} .

قال عكرمة: إنهم غيروا الحكم منذ ستمائة سنة

(2)

. [ضعيف جدًا]

{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)} .

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 293) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه شيخ ابن إسحاق، وهو مجهول.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 237، 238 رقم 785 - البقرة): ثني محمد بن حماد الطهراني أنبأ حفص بن عمر العدني ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: حفص هذا متروك؛ كما قال الدارقطني وغيره.

الثانية: الإرسال.

وسكت عن هاتين العلتين الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه "العجاب"(1/ 270).

ص: 29

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ويهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً من النار من أيام الآخرة؛ فإنما هي سبعة أيام، ثم ينقطع العذاب؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: خاصم اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لن ندخل النار إلا أربعين ليلة، وسيخلفنا إليها قوم آخرون؛ يعنون: محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رؤوسهم: "بل أنتم فيها خالدون مخلدون لا يخلفكم إليها أحد"؛ فأنزل الله: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 185 - ابن هشام)، ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 247، 248 رقم 818 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 303)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 16)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 354، 355 رقم 380) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد -شيخ ابن إسحاق-، مجهول.

وتابعه سيف بن سليمان عن مجاهد عن عبد الله بن عباس به.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 79 رقم 11160): ثنا الحسن بن علي المعمري ثنا محمد بن حميد الرازي ثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن سيف به.

قلنا: وهذا سند ساقط؛ فيه علل:

الأولى: محمد بن حميد الرازي؛ متروك متهم.

الثانية: سلمة بن الفضل؛ صدوق كثير الخطأ.

الثالثة: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.

وما قبله أصح منه.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم (1/ 248 رقم 820 - البقرة)، وسنيد في "تفسيره"؛ كما =

ص: 30

• عن زيد بن أسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "أنشدكم بالله، وبالتوراة التي أنزلها الله على موسى يوم طور سيناء: مَنْ أهل النار الذين أنزلهم الله في التوراة؟ "، قالوا: إن ربهم غضب عليهم غضبة فنمكث في النار أربعين ليلة، ثم نخرج فتخلفوننا فيها؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذبتم، والله؛ لا نخلفكم فيها أبداً"؛ فنزل القرآن تصديقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيباً لهم: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} إلى قوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

(1)

. [ضعيف جداً]

{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ

= في "العجاب"(1/ 276) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 302، 303) - من طريق حفص بن عمر العدني وابن جريج كلاهما عن الحكم بن أبان عن عكرمة به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل، وحفص متروك؛ لكن تابعه ابن جريج، وصرح بالتحديث عند ابن جرير؛ فبقيت علة الإرسال.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 207) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(1/ 303): ثنا يونس بن عبد الأعلى نا ابن وهب؛ قال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ثني أبي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك، بل اتهمه بعضهم.

الثانية: الإرسال.

ص: 31

أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} إلى أهل الشرك؛ حتى تسفكوا دماءهم معهم، وتخرجوهم من ديارهم معهم، فقال: أنَّبهم الله من فعلهم، وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم، وافترض عليهم فيها فداء أسراهم؛ فكانوا فريقين: طائفة منهم من بني قينقاع حلفاء الخزرج والنضير، وقريظة حلفاء الأوس، فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب؛ خرجت بنو قينقاع مع الخزرج، وخرجت النضير وقريظة مع الأوس، يظاهر كل من الفريقين حلفاءه على إخوانه؛ حتى يتسافكوا دماءهم بينهم، وبأيديهم التوراة، يعرفون منها ما عليهم وما لهم، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان، لا يعرفون جنة ولا ناراً، ولا بعثاً ولا قيامة ولا كتاباً ولا حراماً ولا حلالاً، فإذا وضعت الحرب أوزارها؛ افتدوا أسراهم؛ تصديقاً لما في التوراة، وأخذاً به، بعضُهم من بعض؛ يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس، وتفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم، ويطلون ما أصابوا من الدماء وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لأهل الشرك عليهم. يقول الله -تعالى ذكره- حين أنبأهم بذلك:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ؛ أي: تفادونه بحكم التوراة وتقتلونه، وفي حكم التوراة أن لا يقتل ولا يخرج من داره ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عرض من عرض الدنيا؛ ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 187 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 263 رقم 861، 864، 865 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 314 - 315) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على محمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابت-؛ وهو مجهول، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 26):"لا يُعرف". =

ص: 32

• عن السدي؛ قال: نزلت هذه الآية في قيس بن خطيم {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ. . .} الآية

(1)

. [ضعيف]

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن يهوداً كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، فلما بعثه الله في العرب؛ كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه؛ فقال لهم معاذ بن جبل، وبشر بن البراء، وداود بن سلمة: يا معشر يهود! اتقوا الله، وأسلموا؛ فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد -ونحن أهل شرك-، وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم:{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)}

(2)

. [ضعيف]

= وقال الحافظ في "التقريب"(2/ 205): "مجهول، انفرد عنه ابن إسحاق"، ومع ذلك سكت عنه في "العجاب"(1/ 278).

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 263 رقم 866 - البقرة): ثنا علي بن الحسين ثنا حمدان بن الوليد البسري ثنا غندر ثنا شعبة عن السدي به.

وقلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه معضل.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 198، 199 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 276 رقم 911)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 325)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 44) -: ثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن فيه محمداً -شيخ ابن إسحاق- وهو مجهول. =

ص: 33

• عن سعيد بن جبير؛ أنه قال: نزلت في اليهود، عرفوا محمداً صلى الله عليه وسلم أنه نبي، وكفروا به

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أهل الكتاب يقول أحدهم لصاحبه: عش ألف سنة، كل ألف سنة؛ فنزلت

(2)

. [ضعيف]

= قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(4/ 26): "لا يعرف".

وقال الحافظ في "التقريب"(2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 217) وزاد نسبته لابن المنذر.

وأخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن جرير (1/ 325)، وأبو نعيم في "الدلائل"(ص 42 - 44)، والبيهقي في "الدلائل"(2/ 433 - 435) -وليس فيه ذكر سبب النزول، عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ منهم؛ قالوا: فينا والله وفيهم؛ يعني: في الأنصار، وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم نزلت هذه القصة؛ يعني:{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا} قالوا: كنا قد علوناهم دهراً في الجاهلية، ونحن أهل الشرك وهم أهل الكتاب؛ فكانوا يقولون: إن نبياً الآن مبعثه قد أظل زمانه يقتلكم قتل عاد وإرم، فلما بعث الله -تعالى ذكره- رسوله من قريش، واتبعناه؛ كفروا به، يقول الله -تعالى-:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} .

قلنا: وسنده حسن -إن شاء الله- وجهالة الأشياخ لا تضر؛ لكونهم صحابة وهم عدول، والله أعلم.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 218)، ونسبه لعبد بن حميد، وابن جرير.

قلنا: الذي في "تفسير الطبري"(1/ 326) تفسير وليس سبب نزول، ومع هذا؛ فسنده ضعيف جدًا؛ فيه علل:

الأولى: الحماني، وهو يحيى بن عبد الحميد؛ متهم.

الثانية: شريك القاضي؛ ضعيف.

(2)

أخرجه الفريابي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 288) -ومن طريقه =

ص: 34

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحاكم (2/ 263، 264) -: ثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف، قيس بن الربيع؛ صدوق، تغيّر لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه؛ فحدث به؛ كما في "التقريب".

وأخرجه ابن أبي شيبة (10/ 473 رقم 10029)، وابن أبي حاتم (1/ 287 رقم 953 - البقرة)، والحاكم (2/ 263) من طريق الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} ؛ قال: هو كقول الفارسي: زه هزار سال، يقول: عشرة آلاف سنة.

قال الحاكم: "وقد اتفق الشيخان على سند تفسير الصحابي، وهذا إسناد صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه"، وافقه الذهبي.

قلنا: وهو كما قالا.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 573/ 201)، وإسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 289) -ومن طريقه الحاكم (2/ 263)، وابن المنذر؛ كما في "العجاب"(1/ 289) -، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 340) جميعهم من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن سعيد عن عبد الله بن عباس به.

وهذا الحديث لم يسمعه الأعمش من سعيد بل بواسطة عنه، وتقدم ذكرهما.

والصواب: رواية الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد به.

وأخرجه ابن جرير (1/ 340) من طريق أبي حمزة السكري عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه الأعمش مدلس؛ وأحاديثه عن مجاهد بصيغة العنعنة إنما هي عن ليث بن أبي سليم وأبي يحيى القتات عن مجاهد وهما ضعيفان.

قال يعقوب بن شيبة في "مسنده": "ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة.

قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟.

قال: لا يثبت منها إلا ما قال: سمعت، هي نحو من عشرة، إنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات".

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه في أحاديث الأعمش عن مجاهد: "قال أبو بكر بن عياش عنه: حدثنيه ليث عن مجاهد". كذا في "تهذيب التهذيب"(4/ 225).

ص: 35

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم! نسألك عن أشياء؛ فإن أجبتنا فيها؛ اتبعناك، وصدقناك، وآمنا بك.

قال: فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل علي بنيه؛ إذ قالوا: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [يوسف: 66].

قالوا: أخبرنا عن علامة النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"تنام عيناه، ولا ينام قلبه".

قالوا: وأخبرنا كيف تؤنث المرأة، وكيف يذكر الرجل؟

قال: "يلتقي الماءان؛ فإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت، وإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت".

قالوا: صدقت.

قالوا: فأخبرنا عن الرعد ما هو؟

قال: "ملك من الملائكة موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب، حيث شاء الله".

قالوا: فما هذا الصوت الذي يسمع؟

قال: "زجره بالسحاب إذا زجره، حتى ينتهي إلى حيث أمر".

قالوا: صدقت.

قالوا: أخبرنا ما حرّم إسرائيل على نفسه؟

قال: "كان يسكن البدو، فاشتكى عرق النَّسا، فلم يجد شيئًا يلاومه إلا لحوم الإبل وألبانها؛ فلذلك حرمها".

قالوا: صدقت.

قالوا: أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة؛ فإنه ليس من نبي إلا يأتيه ملك من الملائكة، من عند ربه بالرسالة وبالوحي، فمن

ص: 36

صاحبك؛ فإنما بقيت هذه حتى نتابعك؟ قال: "هو جبريل".

قالوا: ذلك الذي ينزل بالحرب وبالقتل، ذاك عدونا من الملائكة، لو قلت: ميكائيل، الذي ينزل بالقطر، والرحمة؛ تابعناك؛ فأنزل الله -تعالى-:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أحمد (1/ 274) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 69 رقم 61) -، والبخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 114 رقم 1878 - مختصراً)، والترمذي (5/ 294 رقم 3117)، والنسائي في "عشرة النساء"(رقم 187)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 36 رقم 12429) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 67، 68 رقم 60) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 67، 68 رقم 186 و 288 رقم 958)، وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 305)، وابن أبي الدنيا في "الرعد والبرق"(123/ 108)، والحربي في "غريب الحديث"(2/ 688 - مختصراً)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 17)، وابن منده في "التوحيد"(1/ 168 رقم 48) من طريق عبد الله بن الوليد العجلي عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قال أبو نعيم: "غريب من حديث سعيد؛ تفرد به بكير".

قال الترمذي: "حديث حسن غريب".

وقال ابن منده: "هذا إسناد متصل، ورواته مشاهير ثقات".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 242): "رواه الترمذي باختصار، ورواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات".

وقال الشوكاني في "فتح القدير"(1/ 48): "في إسناده مقال".

وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(4/ 161/ 2483): "إسناده صحيح".

وصححه شيخنا العلامة الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(رقم 1872).

قلنا: مدار إسناده على بكير بن شهاب هذا؛ روى عنه اثنان، ووثقه ابن حبان (6/ 106)، وقال أبو حاتم الرازي؛ كما في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 404):"شيخ"، وقال الذهبي في "الميزان" (1/ 350):"عراقي صدوق"؛ فالسند حسن، والله أعلم. =

ص: 37

• عن الشعبي؛ قال: انطلق عمر إلى اليهود، فقال: إني أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى؛ هل تجدون محمداً في كتبكم؟

قالوا: نعم، قال: فما يمنعكم أن تتبعوه؟

قالوا: إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له من الملائكة كفلاً، وإن جبريل كفل محمد، وهو الذي يأتيه، وهو عدونا من الملائكة، وميكائيل سلمنا، لو كان ميكائيل هو الذي يأتيه؛ أسلمنا.

قال: فإني أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى؛ ما منزلتهما من رب العالمين؟

قالوا: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله.

فقال عمر: وإني أشهد ما ينزلان إلا بإذن الله، وما كان ميكائيل ليسالم عدو جبريل، وما كان جبريل ليسالم عدو ميكائيل، فبينما هو عندهم؛ إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا صاحبك يا ابن الخطاب! فقام إليه

= أما الحافظ؛ فقال في "التقريب"(1/ 107): "مقبول"؛ أي: حيث يتابع.

قلنا: وقد توبع؛ فأخرجه الطيالسي في "مسنده"(رقم 2731) -ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 266، 267) -، وأحمد في المسند (رقم 2471، 2514 - شاكر)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 134)، والطبري في "جامع البيان"(1/ 342)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 190 رقم 1312) بنحوه من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما به.

قلنا: سنده حسن في الشواهد.

وأخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه ابن جرير (1/ 342) -: ثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي عن شهر بن حوشب به مرسلاً.

قلنا: وهذا مرسل ضعيف؛ لحال شهر، وما تقدم أصح.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 221) وزاد نسبته للفريابي، وأبي نعيم في "الدلائل".

وبالجملة؛ فالحديث صحيح.

ص: 38

عمر؛ فأتاه، وقد أنزل الله عليه:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)} .

وفي لفظ: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة؛ فأعجب من موافقة القرآن التوراة، وموافقة التوراة القرآن.

فقالوا: يا عمر! ما أحد أحب إلينا منك.

قلت: ولِمَ؟ قالوا: لأنك تأتينا وتغشانا.

قلت: إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضاً، وموافقة التوراة القرآن وموافقة القرآن التوراة، فبينما أنا عندهم ذات يوم؛ إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ظهري، فقالوا: إن هذا صاحبك؛ فقم إليه، فالتفت إليه؛ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل خوخة في المدينة، فأقبلت عليهم فقلت: أنشدكم بالله وما أنزل عليكم من كتاب؛ أتعلمون أنه رسول الله؟

فقال سيدهم: قد نشدكم الله؛ فأخبروه.

فقال سيدهم: إنا نعلم أنه رسول الله!

قال: فقلت: فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تتبعوه.

قالوا: إن لنا عدواً من الملائكة وسلماً من الملائكة.

فقلت: من عدوكم، ومن سلمكم؟

قالوا: عدونا جبريل، وهو ملك الفظاظة والغلظة والإصار والتشديد.

قلت: ومن سلمكم؟

قالوا: ميكائيل وهو ملك الرأفة واللين والتيسير.

قلت: فإني أشهدكم؛ ما يحل لجبريل أَن يعادي سلم ميكائيل، وما

ص: 39

يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل، وإنهما جميعاً ومن معهما أعداء لمن عادوا وسلم لمن سالموا.

ثم قمت؛ فدخلت الخوخة التي دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلني فقال: "يا ابن الخطاب! ألا أقرؤك آيات نزلت عليَّ قبل؟ "، قلت: بلى. فقرأ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ} ، حتى بلغ:{وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} .

قلت: والذي بعثك بالحق؛ ما جئت إلا أخبرك بقول اليهود؛ فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر.

قال عمر: فلقد رأيتني أشد في دين الله من حجر

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 285 رقم 18389)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 290 رقم 966) -باللفظ الأول-، وابن جرير الطبري في "جامع البيان"(1/ 343 - 345)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 17، 18) -باللفظ الثاني- من طريق مجالد بن سعيد وداود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه منقطع بين الشعبي وعمر رضي الله عنه.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 136): "وهذان الإسنادان يدلان على أن الشعبي حدث به عن عمر، ولكن فيه انقطاع بينه وبين عمر؛ فإن الشعبي لم يدرك زمانه، والله أعلم".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 223): "صحيح الإسناد، ولكن الشعبي لم يدرك عمر".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته لإسحاق بن راهويه في "مسنده".

وسكت عنه الحافظ في "العجاب"(1/ 294).

وأخرجه ابن جرير (1/ 344) عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود، فلما أبصروه؛ رحبوا به، فقال لهم عمر: أما والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم؛ ولكن جئت لأسمع منكم، فسألهم وسألوه. فقالوا: من صاحب صاحبكم؟ =

ص: 40

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقال لهم: جبريل.

فقالوا: ذاك عدونا من أهل السماء، يطلع محمداً على سرنا، وإذا جاء جاء بالحرب والسَّنَة، ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل، وكان إذا جاء جاء بالخصب وبالسلم.

فقال لهم عمر: أفتعرفون جبريل وتنكرون محمداً؟ ففارقهم عمر عند ذلك، وتوجه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدثه حديثهم، فوجده قد أنزل عليه هذه الآية:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} .

قلنا: ورجال إسناده ثقات معروفون؛ لكنه منقطع بين قتادة وعمر.

وأخرجه -أيضاً- (1/ 344) عن السدي {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ؛ قال: كان لعمر بن الخطاب أرض بأعلى المدينة، فكان يأتيها، وكان ممره على طريق مدارس اليهود، وكان كلما دخل عليهم سمع منهم، وإنه دخل عليهم ذات يوم فقالوا: يا عمر! ما في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد أحبّ إلينا منك؛ إنهم يمرون بنا فيؤذوننا، وتمر بنا فلا تؤذينا، وإنا لنطمع فيك.

فقال لهم عمر: أي يمين فيكم أعظم؟

قالوا: الرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء.

فقال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء؛ أتجدون محمداً صلى الله عليه وسلم عندكم؟ فأسكتوا، فقال: تكلموا ما شأنكم؟ فوالله ما سألتكم وأنا شاك في شيء من ديني، فنظر بعضهم إلى بعض، فقام رجل منهم فقال: أخبروا الرجل، لتخبرنه أو لأخبرنه.

قالوا: نعم؛ إنا نجده مكتوباً عندنا، ولكن صاحبه في الملائكة الذي يأتيه بالوحي هو جبريل، وجبريل عدونا؛ وهو صاحب كل عذاب أو قتال أو خسف، ولو أنه كان وليه ميكائيل إذاً؛ لآمنا به؛ فإن ميكائيل صاحب كل رحمة وكل غيث.

فقال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء؛ أين مكان جبريل من الله؟

قالوا: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره.

قال عمر: فأشهدكم أن الذي هو عدو للذي عن يمينه عدو للذي هو عن يساره، =

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والذي هو عدو للذي عن يساره عدو للذي هو عن يمينه، وأنه من كان عدوهما؛ فإنه عدو لله.

ثم رجع عمر؛ ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد جبريل قد سبق بالوحي، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه، فقال عمر: والذي بعثك بالحق؛ لقد جئتك وما أريد إلا أن أخبرك.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فبين السدي وعمر رضي الله عنه مفاوز، وأسباط؛ صدوق كثير الخطأ ويغرب.

وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 291 رقم 967)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 348) من طريق أبي جعفر الرازي عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن يهودياً لقي عمر بن الخطاب فقال: إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا.

فقال عمر: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} .

قال: فنزلت على لسان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أبو جعفر الرازي هذا ضعيف سيّئ الحفظ.

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 296): "وهذا غريب، إن ثبت؛ فليضف إلى موافقات عمر، وقد جزم ابن عطية بأنه ضعيف، ولم يبين جهة ضعفه، وليس فيه إلا الإرسال".

قلنا: كذا قال الحافظ، وقد ضعفه ابن عطية في "المحرر الوجيز" (1/ 303) بقوله:"وهذا الخبر يضعف من جهة معناه"؛ فقد أعله من حيث متنه، وغاب عنه ضعف إسناده، وفات الحافظ العلة الثانية.

وأخرجه الطبري (1/ 345) بسند صحيح عن ابن أبي ليلى في قوله: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} قال: قالت اليهود للمسلمين: لو أن ميكائيل كان الذي ينزل عليكم؛ لتبعناكم؛ فإنه ينزل بالرحمة والغيث، وإن جبريل ينزل بالعذاب والنقمة، وهو لنا عدو.

قال: فنزلت هذه الآية: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} =

ص: 42

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن حبراً من أحبار اليهود من فدك يقال له: عبد الله بن صوريا حاجَّ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فسأله عن أشياء، فلما اتجهت الحجة عليه؛ قال: أي ملك يأتيك من السماء؟

قال: "جبريل، ولم يبعث الله نبياً إلا وهو وليه".

قال: ذاك عدونا من الملائكة، ولو كان ميكائيل؛ لآمنا بك؛ إن جبريل نزل بالعذاب، والقتال، والشدة، فإنه عادانا مراراً كثيرة، وكان أشد ذلك علينا: أن الله أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له: بختنصر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، فلما كان وقته؛ بعثنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بختنصر ليقتله، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوة، فأخذه صاحبنا ليقتله، فدفع عنه جبريل، وقال لصاحبنا: إن كان ربكم الذي أَذِنَ في إهلاككم؛ فلا تسلط عليه، وإن لم يكن هذا؛ فعلى أيِّ حق تقتله؟ فصدقه صاحبنا، ورجع إلينا، وكَبُر بختنصر، وقوي، وغزانا، وخرب بيت المقدس؛ فلهذا نتخذه عدواً؛ فأنزل الله هذه الآية

(1)

. [موضوع]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ في قوله: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} ؛ قال: وذلك أن اليهود قالت حين سألت محمداً صلى الله عليه وسلم عن أشياء كثيرة؛ فأخبرهم بها على ما هي عندهم إلا جبريل؛ فإن جبريل كان عند اليهود صاحب عذاب وسطوة، ولم يكن عندهم صاحب وحي؛ يعني:

= قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل، وسكت عنه الحافظ في "العجاب"(1/ 295).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 224) وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 18، 19) معلقاً دون إسناد.

قلنا: لعل الواحدي أخذه عن الثعلبي؛ فقد قال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 166): "وحكى الثعلبي عن ابن عباس"، وأورده.

وقال في "العجاب"(1/ 297): "يتعجب من جزمه بهذا عن ابن عباس مع ضعف طريقه؛ فإنه من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي، وقد قدمت أنه هالك".

ص: 43

تنزيل من الله على رسله، ولا صاحب رحمة، فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سألوه عنه: أن جبريل صاحب وحي الله، وصاحب نقمته، وصاحب رحمته، فقالوا: ليس بصاحب وحي ولا رحمة، هو لنا عدو؛ فأنزل الله عز وجل عذاباً لهم؛ قل يا محمد:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} يقول: فإن جبريل نزله، يقول: نزل القرآن بأمر الله يشد به فؤادك، ويربط به على قلبك؛ يعني: بوحينا الذي نزل به جبريل عليك من عند الله، وكذلك يُفعل بالمرسلين والأنبياء من قبلك

(1)

. [ضعيف]

• عن القاسم بن أبي بزة؛ قال: إن يهوداً سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ صاحبه الذي ينزل عليه بالوحي؟

فقال: "جبريل".

قالوا: فإنه لنا عدو؛ ولا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال؛ فنزل: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا}

(2)

. [ضعيف]

• عن رجل من قريش قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود، فقال:

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 345، 346)، وابن أبي حاتم (1/ 289 رقم 959) قالا: ثنا أبو كريب ثنا عثمان بن سعيد ثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الانقطاع بين الضحاك وابن عباس؛ فهو لم يسمع منه؛ كما قال شعبة وأبو زرعة والدارقطني وغيرهما؛ كما في "المراسيل"(ص 96)، و"سؤالات البرقاني"(236)، و"الجرح والتعديل"(4/ رقم 2024).

الثانية: بشر بن عمارة الخثعمي؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"(1/ 100).

والحديث سكت عنه الحافظ في "العجاب"(1/ 298).

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 343) من طريق ابن جريج: ثني ابن أبي بزة به.

قلنا: وسنده معضل.

ص: 44

"أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون به: هل تجدون به قد بشّر بي عيسى ابن مريم أن يأتيكم رسول اسمه أحمد؟ ".

فقالوا: اللهم وجدناك في كتابنا، ولكنّا كرهناك؛ لأنك تستحل الأموال، وتهريق الدماء؛ فأنزل:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 348): ثنا ابن حميد ثنا يحيى بن واضح ثنا عبيد الله العتكي عن رجل من قريش به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه أربع علل:

الأولى: ابن حميد متهم.

الثانية: الإرسال.

الثالثة: جهالة هذا الرجل من قريش، ولا يقال: لعله صحابي؛ فإن عبيد الله العتكي لا يروي إلا عن التابعين.

الرابعة: نكارة متنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل اليهود عن بشارة عيسى وهم لا يؤمنون به!! والحديث سكت عنه الحافظ في "العجاب"(1/ 300) موهماً ثبوته، حيث جعله يصلح لسبب معاداتهم للرسول صلى الله عليه وسلم.

والراجح: أن هذه الآية نزلت بسبب مناظرة جرت بين اليهود وبين الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر نبوته؛ لأنها ثابتة بالأسانيد الصحيحة.

وأما ما قيل في سبب نزولها من مناظرة جرت بين اليهود وبين عمر رضي الله عنه في أمر النبي أو غير ذلك؛ فلم يثبت فيه شيء -كما تقدم بيانه-.

وأخرج البخاري (رقم 4480): أن عبد الله بن سلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأسئلة التي سألها اليهود من قبل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ عليه هذه الآية. ولا يدل هذا على نزولها بسبب سؤالات عبد الله بن سلام، وهذا ما رجَّحه الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (8/ 166) حيث قال:". . . وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً، ويدل على أن سبب نزول الآية قول اليهودي المذكور، لا قصة عبد الله بن سلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له عبد الله بن سلام: إن جبريل عدو اليهود؛ تلا عليه الآية؛ مذكراً سبب نزولها".

واختلف أهل العلم في سبب عداوة اليهود لجبريل عليه السلام:

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 298): "وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال: =

ص: 45

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال ابن صوريا الفطيوني

لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد! ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من

آية بينة فنتبعك بها؛ فأنزل الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)}

(1)

. [ضعيف]

{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)} .

= أحدها: قول الجمهور: إن عداوتهم لكونه ينزل بالعذاب.

ثانيها: كونه حال دون قتل بختنصر الذي خرب مسجدهم، وسفك دماءهم، وسبا ذراريهم.

ثالثها: كونه عدل بالنبوة من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل".

قلنا: وأرجح الأقوال هو قول الجمهور؛ لأنه صح فيه الخبر، حيث قالت اليهود: ذلك الذي ينزل بالقتل والحرب، ذاك عدونا من الملائكة، ويمكن أن يليه في القوة القول الثالث؛ كما يدل عليه سياق الآية حيث قال الله -تعالى-:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} ؛ فأشعر أن سبب عداوتهم هو انقطاع الوحي عنهم، وانتقال الرسالة منهم إلى بني إسماعيل وسيدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشهد لهذا المعنى: أن اليهود اشتهروا بالحسد؛ قال -تعالى-: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109].

وقال -تعالى-: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)} [النساء: 54].

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 199 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 350)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 294 رقم 976) -: ثنا محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن فيه محمد بن أبي محمد، وهو مجهول.

وذكره الحافظ في "العجاب"(1/ 301) وسكت عنه، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 46

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال مالك بن الصيف -حين بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرهم ما أخذ عليهم من الميثاق، وما عهد إليهم في محمد صلى الله عليه وسلم-: والله ما عهد إلينا في محمد، ولا أخذ علينا ميثاقاً؛ فأنزل الله عليهم عز وجل:{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ}

(1)

. [ضعيف]

{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان آصف كاتب سليمان بن داود عليه السلام، وكان تعلم الاسم الأعظم، كان يكتب كلَّ شيء يأمره به سليمان عليه السلام، ويدفنه تحت كرسيه، فلما مات سليمان؛ أخرجته الشياطين، فكتبوا بين كل سطر من سحر وكذب وكفر؛ فقالوا: هذا الذي

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 199 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 295 رقم 979)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 351) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد مولى زيد بن ثابت؛ تفرد عنه ابن إسحاق؛ فهو مجهول.

قال الذهبي في "الميزان"(4/ 26): "لا يُعرف"، وقال ابن حجر في "التقريب" (2/ 205):"مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق".

وسكت عنه الحافظ ابن حجر في "العجاب"(1/ 302).

ص: 47

كان يعمل سليمان بها؛ فأكفره جهّال الناس وسفهاؤهم وسبوه، ووقف

علماؤهم، فلم يزل جهّالهم يسبونه؛ حتى أنزل الله عز وجل:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}

(1)

. [حسن]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الذي أصاب سليمان بن داود عليه السلام في سبب امرأة من أهله -يقال لها: جرادة- وكانت أحبّ نسائه إليه، وكان إذا أراد أن يأتي نساءه أو يدخل الخلاء؛ أعطاها الخاتم، فجاء أناس من أهل الجرادة يخاصمون قوماً إلى سليمان بن داود عليه السلام، فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل الجرادة، فيقضي لهم، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحداً، فجاء حين أراد الله أن يبتليه فأعطاها الخاتم ودخل الخلاء، ومثل الشيطان في صورة سليمان، قال: هاتي خاتمي، فأعطته خاتمه، فلبسه، فلما لبسه؛ دانت له الشياطين، والإنس، والجنُّ، وكل شيء، فجاءها سليمان قال: هاتي خاتمي، قالت: اخرج، لست بسليمان، قال سليمان عليه السلام: إن ذاك من أمر الله؛ إنه بلاء ابتلى به، فخرج فجعل إذا قال: أنا سليمان؛ رجموه حتى يُدمون عقبه، فخرج يحمل على شاطئ البحر، ومكث هذا الشيطان فيهم مقيم ينكح نساءه ويقضي بينهم، فلما أراد الله عز وجل أن يرد على سليمان ملكه؛ انطلقت الشياطين، وكتبوا كُتُباً فيها سحر وفيها كفر، فدفنوها تحت كرسي سليمان عليه السلام ثم أثاروها، وقالوا: هذا كان يفتن الجن والإنس،

(1)

أخرجه النسائي في "التفسير"(1/ 179 رقم 14)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 297 رقم 988) من طريق أبي أسامة نا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وهذا سند حسن على شرط البخاري، وهو موقوف على عبد الله بن عباس، ولعله تلقاه عن أهل الكتاب.

ص: 48

قال: فأكفر الناس سليمان حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} يقول: الذي صنعوا، فخرج سليمان يحمل على شاطئ البحر، قال: ولما أنكر الناس -لما أراد الله أن يرد على سليمان ملكه أنكروا-؛ انطلقت الشياطين، جاءوا إلى نسائه فسألوهن، فقلن: إنه ليأتينا ونحن حيض، وما كان يأتينا قبل ذلك، فلما رأى الشيطان أنه حضر هلاكه؛ هرب، وأرسل به فألقاه في البحر، وفي الحديث- فتلقاه سمكه فأخذه، وخرج الشيطان حتى لحق بجزيرة في البحر، وخرج سليمان عليه السلام يحمل لرجل سمكاً قال: بكم تحمل، قال: بسمكة من هذا السمك فحمل معه حتى بلغ به، أعطاه السمكة التي في بطنها الخاتم، فلما أعطاه السمكة، شق بطنها يريد يشويها، فإذا الخاتم؛ فلبسه؛ فأقبل إليه الإنس والشياطين، فأرسل في طلب الشيطان فجعلوا لا يطيقونه فقال: احتالوا له فذهبوا فوجدوه نائماً قد سكر، فبنوا عليه بيتاً من رصاص، ثم جاءوا ليأخذوه فوثب، فجعل لا يثب في ناحية إلا أماط الرصاص معه؛ فأخذوه، فجاءوا به إلى سليمان، فأمر بحنت من رخام، فنقر، ثم أدخله في جوفه، ثم سده بالنحاس، ثم أمر به فطرح في البحر

(1)

. [حسن]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قوله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} وكان حين ذهب ملك سليمان؛ ارتد فئام من الجن والإنس، واتبعوا الشهوات، فلما أرجع الله إلى سليمان ملكه؛ قام الناس على الدين كما كان، وإن سليمان

(1)

أخرجه النسائي في "التفسير"(1/ 176 - 178 رقم 13)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 357) كلاهما من طريق أبي معاوية ثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: والكلام عليه كالسابق، وهو منقول عن أهل الكتاب.

ص: 49

ظهر على كتبهم؛ فدفنها تحت كرسيه، وتوفي سليمان حدثان ذلك، فظهر الجن والإنس على الكتب بعد وفاة سليمان، وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه منا، فأخذوه فجعلوه ديناً؛ فأنزل الله عز وجل:{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)} [البقرة: 101] واتبعوا الشهوات التي كانت الشياطين تتلوا، وهي: المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله

(1)

. [ضعيف جدًا]

• عن أبي العالية؛ قال: إن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن السحر وخاصموه به؛ فأنزل الله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} إلى آخر الآية، وإن الشياطين كتبوا السحر والكهانة؛ فدفنوه في مجلس سليمان، وكان سليمان لا يعلم الغيب، فلما مات سليمان؛ استخرجوا ذلك السحر، وخدعوا الناس به، وقالوا: هذا علم كان سليمان يكتمه الناس ويحسدهم عليه، فلما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات؛ رجعوا وقد خزوا، ودحض الله حجتهم

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 298 رقم 990): ثنا محمد بن سعيد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي فيما كتب إليّ ثني عمي الحسين عن أبيه عن جده عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند تالف واهٍ بمرة؛ لأنه مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 298، 299 رقم 991)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 353) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية (*) به.

(*) ليس في الإسناد عند ابن جرير (أبو العالية)، وكذا "العجاب"(1/ 312).

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف؛ ضعفه أبو زرعة وغيره، وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 406):"صدوق سّيئ الحفظ، خصوصاً عن مغيرة".

ص: 50

• عن شهر بن حوشب؛ قال: لما سلب سليمان ملكه؛ كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان، فكتب: من أراد أن يأتي كذا وكذا؛ فليستقبل الشمس، وليقل: كذا وكذا، ومن أراد أن يفعل كذا وكذا؛ فليستدبر الشمس، وليقل: كذا وكذا، فكتبته وجعلت عنوانه:"هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم"، ثم دفنته تحت كرسيه، فلما مات سليمان؛ قام إبليس خطيباً، فقال: يا أيها الناس! إن سليمان لم يكن نبياً، وإنما كان ساحراً، فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته، ثم دلّهم على المكان الذي دفن فيه، فقالوا: والله لقد كان سليمان ساحراً؛ هذا سحره، بهذا تعبدنا، وبهذا قهرنا، فقال المؤمنون: بل كان نبياً مؤمناً، فلما بعث الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ جعل يذكر الأنبياء، حتى ذكر داود وسليمان، فقالت اليهود: انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء! وإنما كان ساحراً يركب الريح؛ فأنزل الله عذر سليمان: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن خصيف الجزري؛ قال: كان سليمان إذا نبتت الشجرة؛ قال: لأي داء أنت؟ فتقول: لكذا وكذا، فلما نبتت شجرة الخروبة الشامي؛ قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لمسجدك أخربه، قال: تخربينه؟! قالت: نعم، قال: بئس الشجرة أنت، فلم يلبث أن توفي؛ فجعل الناس يقولون في مرضاهم: لو كان لنا مثل سليمان، فجاء الشياطين فأخذوا كتاباً؛ فجعلوه في مصلّى سليمان؛ فقالوا: نحن ندلكم على ما كان

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(1/ 358): ثنا القاسم ثنا الحسين ثني حجاج عن أبي بكر عن شهر بن حوشب به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: شهر بن حوشب، فيه ضعف، وهو حسن في الشواهد والمتابعات، والأثر من الإسرائيليات.

ص: 51

سليمان يداوي به، فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب، فإذا فيه سحر ورقى؛ فأنزل الله عز وجل:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ} هم الذي كفروا {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ (102)} سبع مرات. . . فإن أبى إلا أن يكفر علماه، فيخرج منه نار -أو نور- حتى يسطع في السماء، قال: المعرفة التي كان يعرف

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أنه أتاه رجل، فقال له: من أين أقبلت؟ فقال: من العراق، قال: كيف تركت الناس وراءك؟ قال: تركت الناس يتحدثون أن علياً سوف يخرج إليهم، فقال: لو شعرنا؛ ما زوّجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه، وسأحدثك عن ذلك: إن الشياطين كانت تسترق السمع في السماء، فإذا سمع أحدهم كلمة حق؛ كذب معها ألف كذبة؛ فأشربتها قلوب الناس، واتخذوها دواوين، فاطلع عليها سليمان؛ فدفنها تحت كرسيه، فلما مات سليمان؛ قام شياطين بالطريق، فقالت: ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله؟ فاستخرجوه، قالوا: سحر، وإن بقيتها هذا يتحدث به أهل العراق، وأنزل الله عذر سليمان

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 576 رقم 204) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 20) -: ثنا عتاب بن بشير عن خصيف الجزري به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

قال الإِمام أحمد: "أحاديث عتاب عن خصيف منكرة"، وقال ابن عدي:"روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه"، وقال الساجي:"عنده مناكير"، وضعفه ابن سعد والنسائي، وقال ابن حبان:"يخالف"، وقال الحافظ:"صدوق يخطئ".

قلنا: والحديث قال عنه الحافظ في "العجاب"(1/ 310): "وأما أثر خصيف؛ ففيه ضعف مع إعضاله". اهـ.

ص: 52

فيما قالوا من السحر: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} إلى آخر الآية

(1)

. [صحيح]

• عن ابن إسحاق؛ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -فيما بلغني-: "لما ذكر سليمان بن داود في المرسلين؛ قال بعض أحبار اليهود: ألا تعجبون من محمد يزعم أن ابن داود كان نبياً، والله ما كان إلا ساحراً؛ فأنزل الله في ذلك من قولهم:{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} ؛ أي: باتباعهم السحر وعلمهم به، {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه إسحاق بن راهوية في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 304) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 19) -، وسعيد بن منصور في "سننه"(2/ 594، 595 رقم 207)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 357)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 300 رقم 996)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 265) جميعهم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن عمران بن الحارث السلمي عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: الحديث صححه الحاكم؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 233)، وتصحيحه هذا غير موجود في "المستدرك"، وصححه الذهبي في "التلخيص".

وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(1/ 307): "قلت: أثر عبد الله بن عباس أخرجه الحاكم في "المستدرك" من هذا الوجه، وعمران أخرج له مسلم، وباقي رجاله من رجال الصحيح".

قلنا: فالحديث صحيح؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 233)، وزاد نسبته لسفيان بن عيينة، وابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 358): ثنا ابن حميد ثنا سلمة ثني ابن إسحاق به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: محمد بن حميد -شيخ الطبري- متهم. =

ص: 53

• عن سعيد بن جبير؛ قال: كان سليمان يتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر؛ فيأخذه، فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزانته، فلم تقدر الشياطين أن يصلوا إليه، فدنت إلى الإنس فقالوا لهم: أتريدون العلم الذي كان سليمان يسخر به الشياطين والرياح وغير ذلك؟ قالوا: نعم، قالوا: فإنه في بيت خزانته وتحت كرسيه، فاستثارته الإنس؛ فاستخرجوه، فعملوا به، فقال أهل الحجاز: كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحر؛ فأنزل الله -جل ثناؤه- على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم براءة سليمان؛ فقال له: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}

(1)

. [ضعيف جداً]

= الثالثة: سلمة بن الفضل الأبرش؛ صدوق كثير الخطأ؛ كما في "التقريب"(1/ 318).

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(1/ 356): ثنا ابن حميد ثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: جعفر بن أبي المغيرة؛ ليس بالقوي في سعيد بن جبير؛ كما قال ابن منده، وهو في غيره صدوق؛ كما في "ميزان الاعتدال"(1/ 417).

الثالثة: محمد بن حميد؛ متهم.

والحديث سكت عنه الحافظ في "العجاب"(1/ 313، 314).

الراجح: أنها نزلت بسبب استمرار سفهاء اليهود في اتهام نبي الله سليمان عليه السلام بالسحر؛ فأكذبهم الله بما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، ومما يؤكد كذبهم وجود السحر في الأرض قبل سليمان؛ كسحرة فرعون -لعنه الله- الذين ناظرهم موسى عليه السلام، ومن المعلوم أن موسى كان مرسلاً قبل سليمان عليه السلام بأزمان.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 141): "وتبعته اليهود على ملكه، وكان السحر قبل ذلك في الأرض لم يزل بها، ولكنه إنما اتبع على ملك سليمان، فهذه نبذة من أقوال أئمة السلف في هذا المقام، ولا يخفى ملخص القصة، والجمع بين أطرافها، وأنه لا تعارض بين هذه السياقات على اللبيب الفهم، والله الهادي". اهـ.

ص: 54

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: راعنا -بلسان اليهود-: السَّبُّ القبيح؛ فكان اليهود يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سِرّاً، فلما سمعوا أصحابه يقولون؛ أعلنوا بها، فكانوا يقولون ذلك، ويضحكون فيما بينهم؛ فأنزل الله الآية

(1)

. [موضوع]

• عن قتادة والكلبي؛ قالا: كانوا يقولون: راعنا سمعك، وكانت اليهود يأتون؛ فيقولون مثل ذلك يستهزؤون؛ فنزلت

(2)

. [ضعيف]

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل، وينساه بالنهار؛ فأنزل الله:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة} الآية

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة"؛ كما في "لباب النقول"(ص 24) من طريق السّدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس به.

قال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 163): "وروى أبو نعيم في "الدلائل" بسند ضعيف جداً عن ابن عباس (وذكره) ".

قلنا: وهو حديث كذب موضوع؛ من دون ابن عباس كلهم كذابون.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 54) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 374) -: ثنا معمر [عن قتادة] والكلبي به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل.

وما بين المعقوفين ساقط من "تفسير عبد الرزاق"، واستدركناه من "العجاب" لابن حجر، وهو الصواب.

وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(1/ 344) من وجه آخر عن قتادة.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 1065)، وابن عدي في "الكامل" =

ص: 55

{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال: قال رافع بن (حريملة) ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد! ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجر لنا أنهارًا؛ نتبعك ونصدقك؛ فأنزل الله في ذلك من قولهم:{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)}

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي العالية في قوله: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} قال: قال رجل: يا رسول الله! لو كانت كفاراتنا ككفارات

= (6/ 2243)، وأبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى"(2/ 279) من طريق عن محمد بن الزبير الحراني عن الحجاج الجزري عن عكرمة عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الحجاج الجزري؛ قال أبو زرعة: "لا أعرفه"؛ كما في "لسان الميزان"(2/ 180).

الثانية: محمد بن الزبير الحراني؛ قال أبو حاتم: "ليس بالمتين"، وقال أبو زرعة:"في حديثه شيء"، وقال ابن عدي:"منكر الحديث"، وقال أبو أحمد الحاكم:"ليس بالمتين عندهم"؛ كما في "الأسامي والكنى"(2/ 278)، و"ميزان الاعتدال"(3/ 547)، و"لسان الميزان"(5/ 165).

والحديث ذكره الحافظ في "فتح الباري"(8/ 167)، وسكت عنه.

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 200 - سيره ابن هشام) -ومن طريقة الطبري في "جامع البيان"(1/ 385)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1081) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما به.

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 351): "فإني وجدته عن ابن عباس بسند جيد".

قلنا: هذا وهم منه رحمه الله؛ إذ كيف يكون إسناده جيد، وهو القائل عن محمد هذا في "التقريب" (2/ 205):"مجهول من السادسة؛ تفرد عنه ابن إسحاق"، وقال الذهبي -أيضاً- في "ميزان الاعتدال" (4/ 26):"لا يعرف".

ص: 56

بني إسرائيل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا نبغيها -ثلاثاً- ما أعطاكم الله خير

مما أعطى بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة

وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها؛ كانت له خزياً في الدنيا،

وإن لم يكفرها؛ كانت له خزياً في الآخرة؛ فما أعطاكم الله خير مما أعطى

بني إسرائيل"، قال:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} [النساء: 110]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: سألت قريش محمداً أن يجعل لهم الصفا ذهباً، فقال:"نعم، وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم"؛ فأبوا، ورجعوا؛ فأنزل الله -تعالى-:{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 385، 386)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 1083) من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أبو جعفر الرازي، ضعفه أبو زرعة، وعلي بن المديني وغيرهما، وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 406):"صدوق سيّئ الحفظ".

الثالثة: قال ابن حبان في "الثقات"(4/ 228) في ترجمة الربيع: "والناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر؛ لأن فيها اضطراباً كثيراً".

الرابعة: قال ابن حبان في "الثقات"(8/ 335) في ترجمة عبد الله: "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه"، ووثقه أبو حاتم الرازي، وقال أبو زرعة:"صدوق"، وكذا قال الحافظ، وزاد:"يخطئ".

ومع كل ما ذكرنا من علل؛ فقد قال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(1/ 352): "أخرجه ابن أبي حاتم بسند قوي عن أبي العالية".

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 385)، وابن أبي حاتم (رقم 1082)، والفريابي؛ كما في "العجاب"(1/ 351)، وعبد بن حميد وابن المنذر؛ كما في =

ص: 57

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش، قالوا: يا محمد! اجعل لنا الصفا ذهباً، ووسع لنا أرض مكة، وفجر الأنهار خلالها تفجيراً؛ نؤمن بك؛ فأنزل الله هذه الآية

(1)

. [موضوع]

{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان حيي بن أخطب، وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسداً؛ إذ خصهم الله برسوله، وكانا جاهدين في ردِّ الناس عن الإسلام بما استطاعا؛ فأنزل الله -تعالى- فيهما:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}

(2)

. [ضعيف]

= "المنثور"(1/ 261) من طرق عن مجاهد.

قلت: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل.

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 351): "أخرجه الفريابي والطبري وابن أبي حاتم صحيحاً إليه".

(1)

ذكره الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 350).

قال الحافظ: "أما الأول؛ فذكره الثعلبي، ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس".

قلنا: إن كان هذا إسناده؛ فهو موضوع؛ لأن الكلبي وشيخه متهمان.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 200 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 388، 389)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1088) -: ثني محمد بن أبي محمد.

قلنا؛ وسنده ضعيف؛ فيه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(4/ 26): "لا يعرف"، وقال ابن حجر في "التقريب" (2/ 205):"مجهول، تفرد عنه ابن إسحاق".

ص: 58

• عن كعب بن مالك: أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان المشركون واليهود من المدينة حين قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أشد الأذى؛ فأمر الله -تعالى- نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم، وفيهم أنزلت:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى قوله: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا}

(1)

. [صحيح]

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)} .

(1)

أخرجه الذهلي في "الزهريات"؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 355) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 22) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 1090)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 196، 197) من طريق أبي اليمان ثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان من الذين تيب عليهم؛ يعني: كعب بن مالك- به.

قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.

وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(1/ 356): "وهذا سند صحيح".

والحديث أصله عند أبي داود (رقم 3000).

(تنبيه): في مصادر التخريج عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم-.

فالذي لا يمعن النظر يظن أن والد عبد الرحمن هو عبد الله بن كعب، وهو تابعي؛ وعليه؛ فالحديث مرسل، وليس الأمر كذلك، بل سند الحديث؛ كما في "تحفة الأشراف"(8/ 322) عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه به.

ووقع في رواية القاضي أبي عمر الهاشمي: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان أحد الذين تيب عليهم-، والحاصل من ذلك -وهو المهم- أن والد عبد الرحمن هو كعب بن مالك وليس عبد الله.

ص: 59

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أتتهم أحبار يهود، فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء، وكفى بعيسى وبالإنجيل، فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شيء، ومجّد بنبوة موسى وكفر بالتوراة؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك من قوله:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}

(1)

. [ضعيف]

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إنَّ قريشاً منعوا النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام؛ فأنزل الله؛ {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}

(2)

. [ضعيف]

• عن كعب الأحبار؛ قال: إن النصارى لما ظهروا على بيت المقدس؛ حرقوه، فلما بعث الله محمداً؛ أنزل عليه: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 201 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 394)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1110) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على شيخ ابن إسحاق: محمد بن أبي محمد، وهو مجهول كما تقدم.

(2)

أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 264) -ومن طريقه ابن أبي حاتم -معلقاً- (رقم 1117): ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على محمد هذا؛ وهو مجهول.

ص: 60

مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}؛ فليس في الأرض نصراني يدخل بيت المقدس إلا خائفاً

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} .

• عن عامر بن ربيعة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة؛ فصلى كل رجل منّا على حياله، فلما أصبحنا؛ ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزل:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(2)

. [حسن لغيره]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم (رقم 1122): ثنا أبو سعيد الأشج ثنا موسى بن إبراهيم المعلم أبو علي الجذامي ثني خازن بيت المقدس عن ذي الكلاع عن كعب به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالمجاهيل.

وذكر الواحدي في "أسباب النزول"(ص 22): أنها نزلت في ططلوس الرومي وأصحابه من النصارى، وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل؛ فقتلوا مقاتلتهم، وسبوا ذراريهم، وخربوا بيت المقدس، وقذفوا فيه الجيف، وهذا قول ابن عباس في رواية الكلبي.

(2)

أخرجه الترمذي (رقم 345، 2957)، وابن ماجه (رقم 1020)، والطيالسي (رقم 1145)، وعبد بن حميد (رقم 316 - منتخب)، والدارقطني (1/ 272)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 211 رقم 1120)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(1/ 31)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 401)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 179)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 11)، وأبو علي الطوسي في "مختصر الأحكام"(2/ 246 رقم 322)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 23) من طريقين عن عاصم بن عبيد الله بن عبد الله بن عامر عن أبيه به.

قال الترمذي في الموضع الأول: "هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وأشعث بن أبي الربيع السمان يضعف في الحديث". اهـ.

وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أشعث السّمان أبو الربيع عن عاصم بن عبيد الله، وأشعث يضعف في الحديث".

وقال العقيلي: "وأما حديث عامر بن ربيعة؛ فليس يروى من وجه يثبت متنه". =

ص: 61

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(1)

. [صحيح]

• عن عطاء بن أبي رباح: أن قوماً عميت عليهم القبلة فصلى كل إنسان إلى ناحية، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكروا ذلك؛ فأنزل الله على رسوله:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: كذا قالا -رحمهما الله-، وكلامهما متعقب.

أما الترمذي؛ فعلق علة الحديث على أشعث هذا -وهو متروك-، وكلامه غير صحيح؛ لأن أشعث هذا توبع، تابعه عمرو بن قيس الملائي عند الطيالسي، وهو ثقة من رجال مسلم.

وغفل الترمذي عن علة الحديث الحقيقية، وهي: أن مداره على عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف؛ كما قال الحافظ في "التقريب"(1/ 384).

وأما العقيلي؛ فكلامه متعقب بما أخرجه الدارقطني -ومن طريقه الواحدي (ص 23) -، وابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (1/ 163، 164)، والحاكم (1/ 206)، والبيهقي (2/ 10)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1/ 90، 91 رقم 319) من طرق عنه أنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ].

قلنا: وسنده حسن في الشواهد، ويرتقي الحديث بمجموع ذلك إلى الحسن، والله أعلم.

والحديث ضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 163).

وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "تفسير ابن جرير"(2/ 531): "وأرى أنه حديث ضعيف"، مع أنه حسنه في تعليقه على "سنن الترمذي"(2/ 177)، وكأنه تراجع، وهو الصواب.

والحديث حسّنه لغيره شيخنا العلامة الألباني رحمه الله في "الإرواء"(رقم 291).

(1)

أخرجه مسلم (1/ 486 رقم 700)(33 - 44).

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 601 رقم 210): ثنا إسماعيل بن عياش =

ص: 62

• عن قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخاكم النجاشي قد مات؛ فصلوا عليه"، قالوا: صلى على رجل ليس بمسلم! قال: فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عمران: 199].

قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة؛ فأنزل الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: لما نزلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]؛ قالوا: إلى أين؟ فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابتهم ضبابة؛ فلم يهتدوا إلى القبلة؛ فصلوا لغير القبلة، ثم استبان لهم

= ثني حجاج بن أرطاة عن عطاء.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: حجاج بن أرطاة؛ صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع. الثالثة: رواية إسماعيل بن عياش عن غير أهل الشام ضعيفة، وهذه منها؛ فإن حجاج بن أرطاة كوفي.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 401): ثنا محمد بن بشار ثنا معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن قتادة به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.

وزاد نسبه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 267) لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 402) من طريق حجاج الأعور عن ابن جريج قال مجاهد: (وذكره).

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يدرك مجاهداً.

ص: 63

بعد ما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبلة، فلما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حدثوه؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}

(1)

. [ضعيف]

• وقال عبد الله بن عباس -في رواية عطاء-: إن النجاشي لما توفي؛ قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن النجاشي توفي، فصل عليه"؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحضروا، وصفَّهم، ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم:"إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي، وقد توفي فصلوا عليه". فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنفسهم: كيف نصلي على رجل مات وهو يصل على غير قبلتنا؟ وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات، وقد صرفت القبلة إلى الكعبة؛ فأنزل الله -تعالى-:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(2)

.

• وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة -وكان أكثر أهلها اليهود-؛ أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس؛ ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم عليه السلام، فكان يدعو وينظر إلى السماء؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} إلى قوله: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]؛ فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142]؛ فأنزل الله عز وجل: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وقال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 267)، وضعفه السيوطي.

(2)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 24) معلقاً دون سند.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 399، 400) من طريق عبد الله بن صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس به. =

ص: 64

{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)} .

• قال الواحدي في "أسباب النزول"(ص 24): "نزلت في اليهود حيث قالوا: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]، وفي نصارى نجران حيث قالوا: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]، وفي مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الله".

• وقال مقاتل: نزلت في نصارى نجران: السيد والعاقب ومن معهما من الوفد الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: عيسى ابن الله؛ فأكذبهم الله -تعالى-

(1)

.

{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد! إن كنت رسولاً من الله كما تقول؛ فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه؛ فأنزل الله في ذلك من قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ}

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث ضعيف.

(1)

نقله الحافظ في "العجاب"(1/ 367) عن مقاتل به.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 202 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 407)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1147) -: ثني محمد بن أبي محمد -مولى آل زيد بن ثابت- عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد هذا شيخ ابن إسحاق؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(4/ 26): "لا يُعرف"، وقال ابن حجر في "التقريب" (2/ 205):"مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق".

ص: 65

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)} .

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن أبيه؛ فأنزل الله: {وَلَا تُسْأَلُ} .

وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليت شعري! ما فعل أبواي؟ "؛ فنزل: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)} فما ذكرهما حتى توفاه الله

(1)

. [ضعيف]

• عن داود بن أبي عاصم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: "ليت شعري! أين أبواي؟ "؛ فنزلت: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 59) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 409)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 1158) - من طريق موسى بن عبيدة عن محمد به.

قلنا: وهذا مرسل ضعيف الإسناد؛ فيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.

قال ابن جرير: "إن كان الخبر عنه -عن محمد بن كعب- صحيحاً".

قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 167): "هذا مرسل".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 271): "هذا مرسل ضعيف الإسناد".

وقال ابن حجر في "العجاب"(1/ 369): "وقد أخرجه الطبري من مرسل محمد بن كعب القرظي. . . . وفي سنده موسى بن عبيدة؛ وهو ضعيف".

وقال العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري"(2/ 558): "هما حديثان مرسلان؛ فإن محمد بن كعب بن سليم القرظي تابعي، والمرسل لا تقوم به حجة، ثم هما إسنادان ضعيفان -أيضاً-؛ بضعف راويهما: موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف جداً؛ قال البخاري: منكر الحديث، وقال أحمد وابن المديني: كنا نتقيه".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 271) وزاد نسبته لسفيان بن عيينة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 409) من طريق الحجاج بن الأعور عن ابن جريج ثني داود به. =

ص: 66

• قال مقاتل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنزل الله بأسه باليهود؛ لآمنوا"؛ فأنزل الله: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}

(1)

.

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة كانوا أربعين رجلاً من الحبشة وأهل الشام.

• وقال الضحاك: نزلت فيمن آمن من أهل الكتاب.

• وقال قتادة وعكرمة: نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

(2)

.

{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} .

= قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 167): "هذا مرسل".

وقال ابن حجر في "العجاب"(1/ 369): "وهذا مرسلٌ -أيضاً-، وهو من رواية سنيد بن داود، وفيه مقال".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 271): "معضل الإسناد، ضعيف، لا يقوم به ولا بالذي قبله حجة".

قلنا: وكلام ابن حجر السابق مشكل؛ لأنه قال: "وهو من رواية سنيد بن داود"، ولا وجود لسنيد في سند ابن جرير، ولعله تصحيف من الناسخ أو هنالك وهم ما، فليحرر.

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 24، 25) معلقاً.

وذكر في "الوسيط"(1/ 199) قولاً آخر في سبب نزول هذه الآية، فقال:"إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عن قبر أبيه وأمه، فدلّه عليهما، فذهب إلى القبرين، فدعا لهما، فتمنى أن يعرف حال أبويه في الآخرة؛ فنزل قوله: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} ".

ولم ينسبه لأحد.

(2)

ذكرها الواحدي في "أسباب النزول" دون إسناد.

وانظر -لزاماً-: "العجاب"(1/ 373 - 375).

ص: 67

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم، فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة؛ شقّ ذلك عليهم، وأيسوا منه أن يوافقهم على دينهم؛ فأنزل الله:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى}

(1)

.

• قال المفسرون: إنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الهدنة، ويطمعون أنهم إذا هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(2)

.

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)} .

• عن أنس رضي الله عنه؛ قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وافقت ربي في ثلاث؛ فقلت: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله! لو أمرت نساءك أن يحتجبن؛ فإنه يكلمهن البر والفاجر؛ فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في المغيرة عليه فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن؛ فنزلت هذه الآية

(3)

. [صحيح]

• عن جابر رضي الله عنه يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: لما طاف النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال له عمر: هذا مقام أبينا إبراهيم؟ قال: "نعم"، قال: أفلا تتخذه مصلى؛

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 272)، ونسبه للثعلبي.

(2)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 25) هكذا.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(1/ 504 رقم 402، 8/ 168 رقم 4483، ص 527 رقم 4790، ص 660 رقم 4916) من طرق عن حميد عنه به، واللفظ له في الموضع الأول.

وأخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 2399) من طريق نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: (وذكره مختصراً).

ص: 68

فأنزل الله -تعالى-: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: قال عمر: لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(2)

. [ضعيف]

• عن عمر رضي الله عنه؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا مقام إبراهيم"، قال عمر: أفلا نتخذه مصلى؟ فأنزل الله:

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 1205 - المطبوع): ثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج، عن جعفر بن محمد عن أبيه سمع جابراً به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ابن جريج، مدلس، وقد عنعن.

قال الدارقطني: "يتجنب تدليسه؛ فإنه وحش التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما"؛ كما في "سؤالات الحاكم"(رقم 265).

وقال الحافظ في "التقريب"(1/ 520): "ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل".

وقال الحافظ في "العجاب"(1/ 377): "سنده صحيح، وأصله عند مسلم، وأخرج النسائي وابن مردويه من حديث جابر نحوه".

قلنا: هذا وهم منه رحمه الله؛ فالحديث ضعيف كما بيّنّا، نعم؛ أصله عند مسلم (2/ 886/ 147) لكن دون ذكر سبب النزول.

وهو كذلك عند النسائي (5/ 236)، وليس فيه ذكر لسبب النزول والسياق مختلف.

(2)

أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب"(1/ 376): ثنا سفيان الثوري عن عبيد المكتب عن مجاهد به.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 110) من طريق آخر عن الثوري به.

قلنا: وسنده منقطع؛ لأن مجاهداً لم يسمع من عمر بل لم يلقه.

وأخرجه الثوري في "تفسيره"(رقم 34) -ومن طريقه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 110) - عن عبد الملك بن أبي سليمان عن مجاهد به.

قلنا: وهو كالسابق.

وله طريق ثالثة ورابعة عن مجاهد عند ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 110 - 111).

ص: 69

{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(1)

.

• عن عمر رضي الله عنه: أنه مر بمقام إبراهيم، فقال: يا رسول الله! أليس نقوم بمقام خليل ربنا؟ قال: "بلى"، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فلم يلبث إلا يسيراً حتى نزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(3)

. [ضعيف]

• عن أبي ميسرة؛ قال: قال عمر: يا رسول الله! هذا مقام خليل ربنا؛ أفلا نتخذه مصلى؟ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(4)

.

(1)

أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1/ 449، 450/ 985): ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن زكريا بن أبي زائدة عمن حدثه عن عمر به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن في إسناده من لم يسم.

(2)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 174)، وابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 40، 41 رقم 7578)، و"المطالب العالية"(8/ 525 رقم 3910) من طريق زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون عن عمر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: أبو إسحاق السبيعي مدلس مختلط، وقد رواه بالعنعنة، وسماع زكريا منه بعد الاختلاط.

الثانية: زكريا هذا مدلس، وقد عنعنه.

(3)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 305 رقم 13475) من طريق جعفر بن محمد بن جعفر المدائني ثنا أبي ثنا هارون بن موسى النحوي عن أبان بن تغلب عن الحكم عن مجاهد عنه به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 316): "وفيه جعفر بن محمد بن جعفر المدائني، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 290) وزاد نسبته للخطيب في "تاريخه".

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 291)، ونسبه لابن أبي شيبة في "مسنده"، والدارقطني في "الأفراد".

ص: 70

{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)} .

• قال الحافظ في كتابه "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 378): "ذكر الثعلبي وتبعه الزمخشري: أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه: سلمة ومهاجراً إلى الإسلام، وقال لهما: لقد علمتما أن الله قال في التوراة: إني باعث من ولد إسماعيل نبياً اسمه أحمد، فمن آمن به؛ فقد رشد واهتدى، ومن لم يؤمن به؛ فهو ملعون، فأسلم سلمة، وامتنع مهاجر؛ فنزلت:{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ}

(1)

".

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)} .

• قال الواحدي في "أسباب النزول"(ص 25)، و"الوسيط" (1/ 216 - 217): "نزلت في اليهود حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية؟! فأنزل الله عز وجل قوله: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ}

(2)

.

{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: نزلت في رؤوس يهود المدينة: كعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف، وأبي ياسر بن أخطب، وفي

(1)

قلنا: وسكت عنه الحافظ.

قال السيوطي؛ كما في "الفتح السماوي"(1/ 183): "لم أقف عليه في شيء من كتب الحديث ولا التفاسير المسندة".

(2)

قال السيوطي؛ كما في "الفتح السماوي"(1/ 184): "لم أقف عليه".

ص: 71

نصارى أهل نجران، وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله -تعالى- من غيرها

(1)

.

{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود؛ فيهم: أبو ياسر بن أخطب، ورافع بن أبي رافع، وعازر وخالد وزيد وإزار بن أبي أزار، وأشيع؛ فسألوه عمّن يؤمن به من الرسل؟ فقال: أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، فلما ذكر عيسى؛ جحدوا نبوته، وقالوا: لا نؤمن بعيسى، ولا نؤمن بمن آمن به؛ فأنزل الله فيهم:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)} [المائدة: 59]

(2)

. [ضعيف]

{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن بني إسرائيل قالوا:

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 25)، ونقله عنه الحافظ ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 380) وسكت عنه.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 229، 230 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 442) -: ثني محمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابت- عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال الحافظ في "التقريب" (2/ 205):"مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق"، وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 26):"لا يُعرف".

ص: 72

يا موسى! هل يصبغ ربك؟ قال: اتقوا الله؛ فناداه ربه: يا موسى! سألوك هل يصبغ ربك؟ فقل: نعم؛ أصبغ الألوان الأحمر والأبيض والأسود، والألوان كلها في صفتي؛ فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)}

(1)

. [حسن]

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الهدى إلا ما نحن عليه؛ فاتبعنا يا محمد تهتدي، وقالت النصارى مثل ذلك؛ فأنزل الله:{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم (رقم 1323 - المطبوع) -وعنه أبو الشيخ في "العظمة"(2/ 452 - 454 رقم 138) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 193)، و"العجاب في بيان الأسباب"(1/ 384) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 110، 111 رقم 107) - من طريق أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي عن عبد الله بن سعد الدشتكي عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وهذا سند حسن.

قال ابن كثير: "كذا وقع في رواية ابن مردويه مرفوعاً، وهو في رواية ابن أبي حاتم موقوف؛ وهو أشبه، إن صح إسناده، والله أعلم". اهـ.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 202 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير"(رقم 1290، 1322 - ط الباز)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 440) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت؛ قال الحافظ في "التقريب"(2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق"، وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 26):"لا يُعرف".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 337)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 73

{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة وصرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهراً من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس، وقردم بن عمرو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافع -هكذا قال ابن حميد، وقال أبو كريب: ورافع بن أبي رافع- والحجاج بن عمرو؛ حليف كعب بن الأشرف، والربيع بن الربيع بن الحقيق، وكنانة بن أبي الحقيق؛ فقالوا: يا محمد! ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها، وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه؟! ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها؛ نتبعك ونصدقك، وإنما يريدون فتنه عن دينه؛ فأنزل الله فيهم:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} . . . إلى قوله: {إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: لما وُجِّه النبي صلى الله عليه وسلم قِبَلَ المسجد الحرام؛ اختلف الناس فيها فكانوا أصنافاً، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زماناً ثم تركوها وتوجهوا إلى غيرها؟ فأنزل الله في المنافقين: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 203) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(2/ 3) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه شيخ محمد بن إسحاق، وهو مجهول العين لم يرو عنه إلا ابن إسحاق.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 5): ثني موسى بن هارون ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدي به. =

ص: 74

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)} .

• عن البراء بن عازب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده -أو قال: أخواله- من الأنصار، وأنه صلى قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهراً -أو سبعة عشر شهراً-، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها: صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه؛ فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله؛ لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مكة، فداروا -كما هم- قِبَلَ البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم؛ إذ كان يصلي قِبَلَ بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولّى وجهه قبل البيت؛ أنكروا ذلك

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما وُجِّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة؛ قالوا: يا رسول الله! كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}

(2)

. [صحيح]

= قلت: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف.

(1)

أخرجه البخاري (1/ 95 رقم 40، 8/ 171 رقم 4486، ص 174 رقم 4492 - مختصراً، 13/ 232 رقم 7252).

(2)

أخرجه أبو داود (رقم 4680)، والترمذي (رقم 2964)، وأحمد (1/ 295، 304، 305، 322، 347)، والطيالسي (رقم 2673)، والدارمي (1/ 281)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 11)، وابن حبان (رقم 1718 - موارد)، والطبراني في "الكبير"(11/ 222 رقم 11729)، والحاكم (2/ 269)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 226، 227) من طرق عن سماك بن حرب عن =

ص: 75

• عن قتادة؛ قال: كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص، صلت الأنصار نحو الكعبة حولين قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً، ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة: البيت الحرام، فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ لقد اشتاق الرجل إلى مولده! قال الله عز وجل: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، وقال أناس من الناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام؛ فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}

(1)

. [ضعيف]

= عكرمة عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وسنده صحيح، وقد يتوهم متوهم أن سند الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية سماك عن عكرمة، وهي ضعيفة! وليس الأمر على إطلاقه:

قال الدارقطني: "إذا حدث عنه شعبة والثوري وأبو الأحوص؛ فأحاديثهم عنه سليمة".

وقال يعقوب بن شيبة: "ومن سمع من سماك قديماً مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه صحيح مستقيم".

قلنا: وهذا منها؛ فالراوي عند أبي داود عن سماك هو سفيان الثوري؛ فصح الحديث، ولله الحمد والمنة على الإسلام والسنة. ويشهد له حديث البراء بن عازب رضي الله عنه المتقدم.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 353)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، والفريابي، ووكيع، وابن المنذر.

وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي.

وقال الحافظ في "فتح الباري"(1/ 98): "وكذلك روى أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وصححاه عن ابن عباس".

صححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "شرحه للمسند"(رقم 2691).

(1)

الحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 347)، ونسبه لعبد بن حميد، وابن المنذر.

وأخرجه ابن جرير "جامع البيان"(2/ 11) -مختصراً-: ثني بشر بن معاذ =

ص: 76

• عن السدي؛ قال: لما توجه رسول الله قِبَلَ المسجد الحرام؛ قال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قِبَلَ بيت المقدس، هل تقبل الله منا ومنهم أم لا؟! فأنزل الله -جلّ ثناؤه- فيهم:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ؛ قال: صلاتكم قبل بيت المقدس، يقول: إن تلك طاعة، وهذه طاعة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الربيع بن أنس؛ قال: قال ناس -لما صرفت القبلة إلى البيت الحرام-: كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى؟ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن داود بن أبي عاصم؛ قال: لما صُرِف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى

= العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ قال: قال أناس من الناس -لما صرفت القبلة نحو البيت الحرام-: كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا؟! فأنزل الله جل ثناؤه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} .

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وأما ما يخشى من اختلاط سعيد بن أبي عروبة؛ فالراوي عنه هنا يزيد بن زريع، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط؛ فالسند صحيح كالشمس؛ لكنه مرسل.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 12): ثني موسى بن هارون ثني عمرو بن حماد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 12) حُدِّثتُ عن عمار بن الحسين: ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف؛ كما قال أبو زرعة وابن المديني وغيرهما.

الثالثة: ضعف عبد الله بن أبي جعفر؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه".

الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمار بن الحسين.

ص: 77

الكعبة؛ قال المسلمون: هلك أصحابنا الذين كانوا يصلون إلى بيت المقدس؛ فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس -في رواية الكلبي؛ يعني: عن أبي صالح عنه-: كان رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ماتوا على القبلة الأولى: منهم أسعد بن زرارة، وأبو أمامة أحد بني النجار، والبراء بن معرور -أحد بني سلمة-، وأناس آخرون؛ جاءت عشائرهم، فقالوا: يا رسول الله! توفي إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى، وقد صرفك الله إلى قبلة إبراهيم؛ فكيف بإخواننا؟ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ثم قال: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: "وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها"، وكان يريد الكعبة؛ لأنها قبلة إبراهيم، فقال له جبريل:"إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئاً؛ فسل ربك"؛ أي: يحولك عنها إلى قبلة إبراهيم، ثم ارتفع جبريل، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُديم النظر إلى السماء؛ رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(2)

. [ضعيف جداً]

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} .

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر -أو سبعة عشر- شهراً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 12) من طريق ابن جريج: ثني داود به.

قلنا: وسنده صحيح إلى داود، ولكنه مرسل.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 26).

قلنا: وسنده تالف، واهٍ بمرة؛ الكلبي وشيخه متهمان.

ص: 78

يحب أن يتوجه إلى الكعبة؛ فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} فتوجه نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس -وهم اليهود-:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142]؛ فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم خرج بعد ما صلى؛ فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه توجه نحو الكعبة، فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة

(1)

. [صحيح]

• وعنه -أيضاً-؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء؛ ينتظر أمر الله؛ فأنزل الله:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} إلى قوله: {عَمَّا يَعْمَلُونَ} قال: فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منّا قبل أن تصرف القبلة، وكيف بصلاتنا إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، قال: وقال السفهاء من الناس -وهم أهل الكتاب-: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142]؛ فأنزل الله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} [البقرة: 142]

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(1/ 502 رقم 399)، ومسلم في "صحيحه"(ص 525 رقم 12)، واللفظ للبخاري.

(2)

أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 195)، و"العجاب" (1/ 396): ثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أبو إسحاق السبيعي مختلط ومدلس، وقد عنعنه.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 342)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم.

وفي متنه زيادة ليست عند البخاري ولا مسلم، وهي قوله:"ويكثر النظر إلى السماء؛ ينتظر أمر الله".

وروى هذه الزيادة: "وكان يرفع رأسه إلى السماء" النسائي في "تفسيره"(1/ 191 رقم 23) من طريق شريك عن أبي إسحاق عن البراء به. =

ص: 79

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء؛ فأنزل الله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، ثم أنزل الله آية أمره بالتحول إلى الكعبة؛ فقال:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ضعف شريك.

الثانية: وعنعنة أبي إسحاق واختلاطه.

والحديث ذكره السيوطي مع هذه الزيادة في "الدر المنثور"(1/ 342، 343)، وزاد نسبته للترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والدارقطني، والبيهقي.

وأخرجه ابن ماجه (رقم 1010) إلا أنه قال: "ثمانية عشر شهراً".

قال الحافظ في "فتح الباري"(1/ 97): "وشذت أقوال أخرى؛ ففي ابن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق في هذا الحديث "ثمانية عشر شهراً"؛ وأبو بكر سيئ الحفظ، وقد اضطرب فيه؛ فعند ابن جرير من طريقه في رواية: سبعة عشر، وفي رواية: ستة عشر".

وكذا أخرجه الدارقطني في "سننه"(1/ 273، 274)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 27)، و"الوسيط"(1/ 228، 229) وغيرهما بالروايات الأخرى.

(1)

أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 198) من طريق القاسم العمري عن عبيد الله بن عمر عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه داود بن الحصين، وهو ثقة؛ إلا في عكرمة، قال ابن المديني؛ كما في "الجرح والتعديل" (3/ رقم 1874):"ما روى عن عكرمة؛ فمنكر الحديث"، وقال أبو داود؛ كما في "تهذيب الكمال"(8/ 380، 381): "أحاديثه عن عكرمة مناكير".

(2)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 93 رقم 220)، و"مسند الشاميين"(2/ 437 رقم 1653) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش ثنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن مالك بن يخامر عن معاذ به. =

ص: 80

• وعنه -أيضاً-؛ قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصوم ثلاثة أحوال، فأما أحوال الصلاة؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة؛ فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهراً، ثم أنزل الله:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان أهلها اليهود؛ أمره الله أن يستقبل بيت المقدس؛ ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم عليه السلام، وكان يدعو وينظر إلى السماء؛ فأنزل الله عز وجل:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} ؛ فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله عز وجل: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 142]

(2)

. [حسن]

• عن مجاهد؛ قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد، ويتبع قبلتنا،

= قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد بن إسماعيل؛ قال الحافظ في "التقريب"(2/ 145): "عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع"، وقال أبو حاتم؛ كما في "الجرح والتعديل" (7/ رقم 1078):"لم يسمع من أبيه شيئاً، حملوه على أن يحدث؛ فحدث".

(1)

قلنا: سيأتي تخريجه مفصلاً -إن شاء الله- عند الآية رقم (187).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(1/ 399، 400، 2/ 4، 13)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 248 رقم 1329)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 15)، والبيهقي (2/ 12) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث ثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

قلنا: وسنده حسن؛ وعبد الله بن صالح -وإن كان ضعيفاً في الجملة-؛ لكن الراوي عنه عند ابن أبي حاتم والبيهقي هما أبو حاتم الرازي والدارمي، وهما من أهل الحذق وجهابذة الحديث، وقد نص الحافظ ابن حجر في مقدمة "فتح الباري": أن رواية أهل الحذق عنه من صحيح حديثه.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 343)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 81

فكان يدعو الله -جلّ ثناؤه-، ويستعرض للقبلة؛ فنزلت:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: كان الناس يصلون قِبَلَ بيت المقدس، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على رأس ثمانية عشر شهراً من مهاجره؛ كان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر، وكان يصلى قِبَل بيت المقدس، فنسختها الكعبة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يصلي قبل الكعبة؛ فأنزل الله -جل ثناؤه-:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)} .

• عن السدي؛ قال: لما حول النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة؛ قالت اليهود: إن محمداً اشتاق إلى بلد أبيه ومولده، ولو ثبت على قبلتنا؛ لكنّا نرجو أن يكون هو صاحبنا الذي ننتظر؛ فنزلت

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 13) من طريق حجاج عن ابن جريج عن مجاهد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ابن جريج مدلس، وقد عنعنه، ونص الحفاظ: أنه لم يسمع من مجاهد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 354)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 13): ثني موسى بن هارون الحمَّال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط ضعيف.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 16): ثني موسى بن هارون الحمال =

ص: 82

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام: قد أنزل الله على نبيّه: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} فكيف يا عبد الله! هذه المعرفة؟ فقال عبد الله بن سلام: يا عمر! لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان، وأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني، فقال عمر: كيف ذلك؟ قال: إنه رسول الله حق من الله، وقد نعته الله في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء؟ فقال له عمر: وفقك الله يا ابن سلام

(1)

. [موضوع]

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)} .

• عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وناس من الصحابة؛ قالوا: لما صُرف نبي الله صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس؛ قال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه؛ فتوجه بقبلته إليكم، وعلم أنكم كنتم أهدى منه سبيلاً، ويوشك أن يدخل في دينكم؛ فأنزل الله

= ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: ضعف أسباط بن نصر.

(1)

أخرجه الثعلبي؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 357) من طريق السدي الصغير عن الكلبي [عن أبي صالح] عنه به.

قلنا: وهذا حديث موضوع؛ من دون ابن عباس كلهم متهمون.

وذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 27) معلقاً.

ص: 83

-جل ثناؤه- فيهم: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي}

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} .

• عن قتادة؛ قال: لما احتج مشركو قريش بانصراف النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، فقالوا: سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا؛ أنزل الله -تعالى- في ذلك كله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)}

(2)

. [ضعيف]

{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه؛ قال: قتل تميم -والصواب: عمير- بن الحمام ببدر، وفيه وفي غيره نزلت:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ}

(3)

. [موضوع]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 20) من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس.

وعن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود وعن أناس من الصحابة به.

قلنا: وسنده ضيعيف؛ فيه أسباط بن نصر وهو ضعيف.

(2)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 403) من طريق شيبان النحوي، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 20) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 375)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(1/ 457) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده موضوع، وهو حديث كذب لا يصح؛ من دون ابن عباس كذابون متهمون. =

ص: 84

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} .

• عن عروة بن الزبير، سألت عائشة رضي الله عنها، فقلت لها: أرأيت قول الله -تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ؛ فوالله ما على أحدٍ جناحٌ أن لا يطوف بالصفا والمروة!

قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي! إن هذه لو كانت كما أولتها عليه؛ كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يُهلُّون لمناةَ الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المُشَلَّل، فكان من أهلَّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية.

قالت عائشة رضي الله عنه: وقد سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما؛ فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بينهما.

ثم أخبرتُ أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا لعلمٌ ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالاً من أهل العلم يذكرون أن الناس -إلا من ذكرت عائشة ممن كان يُهِلُّ بمناة- كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة؟ فلما ذكر الله -تعالى- الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في

= وأخرج أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(4/ 2316 رقم 5707)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (4/ 137) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)} : هم قتلى بدر وأُحد، وقتل من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلاً، وذلك أنهم يقولون لقتلى بدر: مات فلان؛ فنزلت: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ؛ أي: في طاعة الله {أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ} في الجنة.

قلنا: وهذا موضوع كسابقه.

ص: 85

القرآن؛ قالوا: يا رسول الله! كنا نطوف بالصفا والمروة؛ وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا؛ فهل علينا من حرج أن نطوّف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية.

قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام؛ من أجل أن الله -تعالى- أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت

(1)

. [صحيح]

• عن عاصم الأحول؛ قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة، فقال: كنّا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإِسلام؛ أمسكنا عنهما؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} -إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} "

(2)

. [صحيح]

• عن الشعبي؛ قال: كان على الصفا وثنٌ يقال له: إِسَاف، وعلى المروة وثن يقال له: نائلة؛ فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالوا: يا رسول الله! إن أهل الجاهلية إنما كانوا يطوفون بين الصفا والمروة للوثنيين الذين عليهما، وإنهما ليس من شعائر الله؛ فنزلت:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري (3/ 497 رقم 1643، ص 614 رقم 1790، 8/ 175 رقم 4495 ص 613 رقم 4861)، ومسلم (2/ 928 - 930 رقم 1277)، واللفظ للبخاري في الموضع الأول.

(2)

أخرجه البخاري (3/ 502 رقم 1648، 8/ 176 رقم 4496)، ومسلم (2/ 930 رقم 1278) وغيرهما، واللفظ للبخاري في الموضع الثاني.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 28)، وسعيد بن منصور في "سننه"(2/ 636 رقم 234 - التكملة)، والفاكهي في "أخبار مكة"(2/ 241 رقم 1438)، =

ص: 86

• عن مجاهد؛ قال: قالت الأنصار: إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية؛ فنزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن عمرو بن حبشي؛ قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} ، قال: انطلق إلى ابن عباس فاسأله؛ فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم؛ فأتيته، فسألته، فقال: إنه كان عندهما أصنام، فلما حرمت؛ أمسكوا عن الطواف بينهما حتى أنزلت:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إنه كان في الجاهلية شياطين تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة، وكانت بينهما آلهة، فلما جاء الإِسلام وظهر؛ قال المسلمون: يا رسول الله! لا نطوف بين الصفا والمروة؛ فإنه شرك كنا نفعله في الجاهلية؛ فأنزل الله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ

= والواحدي في "الوسيط"(1/ 242)، وإسماعيل القاضي في "الأحكام"؛ كما في "فتح الباري"(3/ 500) وعبد بن حميد وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 385) -كلهم من طريق داود بن أبي هند عنه به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 637 رقم 235)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 28) كلاهما من طريق ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 385)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 28) من طريق جابر الجعفي عن عمرو به.

قلنا: جابر الجعفي؛ متروك الحديث، بل اتهمه بعضهم.

وضعفه العلامة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيقه لـ "تفسير ابن جرير"(3/ 233).

ص: 87

أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالت الأنصار: إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية؛ فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} -مثقل-

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 267 رقم 1435)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 28)، وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 112)، والحاكم (2/ 271) من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك عن عبد الله بن عباس به.

قال الحاكم: "حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وهذا وهم منهما؛ فإن أبا مالك، وهو غزوان بن عتبة الغفاري، لم يخرج له مسلم شيئاً، وسنده ضعيف؛ فيه أسباط بن نصر؛ صدوق كثير الخطأ، يغرب؛ كما في "التقريب"(1/ 53).

(2)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(8/ 177، 178 رقم 8323)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري"(3/ 500) من طريق عمر بن يحيى عن حفص بن جميع عن سماك بن حرب عن عكرمة عن عبد الله بن عباس به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سماك إلا حفص، تفرد به عمر بن يحيى".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 248): "وفيه حفص بن جميع؛ وهو ضعيف".

وقال الحافظ في "فتح الباري"(3/ 500): "وروى الطبراني، وابن أبي حاتم في "التفسير" بإسناد حسن".

قلنا: وهو وهم من الحافظ رحمه الله؛ فإن الحديث ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: ضعف رواية سماك بن حرب عن عكرمة؛ ففيها اضطراب.

الثانية: حفص بن جميع ضعيف؛ كما تقدم في كلام الهيثمي.

الثالثة: عمر بن يحيى الأيلي؛ كان يسرق الحديث؛ كما في "لسان الميزان"(4/ 338).

ص: 88

فمن تركه؛ فلا بأس عليه، فبلغ ذلك عائشة؛ فقالت: ليس كما قال، لو كانت كما قال؛ لكانت: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما، ثم قالت: إنه كان على الصفا والمروة صنمان في الجاهلية يطوفون بينهما، فلما هدمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هدم الأصنام؛ تحرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطوّفوا بين الصفا والمروة، وقالوا: إنا كنا نطوف من أجل الصنمين فقد هدمهما الله؛ فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ؛ أي: في مناسك الحج، فلا تحرّجوا أن يطوّف بينهما

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي مجلز؛ قال: كان أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة، فقال المسلمون: إنما كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك؛ فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية

(2)

. [ضعيف]

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: سأل معاذ بن جبل -أخو بني سلمة-، وسعد بن معاذ -أخو بني عبد الأشهل-، وخارجة بن زيد -أخو

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5/ 48 رقم 4638) من طريق العباس بن الفضل الواقفي عن سليمان بن أرقم البصري عن حميد بن قيس الأعرج عن مجاهد عنه به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 248): "وفيه العباس بن الفضل الأنصاري وهو متروك".

قلنا: وفيه سليمان بن أرقم؛ وهو متروك؛ فالحديث ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(2/ 240 رقم 1436)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 410) كلاهما من طريق معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز به.

قلنا: وسنده صحيح إلى أبي مجلز؛ لكنه مرسل، وصححه الحافظ في "فتح الباري"(3/ 501).

ص: 89

بني الحارث بن الخزرج -نفراً من أحبار يهود- قال أبو كريب: عمَّا في التوراة، وقال ابن حميد: عن بعض ما في التوراة -فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم عنهم؛ فأنزل الله -تعالى ذكره- فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)} [البقرة: 159]

(1)

. [ضعيف]

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالت كفار قريش: يا محمد! صف -أو انسب- لنا ربك؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية وسورة الإِخلاص

(2)

. [موضوع]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان للمشركين ثلاثمائة وستون صنماً يعبدونها من دون الله؛ فبين الله -سبحانه- أنه إله واحد؛ فأنزل هذه الآية

(3)

. [ضعيف جداً]

• {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 268 رقم 1439)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 32) كلاهما من طريق ابن إسحاق -وهذا في "السيرة" (1/ 551 - سيرة ابن هشام) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد هذا شيخ ابن إسحاق؛ مجهول؛ تفرد بالرواية عنه ابن إسحاق.

(2)

ذكره الواحدي في "الوسيط"(1/ 245) من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده تالف؛ الكلبي وشيخه متهمان.

(3)

ذكره الواحدي في "الوسيط" من رواية جويبر عن الضحاك عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ جويبر بن سعيد الأزدي أبو القاسم البلخي راوي التفسير؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب"(1/ 136).

ص: 90

تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}.

• عن أبي الضحى؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163]؛ عجب المشركون، وقالوا: إن محمداً يقول: وإلهكم إله واحد؛ فليأتنا بآية إن كان من الصادقين؛ فأنزل الله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يقول: إن في هذه الآيات {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: أنزلت بالمدينة على النبي: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة: 163].

فقالت كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟ فأنزل الله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الثوري في "تفسيره"(ص 54) -وعنه وكيع؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 208) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 37) -، وسعيد بن منصور في "سننه"(2/ 640 رقم 239 - تكملة)، وأبو الشيخ في "العظمة"(1/ 252، 253 رقم 31)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 29)، وآدم بن أبي إيالس؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 208) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 272 رقم 1461)، والبيهقي في "شعب الإِيمان"(1/ 130 رقم 104) -، جميعهم من طريق سعيد بن مسروق عن أبي الضحى به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 395)، وزاد نسبته للفريابي.

وذكره الحافظ في "العجاب"(1/ 415) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 37)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 272 رقم 1462)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 29) من طريق موسى بن مسعود النهدي ثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن عطاء به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: =

ص: 91

• عن سعيد بن جبير؛ قال: سألت قريش يهوداً، فقالوا: حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات، فأخبروهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً؛ فنزداد به يقيناً، ونتقوى به على عدونا؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه فأوحى الله إليه:"إني معطيكم ذلك، ولكن إن كذبوا بعد؛ عذبتهم عذاباً لم أعذبه أحداً من العالمين، فقال: ذرني وقومي فأدعوهم يوماً بيوم"؛ فأنزل الله عليه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية؛ فخلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار أعظم من أن أجعل الصفا ذهباً

(1)

. [ضعيف]

= الأولى: الإرسال.

الثانية: موسى بن مسعود النهدي؛ صدوق سيّئ الحفظ، وكان يصحف؛ كما في "التقريب"(2/ 288).

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 395) وزاد نسبته لابن المنذر، وأبي الشيخ.

وأخرجه ابن جرير من طريق ابن جريج عنه بلفظ: "إن المشركين قالوا للنبي: أرنا آية؛ فنزلت هذه الآية".

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 37) عن محمد بن حميد الرازي، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 816، 817) عن الحسن بن موسى كلاهما عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه جعفر بن أبي المغيرة؛ قال ابن منده: ليس بالقوي في سعيد بن جبير، وقال الحافظ:"صدوق يهم".

(تنبيه): ذكر الحافظ رحمه الله رواية ابن جرير في كتاب "العجاب"(1/ 415) عند ذكر سبب نزول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} التي في البقرة، وذكر رواية عبد بن حميد (2/ 816) عند ذكر سبب نزول:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} التي في آل عمران ولم يبين الصواب.

قلنا: والصواب: ذكر سبب النزول في الآية التي في آل عمران، وهي الرواية التي عند عبد بن حميد، وأما رواية الطبري والتي فيها سبب نزول الآية التي في =

ص: 92

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= البقرة؛ فضعيفة جداً؛ لأن شيخ الطبري محمد بن حميد الرازي متهم، فذكر سبب نزول هذه الآية التي في سورة البقرة وهم، والصواب جعلها في سورة آل عمران، والله أعلم.

ووصله ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 273 رقم 1465)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 10 رقم 12322)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 92)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(12/ 30/ 4616) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ويحيى الحماني كلاهما عن يعقوب القمي عن جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ للعلة التي ذكرناها آنفاً.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 329): "وفيه يحيى الحماني، وهو ضعيف".

قال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 235): "رجاله ثقات! إلا الحماني؛ فإنه تكلم فيه، وقد خالفه الحسن بن موسى؛ فرواه عن يعقوب عن جعفر عن سعيد مرسلاً، وهو أشبه، وعلى تقدير كونه محفوظاً وصله؛ ففيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية وقريش من أهل مكة".

قلنا: الحماني لم يتفرد به؛ بل تابعه عبد الرحمن بن مهدي -وهو ثقة ثبت- عند ابن أبي حاتم، ورواية الحسن بن موسى التي ذكرها الحافظ: أخرجها عبد بن حميد؛ كما تقدم آنفاً، أما بالنسبة للإشكال الذي ذكره الحافظ؛ فلا يصح؛ لأن الحديث ضعيف موصولاً ومرسلاً، وقول الحافظ عن الحديث:"رجاله ثقات" خطأ؛ لأنه نفسه قال عن يعقوب: "صدوق يهم".

وقال في "العجاب"(2/ 817): "والمرسل أصح".

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 447): "وهذا مشكل؛ فإن هذه الآية مدنية وسؤالهم أن يكون الصفا ذهباً كان بمكة، والله أعلم".

قلنا: لا إشكال؛ لأن الحديث لم يصح.

ويرد على من رجح الإرسال: ما أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 207) من طريق أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي -وهو صدوق- ثنا أبي عن أبيه عن أشعث بن إسحاق القمي -ابن عم يعقوب- عن جعفر بن أبي المغيرة به موصولاً. =

ص: 93

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)} .

• عن الكلبي؛ قال: نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة؛ حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام، وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإِسلام، ورغبهم فيه، وحذرهم عذاب الله ونقمته؛ فقال له رافع بن خارجة، ومالك بن عوف: بل نتبع يا محمد! ما وجدنا عليه آباءنا؛ فهم كانوا أعلم وخيراً منا؛ فأنزل الله في ذلك: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}

(2)

. [ضعيف]

= فتابع أشعث هذا -وهو صدوق- ابن عمه -يعقوب-، فرواه عن جعفر به موصولاً، والسند إليه حسن.

وعلى كل؛ فالحديث مداره على جعفر، وفي روايته عن سعيد بن جبير ضعف؛ كما قال ابن منده، ووصفه ابن حجر بأنه يهم، فلعل هذا من أوهامه؛ فتارة يرسل الحديث، وتارة يرفعه، والله أعلم.

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 29) معلقاً.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

(2)

أخرجه ابن إسحاق (1/ 552 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 47)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 281 رقم 1511) -: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد مولى زيد بن ثابت؛ مجهول؛ لم يرو عنه إلا ابن إسحاق.

ص: 94

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وعلمائهم، كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضل، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم من غيرهم؛ خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم؛ فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها، ثم أخرجوها إليهم وقالوا: هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي، فإذا نظرت السفلة إلى النعت المغير؛ وجدوه مخالف لصفة محمد؛ فلم يتبعوه؛ فأنزل الله:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ}

(1)

. [موضوع]

• عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} والتي في آل عمران: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] نزلتا جميعاً في يهود

(2)

. [ضعيف]

• {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي

(1)

أخرجه الثعلبي؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 409) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

وذكره الواحدي في "أسباب النزول" معلقاً (ص 29، 30).

قلنا: وهذا سند تالف؛ فيه الكلبي وشيخه أبو صالح متهمان.

وقال السيوطي في "الدر المنثور": "وأخرج الثعلبي بسند ضعيف".

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 53) بسند صحيح إلى عطاء.

(تنبيه): وقع تحريف في "تفسير ابن جرير"؛ ففيه عن ابن جريج عن عكرمة، وهو خطأ، والصواب: ابن جريج عن عطاء.

ص: 95

الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}.

• قال قتادة: ذكر لنا أن رجلاً سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن البر؛ فأنزل الله هذه الآية. وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا الرجل؛ فتلاها عليه، وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، ثمن مات على ذلك؛ يرجى له ويطمع له في خير؛ فأنزل الله:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} ، وكانت اليهود توجهت قِبَلَ المغرب، والنصارى قِبَلَ المشرق:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن الربيع بن أنس؛ قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب، والنصارى قبل المشرق، فنزلت:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 56): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة.

وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" لابن حجر (1/ 421) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 411)، وزاد نسبته لابن المنذر.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 66) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 55، 56) -: ثنا معمر عن قتادة بلفظ: "كانت اليهود تصلي قِبَلَ المغرب، والنصارى تصلي قبل المشرق، فنزلت. . .".

قلنا: وسنده صحيح إلى قتادة.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 56) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإعضال. =

ص: 96

• عن أبي العالية؛ قال: كانت اليهود تصلي قِبَلَ المغرب، وكانت النصارى تقبل قِبَلَ المشرق؛ فنزلت:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل لا تقبل منه الدية؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إلى آخر الآية: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} يقول: فخفف عنكم ما كان على من قبلكم؛ أي: الدية لم تكن تقبل، فالذي يقبل الدية؛ فذلك عفو؛ فاتباع بالمعروف، ويؤدي إليه الذي عفي من أخيه بإحسان

(2)

. [حسن]

• عن الشعبي في قوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}

= الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف.

الثالثة: ابنه عبد الله متكلم فيه، وقال ابن حبان:"يعتبر بروايته عن غير أبيه".

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 287 رقم 1541)، والطبري في "جامع البيان"(2/ 56) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ سيّئ الحفظ.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 65)، وابن حبان في "صحيحه"(13/ 362/ 6010 - الإحسان) كلاهما من طريق ابن المبارك عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن مجاهد عنه به.

قلنا: وهذا سند. حسن؛ فيه محمد بن مسلم وهو صدوق.

وتابعه سفيان بن عيينة به -لكن دون التصريح بسبب النزول- عند البخاري (8/ 176، 177 رقم 4498، 12/ 205 رقم 6881) وغيره.

ص: 97

قال: نزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية، فقالوا: نقتل بعبدنا فلان ابن فلان، وبفلانة فلان بن فلان؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ} الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: لم يكن لمن قبلنا دية؛ إنما هو القتل، أو العفو إلى أهله؛ فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم، فكانوا إذا قتل من الحي الكثير عبد؛ قالوا: لا نقتل به إلا حراً، وإذا قتلت منهم امرأة؛ قالوا: لا نقتل بها إلا رجلاً؛ فأنزل الله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}

(2)

. [ضعيف]

• وعنه -أيضاً-؛ قال: كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان؛ فكان الحي إذا كان فيهم عدّةٌ ومنعة، فقتل عبد قوم آخرين عبداً لهم؛ قالوا: لا نقتل به إلا حراً تعززاً؛ لفضلهم على غيرهم في أنفسهم، وإذا قُتلت لهم امرأة قتلتها امرأة قوم آخرين؛ قالوا: لا نقتل بها إلا رجلاً؛ فأنزل الله هذه الآية؛ يخبرهم أن العبد بالعبد، والأنثى بالأنثى؛ فنهاهم عن البغي، ثم أنزل الله -تعالى ذكره- في سورة المائدة بعد ذلك فقال:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 60) من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 66) -ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره"(2/ 61) -: نا معمر، وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(1/ 424) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 60، 61)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 25، 26) من طريق سعيد بن أبي عروبة وشيبان النحوي عنه به. =

ص: 98

• عن السدي؛ قال: اقتتل أهل ملتين من العرب أحدهما: مسلم، والآخر: معاهد في بعض ما يكون بين العرب من الأمر؛ فأصلح بينهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء؛ على أن يؤدي الحر دية الحر، والعبد دية العبد، والأنثى دية الأنثى، فقاصهم بعضهم من بعض

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي مالك الغفاري؛ قال: كان بين حيين من الأنصار قتال، كان لأحدهما على الآخر الطول؛ فكأنهم طلبوا الفضل، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم فنزلت هذه الآية:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى

(2)

. [ضعيف]

• عن الشعبي؛ قال: نزلت في قتال عمية كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

. [ضعيف]

= قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 419)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وأبي داود في "ناسخه"، وأبي القاسم الزجاجي في "أماليه".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 61) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: ضعف أسباط بن نصر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 61) من طريق سويد بن نصر ثنا عبد الله بن المبارك عن الثوري عن السدي عن أبي مالك به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 419) وزاد نسبته لابن مردويه.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 61) من طريقين عن شعبة عن أبي بشر سمعت الشعبي.

قلنا: وهذا رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ص: 99

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة؛ فأنزل الله -تعالى-:{أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} ؛ فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم في العمد؛ سواء رجالهم ونساءهم، في النفس وما دون النفس، وجعل العبيد مستويين فيما بينهم في العمد، في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساءهم

(1)

. [حسن]

• عن سعيد بن جبير: أنَّ حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإِسلام بقليل؛ فكان بينهم قتل وجراحات؛ حتى قتلوا العبيد والنساء، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا؛ فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال، فحلفوا أن لا يرضوا؛ حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم، والمرأة منا الرجل منهم؛ فنزل فيهم:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}

(2)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} .

• عن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ فصام عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم أنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 62)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 294 رقم 1578) من طريق أبي صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عنه به.

قلنا: وهذا سند حسن.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 293، 294 رقم 1576): ثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثني عبد الله بن لهيعة ثني عطاء بن دينار عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال، وبه أعله السيوطي؛ كما في "الفتح السماوي"(1/ 214).

الثانية: ضعف عبد الله بن لهيعة، والراوي عنه ليس من قدماء أصحابه.

ص: 100

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} إلى قوله: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ؛ فكان من شاء صام، ومن شاء أطعم مسكيناً؛ فأجزأ ذلك عنه، ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى:{شَهْرُ رَمَضَانَ} إلى قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ؛ فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي يطيق الصيام

(1)

.

• وقال مقاتل بن سليمان: كبُر لبيد الأنصاري من بني عبد الأشهل؛ فعجز عن الصوم، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما على من عجز عن الصوم؛ فأنزل الله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} إلى قوله: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}

(2)

.

{أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} .

• عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ؛ كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها؛ فنسختها

(3)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية؛ فنسخت الأولى إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكيناً وأفطر

(4)

. [ضعيف]

(1)

قلنا: سيأتي تخريج الحديث -إن شاء الله- مفصلاً عند آية {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ. . . (187)} .

(2)

ذكره الحافظ في كتابه "العجاب"(1/ 428، 429) معلقاً دون سند وسكت عليه.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه (8/ 181 ر قم 4507)، ومسلم في "صحيحه" (2/ 802 رقم 1145)(149).

(4)

أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تتفسير القرآن العظيم"(1/ 221) من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد بن أبي ليلى، وهو ضعيف لسوء حفظه.

ص: 101

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم، ثم ضعف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكيناً

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} كان من شاء صام، ومن شاء أفطر، وأطعم مسكيناً، فكانوا كذلك حتى نسختها:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

(2)

. [ضعيف]

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)} .

• عن الشعبي؛ قال: لما نزلت {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ؛ أفطر الأغنياء وأطعموا، وحصل الصوم على الفقراء؛ فأنزل الله عز وجل:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

(3)

. [ضعيف]

• عن خيثمة بن أبي خيثمة البصري عن أنس -أنه سأله عن الصوم في السفر-، فقال: قد أمرت غلامي أن يصوم فأبى، قلت: فأين هذه الآية:

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 221): ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث بن سوار عن عكرمة عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ أشعث هذا ضعيف؛ كما قال الحافظ وغيره.

(2)

أخرجه الطبري؛ كما في "العجاب"(1/ 431) من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فإن راويه عن السدي هو أسباط بن نصر، وهو ضعيف.

(3)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(1/ 432): ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا وهيب بن خالد عن عبد الله بن شبرمة عن الشعبي به.

قال الحافظ: "وهذا مرسل صحيح السند".

قلنا: فهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 102

{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} قال: نزلت ونحن يومئذٍ نرتحل جياعاً، وننزل على غير شبع، وإنا اليوم نرتحل شباعاً وننزل على شبع"

(1)

. [ضعيف]

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} .

• عن الصُلْب بن حكيم عن أبيه عن جده؛ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أقريب ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! قال: فسكت عنه؛ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} الآية، إني أمرتهم أن يدعوني؛ فليدعوني؛ إني أستجيب لهم

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(1/ 221 رقم 40)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 216 رقم 733)، وابن جرير في "جامع البيان"(رقم 8912) -واللفظ له- من طرق عن بشير بن سليمان عن خيثمة عن أنس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه خيثمة، وهو ضعيف.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 314 رقم 1667)، وابن حبان في "الثقات"(8/ 436)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 92)، وابن أبي خيثمة في "جزء من روى عن أبيه عن جده"؛ كما في "اللسان"(3/ 195)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(3/ 1435، 1436)، والعلائي في كتاب "الوشي" -ومن طريقه ابن حجر في "اللسان"(3/ 195) -، والبغوي في "معجم الصحابة"؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 469)، وأبو الشيخ وابن مردويه في تفسيرهما؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 124).

قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في "التوضيح"(5/ 437): "قلت: بحديث واحد ليس له غيره، في سنده اضطراب؛ وهو في سبب نزول قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} رواه جرير بن عبد الحميد عن عبدة بن أبي برزة عن صلب به".

وقال الحافظ في "العجاب"(1/ 434): "وفي سنده ضعف".

والحديث ضعفه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "جامع البيان"(3/ 481).

قلنا: والحديث ضعيف جداً؛ لجهالة الصلب وأبيه وجده.

(تنبيه): لا تصح نسبة الصلب أنه ابن حكيم بن معاوية بن حيدة؛ كما قال ابن أبي خيثمة، والذهبي، وابن حجر، وعبد الغني المقدسي، ومن قبلهم الخطيب البغدادي. =

ص: 103

• عن الحسن؛ قال: سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أين ربُّنا؟ فأنزل الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن عطاء بن أبي رباح: أنه بلغه لما نزلت: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]؛ قال الناس: لو نعلم أي ساعة ندعو؟ فنزلت {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي}

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أنه لما أنزل الله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]؛ قال رجال: كيف ندعو يا نبي الله؟! فأنزل الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي}

(3)

. [ضعيف]

• عن الضحاك: سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: أقريب

= وانظر: "المشتبه" للذهبي (ص 316)، و"الإكمال"(5/ 196)، و"اللسان"(3/ 195)، و"تلخيص المتشابه"(2/ 462).

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 73) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 92) -: ثنا جعفر بن سليمان عن عوف عن الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

وقال السيوطي في "اللباب"(ص 33): "مرسل، وله طرق أخرى".

وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "جامع البيان"(3/ 481): "الإسناد صحيح إلى الحسن، ولكن الحديث ضعيف؛ لأنه مرسل، لم يسنده الحسن عن أحد من الصحابة". اهـ.

(2)

أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب"(1/ 433)، والطبري في "جامع البيان"(2/ 92، 93) من طريق ابن جريج عن عطاء به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وعنعنة ابن جريج عن عطاء محمولة على الاتصال.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 469) وزاد نسبته لوكيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 93): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عنه به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ص: 104

ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! فأنزل الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي}

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال يهود أهل المدينة: يا محمد! كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام، وإن غلظ كل سماء مثل ذلك؟! فنزلت هذه الآية

(2)

. [موضوع]

• عن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعجزوا عن الدعاء؛ فإن الله أنزل عليَّ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] "؛ فقال رجل: يا رسول الله! ربنا يسمع الدعاء أم كيف ذلك؟ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} الآية

(3)

.

• عن أُبي بن كعب رضي الله عنه؛ قال: قال المسلمون: يا رسول الله! أقريب ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! فأنزل الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}

(4)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: قال المسلمون: أقريب ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! فنزلت:{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} ؛ ليطيعوني، والاستجابة: هي الطاعة، {وَلْيُؤْمِنُوا بِي}: ليعلموا {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}

(5)

.

(1)

هكذا ذكره البغوي في "معالم التنزيل"(1/ 204)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 283)، وابن حجر في "العجاب"(1/ 434) معلقاً دون سند.

(2)

ذكره البغوي في "معالم التنزيل"(1/ 204)، وابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 189)، وابن حجر في "العجاب" (1/ 435)؛ وقالوا: وروى الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس.

قلنا: وهذا سند تالفٌ، فيه الكلبي، وشيخه متهمان.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 469)، وعزاه لابن عساكر في "تاريخه".

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 469، 470)، ونسبه لسفيان بن عيينة في "تفسيره"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" من طريق سفيان عن أُبي.

قلنا: وبين سفيان وأبي مفاوز.

(5)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 470)، ونسبه لابن المنذر.

ص: 105

• عن عبد الله بن عبيدة؛ قال: لما نزلت هذه الآية {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]؛ قالوا: كيف لنا به أن نلقاه حتى ندعوه؟ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} ، فقالوا: صدق ربنا، وهو بكل مكان

(1)

.

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين ربنا؟ قال: في السماء على عرشه، ثم تلا {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]، وأنزل الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} الآية

(2)

.

{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)} .

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائماً؛ فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر؛ لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً، فلما حضر الإفطار؛ أتى امرأته، فقال لها: أعندك طعامٌ؟ قالت: لا، ولكن انطلق فأطلبُ لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءَته امرأته، فلما رأته؛ قالت: خيبةً لك؛ فلما انتصف النهار؛ غشي عليه؛ فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ؛ ففرحوا

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 470)، ونسبه لابن المنذر؛ وعبد بن حميد.

(تنبيه): لفظ: "وهو بكل مكان" منكر وباطل؛ فقد دلت الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة على علو الله -تعالى-، وأنه فوق عرشه بائن من خلقه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 469)، ونسبه لابن مردويه.

ص: 106

بها فرحاً شديداً، ونزلت:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}

(1)

. [صحيح]

• عن سهل بن سعد رضي الله عنه؛ قال: أنزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ولم ينزل: {مِنَ الْفَجْرِ} ؛ فكان رجال إذا أرادوا الصوم؛ ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى بتبين له رؤيتهما؛ فأنزل الله -تعالى- بعد {مِنَ الْفَجْرِ}؛ فعلموا أنه إنما يعني: الليل والنهار

(2)

. [صحيح]

• عن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلاً من الأنصار يقال له: صرمة، كان يعمل صائماً حتى أمسى، فجاء إلى أهله، فصلى العشاء، ثم نام، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح صائماً؛ فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جهد جهداً شديداً، فقال: ما لي أراك جهدت جهداً شديداً؟ قال: يا رسول الله! إني عملت أمس، فجئت حين جئت فألقيت نفسي؛ فنمت، فأصبحت حين أصبحت صائماً.

قال: وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك؛ فأنزل الله عز وجل:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(4/ 129 رقم 1915).

وفي رواية له (8/ 18 رقم 4508): لما نزل صوم رمضان؛ كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم؛ فأنزل الله:{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} .

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(4/ 132 رقم 1917، 8/ 182، 183 رقم 4511)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 1091)(35).

(3)

أخرجه أحمد (5/ 246، 247)، وأبو داود (رقم 507)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 76، 77، 95)، والطبراني في "الكبير"(20/ رقم 270)، وابن أبي حاتم في =

ص: 107

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "تفسيره"(1/ 315 رقم 1673)، والحاكم (2/ 274)، والبيهقي (4/ 200) وغيرهم من طريق المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.!

قال البيهقي عقبه: "هذا مرسل؛ عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل".

وقال الحافظ في "العجاب"(1/ 429): "أخرجه أحمد وأبو داود والطبري، والمسعودي؛ صدوق، لكنه اختلط. وقد خالفه شعبة؛ فرواه عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعاً؛ غير فريضة، ثم أنزل: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185]، وهذا أصح من رواية المسعودي". اهـ.

قلنا: رواية شعبة: أخرجها أبو داود (رقم 506) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الصغير"(2/ 85 رقم 1291)، و"معرفة السنن والآثار"(3/ 342، 343 رقم 2435، 2436) -، والطبري (2/ 95).

وتابع شعبةَ ابنُ نمير: أخرجه البخاري -معلقاً- (4/ 187)، ووصله أبو نعيم في "المستخرج"؛ كما في "فتح الباري"(4/ 188) -ومن طريقه الحافظ في "تغليق التعليق"(3/ 185) -، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 200). والمعتمد على هذه الرواية.

وتابع عمرو بن مرة حصين عن ابن أبي ليلى عند أبي داود وغيره.

(تنبيه): قال الحافظ في "فتح الباري"(4/ 188): "وهذا الحديث أخرجه أبو داود من طريق شعبة، والمسعودي عن الأعمش مطولاً في الأذان والقبلة والصيام، واختلف في إسناده اختلافاً كثيراً، وطريق ابن نمير هذه أرجحها". اهـ.

ولم نجده في مطبوع "سنن أبي داود" من هذا الطريق، والله أعلم.

وقال في "الفتح"(8/ 182): "وهذا الحديث مشهور عن ابن أبي ليلى، لكنه لم يسمع من معاذ، وله شواهد".

ثم قال (4/ 131): "ووصله أبو داود من طريق ابن أبي ليلى فقال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فذكره مختصراً".

والحديث أعله شيخنا في "الإرواء"(4/ 21) بهاتين العلتين.

لكنه قال: "لكن قد جاء بعضه من طريق غير المسعودي"، قلنا: هو كما قال.

ص: 108

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: كان المسلمون قبل أن تنزل هذه الآية إذا صلوا العشاء الآخرة؛ حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا، وإن عمر بن الخطاب أصاب أهله بعد صلاة العشاء، وإن صِرْمة بن قيس الأنصاري غلبته عينه بعد صلاة المغرب؛ فنام فلم يشبع من الطعام، ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء؛ فقام، فأكل وشرب، فلما أصبح؛ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك؛ فأنزل الله عند ذلك:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ؛ فكان ذلك عفواً من الله ورحمة

(1)

.

• عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه؛ قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل، فأمسى، فنام؛ حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سهر عنده فوجد امرأته قد نامت؛ فأرادها؛ فقالت: إني قد نمت، قال: ما نمت، ثم وقع بها، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخبره؛ فأنزل الله -تعالى-: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ

(1)

أخرجه أحمد، وابن أبي حاتم، وابن جرير؛ كما في "العجاب"(1/ 440)، و"الدر المنثور"(1/ 476)، وإبراهيم ابن أبي ثابت في "جزئه"؛ كما في "فتح الباري"(4/ 130) من طريق قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به.

وذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 226، 227): "وقال سعيد بن أبي عروبة عن قيس به".

قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "جامع البيان"(3/ 498): "فهذا إسناد صحيح، أما ما وراء سعيد بن أبي عروبة؛ فلا ندري ما حاله حتى نعرف رواته".

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 441): "كذا جاء في هذه الرواية أن صرمة بن قيس أبو قيس بن صرمة أكل وشرب بعدما نام، والذي تقدم أصح (حديث البراء) أنه امتنع؛ فجهد فنزلت".

قلنا: وهو كما قال رحمه الله.

ص: 109

تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس في قول الله -تعالى ذكره-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء؛ حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناساً من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء؛ منهم: عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله:{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}

(2)

. [حسن]

(1)

أخرجه أحمد (3/ 460)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 96)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 475)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 316 رقم 1677) من طريق ابن لهيعة ثني موسى بن جبير مولى بني سلمة أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه فذكره.

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 441): "وفي سنده عندهما ابن لهيعة، وحديثه يكتب في المتابعات".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 475): "بسند حسن".

وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "جامع البيان"(3/ 497): "وإنما حسن إسناده من أجل ابن لهيعة -فيما أرجح- وعندي أن إسناده صحيح".

قلنا: هذا قصور منهم جميعاً؛ فابن لهيعة روى عنه ابن المبارك وعبد الله بن وهب، وهما من الذين رووا عنه قبل احتراق كتبه.

وأعجب من هذا أن الحافظ ابن حجر قال عن موسى بن جبير في "التقريب"(2/ 281): "مستور"، بينما هنا أعله بابن لهيعة وسكت عن موسى؟!

وعليه؛ فمدار الحديث على موسى؛ وقد قال عنه ابن القطان: "لا يعرف حاله"، وقال ابن حجر:"مستور"؛ فالحديث ضعيف به.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 96)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 436)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 476) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عنه به. =

ص: 110

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن الناس كانوا قبل أن ينزل في الصوم ما نزل يأكلون ويشربون، ويحل لهم شأن النساء، فإذا نام أحدهم لم يطعم ولم يشرب، ولا يأتي أهله حتى يفطر من القابلة؛ فبلغنا أن عمر بن الخطاب بعدما نام ووجب عليه الصوم؛ وقع على أهله، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أشكو إلى الله وإليك الذي صنعت، قال:"وماذا صنعت؟ "، قال: إني سوّلت لي نفسي؛ فوقعت على أهلي بعدما نمت وأنا أريد الصوم، فزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما كنت خليقاً أن تفعل"؛ فنزل

= قلنا: وسنده حسن -إن شاء الله- وإن كان فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف؛ لكن الراوي عنه عند ابن أبي حاتم هو أبو حاتم الرازي، وهو من الجهابذة الحفاظ الذين نص الحافظ في "هدي الساري": أن روايتهم عن عبد الله بن صالح من صحيح حديثه.

فإن قيل: علي بن أبي طلحة لم يلق ابن عباس رضي الله عنهما ولم يسمع منه.

فالجواب: قد رأينا الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه "العجاب"(1/ 207) يقول: "وعلي صدوق لم يلق ابن عباس، لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه؛ فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة".

وقال الذهبي في "الميزان"(3/ رقم 5870): "أخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهداً بل أرسله عن ابن عباس".

وقال المزي في "تهذيب الكمال"(20/ 490): "روى عن. . . وعبد الله بن عباس مرسل بينهما مجاهد".

وقال النحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 75): "والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، وهذا القول لا يوجب طعناً؛ لأنه أخذ عن رجلين ثقتين، وهو نفسه ثقة صدوق".

وقال السيوطي في "الإتقان"(2/ 188): "قال قوم: لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير، قال ابن حجر: بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة؛ فلا ضير في ذلك".

ص: 111

الكتاب: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}

(1)

. [صحيح]

• عن عكرمة: أن رجلاً -قد سماه من الأنصار- جاء ليلة وهو صائم، فقالت امرأته: لا تنم حتى نضع لك طعاماً؛ فنام، فجاءت، فقالت: نمت والله، فقال: لا والله، قالت: بلى والله، فلم يأكل تلك الليلة، وأصبح صائماً؛ فغشى عليه، وأنزلت الرخصة فيه

(2)

. [موضوع]

• عن القاسم بن محمد؛ قال: إن بدء الصوم؛ كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء، فإذا نام؛ لم يصل إلى أهله بعد ذلك، ولم يأكل ولم يشرب، حتى جاء عمر إلى امرأته؛ فقالت: إني قد نمت، فوقع بها، وأمسى صرمة بن قيس صائماً؛ فنام قبل أن يفطر، وكانوا إذا ناموا؛ لم يأكلوا ولم يشربوا، فأصبح صائماً، وكاد الصوم يقتله؛ فأنزل الله عز وجل الرخصة قال:{فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 226) من طريق موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عنه.

قلنا: قال الحافظ في "العجاب"(1/ 437): "وهذا سند صحيح".

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 71) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 96) -: ثنا معمر قال: أخبرني إسماعيل بن شروس عن عكرمة به.

قلنا: وهذا حديث موضوع؛ المتهم فيه إسماعيل بن شروس؛ فقد روى ابن عدي في "الكامل"(1/ 314) بسند صحيح عن الإِمام أحمد أنه قال: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن إسماعيل بن شروس عن عكرمة به.

قال: قلت لمعمر: ما لك لم تكثر عن ابن شروس؟ قال: "كان يضع الحديث".

(3)

أخرجه الذهلي في "الزهريات"؛ كما في الفتح (4/ 130) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 31) -: ثنا هشام بن عمار قال: ثنا يحيى بن حمزة قال: ثنا إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن القاسم.

قلنا: وهذا سند واهٍ بمرة؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال. =

ص: 112

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه، حتى إذا أمسى طعم من الطعام فيما بينه وبين العتمة، حتى إذا صليت؛ حرم عليهم الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة، وإن عمر بن الخطاب بينما هو نائم؛ إذ سولت له نفسه، فأتى أهله لبعض حاجته، فلما اغتسل؛ أخذ يبكي ويلوم نفسه كأشد ما رأيت من الملامة، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة؛ فإنها زيَّنت لي؛ فواقعت أهلي، هل تجد لي رخصه يا رسول الله؟! قال:"لم تكن حقيقاً بذلك يا عمر! "، فلما بلغ بيته، أرسل إليه؛ فأنبأه بعذره في آية من القرآن، وأمر الله رسوله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة؛ فقال:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن ثابت البناني: أن عمر واقع أهله ليلة في رمضان؛ فاشتد ذلك عليه؛ فأنزل الله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن صرمة بن أنس أتى النبي صلى الله عليه وسلم عشية من العشيات وقد جهده الصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما لك يا أبا قيس! أمسيت طليحاً؟! "، قال: ظللت أمس نهاري في النخل أجر

= الثانية: إسحاق بن أبي فروة؛ متروك، واتهمه بعضهم. قال الحافظ في كتابه "العجاب"(1/ 444، 445): "وهذا الحديث مع إرساله، ضعيف السند من أجل إسحاق بن أبي فروة".

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 96): ثني محمد بن سعد العوفي ثني أبي ثني عمي قال: ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند واهٍ بمرة؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 96).

قلنا: وهو منقطع بين ثابت وعمر.

وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "جامع البيان"(3/ 497): "فهذا إسناد منقطع؛ ضعيف لذلك".

ص: 113

الجريد، فأتيت أهلي، فنمت قبل أن أطعم، وأمسيت وقد جهدني الصوم؛ فنزلت فيه:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}

(1)

. [موضوع]

• عن محمد بن يحيى بن حبان: أن صرمة بن أنس أتى أهله ذات ليلة وهو شيخ كبير وهو صائم؛ فلم يهيؤوا له طعاماً؛ فوضع رأسه فأغفى، وجاءته امرأته بطعامه، فقالت له: كل، فقال: إني قد نمت، قالت: إنك لم تنم؛ فأصبح جائعاً مجهوداً؛ فأنزل الله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}

(2)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: كتب على النصارى رمضان، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم، ولا ينكحوا النساء شهر رمضان؛ فكتب على المؤمنين كما كتب عليهم، فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى؛ حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له: أبو

(1)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1524 رقم 3864)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(2/ 400) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند موضوع؛ من دون ابن عباس كذابون متهمون.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 98) من طريق ابن إسحاق عن محمد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عنعنه ابن إسحاق.

والحديث ذكره الحافظ في "فتح الباري"(4/ 130) وقال: "ولابن جرير من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان -بفتح المهملة والباء الموحدة الثقيلة- مرسلاً".

قلنا: وذكر أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1524): أن حماد بن سلمة رواه عن محمد بن يحيى به، فإن صح السند إليه؛ فتبقى علّة الإرسال.

ص: 114

قيس بن صرمة، وكان يعمل في حيطان المدينة بالأجر؛ فأتى أهله بتمر، فقال لامرأته: استبدلي بهذا التمر طحيناً فاجعليه سخينة لعلّي أن آكله؛ فإن التمر قد أحرق جوفي، فانطلقت، فاستبدلت له، ثم صنعت، فأبطأت عليه؛ فنام؛ فأيقظته، فكره أن يعصي الله ورسوله، وأبى أن يأكل، وأصبح صائماً؛ فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما لك يا أبا قيس! أمسيت طليحاً؟! "؛ فقص عليه القصة، وكان عمر بن الخطاب وقع على جارية له -في ناس من المؤمنين لم يملكوا أنفسهم،- فلما سمع عمر كلام أبي قيس؛ رهب أن ينزل في أبي قيس شيء؛ فتذكر هو؛ فقام فاعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا رسول الله! إني أعوذ بالله أني وقعت على جاريتي، ولم أملك نفسي البارحة، فلما تكلم عمر؛ تكلم أولئك الناس؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما كنت جديراً بذلك يا ابن الخطاب! "؛ فنسخ ذلك عنهم، فقال:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} يقول: أنكم تقعون عليهن خيانة. {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يقول: جامعوهن، ورجع إلى أبي قيس، فقال:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قال: وكان بدء الصيام أمروا بثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين غدوة وركعتين عشية؛ فأحل الله لهم في صيامهم في ثلاثة أيام، وفي أول ما افترض عليهم في رمضان إذا أفطروا وكان الطعام

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 97) عن موسى بن هارون الحمال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط هذا، ضعيف.

ص: 115

والشراب وغشيان النساء لهم حلالاً ما لم يرقدوا؛ فإذا رقدوا؛ حرم عليهم ذلك إلى مثلها من القابلة، وكانت خيانة القوم أنهم كانوا يصيبون أو ينالون من الطعام والشراب وغشيان النساء بعد الرقاد، وكانت تلك خيانة القوم أنفسهم. ثم أحل الله لهم بعد ذلك الطعام والشراب وغشيان النساء إلى طلوع الفجر

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ أنّه قال في هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} مثل قول مجاهد، وزاد فيه: إن عمر بن الخطاب قال لامرأته: لا ترقدي حتى أرجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فرقدت قبل أن يرجع، فقال لها: ما أنت براقدة، ثم أصابها حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذكر ذلك له؛ فنزلت هذه الآية، قال عكرمة: نزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا}

(2)

. [ضعيف]

(تكميل): كون الحرمة الواردة في الآية في أول الأمر مخصصة بالنوم؛ كما ورد في حديث البراء عند البخاري وغيره، وردت في حديث ابن عباس مخصصة بصلاة العتمة

(3)

.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 97).

قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل.

والحديث ذكره "السيوطي" في "الدر المنثور"(1/ 477)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 97، 98) من طريق ابن جريج عنه به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عنعنه ابن جريج.

(3)

قال الحافظ في "فتح الباري"(4/ 130): "فاتفقت الروايات في حديث البراء على أن المنع من ذلك كان مقيداً بالنوم؛ وهذا هو المشهور في حديث غيره، وقيد المنع من ذلك في حديث ابن عباس بصلاة العتمة: أخرجه أبو داود بلفظ: "كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة؛ حرم عليهم الطعام والشراب =

ص: 116

{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)} .

• عن سعيد بن جبير في قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ؛ يعني: بالظلم، وذلك أن امرأ القيس بن عابس وعبد الله بن أشوع الحضرمي اختصما في أرض، وأراد امرؤ القيس أن يحلف؛ ففيه نزلت:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}

(1)

. [ضعيف]

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)} .

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية فينا، فكانت الأنصار إذا حجوا، فجاؤوا؛ لم يدخلوا من قِبَلِ أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار، فدخل من قبل بابه، فكأنه عُيّر بذلك؛ فنزلت:{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}

(2)

. [صحيح]

= والنساء، وصاموا إلى القابلة"، ونحوه في حديث أبي هريرة، وهذا أخص من حديث البراء من وجه آخر، ويحتمل أن يكون ذكر صلاة العشاء لكون ما بعدها مظنة النوم غالباً، والتقييد في الحقيقة إنما هو بالنوم، كما في سائر الأحاديث". اهـ.

وهذا كلام في غاية التحقيق والتدقيق.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 321 رقم 1702) من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد به.

قلنا: عطاء بن دينار؛ صدوق؛ لكنه لم يسمع من سعيد بن جبير، إنما وجد تفسيره في ديوان عبد الملك بن مروان في صحيفة؛ فأخذها وجعل يرسل عن سعيد بن جبير؛ كما في "المراسيل"(ص 158)، و"الجرح والتعديل"(6/ 332)، و"تهذيب الكمال"(20/ 68).

وابن لهيعة ضعيف الحديث، والراوي عنه هنا ليس من قدماء أصحابه.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(3/ 621 رقم 1803، 8/ 183 رقم 4512)، ومسلم في "صحيحه"(4/ 2319 رقم 23) واللفظ للبخاري في الموضع الأول ومسلم. =

ص: 117

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإِحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب في الإِحرام، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان؛ إذ خرج من بابه، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله! إن قطبة بن عامر رجل فاجر، وإنه خرج معك من الباب، فقال له:"ما حملك على ما صنعت؟ "، قال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت، فقال:"إني أحمسي" قال: فإن ديني دينك؛ فأنزل الله: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}

(1)

. [صحيح]

= وفي رواية للبخاري في الموضع الثاني: "كانوا إذا أحرموا في الجاهلية؛ أتوا البيت من ظهره؛ فأنزل الله. . .".

(1)

أخرجه ابن خزيمة؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 456)، و"فتح الباري"(3/ 621)، والحاكم (1/ 483)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 33)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 323 رقم 1710) جميعهم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: أما صحيح؛ فنعم، وأما على شرطهما؛ فلا؛ فإن البخاري لم يرو لأبي سفيان -واسمه طلحة بن نافع- وإنما هو من أفراد مسلم؛ فهو على شرطه.

وصححه ابن خزيمة.

وقال الحافظ ابن حجر في كتابه "العجاب"(1/ 456): "وهو على شرط مسلم، ولكن اختلف في إرساله ووصله، وحديث البراء له شاهد قوي، وله عدة متابعات مرسلة".

وقال في "فتح الباري"(3/ 621): "وهذا الإسناد وإن كان على شرط مسلم؛ لكن اختلف في وصله على الأعمش عن أبي سفيان؛ فرواه عبيدة -وفي الأصل: عبد!! - بن حميد عنه؛ فلم يذكر جابراً: أخرجه بقي، وأبو الشيخ في "تفسيرهما" من طريقه". اهـ.

قلنا: أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2345، 2346 رقم =

ص: 118

• عن الزهري؛ قال: كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة؛ لم يحل بينهم وبين السماء شيء؛ يتحرجون من ذلك، وكان الرجل يخرج مهلاً بالعمرة؛ فتبدو له الحاجةُ بعدما يخرج من بيته، فيرجع فلا يدخل من باب الحجرة؛ من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء؛ فيفتح الجدار من قدامه، ثم يقوم في حجرته؛ فيأمر بحاجته، فتخرج إليه من بيته، حتى بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل زمن الحديبية بالعمرة مدخل حجرة، فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إني أحمس"، قال الزهري: وكان الحمس لا يبالون ذلك، فقال الأنصاري: فأنا أحمس، يقول: أنا على دينك؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن الربيع بن أنس قوله: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ. . .} ؛ قال: كان أهل المدينة وغيرهم إذا أحرموا؛ لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها، وذلك أن يتسوروها؛ فكان إذا أحرم أحدهم لا يدخل البيت إلا أن يتسور من قبل ظهره، وإن النبي صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم بيتاً لبعض الأنصار، فدخل رجل على أثره ممن قد أحرم؛ فأنكروا ذلك عليه،

= 5762) عن أبي الشيخ عن أبي يحيى الرازي ثنا سهل بن عثمان عن عبيدة به مرسلاً. وتقدم أن الواحدي رواه في "أسباب النزول" عن أبي الشيخ موصولاً، وفيه نظر.

وذكر أبو الشيخ -فيما نقله عنه أبو نعيم- أن عبد الله بن محمد بن زكريا رواه عن سهل بن عثمان عن عبيدة بن حميد عن الأعمش به موصولاً.

والوصل زيادة يجب قبولها.

ويشهد له ما بعده.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 73) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 109) - عن معمر عن الزهري به.

قال الحافظ في "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 458): "وهذا مرسل؛ رجاله ثقات".

ص: 119

وقالوا: هذا رجل فاجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"لم دخلت من الباب وقد أحرمت؟ "، قال: رأيتك يا رسول الله! دخلت؛ فدخلت على أثرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إني أحمس" -وقريش يومئذ تدعى الحمس-، فلما أن قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الأنصاري: إن ديني دينك؛ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجالاً من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدهم من عدوه شيئاً أحرم فأمن، فإذا أحرم؛ لم يلج من باب بيته، واتخذ نقباً من ظهر بيته، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ كان بها رجل محرم كذلك، وأن أهل المدينة كانوا يسمون البستان: الحش، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بستاناً؛ فدخله من بابه، ودخل معه ذلك المحرم؛ فناداه رجل من ورائه: يا فلان! إنك محرم، وقد دخلت؛ فقال:"أنا أحمس"، فقال: يا رسول الله! إن كنت محرماً؛ فأنا محرم، وإن كنت أحمس؛ فأنا أحمس؛ فأنزل الله -تعالى ذكره-:{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} إلى آخر الآية؛ فأحل الله للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 109) من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عنه.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف، سيّئ الحفظ.

الثالثة: عبد الله بن أبي جعفر؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه".

الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمار بن الحسين.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 109)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 323 رقم 1711) من طريق محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني علي قال: حدثني أبي عن أبيه عنه به.

قلنا: إسناده ضعيف جداً، مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 120

• عن قيس بن حبتر: أن ناساً كانوا إذا أحرموا؛ لم يدخلوا حائطاً من بابه، ولا داراً من بابها أو بيتاً، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه داراً، وكان رجل من الأنصار يقال له: رفاعة بن تابوت؛ فجاء، فتسوّر الحائط، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما خرج من باب الدار -أو قال: من باب البيت-؛ خرج معه رفاعة، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حملك على ذلك؟ "، قال: يا رسول الله! رأيتك خرجت منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني رجل أحمس"؛ فقال: إن تكن رجلاً أحمس؛ فإن ديننا واحد؛ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم -وهو محرم- من باب بستان قد حرث، فأبصره رجل من غير الحمس يقال له: قطبة بن عامر بن حديدة أحد بني سلمة، فأتبع بصره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! رضيت بدينك وهديك وسنتك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} الآية

(2)

. [موضوع]

• عن إبراهيم النخعي؛ قال: كان ناس من أهل الحجاز إذا أحرموا؛ لم يدخلوا من أبواب بيوتهم، بل دخلوا من ظهورها؛ فنزلت:

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 108)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(1/ 460)، و"فتح الباري"(3/ 621) من طريق داود بن هند عنه به.

قال الحافظ في "فتح الباري"(3/ 622): "هذا مرسل".

قلنا: وهو كما قال رحمه الله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 492)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4/ 2345 رقم 5761)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(4/ 106) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.

قلنا: وهذا موضوع؛ من دون ابن عباس كذابون.

ص: 121

{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: إن ناساً من العرب كانوا إذا حجوا؛ لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها، كانوا ينقبون في أدبارها، فلما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع؛ أقبل يمشي ومعه رجل من أولئك -وهو مسلم-، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم باب البيت؛ احتبس الرجل خلفه، وأبى أن يدخل، قال: يا رسول الله! إني أحمس، يقول: إني محرم، وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون: الحمس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وأنا -أيضاً- أحمس؛ فادخل"، فدخل الرجل؛ فأنزل الله:{وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}

(2)

. [منكر]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 109)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(1/ 461) من طريق مغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي به.

قلنا: وهذا سنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: مغيرة بن مقسم؛ مدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي به.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 707/ 283) بنحوه، ويشهد له حديث البراء السابق.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 109): ثني موسى بن هارون الحمال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف.

قال الحافظ ابن حجر في "العجاب في بيان الأَسباب"(1/ 459): "شذ السدي بهذه الرواية؛ فخالف في زمان نزول الآية، وخالف في من كان يفعل ذلك، فزعم أنهم الحمس، والمحفوظ أنهم غير الحمس، وخالف في أن الصحابي امتنع حتى أذن له النبي صلى الله عليه وسلم والمحفوظ: أنه صنع؛ فأنكر عليه، فإن أمكن الجمع بالحمل على التعدد مع بُعْده؛ وإلا؛ فالصحيح الأول".

قلنا: قطعاً الصحيح الأول؛ لأن الأثر لا يصح عن السدي، ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو منكر لمخالفته الروايات الصحيحة.

ص: 122

• عن قتادة؛ قال: كان هذا الحي من الأنصار في الجاهلية إذا أهل أحدهم بحج أو عمرة لا يدخل داراً من بابها؛ إلا أن يتسور حائطاً تسوراً، وأسلموا وهم كذلك؛ فأنزل الله -تعالى- ذكره في ذلك ما تسمعونه، ونهاهم عن صنيعهم ذلك، وأخبرهم أنه ليس من البر صنيعهم ذلك، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: قلت لعطاء عن هذه الآية، فقال: كان أهل الجاهلية يأتون البيوت من أبوابها ويرونه براً

(2)

.

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية

(3)

. [ضعيف]

• عن عطاء؛ قال: كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا البيوت من ظهورها، ويرون أن ذلك أدنى إلى البر؛ فنزلت

(4)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 109): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد ثنا سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل، ويشهد له حديث البراء المتقدم.

وذكر الحافظ في "العجاب"(1/ 461): أن عبد بن حميد رواه من طريق شيبان عن قتادة نحوه.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(1/ 462).

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 324 رقم 1713) من طريق موسى بن عبيدة الرَّبذي عن محمد به.

ضعفه الحافظ في "فتح الباري"(3/ 622)، و"العجاب"(1/ 463).

قلنا: وهو كما قال؛ لأن مداره على موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي، وهو ضعيف، وفيه علّة أخرى: وهي انقطاعه بين ابن أبي حاتم وزيد بن الحباب -راويه عن موسى- حيث لم يذكر من حدثه بالأثر عن زيد.

(4)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 324 رقم 1714) من طريق أبي شيبة عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف.

ص: 123

• عن قتادة؛ قال: سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم: لم جعلت هذه الأهلة؟ فأنزل الله ما تسمعون: {هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} ؛ فجعلها لصوم المسلمين، ولإفطارهم، ولمناسكهم، وحجهم، ولعدة نسائهم، ومحل دينهم في أشياء، والله أعلم بما يصلح خلقه

(1)

. [ضعيف]

• عن الربيع بن أنس؛ قال: ذكر لنا أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لم خلقت الأهلة؟ فأنزل الله الآية (وذكر الحديث بنحو السابق)

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن جريج بنحوه

(3)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة؛ فنزلت هذه الآية. . . يعلمون بها حل دينهم، وعدة نسائهم، ووقت حجهم

(4)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 108) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه يحيى بن سلام؛ كما في "العجاب"(1/ 454) عن شعبة كلاهما عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 490)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان"(2/ 108) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي، سيئ الحفظ.

الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه".

(3)

أخرجه ابن جرير (2/ 108).

قلنا: سنده ضعيف جداً؛ لإعضاله.

(4)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 322 رقم 1707)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 108) عن محمد بن سعد العوفي عن أبيه عن عمه الحسين عن جده عطية العوفي عنه به.

قلنا: وسنده واهٍ بمرة؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 124

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن غنمة، وهما رجلان من الأنصار قالا: يا رسول الله! ما بال الهلال يبدو ويطلع دقيقاً مثل الخيط، ثم يزيد؛ حتى يعظم ويستوي ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود؛ كما كان لا يكون على حال واحد؟! فنزلت:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} ؛ فجعلها لصوم المسلمين، ولإفطارهم، ولمناسكهم، وحجهم، ولعدة نسائهم، ومحل دينهم في أشياء، والله أعلم بما يصلح خلقه

(1)

. [موضوع]

• عن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: يا رسول الله! إن اليهود تغشانا، ويكثرون مسألتنا عن الأهلة؛ فأنزل الله هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}

(1)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(1/ 493، 494 رقم 1400)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(1/ 292)، وابن عساكر في "تاريخه"(ج 1/ ق 6/ ب) من طريق السدي عن الكلبي عن أبي صالح عنه به.

قال الولي العراقي: لم أقف له على إسناد، واستدرك عليه؛ فإن ابن عساكر أخرجه في "تاريخه" من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس؛ لكن إسناده واه؛ قاله المناوي في "الفتح السماوي"(1/ 232).

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 490): "وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف".

قلنا: وهذا سند تالف بمرة؛ فيه السدي والكلبي وشيخه كلهم ضعفاء متهمون بالكذب.

ولذلك قال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(5/ 455): "وقد توارد من لا يد لهم في صناعة الحديث على الجزم بأن هذا كان سبب النزول، مع وهاء السند فيه، ولا شعور عندهم بذلك، بل كاد يكون مقطوعاً به؛ لكثرة من ينقله من المفسرين وغيرهم!! ".

(2)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 32)، "الوسيط"(1/ 289) دون سند.

قال الحافظ ابن حجر في كتابه "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 454): "لم أر له سنداً إلى معاذ رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون اختصره أولاً ثم أورده مبسوطاً".

ص: 125

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في صلح الحديبية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صُد عن البيت، هو وأصحابه؛ نحر الهدي بالحديبية، ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه، ثم يأتي القابل على أن يخلوا له مكة ثلاثة أيام؛ فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء، وصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان العام المقبل؛ تجهز رسول الله وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تقي لهم قريش بذلك، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} ؛ يعني: قريشاً

(1)

. [موضوع]

{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ في قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 33 - 34)، والبغوي في "معالم التنزيل"(1/ 213) -معلقاً- وقال الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سنده تالف واه بمرة؛ فيه الكلبي وشيخه، وهما متهمان.

وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 466): "الكلبي؛ ضعيف لو انفرد؛ فكيف لو خالف؟! وقد خالفه الربيع بن أنس وهو أولى بالقبول منه؛ فقال: "إن هذه الآية أول آية في الإذن للمسلمين في قتال المشركين"، وسياق الآيات يشهد لصحة قوله".

قلنا: قول الربيع الذي ذكره الحافظ: أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 110) من طريق أبي جعفر الرازي عنه بلفظ: "هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله يقاتل من يقاتله، ويكف عمن كف عنه، حتى نزلت براءة".

قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرزاي؛ ضعيف سيئ الحفظ.

ص: 126

عَلَيْكُمْ. . .}؛ قال: هذا ونحوه نزل بمكة، والمسلمون يومئذ قليل، وليس لهم سلطان يقهر المشركين، وكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى؛ فأمر الله المسلمين من يجازي منهم أن يجازي بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو؛ فهو أمثل، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأعز الله سلطانه؛ أمر المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم، وأن لا يعدو بعضهم على بعض؛ كأهل الجاهلية

(1)

. [حسن]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما سار رسول الله معتمراً في سنة ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة -وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين، وأقصه الله منهم-؛ نزلت هذه الآية:{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}

(2)

. [موضوع]

• عن عطاء؛ قال: نزلت في الحديبية؛ منعوا في الشهر الحرام؛

(1)

أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان"(2/ 116)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 329 رقم 1740)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 61) من طريق عبد الله بن صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وسنده حسن، وعبد الله بن صالح وإن كان ضعيفاً؛ لكن الراوي عنه عند ابن أبي حاتم هو أبو حاتم الرازي؛ وحديثه عنه من صحيح حديثه.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 498)، وزاد نسبته لأبي داود في "ناسخه" وابن المنذر.

(2)

قال السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 496 - 497): "أخرج ابن جرير عن ابن عباس (وذكره) ". قلنا هو في "جامع البيان"(2/ 114) من طريق يوسف بن خالد السمتي عن نافع بن مالك عن عكرمة عنه به مختصراً جداً بلفظ: "هم المشركون، حبسوا محمداً صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فرجعه الله في ذي القعدة، فأدخله البيت الحرام، فاقتص له منهم.

قلنا: وهذا سند تالف؛ يوسف السمتي؛ كذبه يحيى بن معين، وغيره.

ص: 127

فنزلت: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ}

(1)

، عمرة في شهر حرام بعمرة في شهر حرام. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: أقبل نبي الله وأصحابه، فاعتمروا في ذي القعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية؛ صدهم المشركون؛ فصالحهم نبي الله صلى الله عليه وسلم على أن يرجع من عامه ذلك حتى يرجع من العام المقبل؛ فيكون بمكة ثلاثة أيام، ولا يدخلها إلا بسلاح راكب، ويخرج ولا يخرج بأحد من أهل مكة؛ فنحروا الهدي بالحديبية، وحلقوا وقصروا، حتى إذا كان من العام المقبل؛ أقبل نبي الله وأصحابه حتى دخلوا مكة، فاعتمروا في ذي القعدة، فأقاموا بها ثلاث ليال، فكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية؛ فأقصه الله منهم؛ فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه في ذي القعدة، فقال الله:{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 115) من طريق ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 201): أن مشركي العرب قالوا للنبي عليه السلام: انتهيت من قتالنا في الشهر الحرام؟ قال: "نعم"، وأرادوا أن يغزوه في الشهر الحرام، فيقاتلون فيه؛ فنزلت هذه الآية.

وذكره الحافظ في كتاب "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 470) نقلاً عن "تفسير الماوردي" ونسباه للحسن البصري.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 114) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 34) معلقاً.

وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 115) من طريق عبد الرزاق نا معمر عن قتادة وعن عثمان عن مقسم قالا: كان هذا في سفر الحديبية، صد =

ص: 128

{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} .

• عن أسلم أبي عمران؛ قال: كنا بالقسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد؛ فخرج من المدينة صف عظيم من الروم، وصففنا لهم صفاً عظيماً من المسلمين؛ فحمل رجل من المسلمين على صفِّ الروم حتى دخل بهم، ثم خرج إلينا مقبلاً؛ فصاح الناسُ؛ فقالوا: سبحان الله! الفتى ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب -صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم-: يا أيها الناس! إنكم تتأولون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا -معشر الأنصار- لما أعزّ الله دينهُ، وكثَّر ناصريه؛ قلنا بيننا بعضاً لبعض سراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت؛ فلو أنا أقمنا فيها، وأصلحنا ما ضاع منها؛ فأنزل الله تبارك وتعالى في كتابه يردُّ علينا ما هممنا به، قال:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ؛ فكانت التهلكة: الإقامة التي أردنا أن نقيم في أموالنا فنصلحها؛ فأمرنا بالغزو، فما زال أبو أيوب غازياً في سبيل الله حتى قبض

(1)

. [صحيح]

= المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت في الشهر الذي صدوهم فيه؛ فجعل الله -تعالى ذكره- لهم شهراً حراماً يعتمرون فيه مكان شهرهم الذي صدوا؛ فلذلك قال: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} .

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(1)

أخرجه أبو داود (رقم 2512)، والترمذي (رقم 2972)، والنسائي في "التفسير"(رقم 48، 49)، والطبري في "جامع البيان"(2/ 118، 119)، وأبو يعلى في "مسنده" كما في "الدر المنثور"(1/ 500) -وعنه ابن حبان في "صحيحه"(11/ 9/ 4711) -، والطحاوي في "مشكل الآثار"(12/ 99 رقم 4685)، والحاكم (12/ 275) -وعنه البيهقي (9/ 45) -، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 35)، والطيالسي (599)، والطبراني في "الكبير"(4060)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 330، 331)، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"(ص 269 - 270) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك"(2/ 84) -وعنه البيهقي (9/ 99) -، =

ص: 129

• عن أبي جبيرة بن الضحاك رضي الله عنه؛ قال: كانت الأنصار يتصدقون، ويعطون ما شاء الله، حتى أصابتهم سنة؛ فأمسكوا؛ فأنزل الله:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

(1)

. [صحيح]

= وغيرهم من طريق الليث بن سعد وحيوة بن شريح وعبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم به.

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب"، وصححه ابن حبان، وابن خزيمة؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 480).

وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.

قلنا: ووهما في ذلك؛ لأن الشيخين لم يخرجا لأسلم أبي عمران شيئاً، وإنما هو صحيح فقط.

وكذا صححه شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(رقم 13).

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 500) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.

(تنبيه): الحديث عزاه الحافظ في "فتح الباري"(8/ 185) إلى مسلم؛ فوهم.

(1)

أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(1/ 280 رقم 87)، و"الآحاد والمثاني"(4/ 149 رقم 2131)، والطبراني في "المعجم الكبير"(22/ رقم 970)، و"المعجم الأوسط"(6/ 20 رقم 5671)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1539 رقم 3902)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 33، 34)، والبغوي في "معجم الصحابة"، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 34)، وأبو يعلى في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 41 رقم 7580) -وعنه ابن حبان في "صحيحه"(13/ 16، 17 رقم 5709 - "إحسانا")، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 332 رقم 1750)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(51/ ق 19/ أ) جميعهم من طريق هدبة بن خالد ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

وقد اختلف في صحبة أبي جبيرة؛ فأثبت له الصحبة: أبو نعيم، والبغوي، وابن قانع، وابن حجر، والمزي، وابن الأثير، وابن حبان، وابن عبد البر وغيرهم، وخالفهم أبو حاتم؛ فقال في "المراسيل" (ص 251):"لا أعلم له صحبة".

قلنا: ومن علم حجة على من لم يعلم. =

ص: 130

• عن النعمان بن بشير رضي الله عنه؛ قال: كان الرجل يذنب فيقول: لا يغفر الله لي؛ فأنزل الله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

(1)

. [صحيح]

= والحديث صححه ابن حبان، والضياء المقدسي.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 317): "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" ورجالهما رجال الصحيح".

وقال السيوطي في "اللباب"(ص 37): "أخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي جبيرة".

قلنا: وهو كما قال، فرجاله رجال مسلم خلا صحابيه.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 500) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

والحديث ذكره الحافظ في "العجاب في بيان الأسباب"(1/ 473)، ونسبه لأبي علي بن السكن، وقال:"تفرد به هدبة عن حماد، والصواب: أنه مرسل".

(تنبيه): قلب حماد بن سلمة -راوي الحديث- اسم الصحابي؛ فجعله الضحاك بن أبي جبيره؛ والصواب أنه أبو جبيرة بن الضحاك؛ قاله أبو نعيم؛ كما في "الإصابة"(3/ 502)، و"العجاب في بيان الأسباب"(1/ 474، 475).

وذكر هذا الطبراني في "الأوسط".

قلنا: خالف حماداً المعتمر بن سليمان عند ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 118)، وهشيم بن بشير عند الواحدي في "أسباب النزول"(ص 34) كلاهما عن الشعبي من قوله.

قلنا: وحماد ثقة من رجال مسلم؛ وقد وصله فلا تعارض بين الروايتين.

(1)

أخرجه الواحدي (ص 34، 35)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 45)، وفي "شعب الإيمان"(5/ 407 رقم 7092)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 236)، وابن المنذر؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر (1/ 477)، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد"(6/ 317)، و"المعجم "الأوسط" (6/ 20، 21 رقم 5672) من طريق حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سماك بن حرب إلا حماد بن سلمة".

وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"، ورجالهما رجال الصحيح".

قلنا: وهو كما قال؛ فالحديث صحيح. =

ص: 131

• عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال: نزلت في النفقة

(1)

. [صحيح]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في النفقات في سبيل الله؛ يعني: قوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

(2)

[ضعيف]

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان القوم في سبيل الله؛ فيتزود الرجل، فكان أفضل زاداً من الآخر، أنفق البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء أحب أن يواسي صاحبه؛ فأنزل الله:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية

(3)

. [ضعيف]

• عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بالتجهيز إلى مكة؛ قال ناس من الأعراب: يا رسول الله! لماذا نتجهز؟ فوالله ما لنا زاد ولا مال؛ فنزلت الآية

(4)

.

• {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ

= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 501)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

وذكره الحافظ في "فتح الباري"(8/ 185)، وسكت عليه.

(1)

أخرجه البخاري (8/ 185 رقم 4516 - فتح).

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 117)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 34) من طريق هشيم ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عكرمة.

قلنا: ورجاله ثقات رجال الصحيح؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 117) عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن أبي صخر عن محمد به.

قلنا: وسنده حسن؛ لكنه مرسل.

(4)

ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 202، 203).

ص: 132

لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)}.

• عن كعب بن عجرة رضي الله عنه؛ قال: وقف عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، ورأسي يتهافت قملاً؛ فقال:"يؤذيك هوامك؟! "، قلت: نعم، قال:"فاحلق رأسك" -أو قال-: "احلق". قال: فيَّ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} ؛ فقال النبي: "صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسر"

(1)

. [صحيح]

• عن عمران بن حصين رضي الله عنهما؛ قال: نزلت آية المتعة؛ يعني: متعة الحج في كتاب الله، وأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله حتى مات

(2)

. [صحيح]

• عن صفوان بن أمية؛ أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم متضمخ بالزعفران عليه جبة، فقال: كيف تأمرني يا رسول الله! في عمرتي؟ قال: فأنزل الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين السائل عن العمرة؟ "، فقال: ها أنا ذا، فقال له:"ألق عنك ثيابك، ثم اغتسل واستنشق ما استطعت، ثم ما كنت صانعاً في حجك؛ فاصنعه في عمرتك"

(3)

. [ضعيف].

(1)

أخرجه البخاري (4/ 16 رقم 1815، 1816) واللفظ له في الموضع الأول، ومسلم (رقم 1201).

(2)

أخرجه البخاري (8/ 186 رقم 4518)، ومسلم (رقم 1226).

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 334 رقم 1761) من طريق أبي عبد الله الهروي حدثنا غسان الهروي ثنا إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان به.

وضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 237) بقوله: "هذا حديث غريب، وسياق عجيب، والذي ورد في "الصحيحين" عن يعلي بن أمية في قصة الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة، فقال: كيف ترى في رجل =

ص: 133

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كان أهل اليمن يحجون، ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة؛ سألوا الناس؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}

(1)

. [صحيح]

• عن الشعبي: كان ناس من أهل اليمن إذا حجوا لم يتزودوا حتى يبلغوا عقبة كذا وكذا؛ فنزلت: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}

(2)

. [ضعيف]

= أحرم بالعمرة، وعليه جبة وخلوق؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه الوحي، ثم رفع رأسه، فقال:"أين السائل؟ "، فقال: ها أنا ذا، فقال:"أما الجبة؛ فانزعها، وأما الطيب الذي بك؛ فاغسله، ثم ما كنت صانعاً في حجك؛ فاصنعه في عمرتك"، ولم يذكر فيه الغسل والاستنشاق ولا ذكر نزول هذه الآية، وهو عن يعلى بن أمية لا صفوان بن أمية، والله أعلم".

قلنا: ثم رأينا الطبراني رواه في "المعجم الأوسط"(2/ 226 رقم 1815) من طريق محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه به.

فقد دلت هذه الرواية أنه سقط من سند ابن أبي حاتم راويان، وأصل الحديث أخرجه البخاري (رقم 1536، 1789)، ومسلم (رقم 1180) -كما قال ابن كثير- من طريق عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه به؛ لكن ليس فيه ذكر سبب نزول الآية، وليس فيه ذكر الغسل والاستنشاق.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(3/ 384 رقم 1523).

والحديث روي مرسلاً ضعيفاً عن عكرمة عند ابن أبي شيبة في "مصنفه"(ص 247 - القسم المفقود)، وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 77) -ومن طريقه الخلال في "الحث على التجارة"(رقم 101) -، وسعيد بن منصور في "سننه"(3/ 812 رقم 347).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(ص 248 - القسم المفقود): ثنا غندر عن =

ص: 134

• عن إبراهيم النخعي؛ قال: كان ناس يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نتوكل على الله وهو رازقنا؛ فنزلت: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد: كانوا لا يتزودون في حجهم حتى نزلت: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم أزودة؛ رموا بها، واستأنفوا زاداً آخر؛ فأنزل الله:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يتزودوا الكعك، والدقيق، والسويق

(3)

. [ضعيف جداً]

• {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا

= شعبة عن المغيرة عن الشعبي به.

قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل، ويشهد له ما قبله.

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 811 رقم 346)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 162) من طريق هشيم عن مغيرة بن مقسم الضبي، عن إبراهيم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: المغيرة؛ مدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(ص 248 - القسم المفقود)، وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 77)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 162) من طرق عن عمر بن ذر عن مجاهد به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 162) من طريق عمرو بن عبد الغفار عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر به.

قلنا: وهذا سند واه بمرة؛ لأن عمرو بن عبد الغفار؛ متروك متهم.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 530)، وابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 246)، وزادا نسبته لابن مردويه.

ص: 135

أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)}.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانت عكاظ ومجنه وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية؛ فتأثموا أن يتجروا في المواسم؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}

(1)

. [صحيح]

• وعنه -أيضاً-؛ قال: كانوا لا يتجرون في أيام منى، ويوم عرفة؛ فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} .

وفي رواية: فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي أمامة التيمي؛ قال: كنت رجلاً أكرى في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج!، فلقيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إني رجل أكرى في هذا الوجه، وإن ناساً يقولون لي: إنه ليس لك حج، فقال ابن عمر:

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فسأله عن مثل ما سألتني عنه؛ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} ؛ فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليه هذه الآية، وقال:"ذلك حج"

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(4/ 288 رقم 2050، ص 321 رقم 2908، 8/ 186 رقم 4519).

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 819 رقم 351)، وأبو داود (رقم 1731)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 165) ثلاثتهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن يزيد بن أبي زياد ضعيف، كبر؛ فتغير، وصار يتلقن.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 534) وزاد نسبته لوكيع، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد؛ لكن يشهد له ما قبله.

(3)

أخرجه أبو داود (رقم 1733)، وابن خزيمة في "صحيحه" (4/ 350 رقم =

ص: 136

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حرم؛ فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج

(1)

. [ضعيف]

= 3051، 3052)، والدارقطني (2/ 292، 293)، وأحمد (2/ 155)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 164)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 301)، وعبد الرزاق؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 247) -وعنه عبد بن حميد-، وسعيد بن منصور في "سننه"(3/ 820 رقم 352)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 449)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 351 رقم 1845)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(3/ 480 رقم 2667)، و"السنن الكبرى"(4/ 333، 6/ 121)، والمزي في "تهذيب الكمال"(33/ 52، 53)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 37) من طرق عن أبي أمامه التيمي عن ابن عمر به.

قلنا: وسنده صحيح؛ مداره على أبي أمامة هذا، وقد وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة:"لا بأس به"، وروى عنه جمع من الثقات؛ فقول ابن حجر فيه:"مقبول" غير مقبول.

وصححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيق "المسند"(9/ 168، 169).

(1)

أخرجه أبو داود (رقم 1734)، وابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 351، 352 رقم 3054)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 449، 481، 482، 2/ 276، 277)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 334)، و"معرفة السنن والآثار"(3/ 480، 481 رقم 2669) جميعهم من طريق ابن أبي ذئب عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

قلنا: هذا وهم منهما؛ لأن عبيد بن عمير هذا؛ مجهول، تفرد أبو داود بإخراج حديثه، ثم إن هذه الرواية فيها خطأ وهو: أن عبيد بن عمير لا يُعرف راوياً عنه سوى ابن أبي ذئب، وعليه؛ فوجود عطاء بين ابن أبي ذئب وعبيد بن عمير وهم، ويدلك على هذا أمور:

الأول: أن المزي في "تهذيب الكمال"(19/ 225) أخرجه من طريق ابن أبي داود ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك أخبرني ابن أبي ذئب عن عبيد عن =

ص: 137

• عن مجاهد؛ قال: كانوا لا يتجرون؛ حتى نزلت فيهم: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} .

قال: كانوا لا يبيعون، ولا يشترون في أيام منى؛ فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} التجارة في مواسم أحلت لهم، كانوا لا يتبايعون في الجاهلية بعرفة ولا في منى

(1)

. [ضعيف]

= ابن عباس بلفظ: أنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج. اهـ.

قال ابن أبي ذئب: فحدثني عبيد أنه كان يقرؤها في المصحف.

قال أبو بكر بن أبي داود: ليس هو عبيد بن عمير الليثي [وهو الذي روى عنه عطاء بن أبي رباح] هذا هو عبيد بن عمير مولى أم الفضل، ويقال: مولى ابن عباس.

الثاني: أن ابن أبي ذئب لم يدرك عبيد بن عمير الليثي حتى يصح أن نقول: إنه روى عنه؛ كما دل عليه قول ابن أبي ذئب الآنف.

الثالث: أن جميع الذين ترجموا لعبيد بن عمير هذا مولى ابن عباس قالوا: تفرد عنه ابن أبي ذئب؛ كما في "تهذيب الكمال"(19/ 225)، و"تهذيب التهذيب"(7/ 72)، و"ميزان الاعتدال"(3/ رقم 5434).

وهذا ما رجحه المزي في "تهذيب الكمال"(19/ 226، 227).

وعليه؛ فالرواية الصحيحة قول من قال: عن ابن أبي ذئب عن عبيد بن عمير عن ابن عباس.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على عبيد، وهو مجهول؛ كما في "التقريب"(1/ 544).

(تكميل): ليس في القراءات المتواترة هذه الزيادة (في مواسم الحج)؛ فهي قراءة شاذة، وانظر لزاماً:"روح المعاني"(2/ 87).

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(ص 177، 178 - القسم المفقود)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 164 و 165) بنحوه من طرق عن عمر بن ذر عن مجاهد به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ص: 138

• عن عكرمة؛ قال: كانت هذه الآية نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير: كان بعض الحاج؛ يسمون: الداج؛ فكانوا ينزلون في الشق الأيسر من منى، وكان الحاج ينزلون عند مسجد منى؛ فكانوا لا يتجرون حتى نزلت:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} ؛ فحجوا

(2)

. [ضعيف]

{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كانت قريش تقف بالمزدلفة، ويسمون: الحمس، وسائر العرب تقف بعرفة؛ فأمر الله نبيه أن يقف بعرفة، ثم يدفع منها؛ فأنزل الله:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(ص 177 - القسم المفقود).

قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 165) من طريق أبي نعيم عن الثوري عن محمد بن سرقة عن سعيد به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه الترمذي (رقم 884)، والنسائي في "المجتنبى"(5/ 255)، وفي "التفسير"(رقم 54)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 171) وغيرهم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها.

قلنا: وسنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه دون التصريح بسبب النزول؛ كما هو عند البخاري (رقم 1665، 4520) ومسلم (رقم 1219).

وفي رواية لمسلم: قالت عائشة: الحمس: هم الذين أنزل الله عز وجل فيهم: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ؛ قالت: كان الناس يفيضون من عرفات، وكان الحمس يفيضون من المزدلفة، يقولون: لا نفيض إلا من الحرم، فلما نزلت:{أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ؛ رجعوا إلى عرفات.

ص: 139

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانت العرب تقف بعرفة، وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة؛ فأنزل الله:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ؛ فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الموقف إلى موقف العرب بعرفة

(1)

. [ضعيف]

• عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما؛ قالت: كانت قريش يقفون بالمزدلفة، ويقف الناس بعرفة؛ إلا شيبة بن ربيعة؛ فأنزل الله:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}

(2)

.

{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله -تعالى-: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحج؛ فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف، ويقول بعضهم: كان أبي يجز نواصي بني فلان. ويقوم من كل قبيلة شاعرهم وخطيبهم فيقول: فينا فلان، وفينا فلان، ولنا يوم كذا، ووقعنا ببني فلان يوم كذا، ثم يقوم الشاعر؛ فينشد ما قيل فيهم من الشعر، ثم يقول: من

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 170): ثني أحمد بن محمد الطوسي ثنا أبو توبة قال: ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على حسين بن عبد الله، وهو ضعيف؛ كما في "الكامل"(2/ 760)، و"تهذيب الكمال"(6/ 384، 385)، و"الميزان"(1/ رقم 2012)، و"المجروحين"، (1/ 242)، و"التقريب"(1/ 176) وغيرها.

(2)

أخرجه ابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 546).

ص: 140

يفاخرنا؛ فليأت بمثل فخرنا، فمن كان يريد المفاخرة من القبائل؛ قام، فذكر مثالب تلك القبيلة، وما فيها من المساوئ، وما ذكرت به، يرد عليه ما قال، ثم يفخر هو بما فيه وفي قومه؛ فكان ذلك من أمرهم، حتى جاء الله عز وجل بالإِسلام، وأنزل في كتابه على نبيه صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} ؛ يعني: دعوا هذه المفاخرة والمكاثرة، واذكروا الله عز وجل

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي وائل؛ قال: كان أهل الجاهلية يذكرون أفعال آبائهم في الناس؛ فنزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} هب لنا غنماً وهب لنا إبلاً: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} ، فلما نزلت هذه الآية؛ كفتهم عن ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خطبهم

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(4/ 147 رقم 2477)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 172) مختصراً كلاهما قال: ثنا تميم بن المنتصر ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن القاسم بن عثمان عنه.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لأن القاسم بن عثمان، ضعيف؛ قال الدارقطني:"ليس بالقوي"، وقال ابن حبان:"ربما أخطأ"، وقال البخاري:"له أحاديث لا يتابع عليها"، وقال العقيلي:"عن أنس لا يتابع على حديثه، حدث عن إسحاق الأزرق أحاديث لا يتابع عليها"، وضعفه ابن عبد الهادي. انظر:"سنن الدارقطني"(1/ 123)، و"ضعفاء العقيلي"(3/ 480)، و"الثقات"(5/ 307)، و"الميزان"(4/ 295).

وتضعيف ابن عبد الهادي له في "التنقيح"(1/ 416، 417) أثناء كلامه على حديث.

(2)

أخرجه الفاكهي (4/ 148، 149 رقم 2480)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 172) بنحوه -دون ذكر سبب النزول- من طريق الثوري وأبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل.

قلنا: رجاله ثقات غير عاصم فهو صدوق؛ لكنه مرسل.

ص: 141

• عن سعيد بن جبير وعكرمة؛ قالا: كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة؛ فنزلت هذه الآية {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم؛ وقفوا عند الجمرة، وذكروا أيامهم في الجاهلية، وفعال أبائهم؛ فنزلت هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم، يقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحملات، ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم؛ فأنزل الله:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه وكيع؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 557) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 173) -: عن الثوري عن خصيف الجزري عن سعيد وعكرمة به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: خصيف الجزري؛ ضعيف.

(2)

أخرجه ابن جرير (2/ 172، 173) من طريق هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن قيس بن حميد المكي عن مجاهد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عنعنة هشيم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 557)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 355 رقم 187)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 557) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 111، 112 رقم 108) -من طريق أشعث بن =

ص: 142

• وعنه -أيضاً-؛ قال: كان المشركون يجلسون في الحج، فيذكرون أيام آبائهم، وما يعبرون من أنسابهم يومهم أجمع؛ فأنزل الله عز وجل على رسوله في الإِسلام:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: كانوا إذا فرغوا من حجهم؛ تفاخروا بالآباء؛ فأنزل الله: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف؛ فيقولون: اللهم! اجعله عام غيث، وعام خصب، وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئاً؛ فأنزل الله فيهم:{فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}

(3)

. [حسن]

= إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن، ويشهد له ما قبله وما بعده.

(1)

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3/ 358 - 359/ 3769) بسند صحيح عن عبيد الله بن موسى، عن عمارة بن ذكوان، عن مجاهد، عن ابن عباس به.

قلنا: رجاله ثقات؛ إلا عمارة بن ذكوان، فلم نجد له ترجمة بعد طول بحث.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 356) من طريق أبي سعد البقال عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن ابن الزبير به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ أبو سعد البقال: ضعيف، مدلس.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 557) وزاد نسبته للطبراني.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 357 رقم 1874)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 112 رقم 109) - من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده حسن.

ص: 143

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما أصيبت هذه السرية -أصحاب خبيب بالرجيع بين مكة والمدينة؛ قال رجال من المنافقين: يا ويح هؤلاء المقتولين! الذين هلكوا هكذا لا هُمْ قعدوا في بيوتهم، ولا هُمْ أدوا رسالة صاحبهم؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك من قول المنافقين وما أصاب أولئك النفر من الشهادة والخبر من الله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ؛ أي: ما يظهر بلسانه من الإِسلام، {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ}؛ أي: من النفاق؛ {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} ؛ أي: ذو جدال إذا كلمك وراجعك، {وَإِذَا تَوَلَّى} [البقرة: 205]؛ أي: خرج من عندك {سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} ؛ أي: لا يحب عمله ولا يرضاه، {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 206، 207]، الذين شروا أنفسهم لله بالجهاد في سبيل الله والقيام بحقه حتى هلكوا على ذلك؛ يعني: هذه السرية

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: نزلت في الأخنس بن شُريق الثقفي، وهو حليف لبني زهرة، وأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة؛ فأظهر له الإِسلام؛

(1)

أخرجه ابن إسحاق (1/ 571 - الدر المنثور) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 363 رقم 1910)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 182) -: ثنا محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، ثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.

قلت: وسنده ضعيف؛ مداره على محمد شيخ ابن إسحاق؛ وهو مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 571) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 144

فأعجب النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الإِسلام، والله يعلم أني صادق، وذلك قوله:{وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} ، ثم خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر بزرع لقوم من المسلمين وحُمُر؛ فأحرق الزرع وعَقَر الحمر؛ فأنزل الله عز وجل:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} ، وأما ألَدُّ الخصام؛ فأعوج الخصام

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} ؛ قال: نزلت في صهيب بن سنان ونفر من أصحابه، أخذهم أهل مكة فعذبوهم؛ ليردوهم إلى الشرك بالله؛ منهم: عمار، وأمه سمية، وأبوه ياسر، وبلال، وخباب، وعابس مولى حويطب بن عبد العزى، أخذهم المشركون فعذبوهم

(2)

. [موضوع]

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: أقبل صهيب مهاجراً نحو المدينة، وأتبعه نفر من قريش؛ فنزل عن راحلته، وانتثل ما في كنانته، ثم قال: يا معشر قريش! لقد علمتم أني أرماكم رجلاً بسهم، وأيم الله؛ لا تصلون إليّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 181، 182) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

(2)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(4/ 2233 رقم 5552)، وابن منده في "معرفة الصحابة"(3/ 5) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون متهمون.

ص: 145

يدي منه شيء؛ فافعلوا ما شئتم، فإن شئتم؛ دللتكم على مالي وخليتم سبيلي، قالوا: نعم؛ ففعل، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:"ربح البيع أبا يحيى! ربح البيع أبا يحيى! "، قال: ونزلت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)}

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر، وأن الذي أدرك صهيباً بطريق المدينة قنفذ بن عمير بن جدعان

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 228)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(2/ 693، 694 رقم 679 - بغية) -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 151، 152)، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(2/ 180) -، وابن أبي خيثمة؛ كما في "الإصابة"(2/ 195)، وابن عساكر (26/ 158)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 368، 369 رقم 1939) من طريقين عن علي بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن علياً ضعيف.

وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة"(3/ 55 - مختصر): "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف علي بن زيد بن جدعان".

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(8/ 29 رقم 7289)، والحاكم (3/ 400) من طريق علي بن المبارك الصنعاني عن زيد بن المبارك عن محمد بن ثور عن ابن جريج.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه معضل.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 318)، وقال:"ورجاله ثقات إلى ابن جريج".

وأخرجه ابن جرير (2/ 186) بسند صحيح إلى ابن جريج عن عكرمة بلفظ: نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر جندب بن السكن، أخذ أهل أبي ذر أبا ذر فانفلت منهم؛ فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رجع مهاجراً؛ عرضوا له، وكانوا بمر الظهران؛ فانفلت -أيضاً-، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم، وأما صهيب؛ فأخذه أهله، فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجراً، فأدركه قنفذ بن جدعان، فخرج له مما بقي من ماله، وخلّى سبيله. =

ص: 146

• عن الحسن؛ قال: نزلت في أن المسلم لقي الكافر؛ فقال له: قل: لا إله إلا الله؛ فإذا قلتها؛ عصمت دمك ومالك إلا بحقها، فأبى أن يقولها؛ فقال المسلم: والله لأشترين نفسي لله؛ فتقدم؛ فقاتل حتى قتل

(1)

. [ضعيف]

• عن الربيع بن أنس؛ قال: كان رجل من أهل مكة أسلم؛ فأراد أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ويهاجر إلى المدينة؛ فمنعوه، وحبسوه، فقال لهم: أعطيكم داري ومالي وما كان لي من شيء فخلوا عني؛ فألحق بهذا الرجل، فأبوا، ثم إن بعضهم قال لهم: خذوا منه ما كان له من شيء، وخلوا عنه؛ ففعلوا، فأعطاهم داره وماله، ثم خرج؛ فأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}

(2)

، فلما دنا

= قلنا: ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: تدليس ابن جريج.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 576)، وزاد نسبته للطبراني.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 187): ثنا سوار بن عبد الله العنبري ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حزم بن أبي حزم القطعي عن الحسن به.

قلت: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 578، 579)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 187): حدثت عن عمارة ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف.

الثالثة: رواية ابنه عنه فيها ضعف؛ كما نص على ذلك ابن حبان.

الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمارة.

ص: 147

من المدينة تلقاه عمر في رجال، فقال له عمر: ربح البيع، قال: وبيعك فلا يخسر، قال وما ذاك؟! قال أنزل فيك كذا وكذا. . [ضعيف جداً]

• عن مصعب بن عبد الله؛ قال: هرب صهيب من الروم ومعه مال كثير؛ فنزل بمكة؛ فعاقد عبد الله بن جدعان وحالفه، وإنما أخذت الروم صهيباً، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة؛ لحقه صهيب، فقالت له قريش: لا تلحقه بأهلك ومالك؛ فدفع إليهم ماله؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ربح البيع"، وأنزل الله في أمره:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ}

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)} .

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام وابن يامين وأسد وأسيد ابني كعب، وشعبة بن عمرو وقيس بن زيد كلهم من يهود، قالوا: يا رسول الله! يوم السبت يوم كنا نعظمه، فدعنا؛ فلنسبت فيه، وإن التوراة كتاب الله، فدعنا؛ فلنقم بها بالليل؛ فنزلت:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي خيثمة؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 577) -ومن طريق ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(26/ 159) -: أخبرني مصعب به.

وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه ابن جرير (2/ 189) من طريق ابن جريج عن عكرمه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: تدليس ابن جريج.

ص: 148

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)} .

• عن قتادة؛ قال: نزلت في يوم الأحزاب، أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بلاء وحصر، فكانوا كما قال الله عز وجل:{وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10]

(1)

. [ضعيف]

{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)} .

• عن ابن جريج؛ قال: سأل المؤمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم أين يضعون أموالهم؟ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)} ؛ فذلك النفقة في التطوع، والزكاة سوى ذلك كله

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن عمرو بن الجموح وكان شيخاً كبيراً ذا مال كثير، فقال: يا رسول الله! بماذا يتصدق؟ وعلى من ينفق؟ فنزلت هذه الآية

(3)

. [موضوع]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 83) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(1/ 198، 199) -: ثنا معمر عن قتادة.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 584)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 200).

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه معضل.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 40)، و"الوسيط"(1/ 318)، وابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 233) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهو موضوع؛ فيه الكلبي وأبو صالح متهمان بالكذب.

ص: 149

• وعن عطاء عن عبد الله بن عباس؛ قال: نزلت في رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: إن لي ديناراً، فقال:"أنفقه على نفسك"، فقال: إن لي دينارين، فقال:"أنفقها على أهلك"، فقال: إن لي ثلاثة، فقال:"أنفقها على خادمك"، فقال: إن لي أربعة، فقال:"أنفقها على والديك"، فقال: إن لي خمسة، قال:"أنفقها على أقاربك"، فقال: إن لي ستة، فقال:"أنفقها في سبيل الله، وهو أحسنها"

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: همتهم النفقة؛ فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله: {مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ}

(2)

. [ضعيف]

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)} .

• عن جندب بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعث رهطاً؛ فبعث عليهم أبا عبيدة، فلما أخذ لينطلق؛ بكى صبابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبعث رجلاً مكانه، يقال له: عبد الله بن جحش، وكتب له كتاباً، وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ كذا وكذا، ولا تكرهن أحداً من أصحابك على السير معك، فلما قرأ الكتاب؛ استرجع، وقال: سمعاً وطاعة لأمر الله ورسوله؛ فخبرهم الخبر، وقرأ عليهم الكتاب، فرجع رجلان، ومضى بقيتهم؛ فلقوا ابن الحضرمي؛ فقتلوه، ولم يدروا ذلك اليوم من رجب أو من جمادى؟

(1)

ذكره الواحدي، وابن الجوزي -معلقاً-.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 585)، وعزاه لعبد بن حميد.

ص: 150

فقال المشركون للمسلمين: فعلتم كذا وكذا في الشهر الحرام؛ فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثوه الحديث؛ فأنزل الله عز وجل:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} ، والفتنة، هي: الشرك.

وقال بعض الذين -أظنه قال- كانوا في السرية: والله ما قتله إلا واحد؛ فقال: إنْ يكن خيراً؛ فقد وليت، وإن يكن ذنباً؛ فقد عملت

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 384 رقم 2022، ص 387 رقم 2035، ص 388 رقم 2040)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 204، 207)، والنسائي في "الكبرى"(5/ 249 رقم 8803)، وأبو يعلى في "مسنده"(3/ 102 رقم 1534)، والطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 162، 163 رقم 1670)، والبيهقي في "سننه"(9/ 11، 12)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(12/ 384 - 387 رقم 4880، 4881) جميعهم من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن أبي سوار عن جندب به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على حضرمي، وهو مجهول؛ قال ابن المديني؛ كما في "تهذيب التهذيب" (2/ 394):"حضرمي؛ شيخ بالبصرة، روى عنه التيمي، مجهول، وكان قاصاً، وليس هو بالحضرمي بن لاحق"، وقال ابن حبان في "الثقات" (6/ 249):"لا أدري من هو، ولا ابن من هو؟ "، وقال الذهبي في "الميزان" (2107):"لا يعرف، وكان يقص بالبصرة"، وقال عبد الله بن أحمد في "العلل" (1/ 284):"سألت أبي عن الحضرمي الذي حدث عنه سليمان التيمي؛ فقال: كان قاصاً، وزعم معتمر، قال: قد رأيته، قال أبي: لا أعلم يروي عنه غير سليمان التيمي".

قلنا: فمن لم يفرق بين حضرمي هذا الذي روى عنه التيمي وبين ابن لاحق، وجعلهما واحداً؛ فإنه سيحسن الحديث؛ لأنَّ ابن لاحق لا بأس به، والصواب: التفريق بينهما.

(تنبيه): وقع عند النسائي وابن جرير إبهام للراوي عن أبي سوار، وهو حضرمي نفسه. =

ص: 151

• عن عروة بن الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية من المسلمين، وأمّر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في يوم بقي من الشهر الحرام، فاختصم المسلمون؛ فقال قائل منهم: هذه عزة من عدو، وغنم رزقتموه، ولا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا؟ وقال قائل منهم: لا نعلم اليوم إلا من الشهر الحرام، ولا نرى أن تستحلوه لطمع اشفيتم عليه، فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا، فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه، وغنموا عيره، فبلغ ذلك كفار قريش، وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين، فركب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقالوا: أتحل القتال في الشهر الحرام؟! فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ}

(1)

. [ضعيف]

• وعنه؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش إلى نخلة، فقال له:"كن بها؛ حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش" ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكَتَبَ له كتاباً قبل أن يُعلمه أين يسير، فقال:"اخرج أنت وأصحابك، حتى إذا سرت يومين؛ فافتح كتابك وانظر فيه، فما أمرتك به؛ فامض له، ولا تستكرهَنَّ أحداً من أصحابك على الذهاب معك"، فلما سار يومين؛ فتح الكتاب؛ فإِذا فيه:"أن امْضِ حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فتأتينا من أخبار قريش بما اتصل إليك منهم"، فقال

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 600)، وزاد نسبته لابن المنذر.

وصححه السيوطي؛ فوهم.

(1)

أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 12)، و"دلائل النبوة"(3/ 17)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 320) من طريق أبي اليمان أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني عروة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ص: 152

لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعاً وطاعة، من كان منكم له رغبة في الشهادة؛ فلينطلق معي؛ فإِني ماضٍ لأمرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كره ذلك منكم؛ فليرجع؛ فإِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاني أن أستكره منكم أحداً، فمضى معه القوم، حتى إذا كانوا ببحران؛ أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يَعْتَقِبانِهِ، فتخلفا عليه يطلبانه، ومضى القوم حتى نزلوا نخلة، فمر بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كيسان، وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله، معهم تجارة قدموا بها من الطائف: أَدَمٌ، وزبيب، فلما رآهم القوم؛ أشرف لهم واقد بن عبد الله، وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه حليقاً؛ قالوا: عُمَّارٌ ليس عليكم منهم بأس، وائتمر القوم بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخر يوم من رجب، فقالوا: لئن قتلتموهم؛ إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم؛ ليدخلن في هذه الليلة مكة الحرم؛ فليَمْتَنِعُنَّ منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وهرب المغيرة؛ فأعجزهم، واستاقوا العير، فقدموا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم:"والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام"، فأوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئاً، فلما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال؛ أسقط في أيديهم، وظنوا أن قد هلكوا، وعنَّفَهم إخوانهم من المسلمين، وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمدٌ الدَّمَ الحَرَام، وأخذ فيه المال، وأسر فيه الرجال واستحل الشهر الحرام؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217].

يقول: الكفر بالله أكبر من القتل، فلما نزل ذلك؛ أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العير وَفَدى الأسيرين، فقال المسلمون: يا رسول الله! أتطمع لنا أن تكون

ص: 153

غزوة؛ فأنزل الله عز وجل فيها: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} إلى آخر الآية [البقرة: 218].

وكانوا ثمانية، وأميرهم التاسع عبد الله بن جحش

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} ؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش في سرية، فلقوا عمرو بن الحضرمي ببطن نخلة، فتناول عمرو بن الحضرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أصحاب عبد الله بن جحش رجل يقال له: واقد بن عبد الله، فوضع سهماً في كبد قوسه، فرمى عمراً؛ فقتله. فكتبوا إلى أهل مكة: أن محمداً وأصحابه ينهون عن القتال في الشهر الحرام وهم يقتلون فيه؛ فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} الآية، فأحل الله القتال فيه فقاتلوها

(2)

. [ضعيف]

• عن مقسم مولى عبد الله بن عباس؛ قال: لقي واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي في أول ليلة من رجب، وهو يرى أنه من جمادى؛ فقتله -وهو أول قتيل من المشركين-؛ فعيَّر المشركون المسلمين، فقالوا:

(1)

أخرجه ابن إسحاق (2/ 239، 240 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 18)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 207)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 388 رقم 2042).

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وأما ما يخشى من تدليس ابن إسحاق؛ فقد صرح بالتحديث، وهو حجة في المغازي؛ فتنبه.

(2)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(5/ 2729 رقم 6513) من طريق وهب بن بقبة: ثنا خالد بن عبد الله الطحان عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ أبو سعد البقال -واسمه: سعيد بن المرزبان- ضعف مدلس- وقد عنعن-؛ كما في "التقريب".

ص: 154

أتقتلون في الشهر الحرام؟! فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: إن رجلاً من بني تميم أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في سرية؛ فمر بابن الحضرمي يحمل خمراً من الطائف إلى مكة؛ فرماه بسهم؛ فقتله، وكان بين قريش ومحمد عقد؛ فقتله في آخر يوم من جمادى الآخرة وأول يوم من رجب، فقالت قريش: في الشهر الحرام ولنا عهد؟! فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ} من قتل ابن الحضرمي، والفتنة: كفر بالله، وعبادة الأوثان: أكبر من هذا كله

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه عبد الرزاق (1/ 87) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 204)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 384 رقم 2023) -: عن معمر عن الزهري وعثمان الجزري عن مقسم به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد نسبته لأبي داود في "الناسخ".

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 204) من طريق أبي عاصم النبيل عن عيسى بن ميمون الجرشي عن عبد الله بن أبي نجيح عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 602)، وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 155

• عن أبي مالك الغفاري؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش في جيش؛ فلقي ناساً من المشركين ببطن نخلة، والمسلمون يحسبون أنه آخر يوم من جمادى، وهو أول يوم من رجب؛ فقتل المسلمون ابن الحضرمي؛ فقال المشركون: ألستم تزعموا أنكم تحرمون الشهر الحرام والبلد الحرام، وقد قتلتم في الشهر الحرام؟! فأنزل الله {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} بنحو السابق

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية، وكانوا سبعة نفر، وأمّر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، وفيهم عمار بن ياسر، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان السلمي حليف لبني نوفل، وسهيل بن بيضاء، وعامر بن فهيرة، وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر بن الخطاب، وكتب مع ابن جحش كتاباً، وأمره أنْ لا يقرأه حتى ينزل ملل، فلما نزل ببطن ملل؛ فتح الكتاب؛ فإذا فيه: أنْ سر حتى تنزل بطن نخلة، فقال لأصحابه: من كان يريد الموت؛ فليمض وليوص؛ فإني موص وماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسار وتخلف عنه سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان أضلا راحلة لهما، فأتيا بحران يطلبانها، وسار ابن جحش إلى بطن نخلة؛ فإذا هم بالحكم بن كيسان، وعبد الله بن المغيرة،

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 204): حُدثت عن عمار بن الحسين: ثنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن حصين عن أبي مالك.

قلت: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أبو جعفر الرازي ضعيف.

الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه"، وفيه ضعف.

الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمار بن الحسين.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 602)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 156

والمغيرة بن عثمان، وعمرو بن الحضرمي؛ فاقتتلوا؛ فأسروا الحكم بن كيسان، وعبد الله بن المغيرة، وانفلت المغيرة، وقتل عمرو بن الحضرمي؛ قتله واقد بن عبد الله؛ فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلما رجعوا إلى المدينة بالأسيرين وما غنموا من الأموال؛ أراد أهل مكة أنْ يفادوا بالأسيرين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"حتى ننظر ما فعل صاحبانا"، فلما رجع سعد وصاحبه؛ فادى بالأسيرين، ففجر عليه المشركون، وقالوا: محمد يزعم أنه يتبع طاعة الله، وهو أول من استحل الشهر الحرام، وقتل صاحبنا في رجب! فقال المسلمون: إنما قتلناه في جمادى، وقيل: في أول ليلة من رجب وآخر ليلة من جمادى، وغمد المسلمون سيوفهم حين دخل رجب؛ فأنزل الله عز وجل يعير أهل مكة:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} لا يحل وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين! أكبر من القتل في الشهر الحرام؛ حين كفرتم بالله، وصددتم عنه محمداً وأصحابه، وإخراج أهل المسجد الحرام منه حين أخرجوا محمداً أكبر من القتل عند الله، والفتنة: هي الشرك؛ أعظم عند الله من القتل في الشهر الحرام؛ فذلك قوله: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزل فيما كان من مصاب عمرو بن الحضرمي {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 203) من طريق عمرو بن حماد القناد: ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

ص: 157

اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)}

(1)

. [موضوع]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث صفوان بن بيضاء في سرية عبد الله بن جحش قبل الأبواء؛ فغنموا، وفيهم نزلت:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}

(2)

. [ضعيف]

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)} .

• عن الزهري؛ قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش وكتب معه كتاباً، وأمره أن يسير ليلتين، ثم يقرأ الكتاب فيتبع ما فيه،

(1)

ذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 260)، والسيوطي في "الدر المنثور"(1/ 601)، معلقاً إلى ابن إسحاق: ثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند موضوع؛ لأن محمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب، ورمي بالرفض، وشيخه أبو صالح؛ متهم متروك.

(2)

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1504 رقم 3825)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(2/ 413) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(26/ 122) - من طريق محمد بن شعيب بن شابور عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: عثمان بن عطاء هو ابن أبي مسلم الخراساني؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

الثانية: أبوه عطاء؛ صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس؛ كما في "التقريب"(2/ 23)، وقد عنعن.

ص: 158

وفي بعثه ذلك صفوان بن بيضاء، وأنزل الله فيهم:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)}

(1)

. [ضعيف]

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} .

• عن عمر رضي الله عنه؛ قال: اللهمَّ بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فإنها تذهب المال والعقل؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} التي في سورة البقرة؛ فدعي عمر، فقرئت عليه، فقال: اللهم بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في سورة النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43]؛ فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام إلى صلاة نادى: "أن لا يقربن الصلاة سكران"؛ فدعي عمر؛ فقرئت عليه، فقال: اللهمَ بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر؛ فقرئت عليه، فلما بلغ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91]؛ قال عمر: انتهينا انتهينا

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1504، 1505 رقم 3826) من طريق إبراهيم بن المنذر ثنا محمد بن فليح ثنا موسى بن عقبة عن الزهري به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه أبو داود (رقم 3670) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 285)، و"السنن الصغير"(3/ 327 رقم 3328) -، والترمذي (رقم 3049)، والنسائي (8/ 286، 287)، وأحمد (1/ 53) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 138، 139) -، وابن أبي شيبة (7/ 112 رقم 3824) -مختصراً-، والحاكم في "المستدرك"(4/ 143)، والبيهقي في "المعرفة"(6/ 430 رقم 5193)، والنحاس في "ناسخ القرآن"(ص 40)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 388، 389 رقم 2044، 3/ 958 رقم 5351)، وعلي بن =

ص: 159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المديني؛ كما في "مسند الفاروق"(2/ 567)، وأبو يعلى في "مسنده"؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 605) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(1/ 367، 368 رقم 256) -، والبزار في "مسنده"(1/ 468 رقم 334 - البحر الزخار) -مختصراً-، والدارقطني في "العلل"(2/ 186)، و"الأفراد"(2/ 30 - أطراف الغرائب)، وابن جرير في "جامع البيان"(7/ 22)، وأبو الشيخ؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 605) -ومن طريقه الواحدي في "الوسيط"(2/ 222، 223) -، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 136 رقم 1493) كلهم من طريق أبي إسحاق السبيعي عن أبي ميسرة عن عمر به.

قال علي بن المديني؛ كما في "مسند الفاروق"(2/ 567) -: "هذا حديث كوفي صالح الإسناد".

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 262 و 2/ 961)، والحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 279):"قال علي بن المديني: هذا إسناد صالح صحيح، وصححه الترمذي".

قلنا: وصححه الضياء المقدسي.

قال الدارقطني في "العلل"(2/ 184، 185): "رواه إسرائيل وزكريا بن أبي زائدة وسفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل عن عمر القصة بطولها، وذكر الآيات في تحريم الخمر، وخالفهم حمزة الزيات -وهو صدوق ربما وهم-؛ فرواه عن أبي إسحاق عن حارثه بن مضرب عن عمر حدثنا به- ثم ساقه بإسناده".

قلنا: وكذا أخرجه الحاكم (4/ 143) من طريق حمزة.

"وقال إسحاق بن منصور -السلولي- عن إسرائيل [أخرجه الطحاوي في "المشكل" (4/ 139 رقم 1494)] والفريابي عن الثوري وقيس -وهو ابن الربيع، وهو صدوق تغير لما كبر؛ أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه؛ فحدث به- عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر.

والصواب قول من قال: عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر، والله أعلم". اهـ.

قلنا: في هذا الحديث اختلاف كما قال الدارقطني.

رواه خلف بن الوليد وإسماعيل بن جعفر والفريابي وعبيد الله بن موسى ووكيع =

ص: 160

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: كنا نشرب الخمر؛ فأنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية؛ فقلنا: نشرب منها ما ينفعنا؛ فأنزلت في المائدة: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] الآية؛ فقالوا: اللهم قد انتهينا

(1)

. [ضعيف]

= خمستهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر.

وخالفهم إسحاق بن منصور -وهو صدوق- فقال: عن أبي إسحاق عن عمرو الأودي عن عمر.

والصواب: رواية الجماعة؛ أما الثوري؛ فروي عنه على الوجهين، والذي رواه عنه على الوجه الآخر -رواية أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون- هو الفريابي، وفيه قال الحافظ (2/ 221):"ثقة فاضل، يقال: أخطأ في شيء من حديث سفيان".

قلنا: لعل هذا منها.

أما رواية قيس؛ فهي ضعيفة، ولا تصح؛ لمخالفتها لرواية الجماعة، والله أعلم.

قلنا: أما ابن كثير رحمه الله؛ فقد وهم حينما ذكر عن الترمذي تصحيحه للحديث؛ ذلك أن الترمذي قال عقب روايته للحديث: "وقد روي عن إسرائيل مرسلاً؛ حدثنا. . . ثم قال: وهذا أصح".

والحديث صححه شيخنا رحمه الله، والشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على المسند (رقم 378).

وقد أعله قوم بأن أبا ميسرة الراوي عنه لم يسمع منه؛ كما قال أبو زرعة في "المراسيل"(رقم 143) -ونقله عنه العلائي في "جامع التحصيل"(رقم 571) -.

قلنا: وهذا ليس بشيء؛ فقد صرح البخاري في "التاريخ الكبير"(6/ رقم 3576) أنه سمع منه ومن ابن مسعود، ومن علم حجة على من لم يعلم، والمثبت مقدم على النافي.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 605) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 389، 390 رقم 2048): حدثنا أبي:

حدثنا بشر بن محمد السكري: ثنا عبد الحكم القسملي عن أنس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عبد الحكم ضعيف؛ كما في "التقريب".

ص: 161

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن نفراً من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا، فما ننفق منها؟ فأنزل الله:{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} ، وكان قبل ذلك ينفق ماله حتى ما يجد ما يتصدق به، ولا ما يأكل حتى يتصدق عليه

(1)

. [ضعيف]

• عن يحيى؛ أنه بلغه: أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله! إن لنا أرقاء وأهلين فما ننفق من أموالنا؛ فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ}

(2)

. [ضيف]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: حرمت الخمر ثلاث مرات: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر؛ فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما؛ فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} ، فقال الناس: ما حُرّم علينا إنما قال: "فيها إثم كبير" وكانوا يشربون الخمر حتى إذا كان يوم من الأيام صلى رجل من المهاجرين أمَّ أصحابه في المغرب؛ خلط في قراءته؛ فأنزل الله فيها آية أغلظ منها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية؛ وكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق، ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 607) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 381 رقم 2006) -: عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 393 رقم 2068): ثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي ثنا أبان بن يزيد العطار ثنا يحيى به.

قلنا: ورجاله ثقات معروفون؛ لكن فيه انقطاع.

ص: 162

{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} الآية، [المائدة: 90].

قالوا: انتهينا ربنا، فقال الناس: يا رسول الله! ناس قتلوا في سبيل الله أو ماتوا على فرشهم، كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر؛ وقد جعله الله رجساً من عمل الشيطان؛ فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} الآية؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو حرّمت عليهم؛ لتركوها كما تركتم"

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: نزل في الخمر ثلاث آيات؛ فأول شيء نزل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} ؛ فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: يا رسول الله! دعنا ننتفع بها كما قال الله، فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ؛ فقيل: حرمت

(1)

أخرجه أحمد في "مسنده"(2/ 351، 352): ثنا سُريج بن النعمان ثنا أبو معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة به.

قلنا: سنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: جهالة أبي وهب مولى أبي هريرة؛ فقد ذكره الحافظ في "التعجيل"(ص 527) فقال: "أبو وهب عن مولاه أبي هريرة رضي الله عنه عنه أبو معشر المدني قال ابن سعد: كان قليل الحديث، وقد ذكر فيمن كنيته أبو معشر". اهـ.

ولما رجعنا إلى (ص 521) فيمن كنيته أبو معشر؛ فإذا فيه: "أبو معشر عن مولاه أبي هريرة وعنه أبو معشر نجيح؛ لا يعرف".

وقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 408، 409)، وكذا البخاري في "الكنى"(ص 78) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

الثانية: ضعف أبي معشر، وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي؛ كما في "التقريب"(2/ 298).

وضعفه العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تحقيقه لـ"المسند"(رقم 8605).

والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 51) وقال: "رواه أحمد؛ وأبو وهب مولى أبي هريرة لم يجرحه أحد ولم يوثقه، وأبو نجيح ضعيف؛ لسوء حفظه، وقد وثقه غير واحد، وسريج ثقة" وتصحف في المطبوع إلى شريح؛ فليحرر.

ص: 163

الخمر، فقالوا: يا رسول الله! لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم، ثم نزلت:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حرمت الخمر"، قال: وقدمت لرجل راوية من الشام -أو رواياً- فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ولا أعلم عثمان إلا معهم، فانتهوا إلى الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خل عنا نشقها"، فقال: يا رسول الله! أفلا نبيعها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لعن الخمر، ولعن غارسها، ولعن شاربها، ولعن عاصرها، ولعن موكلها، ولعن مديرها، ولعن ساقيها، ولعن حاملها، ولعن آكل ثمنها، ولعن بائعها"

(1)

. [منكر]

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ الله لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما أنزل الله عز وجل: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] و {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]؛ انطلق من كان عنده مال يتيم؛

(1)

أخرجه الطيالسي في "المسند"(رقم 1957) -ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 4، 5 رقم 5570)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 389 رقم 2046) -، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 211) من طريق محمد بن أبي حميد عن أبي توبة المصري عن ابن عمر به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: جهالة أبي توبة المصري.

قلنا: هو مجهول، وقد ذكره الحافظ في "اللسان"(7/ 23)، وقال:"أبو توبة المصري عن ابن عمر رضي الله عنهما روى عنه محمد بن أبي حميد، قال ابن عساكر: "لم أجد له ذكراً في شيء من الكتب"، قلت: وفي حديثه عن ابن عمر رضي الله عنهما في لعن شارب الخمر زيادة منكرة قال فيه: "ولعن غارسها". اهـ.

الثانية: محمد بن أبي حميد ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي وأبو زرعة والترمذي وغيرهم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(3/ 157، 158) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 164

فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، وجعل يفضل الشيء من طعامه؛ فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، واشتد ذلك عليهم؛ فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} الآية؛ فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم

(1)

. [حسن لغيره]

• عن قتادة؛ قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} قال: كان الله أنزل قبل ذلك في سورة بني إسرائيل: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ؛ فكبرت عليهم، فكانوا لا يخالطوهم في مأكل ولا في غيره؛ فاشتد ذلك عليهم؛ فأنزل الله الرخصه فقال:{وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}

(2)

. [حسن لغيره]

(1)

أخرجه أبو داود (رقم 2871)، والنسائي في "المجتبى"(6/ 256، 257)، و"الكبرى"(4/ 113 رقم 6496، 6497)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 216، 217)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 395 رقم 2081)، والحاكم (2/ 103، 278، 279)، والبيهقي (6/ 284)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 44) من طرق عن عطاء بن السائب عن سعيد بق جبير عن ابن عباس به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ لأن مداره على عطاء بن السائب، وهو صدوق اختلط، ولم يرو هذا الحديث أحد عنه قبل الاختلاط، وجميع الذين رووا عنه هذا الحديث رووه في الاختلاط، والله أعلم.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 610، 611) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه.

ورواه ابن جرير (2/ 217)، والواحدي (ص 44) مرسلاً بسند ضعيف، والصواب أنه مسند.

قلنا: لكن له شاهد مرسل بسند صحيح عن قتادة عند ابن جرير؛ فالحديث حسن بمجموعهما.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 217): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

وأخرجه -أيضاً- من طريق عبد الرزاق، وهذا في "تفسيره"(1/ 1/ 89) عن معمر عن قتادة به. =

ص: 165

• عن الشعبي؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]؛ فاجتنب الناس الأيتام؛ فجعل الرجل يعزل طعامه من طعامه، وماله من ماله وشرابه من شرابه، قال: فاشتد ذلك على الناس؛ فنزلت: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]؛ أمسك الناس ولم يخالطوهم في الطعام والأموال حتى نزلت: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى}

(2)

.

• عن سعيد بن جبير؛ قال: كان أهل البيت يكون عندهم الأيتام في حجورهم؛ فيكون لليتيم الصرمة من الغنم، ويكون الخادم لأهل البيت؛ فيبعثون خادمهم؛ فيرعى غنم الأيتام، أو يكون لأهل اليتيم الصرمة من الغنم ويكون الخادم للأيتام، فيبعثون خادم الأيتام؛ فيرعى غنمهم، فإذا كان الرسل وضعوا أيديهم جميعاً، أو يكون الطعام للأيتام ويكون الخادم لأهل البيت، فيأمرون خادمهم؛ فيصنع الطعام، ويكون الطعام لأهل البيت أو يكون الخادم للأيتام فيأمرون خادم الأيتام؛ أن

= قلنا: وهذان سندان صحيحان إلى مجاهد؛ لكنه مرسل ويشهد له حديث ابن عباس المتقدم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 612) وعزاه لعبد بن حميد، وابن الأنباري، والنحاس.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 217) من طريق حفص بن غياث ثنا أشعث بن سوار الكندي عن الشعبي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أشعث بن سوار ضعيف.

لكن يشهد له ما سبق.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 612)، وعزاه لعبد بن حميد.

ص: 166

يصنع الطعام فيضعون أيديهم جميعاً؛ فلما نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10].

قالوا: هذه موجبة؛ فاعتزلوهم، وفرقوا ما كان من خلطتهم؛ فشق ذلك عليهم؛ فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: إن الغنم قد بقيت ليس لها راع، والطعام ليس له من يصنعه، فقال:"قد سمع الله قولكم فإن شاء أجابكم"؛ فنزلت هذه الآية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} ؛ فخالطهم الناس في الطعام، وفيما سوى ذلك

(1)

.

• عن عطاء؛ قال: لما نزل في اليتيم ما نزل؛ اجتنبهم الناس؛ فلم يؤاكلوهم، ولم يشاربوهم، ولم يخالطوهم؛ فأنزل الله:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} ؛ فخالطهم الناس في الطعام، وفيما سوى ذلك

(2)

.

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وأنه غضب عليها؛ فلطمها، ثم إنه فزع، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخبره خبرها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"وما هي يا عبد الله؟! "، فقال: يا رسول الله! هي تصوم، وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال:"يا عبد الله! هذه مؤمنة"، قال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل؛ فطعن عليه

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 612)، وعزاه لعبد بن حميد، و (1/ 612، 613)، وعزاه لابن المنذر.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 612)، وعزاه لعبد بن حميد.

ص: 167

ناس من المسلمين، فقالوا: نكح أمة، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين، وينكحوهم رغبة في أحسابهم؛ فأنزل الله:{وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}

(1)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: نزلت في أبي مرثد الغنوي؛ استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في عناق أن يتزوجها، وهي امرأة مسكينة من قريش، وكانت ذات حظ من جمال وهي مشركه، وأبو مرثد مسلم، فقال: يا نبي الله! إنها لتعجبني؛ فأنزل الله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}

(2)

. [ضعيف]

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: إن اليهود كانت إذا حاضت منهم المرأة؛ أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيت؛ فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فأنزل الله -تعالى

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 45) من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن غزوان أبي مالك عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: فيه أسباط بن نصر؛ ضعفه النسائي وأبو زرعة وأبو نعيم وغيرهم.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 45)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 398 رقم 2100).

قلنا: إسناده ضعيف؛ لإعضاله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 614)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 168

ذكره-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء؛ غير النكاح".

فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل ألَّا يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا ننكحهن في المحيض؟ فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى ظننا أن وجد عليهما؛ فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله، فبعث في آثارهما؛ فسقاهما، فظننا أنه لم يجد عليهما

(1)

. [صحيح]

• عن مجاهد؛ قال: كانوا يجتنبون النساء في المحيض، ويأتونهن في أدبارهن، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؟ فأنزل الله -تعالى-:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} ؛ في الفرج، ولا تعدوه

(2)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: كان أهل الجاهلية يصنعون في الحائض نحواً من صنيع المجوس، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت. {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْن

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 302)، وأبو داود (رقم 258، 2165) -وهذا لفظه-، والترمذي (رقم 2977) وغيرهم.

(2)

أخرجه الدارمي (1/ 277 رقم 1145) من طريق حصين عنه به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 630)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 169

فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}؛ فلم يزد الأمر فيهن إلا شدة

(1)

. [ضعيف]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: إن اليهود قالوا: من أتى امرأته في دبرها؛ كان ولده أحول، وكن نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتوهن من أدبارهن؛ فجاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض؛ فأنزل الله:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن القرآن أنزل في شأن الحائض، والمسلمون يخرجونهن من بيوتهن؛ كفعل العجم، فاستفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} ؛ فظن المؤمنون أن الاعتزال كما كانوا يفعلون يخرجونهم من بيوتهن، حتى قرأ آخر الآية؛ ففهم المؤمنون ما الاعتزال؛ إذ قال الله: {وَلَا

(1)

أخرجه الدارمي (1/ 274 رقم 1127) من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عنه.

قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل.

(2)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 41، 42 رقم 2192 - كشف) من طريق خصيف الجزري عن محمد بن المنكدر عن جابر.

قلنا: وسنده ضعيف، ومتنه منكر؛ خصيف ضعيف.

ومما يدل على نكارته: أن أكثر من عشرة من الرواة رووه عن محمد بن المنكدر بمناسبة نزول آية {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]، وليس {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} ، وفيه زيادات منكرة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 618)، وزاد نسبته للنسائي.

ص: 170

تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: أنزلت في ثابت بن الدحداح

(2)

. [ضعيف]

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها؛ كان الولد أحول؛ فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} .

قال: [قائماً وقاعداً وباركاً بعد أن يكون في المأتى]

(3)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! هلكت! قال: "وما الذي أهلكك"؟ قال: حولت رحلي الليلة؛ فلم يرد عليه، قال: فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} الآية، يقول: "أقبل وأدبر،

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 401 رقم 2114) من طريق إبراهيم بن إسماعيل الصائغ عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ إبراهيم الصائغ؛ ضعيف الحديث؛ كما في "التقريب".

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 400 رقم 2110) من طريق محمد بن مزاحم عن بكير بن معروف عن مقاتل به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإعضاله، وبكير فيه لين.

(3)

أخرجه البخاري (8/ 189 رقم 4528)، ومسلم (رقم 1435) وما بين المعقوفتين زيادة من النسائي في "تفسيره"(رقم 59)، وقد رواه عن جابر محمد بن المنكدر وعنه أكثر من أربعة عشر نفساً.

ص: 171

واتق الدبر والحيضة"

(1)

. [حسن]

• عن أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار؛ تزوجوا من نسائهم، وكان المهاجرون يجبون وكانت الأنصار

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(رقم 60)، وفي "العشرة"(رقم 91)، والترمذي (رقم 2980)، وأحمد (1/ 297) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 100 رقم 96) -، والطبري في "جامع البيان"(2/ 235)، وأبو يعلى في "المسند"(رقم 2736) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 99، 100 رقم 95)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1721 - "موارد") -، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ رقم 12317)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(رقم 469)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(15/ 420، 421 رقم 6127)، والبيهقي في "سننه"(7/ 198)، والبغوي في "معالم التنزيل"(1/ 259)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 48)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 405 رقم 2134) كلهم من طريق يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد عنه به.

قال الترمذي: "حديث حسن غريب".

وصححه الحافظ في "فتح الباري"(8/ 191)، وحسنه شيخنا رحمه الله في "آداب الزفاف"(ص 31).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 319): "رواه أحمد ورجاله ثقات"!.

قلنا: مداره على يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري أبو الحسن القمي، وشيخه جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي.

فالأول؛ وثقه الطبراني وابن حبان، وقال النسائي:"لا بأس به"، وقال الذهبي:"صالح الحديث"، وقال الدارقطني:"ليس بالقوي"، وقال ابن حجر:"صدوق يهم"؛ فلا ينزل حديثه عن الحسن.

وأما شيخه جعفر؛ فقد وثقه أحمد، وابن شاهين، وابن حبان، وقال الذهبي:"كان صدوقاً"، وقال الخزرجي:"صدوق له أوهام"، وقال الحافظ:"صدوق يهم"؛ لكن قال ابن منده: "ليس بالقوي في سعيد بن جبير".

قلنا: فهو حسن؛ كما قال الترمذي، ويشهد له ما تقدم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 629) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 172

لا تجبي، فأراد رجل من المهاجرين امرأته على ذلك، فأبت عليه؛ حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فأتته فاستحيت أن تسأله، فسألته أم سلمة؛ فنزلت:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} وقال: "لا؛ إلا في صمام واحد"

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان هذا الحي من الأنصار -وهم أهل وثن- مع هذا الحي من يهود -وهم أهل كتاب-، وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم؛ فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة؛ فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرقون النساء شرقاً منكراً، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فلما قدم المهاجرون المدينة؛ تزوج رجل من امرأة من الأنصار؛ فذهب يصنع بها ذلك؛ فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف؛ فاصنع ذلك، وإلا؛ فاجتنبني، حتى شري أمرها، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} ؛ أي: مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات؛ يعني بذلك:

(1)

أخرجه أحمد (6/ 305، 310، 318) -وهذا لفظه-، وابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 230، 231)، والترمذي (رقم 2979)، وأبو يعلى في "مسنده"(12/ 407 رقم 6972)، والبيهقي (7/ 195) والطبري في "جامع البيان"(2/ 235)، والدارمي في "مسنده"(1/ 272 رقم 1119)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 404 رقم 2131)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(15/ 428 /6129).

قلنا: إسناده صحيح؛ صححه شيخنا رحمه الله في "آداب الزفاف"(ص 31).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 628)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 173

موضع الولد

(1)

. [حسن]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن أناساً من حمير أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أشياء؛ فقال رجل منهم: إني أجب النساء، وأحب أن آتي امرأتي مجبية؛ فكيف ترى في ذلك؟ فأنزل الله عز وجل:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ائتها مقبلة ومدبرة؛ إذا كان في الفرج"

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أبو داود (2/ 249 رقم 2164) -ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث"(1/ 403) -، والحاكم (2/ 195، 279)، والبيهقي (7/ 195)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 47)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 234)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 64 رقم 11097) جميعهم من طريق ابن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عنه به.

قلنا: وسنده حسن؛ فيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وصرح بالتحديث عند الحاكم، وحسنه شيخنا في "آداب الزفاف"(ص 29)، أما الحاكم؛ فصححه على شرط مسلم، وليس كما قال؛ فإن مسلماً إنما أخرج لابن إسحاق متابعة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 629، 630)، وزاد نسبته لإسحاق بن راهويه، والدارمي، وابن المنذر.

(2)

أخرجه أحمد في "المسند"(رقم 2414 - شاكر)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 404 رقم 2130)، والطبري في "جامع البيان"(2/ 235)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(رقم 470)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ رقم 12983)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 196)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(15/ 422 رقم 6128) من طريقين عن عامر بن يحيى المعافري عن حنش الصنعاني عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده صحيح.

وأعله الشيخ أحمد شاكر رحمه الله برشدين بن سعد، ولم يصب في ذلك؛ فإنه توبع، تابعه ابن لهيعه عن يزيد بن أبي حبيب عن عامر به.

وهذا سند صحيح، وإن كان فيه ابن لهيعة؛ لكن رواه عنه ابن وهب عند ابن =

ص: 174

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً أتى امرأته في دبرها؛ فوجد في نفسه من ذلك وجداً شديداً؛ فأنزل الله -تعالى-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}

(1)

. [صحيح]

• وفي رواية عن نافع؛ قال: إن ابن عمر عرض المصحف يوماً وأنا عنده، حتى بلغ:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} ؛ قال: يا نافع! هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا -معشر قريش- نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار؛ أردنا منهن مثل ما كنا نريد من نسائنا؛ فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن؛ فأنزل الله -تعالى-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا

= أبي حاتم؛ فصح الحديث ولله الحمد من قبل ومن بعد.

(تنبيه): لم ينتبه لذلك محققا "المعجم الكبير" و"مساوئ الأخلاق"، ومن قبلهما الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.

(1)

أخرجه النسائي في "عشرة النساء"(رقم 95)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(15/ 410 رقم 6117)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 234) من طريق ابن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به.

وأخرجه ابن جرير (2/ 233) من طريق هشيم: أخبرنا جعفر بن عون، عن نافع؛ أن ابن عمر قال له: أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت: لا، قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن؛ وسنده صحيح.

وأخرج الدارقطني في "غرائب مالك"؛ كما في "الدر المنثور" من طريق مالك -عن نافع عن ابن عمر بنحو السابق.

قلنا: قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 269): "وروي من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر، ولا يصح".

قلنا: ولكن معناه صحيح، يشهد له السابق.

ص: 175

لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}

(1)

. [حسن]

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلاً أصاب امرأته في دبرها؛ فأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا: أثفرها (وفي روايه: أبعر فلان امرأته)؛ فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}

(2)

. [ضعيف]

• عن مرة الهمداني؛ قال: إن بعض اليهود أتى بعض المسلمين، قال: تأتون النساء وراءهن؟! قال: كأنه كره الإبراك، قال: فذكروا ذلك؛ فنزلت هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} ؛ فرخص الله للمسلمين أن يأتوا النساء في الفروج كيف شاءوا من بين أيديهن، وإن

(1)

أخرجه النسائي في "عشرة النساء"(92)، وابن مردويه عن الطبراني؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 269)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(15/ 423، 424) من طريق المفضل بن فضالة، عن عبد الله بن سليمان الطويل، عن كعب بن علقمة، عن أبي النضر، عن نافع به.

قلنا: وسنده حسن، وصححه الحافظ ابن كثير رحمه الله.

(2)

أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(2/ 354، 355 رقم 1103)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 40)، و"مشكل الآثار"(15/ رقم 6118) من طريق عبد الله بن نافع الصائغ، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد به.

قلنا: رواه عن عبد الله بن نافع اثنان: هما الحارث بن سريج -وهو ضعيف متهم- ويعقوب بن حميد -وفيه ضعف-.

وخالفهما يونس بن عبد الأعلى -وهو ثقة-؛ فرواه عن عبد الله بن نافع به مرسلاً. أخرجه ابن جرير (2/ 234).

قلنا: وهو الصواب.

ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 319)؛ وقال: "رواه أبو يعلى عن شيخه الحارث بن سريج؛ وهو ضعيف كذاب".

ص: 176

شاءوا من خلفهن

(1)

. [ضعيف]

• عن مرة الهمداني قال: كانت اليهود يسخرون من المسلمين في إتيانهم النساء؛ فأنزل الله تبارك وتعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} ؛ في الفروج أنى شئتم

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: كان المشركون لا يألون ما شددوا عن المسلمين، ويقولون: لا يحل لكم أن تأتوا النساء إلا من وجه واحد؛ فأنزل الله -تعالى-: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ؛ فخلى الله بين المؤمنين وبين حاجتهم

(3)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن علي؛ قال: بلغه أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا يوماً ورجل من اليهود قريب منهم؛ فجعل بعضهم يقول: إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة، ويقول الآخر: إني لآتيها وهي قائمة، ويقول الآخر: إني لآتيها على جنبها وباركة، فقال اليهود: ما أنتم إلا أمثال البهائم! ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة؛ فأنزل الله -تعالى

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 231)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 332) من طريقين عن حصين عن مرة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 627)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 231) عن محمد بن فضيل عن حصين عن مرة.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه وكيع؛ كما في "الدر المنثور"(1/ 627) -وعنه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 232)، والدارمي (1/ 273، 274/ 1125) من طريقين عن علي بن علي الرفاعي عن الحسن.

قلنا: وسنده حسن إلى الحسن البصري، لكنه مرسل.

ص: 177

ذكره-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذلك أن اليهود عرَّضوا بالمؤمنين في نسائهم وعيروهم؛ فأنزل الله ذلك، وأكذب اليهود، وخلى بين المؤمنين وبين حوائجهم في نسائهم

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن: أن اليهود كانوا قوماً حسداً؛ فقالوا: يا أصحاب محمد! إنه والله مالكم أن تأتون النساء إلا من وجه واحد، فكذبهم الله؛ فأنزل الله:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} ؛ فخلى بين الرجال وبين نسائهم يتفكه الرجل من امرأته: يأتيها إن شاء من قِبَلِ قبلها، وإن شاء من قبل دبرها؛ غير أن المسلك واحد. [ضعيف]

• وعنه -أيضاً- قالت اليهود للمسلمين: إنكم تأتون نساءكم كما تأتي البهائم بعضها بعضاً يبركوهن؛ فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} ، ولا بأس أن يغشى الرجل المرأة كيف شاء؛ إذا أتاها في الفرج

(3)

. [ضعيف]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: كانت الأنصار تأتي نساءها

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 232): حدثني يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث الأنصاري مولاهم المصري عن سعيد بن أبي هلال عن عبد الله به.

قلنا: وسنده حسن إلى عبد الله، روى عنه أربعة: منهم اثنان ثقتان، ووثقه ابن حبان في "الثقات"(5/ 34)، وقال الحافظ في "التقريب" (1/ 434):"مستور".

قلنا: فمثله يمشي حديثه؛ لكن تبقى علة الانقطاع؛ فالحديث ضعيف.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 628)، وعزاه لعبد بن حميد.

(3)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 628)، وعزاهما لعبد بن حميد.

ص: 178

مضاجعة، وكانت قريش تشرح شرحاً كثيراً؛ فتزوج رجل من قريش امرأة من الأنصار؛ فأراد أن يأتيها، فقالت: لا؛ إلا كما يفعل، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ؛ أي: قائماً، وقاعداً، ومضطجعاً بعد أن يكون في صمام واحد

(1)

.

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النساء كن يؤتين في أقبالهن وهن موليات، فقالت اليهود: من جاء امرأته وهي مولية جاء ولده أحول؛ فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}

(2)

.

{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)} .

• عن ابن جريج: نزلت في أبي بكر حين حلف: لا ينفق على مسطح؛ حين خاض في حديث الإفك

(3)

.

• عن الكلبي: نزلت في عبد الله بن رواحة، كان بينه وبين ختنه على أخته بشير بن النعمان الأنصاري شيء؛ فحلف عبد الله أن لا يدخل عليه، ولا يكلمه، ولا يصلح بينه وبين خصمه، وإذا قيل له فيه، قال: قد حلفت بالله أن لا أفعل؛ فلا يحل لي؛ إلا أن تبرَّ يميني؛ فأنزل الله هذه الآية

(4)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 627)، وعزاه لابن عساكر.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 628)، وعزاه لابن عساكر.

(3)

ذكره البغوي في "معالم التنزيل"(1/ 262)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 330).

(4)

ذكره البغوي في "معالم التنزيل"(1/ 262)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 330) معلقاً.

وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 253) نحوه عن ابن عباس معلقاً دون سند.

ص: 179

• قال مقاتل بن حيان وابن سليمان: نزلت في أبي بكر حلف أن لا يصل ابنه عبد الرحمن حتى يسلم

(1)

.

• عن الربيع بن أنس: أن الرجل كان يحلف بالله أن لا يصل رحمه، ولا يصلح بين الناس؛ فنزلت هذه الآية

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: هو الرجل يحلف لا يصل رحمه، ولا يصلح بين الناس؛ فأنزل الله:{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}

(3)

.

• عن قتادة؛ قال: هو الرجل يحلف في الأمر الذي لا يصلح له، فإذا كلم في ذلك؛ قال: إني حلفت؛ فيجعل يمينه عُرضة لذلك؛ فأنزل الله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}

(4)

. [ضعيف]

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كان أهل الجاهلية إذا طلب الرجل من امرأته شيئاً؛ فأبت أن تعطيه، فحلف أن لا يقربها السنة، والسنتين، والثلاث؛ فيدعها لا أيماً، ولا ذات بعل، فلما كان الإِسلام؛ جعل الله ذلك أربعة أشهر؛ فأنزل الله هذه الآية

(5)

.

• عن سعيد بن المسيب: كان الإيلاء ضرار أهل الجاهلية، وكان

(1)

ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 253) معلقاً دون سند.

(2)

ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 253) معلقاً دون سند.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 642)، وعزاه لابن المنذر.

(4)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 90): نا معمر، عن قتادة.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(5)

ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 256) معلقاً دون سند.

ص: 180

الرجل لا يريد المرأة، ولا يحب أن يتزوجها غيره؛ فيحلف أن لا يقربها أبداً؛ فجعل الله -تعالى- الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية

(1)

.

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)} .

• عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية رضي الله عنهما؛ قالت: طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولم يكن للمطلقة عدة؛ فأنزل الله عز وجل حين طلقت أسماء العدة للطلاق؛ فكانت أول من نزلت فيها العدة للطلاق؛ يعني: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}

(2)

. [حسن]

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} .

• عن عروة بن الزبير؛ قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم

(1)

ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 256) معلقاً دون سند.

(2)

أخرجه أبو داود (2281) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 414) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 414 رقم 2186) من طريق إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر عن أبيه عن أسماء به.

قلنا: وسنده حسن؛ مداره على المهاجر؛ روى عنه جمع؛ كما في "التهذيب"(10/ 323)، ووثقه ابن حبان في "الثقات"(5/ 427)، وهو من التابعين؛ فمثله يحسن حديثه، والله أعلم.

وشيخ إسماعيل هنا شامي؛ فتنبه.

ص: 181

ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها؛ كان ذلك له -وإن طلقها ألف مرة-، فعمد رجل إلى امرأته؛ فطلقها، حتى إذا شارفت انقضاء عدتها؛ ارتجعها، ثم طلقها، ثم قال: والله؛ لا آويك إلي، ولا تحلين أبداً؛ فأنزل الله -تعالى-:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} ؛ فاستقبل الناس الطلاق جديداً، من كان منهم طلق ومن لم يطلق

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 588/ 80 - رواية يحيى الليثي)، و (1/ 652، 653 رقم 1697 - رواية أبي مصعب) -وعنه الشافعي في "المسند"(2/ 68 رقم 109 - ترتيب السندي) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 333)، و"معرفة السنن"(5/ 465 رقم 4425) -، والترمذي (3/ 497)، وعبد بن حميد؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 279)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 276)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 418 رقم 2206)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 49، 50) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلاً.

هكذا رواه مالك، وجعفر بن عون، وعبدة بن سليمان، وعبد الله بن إدريس، وجرير بن عبد الحميد مرسلاً.

وخالفهم يعلى بن شبيب -وهو لين الحديث-؛ فرواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به مسنداً: أخرجه الترمذي في "سننه"(3/ 497/ 1192)، و"العلل الكبير"(1/ 470 رقم 180 - ترتيب أبي طالب القاضي)، ولوين في "جزئه"(رقم 7) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال"(32/ 385، 386) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 279)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 50)، والحاكم (2/ 279، 280) -وعنه البيهقي (7/ 333) - جميعهم من طريق يعلى به.

قلنا: والصواب الرواية الأولى المرسلة؛ كذا رواه الثقات الأثبات، وخالفهم من هو دونهم، وهو يعلى بن شبيب وفيه ضعف؛ وثقه ابن حبان في "الثقات"(7/ 652)، وقال الذهبي: في "الكاشف"(6523): "وثق"، وقال ابن حجر في =

ص: 182

• عن ابن جريج؛ قال: نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس وفي حبيبة، قال: وكانت اشتكته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تردين عليه حديقته"، فقالت: نعم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: ويطيب لي ذلك، قال:"نعم"، قال ثابت: قد فعلت؛ فنزلت: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآية

(1)

. [ضعيف]

= "التقريب"(2/ 378): "لين الحديث".

وعليه؛ فلا يصح الحديث موصولاً، والله أعلم.

ولذلك قال البخاري؛ كما في "العلل الكبير"(1/ 470) -ونقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 333) -: "الصحيح عن هشام عن أبيه مرسلاً".

وقال البيهقي في "المعرفة"(5/ 466): "والمرسل: هو المحفوظ".

وقال الترمذي قبله: "وهذا أصح -يعني: المرسل- من حديث يعلى بن شبيب".

ورواه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 279) من طريق محمد بن حميد ثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ قالت: لم يكن للطلاق وقت؛ يطلق الرجل امرأته، ثم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجل من الأنصار وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال: والله، لأتركنك لا أيماً، ولا ذات زوج؛ فجعل يطلقها، حتى إذا كادت العدة أن تنقضي؛ راجعها، ففعل ذلك مراراً؛ فأنزل الله عز وجل فيه:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} .

قلنا: وهذا سند واه؛ فيه علل:

الأولى: محمد بن حميد الرازي؛ متهم؛ كما في "الميزان"(3/ 530/ 7453).

الثانية: سلمة بن الفضل الأبرش؛ ضعيف؛ كما في "الميزان"(2/ 192)، و"التقريب"(1/ 318).

الثالثة: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 663)، وزاد نسبته للبيهقي.

(1)

أخرجه ابن جرير (2/ 281) من طريق الحجاج بن نصير عن ابن جريج به.

قلنا: وسنده معضل.

ص: 183

• عن عائشة: أنها أتتها امرأة، فسألتها عن شيء من الطلاق، قالت: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآية

(1)

.

• عن الثوري عن بعض الفقهاء؛ قال: كان الرجل في الجاهلية يطلق امرأته ما شاء، لا يكون عليها عدة؛ فتزوج من مكانها إن شاءت، فجاء رجل من أشجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أنا طلقت امرأتي، وأنا أخشى أن تزوج؛ فيكون الولد لغيري؛ فأنزل الله:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} ؛ فنسخت هذه كل طلاق في القرآن

(2)

. [ضعيف]

• عن ثور بن زيد الديلي: أن الرجل كان يطلق امرأته، ثم يراجعها ولا حاجه له بها، ولا يريد إمساكها؛ إلا لكيما يطول عليها ذلك العدة؛ ليضارها؛ فأنؤل الله في ذلك {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} الآية

(3)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: نزلت في رجل من غفار، طلق امرأته ولم يشعر بحملها، فراجعها وردها إلى بيته، فولدت، وماتت ومات ولدها؛ فأنزل الله بعد ذلك بأيام يسيرة {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} ؛ فنسخت الآية قبلها، وبين الله للرجال كيف يطلقون النساء، وكيف يتربصن

(4)

؟. [ضعيف]

• {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 663)، وعزاه لابن النجار.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 663)، وعزاه لعبد الرزاق.

(3)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 653 رقم 1699 - رواية أبي مصعب) و (2/ 588 رقم 81 - رواية يحيى الليثي) عن ثور به.

قلنا: لكن سنده معضل.

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 660)، وعزاه لابن المنذر.

قلنا: وهو معضل.

ص: 184

وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: طلق رجل امرأته، وهو يلعب؛ لا يريد الطلاق؛ فأنزل الله:{وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} ؛ فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق

(1)

. [ضعيف]

• عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ قال: كان الرجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للرجل: زوجتك ابنتي، ثم يقول: كنت لاعباً.

يقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعباً؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من قالهن لاعباً؛ فهي جائزات عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح"؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ قال: كان الرجل في الجاهلية يطلق، ثم يقول. كنت لاعباً، ثم يعتق، ويقول: كنت لاعباً؛ فأنزل الله: {وَلَا (1)

(1)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 288) من طريق جعفر بن محمد السمسار عن إسماعيل بن يحيى عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ليث بن أبي سليم؛ صدوق اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه؛ فترك.

(2)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 288، 289)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(4/ 394 رقم 1848)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(4/ 484 رقم 4227) عن أبي معاوية عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن البصري عن عبادة.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه.

الثانية: إسماعيل بن مسلم المكي؛ ضعيف، وتركه بعضهم.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 683) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 185

تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}؛ فقال النبي: "من طلق، أو حرّم، أو نكح؛ فقال: إني كنت لاعباً؛ فهو جدّ"

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 288 - "مجمع الزوائد")، وابن عدي في "الكامل" -المرفوع فقط- (5/ 1761) من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن عمرو بن عبيد عن الحسن عنه به.

قلنا: وسنده تالف واه بمرة، فيه ثلاث علل:

الأولى: الحسن مدلس، وقد عنعنه.

الثانية: عمرو بن عبيد؛ متروك الحديث، صاحب بدعه، وداعية لها.

الثالثة: إبراهيم هذا؛ متروك.

وذكره الهيثمي في "المجمع"، وقال:"فيه عمرو بن عبيد عدو لله".

وأخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(8/ 520 رقم 3896)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 43 رقم 7587): ثنا سفيان عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن رجل عن أبي الدرداء به.

قلنا. وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: إسماعيل بن مسلم؛ ضعيف.

الثانية: جهالة الرجل الذي لم يسمّ، وبه -فقط- أعلّه البوصيري.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 683) نحوه، وزاد نسبته لابن مردويه.

قلنا: روي الحديث عن الحسن عن النبي به مرسلاً.

كذا أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 106)، والطبري في "جامع البيان"(2/ 296)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 425 رقم 2248).

من ثلاث طرق عن الحسن:

الأولى: عن عمرو بن عبيد عنه؛ عند ابن أبي شيبة.

قلنا: هذا سند تالف؛ لحال عمرو بن عبيد المبتدع الضال.

الثانية: عن سليمان بن أرقم عنه؛ عند ابن جرير.

قلنا: سند واه بمرة؛ فيه سليمان بن أرقم، وهو متروك الحديث.

الثالثة: عن المبارك بن فضاله عنه؛ عند ابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: مبارك بن فضاله مدلس، وقد عنعن. =

ص: 186

• عن السدي؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن بشار، طلق امرأته، حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة؛ راجعها، ثم طلقها، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر مضارة يضارها؛ فأنزل الله:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)} .

• عن معقل بن يسار رضي الله عنه؛ قال: زوجت أختاً لي من رجل؛ فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها؛ جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأفرشتك وأكرمتك؛ فطلقتها، ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليك أبداً، وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه؛ فأنزل هذه الآية {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}؛ فقلت: الآن أفعل يا رسول الله! قال: "فزوجها إياه".

وفي رواية: كانت لي أخت تخطب إلي؛ فأمنعها؛ فخطبها ابن عم لي؛ فزوجتها إياه؛ فاصطحبا ما شاء الله أن يصطحبا، ثم طلقها طلاقاً له عليها رجعة؛ فتركها حتى انقضت عدتها، وخطبها الخطاب؛ جاء

= الثانية: عصام بن رواد؛ فيه لين؛ كما في "الميزان"(3/ 66).

قلنا: فالأثر عن الحسن لا يصح، وعليه؛ فقول شيخنا رحمه الله: في "الإرواء"(6/ 227): "قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى الحسن وهو البصري"؛ فيه نظر؛ فليحرر.

(1)

قلنا: أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 25) من طريق عمرو عن أسباط بن نصر عنه به.

قلنا: سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط هذا ضعيف.

ص: 187

فخطبها، فقلت: يالكع! خطبت أختي؛ فمنعتها الناس، وآثرتك بها، فطلقتها، فلما انقضت عدتها؛ جئت تخطبها! ولا والله الذي لا إله إلا هو لا أزوجكها؛ ففيه نزلت هذه الآية:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الآية.

فقلت: سمعاً وطاعة كفَّرت عن يميني وأنكحتها

(1)

. [صحيح]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها؛ فعضلها أخوها أن ترجع إلى زوجها الأول، وهو معقل بن يسار أخوها

(2)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري، وكانت له ابنة عم؛ فطلقها زوجها تطليقة؛ فانقضت عدتها، ثم رجع يريد رجعتها، فأما جابر؛ فقال: طلقت ابنة عمنا، ثم تريد أن تنكحها الثانية، وكانت المرأة تريد زوجها قد رأفته؛ فنزلت هذه الآية

(3)

. [ضعيف جداً]

• {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

(1)

أخرجه البخاري -باللفظ الأول- (9/ 183 رقم 5130)، ورواه بنحوه (رقم 4529، 5330، 5339).

والرواية الثانية للطيالسي (رقم 930) -ومن طريقه النسائي في "التفسير"(رقم 61) - وهي صحيحة.

ورواه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 298) وغيره مرسلاً ضعيفاً.

قلنا: الصواب ما تقدم.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 297، 298) من طريقين عن مجاهد.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 298)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 51) من طريق عمرو بن حماد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

ص: 188

وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)}.

• عن الضحاك؛ قال: كان الرجل إذا مات؛ أنفق على امرأته حولاً، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم؛ فنزلت:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} الآية، ثم نسخ من الأربعة الأشهر والعشر {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]؛ إذا وضعن فيما دون ذلك

(1)

. [ضعيف جداً]

{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)} .

• قال مقاتل بن سليمان: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة، ولم بسم لها مهراً، فطلقها قبل أن يمسها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هل متعتها بشيء؟ "، قال: لا، قال:"متعها ولو بقلنسوتك"

(2)

. [ضعيف جداً]

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} .

• عن زيد بن أرقم رضي الله عنه؛ قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة؛ حتى نزلت:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ؛ فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 932/ 415)، وهذا لفظه، وابن جرير بنحوه في "جامع البيان"(2/ 361) من طريق جويبر عن الضحاك به.

قلنا: وهذا سند تالف؛ جويبر هذا متروك ثم إنه معضل.

(2)

ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 279) معلقاً دون سند.

قلنا: ومقاتل هذا؛ متروك.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(3/ 73 رقم 1200، 8/ 98 رقم 4534)، =

ص: 189

• عن زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها؛ فنزلت:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} ، وقال:"إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين"

(1)

. [صحيح]

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: كنت مع قوم اختلفوا في الصلاة الوسطى، وأنا أصغر القوم؛ فبعثوني إلى زيد بن ثابت؛ لأسأله عن صلاة الوسطى، قال: فأتيته؛ فسألته، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والناس في قائلتهم وأسواقهم، فلم يكن يصلي وراء رسول الله إلا الصف والصف؛ فأنزل الله:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} الآية؛ فقال رسول الله: "لينتهين أقوام أو لأحرقن بيوتهم"

(2)

. [ضعيف]

= ومسلم في "صحيحه"(رقم 539)، واللفظ له، وليس عند البخاري:"ونهينا عن الكلام".

(1)

أخرجه أبو داود (1/ 112 رقم 411) -ومن طريقه البغوي في "شرح السنة"(2/ 236 رقم 389)، و"معالم التنزيل"(1/ 288) -، والنسائي في "الكبرى"(1/ 219/ 355)، وأحمد (5/ 183)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 434)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 152 رقم 4821)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 348)، والبيهقي في "الكبرى"(1/ 458)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 167) جميعهم من طريق الزبرقان بن عمرو بن أمية عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت به.

قلنا: وسنده صحيح.

(2)

أخرجه النسائي في "السنن الكبرى"(1/ 220 - 221/ 360)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 121/ 4808) من طريق عثمان الغطفاني أخبرني ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد به.

قلنا: فيه عثمان الغطفاني؛ قال الحافظ في "التقريب"(2/ 12): "صدوق ربما وهم"، وقد وهم في هذا الحديث؛ فقد رواه جمع عن ابن أبي ذئب؛ لكن قالوا =

ص: 190

• عن مجاهد؛ قال: كانوا يتكلمون في الصلاة؛ حتى نزلت هذه الآية: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ؛ فالقنوت: السكوت، والقنوت: الطاعة.

(وفي رواية: فقطعوا الكلام)

(1)

. [ضعيف]

• عن محمد بن كعب؛ قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة والناس يتكلمون في الصلاة في حوائجهم؛ كما يتكلم أهل الكتاب في الصلاة في حوائجهم؛ حتى نزلت هذه الآية {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}

(2)

. [ضعيف]

= فيه: عن الزبرقان: أن رهطاً من قريش مرّ بهم زيد بن ثابت. . . الخ. أخرجه النسائي في "الكبرى"(1/ 218 - 219/ 354)، وأحمد (5/ 206)، والبخاري في "التاربخ الكبير"(3/ 434)، والطبري في "جامع البيان"(2/ 562 - 563)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 167)، وأحمد بن منيع والهيثم بن كليب في "مسنديهما" -ومن طريقهما الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(4/ 97 - 98/ 1310 و 1311) -.

قال النسائي: "هذا خطأ -يعني: رواية ابن المسيب-، والصواب: ابن أبي ذئب عن الزبرقان بن عمرو عن زيد بن ثابت وأسامة بن زيد" ا. هـ.

قلنا: وهو كما قال، والحديث ضعيف؛ لانقطاعه؛ فإن الزبرقان لم يسمع من أسامة وزيد؛ كما قال الضياء المقدسي والحافظ المنذري والإِمام المزي رحمهم الله جميعاً-.

(1)

أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 171)، وابن جرير في "جامع البيان"(2/ 355) من طريق الثوري عن منصور عن مجاهد به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 922 رقم 407): أخبرنا أبو معشر عن محمد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ضعف أبي معشر.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 730)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 191

{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} .

• قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما نزل قوله: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} إلى قوله: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} ؛ قال رجل من المسلمين: إن أحسنت؛ فعلت، وإن لم أرد ذلك؛ لم أفعل؛ فأنزل الله:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} الآية

(1)

. [ضعيف جداً]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243)} .

• عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف؛ قال: كانت أمة من بني إسرائيل إذا وقع فيهم الوجع؛ خرج أغنياؤهم، وأقام فقراؤهم؛ فمات الذين أقاموا، ونجا الذين خرجوا، فقال الأشراف: لو أقمنا كما أقام هؤلاء؛ لهلكنا، وقال الفقراء: لو ظعنا كما ظعن هؤلاء؛ سلمنا، فأجمع رأيهم في بعض السنين على أن يظعنوا جميعاً، فظعنوا فماتوا، وصاروا عظاماً تبرق، فكنسهم أهل البيوت والطرق عن بيوتهم وطرقهم، فمر بهم نبي من الأنبياء فقال: يا رب! لو شئت أحييتهم؛ فعبدوك وولدوا أولاداً يعبدونك، ويعمرون بلادك -قال: أو أحب إليك أن أفعل؟ قال: نعم- فقيل له: تكلم بكذا وكذا، فتكلم به، فنظر إلى العظام تخرج من عند العظام التي ليست منها إلى التي هي منها، ثم قيل له: تكلم بكذا وكذا؛ فتكلم به، فنظر إلى العظام تكسى لحماً وعصباً، ثم قيل له: تكلم بكذا وكذا؛ فنظر، فإذا هم قعود يسبحون الله، ويقدسونه،

(1)

ذكره الواحدي في الوسيط (1/ 354) معلقاً.

وذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 305) وقال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما نزل (فذكره).

قلنا: عبد الرحمن بن زيد متروك؛ فالإسناد ضعيف.

ص: 192

وأنزل الله فيهم هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)} .

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت هذه الآية {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} [البقرة: 261]؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم "رب زد أمتي"، قال: فأنزل الله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} ؛ قال: "رب زد أمتي"، قال: فأنزل الله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]

(2)

. [ضعيف]

{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية؛ إذ أقبل علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية:"أتحب علياً؟! "، قال: نعم، قال:"إنها ستكون بينكم هنيهة"، قال معاوية: فما بعد ذلك يا رسول الله؟! قال: "عفو الله ورضوانه"، قال: رضينا بقضاء الله

(1)

ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 288) معلقاً.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 461 رقم 2435): ثنا أبو زرعة ثنا إسماعيل بن إبراهيم، والواحدي في "الوسيط"(1/ 376) من طريق أبي القاسم البغوي ثنا أبو عمر الدوري كلاهما عن أبي إسماعيل المؤدب.

وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 325): ثنا عبد الله بن عبيد الله العسكري البزار نا الحسن بن علي بن شبيب نا محمود بن خالد الدمشقي عن أبيه كلاهما (أبو إسماعيل المؤدب وخالد الدمشقي) عن عيسى بن المسيب البجلي عن نافع عن عبد الله بن عمر به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عيسى بن المسيب؛ ضعفه غير واحد من أهل العلم.

ص: 193

ورضوانه؛ فعند ذلك نزلت هذه الآية: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}

(1)

. [ضعيف جداً]

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام: هل ينام ربك؟! قال: اتقوا الله؛ فناداه ربه عز وجل: يا موسى! سألوك: هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين بيدك؛ فقم الليل، ففعل موسى، فلما ذهب من الليل ثلثاه؛ نعس؛ فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطها، حتى إذا جاء آخر الليل؛ نعس؛ فسقطت الزجاجتان، فانكسرتا؛ فقال: يا موسى! لو كنت أنام؛ لسقطت السماوات والأرض؛ فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك، وأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الكرسي

(2)

. [حسن]

(1)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(62/ 97) من طريق أحمد بن عبد الله الشيباني: أنا الفرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ الفرات بن السائب متروك الحديث؛ كما قال الدارقطني والذهبي.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 4): "أخرجه ابن عساكر بسند واهٍ" ا. هـ ..

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 487 رقم 2580) -وعنه أبو الشيخ في "العظمة"(2/ 452 - 455 رقم 138)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 15) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 113، 114 رقم 111) -من طريق جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

قلنا: وهذا موقوف حسن الإسناد.

ص: 194

{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاة لا يكاد يعيش لها ولد؛ فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير؛ كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا؛ فأنزل الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أبو داود (رقم 2682)، والنسائي في "تفسيره"(رقم 68، 69) -ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 76) -، وابن حبان في "صحيحه"(1/ 352 رقم 140)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(7/ 188 رقم 2764، 11/ 59 رقم 4279، 15/ 399 رقم 6114)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 10)، والبيهقي في "الكبرى"(9/ 186)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 52)، والنحاس في "معاني القرآن"(1/ 166، 167)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 493 رقم 2609)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 20) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 72، 73 رقم 64، 65) - جميعهم من طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وهذا سند صحيح كالشمس.

ورواه عن شعبة -هكذا- موصولاً: ابن أبي عدي، ووهب بن جرير، وأشعث بن عبد الله السجستاني، وعفان بن مسلم الصفار.

وخالف هؤلاء جميعاً غندر -محمد بن جعفر-؛ فرواه عن شعبة به مرسلاً: أخرجه ابن جرير.

والصواب: رواية الجماعة.

وخالف شعبة أبو عوانة اليشكري؛ فرواه عن أبي بشر -وهو جعفر بن إياس- بنحوه مرسلاً: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 957 رقم 428) -ومن طريقه البيهقي (9/ 186) -، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 10)، والطحاوي في "المشكل"(11/ 59 رقم 4280)؛ والخطابي في "غريب الحديث"(3/ 80، 81). =

ص: 195

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف، يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلاً مسلماً، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أستكرههما؛ فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؛ فأنزل الله فيه ذلك

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: كان له غلام -يعني: نصرانياً- يقال له: جرير، وكان يقول له: أسلم، فقال: كذا كان يقال لهم، وإن ناساً من الأنصار قد أرضعوا في بني قريظة، وكانوا يقولون لهم: أسلموا؛ فنزلت: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}

(2)

. [ضعيف]

= وهذا لا ينافي الموصول، وكلاهما صحيح.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 20) وزاد نسبته لابن المنذر، وابن منده في "غرائب شعبة".

قلنا: وصححه ابن حبان، والنحاس.

وذكر السيوطي الرواية المرسلة، وزاد نسبتها لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 10): حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابت- عن عكرمه أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به.

قلنا: وهذا سند تالف بمرة؛ فيه أربع علل:

الأولى: شيخ ابن جرير محمد بن حميد؛ متهم.

الثانية: سلمة هو ابن الفضل الأبرش الرازي؛ صدوق كثير الخطأ.

الثالثة: شيخه ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن.

الرابعة: محمد بن أبي محمد -شيخ ابن إسحاق-؛ مجهول، قال الحافظ في "التقريب" (2/ 205):"مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق".

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 960 رقم 429): نا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 20)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. =

ص: 196

• عن عامر الشعبي؛ قال: إن المرأة من الأنصار كانت تنذر إن عاش ولدها؛ لتجعلنه في أهل الكتاب، فلما جاء الإِسلام؛ قالت الأنصار: يا رسول الله! ألا نكره أولادنا الذين هم في يهود على الإِسلام؛ فإنا إنما جعلناهم فيها ونحن نرى أن اليهودية أفضل الأديان، فلما أن جاء الله بالإِسلام؛ أفلا نكرههم على الإِسلام؟ فأنزل الله -تعالى ذكره-:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (1). [ضعيف]

= ولم نجده عند الطبري بهذا اللفظ، وإنما أخرجه في "جامع البيان"(3/ 11) من طريق عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله -تعالى-:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ؛ قال: كانت في اليهود يهود أرضعوا رجالاً من الأوس، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلائهم؛ قال أبناؤهم من الأوس: لنذهبن معهم، ولندينن بدينهم؛ فمنعهم أهلوهم، وأكرهوهم على الإِسلام؛ ففيهم نزلت هذه الآية.

وسنده ضعيف؛ لإرساله.

وأخرجه ابن جرير -أيضاً- من طريق ابن جريج عن مجاهد بنحوه.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عنعنة ابن جريج مع إرساله. وأخرجه ابن جرير -أيضاً- عن سعيد بن الربيع الرازي عن ابن عيينه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ووائل عن الحسن: أن ناساً من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير، فلما أُجلوا؛ أراد أهلوهم أن يلحقوهم بدينهم؛ فنزلت:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .

قلت: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وأخرجه ابن جرير -أيضاً- من طريق وكيع وأبي أحمد الزبيري، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 53) من طريق عبد الرحمن بن مهدي جميعاً عن الثوري عن خصيف الجزري عن مجاهد بلفظ: كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة؛ فأرادوا أن يكرهوهم على الإِسلام؛ فنزلت: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .

قلنا: سنده ضعيف، لأن خصيفاً الجزري سيّئ الحفظ، واختلط بأخره.

قلنا: أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(ص 281/ 516)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 11) من طريقين عن داود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 20)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. =

ص: 197

• عن السدي؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار يقال له: أبو الحصين، كان له ابنان؛ فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت، فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا؛ أتاهم ابنا أبي الحصين؛ فدعوهما إلى النصرانية؛ فتنصرا؛ فرجعا إلى الشام معهم، فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: إن ابنيَّ تنصرا وخرجا؛ أفأطلبهما؟ فقال: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} ، ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال:"أبعدهما الله؛ هما أول من كفر"؛ فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي حين لم يبعث في طلبهما؛ فنزلت: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]، ثم إنه نسخ:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ؛ فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة

(1)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: لكن أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 10) من طريق معتمر بن سليمان وبشر بن المفضل وابن علية ثلاثتهم عن داود بن أبي هند عن الشعبي بلفظ: كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاتاً -لا يعيش لها ولد-؛ فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم؛ فجاء الإِسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم، فقالوا: إنما جعلناهم على دينهم، ونحن نرى أن دينهم أفضل ديناً، وإذ جاء الله بالإِسلام؛ فلنكرهنهم؛ فنزلت:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فكان فصل ما بين من اختار اليهودية والإِسلام؛ فمن لحق بهم؛ اختار اليهودية، ومن أقام؛ اختار الإِسلام.

قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(1)

أخرجه أبو داود في "الناسخ والمنسوخ"؛ كما في "تهذيب الكمال"(5/ 102) عن جعفر بن محمد، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 10) حدثني موسى بن هارون، وإسماعيل القاضي في "أحكام القرآن"؛ كما في "الإِصابة"(4/ 44) من طريق عمرو بن حماد بن طلحة القناد عن أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف. =

ص: 198

• قال مسروق: كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان؛ فتنصرا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام؛ فلزمهما أبوهما، وقال: لا أدعكما حتى تسلمان؛ فتخاصما إلى، رسول الله؛ فقال: يا رسول الله! أيدخل بعضي النار وأنا انظر؟! فأنزل الله -تعالى-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ؛ فخلى سبيلهما

(1)

. [ضعيف]

• وقال قتادة وعطاء: نزلت في أهل الكتاب إذا قبلوا الجزية، وذلك أن العرب كانت أمة أمية لم يكن لهم كتاب؛ فلم يقبل منهم إلا الإِسلام، فلما أسلموا طوعاً أو كرهاً؛ أنزل الله:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ؛ فأمر بقتال أهل الكتاب إلى أن يسلموا أو يقروا بالجزية، فمن أعطى منهم الجزية؛ لم يكره على الإِسلام

(2)

.

• عن عبد الله بن عبيدة: أن رجلاً من الأنصار من بني سالم بن عوف كان له ابنان تنصرا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقدما المدينة في نفر من أهل دينهم يحملون الطعام، فرآهما أبوهما؛ فانتزعهما، وقال: والله لا أدعهما حتى يسلما، فأبيا أن يسلما؛ فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أيدخل بعضي النار وأنا انظر؟! فأنزل الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ؛ فخلى سبيلهما

(3)

.

{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} .

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 21)، وزاد نسبته لابن المنذر.

وذكر ابن الأثير في "أسد الغابة": أن ابن الدباغ أخرجه.

(1)

ذكره البغوي في "معالم التنزيل"(1/ 314)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 52، 53) معلقاً دون سند.

(2)

قاله البغوي.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 21)، ونسبه لعبد بن حميد.

ص: 199

• قال الكلبي وغيره: نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف: أما عبد الرحمن بن عوف؛ فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة آلاف درهم صدقة، فقال: كان عندي ثمانية آلاف درهم؛ فأمسكت منها لنفسي ولعيالي أربعة آلاف درهم، وأربعة آلاف أقرضتها ربي، فقال له رسول الله:"بارك الله لك فيما أمسكت، وفيما أعطيت"، وأما عثمان؛ فقال: عليَّ جهاز من لا جهاز له في غزوة تبوك؛ فجهز المسلمين بألف بعير بأقتابها، وأحلاسها، وتصدق برومة؛ ركية كانت له على المسلمين؛ فنزلت فيهما هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يده يدعو لعثمان، ويقول:"يا رب! إن عثمان بن عفان رضيت عنه"، فما زال رافعاً يده حتى طلع الفجر؛ فأنزل الله -تعالى- فيه:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية

(2)

. [ضعيف]

• وقال ابن السائب ومقاتل: نزلت في عثمان بن عفان في نفقته في غزوه تبوك، وشرائه بئر رومة بالمدينة تصدق بها على المسلمين، وفي عبد الرحمن بن عوف تصدق بأربعة آلاف درهم، وكانت نصف ماله

(3)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} .

(1)

قاله الواحدي في "أسباب النزول"(ص 55) معلقاً دون سند، ونحوه في "معالم التنزيل"(1/ 325).

(2)

قاله الواحدي في "أسباب النزول"(ص 55) معلقاً دون سند.

(3)

قاله ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 216)، معلقاً دون سند، ونحوه في "معالم التنزيل"(1/ 325).

ص: 200

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: نزلت فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل، كان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين؛ فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع جاء القنو؛ فضربه بعصاه؛ فيسقط البسر والتمر؛ فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف، وبالقنو قد انكسر؛ فيعلقه؛ فأنزل الله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} الآية.

قال: لو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطى؛ لم يأخذه إلا عن إغماض وحياء. قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 226)، والترمذي (5/ 218، 219 رقم 2987)، وابن ماجه (1/ 583 رقم 1822)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 55)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 201)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 528 رقم 2803)، والحاكم (2/ 285)، والبيهقي (4/ 136)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 56)، وابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 328) من طرق عن البراء به.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح".

وقال الحاكم: "هذا حديث غريب صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" كذا في المطبوع، ونقل ابن كثير في "تفسيره": أن الحاكم صححه على شرطهما.

وفي الزوائد على ابن ماجه: "إسناده صحيح".

قلنا: مداره على السدي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة- صدوق عالم بالتفسير، وقد قال العجلي:"ثقة عالم في التفسير راوية له"، وهذا من التفسير؛ فالحديث صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 58)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 201

• عن سهل بن حنيف رضي الله عنه؛ قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة؛ فجاء بكبائس من هذا السجل -يعني الشيص- فوضعه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"من جاء بهذا؟ "، وكان كل من جاء بشيء نسب إليه؛ فنزلت:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} الآية، ونهى رسول الله عن لونين من التمر أن يؤخذا في الصدقة: الجعرور، ولون الحبيق

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أبو داود (2/ 110 - 111/ 1607) -ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"(6/ 83 - 84) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 76 - 77/ 5567)، وابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 39 - 40/ 2313)، والدارقطني في "سننه"(2/ 313 - 314/ 2013 و 314/ 2014)، والحاكم (1/ 402 و 2/ 284) -وعنه- في الموضع الأول -البيهقي (4/ 136) -، من طريق عباد بن العوّام، عن سفيان بن حسين، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه به.

قال الحاكم في "الموضع الأول": "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه"! وقال في "الموضع الثاني": "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين" ووافقه -فيهما- الذهبي!! قلنا: وقدوهما؛ فإن البخاري ومسلماً لم يخرجا لسفيان بن حسين عن الزهري شيئاً، وسفيان ثقة باتفاق أهل العلم؛ إلا في الزهري خاصة، فإنه فيه ضعيف، وقد رواه من أثبت منه عن الزهري ولم يذكر:"عن أبيه"، كما سيأتي.

وقد توبع سفيان بن حسين، تابعه:

أ - سليمان بن كثير -وهو ضعيف في الزهري خاصة- وقد اختلف عنه فيه: فرواه أبو الوليد الطيالسي -وهو ثقة ثبت- عنه به بإثبات (عن أبيه): أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 528/ 2802)، والطبراني في "الكبير"(6/ 76/ 5566)، والدارقطني في "سننه"(2/ 314/ 2015)، والحاكم (1/ 402 و 2/ 284)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 136)، و"معرفة السنن والآثار"(3/ 272/ 2314)، وابن عبد البر في "التمهيد"(6/ 84)، و"الاستذكار" (9/ 242 - 243/ 13142). وخالفه: مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، ومحمد بن كثير العبدي -وهما ثقتان من رجال الشيخين- فروياه عن سليمان بن كثير به؛ بإسقاط:(عن أبيه). =

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه الدارقطني في "سننه"(2/ 315/ 2016).

قلنا: وهذه الرواية أرجح؛ لسببين:

1 -

أنهما جمع، فهما أثبت من الطيالسي.

2 -

أن محمد بن كثير هو أخو سليمان بن كثير، فهو -من هذه الحيثية- أدرى بحديث أخيه من غيره، وأعرف.

على أن التهمة بسليمان بن كثير -نفسه- ألزق؛ فهو لضعفه في الزهري كان يضطرب فيه؛ مرة يذكره، ومرة لا يذكره، فحفظ عنه الرواة هذا وذاك، والله أعلم.

ب - محمد بن أبي حفصة -وهو صدوق يخطئ-، واختلف عنه -أيضاً-:

فرواه عبدان، عن عبد الله بن المبارك، عنه به بإثبات:(عن أبيه).

أخرجه الحاكم (1/ 402).

وخالف عبدان: محمد بن عيسى الطباع؛ فرواه عن ابن المبارك به، بإسقاط:(عن أبيه).

أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 39/ 2311).

وقد توبع محمد بن عيسى عليه بإسقاط (عن أبيه)، تابعه: أبو أسامة -حماد بن أسامة- عن ابن أبي حفصة به.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 226).

ولعل هذا الاختلاف من ابن أبي حفصة نفسه، فإنه موصوف بالخطأ، ومع ذلك فإن رواية من أسقط (عن أبيه) اصح، ويؤيده:

أن عبد الجليل بن حميد اليحصبي -وهو صدوق- رواه عن ابن شهاب به بإسقاط (عن أبيه).

أخرجه النسائي في "المجتبى"(5/ 42)، و"الكبرى"(3/ 33/ 2283) -ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"(6/ 85) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الحجاب"(1/ 625)، وابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 39/ 2312)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 700 - 701)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 77/ 5569)، والدارقطني في "سننه"(2/ 315/ 2017).

وجملة القول: إن الصواب في إسناد هذا الحديث أنه من مسند أبي أمامة بن سهل، ومن قال فيه:(عن أبيه)؛ فقدوهم. =

ص: 203

• عن مجاهد؛ قال: كانوا يتصدقون من النخل بحشفه وشراره؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يتصدقوا بطيبه؛ وفي ذلك نزلت:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}

(1)

. [ضعيف]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر؛ فجاء رجل بتمر رديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة:"لا تخرص هذا التمر"؛ فنزل القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}

(2)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

= إذا عرفت هذا؛ فإن إسناد الحديث صحيح بمجموع طرقه عن ابن شهاب، وأبو أمامة معدود في الصحابة؛ لكن لم يثبت سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من مراسيل الصحابة، وهي حجة باتفاق.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 56) من طريق عيسى بن ميمون الجرشي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: رجاله؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 60) وعزاه لسفيان بن عيينة، والفريابي.

(2)

أخرجه الحاكم (2/ 283، 284)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 55) من طريق قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر به.

قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وهو كما قالا.

ورواه عبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 58، 59) عن جعفر بن محمد عن أبيه بنحوه مرسلاً.

قلنا: لا يضر إرساله؛ لأن من وصله ثقات أثبات.

ص: 204

أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}

(1)

. [حسن]

• عن عبيدة السلماني؛ قال: سألت علياً بن أبي طالب عن قول الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} الآية؛ فقال: نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر؛ فيصرمه، فيعزل الجيد ناحية، فإذا جاء صاحب الصدقة؛ أعطاه من الرديء؛ فقال الله:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} الآية. يقول: ولا يأخذ أحدكم هذا الرديء حتى يهضم له

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن محمد بن يحيى بن حبان المازني: أن رجلاً من قومه أتى بصدقته يحملها إلى رسول الله بأصناف من التمر معروفة من الجعرور، واللينة، والأيارخ، والقضرة، وأمعاء فارة، وكل هذا لا خير فيه من تمر النخل؛ فردها الله ورسوله، وأنزل الله فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 526 رقم 2790)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 59) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 114، 115 رقم 112) -من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

قلنا: وهذا سند حسن.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 56) من طريق أبي بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن عبيدة به.

قلنا: وهذا سند تالف، واه بمرة؛ فيه أبو بكر الهذلي؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 401):"إخباري متروك الحديث".

ص: 205

وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عطاء؛ قال: علق إنسان حشفاً في الأقناء التي تعلق بالمدينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما هذا؟ بئسما علق هذا! "؛ فنزلت: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان على عهد نبي الله صلى الله عليه وسلم يعمد إلى أردئهما تمراً؛ فيتصدق به، ويخلط فيه من الحشف؛ فأنزل الله:{وَلاتَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} ؛ فعاب الله عليهم، ونهاهم عنه

(3)

. [ضعيف]

• عن الضحاك؛ قال: كانوا حين أمر الله أن يؤدوا الزكاة يجيء الرجل من المنافقين بأرداء طعام له من تمر وغيره؛ فكره الله ذلك، وقال:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}

(4)

[ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 59)، وعزاه لابن المنذر.

قلنا: سنده ضعيف لإرساله.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 56) من طريق الحجاج بن نصير عن ابن جريج سمعت عطاء.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 56) من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 58)، وعزاه لعبد بن حميد.

(4)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 56) من طريق جويبر عنه به.

قلنا: وهذا سند تالف؛ جويبر قال عنه الحافظ في "التقريب"(1/ 136): "راوي التفسير؛ ضعيف جداً، من الخامسة". =

ص: 206

{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)} .

• عن الشعبي؛ قال: في قوله -تعالى-: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} قال: أنزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: أما عمر، فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر؟! " قال: خلفت لهم نصف مالي، وأما أبو بكر؛ فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه، حتى دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي:"ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟! " فقال: عدة الله وعدة رسوله؛ فبكى عمر رضي الله عنه، وقال: بأبي أنت وأمي يا أبا بكر! والله ما استبقنا إلى باب خير قط؛ إلا كنت سابقنا إليه

(1)

. [موضوع]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: صدقة السر أفضل أم صدقه العلانية؟

(2)

.

{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانوا يكرهون أن يرضخوا

= ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 58)، وزاد نسبته لعبد حميد، وابن المنذر.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 536 رقم 2848): ثنا أبي حدثنا الحسن بن زياد المحاربي مؤذن محارب أنا موسى بن عمير عن الشعبي به.

قلنا: وهذا حديث موضوع؛ سنده تالف؛ فيه موسى بن عمير القرشي مولاهم أبو هارون الكوفي الأعمى؛ قال الحافظ في "التقريب"(2/ 287): "متروك"، وقد كذبه أبو حاتم؛ كما في "الجرح والتعديل"(8/ رقم 696).

(2)

ذكره الواحدي في "الوسيط"(1/ 384) معلقاً دون سند.

ص: 207

لأنسابهم من المشركين؛ فسألوا، فرضخ لهم؛ فنزلت هذه الآية:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أناس من الأنصار لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير، وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم، ويريدونهم أن يسلموا؛ فنزلت:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الفريابي؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 86) -ومن طريقه النسائي في "الكبرى"(6/ 305، 306 رقم 11052)، والطبراني في "الكبير"(12/ 43 رقم 12453) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 76، 77 رقم 68) -، وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 39/ 1)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 537 رقم 2852)، والبزار في "المسند"(3/ 42 رقم 2193 - "كشف")، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 63)، والحاكم (2/ 285 و 4/ 156 - 157)، والبيهقي في "سننه"(4/ 191)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 86) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 77 رقم 69) - كلهم من طريق الثوري عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده صحيح؛ صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

قلنا: وهو كما قالا.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 324): "رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم؛ وهو ضعيف، ورواه البزار بنحوه، ورجاله ثقات".

قلنا: فالعمده على الطرق السابقه.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 86)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 63) من طريق ابن المبارك عن سفيان =

ص: 208

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن رجالاً من الصحابة قالوا: أنتصدق على من ليس من أهل ديننا؟! فأنزل الله في ذلك القرآن: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}

(1)

. [ضعيف]

• عن الربيع؛ قال: كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرجل من المشركين قرابة وهو محتاج؛ فلا يتصدق عليه، يقول: ليس من أهل ديني؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}

(2)

. [ضعيف جداً]

= الثوري عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده صحيح؛ رجاله ثقات.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 63) من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 87)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 63) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف سيئ الحفظ وبخاصة في مغيرة.

الثالثة: ابنه عبد الله فيه ضعف، وبخاصة عن أبيه؛ قال ابن حبان في "الثقات" (8/ 335):"يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه".

وذكر الواحدي في "الوسيط"(1/ 387) -معلقاً دون سند- في سبب نزول الآية فقال: قال المفسرون: نزلت هذه الآية حين جاءت قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها إليها تسألها، وكذلك جدتها، وهما مشركتان؛ فقالت: لا أعطيكما =

ص: 209

• عن سعيد بن جبير: كانوا يعطون فقراء أهل الذمه صدقاتهم، فلما كثر فقراء المسلمين؛ قالوا: لا نتصدق إلا على فقراء المسلمين؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عمرو الهلالي؛ قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أنتصدق على فقراء أهل الكتاب؟ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} الآية، ثم دلوا على الذي هو خير وأفضل؛ فقيل:{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا} [البقرة: 273]

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن لا نتصدق إلا على أهل الإِسلام؛ حتى نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} ؛ فأمر بالصدقة بعدها على كل من

= حتى أستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنكما لستما على ديني؛ فاستأمرته في ذلك؛ فأنزل الله هذه الآية؛ فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتصدق عليهما.

(1)

أخرجه ابن المنذر في "تفسيره"(1/ 3/40) من طريق يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به.

وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه سفيان بن عيينة؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 87)، -ومن طريقه ابن المنذر في "تفسيره" (1/ 40/ 4) -: عن عمرو به.

وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 210

سألك من كل دين

(1)

. [حسن]

• عن ابن الحنفية؛ قال: كره الناس أن يتصدقوا على المشركين؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} قال: فتصدق الناس عليهم

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} ؛ قال: سأله رجل ليس على دينه، فأراد أن يعطيه، ثم قال:"ليس على ديني"؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} الآية

(3)

. [ضعيف جداً]

• {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 537 - 538 رقم 2853 و 539/ 2862)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 86) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختاره"(10/ 115،116 رقم 113، 114) -من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي حدثنا أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده حسن، ويشهد له ما بعده.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 177)، وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 41/ 5)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 386)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 63) من طريقين عن أشعث عن جعفر عن سعيد به مرسلاً.

وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، والوصل زيادة يجب قبولها.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 177)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 386) من طريق الحجاج بن أرطاة عن سالم المكي عن محمد بن الحنفية به.

قلنا: وسنده مرسل، وهو ضعيف؛ فيه سالم المكي لم نعرفه.

(3)

أخرجه ابن المنذر في "تفسيره"(1/ 40/ 2) من طريق ابن ثور عن ابن جريج به. وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله.

ص: 211

أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}.

• عن أبي أمامة الباهلي؛ صدي بن عجلان رضي الله عنه؛ قال: نزلت هذه الآية في أصحاب الخيل: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} ؛ فيمن يربطها لا خيلاء، ولا لضمار

(1)

. [ضعيف]

• عن عريب المليكي، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:"نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} في أصحاب الخيل"

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(42/ 37 - 38) بسند ضعيف، وقد ضعفه البخاري وابن عساكر.

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(7/ 433)، وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 45 - 46/ 18)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 542 رقم 2880)، والطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 171 رقم 504)، و"الأوسط"(2/ 17 رقم 1083) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"(3/ 531) -، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(5/ 158 رقم 2696)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 56)، و"الوسيط"(1/ 392)، وأبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1781، 1782 رقم 1283، 1284)، وابن عدي في "الكامل (3/ 1196)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2252 رقم 5592) من طريق سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب المليكي عن أبيه عن جده به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: سعيد بن سنان؛ متروك الحديث، متهم بالوضع؛ كما في "الكامل"(3/ 1197)، و"التهذيب"(4/ 46)، و"التقريب"(1/ 298).

الثانية والثالثة: يزيد بن عبد الله بن عريب وأبوه مجهولان؛ كما في "اللسان"(3/ 315)، و"المجمع"(6/ 324)، وقال الذهبي في "تجريد أسماء الصحابة" (1/ 380):"شامي، قال البخاري: يقال: له صحبة، له حديث من وجه ضعيف". =

ص: 212

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ في قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} ؛ قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كانت له أربعة دراهم؛ فأنفق بالليل درهماً، وبالنهار درهماً، وسراً درهماً، وعلانية درهماً

(1)

. [ضعيف جداً]

= وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 324) وقال: "ويزيد بن عبد الله وأبوه لا يعرفان".

قلنا: وذكره السيوطي "الدر المنثور"(2/ 100) وزاد نسبته لابن أبي عاصم في "الجهاد".

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 543 رقم 2883) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 58) -، وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 108) -ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 80 رقم 11164) -، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 57، 58)، و"الوسيط"(1/ 392)، وابن جرير في "جامع البيان"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 322)، وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 48 - 49/ 22) من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس.

قلنا: ومداره على عبد الوهاب؛ وهو متروك، وكذبه الثوري؛ كما في "التقريب"(1/ 528)، وانظر:"الميزان"(2/ 682).

وعليه؛ فالحديث ضعيف جداً.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 324): "فيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف.

وضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 333)، وذكر أنه له طريقاً أخرى عن ابن عباس عند ابن مردويه.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 100، 101)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن عساكر.

(تنبيه): وقع عند ابن أبي حاتم، والطبري عن مجاهد قوله، ولم يذكرا: ابن عباس، ولعله من أوهام عبد الوهاب.

ص: 213

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} .

• عن عبد الله بن عباس في قوله عز وجل: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ؛ قال: يُعرفون يوم القيامة بذلك، لا يستطيعون القيام إلا كما يقوم المجنون المُخنَّق:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} -وكذبوا على الله-: {وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى} إلى قوله: {وَمَنْ عَادَ} ؛ فأكل الربا: {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .

وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ} [البقرة: 278، 279] إلى آخر الآية.

فبلغنا -والله أعلم- أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف من ثقيف، وفي بني المغيرة من بني مخزوم.

كانت بنو المغيرة يربون لثقيف، فلما أظهر الله رسوله على مكة؛ وضع يومئذ الربا كله.

وكان أهل الطائف قد صالحوا على أن لهم رباهم، وما كان عليهم من ربا؛ فهو موضوع، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر صحيفتهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين: أن لا يأكلوا الربا ولا يؤاكلوه؛ فأتاهم بنو عمرو بن عمير وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسد -وهو على مكة- فقال بنو المغيرة: ما جعلنا أشقى الناس بالربا؟ وضع عن الناس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عمير: صولحنا على أن لنا ربانا؛ فكتب عتاب بن أسيد في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت هذه الآية: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279]؛ فعرف بنو عمرو أن

ص: 214

الإيذان لهم بحرب من الله ورسوله بقوله: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279]. {لَا تَظْلِمُونَ} : فتأخذون أكثر، {وَلَا تُظْلَمُونَ}: فتبخسون منه. {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} أن تذروه خير لكم إن كنتم تعلمون {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 280، 281]؛ فذكروا أن هذه الآية نزلت، وآخر آية من سورة النساء نزلتا آخر القرآن

(1)

. [موضوع]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} .

• عن ابن جريج في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} .

قال: كانت ثقيف قد صالحت النبي صلى الله عليه وسلم على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا؛ فهو موضوع، فلما كان الفتح؛ استعمل عتاب بن أسيد على مكة، وكانت بنو عمرو بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة، وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية، فجاء الإِسلام ولهم عليهم مال كثير، فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم، فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإِسلام، فرفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد؛ فكتب

(1)

أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(5/ 74، 75 رقم 2668) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 58، 59) - من طريق الكلبي، عن أبي صالح -باذام مولى أم هانئ- عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا حديث موضوع؛ فيه الكلبي كذاب، ونحوه أبو صالح.

قال الثوري: "قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك؛ فهو كذب".

وقال الكلبي نفسه: "كل شيء أحدث به عن أبي صالح فهو كذب"؛ كما في "الكامل"(6/ 2127 - 2130)، و"تهذيب الكمال"(25/ 248 - 252).

ص: 215

عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} إلى قوله: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279]؛ فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب، وقال:"إن رضوا؛ وإلا فآذنهم بحرب"

(1)

. [ضعيف جداً]

• وقال السدي: نزلت في العباس وخالد بن الوليد وكانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى بني عمرو بن عمير -ناس من ثقيف-، فجاء الإِسلام ولهما أموال عظيمة في الربا؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن السدي في: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} ؛ قال: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة، كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا أناس من ثقيف من بني عمرو -وهم بنو عمر بن عمير-؛ فجاء الإِسلام ولهما أموال عظيمة في الربا؛ فأنزل الله ذروا ما بقي من فضل كان في الجاهليه

(3)

من الربا. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 71) من طريق الحجاج بن نصير عن ابن جريج به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه معضل.

وأخرجه الواحدي في "الوسيط"(1/ 397) من طريق داود عن ابن جريج عن مجاهد به.

قلنا: وفيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعنه.

(2)

ذكره البغوي في "معالم التنزيل"(1/ 344)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 59) معلقاً دون سند.

قلنا: وهو معضل.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 71)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

ص: 216

• وقال عطاء وعكرمة: نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} في العباس بن عبد المطلب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، وكانا قد أسلفا في التمر، فلما حضر الجداد؛ قال لهما صاحب التمر: إن أنتما أخذتما حقكما؛ لا يبقى لي ما يكفي عيالي؛ فهل لكما أن تأخذا النصف، وتؤخرا النصف وأضعف لكما؟ ففعلا، فلما حل الأجل؛ طلبا الزيادة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} ؛ فسمعا وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما

(1)

. [ضعيف]

• قال مقاتل بن حيان: نزلت في أربعة أخوة من ثقيف: مسعود وعبد ياليل وحبيب وربيعة، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي، كانوا يداينون بني المغيرة بن عبد الله بن عمير بن مخزوم وكانوا يربون، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف: أسلم هؤلاء الأخوة، فطلبوا رباهم من بني المغيرة، فقال بنو المغيرة: والله ما نعطي الربا في الإِسلام وقد وضعه الله -تعالى- عن المؤمنين؛ فاختصموا إلى عتاب بن أسيد -وكان عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة-؛ فكتب عتاب بن أسيد إلى النبي بقصة الفريقين وكان ذلك مالاً عظيماً؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ

= (2/ 548 رقم 2913) من طريق أسباط بن نصر عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف.

(1)

ذكره البغوي في "معالم التنزيل"(1/ 344)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 59) معلقاً دون سند.

قلنا: وهو مرسل.

ص: 217

آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في نفر من ثقيف؛ منهم: مسعود وربيعة وحبيب وعبد ياليل، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي، وفي بني المغيرة من قريش:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} [البقرة: 278]

(2)

. [موضوع]

• وقال بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة: هاتوا رؤوس أموالنا وندع لكم الربا، فشكا بنو المغيرة العسرة؛ فنزلت الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} الآية

(3)

. [ضعيف]

{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ في قوله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ؛ قال: نزلت في الربا

(4)

. [ضعيف]

(1)

ذكره البغوي في "معالم التنزيل" معلقاً (1/ 345).

قلنا: أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 548، 549 رقم 2915) من طريق محمد بن مزاحم عن بكير بن معروف عن مقاتل به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله، وضعف بكير. وفيه:"فاختصموا إلى معاذ بن جبل أو عتاب بن أسيد" على الشك.

(2)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(2/ 831 رقم 1094، 2180، 2762)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(1/ 336، 2/ 62) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا موضوع، من دون ابن عباس كذابون.

(3)

ذكره ابن الجوزي -معلقاً- في "زاد المسير"(1/ 334).

(4)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 986 رقم 454 - تكملة)، وابن جرير =

ص: 218

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً} .

• عن الربيع؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ الله} ؛ كان أحدهم يجيء إلى الكاتب؛ فيقول: اكتب لي، فيقول: إني مشغول، أو لي حاجة؛ فانطلق إلى غيري، فيلزمه ويقول: إنك قد أمرت أن تكتب لي، فلا يدعه ويضاره بذلك وهو يجد غيره؛ فأنزل الله:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}

(1)

. [ضعيف جداً]

= في "جامع البيان"(3/ 73)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 552 رقم 2934) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن يزيد بن أبي زياد ضعيف، كبر؛ فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعياً.

وذكره الواحدي في "الوسيط"(1/ 398) معلقاً دون سند.

وقال المفسرون: لما نزلت هذه الآية؛ قال الإخوة المربون -يعني ثقيفاً-: بل نتوب إلى الله؛ فإنه لا يدان لنا بحرب من الله ورسوله، فرضوا برأس المال وسلموا لأمر الله عز وجل؛ فشكا بنو المغيرة العسرة، وقالوا: أخرونا إلى أن تدرك الغلات، فأبوا أن يؤخروا؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 84) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن الربيع به. =

ص: 219

• عن قتادة؛ أنه قال: كان الرجل يطوف في الحواء العظيم فيه القوم فيدعوهم إلى الشهادة؛ فلا يتبعه منهم أحد؛ فنزلت هذه الآية: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} الآية

(1)

. [ضعيف]

{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} .

• عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في الشهادة

(2)

. [ضعيف]

• {لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا

= قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف؛ ضعفه أبو زرعة، والفلاس، وابن حبان، والنسائي، وابن حجر.

الثالثة: رواية ابنه عنه ضعيفة؛ قال ابن حبان في "الثقات"(8/ 335): يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 83) من طريق بشر عن يزيد عن سعيد عن قتادة به.

وزاد السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 121) نسبته لعبد بن حميد.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه ابن المنذر في "تفسيره"(1/ 93/ 161) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن زائدة بن قدامة، عن يزيد بن أبي زياد الهاشمي عن مقسم عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف، يزيد هذا ضعيف.

ص: 220

كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: لما أنزل الله على رسول صلى الله عليه وسلم: {لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} الآية؛ اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله:"أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟! بل قولوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} "؛ فلما قرأها القوم؛ ذلت بها ألسنتهم؛ فأنزل الله في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} ، فلما فعلو ذلك؛ نسخها الله -تعالى-؛ فأنزل الله عز وجل:{لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} الآية

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أنه ذكر له: أن ابن عمر تلا هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} ؛ فبكى، ثم قال: والله لئن آخذنا الله بها؛ لنهلكن، فقال ابن عباس: يرحم الله أبا عبد الرحمن! قد وجد المسلمون منها حين نزلت ما وجد؛ فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(1/ 115، 116 رقم 125).

ص: 221

وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} من القول والعمل، وكان حديث النفس مما لا يملكه أحد ولا يقدر عليه أحد

(1)

. [صحيح]

• عن مجاهد بن جبر؛ أنه جاء، فقال: يا ابن عباس! كنت عند ابن عمر؛ فقرأ هذه الآية؛ فبكى، فقال: أية آية؟، قلت:{وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} ؛ فقال ابن عباس: إن هذه الآية حين أنزلت: غمت أصحاب رسول الله غماً شديداً، وغاظتهم غيظاً شديداً؛ وقالوا: يا رسول الله! هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا وبما نعمل؛ فأما في قلوبنا؛ فليست بأيدينا، فقال لهم رسول الله:"قولوا: سمعنا وأطعنا"، قال: فنسختها هذه الآية: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} ؛ فتجوز لهم عن حديث النفس، وأخذوا بالأعمال

(2)

. [حسن]

(1)

رواه الشافعي في "مسنده"(رقم 422 - رواية المزني) -وعنه الطحاوي في "المشكل"(4/ 311 رقم 1626) -، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(رقم 508)، والطبري في "جامع البيان"، (3/ 195)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 578، 579 رقم 3087، 3090)، والطبراني في "الكبير"(10/ 3161 رقم 10769، 10770)، والطحاوي في "المشكل"(4/ 312 رقم 1627)، والبيهقي في "الشعب" (1/ 297 رقم 329) كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن مرجانة: ذكر لابن عباس به.

وزاد السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 128) نسبته لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه".

قال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 206): "وأخرج الطبري بإسناد صحيح عن الزهري؛ أنه سمع سعيد بن مرجانة يقول: كنت عند ابن عمر. . . به".

قلنا: وهو كما قال رحمه الله.

ورواه الطبري في "جامع البيان"(3/ 96) عن الزهري مرسلاً ضعيفاً.

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(1/ 332) -ومن طريقه ابن الجوزي في "نواسخ =

ص: 222

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} ؛ قال: دخل قلوبهم: منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا"، قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ؛ قال: قد فعلت: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} ؛ قال: قد فعلت {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا} ؛ قال: قد فعلت

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس في قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} ؛ قال: لما

= القرآن" (ص 229) -، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 96) عن عبد الرزاق:

أنا معمر، عن حميد الأعرج عن مجاهد به.

قلنا: وسنده حسن للكلام في حميد، وسكت عنه الحافظ في "الفتح"(8/ 206).

(1)

رواه مسلم (رقم 126) بهذا اللفظ من طريق آدم بن سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس به.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(3/ 96) مرسلاً ضعيفاً وهو خطأ، والصواب رواية مسلم وغيره الموصولة؛ كذا حدث به الثقات؛ لأنه من رواية أبي أحمد الزبيري عن الثوري، وقد قال الحافظ في ترجمة أبي أحمد الزبيري في "التقريب" (2/ 176):"ثقة ثبت؛ إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري".

ص: 223

نزلت؛ اشتد ذلك على المسلمين وشق عليهم؛ فنسخها الله عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: في هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} ؛ قال: نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبراني (11/ 362 رقم 12296)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص 227) من طريق عمار بن رزيق، والبيهقي في "الشعب"(1/ 296 رقم 328) من طريق ورقاء كلاهما عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عطاء، وكان قد اختلط، والراويان عنه هنا ليسا من قدماء أصحابه.

(2)

أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(ص 274 رقم 502)، والطبري في "جامع البيان"(3/ 95)، وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 93/ 163)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص 233، 234) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس به.

وروى الطحاوي في "المشكل"(4/ 315) نحوه.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد؛ قال الحافظ في "التقريب"(2/ 365): "ضعيف، كبر؛ فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعياً".

ورواه الثوري ومحمد بن فضيل وخالد بن عبد الله الطحان وسليمان التيمي عن يزيد عن مجاهد عن ابن عباس بلفظ: "نزلت في الشهادة"؛ فجعل شيخه: مجاهداً، وهذا من تخاليطه. =

ص: 224

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: لما نزلت هذه الآية؛ يعني: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)} ؛ جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار، فقالوا: يا رسول الله! والله ما نزلت آية أشد علينا من هذه؛ وإن أحدنا ليحدث نفسه بأشياء ما يحب أن تثبت في قلبه وأن له الدنيا وما عليها؛ قال: فنسخ الله الآية وأنزل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنه قرأ هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا

= أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1004 رقم 473 - تكملة)، وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 93)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 572 رقم 3056)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 95).

وضعفه الشوكاني في "فتح القدير"(1/ 306).

(1)

أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(ص 275 رقم 505)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 60، 61)، و"الوسيط"(1/ 408) معلقاً.

قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على عطاء الخراساني؛ قال الحافظ في "التقريب"(232): "صدوق يهم كثيراً، ويرسل، ويدلس".

ص: 225

طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}؛ فدمعت عيناه، فبلغ صنيعه ابن عباس؛ فقال: يرحم الله أبا عبد الرحمن! لقد صنع أصحاب رسول الله حين أنزلت: فنسختها الآية التي بعدها: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}

(1)

. [صحيح]

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ؛ أحزنتنا، قال: قلنا: يحدث أحدنا نفسه؛ فيحاسب به، لا ندري ما يغفر منه ولا ما لا يغفر؛ فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها:{لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد في قوله عز وجل: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 7 رقم 17377)، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(276/ 507)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 96)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 82)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 287)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص 229) كلهم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه به.

قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وسنده صحيح على شرطهما.

(2)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 128، 129) -وعنه الترمذي (5/ 220/ 2990) -، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 225) كلهم من طريق السدي عمن سمع علياً: أن علياً قال: (فذكر).

قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع الذي فيه.

ص: 226

تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ قالوا: فشق ذلك عليهم، قالوا: يا رسول الله! إنا لنحدث أنفسنا بشيء ما يسرنا أن يطلع عليه أحد من الخلائق، وأنا لنا كذا وكذا؟ قال:"أو قد لقيتم هذا؟! ذلك صريح الإيمان"؛ فأنزل الله: {آمَنَ الرَّسُولُ}

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن زيد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ؛ اشتدت على المسلمين وشقت مشقة شديدة؛ فقالوا: يا رسول الله! لو وقع في أنفسنا شيء لم نعمل به؛ وآخذنا الله به؟ قال: "فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل: سمعنا وعصينا؟! "، قالوا: بل سمعنا وأطعنا يا رسول الله! قال: فنزل القرآن يفرجها عنهم: {ءَامَنَ اَلرسُولُ. . .} ؛ قال: فصيره إلى الأعمال وترك ما

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1005 رقم 474) عن عتاب بن بشير، عن خصيف الجزري، عن مجاهد به.

قلنا: فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ضعف خصيف الجزري؛ قال الحافظ (1/ 224): "صدوق سيئ الحفظ، خلط بآخره، ورمي بالإرجاء".

الثالثة: عتاب بن بشير؛ فيه ضعف، وبخاصة أحاديثه عن خصيف؛ فإنها منكرة، قال ابن عدي في "الكامل" (5/ 1994):"روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 132)، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.

قلنا: لكن تابع عتاباً مروان بن شجاع -وهو صدوق له أوهام؛ كما في "التقريب"(2/ 239) - عن خصيف بنحوه مختصراً:

أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(ص 277 رقم 509)؛ فالحديث باق على ضعفه.

ص: 227

يقع في القلوب

(1)

[ضعيف جداً]

• عن السدي -إسماعيل بن عبد الرحمن- في قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} ؛ قال: يوم نزلت هذه الآية: كانوا يؤاخذون بما وسوست به أنفسهم وما عملوا؛ فشكوا ذلك إلى النبي، فقالوا: إن عمل أحدنا وإن لم يعمل؛ أخذنا الله به، والله ما نملك الوسوسة؛ فنسخها الله بهذه الآية التي بعدها:{لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا. . .} ؛ فكان حديث النفس مما تطيقوا

(2)

[ضعيف]

• عن الشعبي؛ قال: لما نزلت: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)} ؛ فكانت فيها شدة؛ فنزلت هذه الآية التي بعدها؛ فنسختها: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}

(3)

[ضعيف]

• عن عكرمة في قوله -تعالى-: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 97): ثنا يونس بن عبد الأعلى: نا ابن وهب: ثني ابن زيد.

قلنا: وسنده صحيح إلى ابن زيد؛ لكن ابن زيد -هذا- هو عبد الرحمن بن زيد من أسلم، متروك الحديث، وهو معضل.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 97).

قلنا: وسنده معضل ضعيف؛ فيه أسباط بن نصر؛ قال الحافظ (1/ 53):

"صدوق كثير الخطأ يغرب".

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1017 رقم 480)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 96)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص 231)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 82، 83).

قلنا: إسناده مرسل.

ص: 228

وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}؛ قال: نزلت في الشهادة

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(ص 274، 275 رقم 503، 504) من طريقين عنه.

قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل.

ص: 229

‌سورة آل عمران

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله وَالرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)} .

• عن الربيع بن أنس: قوله: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} وذلك أنهم؛ يعني: النصارى، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألست تزعم أنه كلمة الله وروح منه؟! قال: "بلى". قالوا: فحسبنا؛ فأنزل الله: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن جابر بن عبد الله بن رباب؛ قال: مر أبو يوسف بن أخطب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 20، 21 رقم 18)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 108، 109) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإعضال؛ فبين النبي صلى الله عليه وسلم والربيع هذا مفاوز.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعفه أبو زُرعة، والنسائي، وابن حبان، وغيرهم.

الثالثة: عبد الله بن أبي جعفر الرازي؛ فيه ضعف.

قال ابن حبان في "الثقات"(8/ 335): "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه"، وهذا منها.

ص: 230

البقرة: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 1، 2]؛ فأتى أخاه حُيي بن أخطب في رجال من يهود، فقال: تعلمون؛ والله لقد سمعت محمداً يتلو فيما أنزل الله عز وجل عليه: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ} ؛ فقالوا: وأنت سمعته؟ قال: نعم، قال: فمشى حُيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد! ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما نزل عليك: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلى"، فقالوا: أجاءك بهذا جبريل من عند الله؟ قال: "نعم"، قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه؟ وما أجدل أمته غيرك؟ فقال حُيي بن أخطب -وأقبل على من كان معه-، فقال لهم: الأَلِفُ: واحدة، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون؛ فهذه إحدى وسبعون سنة.

قال: فقال لهم: أتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟! قال: ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! هل مع هذا غيره؟ قال: "نعم"، قال: ماذا؟ قال: {المص (1)} [الأعراف: 1]"، قال: هذا أثقل وأطول؛ الألِفُ: واحدة، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون، والصاد: تسعون؛ فهذه مائة وإحدى وستون سنة، هل مع هذا يا محمد غيره؟! قال: "نعم"، قال: ماذا؟ قال: "{الر} [يونس: 1]"، قال: هذه أثقل وأطول؛ الألف: واحدة، واللام: ثلاثون، والراء: مائتان؛ فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة، فقال: هل مع هذا غيره يا محمد؟! قال: "نعم؛ {المر} [الرعد: 1] "، قال: فهذه أثقل وأطول؛ الألفُ: واحدة، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون، والراء: مئتان؛ فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنة، ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد؛ حتى ما ندري أقليلاً أعطيت أم كثيراً؟! ثم قاموا عنه، فقال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم لعله قد جمع هذه كله لمحمد؟! إحدى وسبعون، وإحدى وستون ومائة، ومائتان وإحدى وثلاثون، ومائتان وإحدى وسبعون؛ فذلكم سبعمائة سنة وأربع وثلاثون،

ص: 231

فقالوا: لقد تشابه علينا أمره

(1)

. [ضعيف]

{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة؛ جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال:"يا معشر اليهود! أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً"، قالوا: يا محمد! لا يغرنك في نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا؛ لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}

(2)

. [حسن]

(1)

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير (2/ 208، 209)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 71، 72) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس عن جابر. وعن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب.

قلنا: هذا حديث ضعيف: أمّا السند الأول؛ ففيه شيخ ابن إسحاق، وهو مجهول.

وأما السند الثاني؛ ففيه الكلبي وشيخه، وهما كذابان، وقد قال الإِمام أحمد؛ كما في "الجامع" للخطيب (2/ 163) -عندما سئل عن "تفسير الكلبي؟ - قال:"من أوله إلى آخره كذب"، فقيل له: يحل النظر فيه؟ قال: "لا".

وبالتالي؛ فالطريقان لا يقويان بعضهما بعضاً؛ فالحديث باق على ضعفه.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 426 - ابن هشام) -ومن طريقه أبو داود (رقم 3001) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 351، 352 رقم 377) -، والطبري "جامع البيان"(3/ 128)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 173، 174)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 352، 353 رقم 378) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. =

ص: 232

• عن عكرمة؛ في قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)} قال: فِخْاص اليهودي في يوم بدر: لا يغرنَّ محمداً إنْ غلب قريشاً وقتلهم أَنَّ قريشاً لا تحسن القتال؛ فنزلت هذه الآية: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة ومجاهد؛ قالا: أنزلت في محمد وأصحابه ومشركي قريش يوم بدر: أن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر: هذا والله النبي الأمي الذي بشرنا به موسى، ونجده

= قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة محمد بن أبي محمد هذا، وضعفه شيخنا رحمه الله في "ضعيف أبي داود".

وأخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 95، 96 رقم 162)، وابن جرير "في جامع البيان"(3/ 128، 129)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 174) -: ثني عاصم بن عمر بن قتادة؛ قال: لما أصاب الله قريشاً يوم بدر؛ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود في سوق بني قينقاع، ثم قدم المدينة، فقال:"يا معشر يهود! أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشاً"، قالوا له: يا محمد! لا يغرنك في نفسك إن قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا؛ لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)} إلى قوله {لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار} [آل عمران: 13].

قلنا: وسنده حسن؛ لكنه مرسل؛ فالحديث بمجموعها حسن إن شاء الله، ويشهد له في الجملة ما بعده.

(1)

أخرجه سُنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 665) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 129) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وسند ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عنعنة ابن جريج.

الثالثة: سنيد هذا متكلم فيه، وهو ضعيف.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور (2/ 158)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 233

في كتابنا بنعته وصفته، وأنه لا ترد له راية، وأرادوا اتباعه؛ فقال بعضهم: لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة له أخرى، فلما كان يوم أحد ونكب أصحابه؛ شكّوا، وقالوا: ما هو به، فغلب عليهم الشقاء؛ فلم يسلموا، وكان بينهم وبينه عهد؛ فنقضوه، وانطلق كعب بن الأشرف إلى أبي سفيان بمكة، فوافقهم أن يكونوا كلمة واحدة، ثم رجعوا إلى المدينة؛ فنزلت

(1)

. [ضعيف]

{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)} .

• عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد؛ قال: لما نزلت: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)} [آل عمران: 14]؛ قال عمر: الآن يا رب! حين زينتها لنا؛ فنزلت: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"، (2/ 666) ولم يذكر سنده.

قلنا: لو صح السند إليهما؛ فهو مرسل، والمرسل ضعيف.

وروي عن ابن عباس بنحوه؛ ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 62) -معلقاً- من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 101 رقم 175)، وابن جرير في "جامع البيان"(1/ 133) من طريق جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن أبي بكر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أن أبا بكر هذا لم يلق عمر؛ فلم يدرك من هو أصغر من عمر؛ كأبي هريرة، وعائشة وغيرهما، ثم إنهم لم يذكروه ضمن الرواة عن عمر؛ فهو منقطع. =

ص: 234

{شَهِدَ الله أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)} .

• قال الكلبي: لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة؛ قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام، فلما أبصرا المدينة؛ قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان! فلما دخلا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له: أنت محمد؟ قال: "نعم"، قالا: وأنت أحمد؟ قال: "نعم"، قالا: إنا نسألك عن شهادة؛ فإن أنت أخبرتنا بها؛ آمنا بك وصدقناك، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سلاني"، فقالا: أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله

(1)

. [موضوع]

{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)} .

• قال الكلبي: لما نزلت: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]؛ قالت اليهود والنصارى: لسنا على ما تسمينا به يا محمد! إنما اليهودية والنصرانية ليست لنا، والدين هو الإِسلام ونحن عليه؛ فأنزل الله -تعالى-:{فَإِنْ حَاجُّوكَ} ؛ أي: خاصموك في الدين {فَقُلْ أَسْلَمْتُ

= الثانية: عطاء بن السائب اختلط، وسماع جرير منه بعد الاختلاط.

وأخرجه ابن أبي حاتم (1/ 101 رقم 176)، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 160) من طريق سيار بن الحكم: أن عمر. . وذكره بنحوه، لكن ليس فيه ذكر سبب النزول.

قلنا: وسنده منقطع؛ لأن سياراً لم يلق عمر؛ فهو ضعيف.

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 62) معلقاً دون سند، ونقله عنه الحافظ في "العجاب"(2/ 668)، وسكت عنه.

قلنا: والحديث موضوع؛ لأن الكلبي كذاب.

ص: 235

وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ}؛ قال: فقالوا: أسلمنا، فقال لليهود:"أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله؟ "، فقالوا: لا؛ فنزلت: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}

(1)

. [موضوع]

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)} .

• عن معقل بن أبي مسكين؛ قال: كان الوحي يأتي إلى بني إسرائيل؛ فيذكرون قومهم، ولم يكن يأتيهم كتاب فيقتلون؛ فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم فيذكرون قومهم فيقتلونهم؛ فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس فنزلت:{وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ}

(2)

. [ضعيف]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: دخل رسول الله بيت المدراس على جماعة من يهود؛ فدعاهم إلى الله، فقال النعمان بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟! فقال: "على ملة إبراهيم ودينه"، فقالا: فإن إبراهيم كان يهودياً، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فهلم إلى التوراة؛ فهي بيننا وبينكم"؛ فأبيا عليه؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 24] إلى قوله: {وَغَرَّهُمْ في دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره الحافظ ابن حجر في "العجاب"(2/ 670) عن ابن الكلبي معلقاً. والكلبي كذاب.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(3/ 144)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(ص 163 رقم 278 - آل عمران) من طريق ابن أبي نجيح عن معقل بن أبي مسكين به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وجهالة معقل بن أبي مسكين.

(تنبيه): زاد ابن أبي حاتم بين ابن أبي نجيح ومعقل: مجاهد بن جبر.

وزاد السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 169) نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(3)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" =

ص: 236

• وعنه -أيضاً-: أن رجلاً وامرأة من أهل خيبر زنيا -فذكر القصة الآتية في سورة المائدة وفيها-: فحكم عليهما بالرجم، فقال له نعمان بن أبي أوفى وبحري بن عمرو: جرت علينا يا محمد! فقال: "بيني وبينكم التوراة". . . القصة؛ وفيها ذكر ابن صوريا، وفي آخرها؛ فأنزل الله -تعالى-:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} إلى قوله: {وَهُمْ مُعْرِضُونَ}

(1)

. [موضوع]

• وعن السدي؛ قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام، فقال له نعمان بن أبي أوفى: يا محمد! نخاصمك إلى الأحبار؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

{قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} .

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته؛ فأنزل الله: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ

= (3/ 145)، وابن أبي حاتم (2/ 165، 166 رقم 286) -: ثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهاله شيخ ابن إسحاق، وهو عند ابن أبي حاتم مرسل؛ لم يذكر ابن عباس.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 170)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 674)؛ قال: "قَوْلٌ آخر: قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وذكره".

قلنا: تقدم أن الكلبي وشيخه كذابان؛ فالحديث موضوع.

(2)

ذكره الحافظ في كتابه "العجاب"(2/ 673) ونسبه للطبري ولم نجده فيه، وعلى كل؛ فلو صح السند إلى السدي؛ فهو ضعيف؛ لأنه معضل (*).

(*) وذكر الحافظ في "العجاب"(2/ 673، 674) أقوالاً معلقة، لم نر ضرورة لنقلها.

ص: 237

إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}

(1)

[ضعيف]

• عن عمرو بن عوف رضي الله عنه: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخندق يوم الأحزاب، ثم قطع لكل عشرة أربعين ذراعاً، قال عمرو بن عوف: كنت أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعاً، فحفرنا حتى إذا كنا تحت ذي ناب؛ أخرج الله من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا، وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان! ارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره خبر هذه الصخرة؛ فإما أن نعدل عنها، وإما أن يأمرنا فيها بأمره؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطه، قال: فرقى سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله! خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق، فكسرت حديدنا، وشقت علينا؛ حتى ما يحيك فيها قليل ولا كثير؛ فمرنا فيها بأمر؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطك، قال: فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان الخندق، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان؛ فضربها ضربة صدعها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها؛ يعني: المدينة؛ حتى كأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، وكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، فكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها؛ حتى كأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، وكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، وأخذ يد سلمان ورقى، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد رأيت شيئاً ما رأيت مثله قط، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم، فقال: "رأيتم ما يقول

(1)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 674) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 64) -، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"، و"الدر المنثور"(2/ 171)، وابن أبي حاتم (ص 171 رقم 304 - آل عمران)، والطبري في "جامع البيان"(3/ 148) من طرق عن قتادة به.

قلنا: وهو صحيح إلى قتادة لكنه مرسل.

ص: 238

سلمان؟ "، قالوا: نعم يا رسول الله! قال: "ضربت ضربتي الأولى؛ فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام: أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية؛ فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر في أرض الروم كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبرايل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق بنا الذي رأيتم. أضاءت منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام: أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا"؛ يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر وأبشروا يبلغهم النصر. فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر، فقال المنافقون: ألا تعجبون؛ يمنيكم ويعدكم الباطل، ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق ولا تستطيعون أن تبرزوا؟! قال: فنزل القرآن: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} [الأحزاب: 12]، وأنزل الله -تعالى- في هذه القصة قوله:{قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(4/ 83، 7/ 319 - مختصراً)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 85، 86 - مطولاً)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 598 - مختصراً) -وعنه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 418 - 420 - مطولاً) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 260 رقم 6040)، وأبو نعيم في "المعرفة"(1/ ل 288/ أ)، والثعالبي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 675 مختصراً) -وعنه الواحدي في أسباب النزول" (ص 64، 65) - كلهم من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف؛ قال: حدثني أبي عن أبيه به.

قلنا: سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: سنده ضعيف"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 130):"فيه كثير بن عبد الله المزني، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حدثيه، وبقية رجاله ثقات".

وسكت عنه الحافظ في "العجاب".

قلنا: فيه كثير هذا، وهو ضعيف جداً، بل كذبه بعضهم.

وحديث عمرو هذا ليس في آخره: ونزل قوله تعالى: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ =

ص: 239

{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (28)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الحجاج بن عمر حليف كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد قد بطنوا بنفر من الأنصار؛ ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر بن زبير وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا لزومهم ومباطنتهم؛ لا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم ولزومهم؛ فأنزل الله عز وجل:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284]

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار، ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله -تعالى- هذه الآية، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك

(2)

. [موضوع]

= تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} إلا عند الثعالبي والواحدي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 574)، وزاد نسبته لابن أبي حاتم، وابن مردويه.

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(3/ 152)، وابن أبي حاتم (ص 187، 188/ 352 - آل عمران) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

(تنبيه): ليس عند ابن أبي حاتم من المطبوع عن عكرمة، وإنما هو معضل، لكن السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 176) عزاه له عن ابن عباس؟!

(2)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 65، 66) معلقاً: وقال الكلبي وذكره. =

ص: 240

• وعنه -أيضاً-؛ قال: نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري -وكان بدرياً نقيباً، وكان له حلفاء من اليهود-، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب؛ قال عبادة: يا نبي الله! إن معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي؛ فأستظهر بهم على العدو؛ فأنزل الله -تعالى-:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• وقال مقاتل بن سليمان: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره، كانوا يظهرون المودة لكفار مكة؛ فنهاهم الله عن ذلك

(2)

. [موضوع]

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه؛ أنزل الله -تعالى- هذه الآية، فلما نزلت؛ عرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود، فأبوا أن يقبلوها

(3)

. [موضوع]

= وذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 676)، وقال:"قَوْلٌ آخرُ: قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به".

قلنا: هذا حديث كذب.

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 66) معلقاً، وقال: وقال جويبر: عن الضحاك عن ابن عباس (وذكره).

ونقل هذا الحديث الحافظ في "العجاب"(2/ 677)، وقال:"قول آخر: ذكر جويبر في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس (وذكره) ".

قلنا: جويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يسمع من ابن عباس.

(2)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 676) معلقاً وسكت عليه.

قال الحافظ في "العجاب"(1/ 217): "ومنها -أي التفاسير الواهية-: تفسير مقاتل بن سليمان، وقد نسبوه إلى الكذب، وقال الشافعي: مقاتل؛ قاتله الله، وإنما قال الشافعي فيه ذلك؛ لأنه اشتهر عنه القول بالتجسيم، وروى تفسير مقاتل هذا عنه أبو عصمة -نوح بن أبي مريم- الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب! ".

(3)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 66)، وكذا الحافظ في "العجاب" =

ص: 241

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قريش وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم، وعلقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها، فقال:"لقد خالفتم ملّة أبيكم إبراهيم وإسماعيل"، فقالوا: يا محمد! إنا نعبد هذه حباً لله؛ ليقربونا إلى الله زلفى؛ فقال: "أنا رسول الله إليكم، وأنا أولى بالتعظيم من الأصنام"

(1)

. [ضعيف جداً]

• قال مقاتل بن سليمان: لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإِسلام؛ قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، ولنحن أشد حباً لله مما تدعونا إليه؛ فنزلت:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ}

(2)

. [موضوع]

• عن ابن جريج؛ قال: زعم أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم يحبون الله، فقالوا: يا محمد! إنا نحب ربنا؛ فنزلت، وجعل اتباع نبيه علماً لحبه

(3)

. [ضعيف جداً]

= (2/ 677)، وقال:"قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به".

قلنا: الكلبي وشيخه كذابان متهمان به؛ فالحديث موضوع. .

(1)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 66) -معلقاً- وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.

وقال الحافظ في "العجاب"(2/ 678): "قول آخر: ذكر جويبر في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس فذكره".

قلنا: جويبر ضعيف جداً؛ والضحاك لم يسمع من ابن عباس.

وقال الحافظ: "وهذا من منكرات جويبر؛ فإن آل عمران مدنية وهذه القصة إنما كانت بمكة قبل الهجرة، ولعل الذي نزل فيهما في أوائل الزمر".

(2)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 677) عنه.

قلنا: وهذا حديث كذب مفترى؛ فيه مقاتل بن سلميان.

(3)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في العجاب (2/ 678) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(1/ 155) - عن حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج فذكره. =

ص: 242

• عن الحسن؛ قال: قال أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد! إنا لنحب ربنا؛ فأنزل الله عز وجل بذلك قرآناً: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} ؛ فجعل الله اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم علماً لحبه، وعذاب من خالفه

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: قال قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد! إنا نحب ربنا؛ فأنزل الله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} فجعل اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم علماً لحبه وعذاب من خالفه

(2)

. [ضعيف]

= قلنا وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإعضال؛ فابن جريج من أتباع التابعين، ثم هو معروف بالتدليس عن الكذابين والضعفاء.

الثانية: سنيد هذا صاحب التفسير متكلم فيه: ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهما، قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 219):"هو من حفاظ الحديث، وله تفسير مشهور؛ لكن ضعفه أبو حاتم والنسائي"، وقال في "العجاب" (1/ 219):"وفيه لين"، وقال في "التقريب" (1/ 335):"ضعيف مع إمامته ومعرفته؛ لكونه كان يُلقّن حجاج بن محمد شيخه"، وقال الذهبي في "الميزان" (2/ 236):"حافظ له تفسير وله ما ينكر".

وانظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 244)، و"تهذيب الكمال"(12/ 162، 163) وغيرها.

(تنبيه): ليس في "جامع البيان" للطبري تصريح بأنه سبب نزول، وإنما قاله الحافظ.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(3/ 155) من طريق علي بن الهيثم: ثنا عبد الوهاب، عن أبي عبيدة؛ قال: سمعت الحسن فذكره.

قلنا: وسنده ضعيف.

(2)

أخرجه ابن جرير (3/ 155) من طريق بكر بن الأسود عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل (*).

(*) هذا الأثر مما أغفله الحافظ في "العجاب"؛ فليستدرك.

ص: 243

{قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)} .

• ذكر الحافظ في "العجاب"(2/ 679): أن الثعلبي قال: إن عبد الله بن أُبي لما نزل قوله -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31]؛ قال لأصحابه: إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله، ويأمرنا أن نعبده كما تعبد النصارى عيسى بن مريم؛ فنزلت:{قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ} . . الآية.

• قال مقاتل بن سليمان: نزلت في اليهود

(1)

. [موضوع]

{ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)} .

• عن الحسن؛ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم راهبا نجران، فقال أحدهما: من أبو عيسى؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعجل حتى يأمره ربُّه؛ فنزل عليه: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)} [آل عمران: 58 - 60]

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: جاء راهبا نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهما:"أسلِما؛ تسلَما"، فقالا: قد أسلمنا قبلك، فقال:"كذبتما؛ يمنعكما من الإِسلام سجودكما للصليب، وقولكما: اتخذ الله ولداً، وشربكما الخمر"، فقالا: ما تقول في عيسى؟ قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم. ونزل القرآن: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا

(1)

قلنا: ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 679)، وقد بَيَّنا وهاء تفسير مقاتل هذا.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم (2/ 304، 305 رقم 663): ثنا أبي ثنا موسى إسماعيل التبوذكي ثنا مبارك بن فضالة سمعت الحسن.

قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ص: 244

وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)}؛ فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملاعنة، قال: وجاء بالحسن والحسين، وفاطمة وأهله وولده عليهم السلام، قال: فلما خرجا من عنده؛ قال أحدهما لصاحبه: اقرر بالجزية ولا تلاعنه؛ فأقر بالجزيه، قال: فرجعا، فقالا: نقر بالجزيه ولا نلاعنك

(1)

. [ضعيف]

{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} .

• عن السدي؛ قال: لما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع به أهل نجران؛ أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم؛ منهم: العاقب، والسيد ماسرجس ومارنجر فسألوه ما يقول في عيسى؟ فقال:"هو عبد الله، وروحه، وكلمته"، قالوا هم: لا؛ ولكنه هو الله؛ نزل من ملكه؛ فدخل في جوف مريم، ثم خرج منها، فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط إنساناً خلق من غير أب؛ فأنزل الله عز وجل:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 67)، و"الوسيط"(1/ 443) - من طريق يحيى ووكيع عن مبارك بن فضالة عن الحسن به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: مبارك بن فضالة صدوق يدلس، وقد عنعنه (*).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(3/ 207، 208) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

(*) هذا الحديث لم يورده الحافظ في "العجاب"، وهو على شرطه.

ص: 245

• عن الأزرق بن قيس؛ قال: جاء أسقف نجران والعاقب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعرض عليهما الإِسلام، فقالا: قد كنا مسلمين قبلك، فقال:"كذبتما؛ منع الإِسلام منكما ثلاث: قولكما: اتخذ الله ولداً، وسجودكما للصليب، وأكلكما لحم الخنزير"، قالا: فمن أبو عيسى؟ فلم يرد عليهما؛ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذُكر لنا أن سيدي أهل نجران، وأسقفهم: السيد والعاقب، لقيا نبي الله؛ فسألاه عن عيسى، فقالا: لكل آدمي أب؛ فما بال عيسى لا أب له؟! فنزلت

(2)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في العاقب والسيد من أهل نجران، وهما نصرانيان

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 679): حدثنا روح بن عبادة، عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن الأزرق بن قيس:(وذكره).

قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 229)، وزاد نسبته لابن سعد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(3/ 207)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 679)، و"الدر المنثور"(2/ 228) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 208) من طريق الحسين بن داود الملقب والمعروف بسنيد عن حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعن.

الثالثة: سنيد هذا صاحب "التفسير"؛ ضعيف كما تقدم ص 243.

ص: 246

• عن ابن جريج؛ قال: بلغنا أن نصارى أهل نجران قدم وفدهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم السيد والعاقب، وهما يومئذ سيدا أهل نجران، فقالوا: يا محمد! فيم تشتم صاحبنا؟! قال: "من صاحبكما؟ "، قالا: عيسى بن مريم؛ تزعم أنه عبد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أجل؛ إِنه عبدُ الله، وكلمتهُ ألقاها إلى مريم، وروح منه"؛ فغضبوا، وقالوا: إن كنت صادقاً، فأرنا عبداً يحيي الموتى ويبرئ الأكمه ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه! لكنه الله، فسكت حتى أتاه جبريل؛ فقال: يا محمد {لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا جبريل! إنهم سألوني أن أخبرهم بمَثَلِ عيسى؟ قال جبريل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} "؛ فلما أصبحوا؛ عادوا؛ فقرأ عليهم الآيات

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الشعبي؛ قال: قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: حدثنا عن عيسى بن مريم؟ قال: "رسول الله، وكلمته ألقاها على مريم"، قالوا: ينبغي لعيسى أن يكون فوق هذا؛ فأنزل الله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ} ؛ قال: ما ينبغي لعيسى أن يكون مثل آدم؛ فأنزل الله: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] الآية

(2)

. [ضعيف]

• {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا

(1)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 680، 681) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 207) - عن حجاج المصيصي عن ابن جريج به.

قلنا: إسناده ضعيف جداً، وتقدم مراراً.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 228)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 229)، وعزاه لابن المنذر.

قلنا: وهو مرسل.

ص: 247

وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)}.

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: إن وفد نجران أتوا النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فقال: "هو روح الله، وكلمته، وعبد الله ورسوله"، قالوا: هل لك أن نلاعنك أنه ليس كذلك؟ قال: "وذاك أحب إليكم؟ "، قالوا: نعم، قال:"فإذا شئتم"؛ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وجمع ولده والحسن والحسين، فقال رئيسهم: لا تلاعنوا هذا الرجل؛ فوالله لئن لاعنتموه؛ ليخسفن أحد الفريقين، فجاءوا فقالوا: يا أبا القاسم! إنما أراد أن يلاعنك سفهاؤنا وإنا نحب أن تعفينا، قال:"قد أعفيتكم"، ثم قال:"إن العذاب قد أظل نجران"

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن شاهين -ومن طريقه الواحدي في أسباب النزول (ص 67، 68) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في"تفسير القرآن العظيم"(1/ 378، 379)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 593، 594)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(ص 297، 298) من طريقين عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر به.

قلنا: أخرجه الحاكم عن شيخه علي بن عيسى الحيري عن أحمد بن محمد الأزهري عن علي بن حجر عن علي بن مسهر عن داود به.

أما الباقون؛ فمن طريق بشر بن مهران عن محمد بن دينار عن داود به.

فمدار الحديث عند الحاكم على أحمد الأزهري هذا؛ قال ابن حبان في "المجروحين"(1/ 163، 165): "كان ممن يتعاطى حفظ الحديث، ويجري مع أهل الصناعة فيه، ولا يكاد يذكر له باب إلا وأغرب فيه عن الثقات، ويأتي فيه عن الأثبات بما لا يتابع عليه، ذاكرته بأشياء كثيرة؛ فأغرب علي فيها في أحاديث الثقات؛ فكأنه كان يعملها في صباه".

وقال الدارقطني: "منكر الحديث"، وقال:"ضعيف الحديث"، وقال ابن عدي:"حدث بمناكير".

كما في "الكامل"(1/ 205)، و"اللسان"(1/ 253، 254).

وشيخ الحاكم لم نرَ أحداً تكلم فيه بمدح أو ذم.

أما الطريق الثانية؛ ففيها بشر بن مهران الحذاء؛ قال ابن أبي حاتم في "الجرح =

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والتعديل" (2/ 379 رقم 1476): "سمع منه أبي أيام الأنصاري وترك حديثه، وأمرني أن لا أقرأ عليه حديثه".

وقال ابن حبان في "الثقات"(8/ 140): "روى عنه البصريون الغرائب".

وشيخه محمد بن دينار؛ صدوق سيئ الحفظ؛ كما في "التقريب"(2/ 160).

وبذلك؛ يتبين أن الطريقين لا يقوي بعضهما بعضاً؛ للضعف الشديد فيهما، وعليه؛ فالحديث ضعيف جداً.

أما الحاكم؛ فقال: "حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وتعقبهما الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 379) بقوله: "هكذا قالا، وقد رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي مرسلاً، وهذا أصح".

يشير رحمه الله إلى ما أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 310 رقم 678)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(12/ 98 رقم 12233، 14/ 549 رقم 18860)، وسعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1044 رقم 500)، وابن جرير (3/ 207، 211) من طريق هشيم وشعبة وجرير بن عبد الحميد ثلاثتهم عن المغيرة عن الشعبي بلفظ: "لما عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الملاعنة على أهل نجران؛ قَبِلَ ذلك منه السَّيِّدُ والعاقبُ، فرجعا إلى رجل منهم كان نجيباً، فقال لهما: ما صنعتما شيئاً، والله لئن كان نبياً؛ لا يعصيه الله فيكم، وإن كان ملكاً؛ ليستبدنكم، فقالا له: ما ترى؟ قال: أرى أن تغدوا؛ فإنه يغدو لميعادكما، فإذا غدا عليكما؛ فإنه سيعرض عليكما الملاعنة، فإذا عرض ذلك عليكما؛ فقولا له: نعوذ بالله.

وغديا وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيد حسن، وحسين يتبعه، وفاطمة تمشي من خلفه، فقال لهما:"هل لكما في الأمر الذي انطلقتما عليه من الملاعنة؟ "، فقالا: نعوذ بالله، قال: فردد ذلك عليهما، فقالا: نعوذ بالله -مرتين، أو ثلاثاً-، فقال لهما:"هل لكما في الإِسلام أن تسلما ويكون لكما ما للمسلمين وعليكما ما على المسلمين؟ "؛ فلم يقبلا ذلك وكرهاه، فقال لهما:"هل لكما في الجزية تؤديانها وأنتم صاغرون؛ كما قال الله عز وجل؟ "؛ فقبلا ذلك، وقالا: لا طاقة لنا بحرب العرب.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وأما ما يخشى من تدليس المغيرة؛ فشعبة =

ص: 249

• عن سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده -قال يونس: وكان نصرانياً؛ فأسلم-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن تنزل عليه {طس} - سليمان: "بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، من محمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أسْقُف نجران وأهل نجران: إِنْ أسلمتم؛ فإني أحمَدُ إليكم الله إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بَعدْ: فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولايةِ الله من ولاية العباد، فإن أبيتم؛ فالجزية، فإن أبيتم؛ فقد آذنتكم بحرب، والسلام".

فلما أتى الأسقف الكتاب وقرأه؛ فَظِعَ به، وذعره ذعراً شديداً، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له: شُرَحْبيل بن وَدَاعَةَ، وكان من أهل هَمْدَان، ولم يكن أحدٌ يُدْعى إذا نزلت معضلة قَبْلَهُ؛ لا الأيهم، ولا السَّيِّد، ولا العاقب، فدفع الأسقف كتاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى شُرَحْبِيل، فقرأه، فقال الأسقف: يا أبا مريم! ما رأيك؟ فقال شُرَحْبيلُ: قد علمتُ ما وَعَدَ الله إبراهيم في ذريَّة إسماعيل من النبوة، فما يُؤمِنُ أن يكون هذا هو ذلك الرجل، ليس لي في النبوّةِ رَأيٌ، لو كان أمرٌ من أمْر الدنيا؛

= لا يروي عن مشايخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم كما هو معروف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 232)، وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي نعيم.

وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص: أخرجه الترمذي (رقم 2999)، والحاكم (3/ 150) من طريق قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} ؛ دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال:"اللهم هؤلاء أهلي".

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. قلنا: وهو وهم؛ فإن البخاري لم يخرج لبكير بن مسمار، وإنما هو من رجال مسلم؛ فهو على شرط مسلم، والله أعلم.

وقال الترمذي: "حديث حسن غريب صحيح".

ص: 250

أشرتُ عليك فيه، وجهدت لك، فقال له الأسقف: تَنَحَّ فاجلس، فتنحَّى شرحبيل فجلس ناحية.

فَبعثَ الأسقف إلى رجل من أَهْلِ نَجْران يقال له: عبد الله بن شُرَحْبيل، وهو من ذي أصبح من حِمْيَر، فأقرأَهُ الكتاب، وسأله عن الرأيِ فيه، فقال له مثل قول شُرَحبيلَ، فقال له الأسقف: فاجْلِس، فتنحى فجلس ناحيةً.

فبعث الأسقف إلى رجلٍ من أَهْلِ نَجْران يقالُ له: جَبَّارُ بن فيضٍ من بني الحارث بن كعب -أحد بني الحَماسِ-، فأقرأه الكتاب، وسأله عن الرأي فيه، فقال له مثل قول شُرَحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف؛ فتنحى فجَلس ناحية.

فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جَمْعاً؛ أمرَ الأسقف بالناقوس فَضُرِبَ به، ورُفعتِ المُسُوحُ في الصوامع، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار وإذا كان فزعهم ليلاً ضربوا بالناقوسِ ورفعت النيرانُ في الصوامع، فاجتمع -حين ضُربَ الناقوس ورُفعت المسوح- أهل الوادي أعلاهُ وأسلفه، وطُول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع وفيه ثلاث وسبعون قرية، وعشرون ومائة ألف مقاتل، فقرأ عليهم كتابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عن الرأي فيه؛ فاجتمع رأي أهل الوادي منهم على أن يبعثوا شُرَحْبيل بن وَدَاعة الهمداني وعبد الله بن شُرَحْبيل الأصبحي وجبار بن فيض الحارثي فيأتونهم بخبرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق الوفد، حتى إذا كانوا بالمدينة؛ وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حُلَلا لهم يجرُّونها من حَبَرةٍ، وخواتيم الذهب، ثم انطلقوا حتى أتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّموا عليه، فلم يَرُدَّ عليهم السلامَ، وتصدُّوا لكلامه نهاراً طويلاً فلم يكلمهم وعليهم تلك الحُللِ والخواتيم الذهب، فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وكانا معرفةً لهم؛ كانا يجْدَعان العتائر إلى نجران في الجاهلية

ص: 251

فيشتروا لهما من بَزِّها وثمرها وذُرَتها، فوجدوهما في ناسٍ من المهاجرين والأنصار في مجلسٍ، فقالوا: يا عثمان! ويا عبد الرحمن! إن نبيَّكُما كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلَّمنَا عليه فلم يَرُدَّ سَلَامَنَا، وتصدَّينا لكلامه نهاراً طويلاً فأعيانا أن يُكَلِّمَنَا؛ فما الرأي منكما: أنعودُ أم نرجع؟ فقالا لعليِّ بن أبي أبي طالبٍ -وهو في القوم-: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟! فقال عليٌّ لعثمان ولعبد الرحمن رضي الله عنهم: أرى أن يضعوا حُلَلَهُمْ هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم، ثم يعودون إليه.

ففعل وفد نجران ذلك، ووضعوا حللهم وخواتيمهم، ثم عادوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا؛ فردَّ بسلامهم، ثم قال:"والذي بعثني بالحق؛ لقد أتَوْني المرة الأولى وإنّ إبليس لمعهم".

ثم ساءلهم وساءلوه، فلم تزل به وبهم المسألة؛ حتى قالوا له: ما تقول في عيسى بن مريم؛ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى يَسُرّنا إِنْ كنت نبيّا أن نعلم ما تقول فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركما بما يقال في عيسى".

فأصبح الغدُ وَقَدْ أَنزل الله عز وجل هذه الآية: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ} إلى قوله: {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} .

فأبَوا أنْ يُقروا بذلك، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعْدَ ما أخبرهم الخَبَرَ؛ أقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميل لَهُ وفاطمة تمشي عند ظهرِهِ للملاعنة، وله يومئذ عِدَّة نسوةٍ، فقال شرحبيل لصاحبيه: يا عبد الله بن شُرحبيل! ويا جبار بن فيض! قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسلفه لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأي، وإني والله أرى أمْراً مقبلاً: إن كان هذا الرجل ملكاً مبعوثاً فكنا أول العرب طعن في

ص: 252

عَيْنه وردَّ عليه أمرَهُ؛ لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور قومه حتى يصيبونا بجائحة، وإِنَّا لأدْنَى العرب منهم جواراً، وإن كان هذا الرجل نبياً مُرْسلاً فلاعَنَّاهُ؛ فلا يبقى على وجه الأرض مِنَّا شَعْرُ ولا ظُفرٌ إلا هَلَكَ، فقال له صاحباه: فما الرأي يا أبا مريم؛ فقد وضعَتْكَ الأمور على ذراع؟! فهات رأيك، فقال: رَأيي أنْ أُحَكِّمُهُ؛ فإني أَرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً، فقالا له: أنت وذاك.

فتلقى شُرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني قد رأيتُ خيراً من ملاعنتك، فقال:"وما هو؟ "، قال شرحبيل: حُكْمكَ اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصَّباحَ، فمهما حكمت فينا؛ فهو جائزٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لعل وراءك أَحَدٌ يُثَرِّبُ عليك؟! "، فقال شرحبيل: سل صاحبيَّ فسألهما، فقالا له: ما ترِد الوادي ولا تصدُرُ إلا عن رأي شُرحبيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كافرٌ -أو قال: جاحدٌ- موفقٌ"، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعنهم، حتى إذا كان الغدُ؛ أتوه، فكتب لهم هذا الكتاب: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هذا ما كتب محمدٌ النبيُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لنجران؛ إذ كان عليهمُ حُكْمهُ في كل ثمرةٍ وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق، وأفضَلَ عليهم، وتُرِكَ ذلك كله على ألفيّ حلةٍ من حلل الأواقي؛ في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، ومع كل حُلةٍ أوقيَّةٌ من الفضة، فما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي؛ فبالحساب، وما قَضَوْا من دُرُوع أو خيل أو رِكاب أو عُروضٍ؛ أُخِذَ منهم بالحساب، وعلى نَجرانَ مؤنة رسلي، ومتعتهم ما بين عشرين يوماً فُدونَهُ، ولا تُحبس رسلي فوق شَهْرٍ، وعليهم عَارِيَّة ثلاثين دِرْعاً وثلاثين فرساً وثلاثين بعيراً؛ إذا كان كيد ومعرّة، وما هلك مما أعَارُوْا رسلي من دروع أو خيل أو ركاب؛ فهو ضمانٌ على رسلي حتى يؤدوه إليهم، ولنجران وحاشيتها جوَارُ الله وذمة محمد النبي على أنفسهم وملِّتهم وأرضيهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبِيَعهم، وأن لا يغيَّروا مما كانوا عليه، ولا يغيَّرُ حق من حقوقهم وَلَا ملِّتهِمْ، ولا

ص: 253

يغيَّروا أُسْقُفٌّ عن اسقفيته ولا واهب من رهبانيتِه، ولا واقهاً من وقيهاه، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم دنيَّة ولا دَمَ جاهليةً ولا يُحْشُرُوْنَ ولا يُعْشرون ولا يَطأُ أرضهم جيشٌ، ومن سأل فيهم حَقًّا؛ فبينهم النَّصَفُ غير ظالمين ولا مظلومين بنجران، ومن أَكَلَ رِباً من ذي قَبَلٍ؛ فذمتي منهِ بريئة، ولا يؤخذ منهم رجلٌ بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله عز وجل وذمةُ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً حتى يأتي الله بأمره، ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلمٍ".

شهد أبو سفيان بن حَرْبٍ، وغيلانُ بن عَمْرٍو، ومالك بن عوف من بني نصرٍ، والأقرع بن حابسٍ الحنظليُّ، والمغيَرةُ وكتب. حتى إذا قبضوا كتابَهُمْ؛ انصرفوا إلى نَجْرَانَ، فتلقاهم الأسقُفُ ووجوه نجرانَ على مسيرةِ ليلةٍ من نجران، ومع الأسقف أخ له من أمه -وهو وابن عمِّه من النسب- يقال له: بشرُ بن معاوية؛ وكنيته: أبو علقمة، فَدَفَعَ الوفدُ كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأسقُفِّ، فبينا هو يقرأهُ وأبو علقمة معه وهما يسيران؛ إذْ كبتَ ببشر ناقته، فتعس بشر، غير أنه لا يُكنِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الأسقف عند ذلك: قد والله تَعَّسْت نبياً مرسلاً، فقال بشر: لا جَرَمَ، والله لا أحلُّ عنها عَقْداً حتى آتيه، فضرب وجه ناقته نحو المدينة وثَنَى الأسقف ناقته عليه، فقال له: افهَمْ عني، إني إنما قلتُ هذا؛ لِيُبَلِّغَ عني العَرَبَ مخافة أن يرَوْا أنا أخذنا حقَّه أو رَضِينا نصرَتَهُ، أو بَخَعْنَا لهذا الرجل بما لم تبخع به العرب، ونحن أعَزُّهُمْ وأجمعهم داراً، فقال له بشرٌ: لا، والله لا أقبل ما خَرَجَ من رأسك أبداً، فضرب بشرٌ ناقته وهو مولي للأسقف ظهره، وهو يقول:

إليك تَعْدُوُ قَلِقاً وَضِيَنُها

معترضاً في بطنها جَنينُهَا

مخالفاً دين النصارى دينُهَا

حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم ولم يزل مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى استُشهد أبو علقمة بْعدَ ذلك.

ص: 254

وَدَخل وفد نجران، فأتى الرَّاهب ليثَ بن أبي شمرٍ الزَّبيْديَّ -وهو في رأس صومعةٍ- فقال له: إن نبيَّاً بُعِثَ بتهامة، وإنه كتب إلى الأسقف؛ فأجمع رأي أهل الوادي على أن يسير إليه شرحبيل بن وداعَةَ وعبد الله بن شرحبيل وجَبَّار بن فيض فتأتونهم بخبره، فساروا حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فدَعاهم إلى الملاعنة، فكرهوا ملاعنَتَهُ وَحَكَّمَهُ شرحبيل، فحكم عليهم حُكْماً وكتبَ لهم به كتاباً، ثم أقبل الوَفْدُ بالكتاب حتى دُفعوا إلى الأسقف، فبينا الأسقف يقرأهُ وبشر مَعه؛ إذ كبت بشر ناقته فَتَعَّسَهُ، فشهد الأسقف أنه نبيٌّ مرسل، فانْصَرَفَ أبو علقمة نحْوه يريد الإِسلام، فقال الراهب: انزلوني؛ وإلَّا رميت نفسي من هذه الصومعة؛ فأنزلوه، فانطلق الراهب بهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها هذا البُرْدُ الذي يلبسه الخلفاءُ، والقَعْبُ والعصا، وأقام الراهبُ بعد ذلك سنين يسمع كيف ينزل الوحي والسُّنن والفرائض والحدود، وأبَى الله للراهب الإِسلام فلم يُسلم، واستأذَنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجعة إلى قومه، فأَذِنَ له، وقال صلى الله عليه وسلم:"لك حاجتك يا راهبُ؛ إذ أبيت الإِسلام؟! "، فقال له الراهب: إن لي حاجةً ومعَاذَ الله إن شاء الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن حاجتك واجبةٌ يا راهب! فاطلبها إذا كان أحبَّ إليك"، فرجع إلى قومه فلم يَعُد حتى قُبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنَّ الأسقُفَّ أبا الحارث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السيدُ والعاقب ووجوه قَوْمِهِ، وأقاموا عنده يسمعون ما يُنزِلُ الله عز وجل عليه، فكتبَ للأسقف هذا الكتاب ولأساقفُّةِ نجران: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. من محمد النبي صلى الله عليه وسلم للأسقُفِّ أبي الحارث وكل أساقفةِ نَجْرَانَ وكهنتهم ورُهْبانهم وبيعهِمْ وأهل بيعهِمْ ورقيقهم وملَّتهِم ومتواطئهم، وعلى كل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير جوار الله ورسوله؛ لا يغيَّرُ أسقُفٌ من أسقفَّتَهِ، ولا راهبٌ من رهبانيته، ولا كاهنٌ من كهانته، ولا يغيَّرُ حقٌ من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا مما كانوا عليه، على ذلك جوارُ الله ورسوله

ص: 255

أبداً ما نَصَحُوا الله، وأصلحوا عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين".

وكَتَب المغيرةُ بن شعبة.

فلما قبضَ الأسقفُّ الكتاب استأْذَنَ في الانصراف إلى قومه ومن معه؛ فأذن لَهُمْ فانصرفوا حتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم-؛ منهم: السيد وهو الكبير، والعاقب وهو الذي يكون بعده، وصاحب رأيهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما:"أسلما"، قالا: قد أسلمنا، قال:"ما أسلمتما"، قالا: بلى، قد أسلمنا قبلك، قال:"كذبتما؛ منعكما من الإِسلام ثلاث فيكما: عبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، وزعمكما أن لله ولداً، ونزل {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} "، فلما قرأها عليهم؛ قالوا: ما نعرف ما تقول! ونزل: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} من القرآن: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} الآية {ثُمَّ نَبْتَهِل} : يقول: يجتهد في الدعاء أن الذي جاء به محمد هو الحق وهو العدل، وأن الذي تقولون هو الباطل، وقال لهم:"إن الله قد أمرني إن لم تقبلوا هذا: أن أباهلكم"، قالوا: يا أبا القاسم! بل نرجع؛ فننظر في أمرنا ثم نأتيك، قال: فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم؛ فقال السيد للعاقب: قد والله علمتم أن الرجل لنبي مرسل، ولئن لاعنتموه؛ إنه لاستئصالكم. وما لاعن قوم نبياً قط؛ فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، فإن أنتم لم تتبعوه، أبيتم إلا إلف دينكم؛ فواعدوه

(1)

أخرجه يونس بن بكير في "زياداته على ابن إسحاق في المغازي" -ومن طريقه البيهقي في "الدلائل"(5/ 385 - 391) - عن سلمة به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالمجاهيل؛ فسلمة وأبوه وجده مجهولون.

ص: 256

وارجعوا إلى بلادكم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بنفر من أهله؛ فجاء عبد المسيح بابنه وابن أخيه، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أنا دعوت؛ فأمّنوا أنتم"، فأبوا أن يلاعنوه، وصالحوه على الجزية، فقالوا: يا أبا القاسم! نرجع إلى ديننا وندعك ودينك، وابعث معنا رجلاً من أصحابك يقضي بيننا، ويكون عندنا عدلاً فيما بينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين"، فنظر حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح، فدعاه، فقال:"اذهب مع هؤلاء القوم فاقض بينهم بالحق"

(1)

. [موضوع]

• عن محمد بن جعفر بن الزبير: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران: 62] إلى قوله: {فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]؛ فدعاهم إلى النصف وقطع عنهم الحجة، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله عنه، والفصل من القضاء بينه وبينهم، وأمره بما أمره به من ملاعنتهم، إن ردّوا عليه؛ دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم! دعنا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه، فانصرفوا عنه، ثم خلوا بالعاقب -وكان ذا رأيهم-، فقالوا: يا عبد المسيح! ما ترى؟ قال: والله يا معشر النصارى! لقد عرفتم أن محمداً نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم ما لاعَنَ قوم نبياً قط؛ فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، وأنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إِلف دينكم والإِقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم؛ فوادعوا الرجل، ثم انصرفوا إلى بلادكم؛ حتى يريكم زمن رأيه، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم! قد رأينا أن لا نلاعنك،

(1)

أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(ص 298، 299) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا حديث موضوع من دون ابن عباس رضي الله عنهما كلهم كذابون.

ص: 257

وأن نتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلاً من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء قد اختلفنا فيها من أموالنا؛ فإنكم عندنا رضا

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن عباس: أن ثمانية من أساقف العرب من أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ منهم: العاقب والسيد؛ فأنزل الله: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا} إلى قوله: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} ؛ يريد: ندع الله باللعنة على الكاذب، فقالوا: أخرّنا ثلاثة أيام، فذهبوا إلى بني قريظة والنضير وبني قينقاع، فاستشاروهم، فأشاروا عليهم أن يصالحوه، ولا يلاعنوه وهو النبي الذي نجده في التوراة؛ فصالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألف حلة في صفر، وألف في رجب ودراهم

(2)

.

{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)} .

• قال الثعلبيُّ: قال المفسرون: قدم وفدُ نجران، فالتقوا مع

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(3/ 211، 212) -: عن محمد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه معضل.

وأخرجه أبو بكر بن مردويه في "التفسير"؛ كما في "العجاب"(2/ 682، 683) عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج: أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله؛ فذكر القصة، وفيها: أن أشرافهم كانوا اثني عشر رجلاً.

قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن، هذا إن صح السند إليه؛ لأننا لا نعرف حال من دون ابن إسحاق.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 232)، وعزاه لأبي نعيم في "الدلائل" ولم نجده فيه بعد طول بحث.

ص: 258

اليهود، فاختصموا في إبراهيم؛ فقالوا: يا محمد! إنّا اختلفنا في إبراهيم؛ فزعمت اليهود: أنه كان يهودياً، وهم على دينه، وهم أولى الناس به، وزعمت النصارى: أنه كان نصرانياً، وهم على دينه، وهم أولى الناس به؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كِلَا الفريقين بريء من إبراهيم ودينه، بل كان حنيفاً ومسلماً"، فقالت اليهود: يا محمد! ما نريد أن نتخذك رباً؛ كما اتخذت النصارى عيسى رباً؛ فأنزل الله عز وجل: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}

(1)

. [منكر]

{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ في إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفُ امُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعوا عنده؛ فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانياً؛ فأنزل الله عز وجل فيهم: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ في إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} إلى قوله: {وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:68]؛ فقال أبو رافع القرظي -حين اجتمع عنده النصارى والأحبار، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإِسلام-: أتريد منا يا محمد! أن نعبدك؛ كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟! فقال رجل من أهل نجران -

(1)

قال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(2/ 687، 688): "وإطلاقه على قائل هذا -مع ضعفه- أنه قول المفسرين مما يُنكرُ عليه؛ فإن هذه الآية أنزلها الله في قصة وفد نجران قبل أن يقع اجتماعهم باليهود، فلما أبوا وبذلوا الجزية واطمأنوا؛ اجتمعوا بيهود المدينة عند النبي صلى الله عليه وسلم أو فيما بينهم، فتجادلوا إلى أن ذكروا إبراهيم ونزلت الآيات التي بعدها في إبراهيم". اهـ.

ص: 259

نصراني، يقال له: الرّبّيس-: وذلك تريد يا محمد! وإليه تدعو؟! -أو كما-، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمرَ بعبادة غيره؛ ما بذلك بعثني ولا أمرني"؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهما: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)} [آل عمران: 79، 80].

ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه؛ إذا هو جاءكم، وإقراره به على أنفسهم، فقال:{وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81] إلى قوله: {مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81]

(1)

. [ضعيف]

• عن الشعبي؛ قال: قالت اليهود: إبراهيم على ديننا، وقالت النصارى: هو على ديننا؛ فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفُ امُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)} ؛ فأكذبهم الله وأدحض حجتهم؛ يعني: اليهود الذي ادعوا أن إبراهيم مات يهودياً

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة (2/ 180، 181 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 216)، والبيهقي في "الدلائل" (5/ 384) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ شيخ ابن إسحاق مجهول؛ كما قال الحافظان الذهبي وابن حجر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 217): ثني إسحاق بن شاهين الواسطي ثنا خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: إسحاق بن شاهين شيخ الطبري؛ لم نجد له ترجمة.

ص: 260

{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} .

• عن عبد الرحمن بن غنم؛ قال: إنه لما خرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي؛ أدركهم عمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط؛ فأرادوا عنتهم والبغي عليهم، فقدموا على النجاشي، وأخبروه: أن هؤلاء الرهط الذين قدموا عليك من أهل مكة؛ إنما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك، ويفسدوا عليك أرضك، ويشتموا ربك؛ فأرسل إليهم النجاشي، فلما أن أتوه؛ قال: ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذان؟ لعمرو بن العاص، وعمارة بن أبي معيط: يزعمان أنما جئتم لتخبلوا عليَّ ملكي، وتفسدوا عليَّ أرضي؛ فقال عثمان بن مظعون، وحمزة: إن شئتم فخلوا بين أحدنا وبين النجاشي فنكلمه، فأنا أَحْدثُكم سِّناً، فإن كان صواباً؛ فالله يأتي به، وإن كان أمراً غير ذلك؛ قلتم: رجل شاب لكم في ذلك عذر؛ فجمع النجاشي قسيسيه ورهبانه وتراجمته، ثم سألهم: أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده جئتم: ما يقول لكم، وما يأمركم به، وما ينهاكم عنه؟ هل له كتاب يقرأه؟ قالوا: نعم؛ هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه، وما قد سمع منه، وهو يأمر بالمعروف، ويأمر بحسن المجاورة، ويأمر باليتيم، ويأمر بأن يُعبد الله وحد ولا يُعبد معه إله آخر. فقرأ عليه سورة الروم وسورة العنكبوت، وأصحاب الكهف، ومريم. فلما أن ذكر عيسى في القرآن؛ أراد عمرو أن يغضبه عليهم، فقال: والله إنهم ليشتمون عيسى ويسبونه، قال النجاشي: ما يقول صاحبكم في عيسى؟ قال: يقول: إن عيسى عبدُ الله، ورسولهُ، وروحهُ، وكلمتُه ألقاها إلى مريم؛ فأخذ النجاشي نفثة من سواكه قدر ما يقذي العين، فحلف ما زاد المسيح على ما يقول صاحبكم ما يزن ذلك القذى في يده من نفثة سواكه؛ فأبشروا، ولا تخافوا؛ فلا دهونة -يعني: بلسان الحبشة- اليوم على حزب إبراهيم، قال عمرو بن العاص: ما حزب إبراهيم؟ قال: هؤلاء الرهط

ص: 261

وصاحبهم الذي جاؤوا من عنده ومن اتبعهم؛ فأنزلت ذلك اليوم خصومتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)}

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية؛ حتى نلبس عليهم دينهم؛ لعلهم يصنعون كما نصنع، فيرجعوا عن دينهم؛ فأنزل الله عز وجل فيهم:{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} إلى قوله: {وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 73]

(2)

. [ضعيف]

{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)}

(1)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 690،691)، و"الدر المنثور"(2/ 237، 238) من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ضعف شهر بن حوشب.

الثانية: عبد الرحمن بن غنم من التابعين، ولم يدرك الواقعة؛ فهو مرسل.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(3/ 220) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهاله شيخ ابن إسحاق.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 335 رقم 755) عن محمد بن أبي محمد به معضلاً دون ذكر عكرمة ومن بعده.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 240)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 262

• عن أبي مالك؛ قال: قالت اليهود بعضهم لبعض: آمنوا معهم بما يقولون أول النهار، وارتدوا آخره؛ لعلهم يرجعون معكم، فاطلع الله على سرهم؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ} الآية

(1)

. [ضعيف]

{وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)} .

• عن أبي مالك؛ قال: كان اليهود يقول أحبارهم للذين من دونهم: لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم؛ فأنزل الله: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ}

(2)

. [ضعيف]

{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ في الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} .

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1052 رقم 502 - تكملة)، وابن جرير في "جامع البيان"(3/ 221)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 765، 766، 782 - آل عمران) من طرق عن أبي مالك به.

قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل.

والحديث مختصر ومطول عند بعضهم.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 240)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 341 رقم 784) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به.

قلنا: وسنده حسن؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 241)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 263

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:"من حلف على يمين؛ يقتطع بها مال امرئ مسلم، وهو فيها فاجر؛ لقي الله وهو عليه غضبان"، ثم أنزل الله تصديق ذلك:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ في الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} ، ثم إن الأشعث بن قيس خرج إلينا؛ فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قال: فحدثناه، قال: فقال: صدق، لفيَّ نزلت، كانت بيني وبين رجل خصومةٌ في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شاهداك أو يمينهُ"، قلت: إنه إذاً يحلف ولا يبالي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين؛ يستحق بها مالاً، وهو فيها فاجر؛ لقي الله وهو عليه غضبان"، ثم أنزل الله تصديق ذلك، ثم اقترأ هذه الآية:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن أبي أوفى: أن رجلاً أقام سلعته؛ فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعطها؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} .

قال ابن أبي أوفى: الناجش آكل ربا خائن

(2)

. [صحيح]

• عن عدي بن عميرة؛ قال: خاصم رجل من كندة -يقال له:

(1)

أخرجه البخاري (5/ 33 رقم 2356، 2357، ص 73 رقم 2416، 2417، ص 145 رقم 2515، 2516، ص 279 رقم 2666، 2667، ص 280 رقم 2669، 2670، ص 286، 287 رقم 2676، 2677، ص 212، 213 رقم 4549، 4550، ص 544 رقم 6659، 11/ 558 رقم 6676، 6677، ص 177، 178 رقم 7183، 7184)، ومسلم (1/ 122، 123 رقم 220، 221) من طرق عن ابن مسعود به.

(2)

أخرجه البخاري (5/ 286 رقم 2575، 8/ 213 رقم 4551).

ص: 264

امرؤ القيس بن عابس -رجلاً من حضرموت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض؛ فقضى على الحضرمي بالبيّنة؛ فلم تكن له بينة، وقضى على امرئ القيس باليمين؛ فقال الحضرمي: إن أمكنته من اليمين يا رسول الله! ذهبت والله -أو ورب الكعبة- أرضي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من حلف على يمين كاذبة؛ ليقتطع بها مال أخيه؛ لقي الله وهو عليه غضبان"، قال رجاء: وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} ؛ فقال امرؤ القيس: ماذا لمن تركها يا رسول الله؟! قال: "الجنة"، قال: فاشهد أني قد تركتها له كلها

(1)

. [صحيح]

• عن الشعبي؛ قال: إن رجلاً أقام سلعته أول النهار، فلما كان آخره؛ جاء رجل يساومه، فحلف لقد منعها أول النهار من كذا وكذا، ولولا المساء؛ ما باعها به؛ فأنزل الله:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ في الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي رافع وكنانة بن أبي

(1)

أخرجه أحمد (4/ 191، 192)، والنسائي في "الكبرى"(3/ 486 رقم 5996)، وابن جرير الطبري في "جامع البيان"(3/ 229)، والطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 12 رقم 265)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 254)، و"الشعب"(4/ 216، 217 رقم 4840)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(1/ 541، 542) عن جرير بن حازم، قال: سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة عن أبيه عدي بن عمير قال: كان، وذكره.

قلنا: وسنده صحيح.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(3/ 230): ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن داود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ص: 265

الحقيق وكعب بن الأشرف وحيي بن أخطب

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن جريج؛ قال: وقال آخرون: إن الأشعث بن قيس اختصم هو ورجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض كانت في يده لذلك الرجل؛ أخذها لتعززه في الجاهلية؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أقم بينتك"، قال الرجل: ليس يشهد لي أحد على الأشعث؛ قال: "فلك يمينه"، فقام الأشعث ليحلف؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية، فنكل الأشعث، وقال: إني أشهد الله وأشهدكم أن خصمي صادق؛ فرد إليه أرضه وزاده من أرض نفسه زيادة كثيرة؛ مخافة أن يبقى في يده شيء من حقه، فهي لعقب ذلك الرجل بعده

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن ناساً من علماء اليهود أُولي فاقة كانوا ذوي حظ من علم التوراة، فأصبتهم سَنَةٌ؛ فأتوا إلى كعب بن الأشرف يستميرونه، فسألهم كعب: هل تعلمون أن هذا الرجل -يعني رسول الله- في كتابكم؟ قالوا: نعم، وما تعلمه أنت؟ قال: لا، فقالوا: فإنا نشهد أنه عبد الله ورسوله، قال كعب: لقد قدمتم عليّ وأنا أريد أن أميركم وأكسوكم، فحرمكم الله خيراً كثيراً، قالوا: فإنه شبه لنا،

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 229) من طريق الحسين بن داود الملقب سنيد، وهذا في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 698): ثني حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: ضعف سنيد صاحب "التفسير"، وقد بينا ذلك مفصلاً فيما مضى.

الثانية: عنعنة ابن جريج.

الثالثة: الإرسال.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 698) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 229، 230) -: ثني حجاج عن ابن جريج.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما تقدم آنفاً.

ص: 266

فرويداً حتى نلقاه، فانطلقوا، فكتبوا صفة سوى صفته، ثم أتوْا النبي صلى الله عليه وسلم فكلموه، ثم رجعوا إلى كعب، فقالوا: قد كنا نرى أنه هو فأتيناه، فإذا هو ليس بالنعت الذي نعت لنا، وأخرجوا النعت الذي كتبوه فنظر إليه كعب؛ ففرح، ومارهم وأنفق عليهم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(1)

. [موضوع]

• وعنه -أيضاً- قال: نزلت في امرئ القيس بن عابس استعدى عليه عيدان بن أشوع في أرض ولم تكن لهم بينة؛ فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلف

(2)

. [موضوع]

{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في اليهود والنصارى؛ حرفوا التوراة والإِنجيل، وضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وألحقوا به ما ليس منه، وأسقطوا منه الدين الحنيف

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره ابن حجر في "العجاب"(2/ 702)، وقال:"قال ابن الكلبي: عن أبي صالح عن ابن عباس وذكره".

قلنا: وهذا حديث كذب من دون ابن عباس كَذَبة.

قال الحافظ في "الفتح"(8/ 213): "وقص الكلبي في "تفسيره" في ذلك قصة طويلة وهي محتملة -أيضاً-!!؛ لكن المعتمد في ذلك ما ثبت في "الصحيح" ا. هـ.

(2)

قلنا: إسناده كالسابقه.

(3)

قال ابن حجر في "العجاب"(2/ 703): "نقل الثعلبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس وذكره".

قلنا: وسنده ضعيف جداً، تالف، واهٍ بمرة؛ جويبر هذا متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. =

ص: 267

{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال أبو رافع القرظي -حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإِسلام-: أتريد يا محمد! أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران -نصراني يقال له: الرِّبِّيس-: أو ذاك تريد منا يا محمد! وإليه تدعونا -أو كما قال؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره؛ ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني" -أو كما قال-؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} الآية إلى قوله: {بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 80]

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: بلغني أن رجلاً قال: يا رسول الله! نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض؛ أفلا نسجد لك؟! قال: "لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله، ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله"؛

= قال الحافظ في "العجاب"(1/ 211) -بعد سرد مرويات الضعفاء-: "ومنهم: جويبر بن سعيد -وهو واه-، روى التفسير عن الضحاك بن مزاحم -وهو صدوق- عن ابن عباس؛ ولم يسمع منه شيئاً".

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 180، 181 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير "جامع البيان"(3/ 232)، والبيهقي في "الدلائل" (5/ 384) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

والحديث أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 369، 370 رقم 875) بسنده عن محمد به معضلاً دون ذكر عكرمة ومن بعده.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 250)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 268

فأنزل الله عز وجل هذه الآية إلى قوله: {بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: كان ناس من اليهود يتعبدون الناس من دون ربهم؛ بتحريفهم كتاب الله عن موضعه؛ فقال الله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)} ، ثم يأمر الناس بغير ما أنزل الله في كتابه

(2)

. [ضعيف]

{كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رجل من الأنصار أسلم، ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم ندم؛ فأرسل إلى قومه: سلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن فلاناً قد ندم، وإنه قد أمرنا أن نسألك: هل له من توبة؟ فنزلت: {كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 89]؛ فأرسل إليه قومه؛ فأسلم

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 705) عن روح بن عبادة عن عوف بن أبي جميلة عن الحسن به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في العجاب (2/ 705) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(3/ 232) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 364 رقم 851، 854) من طرق عن ابن جريج.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

أخرجه النسائي في "المجتبى"(7/ 107)، وفي "التفسير"(رقم 85)، وأحمد (1/ 247)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 914، 924 - آل عمران)، والطبري في "جامع البيان"(3/ 241، 242)، وابن حبان في "صحيحه" =

ص: 269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (رقم 1728 - "موارد")، والبزار في "مسنده"؛ كما في "العجاب"(2/ 709)، و"تفسير القرآن العظيم"(1/ 388)، والحاكم (2/ 142، 4/ 366)، والبيهقي في "الكبرى"(8/ 197)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(7/ 307 رقم 2869)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 75)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 52 رقم 7607)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(11/ 372 - 373/ 383 - 385) من طرق عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به.

وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 52، 53 رقم 7608) من طريق علي بن عاصم عن خالد الحذاء عن عكرمة به مرسلاً.

قلنا: ولا نراه محفوظاً؛ وقد رواه الحفاظ الأثبات عن داود دون ذكر خالد، ورواه ابن أبي حاتم وأحمد بن منيع من طريق علي بن عاصم هذا نفسه، ولم يذكر خالداً، أضف إلى هذا أن علياً بن عاصم متكلم فيه، ولخصه الحافظ بقوله:"صدوق يخطئ ويُصر"؛ كما في "التقريب"(3/ 39)، وهذا من أخطائه، والله أعلم.

قلنا: والحديث صححه الحاكم في الموضعين، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان، وقال البوصيري:"هذا إسناد رواته ثقات"، وصححه شيخنا الألباني رحمه الله في "صحيح موارد الظمآن"(1445)، و"الصحيحة"(3066).

قلنا: ورجال إسناده ثقات رجال الصحيح.

قلنا: لفظ البزار: "أن قوماً أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم".

قال الحافظ في "العجاب"(2/ 709): "والبزار كان يحدث من حفظه فَيَهِمُ، والمحفوظ ما رواه ابن جرير ومن وافقه".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 258): "هذا خطأ من البزار".

وأخرجه أبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 74 - 75) -، وابن المقرئ في "المعجم"(357 - 358/ 1190) من طريق علي بن عاصم، عن خالد الحذاء وداود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً من الأنصار ارتد؛ فلحق بالمشركين؛ فأنزل الله -تعالى-: {كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا. . .} ؛ =

ص: 270

• عن السدي؛ قال: أنزلت في الحارث بن سويد الأنصاري، كفر بعد إيمانه؛ فأنزل الله هذه الآيات إلى:{أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} [البقرة: 39]،

= فبعث بها قومه إليه، فلما قرئت عليه؛ قال: والله ما كذبني قومي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الله عز وجل أصدق الثلاثة؛ فرجع تائباً، فقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه.

قال شيخنا الإِمام الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(7/ 185): "وعلي بن عاصم؛ صدوق؛ لكنه يخطئ ويصر؛ كما في "التقريب"؛ فلا يقبل تفرّده ومخالفته" ا. هـ.

قلنا: وهو كما قال؛ لكن هذا اللفظ له شاهد من مرسل مجاهد به: أخرجه مسدد في "مسنده"؛ كما في "العجاب"(2/ 710) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 75) -، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 125) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (2/ 242) - عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد؛ قال: جاء الحارث بن سويد؛ فأسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كفر الحارث، فرجع إلى قومه؛ فأنزل الله -تعالى- فيه القرآن:{كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 89]؛ فحملها إليه رجل من قومهم فقرأها عليه، قال: فقال الحارث: والله إنك -ما علمت- لصدوق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك، وإن الله لأصدق الثلاثة، قال: فرجع الحارث؛ فأسلم؛ فحسن إسلامه.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإِسناد.

قال شيخنا الألباني: "ورجال إسناده ثقات؛ فهو مرسل صحيح. فهو شاهد قوي لحديث علي بن عاصم" ا. هـ.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 257)، وزاد نسبته لابن المنذر والبارودي في "معرفة الصحابة"، وزاد الحافظ في "الإِصابة" عليهم (1/ 280) ابن منده.

وله شاهد ثانٍ بنحوه: أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 709): أنا إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه، والطبري في "جامع البيان" (3/ 241): ثني محمد بن المثنى: ثني عبد الأعلى ثنا داود بن أبي هند كلاهما عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، ولا ينافي هذا الموصول عن ابن عباس؛ لأن الوصل زيادة؛ فالحكم لها.

ص: 271

ثم تاب وأسلم، ونسخها الله عنه؛ فقال:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [آل عمران: 89]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في أبي عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت ووحوح بن الأسلت في اثني عشر رجلاً رجعوا عن الإِسلام ولحقوا بقريش، ثم كتبوا إلى أهلهم: هل لنا من توبة؟ فنزلت: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [آل عمران: 89] الآيات

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: لحق رجل بأرض الروم؛ فتنصر، ثم كتب إلى قومه: أرسلوا، هل لي من توبة

(3)

؟ قال: فحسبت أنه آمن ثم رجع. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 242) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عنه به.

قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانيه: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 257)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 711) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(3/ 242) -: ثني حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج قال: قال عكرمة فذكره.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانيه: عنعنة ابن جريج؛ لأنه مدلس.

الثالثة: ضعف سنيد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 257)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 242) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج عن ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ضعف سنيد. =

ص: 272

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن الحارث بن سويد بن الصامت رجع عن الإِسلام في عشرة رهط، فلحقوا بمكة، فندم الحارث بن سويد؛ فرجع، حتى إذا كان قريباً من المدينة؛ أرسل إلى أخيه الجلاس بن سويد: أني ندمت على ما صنعت؛ غسل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ فهل لي من توبة إن رجعت؟ وإلا؛ ذهبت في الأرض. فأتى الجلاس بن سويد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخبره بخبر الحارث بن سويد وندامته، وقد شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ فهل له من توبة؟ فأنزل الله:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} ؛ فأرسل الجلاس إلى أخيه: أن الله قد عرض عليك التوبة. فأقبل إلى المدينة، واعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتاب إلى الله من صنيعه، وقبل النبي صلى الله عليه وسلم منه

(1)

. [موضوع]

• عن أبي صالح مولى أم هانئ -باذام-: أن الحارث بن سويد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به، ثم لحق بأهل مكة، وشهد أحداً، فقاتل المسلمين ثم سقط في يده فرجع إلى مكة؛ فكتب إلى أخيه جلاس بن سويد: يا أخي! إني قد ندمت على ما كان مني فأتوب إلى الله، وأرجع إلى الإِسلام؛ فاذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن طمعت لي في توبة؛ فاكتب إلي، فذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله:{كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} ، قال: فقال قوم من أصحابه ممن كان عليه: يتمتع ثم يراجع إلى الإِسلام؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 257)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(2/ 642، 643 رقم 1718، ص 77 رقم 2068)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(1/ 346) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: ومن دون ابن عباس كلهم كذابون.

ص: 273

وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)} [آل عمران: 90]

(1)

. [ضعيف جداً]

{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان إسرائيل أخذه عرق النساء، فكان يبيت له زقاء؛ فجعل لله عليه إن شفاه: ألا يأكل العروق؛ فأنزل الله -تعالى-: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} قال سفيان: له زقاء: صياح

(2)

. [صحيح]

• نقل الثعلبي عن الكلبي وأبي روق: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: "أنا على ملة إبراهيم"؛ قالت اليهود: كيف: وأنت تأكل لحوم الإِبل وألبانها؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كان ذلك حلاً لإبراهيم؛ فنحن نحله"، فقالت اليهود: كل شيء نحرمه؛ فإنه كان محرماً على نوح وإبراهيم وهلم جرا حتى انتهى إلينا؛ فأنزل الله -تعالى- تكذيباً لهم: {كُلّ

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 400 رقم 18625): ثنا زيد بن الحباب: ثنا موسى بن عبيدة قال: أخبرني عبد الله بن عبيدة عن أبي صالح مولى أم هانئ به.

قلنا: وسنده تالف؛ مسلسل بالضعفاء والمتروكين، عدا شيخ ابن أبي شيبة.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 4)، والبيهقي في "الكبرى"(10/ 8) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(ص 397 رقم 953 - آل عمران)، والحاكم (2/ 292) - وعنه البيهقي (10/ 8) -، والطبري (4/ 5) من طرق عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وهو كما قالا، وصححه الحافظ في "العجاب"(2/ 716).

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 263)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، والفريابي، وابن المنذر.

ص: 274

الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا}

(1)

. [موضوع]

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)} .

• عن ابن جريج؛ قال: بلغنا أن اليهود قالت: بيت المقدس أعظم من الكعبة؛ لأنه مهاجر الأنبياء، ولأنه في الأرض المقدسة، وقال المسلمون: الكعبة أعظم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزل:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} حتى بلغ: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 97]، وليس ذلك في بيت المقدس {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] وليس ذلك في بيت المقدس {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وليس ذلك في بيت المقدس

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} .

• عن عكرمة؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]؛ قالت اليهود: فنحن على الإِسلام، فماذا يبغي منا محمد؟ فأنزل الله عز وجل حجاً مفروضاً:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ} الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كتب عليكم الحج".

(1)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 716)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 75، 76).

قلنا: هو حديث كذب؛ لحال الكلبي وأبي روق.

(2)

أخرجه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 75) -ومن طريقه الواحدي في "الوسيط"(1/ 470) - من طريق سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج أخبرني ابن جريج به.

قلت: وسنده ضعيف جداً.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 266)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 275

وفي رواية: لما نزلت هذه الآية -فذكر نحو الحديث السابق-، وزاد فيه: فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: حجهم -يقول: اخصمهم-، فقل لهم: حجوا، فقالوا: لم يكتب علينا؛ فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ؛ فقال لهم: إن كنتم مسلمين؛ فإن الله عز وجل قد فرض على المسلمين حج البيت، فأبوا، وقالوا: ليس علينا حج، قال عكرمة:{وَمَنْ كَفَرَ} ومن أهل الملل: {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن الحارث بن يزيد؛ أنه قال: يا رسول الله! الحج في كل عام؟ فنزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}

(2)

. [موضوع]

• عن مجاهد؛ قال: آية فرقت بين المسلمين وأهل الكتاب لما نزلت: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، قالت اليهود: قد أسلمنا؛ فنزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} الآية، فقالوا: لا نحجه أبداً

(3)

.

(1)

أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1/ 373 رقم 783، 784)، والطبري في "جامع البيان"(3/ 241، 4/ 15)، وعبد بن حميد والفريابي وسعيد بن منصور؛ كما في "العجاب"(2/ 719) من طرق عنه وبألفاظ متقاربة.

قلت: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره أبو نعيم الأصبهاني -معلقاً- في "معرفة الصحابة"(2/ 813 - ط دار الوطن) من طريق محمد بن مروان السدي -الصغير- عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن الحارث به.

قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون متهمون.

(3)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 719) وعزاه لسعيد بن منصور من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ضعف ليث بن أبي سليم.

ص: 276

• عن الضحاك؛ قال: في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ؛ قال: لما نزلت آية الحج؛ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الأديان كلهم، فقال:"يا أيها الناس! إن الله عز وجل كتب عليكم الحج؛ فحجوا"؛ فآمنت به ملة واحدة وهي من صدّق النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به، وكفرت به خمس ملل، قالوا: لا نؤمن به، ولا نصلي إليه، ولا نستقبله؛ فأنزل الله عز وجل:{وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: نزلت في اليهود حيث قالوا: الحج إلى مكة غير واجب؛ فأنزل الله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) يَاأَيُّهَا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 14) عن جويبر عن الضحاك به.

قال المناوي في "الفتح السماوي"(1/ 389): "وهو معضل، وجويبر؛ متروك الحديث ساقط".

(2)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 720) وقال: "وروى أبو حذيفة النهدي من "تفسير سفيان الثوري" عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن محمد بن جعفر قال: قال سعيد: فذكره".

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: إبراهيم الخوزي هذا؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب"(1/ 46).

الثالثة: أبو حذيفة النهدي؛ وهو موسى بن مسعود الثقفي؛ صدوق سيئ الحفظ، وكان يصحف؛ كما في "التقريب"(2/ 288).

ص: 277

الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)}.

• عن زيد بن أسلم؛ قال: مرَّ شاس بن قيس -وكان شيخاً قد عسا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم- على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه؛ فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإِسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار؛ فأمر فتى شاباً من اليهود -وكان معه- قال: اعمد إليهم، فاجلس معهم، وذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله، وانشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار -وكان يوم بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج-؛ ففعل؛ فتكلم القوم عند ذلك؛ فتنازعوا، وتفاخروا؛ حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب: أوس بن قيظي أحد بني حارثه بن الحارث من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جذعه؛ وغضب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة، والظاهرة: الحرة؛ فخرجوا إليها وتحاور الناس، فانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم، فقال:"يا معشر المسلمين! الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؛ بعد إذ هداكم الله إلى الإِسلام وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً؟! "؛ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فالقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين

ص: 278

مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس وما صنع؛ فأنزل الله في شاس بن قيس وما صنع:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا} .

وأنزل الله عز وجل في أوس بن قيظي وجبار بن صخر ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا مما أدخل عليهم شاس بن قيس من أمر الجاهلية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)} إلى قوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: كان بين هذين الحيين من الأوس والخزرج قتال في الجاهلية، فلما جاء الإِسلام؛ اصطلحوا، وألف الله بين قلوبهم، وجلس يهودي في مجلس فيه نفر من الأوس والخزرج، فأنشد شعراً قاله أحد الحيين في حربهم فكأنهم دخلهم من ذلك، فقال الحي الآخرون: وقد قال شاعرنا في يوم كذا وكذا، فقال الآخرون: وقد قال شاعرنا في يوم كذا وكذا، فقالوا: تعالوا نرد الحرب جذعاً كما كانت، فنادى هؤلاء: يا آل أوس! ونادى هؤلاء: يا آل خزرج! فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال؛ فنزلت هذه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام بين الصفين؛ فقرأها، ورفع صوته، فلما سمعوا صوته؛ أنصتوا وجعلوا

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"(2/ 185 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 16، 17)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(رقم 1047، 1064)، وأبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"(1/ 316، 317) -: ثني الثقة عن زيد بن أسلم به.

قال الحافظ في "الإِصابة"(1/ 87): "إسناده مرسل، وفيه راو مبهم".

قلنا: وهو كما قال.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 278)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 279

يستمعون، فلما فرغ؛ ألقوا السلاح، وعانق بعضهم بعضاً وجعلوا يبكون

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: كان جماع قبائل الأنصار بطنين: الأوس والخزرج، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن، حتى مَنَّ الله عليهما بالإِسلام وبالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم، وألف بينهم بالإِسلام، قال: فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحدثان ومعهما يهودي جالس فلم يزل يذكرهم أيامهما والعداوة التي بينهما؛ حتى استبا، ثم اقتتلا، قال: فنادى هذا قومه، وهذا قومه، فخرجوا بالسلاح، وصفّ بعضهم لبعض، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ شاهد بالمدينة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يمشي إلى هؤلاء وإلى هؤلاء يسكنهم حتى رجعوا ووضعوا السلاح، قال: فأنزل الله -تعالى- في القرآن في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ} إلى قوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الأوس والخزرج يتحدثون، فغضبوا؛ حتى كان بينهم حرب، فأخذوا السلاح بعضهم إلى

(1)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 723) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 76) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 724)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 445 رقم 1078 - آل عمران) من طرق عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 283)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 128/1) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 437، 438 رقم 1065)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 17، 18) -: ثني جعفر بن سليمان الضبعي عن حميد الأعرج عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإِسناد.

ص: 280

بعض؛ فنزلت: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ} إلى قوله -تعالى-: {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103]

(1)

. [صحيح]

• عن السدي؛ قال: نزلت في ثعلبة بن غنمة الأنصاري، كان بينه وبين أناس من الأنصار كلام، فمشى بينهم يهودي من بني قينقاع؛ فحمل بعضهم على بعض؛ حتى همت الطائفتان من الأوس والخزرج أن يحملوا السلاح؛ فيقاتلوا؛ فأنزل الله عز وجل:{إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} ، يقول: إن حملتم السلاح؛ فاقتتلتم؛ كفرتم

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 19)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 439 رقم 1069)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 77، 78)، والفريابي؛ كما في "العجاب"(2/ 726) -ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(12/ 98، 99 رقم 12666) - جميعهم من طريق قيس بن الربيع عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن أبي نصر عنه به.

قلنا: قيس بن الربيع؛ صدوق، تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به؛ كما في "التقريب"(2/ 128)؛ فالسند ضعيف، لكنه لم يتفرد به؛ فأخرجه الأشجعي في "تفسير سفيان الثوري"؛ كما في "العجاب"(2/ 725) -ومن طريقه البخاري في "التاريخ الكبير"(76/ 725 - الكنى) - مختصراً، والطبراني في "الكبير"(12/ 99 رقم 12667)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 78) عن سفيان الثوري عن الأغر به.

قلنا: وهذه متابعة قوية من الثوري لقيس بن الربيع؛ فصح الحديث ولله الحمد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 279)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 17)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 719 رقم 3897 - ط الباز) من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط ضعيف.

ص: 281

• عن ابن جريج؛ قال: نزل قوله: {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103] فيما كان بين الأوس والخزرج في شأن عائشة رضي الله عنها

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عطاء: أن رسول الله صعد المنبر؛ فقال: "يا معشر المسلمين! مالي أوذى في أهلي؟ "؛ يعني: عائشة في قصة الإِفك. . . فذكر الحديث ومراجعة السعدين: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة؛ فثار الحيان؛ حتى هموا أن يقتتلوا، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سكنهم؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} إلى قوله: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]

(2)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار فآمنوا به وصدقوه، وأراد أن يذهب معهم، فقالوا: يا رسول الله! إن بين قومنا حرباً، وإنا نخاف إن جئت على حالك هذه أن لا يتهيأ الذي تريد، فواعدوه من العام المقبل، وقالوا: نذهب يا رسول الله؛ لعل الله يصلح تلك الحرب، قال: ففعلوا، فأصلح الله تلك الحرب وكانوا يرون أنها لا تصلح أبداً -وهو يوم بعاث- فلقوه من العام المقبل سبعين رجلاً قد آمنوا به، فأخذ منهم النقباء اثني عشر رجلاً؛ فذلك حين يقول الله عز وجل {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103]

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 456، 457 رقم 1112) من طريق زيد بن المبارك عن ابن ثور عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 726) ونسبه للثعلبي.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "التفسير"(1/ 1/ 129) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(4/ 24) -. =

ص: 282

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: بلغني أن هذه الآية أنزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في رجلين: أحدهما من الخزرج، والآخر من الأوس، اقتتلوا في الجاهلية زماناً طويلاً، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فأصلح بينهم، فجرى الحديث بينهما في المجلس، فتفاخروا واستبوا؛ حتى أشرع بعضهم الرماح إلى بعض

(1)

. [ضعيف]

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)} .

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل

(2)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل.

وأخرجه ابن جرير (4/ 24) بنحوه، وزاد فيه: فلما كان من أمر عائشة ما كان فتثاور الحيان؛ فقال بعضهم لبعض: موعدكم الحرة، فخرجوا إليها؛ فنزلت هذه الآية {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]؛ فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يتلوها عليهم؛ حتى اعتنق بعضهم بعضاً، وحتى إن لهم لخنيناً؛ يعني: الكباء.

قلنا: وهو مرسل كسابقه، وفيه الحسين بن داود -المعروف بسنيد- وهو ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 287)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 287) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ظاهر الضعف.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 733) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 29) -: ثني حجاج بن محمد المصيصي؛ قال: قال ابن جريج؛ قال: عكرمة.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال. =

ص: 283

{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)} .

• قال مقاتل بن سليمان: إن رؤوس اليهود: كعب وبحري والنعمان وأبو رافع وأبو ياسر وابن صوريا عمدوا إلى مؤمنهم عبد الله بن سلام وأصحابه، فآذوهم؛ لإِسلامهم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(1)

. [ضعيف جداً]

{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)} .

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: أخّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً صلاة العشاء، ثم خرج إلى المسجد؛ فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال:"أما إنه ليس من هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم"، قال: وأنزلت هذه الآية: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)}

(2)

. [حسن]

= الثانية: عنعنة ابن جريج.

الثالثة: سنيد راوي التفسير ضعيف.

وذكره الحافظ في "الفتح"(8/ 225) وقال: "وللطبراني (*) من طريق ابن جريج عن عكرمة فذكره، وهذا موقوف فيه انقطاع". اهـ.

(*) وهو تصحيف، صوابه: الطبري.

(1)

ذكره الواحدي معلقاً في "أسباب النزول"(ص 78)، قلنا: تقدم أن تفسير مقاتل هذا واهٍ بمرة.

(2)

أخرجه أحمد (1/ 396)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 235/ 350)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1/ 255 - 256/ 132 "بغية الباحث")، والنسائي في "التفسير"(1/ 320، 321 رقم 93)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 486، 487 رقم 1226، 1227)، والبزار في "مسنده" (1/ 190، 191 =

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رقم 375 - "كشف الأستار")، وأبو يعلى في "المسند"(9/ 206، 207 رقم 5306) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 79)، وابن حبان في صحيحة (رقم 274 - "موارد") - كلهم من طريق شيبان النحوي وأبي معاوية كلاهما عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن ابن مسعود به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ للكلام المعروف في عاصم، وحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن.

وتابع شيبان وأبا معاوية قيس بن الربيع عن عاصم به: أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب"(2/ 737).

قلنا: وقيس ضعيف.

وقد أخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده"(2/ 108 رقم 631) من طريق عبيد الله بن موسى عن سفيان عن عاصم به.

قلنا: كذا في أصل الكتاب سفيان والمصادر الأخرى شيبان، وقد رواه الهيثم بن كليب من طريق عبيد الله بن موسى عن سفيان، كذا! وقد أخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى من طريق عبيد الله نفسه عن شيبان.

وتابعه -أيضاً- نصر بن طريف عن عاصم به: أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 36).

قلنا: ونصر؛ متروك الحديث، واتهمه بعضهم.

وتابعه -أيضاً- عكرمة بن إبراهيم عن عاصم به: أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4/ 1774، 1175 رقم 4501)، و"الحلية"(4/ 187).

وعكرمة هذا؛ ضعيف جداً.

ومن هنا تعلم ما في قول البزار: "لا نعلم رواه عن عاصم بهذا الإسناد إلا شيبان"!!

والحديث صححه ابن حبان، وابن خزيمة -أيضاً-؛ كما قال الحافظ في "العجاب"(2/ 736).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 312): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في "الكبير"".

ثم قال بعد حديثه: "ورجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود، وهو مختلف في الاحتجاج به". وحسنه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 287)، =

ص: 285

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه؛ قال: لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسيد بن عبيد، ومن أسلم من يهود معهم؛ فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإِسلام؛ قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمد وتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا خيارنا؛ ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}

(1)

. [ضعيف]

= وشيخنا الإِمام الألباني رحمه الله في "صحيح موارد الظمآن"(231).

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 36)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 131، 132 رقم 10209) -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"(4/ 187) -، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 79) من طريق عبد الله بن وهب ويحيى بن أيوب كلاهما عن عبيد الله بن زحر عن الأعمش عن زر به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عبيد الله بن زحر وهو ضعيف، والأعمش مدلس وقد عنعن. ولم يذكروا أنه روى عن زر شيئاً.

قال الشيخ أحمد شاكر: "وأنا أخشى أن يكون قد سقط من هذا الإِسناد (عن عاصم) بين الأعمش وزر بن حبيش؛ فإن الأعمش لم يُذكر أنه يروي عن زر، وإنما روايته عنه بواسطة (عاصم) وأقرانه من هذه الطبقة". اهـ.

نقول: سواء صح هذا أو ذاك؛ فالسند ضعيف على كل حال؛ لضعف عبيد الله.

وقال الهيثمي: ". . . وفي إسناد الطبراني عبيد الله بن زحر، وهو ضعيف".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 297) وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 296) -وهو في "السيرة"(2/ 185) بغير سند- ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 35)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(ص 485 رقم 1220 - آل عمران)، والطبراني في "الكبير"(2/ 87 رقم 1388) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 355، 356 رقم 381) -، وأبو نعيم في "المعرفة"(2/ 276 رقم 894، 3/ 268 رقم 1369)، وابن منده؛ كما في "الإصابة"(1/ 33)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(31/ 79)، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(1/ 68، 69 - المطبوع بهامش الإصابة)، والبيهقي في "الدلائل" (2/ 533 - 534) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (31/ 79) -: ثني محمد بن أبي محمد عن =

ص: 286

• عن منصور بن المعتمر؛ قال: بلغني أنما نزلت في قوم يصلون فيما بين المغرب والعشاء

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من اليهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية؛ فأنزل الله عز وجل فيهم؛ فنهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم منهم؛ فأنزل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} إلى قوله: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} [آل عمران: 119]

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد: نزلت في المنافقين من أهل المدينة، نهى المؤمنين

= عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 327): "رواه الطبراني ورجاله ثقات!! ".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 296)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(3/ 44/ 4724)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 36)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1231) عن الثوري عن منصور به.

قلنا: سنده صحيح إلى منصور؛ لكنه معضل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 298)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن إسحاق (2/ 186 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 40) -: ثني محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

وأخرجه ابن أبي حاتم (2/ 499 رقم 1273) عن محمد به معضلاً دون ذكر عكرمة ومن بعده.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 299)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 287

أن يتولوهم

(1)

. [ضعيف]

• قال مقاتل بن سليمان: دعا اليهود؛ منهم: أصبغ ورافع ابنا حرملة -وهما من رؤوسهم- عبد الله بن أُبي ومالك بن دخشم إلى اليهودية، وزينا لهم ترك الإِسلام؛ حتى أرادوا أن يظهروا الكفر؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية: يحذر من اتباع اليهود، ويبين عداوتهم لهم

(2)

.

{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: فينا نزلت: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} ، فقال: نحن الطائفتان: بنو حارثة، وبنو سلمة، وما نحب -قال سفيان مرة: وما يسرني-: أنها لم تنزل؛ لقول الله: والله وليهما

(3)

. [صحيح]

• عن مجاهد؛ قال: هم بنو حارثه، وكانوا من نحو أحد، وبنو سلمة، وكانوا من نحو سلع، وذلك يوم الخندق؛ كذلك قال

(4)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم (2/ 497 رقم 1266)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 40، 43)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 740) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: سنده صحيح إلى مجاهد؛ لكنه مرسل.

(2)

قلنا: ذكره الحافظ ابن حجر في "العجاب"(2/ 740)، وسنده واه بمرة؛ لما علم من حال تفسير مقاتل.

(3)

أخرجه البخاري (7/ 357 رقم 4051، 8/ 255 رقم 4558)، ومسلم (4/ 1948 رقم 2505).

(4)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 742)، وابن جرير الطبري في "جامع البيان"(4/ 47)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 512 رقم 1322) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: سنده صحيح؛ لكنه مرسل.

ص: 288

• عن قتادة: كان ذلك يوم أحد، والطائفتان هم بنو سلمة وبنو حارثة؛ حيان من الأنصار، همّوا بأمر؛ فعصمهم الله من ذلك

(1)

. [ضعيف]

{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)} .

• عن الشعبي: أن المسلمين بلغهم يوم بدر: أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين؛ فشق عليهم؛ فأنزل الله {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)} ، قال: فبلغت كرزاً الهزيمة، فلم يمد المشركين، ولم يمد المسلمون بالخمسة

(2)

. [ضعيف]

{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)} .

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: "سمع الله لمن حَمدَهُ، ربنا ولك الحمد"، ثم يقول وهو قائم: "اللهم! انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم

(1)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"، وابن جرير في "جامع البيان"(4/ 47).

قلنا: سنده صحيح إلى قتادة؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 50)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 520 رقم 1350) من طريقين عن داود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: صحيح الإسناد إلى الشعبي؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 308)، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وابن المنذر.

ص: 289

اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلاً وذكوانَ وعصيّة؛ عصت الله ورسوله"، ثم بلغنا أنه ترك ذلك؛ لما أنزل:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}

(1)

. [صحيح]

• عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه؛ فجعل يسلت الدم عنه، ويقول:"كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟! "؛ فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}

(2)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول: "اللهم! العن فلاناً وفلاناً وفلاناً، بعد ما يقول: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"؛ فأنزل الله:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 226 رقم 4560)، ومسلم في "صحيحه"(1/ 466، 467 رقم 675).

(2)

أخرجه البخاري -معلقاً- (7/ 365)، ووصله مسلم في "صحيحه"(3/ 1417 رقم 1791/ 104)، وغيره.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 365 رقم 4069، 8/ 225، 226 رقم 4559، 13/ 312 رقم 7346).

ورواه البخاري (7/ 365 رقم 4070) من طريق معمر عن ابن المبارك عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عبد الله؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام؛ فنزلت.

قال الحافظ في "الفتح"(7/ 366): "وهو مرسل".

وقال في "العجاب"(2/ 747): "هكذا ذكره مرسلاً".

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 412): "هكذا ذكر هذه الزيادة =

ص: 290

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= البخاري معلقة مرسلة".

ورد عليه الحافظ في "التغليق"(4/ 109)، "والفتح": بأنه موصول لا معلق، وما فيه إلا الإرسال.

ووصله أحمد (رقم 5674 - شاكر)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 58) من طريق عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه به.

قلنا: وعمر بن حمزة؛ ضعيف.

قال الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق"(4/ 110): "إسناده حسن"!! وصححه الشيخ أحمد شاكر!! فوهما.

قلنا: وهذا متعقب، كيف لا والحافظ -نفسه- قال في "التقريب" -عن عمر هذا (2/ 53) -:"ضعيف"! لكنه توبع على أصل الحديث:

فقد أخرجه الترمذي (5/ 228 رقم 3005)، وأحمد (رقم 5812، 5813 - شاكر)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 58)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 535، 536 رقم 1392) من طريق محمد بن عجلان، والإِمام أحمد (5997 - شاكر) من طريق أسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة؛ فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ، قال: قد هداهم الله للإِسلام.

قلنا: ابن عجلان وأسامة كلاهما صدوق؛ فكلاهما يقوي الآخر، وتصح الطريق إلى نافع؛ فالحديث بهذه المتابعة صحيح، والله أعلم.

وصححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "المسند".

وروى ابن إسحاق في المغازي؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 313) -ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 87) -: ثني يعقوب بن عتبة عن سالم قال: جاء رجل من قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنك تنهى عن السبي، يقول:"قد سبي العرب". ثم تحول قفاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكشف استه؛ فلعنه ودعا عليه؛ فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية ثم أسلم الرجل؛ فحسن إسلامه.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وإن كان فيه ابن إسحاق؛ وهو صدوق مدلس؛ لكنه إمام في المغازي والسير وصرح بالتحديث؛ لكنه ضعيف للإرسال وفي متنه نكارة واضحة؛ إذ الصحيح في سبب نزولها ما قدمنا. =

ص: 291

• عن الحسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد: "كيف يفلح قوم دَمَوْا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله عز وجل؟ "؛ فنزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} .

وفي رواية: بلغني: أن رسول الله لما انكشف عنه أصحابه يوم أحد وكسرت رباعيته وجرح وجهه؛ قال -وهو يصعد على أحد-: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم؟ "

(1)

. [صحيح]

• عن قتادة: أن رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم أصيبت يوم أحد، أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في وجهه، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم؟ "؛ فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} .

وفي رواية كسرت رباعيته وفرق حاجبه، وعليه درعان، والدم يسيل؛ فمر به سالم مولى أبي حذيفة فأجلسه ومسح الدم، فأفاق وهو

= * ملاحظة: في حديث أبي هريرة: أن النبي دعا على أحياء من العرب وعلى مضر وذكوان ورعلاً الذين قتلوا السبعين قارئاً، وكان هذا في بئر معونة، وحديث أنس وغيره: أن ذلك كان في غزوة أحد، وقد وفق بينهما الحافظ في "الفتح"(7/ 366)، و"العجاب" (2/ 751)؛ قال:"لكن يمكن الجمعُ بأنَّ نزولها تأخر حتى وقعت بئر معونة فكان يجمع في الدعاء بين مَنْ شج وجهه بأحد ومَنْ قتلَ أصحابَ بئر معونة؛ فنزلت الآية في الفريقين جميعاً فترك الدعاء على الجميع، وبقي بعد ذلك الدعاء للمستضعفين، إلى أنْ خلصوا وهاجروا، وهذه أولى من دعوى النزول مرتين".

قلنا: وهذا توفيق متين وجيد.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 57) بالرواية الأولى، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 749)، و"الدر المنثور"(2/ 312) من طريقين عن الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد ويشهد له حديث أنس السابق.

ص: 292

يقول: "كيف بقومٍ فعلوا هذا بنبيهم؟ "؛ فنزلت

(1)

. [ضعيف]

• عن الربيع بن أنس: أنزلت هذه الآية على رسول الله يوم أحد وقد شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، وأصيبت رباعيته؛ فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم، فقال:"كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم؛ وهو يدعوهم إلى الله وهم يدعونه إلى الشيطان، ويدعوهم إلى الهدى ويدعونه إلى الضلالة، ويدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار؟! "؛ فَهَمَّ أن يدعو عليهم؛ فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)} ؛ فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء عليهم

(2)

. [ضعيف جداً]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافُ امُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} .

• عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن عمرو بن أقيش كان له رباً في

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 131) -ومن طريقه ابن جرير "في جامع البيان"(4/ 57، 58) -، وابن سعد في "الطبقات"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 221) عن معمر عنه به.

وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(4/ 57) من طرق أخرى عن قتادة.

قال الزيلعي: "وهو معضل".

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد إلى قتادة.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 57): حُدثت عن عمار ثنا ابن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل، تقدم الكلام على ثلاثة منها تحت الآيتين (1، 2) من هذه السورة، وأما الرابعة؛ فالانقطاع بين الطبري وعمار.

(تكميل): هناك أسباب أخرى -كلها ضعيفه- ذكرها الحافظ في "العجاب"(2/ 752)؛ فلتنظر.

ص: 293

الجاهلية؛ فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأحد، قال: أين فلان؟ قالوا: بأحد، قال: فأين فلان؟ قالوا: بأحد، فلبس لَأْمَتَهُ وركب فرسه، ثم توجه قبلهم؛ فلما رآه المسلمون؛ قالوا: إليك عنا يا عمرو! قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح؛ فحمل إلى أهله جريحاً، فجاء سعد بن معاذ؛ فقال لأخته: سليه: حمية لقومك، أو غضباً لهم، أم غضباً لله؟! فقال: بل غضباً لله ولرسوله، فمات، فدخل الجنة وما صلى لله صلاة

(1)

. [حسن]

(1)

أخرجه أبو داود في "سننه"(3/ 20 رقم 2537) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"(3/ 690) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 37 رقم 83)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4/ 1978 رقم 465)، والحاكم (*) في "المستدرك"(2/ 113، 3/ 28)، وابن منده؛ كما في "أسد الغابة" جميعهم من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال مسلم؛ عدا محمد بن عمرو وهو صدوق له أوهام، روى له مسلم متابعة والبخاري مقروناً بغيره.

قال الحافظ في "الإصابة"(2/ 526): "هذا إسناد حسن".

وكذا حسنه شيخنا الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

أما الحاكم؛ فقال في "الموضعين": "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".

ووافقه الذهبي!!

ووهما في ذلك؛ فمحمد لم يرو له مسلم إلا متابعة، ثم هو حسن الحديث.

(تكميل): قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "العجاب"(2/ 753):

"ما زلت أبحث عن مناسبة ذكر آية الربا في وسط ذكر قصة أُحد؛ حتى وقفت على هذا الحديث؛ فكأنها نزلت فيه؛ فترك الربا وخرج إلى الجهاد فاستشهد، أو أن ورثته طالبوا بما كان له من الربا فنهوا عنه بالآية المذكورة". اهـ.

(*) الحديث في الموضع الثاني معلق وليس مسنداً.

ص: 294

• عن مجاهد؛ قال: كانوا يتبايعون إلى أجل؛ فنزلت: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافُ امُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عطاء؛ قال: كانت ثقيف تداين بني المغيرة في الجاهلية، فإذا حلّ الأجل؛ قالوا: نزيدكم وتؤخرون؛ فنزلت: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافُ امُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

(2)

. [ضعيف]

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا الله وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)} .

• عن عطاء: أن المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا؛ كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه في عتبة بابه مكتوبة: اجدع أذنك، افعل كذا، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزل:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم؟ ألا

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 539 رقم 1404) بسند صحيح إلى ابن جريج عن مجاهد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن جريج مدلس، وقد عنعن، وهو لم يسمع من مجاهد؛ كما قال المزي في "تهذيب الكمال"، ثم هو مع ذلك مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور (2/ 313)، وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(2/ 59) من طريق مؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه مؤمل هذا وهو سيئ الحفظ، أما ما يخشى من عنعنة ابن جريج؛ فهي محمولة على الاتصال عن عطاء بخاصة، وهو مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 314)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 295

أخبركم بخير من ذلكم؟ "؛ فقرأ هذه الآيات

(1)

. [ضعيف]

{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} .

• عن الزهري؛ قال: كَثُرَ في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم القتل والجراح؛ حتى خلص إلى كل امرئٍ منهم اليأس؛ فأنزل الله عز وجل القرآن، فآسى فيه المؤمنين بأحسن ما آسى به قوماً من المسلمين كانوا قبلهم من الأمم الماضية، فقال:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} إلى قوله: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154]

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعْبِ يوم أحد، وعلا خيل المشركين فوقهم على الجبل، وكان المسلمون من أسفل الشعب، فندب نفر من المسلمين رماة، فرموا خيل المشركين؛ حتى هزم الله خيل المشركين، وعلا المسلمون الجبل؛

(1)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(2/ 62) -: ثني حجاج بن محمد المصيصي، وإسحاق بن راهويه في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 82) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 754) كلاهما قال: أنا روح بن عبادة نا محمد بن عبد الملك بن جريج كلاهما [حجاج ومحمد] عن ابن جريج عن عطاء به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى عطاء.

وقال الحافظ في "العجاب"(2/ 754): "وهذا سند قوي إلى عطاء".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 314)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(تنبيه): هناك أسباب أخرى ذكرها الحافظ في "العجاب"(2/ 755، 758) وهي واهية بمرة.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 66، 67) من طريق سويد بن نصر نا ابن المبارك عن يونس بن عبد الأعلى عن الزهري به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ص: 296

ونزلت: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا يعلون علينا"؛ فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}

(2)

. [ضعيف جداً]

{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)} .

• عن عكرمة؛ قال: وندم المسلمون كيف خلوا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصعد النبي صلى الله عليه وسلم الجبل، وجمع أبو سفيان جمعه، وكان من أمرهم مما كان، فلما صعد النبي صلى الله عليه وسلم الجبل؛ جاء أبو سفيان، فقال: يا محمد! ألا تخرج؟ الحرب سجال: يوم لنا، ويوم لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أجيبوا -لأصحابه- وقولوا: لا سواء، لا سواء؛ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار".

قال أبو سفيان: عزى لنا ولا عزى لكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم".

قال أبو سفيان: اعل هبل.

(1)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 758) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(2/ 67) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 566، 567 رقم 1505) من طريقين عن ابن جريج به.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 330)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 67) من طريق العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 297

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلى وأجل".

فقال أبو سفيان: موعدنا وموعدكم بدر الصغرى. ونام المسلمون وبهم الكلوم. قال عكرمة: ففيهم نزلت: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة قال: لما أبطأ على النساء الخبر؛ خرجن يستخبرن، فإذا رجلان مقتولان على دابة، أو على بعير، فقالت امرأة من الأنصار: من هذان؟ قالوا: فلان وفلان؛ أخوها وزوجها أو زوجها وابنها، فقالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: حي، قالت: فلا أبالي؛ يتخذ الله من عباده الشهداء، ونزل القرآن على ما قالت:{وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي الضحى؛ قال: نزلت {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} ؛ فقتل منهم يومئذ سبعون، منهم أربعة من المهاجرين: حمزه بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، والشمساس بن عثمان المخزومي،

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 567، 568 رقم 1507)، والطبري في "جامع البيان"(2/ 68، 69)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 759) من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة به.

قلنا: أخرجه ابن أبي حاتم والطبري من طريق حفص بن عمر عن الحكم وحفص هذا ضعيف؛ فإن رواه عبد بن حميد من طريقه؛ فاجتمعت في الإسناد علتان: ضعف حفص هذا، والإرسال، وإن رواه من طريق غيره؛ فهو مرسل.

قلنا: في "تفسير الطبري" زيادة [عن ابن عباس]، ولعل هذا من ضعف حفص؛ فتارة يوصله، وتارة يرسله.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 573 رقم 1524): ثنا أبي ثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي ثنا وهيب ثنا أيوب عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

قال الحافظ في "العجاب"(2/ 760): "هذا مرسل رجاله رجال البخاري".

ص: 298

وعبد الله بن جحش، وسائرهم في الأنصار

(1)

. [ضعيف]

• عن راشد بن سعد: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد كئيباً حزيناً؛ جعلت المرأة تجيء بزوجها وأبيها وابنها وهي تلتدم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أهكذا يفعل برسولك؟! "؛ فنزلت

(2)

. [ضعيف]

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)} .

• قال مقاتل بن سليمان: سببها أن المنافقين قالوا للمؤمنين يوم أحد بعد الهزيمة: لم تقتلون أنفسكم وتهلكون أموالكم؛ فإن محمداً لو كان نبياً لم يسلطوا عليه؛ فنزلت

(3)

. [ضعيف جداً]

{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجالاً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر ونستشهد -أو ليت لنا يوماً كيوم بدر نقاتل فيه المشركين، ونبلي فيه خيراً، ونلتمس الشهادة والجنة والحياة والرزق-؛ فأشهدهم الله أحداً، ولم يلبثوا إلا من شاء الله منهم؛ فقال الله: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(ص 572 رقم 1522 - آل عمران): ثنا المنذر بن شاذان ثنا زكريا بن عدي ثنا أبو الأحوص عن أبي الضحى به.

قلنا: وهذا سند حسن إلى أبي الضحى؛ لكنه مرسل.

(2)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 760) وقال: "وذكر الثعلبي عن راشد به".

قلنا: وهو ضعيف.

(3)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 761).

قلنا: تفسير مقاتل واه بمرة.

ص: 299

فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: غاب رجال عن بدر، فكانوا يتمنون مثل يوم بدر: أن يلقوه؛ فيصيبوا من الخير والأجر مثل ما أصاب أهل بدر، فلما كان يوم أحد؛ ولّى من ولّى منهم، فعاتبهم الله، أو فعتبهم على ذلك

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: أناس من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطى الله أهل بدر من الفضل والشرف والأجر؛ فكانوا يتمنون أن يرزقوا قتالاً؛ فيقاتلوا، فسيق إليهم القتال حتى كان في ناحية المدينة يوم أحد، فقال الله عز وجل كما تسمعون:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 577 رقم 1539): نا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إليّ: ثني سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي: ثنا الحسين بن الحسن بن عطية العوفي عن الحسن بن عطية العوفي عن عطية العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء، وخالف الحسن بن عطية العوفي -وهو ضعيف- فضيلُ بنُ مرزوق؛ فرواه عن عطية نحوه مرسلاً: أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 761).

قلنا: هذا أصح؛ لكنه ضعيف؛ فيه علتان: الإرسال، وضعف عطية.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 71)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 577 رقم 1542)، والفريابي وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 761، 762) من طرق عن ابن أبي نجيح.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى مجاهد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 333)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 71)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 762) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد؛ رجاله ثقات، أما ما يخشى من اختلاط =

ص: 300

• عن الحسن؛ قال: بلغني أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: لئن لقينا مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لنفعلن ولنفعلن؛ فابتلوا بذلك، فلا والله ما كُلَّهم صدق الله؛ فأنزل الله:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}

(1)

. [ضعيف]

• عن الربيع؛ قال: إنَّ أناساً من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل؛ فكانوا يتمنون أن يروا قتالاً، فيقاتلوا؛ فسيق إليهم القتال حتى كان ناحية المدينة يوم أحد؛ فأنزل الله:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي؛ قال: كان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يشهدوا بدراً، فلما رأوْا فضيلة أهل بدر؛ قالوا: اللهم إنا نسألك أن ترينا يوماً كيوم بدر؛ نبليك فيه خيراً، فرأوْا أحداً؛ فقال لهم:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}

(3)

. [ضعيف جداً]

= سعيد بن أبي عروبة؛ فالراوي عنه يزيد بن زريع، وقد روى عنه قبل الاختلاط، وسعيد من أثبت الناس في قتادة.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 72): ثني محمد بن بشار -بندار-: ثنا هوذة: ثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن به.

قلنا: وهو مرسل حسن الإسناد إلى الحسن.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 71)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 578 رقم 1546) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل تقدم الكلام عليها عند الآيتين (1، 2) فانظره.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 334)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 72)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 578 رقم 1543) عن طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: =

ص: 301

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} .

• عن الربيع بن أنس قوله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} وذلك يوم أحد حين أصابهم ما أصابهم من القرح والقتل، وتداعوا نبي الله، قالوا: قد قتل، وقال أناس منهم: لو كان نبياً؛ ما قتل، وقال أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاتلوا على ما قاتل عليه نبيكم؛ حتى يفتح الله عليكم، أو تلحقوا به؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ} .

يقول: لئن مات نبيكم أو قتل؛ ارتددتم كفاراً بعد إيمانكم

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي؛ قال: لما برز رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إليهم -يعني: إلى المشركين-؛ أمر الرماة، فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين، وقال:"لا تبرحوا مكانكم إن رأيتمونا قد هزمناهم؛ فإنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم"، وأمّر عليهم عبد الله بن جبير أخا خوّات بن جبير، ثم شد الزبير بن العوّام والمقداد بن الأسود على المشركين فهزماهم، وحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهزموا أبا سفيان، فلما رأى ذلك

= الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط هذا؛ صدوق كثير الخطأ، ويغرب؛ كما في "التقريب"(1/ 53).

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 73)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(ص 581، 582 رقم 1554 - آل عمران) من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: سنده ضعيف جداً، تقدم الكلام على هذا السند في أول آية من هذه السورة، فانظره.

ص: 302

خالد بن الوليد وهو على خيل المشركين قدّم؛ فرمته الرماة؛ فانقمع، فلما نظر الرماة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جوف عسكر المشركين ينتهبونه؛ بادروا الغنيمة. فقال بعضهم: لا نترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عامتهم فلحقوا بالعسكر. فلما رأى خالد قلة الرماة؛ صاح في خيله، ثم حمل فقتل الرماة، وحمل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى المشركون أن خيلهم تقاتل؛ تبادروا، فشدوا على المسلمين فهزموهم وقتلوهم، فأتى ابن قيئة الحارثي -أحد بني الحارث بن عبد مناف بن كنانة- فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر؛ فكسر أنفه ورباعيته وشجه في وجهه؛ فأثقله، وتفرق عنه أصحابه، ودخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس:"إليّ عباد الله! إليّ عباد الله! "، فاجتمع إليه ثلاثون رجلًا، فجعلوا يسيرون بين يديه، فلم يقف أحد إلاَّ طلحة وسهل بن حنيف فحماه طلحة فرمى بسهم في يده فيبست يده، وأقبل أبي بن خلف الجمحي وقد حلف ليقتلن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بل أنا أقتلك"، فقال: يا كذاب! أين تفر فحمل عليه، فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في جنب الدرع فجرح جرحًا خفيفًا فوقع يخور خوران الثور فاحتملوه، وقالوا: ليس بك جراحة، قال: أليس قال: "لأقتلنك؟ "، لو كانت لجميع ربيعة ومضر؛ لقتلتهم، ولم يلبث إلا يومًا أو بعض يوم؛ حتى مات من ذلك الجرح، وفشا في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل! فقال بعض أصحاب الصخرة: ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أبي فنأخذ لنا أمنة من أبي سفيان، يا قوم! إن محمداً قد قتل؛ فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم.

قال أنس بن النضر: يا قوم! إن كان محمد قد قتل؛ فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ثم شدّ بسيفه فقاتل حتى قتل. وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب

ص: 303

الصخرة، فلما رأوه؛ وضع رجل سهماً في قوسه فأراد أن يرميه، فقال:"أنا رسول الله"؛ ففرحوا حين وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً، وفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى في أصحابه من يمتنع، فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب عنهم الحزن، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابه الذين قتلوا، فقال الله عز وجل للذين قالوا: إن محمداً قد قتل فارجعوا إلى قومكم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قال: ذاكم يوم أحد حين أصابهم القرح والقتل، ثم تنازعوا في نبي الله صلى الله عليه وسلم بقية ذلك، فقال أناس: لو كان نبياً؛ ما قتل، وقال أناس من عَليَّة أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم: قاتلوا على ما قاتل عليه محمد نبيكم؛ حتى يفتح الله لكم، أو تلحقوا به؛ فقال الله عز وجل:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ؛ يقول: إن مات نبيكم أو قتل؛ ارتددتم كفاراً بعد إيمانكم

(2)

! [ضعيف]

• عن الضحاك؛ قال: نادى مناد يوم أحد حين هزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إنّ محمداً قد قتل؛ فارجعوا إلى دينكم الأول؛ فأنزل الله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}

(3)

[ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري (4/ 73) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه معضل، وأسباط ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري (4/ 72، 73): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد وقد تقدم الكلام عليه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 74) من طريق جويبر عنه به. =

ص: 304

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله اعتزل هو وعصابة معه يومئذ على أكمة، والناس يفرون، ورجل قائم على الطريق يسألهم: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وجعل كلما مروا عليه يسألهم، فيقولون: والله ما ندري ما فعل، فقال: والذي نفسي بيده، لئن كان النبي صلى الله عليه وسلم قتل؛ لنعطينهم بأيدينا؛ إنهم لعشائرنا وإخواننا، وقالوا: إن محمداً إن كان حياً؛ لم يهزم، ولكنه قد قتل؛ فترخصوا في الفرار حينئذ؛ فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن جريج: قال أهل المرض والارتياب والنفاق حين فر الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم: قد قتل محمد؛ فالحقوا بدينكم الأول؛ فنزلت هذه الآية

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن الضحاك؛ قال: قال ناس من أهل الارتياب والمرض والنفاق -قالوا يوم فر الناس عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وشج فوق حاجبه،

= قلنا: هذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر هذا راوي "التفسير"؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب"(1/ 136).

الثانية: الإرسال.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 74) بالسند المسلسل بالعوفيين عن ابن عباس.

قلنا: هو ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 74، 75) من طريق سنيد صاحب "التفسير" عن حجاج قال: قال ابن جريج به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: سنيد هذا صاحب "التفسير" ضعيف، وتقدم الكلام عليه (*).

(*) هذا الحديث مما فات الحافظ ابن حجر في "العجاب"؛ فاقتضى التنبيه.

ص: 305

وكسرت رباعيته-: قتل محمد؛ فالحقوا بدينكم الأول؛ فذلك قوله: {انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: ألقي في أفواه المسلمين يوم أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (114)}

(2)

. [ضعيف جداً]

{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)} .

• عن السدي؛ قال: لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة؛ انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا؛ فقالوا: بئس ما صنعتم أنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم؛ فقذف الله عز وجل في

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 74): حدثت عن الحسين بن الفرج قال:

سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد ثنا عبيد بن سليمان. قال: سمعنا الضحاك به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: الانقطاع بين الطبري والحسين بن فرج.

(2)

أخرجه الحسين بن داود المعروف بسنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 74) -: ثني حجاج محمد المصيصي، عن ابن جريج عن مجاهد.

قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد.

الثالثة: سنيد هذا ضعيف؛ كما تقدم.

ص: 306

قلوبهم الرعب فانهزموا، فلقوا أعرابياً فجعلوا له جعلاً، وقالوا له: إن لقيت محمداً؛ فأخبره بما قد جمعنا لهم، فأخبر الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك، فذكر أبا سفيان حيث أراد أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما قُذف في قلبه من الرعب؛ فقال:{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)} .

• عن الضحاك؛ قال: إن نبي الله أمر يوم أحد طائفة من المسلمين؛ فقال: كونوا مسلحة للناس بمنزلة أمرهم أن يثبتوا بها، وأمرهم أن لا يبرحوا مكانهم حتى يأذن لهم، فلما لقي نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبا سفيان ومن معه من المشركين؛ هزمهم نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى المسلحة أن الله عز وجل هزم المشركين؛ انطلق بعضهم وهم يتنادون: الغنيمة الغنيمة! لا تفتكم، وثبت بعضهم مكانهم، وقالوا: لا نريم موضعنا؛ حتى يأذن لنا نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي ذلك نزل: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} ، فكان ابن مسعود يقول: ما شعرت أن أحداً من أصحاب

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 81) من طريق أحمد بن المفضل: ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً، وقد تقدم الكلام عليه.

ص: 307

النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلاً- عبدَ الله بن جبير، فقال:"إن رأيتمونا تخطفنا الطير؛ فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أُرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم؛ فلا تبرحوا حتى أُرسل إليكم". فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشددن، قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن، فقال أصحاب ابن جبير: الغنيمة أي قوم! الغنيمة! ظهر أصحابكم؛ فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالوا: والله لنأتين الناس؛ فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم؛ صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين؛ فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلاً، فأصابوا منا سبعين. وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُه أصاب من المشركين يوم بدر: أربعين ومائة؛ سبعين أسيراً وسبعين قتيلاً، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمد -ثلاث مرات-؟ فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيبوا. ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة -ثلاث مرات-؟، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب -ثلاث مرات-؟ ثم رجع إلى أصحابه؛ فقال: أما هؤلاء؛ فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه؛ فقال: كذبت والله يا عدو الله! إن الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسوؤك. قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مَثُلَة: لم آمر بها، ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز:

اعل هبل، اعل هبل

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبونه؟ "، قالوا: يا رسول الله! ما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجلّ"، قال: إن لنا العزى ولا عزى لكم، فقال

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 85) من طريق أبي معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول: فذكره.

ص: 308

النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبونه! " قال: قالوا: يا رسول الله! ما نقول؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم"

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ناساً من الناس؛ يعني: يوم أحد، فكانوا من ورائهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كونوا ههنا؛ فَرُدُّوا وَجْهَ مَنْ قَدِمَنا، وكونوا حَرسًا لنا من قِبَل ظهورنا"، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هزم القوم هو وأصحابه؛ اختلف الذين كانوا جعلوا من ورائهم؛ فقال بعضهم لبعض -لما رأوا النساء مصعدات في الجبل ورأوا الغنائم- قالوا: انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوا الغنيمة قبل أن تسبقوا إليها، وقالت طائفة أخرى: بل نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنثبت مكاننا؛ فذلك قوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} للذين أرادوا الغنيمة {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} ، قالوا: نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونثبت مكاننا؛ فأتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فكان فشلاً حين تنازعوا بينهم بقوله:{وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} كانوا قد رأوا الفتح والغنيمة

(2)

. [ضعيف جداً]

• وعنه -أيضاً-رضي الله عنه؛ قال: ما نُصِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في موطن كما نُصر يوم أحد! فأنكرنا ذلك عليه؛ فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله، إن الله يقول في يوم أحد: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(6/ 162، 163 رقم 3039، 7/ رقم 3986، 4043، 4067، 8/ رقم 4561).

والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 346) -أيضاً- لمسلم، ولم نره فيه، ولم يعزه له المزي في "تحفة الأشراف"(2/ 46 رقم 1837).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 84)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 1641، 1650) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء عن ابن عباس.

قلنا: سنده ضعيف جداً.

ص: 309

مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} وإنما عنى بهذا الرماة؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقامهم في موضع، ثم قال:"احموا ظهورنا، وإن رأيتمونا نقتل؛ فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا؛ فلا تشركونا"، فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم، وأباحوا عسكر المشركين؛ انتفضت الرماة جميعاً، فدخلوا العسكر ينتهبون، وقد انتفضت صفوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم كذا -وشبك أصابع يديه- والتبسوا، فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها؛ دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فضرب بعضهم بعضاً والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان النصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول النهار؛ حتى قتل من أصحاب لواء المشركين تسعة أو سبعة، وجال المشركون

(1)

جولة نحو الجبل ولم يبلغوا، حيث يقول الناس: الغار إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكوا به أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل؛ حتى طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين السعدين نعرفه بكتفيه إذا مشى، قال: ففرحنا؛ حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا، فرقي نحونا، وهو يقول:"اشتد غضب الله على قوم رموا وجه رسول الله"، ويقول مرة أخرى:"اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا"، حتى انتهى إلينا، فمكث ساعة، فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل، اعل هبل -يعني: إلهه-، أين ابن أبي كبشة؟! أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: ألا أجيبه يا رسول الله؟! قال: "بلى"، قال: فلما قال: اعل هبل؛ قال عمر: الله أعلى وأجل، قال أبو سفيان: يا ابن الخطاب! إنها قد أنعمت عينها، فعاد عنها -أو فعال عنها-، فقال: أين ابن أبي كبشة؟! أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا.

فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال.

(1)

في نسخة شاكر: وجال المسلمون.

ص: 310

قال عمر: لا سواء؛ قتلانا في الجنة؛ وقتلاكم في النار، قال: إنكم تزعمون ذلك؛ لقد خبنا إذاً وخسرنا، ثم قال: أما إنكم ستجدون في قتلاكم مَثْلاً، ولم يكن ذلك عن رأي سراتنا، ثم أدركته حمية الجاهلية، قال: أما إنه إذا كان ذاك؛ لم نكرهه

(1)

. [حسن]

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن النساء كنا يوم أحد خلف المسلمين، يُجْهِزْنَ على جرحى المشركين، فلو حلفتُ يومئذ رجوت أن أبرَّ: إنه ليس أحدٌ منَّا يريد الدنيا؛ حتى أنزل الله عز وجل: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} ، فلما خالف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به؛ أُفْرِدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعة: سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، وهو عاشرهم، فلما رهقوه؛ قال:"رحم الله رجلاً ردهم عنا"، قال: فقام رجل من الأنصار، فقاتل ساعة حتى قتل، فلما رهقوه -أيضاً-؛ قال:"يرحم الله رجلاً ردهم عنا"، فلم يزل يقل ذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبيه:"ما أنصفنا أصحابنا"، فجاء أبو سفيان، فقال: اعْلُ هُبَل؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: الله أعلى وأجل، فقالوا: الله أعلى

(1)

أخرجه أحمد (رقم 2609 - شاكر)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 301 رقم 10731)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 602 - 604 رقم 1644)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 269 - 271)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 296، 297) -وعنه البيهقي في "الدلائل"(3/ 269 - 271) - كلهم من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده حسن؛ لحال ابن أبي الزناد، وهو صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً؛ كما في "التقريب".

والحديث من مراسيل الصحابة، وهي حجة؛ فابن عباس لم يشهد أحداً.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 421): "هذا حديث غريب، وسياق عجيب وهو من مرسلات ابن عباس؛ فإنه لم يشهد أُحداً ولا أبوه".

ص: 311

وأجل"، قال أبو سفيان: لنا عُزَّى ولا عُزَّى لكم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: الله مولانا، والكافرون لا مولى لهم". ثم قال أبو سفيان: يومٌ بيوم بدرٍ، يوم لنا ويوم علينا، ويوم نُساءُ ويوم نُسرُّ، حنظلة بحنظلة، وفلانٌ بفلان، وفلان بفلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا سَواءَ، أما قتلانا؛ فأحياءٌ يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون"، قال أبو سفيان: قد كانت في القوم مَثْلاً، وإن كانت لَعَنْ غير ملإ منا ما أمرت ولا نَهيت، ولا أحببت ولا كرهت، ولا ساءني ولا سرني، قال: فنظروا، فإذا حمزةُ قد بُقِرَ بطنه، وأخذت هند كبده؛ فلاكتها؛ فلم تستطيع أن تأكلها؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أأكلت منه شيئاً؟! "، قالوا: لا، قال:"ما كان الله ليدخل شيئاً من حمزة النار! "، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة؛ فصلى عليه، وجيء برجل من الأنصار فوُضع إلى جنبه، فصلى عليه، فرُفِع الأنصاري، وتُرك حمزة، ثم جيء بآخر؛ فوضعه إلى جنب حمزة، فصلى عليه، ثم رُفع وتُرك حمزة؛ حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 191، 192 رقم 4414 - شاكر)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 16)، وابن أبي شيبة "في مصنفه"(12/ 424، 425 رقم 15127، 14/ 398 رقم 18618 - مختصراً جداً) عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الشعبي لم يسمع من ابن مسعود؛ كما قال أبو حاتم، والدارقطني، والحاكم، والمزي، وغيرهم؛ كما في "المراسيل"(160)، "وتهذيب الكمال"(14/ 30)، و"تهذيب التهذيب"(5/ 68).

الثانية: عطاء بن السائب كان قد اختلط وحماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط وبعده.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 109، 110): "رواه أحمد؛ وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط".

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية"(4/ 40، 41): "تفرد به أحمد، وهذا =

ص: 312

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: ما كنت أرى أن أحداً من أصحاب رسول الله يريد الدنيا؛ حتى نزل فينا ما نزل يوم أحد: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}

(1)

. [حسن لغيره]

• عن عبد الرحمن بن أبزى؛ قال: وضع رسول الله خمسين من الرماة يوم أحد وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير -أخا خوات-، وأقعدهم

= إسناد فيه ضعف -أيضاً- من جهة عطاء بن السائب".

أمّا الشيخ أحمد شاكر رحمه الله؛ فصححه! وهو وَهْمٌ منه، وغفلوا جميعاً عن العلة الأولى.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 345)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 605، 606 رقم 1649)، وابن أبي عاصم في "الزهد"(رقم 203)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 284 - 285/ 430)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(2/ 106 رقم 1399)، والبيهقي في "الدلائل"(3/ 228، 229)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 85، 86)، والواحدي في "الوسيط"(1/ 504، 505) من طرق عن أسباط بن نصر عن السدي عن عبد خير؛ قال: قال عبد الله بن مسعود به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أسباط هذا، وهو صدوق كثير الخطأ، يغرب؛ كما في "التقريب"(1/ 53).

وأخرج أحمد (6/ 191، 192 رقم 4414 - شاكر) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود بحديث مطول وفيه: "فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر: إنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} .

قلنا: سنده ضعيف؛ فيه علتان كما سبق بيانه.

لكن الحديث يرتقي بمجموع الطريقين لدرجة الحسن لغيره، والله أعلم.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 328): "رواه الطبراني في "الأوسط"، وأحمد في حديث طويل تقدم في وقعة أحد، ورجال الطبراني ثقات!! ". اهـ.

وقال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار"(4/ 214): "إسناده حسن".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 349): "بسند صحيح".

ص: 313

إزاء خالد بن الوليد، وكان على خيل المشركين، فلما انهزم المشركون؛ قال طائفة منهم: نلحق بالناس؛ لا يسبقونا بالغنائم، وقالت طائقة: عهد إلينا النبي صلى الله عليه وسلم أن لا نزيغ من مكاننا؛ حتى يأتينا أمره، فمضى أولئك؛ فرأى خالد رقتهم؛ فحمل عليه؛ فقتلهم، ونزلت:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} ؛ الآية وكانت معصيتهم توجههم عن مكانهم، وقوله:(من يريد الدنيا)، أي: الغنيمة {اَلأَخِرَةَ} : الشهادة

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة، فلما رأوه؛ وضع رجل سهماً في قوسه؛ فأراد أن يرميه، فقال:"أنا رسول الله"؛ ففرحوا في ذلك حيث وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً، وفرح رسول الله حين رأى أن في أصحابه من يمتنع، فلما اجتمعوا -وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهب عنهم الحزن-؛ اقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا؛ فأقبل أبو سفيان حتى أشرف عليهم، فلما نظروا إليه؛ نسوا ذلك الذي كانوا عليه، وهمهم أبو سفيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس لهم أن يعلونا، اللهم إن تُقْتَل هذه العِصابَةُ لا تُعبد"، ثم ندب أصحابه؛ فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم، فقال أبو سفيان يومئذ: اعل هبل، حنظلة بحنظلة، ويومٌ بيوم بدر، وقتلوا يومئذ حنظلة بن الراهب وكان جنباً فغسلته الملائكة، وكان حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، قال أبو سفيان: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر:"قل: الله مولانا، ولا مولى لكم"، فقال أبو سفيان: فيكم محمد؟ قالوا: نعم، قال: أما إنها قد كانت فيكم مُثْلة؛ ما أمرت ولا نهيت عنها؛ ولا سرني ولا ساءتني، فذكر الله إشراف أبي سفيان عليهم؛ فقال: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا

(1)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 768) من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن عبد الرحمن به.

قلنا: إسناده ضعيف، لأنه منقطع بين جعفر وعبد الرحمن.

ص: 314

بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ}؛ الغم الأول: ما فاتهم من الغنيمة والفتح، والغم الثاني: إشراف العدو عليهم؛ {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} من الغنيمة، {وَلَا مَا أَصَابَكُمْ} من القتل حين تذكرون، فشغلهم أبو سفيان

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي: لما شدّ المشركون على المسلمين بأحد فهزموهم؛ دخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة، فقاموا عليها، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس:"إليّ عباد الله! إليّ عباد الله! "، فذكر الله صعودهم على الجبل، ثم ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إياهم؛ فقال:{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}

(2)

. [ضعيف جداً]

{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)} .

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: قال الزبير: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الخوف علينا، فأرسل الله علينا النوم، فما منّا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 89) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: ضعف أسباط.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 87) بالسند السابق نفسه.

ص: 315

من رجل إلا ذقنه في صدره، قال: فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا؛ فحفظها منه، وفي ذلك أنزل الله:{لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} لقول متعب

(1)

. [حسن]

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أبا طلحة قال: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد، قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه [وذلك قوله عز وجل:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} ، والطائفة الأخرى: المنافقون، ليس لهم إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه، وأخذله للحق]

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 94)، والبزار في "البحر الزخار"(3/ 189 رقم 973)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 620، 621 رقم 1697)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 273)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(رقم 421)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي" (1/ 233 رقم 242)، و"الأحاديث المختارة" (3/ 61)، و"العجاب" (2/ 771)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (3/ 60 رقم 864) -، والضياء من طريق أخرى (3/ 60، 61/ 865) -: ثني يحيى بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه به.

قلنا: وسنده حسن.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 353)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 365 رقم 4068، 8/ 228 رقم 4562)، وعبد بن حميد في "تفسيره " -وعنه الترمذي (5/ 229 رقم 3007، ص 229، 230 رقم 3008) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(3/ 61، 62 رقم 866) - وغيرهم من طرق عن أنس به.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وما بين المعقوفتين زيادة من الترمذي.

وأخرجه الترمذي (5/ 229 رقم 3007) -ومن طريقه الضياء المقدسي (3/ 62/ 867) -: ثنا عبد بن حميد -وهذا في "تفسيره"-: ثنا روح بن عبادة عن =

ص: 316

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} .

• عن كليب؛ قال: خطب عمر يوم الجمعة؛ فقرأ آل عمران، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها، فلما انتهى إلى قوله:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} ؛ قال: لما كان يوم أُحد؛ هزمناهم، ففررت حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى، والناس يقولون: قتل محمد، فقلت: لا أجد أحداً يقول: قتل محمد؛ إلا قتلته، حتى اجتمعنا على الجبل؛ فنزلت:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة -مولى ابن عباس-؛ قال: جاءت [فاختة] بنت غزوان امرأة عثمان بن عفان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعليٌّ يغسلان السلاح من الدماء، فقالت: ما فعل ابن عفان؟! أما والله لا تجدونه ألأم القوم، فقال لها علي: إن عثمان فضح الذمار اليوم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَهْ"، وكان ممن ولى دبره يومئذ: عثمان بن عفان، وسعد بن عثمان، وعقبة بن عثمان -إخوان من الأنصار من بني زريق- حتى بلغوا الجلعب، فرجعوا بعد، فقالت: فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد ذهبتهم بها عريضة"، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ

= حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام مثله.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات.

وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 95، 96): ثنا أبو هشام الرفاعي: ثنا أبو بكر بن عياش: ثنا عاصم بن كليب عن أبيه؛ قال: خطب عمر. . . فذكره.

قلنا: وأبو هشام الرفاعي هذا؛ ضعيف؛ ضعفه البخاري، والنسائي، وأبو حاتم وغيرهم، ولخصه الحافظ بقوله في "التقريب":"ليس بالقوي".

ص: 317

بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في رافع بن المعلى وغيره من الأنصار وفي أبي حذيفة بن عتبة ورجل آخر: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} ؛ إذ لم يعاقبهم

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة: وذلك يوم أحد، ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تولوا عن القتال وعن نبي الله يومئذ، وكان ذلك من أمر الشيطان وتخويفه؛ فأنزل الله ما تسمعون أنه قد تجاوز عن ذلك وعفا عنهم

(3)

. [ضعيف]

• عن السدي قال: لما انهزموا يومئذ؛ تفرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 772): ثنا يوسف بن بهلول عن عبد الله بن إدريس، والطبري في "جامع البيان" (4/ 96) من طريق سلمة بن الفضل (كلاهما) عن ابن إسحاق؛ قال:[قال عكرمة]، وذكره.

قلنا: وسنده ضعيف، فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: الانقطاع بين ابن إسحاق وعكرمة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 355) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 96) -: ثنا حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج قال: قال عكرمة.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة.

الثالثة: سنيد ضعيف؛ كما تقدم.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 96): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبه عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكر الطبري نحوه عن الربيع بن أنس.

قلنا: وضعف سنده واضح؛ كما تقدم.

ص: 318

أصحابه، فدخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة، فقاموا عليهم؛ فذكر الله عز وجل الذين انهزموا فدخلوا المدينة، فقال:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر؛ فقال بعض الناس: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)}

(2)

. [حسن لغيره]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 96) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: وضعف أسباط.

(2)

أخرجه أبو داود (4/ 31 رقم 3971)، والترمذي (5/ 230 رقم 3009)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 102)، والطبراني في "الكبير"(11/ 288 رقم 12028، 12029)، والبزار في "مسنده"(3/ 44 رقم 2198 - "كشف")، وابن عدي في "الكامل"(3/ 942)، وأبو يعلى في "مسنده"(4/ 327 رقم 2438، 5/ 60 رقم 2651) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 84) -، وابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 637 رقم 1760)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في العجاب (2/ 775)، و"الدر المنثور"(2/ 361) جميعهم من طريق خُصيف الجزري عن مقسم وعكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه خصيف الجزري، قال الحافظ في "التقريب" (1/ 224):"صدوق سيئ الحفظ، خلط بآخره". =

ص: 319

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".

لكنه لم ينفرد به؛ فقد أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 43، 44 رقم 2197 - "كشف"): ثنا محمد بن عبد الرحيم -المعروف بصاعقه-: ثنا عبد الوهاب بن عطاء: ثنا هارون القارئ عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ؛ قال: ما كان لنبي أن يتهمه أصحابه.

قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال البخاري؛ عدا عبد الوهاب وهو صدوق ربما أخطأ، وهو من رجال مسلم.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 328): "رواه البزار؛ ورجاله رجال الصحيح".

وقال شيخنا الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(6/ 682 - القسم الأول): "وهذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات رجال البخارى؛ غير عبد الوهاب بن عطاء؛ فهو من رجال مسلم".

قلنا: وقد تصحف في "الصحيحة"(الزبير بن خريت) إلى الزبير بن خريق؛ فليحرر.

وضعفه ابن عدي في "الكامل" بخصيف.

وقال المناوي في "الفتح السماوي"(1/ 414): "فالحديث ضعيف، ووهم من حسن؛ كالجلال السيوطي اغتراراً بتحسين الترمذي له".

وقال المنذري في "مختصر السنن"(6/ 3): "في إسناده خصيف؛ تكلم فيه غير واحد".

قلنا: وقد اضطرب خصيف في روايته على ما بينه شيخنا في "الصحيحة"(6/ 683) بما لا مزيد عليه؛ فانظره لزاماً.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(11/ 83 رقم 11174)، و"الأوسط"(5/ 279، 280 رقم 5313)، و"الصغير"(رقم 441 - الروض النضير) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 84)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(1/ 372، 373) -: ثنا محمد بن أحمد بن يزيد النرسي البغدادي؛ قال: قرأت على أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ عن أبي محمد اليزيدي ثنا أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس به.

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي عمرو بن العلاء إلا أبا محمد اليزيدي، تفرد به: أبو عمر الدوري". =

ص: 320

• عن الضحاك بن مزاحم؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلائع، فغنم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقسم للطلائع؛ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)}

(1)

. [ضعيف]

• عن الأعمش؛ قال: كان ابن مسعود يقرأ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ؛ فقال ابن عباس: بلى، ويقتل، قال: فذكر ابن عباس إنه إنما كانت في قطيفة، قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلها يوم بدر؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال نبيّ صلى الله عليه وسلم جيشاً؛ فردت رايته، ثم بعث فردت، ثم بعث فردت؛ فردت بغلول رأس غزال من ذهب؛ فنزلت:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}

(3)

. [صحيح]

= قلنا: وسنده حسن في الشواهد.

وقال شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(6/ 684): ". . . وعلى هذا؛ فالإسناد جيد، ويزداد قوة بما قبله من الطرق. . .".

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(12/ 413 رقم 15078)، وابن جرير في "جامع البيان"(4/ 103)، وأبو الشيخ في "التفسير" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 84) -من طريق وكيع عن سلمه بن نبيط عن الضحاك به.

قلنا: وسنده ضعيف، لإعضاله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 102): ثنا نصر بن علي الجهضمي: ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه سليمان التيمي عن الأعمش به.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه معضل.

(3)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ رقم 12684)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقهما الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(9/ 529، 530 رقم 512، 513، 514) - من طريق معاوية بن هشام عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس به. =

ص: 321

• عن قتادة؛ قال: ذُكر لنا أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وقد غلَّ طوائف من أصحابه

(1)

. [صحيح لغيره]

• عن الربيع: أنزلت على نبي الله يوم بدر وقد غل طوائف من أصحابه

(2)

. [ضعيف جداً]

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)} .

• عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: لما كان يوم بدر؛ قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين؛ فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يده وعليه رداؤه وإزاره. ثم قال:"اللهم أين ما وعدتني؟ اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإِسلام؛ فلا تعبد في الأرض أبداً"، قال: فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه؛ حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك، وأنزل الله عز وجل:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} [الأنفال: 9]،

= قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 328): "ورجاله ثقات".

قلنا: وهو كما قال؛ فالسند صحيح.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 103): ثنا بشر: ثنا يزيد: ثنا سعيد عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، يقوي حديث عبد الله بن عباس: والذي ينص على أن نزول الآية كان في بدر، وبهذا نرد على الحافظ ابن حجر حين قال في "العجاب" (2/ 779):"فإن هذه الآية نزلت في يوم أحد اتفاقاً!! ".

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 104): حدثت عن عمار عن ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع.

قلنا: وسنده ضعيف جداً كما تقدم.

(تنبيه): هناك أقوالٌ أخرى، ذكرها الواحدي وابن حجر؛ فانظرها.

ص: 322

فلما كان يومئذ والتقوا؛ فهزم الله عز وجل المشركين، فقتل منهم سبعون رجلاً، وأسر منهم سبعون رجلاً، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعليًا وعمر، فقال أبو بكر: يا نبي الله! هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان؛ فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم؛ فيكون لنا عضدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما ترى يا ابن الخطاب؟! "، قال: قلت: والله ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكنني من فلان -قريباً لعمر-؛ فأضرب عنقه؛ وتمكن علياً من عقيل؛ فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه، فيضرب عنقه؛ حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم، وقادتهم، فَهَوِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يَهْوَ ما قلت؛ فأخذ منهم الفداء، فلما إن كان من الغد؛ قال عمر: غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو قاعد وأبو بكر، وإذا هما يبكيان، فقلت: يا رسول الله! أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟! فإن وجدت بكاء؛ بكيت، وإن لم أجد بكاء؛ تباكيت لبكائكما، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي عرض علي أصحابك من الفداء، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة" -لشجرة قريبة-، وأنزل الله عز وجل:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: 67، 68] من الفداء، ثم أُحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أُحد من العام المقبل؛ عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته وهُشِمتِ البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، وأنزل الله -تعالى-:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)} بأخذكم من الفداء

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أحمد (1/ 207، 208 رقم 208 - شاكر) -وعنه أبو داود (3/ 61 رقم =

ص: 323

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم بأُحد؛ جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة: تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقةٍ في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومَقِيلِهم؛ قالوا: من يُبَلِّغ إخواننا عنا أَنّا أحياء في الجنة نرزق؛ لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب؟ فقال الله -سبحانه-: أنا أبلغهم عنكم؛ قال: فأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} إلى آخر الآية"

(1)

. [ضعيف]

= 2690 - مختصراً) -، وابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "العجاب"(2/ 781)، و"المصنف"(10/ 350، 351 رقم 9632، 14/ 365، 366 رقم 18531)، وأبو عوانة في "صحيحه" (4/ 257 رقم 6695) عن قراد: ثنا عكرمة بن عمار: ثنا سماك الحنفي عن ابن عباس عن عمر به.

قلنا: وسنده صحيح على شرط مسلم، وأصل الحديث فيه (1763)؛ ولكن ليس فيه التصريح بنزول هذه الآية بعينها. وسيأتي -إن شاء الله- في تفسير سورة الأنفال.

(1)

أخرجه أحمد (1/ 266)، وأبو داود (رقم 2520) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(9/ 163) -، والآجري في "الشريعة"(2/ 220 رقم 981)، وأبو يعلى في "مسنده"(4/ 219 رقم 2331)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(1/ 215، 216 رقم 52، 2/ 510 رقم 193)، وأبو الشيخ في "جزء أحاديث أبي الزبير عن غير جابر"(ص 125 رقم 73)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 88، 297) -وعنه البيهقي في "البعث والنشور"(رقم 201)، و"شعب الإيمان"(4/ 18، 19 رقم 4240 - دار الكتب العلمية)، و"الدلائل"(3/ 304)، و"الأسماء والصفات"(2/ 213، 214 رقم 775)، و"إثبات عذاب القبر"(رقم 145) -، والواحدي في "الوسيط"(1/ 519)، و"أسباب النزول"(ص 85، 86)، والأصبهاني في "الترغيب"(ق 86/ أ)، وبقي بن مخلد في "مسنده"؛ كما في التمهيد (11/ 61) جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق عن =

ص: 324

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وهما واهمان؛ لأن مسلماً لم يخرج لابن إسحاق إلا متابعة.

وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(4/ 338 /1919): "وهو حديث حسن" وكذا حسنه شيخنا.

قلنا: بل ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: عنعنة ابن إسحاق.

الثانية: عنعنة أبي الزبير.

وكلاهما مدلس ولم يصرحا بالتحديث.

وخالف عبدَ الله بنَ إدريس ابنُ المبارك وإبراهيمُ بن سعد الزهري وابنُ فضيل وإسماعيل بن عياش؛ فرووه عن ابن إسحاق عن أبي الزبير عن ابن عباس به دون ذكر سعيد:

أخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(62)، وأحمد (1/ 265، 266)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 294)، و"مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 243) -وعنه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(2/ 511 رقم 194) -، وهناد في "الزهد"(1/ 120 رقم 155)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 113)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(رقم 195)، وأبو يعلى في "مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 243)، وأبو الشيخ في "جزء أبي الزبير عن غير جابر"(56/ 14).

ثم رأينا عبد بن حميد أخرجه في "مسنده"(1/ 574 رقم 678 - منتخب) من طريق عبد الله بن إدريس نفسه برواية الجماعة هذه، مما أكد شذوذ الرواية الأولى.

وصرح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن المبارك وأحمد؛ لكن سنده ضعيف؛ أبو الزبير مدلس وقد عنعن، ولم يصرح بالتحديث في جميع المصادر المذكورة، على أن ابن إسحاق توبع على الحديث بدون ذكر سعيد بن جبير.

وأخرجه الثعالبي في "تفسيره" -وعنه البغوي في "معالم التنزيل"(2/ 131) -من طريق سليمان بن عمرو عن إسماعيل بن أمية عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به. =

ص: 325

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال في قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} : أما إنا قد سألنا عن ذلك؛ فقال: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً؛ فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهي؟ ونحن نسرح في الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات.

فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا! قالوا: يا ربّ! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا؛ حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا

(1)

. [صحيح]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال لي: "يا جابر! ما لي أراك منكسراً؟! "، قلت: يا رسول الله! استشهد أبي، قتل يوم أحد، وترك عيالاً وديناً، قال:"أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ "، قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: "ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحاً، فقال: يا عبدي! تمن عليّ؛ أعطك، قال: يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون"، قال: وأنزلت هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا}

(2)

. [حسن]

= قلنا: ولا يفرح بهذه المتابعة؛ لأنَّ في السند سليمان بن عمرو أبا داود النخعي الكذاب؛ كذبه أحمد وابن معين وغيرهما؛ كما في "الميزان"(2/ 216 رقم 3495).

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1502 رقم 1887) مطولًا.

قال المزي في "الأطراف"(7/ 145): "موقوف".

قلنا: وهو في حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يقال بمجرد الرأي.

وانظر -لزاماً-: "تهذيب السنن"(3/ 374)، و"الصحيحة"(6/ 280).

(2)

أخرجه الترمذي (5/ 230 رقم 3010)، وابن ماجه (1/ 68 رقم 190، 2/ 936 =

ص: 326

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رقم 2800)، وابن خزيمة في "التوحيد"(2/ 890، 891 رقم 599) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك"(3/ 203، 204) -، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 267 رقم 602)، وفي "الجهاد"(2/ 511 - 513 رقم 196)، والدارمي في "الرد على الجهمية"(رقم 115، 289)، وابن حبان في "صحيحه"(15/ 490، 491 رقم 7022)، وابن الأعرابي في "المعجم"(رقم 2133)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1718 رقم 4341)، والبيهقي في "الدلائل"(3/ 298)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 86)، والإسماعيلي في "معجم الشيوخ"(2/ 668)، والأصبهاني في "الحجة"(1/ 394 رقم 232)، والبغوي في "معالم التنزيل"(2/ 131، 132)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 436)، والطبراني -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (13/ 394) - جميعهم من طريق موسى بن إبراهيم بن بشير سمعت طلحة بن خراش؛ قال: سمعت جابراً به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ موسى بن إبراهيم هذا؛ روى عنه جمع، ووثقه ابن حبان، وقال:"وكان ممن يخطئ"؛ وقال الذهبي: "مدني صالح"، ولخصه الحافظ بقوله:"صدوق يخطئ"؛ كما في "الثقات"(7/ 449)، و"الميزان"(4/ 199)، و"التهذيب"(10/ 333)، و"التقريب"(2/ 280).

وطلحة هذا؛ صدوق؛ قال النسائي: "صالح"، ووثقه ابن حبان وابن عبد البر، وقال الحافظ:"صدوق"؛ كما في "التهذيب"(1/ 378)، و"التقريب"(1/ 378).

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر شيئاً من هذا، ولا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم، ورواه علي بن عبد الله المديني وغير واحد من كبار أهل الحديث هكذا عن موسى بن إبراهيم".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

وحسن إسناده المنذري في "الترغيب"(2/ 191).

وحسنه شيخنا الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(3290)، و"صحيح الموارد"(1925)، و"صحيح الترغيب"(1361).

أما رواية ابن عقيل التي ذكرها الترمذي؛ فأخرجهما أحمد (3/ 361)، =

ص: 327

• عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لما قتل حمزةُ وأصحابهُ يوم أُحد؛ قالوا: يا ليت لنا من يخبر إخواننا بالذي صرنا إليه من كرامة الله، قال: فأوحى ربهم -جل ثناؤه- إليهم أني رسولكم إلى إخوانكم بما أحببتم، قال: فأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}

(2)

. [صحيح]

= والحميدي (رقم 1265)، وسعيد بن منصور في "سننه"(رقم 2550)، و"التفسير"(3/ 1107 رقم 540 - ط تكملة)، وأبو يعلى (4/ 6 رقم 2002)، وابن أبي الدنيا في "المتمنين"(رقم 2)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1719 رقم 4343) من طرق عن سفيان بن عيينة عن محمد بن علي بن ربيعة السلمي عن ابن عقيل عن جابر نحوه مختصراً، وليس فيه ذكر سبب النزول.

قلنا: وسنده حسن؛ للخلاف المعروف في ابن عقيل.

وله طرق أخرى فيها ضعف استغنينا عن ذكرها؛ لوجود ما يغني عنها.

(تنبيه): وقع في سند ابن أبي الدنيا خطأ قبيح يصحح مما هو موجود هنا.

(1)

أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(2/ 515، 516 رقم 196)، والطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 418 رقم 735) من طريق بقية بن الوليد ثني عتبه بن أبي حكيم ثني طلحة بن نافع أخبرني أنس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على عتبة بن أبي حكيم وهو ضعيف، ولخصه الحافظ بقوله:"صدوق يخطئ كثيراً"، وأما ما يخشى من تدليس بقية؛ فقد صرح بالتحديث في جميع طبقات السند.

(2)

أخرجه الحاكم (2/ 387) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وهو كما قالا.

ص: 328

• عن أنس رضي الله عنه: في أصحاب رسول الله الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل بئر معونة، قال: لا أدري أربعين أو سبعين، قال: وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج أولئك النفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتوا غاراً مشرفاً على الماء قعدوا فيه، ثم قال بعضهم لبعض: أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذه الماء، فقال -أراه أبو ملحان الأنصاري-: أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج حتى أتى حياً منهم فاحتبى أمام البيوت، ثم قال: يا أهل بئر معونة! إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، فآمنوا بالله ورسوله، فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح، فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر؛ فقال: الله أكبر! فزت ورب الكعبة، فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه، فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل.

قال: قال إسحاق: حدثني أنس بن مالك: أن الله -تعالى- أنزل فيهم قرآناً رفع بعد ما قرأناه زماناً، وأنزل الله:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}

(1)

. [صحيح]

• عن الضحاك؛ قال: لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوا ربهم، فأكرمهم؛ فأصابوا الحياة والشهادة والرزق الطيب، قالوا: يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلغهم أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، فقال الله تبارك وتعالى: أنا رسولكم إلى نبيكم وإخوانكم؛ فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} إلى قوله: {وَلَا هُمْ

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(4/ 115): ثني محمد بن مرزوق الباهلي: ثنا عمر بق يونس: ثنا عكرمة بن عمار ثنا إسحاق بن أبي طلحة ثني أنس به.

قلنا: وسنده صحيح رجاله رجال مسلم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 372)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 329

يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 170]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي الضحى -في هذه الآية- قال: نزلت في قتلى أحد: حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وعبد الله بن جحش، وشماس بن عثمان، وهؤلاء الأربعة من المهاجرين، ومن الأنصار ستة وستون رجلاً نزل فيهم:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}

(2)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير في قوله -تعالى-: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} ؛ قال: لما أصيب حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وغيرهما في أحد، ورأوا ما رزقوا من الخير؛ قالوا: ليت إخواننا علموا ما أصبنا من الخير؛ كي يزدادوا رغبة في الجهاد؛ فقال الله -تعالى-: أنا أبلغهم عنكم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 115) من طريق جويبر عن الضحاك به.

قلنا: وسنده واهٍ بمرة، جوبير ذا ضعيف جداً، وهو مع ذلك معضل.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1103 رقم 538)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 785) عن أبي الوليد الطيالسي كلاهما (سعيد وأبو الوليد) عن أبي الأحوص، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 812 رقم 4489) من طريق إسرائيل، والفريابي في "تفسيره"، كما في "العجاب"(2/ 785) عن قيس بن الربيع ثلاثتهم عن سعيد بن مسروق عن أبي الضحى به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(3)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 784) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 86) -، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 321، 322)، والطبراني في "الكبير"(3/ رقم 2946) من طريق سالم الأفطس عنه.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 329): "رواه الطبراني، ورجاله ثقات؛ إلا أنه مرسل".

ص: 330

• عن قتادة: ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب رسول الله قالوا: يا ليتنا نعلم ما فعله إخواننا الذين قُتلوا يوم أُحد؛ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك القرآن: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} .

كنا نحدث: أن أرواح الشهداء تعارف في طير بيض؛ تأكل من ثمار الجنة، وأن مساكنهم السدرة

(1)

. [ضعيف]

{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)} .

• عن عروة بن الزبير؛ قال: قالت لي عائشة: أبواك -والله- من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح

(2)

. [صحيح]

هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: أن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة: يا ابن أُختي! كان أبواك؛ منهم: الزبير وأبو بكر، لَمّا أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون؛ خاف أن يرجعوا، قال:"من يذهب في إِثْرِهمِ؟ "؛ فانْتُدِبَ منهم سبعون رجلاً. قال: كان فيهم أبو بكر والزبير.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنها؛ قال: إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب؛ يعني: يوم أحد، بعد ما كان منه ما كان، فرجع إلى مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفاً، وقد رجع

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 114): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهو مرسل حسن الإسناد.

(تنبيه): هنالك أقوال أخرى تراها في "العجاب".

(2)

أخرجه البخاري (7/ 373 رقم 4077)، ومسلم -مختصراً- (4/ 1880، 1881).

ص: 331

وقذف الله في قلبه الرعب"، وكانت وقعة أُحد في شوال

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أنَّ معبداً الخزاعي مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم معه، لا يخفون عليه شيئاً كان بها، فقال معبد -وهو يومئذ مشرك-: يا محمد! أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولَوَدِدْنا أن الله عز وجل عافاك فيهم، ثم خَرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم بِحَمْراء الأسد، حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاءِ، وقد أجمعوا بالرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقالوا: أصبنا في أُحد أَصحابه وقادتهم وأشرافهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم؛ لَنكُرَّنَّ على بقيتهم فلنفرغنَّ منهم، فلما رأى أبو سفيان مَعْبداً؛ قال: ما وَرَاءَك يا معبد؟! قال: محمد قَدْ خَرَجَ في أصحابه يطلبكم في جَمْع لَمْ أرَ له مثله قط؛ يَتَحَرَّقُونَ عليكم تَحَرُّقاً، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط، فقال. ويلك ما تقول؟! فقال: والله ما أُرَى أن ترتحل؛ حتى ترى نَوَاصَي الخيل، قال: فوالله لقد أجمعنا على الكرَّة عليهم؛ لنستأصل بقيتهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك، فوالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتاً من شعر، فقال أبو سفيان: وماذا قلت؟ قال معبدٌ: قلتُ:

كادت تُهَدُّ من الأصوات راحلتي

إذ سَالَتِ الأرض بالجرُد الأبابيل

-ثم ذكر سائر الأبيات في جيش المسلمين- قال: فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه، ومرّ ركْبٌ مِنْ عبد القيس، فقال أبو سفيان: أين

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 117) من طريق العوفيين الضعفاء عن ابن عباس.

قلنا: سنده ضعيف جداً.

ص: 332

تريدون؟ قالوا: المدينة، قال: ولم؟ قالوا: نريد المِيرَةَ، فقال: فهل أنتم مُبلِّغونَ عني محمداً صلى الله عليه وسلم رسالة أرسلكم بها إليه، وأحمِّل على إبلكم هذه زبيباً بعُكاظ غداً إذا وافيتموها؟ قالوا: نعم، قال: فقال: فإذا جئتموه؛ فأخبروه إنَّا قَد أجْمَعنَا الرجعة إلى أصحابه؛ لنستأصلهم، فلما مرّ الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد؛ فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، وأمرهم به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه:"حسبنا الله ونعم الوكيل".

فأنزل الله عز وجل في أولئك الرهط وقولهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} إلى قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]؛ يعني: هؤلاء النفر من عبد القيس، إلى قوله:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174] لما صرف الله عنهم من لقاء عدوهم، واتبعوا رضوان الله في استجابتهم:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} [آل عمران: 175]؛ يعني: أبا سفيان وأصحابه إلى آخر الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما انصرف المشركون عن أُحد، وبلغوا الروحاء؛ قالوا: لا محمداً قتلتموه، ولا الكواعب أردفتم، وبئس ما صنعتم؛ ارجعوا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فندب الناس، فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد، وبئر أبي عتيبة؛ فأنزل الله -تعالى-:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} .

وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان؛ فرجع، وأما الشجاع؛ فأخذ أهبة القتال والتجارة

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي (3/ 45، 47 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 119)، والبيهقي في "الدلائل" (3/ 315 - 317) -.

قلنا: وهو مرسل.

ص: 333

فلم يجدوا به أحداً، وتسوقوا؛ فأنزل الله -تعالى-:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174]

(1)

. [ضعيف]

• عن أنس رضي الله عنه قال: قيل له يوم أحد: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]، فأنزل الله هذه الآية

(2)

. [شاذ]

(1)

أخرجه النسائي في "التفسير"(1/ 343، 345 رقم 103)، والطبراني في "الكبير"(11/ رقم 11632)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 437، 438) من طريق محمد بن منصور الجواز عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 121): "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ غير محمد بن منصور الجواز، وهو ثقة".

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(8/ 228 - 229): "أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه ابن عباس، ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره". اهـ.

وصححه السيوطي "في الدر المنثور"(1/ 385)!

قلنا: وهذا أدق من كلام الهيثمي، وهاك البيان؛ فقد أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(14/ 29 - ط الأعظمي)، و (3/ 1116، 1117 رقم 543 - تكملة)، وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 140) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 121) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 816 رقم 4510) من طريق محمد بن أبي عدي ومحمد بن عبد الله بن زيد المقرئ أربعتهم عن سفيان بن عيينة وهذا في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 794) عن عمرو بن دينار عن عكرمة به مرسلاً.

ولا شك أن رواية الأربعة الثقات أرجح؛ كما قال الحافظ.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 389)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 440)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 86) من طريق عبد الرحيم بن محمد بن زياد السكري نا أبو بكر بن عياش عن حميد الطويل عن أنس به.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 19) من طريق عبد الرحيم هذا بسنده بلفظ: أن رسول الله قال: "أتي إبراهيم عليه السلام يوم النار إلى النار، فلما بصر بها؛ قال: حسبنا الله ونعم الوكيل". =

ص: 334

• عن أبي رافع: أن النبي وجه علياً في نفر معه في طلب أبي سفيان، فلقيهم أعرابي من خزاعة، فقال: إن القوم قد جمعوا لكم؛ قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فنزلت فيهم هذه الآية

(1)

.

• عن أبي السائب -مولى عائشة بنت عثمان-: أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الأشهل كان شهد أُحداً، قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً أنا وأخ لي، فخرجنا جريحين، فلما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو؛ قلت لأخي -أو قال لي-: تفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل؛ فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أيسر جرحاً منه، فكنت إذا غلب؛ حملته عقبة، ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد -وهي من المدينة على ثمانية أميال- فأقام بها ثلاثاً؛ الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة؛ فنزل:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}

(2)

. [ضعيف]

= واللفظان مختلفان، والثاني هو المحفوظ؛ وهو الموافق لما رواه البخاري.

قال الحافظ في "العجاب"(2/ 796): "والمحفوظ عن أبي بكر بن عياش ما رواه البخاري [8/ 229 رقم 4563، 4564] عن شيخه أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم الآية.

وكذا أخرجه النسائي [(رقم 101 - التفسير) و (رقم 603 - عمل اليوم والليلة)].

من رواية يحيى بن أبي بكير عن أبي بكر". اهـ.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 389)، ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 117) -: ثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة به.

قلنا: من فوق ابن إسحاق لم نجد لهم ترجمة.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 387)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 335

• عن قتادة؛ قال: ذاك يوم أحد بعد القتل والجراحة، وبعد ما انصرف المشركون: أبو سفيان وأصحابه؛ قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "ألا عصابة تشدد لأمر الله فتطلب عدوها؛ فإنه أنكى للعدو وأبعد للسمع"، فانطلق عصابة على ما يعلم الله من الجهد، حتى إذا كانوا بذي الحليفة؛ جعل الأعراب والناس يأتون عليهم، فيقولون: هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} [آل عمران: 173، 174]

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: عمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان، فجعلوا يلقون المشركين ويسألونهم عن قريش، فيقولون: قد جمعوا لكم! يكيدونهم بذلك، يريدون أن يرعبوهم؛ فيقول الرسول:"حسبنا الله ونعم الوكيل"، حتى قدموا بدراً، فوجدوا أسواقها عافية؛ (أي: خالية من التجار) فلم ينازعهم فيها أحد، وقدم رجل من المشركين فسألوه عن المسلمين، فقال:

قد نفرت من رفقتي محمد

وعجوة من يثرب كالعنجد

تهوي على دين أبيها الأتلد

قد جعلت ماء قديد موعدي

وماء ضجنان لها ضحى الغد

(2)

[ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الثعالبي في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 87) - من طريق روح بن عبادة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد إلى قتادة (*).

(*) وهذا الحديث مما فات الحافظ في "العجاب"؛ فاقتضى التنبيه.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 796) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 120) -: ثني حجاج عن ابن جريج. =

ص: 336

• عن السدي؛ قال: لما ندموا -يعني: أبا سفيان وأصحابه على الرجوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه-؛ وقالوا: ارجعوا فاستأصلوهم؛ فقذف الله في قلوبهم الرعب؛ فهزمُوا، فلقوا أعرابياً فجعلوا له جعلاً، فقالوا له: إن لقيت محمداً وأصحابه؛ فأخبرهم أنا قَد جمعنا لهم؛ فأخبر الله -جل ثناؤه- رسوله صلى الله عليه وسلم، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فلقوا الأعرابي في الطريق، فأخبرهم الخبر، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، ثم رجعوا من حمراء الأسد؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم وفي الأعرابي الذي لقيهم:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} [آل عمران: 173]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي قال: انطلق أبو سفيان منصرفاً من أحد حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا وقالوا: بئسما صنعتم أنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشريد؛ تركتموهم، ارجعوا واستأصلوهم؛ فقذف الله في قلوبهم الرعب، فهزموا، فأخبر الله رسوله؛ فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، ثم رجعوا من حمراء الأسد؛ فأنزل الله -جل ثناؤه- فيهم:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن جريج؛ قال: أخبرت أن أبا سفيان بن حرب لما راح

= قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: سنيد هذا صاحب "التفسير"؛ ضعيف.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 120) من طريق أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 117) من طريق أسباط عن السدي.

قلنا: إسناده ضعيف جداً، وقد تقدم الكلام عليه.

ص: 337

هو وأصحابه يوم أحد؛ قال المسلمون للنبي صلى الله عليه وسلم: إنهم عامدون إلى المدينة؛ فقال: "إن ركبوا الخيل وتركوا الأثقال؛ فإنهم عامدون إلى المدينة، وإن جلسوا على الأثقال وتركوا الخيل؛ فقد أرعبهم الله وليسوا بعامديها"؛ فركبوا الأثقال؛ فرعبهم الله، ثم ندب ناساً يتبعونهم؛ ليروا أن بهم قوة، فاتبعوهم ليلتين أو ثلاثاً؛ فنزلت:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الحسن؛ قال: إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب؛ فمن ينتدب في طلبه؟ "؛ فقام النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتبعوهم، فبلغ أبا سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم يطلبه، فلقي عيراً من التجار، فقال: ردوا محمداً ولكم من الجمل كذا وكذا. . . وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعاً، وأني راجع إليهم.

فجاء التجار فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حسبنا الله"؛ فأنزل الله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: هذا أبو سفيان قال لمحمد: موعدك بدر حيث قتلتم أصحابنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عسى أن ننطلق"، قال: فذهب لموعده حتى نزلوا بدراً، فوافوا السوق فابتاعوا؛ فذلك قوله:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 118) -: ثني حجاج عن ابن جريج.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما بيناه قريباً.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 386).

قلنا: هو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه الفريابي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 795)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 819 رقم 4523) من طريق ورقاء، والطبري في "جامع البيان" =

ص: 338

{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)} .

• عن السدي؛ قال: حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن أمته عرضت عليه كما عرضت على آدم، قال:"فأعلمتُ بمن يؤمن بي ومن يكفر بي"، فبلغ ذلك المنافقين؛ فقالوا: يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر به! ونحن معه ولا يعلم بنا؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(1)

. [ضعيف جداً]

{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: دخل أبو بكر بيت المدراس، فوجد من اليهود أناساً كثيراً قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له: فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر يقال له: أشيع، فقال

= (2/ 120) من طريق عيسى كلاهما عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى مجاهد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 389)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(تنبيه): هنالك أسباب أخرى ذكرها الحافظ في "العجاب"، وهي واهية؛ فلتنظر.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 798) من طريق أسباط عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط هذا ضعيف.

(تنبيه): هنالك أقوالاً أخرى -معلقة- في "أسباب النزول" للواحدي (ص 88).

ص: 339

له أبو بكر: ويحك يا فنحاص! اتق الله وأسلم؛ فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول الله، جاء من عند الله بالحق، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص: والله يا أبا بكر! ما لنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير؛ ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا!! وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنياً؛ ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطينا، ولو كان غنياً عنا؛ ما أعطانا الربا! فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً، وقال: والذي نفسي بيده، لولا الذي بيننا وبينك؛ لضربت عنقك يا عدو الله! فاكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين.

فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! أبصر ما صنع بي صاحبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"ما حملك على ما صنعت؟ "، فقال: يا رسول الله! إن عدو الله قال قولاً عظيماً: يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء؛ فغضبت لله مما قال، فضربت وجهه. فقال فنحاص: ما قلت ذلك؛ فأنزل الله -تعالى- فيما قال فنحاص رداً عليه، وتصديقاً لأبي بكر:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أتت اليهود محمداً صلى الله عليه وسلم حيث أنزل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]؛ فقالوا: يا محمد! افتقر ربك يسأل عباده القرض؛ فأنزل الله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 805)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 129) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف: لجهالة شيخ ابن إسحاق، ومع ذلك حسنه الحافظ في "الفتح"(8/ 231)!

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 396)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 340

الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}

(1)

. [حسن]

• عن قتادة؛ قال: لما نزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [لبقرة: 245]؛ قالت اليهود: إنما يستقرض الفقير من الغني؛ فأنزل الله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} .

(وفي رواية: ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب)

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في اليهود؛ صك أبو بكر رضي الله عنه وجه رجل منهم، وهو الذي قال:{إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} وهو الذي قال: {يَدُ اَللهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64]. قال شبل: بلغني أنه فنحاص اليهودي.

(3)

[ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: لما نزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]؛ قال: عجبت اليهود، فقالت: إن الله فقير يستقرض؛

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 460 رقم 2429) من طريق الدشتكي عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده حسن.

ورواه ابن جرير في "جامع البيان"(4/ 129)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 396) من طريق محمد هذا عن عكرمة به مرسلاً.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 141) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 130) -، وابن المنذر؛ كما في "العجاب"(2/ 807) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى قتادة.

(3)

أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 807)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 89)، وابن جرير في "جامع البيان"(4/ 129، 130، 130) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: إسناده صحيح إلى مجاهد؛ لكنه مرسل.

ص: 341

فنزلت: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)}

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: قال مولى ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر إلى فنحاص اليهودي (يستمده)، ونهى أبا بكر أن يفتات بشيء حتى يرجع، فلما قرأ فنحاص الكتاب؛ قال: قد احتاج ربكم؛ فسنفعل، سنمده. قال أبو بكر: فهممت أن أمده بالسيف وهو متوحشه، ثم ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ} إلى قوله: {أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] في يهود بني قينقاع

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي؛ قال: في قوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ؛ قال: فنحاص اليهودي من بني مرثد، لقيه أبو بكر فكلمه، فقال له: يا فنحاص! اتق الله، وآمن وصدق، وأقرض الله قرضاً حسناً؛ فقال فنحاص: يا أبا بكر! تزعم أن ربنا فقير يستقرضنا أموالنا، وما يستقرض إلا الفقير من الغني إن كان ما تقول حقاً؛ فإن الله إذاً لفقير؛ فأنزل الله هذا. فقال أبو بكر: فلولا كانت هدنة كانت بين النبي وبين بثي مرثد؛ لقتلته.

(3)

[ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 130) من طريق عطاء عن الحسن به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه ابن المنذر؛ كما في "العجاب"(2/ 806) من طريق محمد بن ثور عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: ابن جريج مدلس، وقد عنعن.

الثانية: جهالة هذا المولى.

الثالثة: الإرسال.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 130) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي. =

ص: 342

{الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)} .

• عن العلاء بن بدر؛ قال: كانت رسل تجيء بالبينات، ورسل علامة نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجئ نار من السماء؛ فتأكله؛ فأنزل الله:{قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن الضحاك؛ قالوا: يا محمد! إن أتيتنا بقربان تأكله النار؛ صدقناك، وإلا؛ فلست بنبي؛ فنزلت

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن الكلبي؛ قال: نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن التابوت وفنحاص بن عازورا وحيي بن أخطب، قالوا: يا محمد! إنك تزعم أن الله بعثك إلينا رسولاً، وأنزل عليك كتاباً، وإن الله أنزل علينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله؛ حتى يأتينا بقربان تأكله النار، فإن جئتنا به؛ صدقناك؛ فنزلت.

(3)

[موضوع]

= قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان.

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط؛ ضعيف.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 831 رقم 4600) من طريق أبي يزيد النعمان بن قيس المرادي عن العلاء به.

قلنا: وهذا معضل.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 831 رقم 4601)، وابن المنذر؛ كما في "العجاب"(2/ 808)، و"الدر المنثور"(2/ 398).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ جويبر هذا متروك، وهو معضل.

(3)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 809).

قلنا: والكلبي كذاب.

ص: 343

{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)} .

• عن أسامة بن زيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه؛ يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غَشِيَتِ المجلسَ عجاجةُ الدابة؛ خمَّرَ عبدُ الله بن أُبيّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، ثم وقف؛ فنزل، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أُبي بن سلول: أيها المرء! إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقاً، فلا تؤذينا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك؛ فمن جاءك؛ فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله! فاغشنا في مجلسنا؛ فإنا نحب ذلك؛ فاستب المسلمون والمشركون واليهود؛ حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته؛ فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا سعد! ألم تسمع ما قال أبو حباب -يريد: عبد الله بن أبي- قال: كذا وكذا"، قال سعد بن عبادة: يا رسول الله! اعف عنه واصفح عنه؛ فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذى أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه، فيعصبونه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله؛ شَرِقَ بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصطبرون على الأذى، قال الله عز وجل:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} ، وقال الله:

ص: 344

{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إلى آخر الآية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما أمره الله به؛ حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً فقتل الله به صناديد كفار قريش؛ قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإِسلام، فأسلموا

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان من أحد الثلاثة الذين تيب عليهم-: أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وأهلها أخلاط؛ منهم المسلمون، ومنهم المشركون، ومنهم اليهود. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستصلحهم، فكان المشركون واليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى؛ فأمر الله -تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على ذلك وفيهم أنزلَ اللهُ:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية

(2)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس؛ قال: نزل في أبي بكر وما بلغه من ذلك من الغضب: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 230، 231 رقم 4566).

(2)

أخرجه الذهلي في "الزهريات"؛ كما في "العجاب"(2/ 810) -ومن طريقه أبو داود (3000)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 89 - 90) و"الوسيط"(1/ 530)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 198) -، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 196) من طريق الحكم بن نافع، عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني عبد الرحمن به.

قلنا: وسنده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 401)، وزاد نسبته لابن المنذر.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 142، 143) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 134)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 834 رقم 4619) -: نا معمر عن الزهري به، لم يذكر من فوق الزهري.

ص: 345

أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وسلم وفي أبي بكر -رضوان الله عليه- وفي فنحاص اليهودي سيد بني قينقاع

(2)

. [ضعيف جداً]

{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)} .

• عن أبي سعيد الخدري: أن رجالاً من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو؛ تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا؛ فنزلت:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ}

(3)

. [صحيح]

• عن رافع بن خَدِيجٍ؛ أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مروان -وهو أمير المدينة يومئذ-، فقال مروان لرافع: في أي شيء أنزلت هذه الآية: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} ؟ فقال رافع: أُنزلت في أُناس من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في سفر؛ تخلفوا عنه، فأنكر مروان ذلك؛ وقال: ما هذا؟! فجزع رافع، وقال لزيد بن ثابت:

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 834 رقم 4617) -: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 133 - 134) -: ثني حجاج عن ابن جريج؛ قال: قال عكرمة.

قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: الانقطاع بين ابن جريج وعكرمة.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف لا يحتج به.

(3)

أخرجه البخاري (8/ 233 رقم 4567)، ومسلم (4/ 2142 رقم 2777).

ص: 346

أُنشدك باللهِ! هل تعلم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال زيد: نعم فخرجا من عند مروان، فقال زيد لرافع -وهو يمزح معه-: أما تحمدني؛ لما شهدت لك؟! فقال رافع: وأي شيء هذا؟ أَحمدُكَ على أَن تشهد بالحق، قال زيد: نعم، قد حمد الله على الحق أهله

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن علقمة بن وقاص الليثي: أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع! إلى ابن عباس، فقل: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يعمل معذباً؛ لنعذبن أجمعون!

فقال ابن عباس: وما لكم ولهذه؟ إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود فسألهم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم. ثم قرأ ابن عباس:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187] كذلك حتى قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}

(2)

. [صحيح]

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن يهود خيبر أتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ فزعموا: أنهم رضوا بالذي جاء به، وأنهم متابعوه متمسكون بضلالتهم، وأرادوا أن يحمدهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بما لم يفعلوا؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَا

(1)

أخرجه ابن مردويه والثعلبي؛ كما في "العجاب"(2/ 812) من طريق عبد العزيز بن يحيى المدني عن مالك عن زيد بن أسلم عنه به.

قال الحافظ: "عبد العزيز بن يحيى؛ ضعيف جداً".

قلنا: وهو كما قال.

(2)

أخرجه البخاري (8/ 233، 4568)، ومسلم (4/ 2143، 2778).

قال الحافظ في "العجاب"(2/ 814): "ويمكن الجمع بين الحديثين بنزول الآية في حق المنافقين وفي أهل الكتاب".

وقال في "الفتح"(8/ 233): "ويمكن الجمع بأن تكون الآية نزلت في الفريقين معاً، وبهذا أجاب القرطبي [في "تفسيره" (4/ 195)] وغيره". اهـ.

ص: 347

تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن قال: هُمْ يهود خيبر قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا للناس حين خرجوا إليهم: إنا قد قبلنا الدين، فأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا

(2)

. [ضعيف]

• عن الضحاك: كتب يهود المدينة إلى يهود العراق ويهود اليمن ويهود الشام ومن بلغهم كتابهم من أهل الأرض: أن محمداً ليس بنبي، واثبتوا على دينكم، واجمعوا كلمتكم على ذلك، فاجتمعت كلمتهم على الكفر بمحمد والقرآن، وفرحوا بذلك وقالوا: الحمد لله الذي جمع كلمتنا، ولم نتفرق، ولم نترك ديننا، وقالوا: نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله. وذلك قوله -تعالى-: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 138، 139): ثنا بشر بن معاذ العقدي:

ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 815) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 144) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 139) -: نا معمر عن قتادة؛ قال: إن أهل خيبر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقالوا: إنا على رأيكم وهيئتكم وإنا لكم ود (*)؛ فأكذبهم الله وقال: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)} .

قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 840 رقم 4651) من طريق عباد بن منصور سألت الحسن به.

قلنا: وسنده ضعيف.

(*) في تفسير الطبري: "ردء".

ص: 348

من العبادة كالصوم والصلاة وغير ذلك

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة أو سعيد بن جبير: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187]؛ يعني: فنحاصاً وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، ويحبون أن يقول لهم الناس قد فعلوا

(2)

. [ضعيف]

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء، فأدخلتهم الملوك فرخصوا لهم وأعطوهم، فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من قولهم وما أعطوا؛ فأنزل الله عز وجل:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}

(3)

. [ضعيف]

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} .

• عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 815)، والطبري في "جامع البيان"(رقم 13714) من طريق جويبر عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 137) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق، ولإرساله، وعنعنته.

وأخرجه ابن إسحاق موصولاً -وهو أصح- ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 838 رقم 4640)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 137) بنحوه.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهاله شيخ ابن إسحاق.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 838 رقم 4644) من طريق زيد بن الحباب عن أفلح بن سعيد عن محمد به.

قلنا: وسنده ضعيف.

ص: 349

عائشة، فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزور، فقال: أقول يا أمه! كما قال الأول: زرغباً تزدد حباً، قال: فقالت: دعونا من بطالتكم هذه.

قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسكتت، ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي؛ قال: "يا عائشة! ذريني أتعبدُّ لربي"، قلت: والله؛ إني لأحب قربك، وأحب ما يسرك. قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي؛ حتى بل حجره. قالت: وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم؛ حتى بل لحيته. قالت: ثم بكى؛ حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي؛ قال: يا رسول الله! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً؟ لقد نزلت عليَّ الليلة آيةٌ؛ ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} " الآية كلها

(1)

. [حسن]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: انطلقت قريش إلى اليهود فسألوهم ما أتى به موسى من الآيات؟ فذكروا عصاه ويده، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى؟ فقالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

أخرجه ابنُ حبّان في "صحيحه"(رقم 523 - موارد)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" (ص 200 رقم 561) من طريق يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي: نا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء به.

قال شيخنا العلامة الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(1/ 147 رقم 68): "وهذا إسناد جيد؛ رجاله كلهم ثقات؛ غير يحيى بن زكريا؛ قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2 رقم 145): "سألت أبي عنه؟ قال: ليس به بأس، هو صالح الحديث"". اهـ.

قلنا: وهو كما قال، وله طريق أخرى عند أبي الشيخ (رقم 537) بنحوه؛ لكن فيه أبا جناب الكلبي، قال في "التقريب":"ضعفوه؛ لكثرة تدليسه". اهـ.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 409) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في "التفكر"، وابن المنذر، وابن مردويه، والأصبهاني في "الترغيب"، وابن عساكر.

ص: 350

فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)} .

• عن أُمِّ سَلَمةَ؛ قالت: يا رسول الله! لا أسمع الله عز وجل ذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فأنزل الله هذه الآية، قال: قالت الأنصار: هي أول ظعينة قدمت علينا

(2)

. [صحيح لغيره]

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 816، 817) عن الحسن بن موسى عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 841 رقم 4655)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 10 رقم 12322)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 92)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 450) جميعهم من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد عن ابن عباس به موصولاً.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 329): "وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف".

وفي "التقريب"(2/ 352): "حافظ؛ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث".

قال الحافظ في "العجاب"(2/ 817): "والمرسل أصح".

قلنا: وهو كما قال، ولعل الوهم في رفعه وإرساله من جعفر القمي؛ فإنه وصف بالوهم؛ فقد قال الحافظ:"صدوق يهم"، وقال ابن منده:"ليس بالقوي في سعيد بن جبير".

وبالجملة؛ فالمرسل أصح؛ لكنه ضعيف.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1136 رقم 552 - تكملة) -ومن طريقه =

ص: 351

{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)} .

• عن أنس؛ قال: لما جاء نعي النجاشي؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا عليه"، قالوا: يا رسول الله! نصلي على عبد حبشي؟ فأنزل الله عز وجل: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ}

(1)

. [صحيح]

= البيهقي في "المعرفة"(6/ 500 رقم 5307) -، وعبد الرزاق (1/ 1/ 144) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 143) -، والشافعي في "سنن حرملة"؛ كما في "المعرفة"(6/ 500)، والحميدي (1/ 144 رقم 301)، والترمذي (5/ 237 رقم 3023)، والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ رقم 651)، وأبو يعلى في "مسنده"(12/ 391، 392 رقم 6958)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 143، 144)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 300)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 93)، والقاضي وكيع في "أخبار القضاة"(1/ 149) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سلمة رجل من ولد أم سلمة عن أم سلمة.

قال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

قلنا: لم يخرج الشيخان لسلمة هذا شيئاً، ولكنه صدوق؛ فقد روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان في "الثقات"(6/ 399)، وهو من التابعين، وقد توبع كما سيأتي -إن شاء الله- في سورة النساء.

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(1/ 356 رقم 108)، والطبراني في "الأوسط"(5/ 223 رقم 5147) - ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(6/ 63 رقم 2039) -، والبزار (1/ 392 رقم 832 - كشف)، والدارقطني في "الأفراد"(ق 73/ ب) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(6/ 61، 62 رقم 2037) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 453)، و"العجاب"(2/ 820) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(6/ 62، 63 رقم 2038) -، والواحدي في "أسباب =

ص: 352

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= النزول" (ص 93، 94)، و"الوسيط" (1/ 536) من طريق أبي بكر بن عياش ومعتمر بن سليمان وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثلاثتهم عن حميد عن أنس به.

قلنا: وسنده صحيح.

قال الدارقطني: "تفرد به معتمر! ولا نعلم رواه عنه غير أبي هاني أحمد بن بكار".

ورده الحافظ في "العجاب"(2/ 820) بقوله: "كذا قال! وقد أخرجه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن حميد".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حميد إلا أبا بكر بن عياش ومعتمر بن سليمان!! ".

قلنا: وكلامه متعقب بأن البزار أخرجه من طريق ابن ثوبان عن حميد به.

وأما ما يخشى من تدليس حميد؛ فإن ما لم يسمعه من أنس سمعه من ثابت البناني -وهو ثقة من رجال مسلم- ولا تضر عندئذ عنعنته؛ نص على ذلك جمع من أهل العلم؛ كما في "تهذيب الكمال"(7/ 359 - 363)، و"التهذيب"(3/ 31 - 40)، و"جامع التحصيل"(رقم 201).

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 38): "رواه البزار، والطبراني في "الأوسط"؛ ورجال الطبراني ثقات". اهـ.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 846 رقم 4682)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(2/ 120 رقم 2667)، وابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 453)، و"العجاب"(2/ 820) جميعهم من طريق مؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به.

قال الطبراني: "لم يروه عن حماد إلا مؤمل".

وقال الحافظ في "العجاب"(2/ 820): "وهو من رواية مؤمل بن إسماعيل عن حماد، وفيه لين".

قلنا: وفي "التقريب"(2/ 290): "صدوق سيئ الحفظ".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 415) وزاد نسبته لابن المنذر.

وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" عن سليمان بن حرب، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 846 رقم 4683) عن أبيه عن ابن عائشة كلاهما عن =

ص: 353

• عن أبي سعيد الخدري؛ قال: لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفاة النجاشي؛ قال: "اخرجوا فصلوا على أخ لكم لم تروه قط"، فخرجنا وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وصفّنا خلفه، فصلَّى وصلينا، فلما انصرفنا؛ قال المنافقون: انظروا إلى هذا، خرج يصلي على علج نصراني لم يره قط؛ فأنزل الله:{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: نزل بالنجاشي عدو من

= حماد بن سلمة عن ثابت، وأخرجه النسائي في "تفسيره"(1/ 359 رقم 109) من طريق حميد الطويل؛ كلاهما (ثابت وحميد) عن الحسن البصري به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد، وما قبله يغني عنه.

(1)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(5/ 51 رقم 4645) من طريق أبي أسلم محمد بن مخلد الرعيني نا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: أبو أسلم هذا؛ قال عنه ابن عدي: "حدث بالأباطيل"، وقال -أيضاً-:"منكر الحديث عن كل من روى عنه"، وقال الدارقطني في "غرائب مالك":"متروك الحديث"؛ كما في "الكامل"(6/ 2260)، و"الميزان"(4/ 32)، و"اللسان"(5/ 375).

الثانية: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 39)، وقال:"رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد (*) وهو ضعيف".

وأخرجه الطبراني؛ كما في "العجاب"(2/ 821) من طريق فطر بن خليفه عن عطية عن أبي سعيد به نحوه.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه عطية العوفي؛ مدلس، وتدليسه أقبح تدليس فربما دلسه عن الكلبي الكذاب.

(*) هكذا في المطبوع، والصواب: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

ص: 354

أرضهم، فجاءه المهاجرون؛ فقالوا: إنا نحب أن نخرج إليهم حتى نقاتل معك، وترى جرأتنا، ونجزيك بما صنعت معنا، فقال: لا؛ دواء بنصرة الله خير من دواء بنصرة الناس، قال: وفيه نزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن وحشي بن حرب؛ قال: لما مات النجاشي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أخاكم النجاشي؛ قد مات، قوموا فصلوا عليه"، فقال رجل: يا رسول الله! كيف نصلي عليه وقد مات في كفره؟ قال: "ألا تسمعون قول الله عز وجل: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} إلى آخر الآية"

(2)

. [ضعيف]

• عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اخرجوا فصلوا على أخ لكم"؛ فصلى بنا، فكبر أربع تكبيرات، فقال:"هذا النجاشي أصحمة"، فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط؛ فأنزل الله: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 300) من طريق ابن المبارك ثنا مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: ليس كما قالا؛ لأن مصعباً هذا لين الحديث؛ كما في "الميزان"(4/ 188، 189)، و"التقريب"(2/ 251).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (22/ رقم 361) من طريق وحشي بن حرب بن وحشي ابن حرب عن أبيه عن جده.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 39): "رواه الطبراني، وفيه سلمان بن أبي داود الحراني، وهو ضعيف".

قلنا: وحرب بن وحشي وأبوه؛ مقبولان عند المتابعة، وإلا؛ فضعيفان.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 146)، وابن عدي في "الكامل" =

ص: 355

• عن قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه"، قالوا: يصلى على رجل ليس بمسلم! قال: فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} . قال قتادة: فقالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة؛ فأنزل الله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]

(1)

. [ضعيف]

= (3/ 1171) من طريق أبي بكر الهذلي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن جابر.

قلنا: فيه أبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث، بل كذبه بعضهم؛ كما في "الميزان"(4/ 497)، و"الكامل"(3/ 1167، 1172)، و"التقريب"(2/ 401).

قال الحافظ في "الكافي الشاف"(37/ 308): "وهو ضعيف".

ونقله عنه المناوي في "الفتح السماوي"(1/ 450).

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 146): ثنا محمد بن بشار ثنا معاذ بن هشام الدستوائي ثنا أبي عن قتادة به.

قلنا: وسنده صحيح، رجاله رجال الصحيح؛ لكنه مرسل.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 144) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"-: نا معمر عن قتادة بلفظ: نزلت في النجاشي وأصحابه ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم.

قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وأخرجه الطبري من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: وصدقوا به، قال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم استغفر للنجاشي وصلى عليه حين بلغه موته، وقال لأصحابه:"صلوا على أخ لكم قد مات بغير بلادكم"، فقال أناسٌ من أهل النفاق: يصلي على رجل مات ليس من أهل دينه؛ فأنزل الله هذه الآية: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)} .

وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 821) من طريق شيبان عن قتادة نحوه.

وهو ثابت صحيح إلى قتادة؛ لكنه مرسل.

ص: 356

• عن مجاهد: نزلت هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: نزلت في عبد الله بن سلام ومن معه

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحوه

(3)

. [ضعيف جداً]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)} .

• عن داود بن صالح؛ قال: قال لي أبو سلمة بن عبد الرحمن: يا ابن أخي! هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ؟ قال: قلت: يا ابن أخي! إنه لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه، ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة

(4)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 146، 147)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 846 رقم 4684) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 822) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 146) -: ثني حجاج عن ابن جريج.

قلنا: وهو ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف سُنيد كما تقدم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 416)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 146): ثني يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عنه به.

وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: عبد الرحمن متروك.

(4)

أخرجه ابن المبارك في الزهد (1/ 363 رقم 389 - ط جديدة) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان"(4/ 148) -، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 94)، =

ص: 357

= والحاكم (*) في "المستدرك"(2/ 301) -وعنه البيهقي في "الشعب"(6/ 182 رقم 2638 - هنديه) -: عن مصعب بن ثابت ثني داود به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: مصعب بن ثابت؛ ضعيف.

وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 454) من طريق علي بن زيد الكوفي: أنبأ ابن أبي كريمة عن محمد بن يزيد عن أبي سلمة قال: أقبل عليّ أبو هريرة يوماً، فقال: أتدري يا ابن أخي! فيم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ؟ قلت: لا، قال: أما إنه لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابطون فيه، ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد، ويصلون الصلاة في مواقيتها، ثم يذكرون الله فيها؛ فعليهم أنزلت:{اصْبِرُوا} ؛ أي: على الصلوات الخمس، {وَصَابِرُوا} أنفسكم وهواكم، {وَرَابِطُواْ} في مساجدكم، {وَاتَّقُوا اللَّهَ} فيما عليكم، {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .

قلنا: إسناده ضعيف جداً؛ لأن ابن أبي كريمة وهو محمد؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(4/ 22): "لا يكاد يعرف"، والراوي عنه وشيخه لم نجد لهما ترجمة.

(*) أخرجه الحاكم عن أبي سلمة عن أبي هريرة موصولاً؛ فلعله وهم أو مقحم في النسخة، والله أعلم.

ص: 358

كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم؛ طلب ماله، فمنعه عمه؛ فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} ؛ يعني: الأوصياء، يقول: اعطوا اليتامى أموالهم: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} يقول: لا تتبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم، يقول: لا تبذروا أموالكم: الحلال، وتأكلوا أموالهم: الحرام

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} ؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء، ولا يرثون الصغار، يأخذه الأكبر، وقرأ:{وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قال: إذا لم يكن لهم شيء: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} [النساء: 127] لا يورثوهم، قال: فنصيبه من الميراث طيب، وهذا الذي أخذه خبيث

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)} .

• عن سعيد بن جبير؛ قال: بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم والناس في أمر الجاهلية؛ إلا أن يؤمروا بشيء وينهوا عنه، فكانوا يسألون عن اليتامى، ولم يكن للنساء عدد ولا ذِكْر؛ فأنزل الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 854 رقم 4728، ص 855 رقم 4735) من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن لهيعة؛ ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 153): ثنا يونس بن عبد الأعلى: ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك.

ص: 359

تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، وكان الرجل يتزوج ما يشاء، فقال: كما تخافون ألا تقسطوا في اليتامى، فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: كان الرجل من قريش يكون عنده النسوة ويكون عنده الأيتام، فيذهب ماله؛ فيميل على الأيتام؛ فنزلت هذه الآية:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1143 رقم 554 - تكملة) -ومن طريقه ابن المنذر-: ثنا حماد بن زيد، وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 825) عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 859 رقم 4757) من طريق أحمد بن عبدة، والطبري في "جامع البيان"(4/ 157) من طريق عارم كلاهما عن حماد بن زيد، وعبد الرزاق في "تفسيره" -مختصراً- (1/ 1/ 145، 146) -ومن طريقه الطبري (4/ 157) -: نا معمر، والطبري (4/ 157) من طريق حماد بن سلمة، و (4/ 156) من طريق ابن علية أربعتهم عن أيوب عن سعيد به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(4/ 359): ثنا غندر، والطبري في "جامع البيان" (4/ 156): ثنا محمد بن جعفر: ثنا غندر عن شعبة عن سماك بن حرب عن عكرمة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، أما ما يخشى من الاضطراب الحاصل من رواية سماك عن عكرمة؛ فالراوي عنه شعبة وهو ممن لا يروي عن مشايخه إلا مسموعاتهم ويتقي سواها؛ كما نص على ذلك الدارقطني وابن حجر وغيرهما.

ورواه ابن جرير وابن المنذر؛ كما في "العجاب"(2/ 826) من طريق أبي الأحوص عن سماك عن عكرمة بلفظ: كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر، فيقول الآخر: ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان؟! فيأخذ مال اليتيم؛ فيتزوج به؛ فنهوا أن يتزوج الرجل فوق الأربع.

قلنا: إسناده صحيح إلى عكرمة؛ لكنه مرسل.

ص: 360

• عن قتادة في قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} حتى بلغ {أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} يقول: كما خفتم الجور في اليتامى وهمّكم ذلك؛ فكذلك فخافوا في جمع النساء، وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العشر فما دون ذلك؛ فأحل الله -جل ثناؤه- أربعاً، ثم صيرهن إلى أربع

(1)

. [ضعيف]

• عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً كانت له يتيمة؛ فنكحها، وكان له عذق وكان يمسكها عليه، ولم يكن لها من نفسه شيء؛ فنزلت فيه:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} أحسبه قال: كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله

(2)

. [صحيح]

• عن عروة بن الزبير؛ أنه سأل عائشة عن قوله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} ؛ فقالت: يا ابن أختي! هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها؛ فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا لهن أعلى سنتهن من الصداق

(3)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى، ويترخصون في النساء؛ فيتزوجون ما شاؤا؛ فربما عدلوا، وربما

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 827) من طريق شيبان، والطبري في "جامع البيان"(4/ 156، 157) من طريق سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 238 رقم 4573، 265 رقم 4600)، ومسلم في "صحيحه"(4/ 2314، 2315 رقم 7، 8، 9).

وأخرجاه بلفظ أتم منه.

(3)

أخرجه البخاري (5/ 133 رقم 2494، 8/ 239 رقم 4574، 9/ 136، 137 رقم 5092)، ومسلم (4/ 2313، 2314 رقم 3018).

ص: 361

لم يعدلوا، فلما سألوا عن اليتامى؛ نزلت:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] بدل {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} ؛ فكذلك خافوا في النساء أن لا تعولوهن فلا تزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن؛ لأن النساء كاليتامى في الصغر والعجز

(1)

. [حسن]

{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)} .

• عن أبي صالح؛ قال: كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها؛ فنهاهم الله عن ذلك، ونزلت هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(ج 2/ ق 105/ أ): ثنا أبي ثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 157) من طريق أبي صالح.

قلنا: وسنده حسن؛ وهاك البيان:

أمّا ما يخشى من ضعف عبد الله بن صالح أبي صالح؛ فقد قال الحافظ في "هدي الساري"(ص 414): "ظاهر كلام الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيماً، ثم طرأ عليه فيه تخليط؛ فمقتضى ذلك: أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق؛ كيحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم؛ فهو من صحيح حديثه، وما يجئ من رواية الشيوخ عنه؛ فيتوقف فيه". اهـ.

وهذا من رواية أبي حاتم عنه وهي صحيحة.

ومعاوية بن صالح صدوق له أوهام.

وعليٌّ؛ صدوق، قال الحافظ في "العجاب" (1/ 207):"وعليٌّ صدوق لم يلق ابن عباس؛ لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه؛ فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة"؛ فالحاصل أن السند جيد يحتج به، والله أعلم.

(2)

أخرجه سعيد منصور في "سننه"(3/ 1147 رقم 559) -ومن طريقه ابن المنذر في "تفسيره"-، وابن جرير في "جامع البيان"(4/ 162)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 680/ 4765 و 862/ 4775)، وعبد بن حميد في تفسيره؛ كما في "العجاب"(2/ 829) من طريق هشيم نا سيار عن أبي صالح.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 362

• عن حضرمي: أن أُناساً كانوا يعطي هذا الرجل أخته ويأخذ أخت الرجل ولا يأخذون كثير مهر؛ فقال الله: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)}

(1)

. [ضعيف]

{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)} .

• عن حضرمي؛ قال: إن رجلاً عمد فدفع ماله إلى امرأته، فوضعته في غير الحق؛ فقال الله:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)}

(2)

. [ضعيف]

{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: نزلت في مال (وفي رواية: والي مال) اليتيم إذا كان فقيراً أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف

(3)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ليس لي مال، ولي يتيم؟ فقال: "كُلْ من مال يتيمك؛ غير مسرف، ولا مبذر، ولا متأثل مالاً من غير أن تقي أو تفدى

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 162): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه؛ قال: زعم حضرمي.

قلنا: وهو ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 165) بالسند السابق نفسه.

قلنا: وهو ضعيف.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(4/ 406 رقم 2212، 8/ 241 رقم 4575)، ومسلم في "صحيحه"(4/ 2315 رقم 3019).

ص: 363

مالك بماله"

(1)

. [صحيح]

• عن الحسن العُرني: أن رجلاً قال: يا رسول الله! مم أضرب يتيمي؟ قال: "مما كنت ضارباً منه ولدك"، قال: فأصيب ماله؟ قال: "غير متأثل مالاً، ولا واق مالك بماله"

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أحمد (2/ 186، 215، 216)، وأبو داود (3/ 115 رقم 2872) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(6/ 284)، والبغوي في "شرح السنة"(8/ 305 رقم 2205) -، والنسائي في "المجتبى"(6/ 256)، و"الكبرى"(4/ 113 رقم 6495)، وابن ماجه (2/ 907 رقم 2718)، وابن الجارود (3/ 218، 219 رقم 952)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 868 رقم 4824)، وابن خزيمة؛ كما في "الفتح"(8/ 241)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 91) من طريق حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.

قلنا: وهذا سند حسن، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود.

وقال الحافظ في "الفتح"(8/ 241): "وإسناده قوي"، وقال في "العجاب" (2/ 833):"ورجاله إلى عمرو رجال الصحيح".

وقال شيخنا في "صحيح أبي داود": "حسن صحيح".

قلنا: وهو كما قال، ويشهد له ما بعده.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1159 رقم 572)، وابن المبارك في "البر والصلة"(رقم 209)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في العجاب" (2/ 832)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 48)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 379، 380 رقم 1411)، وابن جرير في "جامع البيان" (4/ 174)، وأبو عبيد في "غريب الحديث" (1/ 191، 192)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 91)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 4) من طرق عن سفيان بن عيينة وحماد بن زيد وأيوب السختياني عن عمرو بن دينار عن الحسن العرُني به.

وقال البيهقي: "وهذا مرسل".

وخالفهم صالح بن رستم أبو عامر الخزاز -وهو صدوق كثير الخطأ-؛ فرواه عن عمرو بن دينار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(10/ 54، 55 رقم 4244 - إحسان)، والبيهقي (6/ 4)، والطبراني في "الصغير"(1/ 89)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 139) وغيرهم. =

ص: 364

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن عم ثابت بن رفاعة -وثابت يومئذٍ، يتيم في حجره- من الأنصار، أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله! إن ابن أخي يتيم في حجري، فما يحل لي من ماله؟ قال:"أن تأكل بالمعروف؛ من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتخذِ من ماله وفراً"، وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل؛ فيقوم وليه على صلاحه وسقيه؛ فيصيب من ثمرته، أو تكون له الماشية؛ فيقوم وليه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤنتها؛ فيصيب من جزازها وعوارضها ورسلها، فأما رقاب المال وأصول المال؛ فليس له أن يستهلكه

(1)

. [ضعيف]

{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الولدان الصغار حتى يدركوا، فمات رجل من الأنصار يقال له: أوس بن ثابت، وترك بنتين وابناً صغيراً، فجاء ابنا عمه -وهما عصبته-

= قال الطبراني: "لم يروه عن عمرو بن دينار عن جابر إلا أبو عامر الخزاز، ولا عنه إلا جعفر بن سليمان، تفرد به: معلي بن مهدي".

وقال ابن عدي: "لا أعرفه إلا من هذا الطريق، وهو غريب، ولا أعلم يرويه عن أبي عامر غير جعفر بن سليمان".

وقال البيهقي: "كذا رواه؟! والمحفوظ ما. . ." ثم ذكر الحديث المرسل.

(1)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(4/ 174)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 242، 243 رقم 1233) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 832) عن يونس بن محمد عن شيبان كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وقال الحافظ في "الإصابة"(1/ 192): "هذا مرسل رجاله ثقات".

وقال أبو نعيم: "له ذكر في حديث أرسله قتادة".

ص: 365

فأخذا ميراثه، فقالت امرأته لهما: تزوجا ابنتيه -وكان بها دمامة-؛ فأبيا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! توفي أوس وترك ابناً صغيراً وابنتين، فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه، فقلت لهما: تزوجا ابنتيه؛ فأبيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أدري ما أقول؟ وما جاءني من الله عز وجل في هذا شيء"؛ فأنزل الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} ؛ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد وعرفطة، فقال:"لا تحركا من الميراث شيئاً؛ فإنه قد أنزل الله عز وجل عليَّ شيئاً، وأخبرت فيه أن للذكر والأنثى نصيباً"، ثم نزل بعد على النبي صلى الله عليه وسلم:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] فدعاهما -أيضاً-، وقال:"لا تحركا في الميراث شيئاً"، ثم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 11، 12]؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالميراث، فأعطى المرأة الثُمُنَ، وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين، فلما بلغ ذلك العرب؛ جاء عُيينة بن حصن في ناس من العرب، فقالوا: يا رسول الله! ماذا بلغنا عنك؟ قال: "وما بلغكم؟ "، قالوا: بلغنا أنك ورثت الصغار الذين لم يركبوا الخيل، ولم يحرزوا الغنيمة، وورثت البنات اللاتي يذهبن بالمال إلى الأباعد، قال: فقرأ عليهم القرآن، وأمرهم بما أمر الله عز وجل به.

وفي غير هذه الرواية: أن الوارثين: قتادة وعرفطة، وأن المرأة يقال لها: أم كجة

(1)

. [موضوع]

(1)

أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"(1/ 580، 581) -: نا أبو يحيى الرازي: ثنا سهل بن عثمان: نا عبد الله بن الأجلح الكندي [عن الكلبي](*) عن أبي صالح عن ابن عباس به.

(*) سقط ذكر الكلبي من "أسد الغابة"، واستدركناه من "الإصابة"(1/ 80).

ص: 366

• عن جابر؛ قال: جاءت أم كجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن لي ابنتين قد مات أبوهما، وليس لهما شيء؛ فأنزل الله:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قال: كانوا لا يورثون النساء؛ فنزلت: {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32]

(2)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في أم كجة وبنت كجة وثعلبة وأوس بن سويد -وهم من الأنصار-، كان أحدهم زوجها، والآخر عم ولدها، فقالت: يا رسول الله! توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث، فقال عم

= وأخرجه ابن الأثير (6/ 381) من طريق آخر عن الكلبي به.

قلنا: وهذا حديث موضوع كذب؛ الكلبي وشيخه كذابان.

وذكر المُناوي في "الفتح السماوي"(2/ 462 رقم 340): أن أبا الشيخ ابن حيّان أخرجه في "كتاب الفرائض".

(1)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 836)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ 3554، 3555 رقم 8032) من طريق إبراهيم بن هراسة عن الثوري عن عبد الله بن عقيل عن جابر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ إبراهيم بن هراسة متروك الحديث؛ كما قال البخاري والنسائي وأبو حاتم، بل كذبه بعضهم؛ كما في "الجرح والتعديل"(2/ 143)، و"الكامل"(1/ 244)، و"المجروحين"(1/ 111)، و"الميزان"(1/ 72)، و"اللسان"(1/ 121، 122).

وضعفه الحافظ في "الإصابة"، و"العجاب"، وقد بين أن الإِمام أحمد رواه من حديث جابر بلفظ آخر -وهو أصح من رواية ابن هراسة- وسيأتي -إن شاء الله- تحت آية (11).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 149/1) -ومن طريقه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 836)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 176) -: نا معمر عن قتادة به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

ص: 367

ولدها: يا رسول الله! لا تركب فرساً، ولا تحمل كلّاً، ولا تنكأ عدوًا يكسب عليها ولا تكتسب؛ فنزلت:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من الغلمان، وإنما يرث من الولد من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن بن ثابت -أخو حسان الشاعر- وترك امرأة له يقال لها: أم كجة، وترك خمس جوار، فجاء الورثة، فأخذوا ماله؛ فشكت أم كجة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية الميراث:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11]

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه سُنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 176) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف.

وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 835)، و"الإصابة"(4/ 488)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 872 رقم 4844) من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج؛ قال: قال ابن عباس بنحوه.

قلنا: وهذا معضل.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 881 رقم 4894) من طريق أسباط بن نصر عن السدي.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

وأخرجه -أيضاً- (3/ 872/ 4843 و 4846 و 4847 و 873/ 4849) من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير: أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا الولدان الصغار شيئاً؛ يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال؛ فنزلت: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} إلى قوله: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ} ؛ =

ص: 368

{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض لا أعقل؛ فتوضأ وصب عليَّ من وضوئه؛ فعقلت، فقلت: يا رسول الله! لمن الميراث، إنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض

(1)

. [صحيح]

= يعني: من الميراث {نَصِيبًا} ؛ يعني: حظاً {مَّفرُوضًا} ، يعني: معلوماً.

قلنا: وسنده ضعيف.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 194، 4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309)، ومسلم في "صحيحه"(3/ 1235 رقم 1616).

وقد بين الحافظ رحمه الله الاختلاف في الألفاظ، وتكلم عليها في "الفتح"، و"العجاب"(2/ 842، 843).

وللحديث طريق أخرى عن جابر، وفيها سبب نزول آخر: أخرجها أبو داود (3/ 121 رقم 2892) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(6/ 229) -، والترمذي (4/ 414 رقم 2092)، وابن ماجه (2/ 908 رقم 2720)، والدارقطني (4/ 79)، والطحاوي في "المشكل"(3/ 321 رقم 1286)، والحاكم (4/ 333، 334)، وابن سعد في "الطبقات" (3/ 524) من طرق عن عبد الله بن عقيل عن جابر بلفظ: جاءت امرأةُ سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أُحُد شهيداً، وإن عمّهما أخذ مالهما؛ فلم يدع لهما مالاً، ولا تُنكحان إلا ولهما مال، قال:"يقضي الله في ذلك"؛ فنزلت آية الميراث، فبعث رسول صلى الله عليه وسلم إلى عمهما، فقال:"أعط ابنتى سعد الثلثين، وأعط أُمَهما الثمن، وما بقي؛ فهو لك".

قلنا: وهذا سند حسن؛ للخلاف المعروف في عبد الله. =

ص: 369

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين؛ فنسخ الله من ذلك ما أحب؛ فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع

(1)

. [صحيح]

• {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا

= وقال الترمذي: "هذا حديث صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عقيل".

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وسكت عنه الحافظ في "الفتح"(8/ 244)، وحسنه شيخنا الإِمام الألباني رحمه الله في "الإرواء"(6/ 122 رقم 1677).

قلنا: وهو كما قال رحمه الله.

ورواه بعضهم عن عبد الله به، وجعل فيه: أن هاتين البنتين هم بنتا ثابت بن قيس. أخرجه أبو داود والطحاوي والحاكم والدارقطني والبيهقي.

قال أبو داود: "أخطأ بشر -الراوي له- فيه: إنما هما ابنتا سعد بن الربيع، وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة".

وقال البيهقي: "قوله: ثابت بن قيس خطأ؛ إنما هو سعد بن الربيع".

قلنا: كلام أبي داود متعقب بأن بشراً لم يتفرد بذلك، لكن تابعه آخرون والطرق إليهم ضعيفه؛ وأما طريق أبي داود؛ فالسند إلى بشر صحيح، ولعل الوهم من عبد الله نفسه، فقد وصف بأن في حفظه لين، والله أعلم.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 244 رقم 4578).

ورواه الطبري في "جامع البيان"(4/ 185، 186)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 882 رقم 4896) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس بلفظ: لما نزلت آية الفرائض؛ قال بعضهم: يا رسول الله! أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم، وكذلك الصبي؟ وكانوا في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل، ويعطونه الأكبر فالأكبر؛ فنزلت:{فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} .

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء، ومن الغريب سكوت الحافظ عنه في "الفتح"(8/ 245)!!

ص: 370

تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} ؛ قال: كانوا إذا مات الرجل؛ كان أولياؤه أحق بامرأته: إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوّجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها؛ فنزلت هذه الآية في ذلك

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الرجل إذا مات وترك زوجه؛ ألقى عليها حميمه ثوبه؛ فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة؛ تزوجها، وإن كانت ذميمة؛ حبسها حتى تموت؛ فيرثها

(2)

. [صحيح]

• عن أبي مالك؛ قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها؛ جاء وليه، فألقى عليها ثوباً، فإن كان له ابن صغير أو أخ؛ حبسها حتى تشيب أو تموت، فيرثها، وإن هي انفلتت فأتت أهلها من قبل أن يُلقي عليها ثوباً؛ نجت؛ فنزلت

(3)

. [ضعيف]

• عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه؛ قال: لما توفي أبو قيس بن الأسلت؛ أراد ابنه أن يتزوج امرأته، وكان ذلك لهم في

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4579، 6948).

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 902 رقم 5028)، وابن جرير في "جامع البيان"(4/ 209) من طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده حسن، تقدم الكلام عليه عند آية رقم (3)، ويشهد له ما بعده.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم (3/ 902 رقم 5031)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"(2/ 847) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

ص: 371

الجاهلية؛ فأنزل الله: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: بهان الرجل إذا مات أبوه أو حميمه؛ فهو أحق بامرأته: إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى تفتدي منه بصداقها، أو تموت؛ فيذهب بمالها.

قال ابن جريج: فأخبرني عطاء بن أبي رباح: أن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل فترك امرأة؛ حبسها أهله على الصبي يكون فيهم؛ فنزلت: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه النسائي في "التفسير"(1/ 369 رقم 115)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 902 رقم 5030)، والطبري في "جامع البيان"(4/ 207)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 476) من طريق محمد بن فضيل نا يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن أبي أمامة عن أبيه [واسمه أسعد]؛ قال:(فذكره).

قال الحافظ في "الفتح"(8/ 247): "إسناد حسن".

وقال السيوطي في "اللباب"(ص 65): "حسن".

قلنا: وسنده صحيح إلى أبي أمامه، واسمه أسعد بن سهل بن حنيف؛ قال ابن حجر في "التقريب" (1/ 64):"معدود في الصحابة له رؤية، لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم"، وذكره المزي في "تهذيب الكمال"، وقال:"عن النبي مرسلاً".

وبالجملة؛ فالحديث صحيح، ومراسيل الصحابة حجة؛ فتنبه.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 208) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس به.

وعن ابن جريج: أخرني عطاء به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ علل:

الأولى: عطاء الخراساني؛ مدلس وقد عنق، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم عدم سماعه من أيِّ صحابي.

الثانية: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعن.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. وأما السند الثاني؛ فهو ضعيف؛ لإرساله وضعف سنيد.

ص: 372

• قال عكرمة: نزلت في كبيشة بنت معن بن عاصم من الأوس، توفي عنها أبو قيس بن الأسلت، فجنح عليها ابنه؛ فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله! لا أنا ورثت زوجي، ولا أنا تُركتُ فأنُكْحَ؛ فنزلت هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: أن رجالاً من أهل المدينة كان إذا مات حميم أحدهم؛ ألقى ثوبه على امرأته؛ فورث نكاحها، فلم ينكحها أحد غيره، وحبسها عنده حتى تفتدي منه بفديه؛ فأنزل الله هذه الآية

(2)

. [صحيح]

• عن الزهري؛ قال: نزلت في ناس من الأنصار، كانوا إذا مات الرجل منهم؛ فأملك الناس بامرأته وليه، فيمسكها حتى تموت فيرثها؛ فنزلت

(3)

. [ضعيف]

• عن ابن البيلماني؛ قال: نزلت هاتان الآيتان إحداهما: في أمر الجاهلية، والأخرى: في أمر الإِسلام

(4)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره ابن الأثير في "أسد الغابة" معلقاً في ترجمة أبي قيس وكبيشة.

قلنا: إسناده ضعيف، وهو من رواية ابن جريج عن عكرمة، وابن جريج لم يسمع من عكرمة، وفيه علّة أخرى؛ وهي الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 463) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 209) من طريق العوفي عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء؛ لكن تقدم في أول الآية من طريق آخر عن ابن عباس به وسنده صحيح بشواهده.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 151) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 209) -: نا معمر عن الزهري به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(4)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 152) -وعنه الطبري في "جامع البيان"(4/ 210) -، وأخرجه والطبري -أيضاً- (4/ 210) من طريق أخرى عن ابن المبارك كلاهما عن معمر: نا سماك بن الفضل عن ابن البيلماني به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: =

ص: 373

{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)} .

• عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار؛ قال: توفي أبو قيس بن الأسلت -وكان من صالحي الأنصار-، فخطب ابنه قيس امرأة أبيه، فقالت: إني أعدّك ولداً وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أستأمره، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالت: إن أبا قيس توفي، فقال لها خيراً، قالت: وإن ابنه قيساً خطبني -وهو من صالحي قومه- وإنما كنت أعده ولداً؛ فقال لها: "ارجعي إلى بيتك"؛ فنزلت: هذه الآية: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}

(1)

. [ضعيف جداً]

= الأولى: الإعضال؛ فابن البيلماني بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز.

الثانية: ابن البيلماني هذا؛ منكر الحديث؛ كما قال البخاري، والنسائي، وأبو حاتم، واتهمه ابن عدي وابن حبان، وهو متروك بالاتفاق؛ كما في:"الجرح والتعديل"(7/ رقم 1794)، و"ضعفاء النسائي"(رقم 526)، و"التهذيب"(9/ 293، 294)، "والتقريب"(2/ 182).

(1)

أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب"(2/ 851) -ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 328، 329 رقم 978) -وعنه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(6/ 2996 رقم 6965) -ومن طريقه وطريق غيره أبو موسى المديني في "الصحابة" -وعنه ابن الأثير في "أسد الغابة"(5/ 255) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 909 رقم 5073)، والحسن بن سفيان؛ كما في "العجاب"(2/ 851) -ومن طربقه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(5/ 255) - وسقط من المطبوع -من طريق قيس بن الربيع عن أشعث بن سوّار عن عدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل:

الأولى: جهالة الرجل الأنصاري.

الثانية: الانقطاع.

الثالثة: أشعث بن سوار؛ ضعيف.

الرابعة: قيس؛ ضعيف. =

ص: 374

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت -خلف على أم عبيد بنت ضمرة كانت تحت الأسلت أبيه- وفي الأسود بن خلف -وكان خلف علي بنت أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكانت عند أبيه خلف -وفي فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسد -وكانت عند أمية بن خلف فخلف عليها صفوان بن أمية- وفي منظور بن رباب -وكان خلف على مليكة ابنة خارجة وكانت عند أبيه رباب بن سيار-

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله؛ إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين؛ فأنزل الله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)}

(2)

. [صحيح]

= قال الحافظ "الإصابة"(3/ 252): "في سنده قيس بن الربيع عن أشعث وهما ضعيفان، والخبر مع ذلك منقطع".

وأخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 161) من طريق هشيم: أنبأ أشعث عن عدي بن ثابت الأنصاري؛ قال: لما مات (فذكره).

دون ذكر الرجل الأنصاري.

وهذا أصح؛ لكنه ضعيف؛ للإرسال، وضعف أشعث.

وقال البيهقي عقبه: "هذا مرسل".

(1)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(4/ 217) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: الانقطاع بين ابن جريج وعكرمة.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(4/ 217): ثني محمد بن عبد الله المخرمي ثنا قراد ثنا سفيان بن عُيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به. =

ص: 375

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان الرجل إذا توفي عن امرأته؛ كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه، أو ينكحها من شاء، فلما مات أبو قيس بن الأسلت؛ قام ابنه محصن؛ فورث نكاح امرأته، ولم ينفق عليها، ولم يورثها من المال شيئاً؛ فنزلت:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية، ونزلت:{لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19]

(1)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان إذا توفي الرجل في الجاهلية؛ عمد حميم الميت إلى امرأته؛ فألقى عليها ثوباً؛ فيرث نكاحها، فيكون هو أحق بها، فلما توفي أبو قيس بن الأسلت؛ عمد ابنه قيس إلى امرأة أبيه؛ فتزوجها، ولم يدخل بها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك؛ فأنزل الله في قيس:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} قبل التحريم، حتى ذكر تحريم الأمهات والبنات حتى ذكر قبل التحريم:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] فيما مضى قبل التحريم

(2)

. . [ضعيف]

{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} .

= قلنا: وهذا سند صحيح كالشمس، رجاله رجال البخاري.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 469)، وزاد نسبته لابن المنذر (*).

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 469)، ونسبه إلى ابن سعد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 163) من طريق إسماعيل بن قتيبة: ثنا يزيد بن صالح عن بكير بن معروف عن مقاتل به.

قلنا: وهو معضل.

(*) وهذا الحديث مما فات الحافظ في "العجاب"؛ فاقتضى التنويه.

ص: 376

• عن ابن جريج؛ قال: سألت عطاء عن قوله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} ، قال: كنا نتحدث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نكح امرأة زيد بن حارثة؛ قال المشركون في ذلك؛ فأنزل الله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}

(1)

. [ضعيف]

{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)} .

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بحث جيشاً إلى أوطاس؛ فلقوا عدواً فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيناهن من أجل أزواجهن من المشركين؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ؛ أي: فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 475) -ومن طريقه ابن المنذر؛ كما في "العجاب"(2/ 854)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 913 رقم 5096) من طريق داود بن عبد الرحمن، وسنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 223) -: ثنا حجاج، ثلاثتهم عن ابن جريج به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج: لما نكح النبي صلى الله عليه وسلم امرأة زيد بن حارثة؛ قالت قريش: نكح امرأة ابنه؛ فنزلت.

قلنا: إسناده معضل.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(2/ 1079 رقم 1456).

ص: 377

• عن رزين الجرجاني؛ قال: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} ؛ قال: لا علم لي بها. فسألت الضحاك بن مزاحم وذكرت له قول سعيد بن جبير، قال: أشهد لسمعته يسأل عنها ابن عباس؛ فقال ابن عباس: نزلت يوم خيبر، لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أصاب المسلمون من نساء أهل الكتاب لهن أزواج، فكان الرجل إذا أراد أن يأتي امرأة منهن؛ قالت: إن لي زوجاً، فَسْئلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} الآية؛ يعني: السبية من المشركين تصاب لا بأس بذلك، فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: صدق

(1)

. [منكر]

• عن سعيد بن جبير في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 90، 91 رقم 12637)، و"المعجم الأوسط"(4/ 297، 298 رقم 4251)، والسهمي في "تاريخ جرجان"(ص 212 رقم 327) من طريق يحيى بن حسان نا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح نا سالم الأفطس حدثني رزين به.

قال الطبراني: "لم يروه عن سالم الأفطس إلا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح".

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: رزين الجرجاني هذا؛ مجهول، لم نجد له ترجمة سوى ما في "تاريخ جرجان" ولم يتكلم عليه بشيء.

الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس، وقد نص على ذلك الأئمة، وبناء على هذا فإن رزين هذا أثبت سماع الضحاك منه!! وهذا خلاف كلام الأئمة؛ فهو منكر.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 3)، فقال بعد -ما عزاه للطبراني-:"ورزين الجرجاني لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات!! ".

(تنبيه): وقع في "معجم الطبراني" أن ذلك في غزوة خيبر، وهو خطأ، والصواب يوم حنين؛ كما عند الجرجاني.

ص: 378

أَيْمَانُكُمْ}؛ قال: نزلت في نساء أهل حنين، لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً؛ أصاب المسلمون السبايا، فكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن؛ قالت: إن لي زوجاً؛ فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} . قال: السبايا من ذوات الأزواج

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: إن هذه الآية {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} نزلت في امرأة يُقال لها: معاذة، كانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له: شجاع بن الحارث، وكان معها ضرة لها قد ولدت من شجاع أولاداً رجالاً، فانطلق شجاع يمير أهله من هجر، فمر بمعاذة ابنُ عمٍ لها، فقالت له: احملني إلى أهلي ليس عند هذا الشيخ خير.

فحملها فوافق ذلك مجئ الشيخ فلم يجدها؛ فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله أفضل العرب

خرجت أبغيها الطعام في رجب

فقد تولت وألطت بالذنب

وهن شر غالب لمن غلب

رأت غلاماً واركاً على القتب

لها به وله بها أرب

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عل عل، فإن كان الرجل كشف لها ثوباً؛ فارجموها، وإلا؛ ردوا على الشيخ امرأته"، فانطلق مالك بن شجاع -ابنُ ضرَّتها- فطلبها، فجاء بها، فقالت له أمه: يا ضار أمه! ونزلت معاذة بيتها، وولدت لشجاع، وجعل شجاع يشبب بها في أبيات:

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 268): نا محمد بن الحسن عن شريك عن سالم الأفطس عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: شريك القاضي؛ ضعيف؛ لسوء حفظه.

ص: 379

لعمري ما حبي معاذة بالذي

يغيرهُ الواشي ولا قدم العهد

(1)

{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ في قوله: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} ؛ قال: المسافحات: المعلنات بالزنا {وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} ؛ ذات الخليل الواحد، قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي، يقولون: أما ما ظهر؛ فهو لؤم، وأما ما خفي؛ فلا بأس بذلك؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151]

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)} .

• عن أم سلمة رضي الله عنها؛ أنها قالت: يغزو الرجال ولا يغزو النساء،

(1)

أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكجي؛ كما في "الإصابة"(2/ 138)، و"العجاب"(2/ 856) من طريق العباس بن أنس (*) عن عكرمة.

قلنا: وسنده ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 14) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(*) في "الإصابة": "خلس".

ص: 380

وإنما لنا نصف الميراث؛ فأنزل الله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، قال مجاهد: فأنزل فيها: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35]، وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا نبي الله! للذكر مثل حظ الأنثيين، وشهادة امرأتين بشهادة رجل! أفنحن

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1236 رقم 624) -ومن طريقه البيهقي في "المعرفة"(6/ 50 رقم 5308) -، وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 156) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 31) -، وأحمد (6/ 322)، والترمذي (5/ 237 رقم 3022)، وأبو يعلى في "مسنده"(12/ 393 رقم 6959) -ومن طريقه ابن حجر في "موافقه الخبر الخبر"(2/ 22، 23) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 844 رقم 4669، ص 935 رقم 5224، 5225)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 30 و 31 أو 22/ 10)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 305، 306، 416)، والفريابي؛ كما في "العجاب"(2/ 862)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 99) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم سلمة به.

قلنا: وسنده صحيح؛ ومجاهد أدرك أم سلمة؛ فقد ولد سنة (21 هـ)، وماتت أم سلمة سنة (60 هـ)، وهو لم يتهم بالتدليس؛ فإمكان اللقاء حاصل يقيناً.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، إن كان سمع مجاهد أم سلمة"، ووافقة الذهبي.

وقال فى الموضع الثاني: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.

وقال الترمذي: "هذا مرسل"؛ يعني: قول مجاهد: قالت أم سلمة؛ باعتبار أن مجاهداً لم يدركها.

بل الصحيح ما بينا.

وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن"، ورَدَّ على من أعلَّهُ بالإرسال؛ فقال:"ومجاهد قد ثبت سماعه من علي رضي الله عنه وهو أقدم موتاً من أُم سلمة بعشرين سنة". وصححه شيخنا رحمه الله.

وله طريق أخرى مضت في آخر سورة آل عمران.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 507)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 381

في العمل كذا إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة؟ فأنزل الله -تعالى-: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ} الآية؛ فإنّه عدل مني، وأنا صنعته

(1)

. [حسن]

• عن عكرمة: أن النساء سألن الجهاد، فقلن: وددنا أن الله عز وجل جعل لنا غزو؛ فنصيب من الأجر نصيب الرجال؛ فأنزل الله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} ؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئاً ولا الصبي شيئاً، وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع، فلما لحق للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ قال النساء: لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجل، وقال الرجال: إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة؛ كما فضلنا عليهن في الميراث؛ فأنزل الله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} ، يقول: المرأة

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 935 رقم 5223)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 116، 117 رقم 115) -من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1235 رقم 623 - تكملة)، وإسحاق بن راهويه في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 99) - عن عتاب بن بشير عن خصيف الجزري عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: خصيف هذا؛ صدوق سيئ الحفظ، وخلط بآخرة.

الثالثة: رواية عتاب بن بشير عن خصيف فيها مقال؛ كما قال الأئمة.

ص: 382

تجزى بحسناتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل، قال الله -تعالى-:{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي قوله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} ؛ فإن الرجال قالوا: نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء؛ كما لنا في السهام سهمان، فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران، وقالت النساء: نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال؛ فإنا لا نستطيع أن نقاتل، ولو كتب علينا القتال؛ لقاتلنا؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} ؛ يرزقكم الأعمال وهو خير لكم

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد وعكرمة: نزلت في أم سلمة بنت أبي أمية

(3)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي حريز؛ قال: لما نزلت: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]؛ قالت النساء: كذلك عليهن نصيباً من الذنوب كما لهم نصيبان من الميراث؛ فأنزل الله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 31): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 863) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة.

قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 31)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 936 رقم 5229) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ للإعضال، ولضعف أسباط كما تقدم.

(3)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 31) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وعكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد ولا من عكرمة.

الثالثة: سنيد هذا صاحب "التفسير"؛ ضعيف، كما بيّنّا سابقاً.

ص: 383

نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ}؛ يعني: الذنوب، واسألوا الله يا معشر النساء! من فضله

(1)

. [ضعيف]

{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} ؛ قال: ورثة {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} ؛ قال: كان المهاجرون لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة؛ ورث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه؛ للإخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلت:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} ؛ نُسخت، ثم قال:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلا النصر والرفادة والنصيحة -وقد ذهب الميراث- ويوصي له

(2)

. [صحيح]

• عن داود بن الحصين؛ قال: كنتُ أقرأ على أم سعد بنت الربيع، وكانت يتيمة في حِجْرِ أبي بكر رضي الله عنه، فقرأت:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} ؛ فقالت: لا تقرأ (والذين عاقدت أيمانكم) إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن حين أَبى الإِسلام، فحلف أبو بكر ألا يورّثه، فلما أسلم؛ أمر الله -تعالى- نبيَّهُ عليه السلام أن يؤتيه نصيبه.

زاد عبد العزيز بن يحيى شيخ أبي داود: فما أسلم حتى حمل على الإِسلام بالسيف

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 31، 32) بسند ضعيف.

(2)

أخرجه البخاري (رقم 2292، 4580، 6747) عن ابن عباس به.

(3)

أخرجه أبو داود في "سننه"(3/ 128، 129 رقم 2923)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 938 رقم 5238)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/ 3510 رقم 7950) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (6/ 338 رقم 7459) - من طريق ابن إسحاق عن داود بن الحصين قال: كنت أقرأ. . . به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه.

وضعّفه شيخنا رحمه الله في "ضعيف أبي داود".

ص: 384

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: إنما نزلت هذه الآية في الذين يتبنون، رجالًا غير أبنائهم ويورثونهم؛ فأنزل الله فيهم، فجعل لهم نصيباً في الوصية، وردّ الميراث إلى الموالي في ذوي الرحم والعصبة وأبى الله للمدعين ميراثاً ممن ادعاهم وتبناهم، ولكن الله جعل لهم نصيباً في الوصية

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي مالك؛ قال: كان الرجل في الجاهلية يأتي القوم، فيعقدون له أنه رجل منهم إن كان ضراً أو نفعاَ أو دماً؛ فإنه فيهم مثلهم، ويأخذون له من أنفسهم مثل الذي يأخذون منه، فكانوا إذا كان قتال؛ قالوا: يا فلان! أنت منا فانصرنا، وإن كانت منفعة؛ قالوا: أعطنا أنت منا؛ ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضاً إن استنصروه، وإن نزل به أمر؛ أعطوه، وربما منعه بعضهم، فتحرجوا من ذلك، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله -تعالى-:{فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ؛ قال: أعطوهم مثل الذي تأخذون منهم

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ؛

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 35)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 100)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 101) من طرق عن الزهري ثني سعيد به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 939 رقم 5242) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.

وخالف إسرائيل أسباط -وهو ضعيف-؛ فرواه عن السدي بنحوه وأعضله.

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 35).

قلنا: ورواية إسرائيل أصح.

ص: 385

فإن الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه، فإذا مات الرجل؛ صار لأهله وأقاربه الميراث، وبقي تابعه ليس له شيء؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} فكان يعطى من ميراثه؛ فأنزل الله بعد ذلك: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد: كان هذا حلفاً في الجاهلية، فلما كان الإِسلام؛ أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من النصر والولاء والمشورة والميراث

(2)

. [ضعيف]

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} .

• عن الحسن؛ قال: لما نزلت آية القصاص بين المسلمين؛ لطم رجل امرأته؛ فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن زوجي لطمني فالقصاص، قال:"القصاص"، فبينما هو كذلك؛ إذ أنزل الله -تعالى-:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أردنا أمراً؛ فأبى الله -تعالى-، خذ أيها الرجل بيد امرأتك"

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 34) من طريق عطية العوفي عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 157) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 35) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"، كما في "العجاب"(2/ 867)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 35) من طريق الثوري عن منصور عن مجاهد به.

قلنا: وهو مرسل، فالإسناد ضعيف.

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(9/ 299 رقم 7543)، والطبري في "جامع =

ص: 386

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من الأنصار بامرأة له، فقال: يا رسول الله! إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها؛ فأثَّر في وجهها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس له ذلك"؛ فأنزل الله عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} ؛ أي: في الأدب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أردت أمراً، وأراد الله غيره"

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قال: صك رجل امرأته؛ فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يقيدها منه؛ فأنزل الله {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}

(2)

. [ضعيف]

= البيان" (5/ 38)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 868) من طريق جرير بن حازم، وأبو داود في "المراسيل" (ص 221 رقم 274)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 940 رقم 5246) من طريق أشعث بن عبد الملك الحراني، وابن جرير في "جامع البيان" (5/ 37) من طريق قتادة، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 100) من طريق هشيم بن بشير، وعبد بن حميد وابن المنذر؛ كما في "العجاب" (2/ 868) من طريق حماد بن سلمة كلاهما (هشيم وحماد) عن يونس بن عبيد أربعتهم عن الحسن البصري به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 512) وزاد نسبته للفريابي، وابن مردويه.

(1)

أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 503) من طريق موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً.

قال المناوي في "الفتح السماوي"(2/ 485): "ولابن مردويه بإسناد واه".

قلنا: هذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الانقطاع.

الثانية: من دون موسى بن جعفر لم نعرفهم؛ فهو إسناد مركب.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 157) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 38) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 869)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 38) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة ومعمر كلاهما عن قتادة به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.

ص: 387

{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان كردم بن زيد -حليف كعب بن الأشرف- وأسامة بن حبيب ورافع بن أبي رافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالًا من الأنصار، وكانوا يخالطونهم ينصحون لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم؛ فإنا نخشى عليكم في ذهابها، لا تسارعوا في النفقة؛ فإنكم لا تدرون ما يكون؛ فأنزل الله فيهم:{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ؛ أي: من النبوة التي فيها تصديق ما جاء به محمد

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم، وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئاً؛ فعيَّرهم الله بذلك؛ فأنزل الله -تعالى-:{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} الآية

(2)

. [ضعيف]

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)} .

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 55)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 964 رقم 5387)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 538) -: ثني محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 951 رقم 5317) من طريق أشعث بن إسحاق القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عنه به.

قلنا: إسناده ضعيف؛ فيه علتان.

الأولى: الإرسال.

الثانية: جعفر بن أبي المغيرة؛ ضعيف في سعيد بن جبير.

ص: 388

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في الأعراب: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، قال: فقال رجل: فما للمهاجرين؟ قال: ما هو أعظم من ذلك: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)} ، وإذا قال الله لشيء عظيم؛ فهو عظيم

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)} .

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: دعانا رجل من الأنصار قبل أن تحرم الخمر، فتقدم عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم المغرب، فقرأ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]؛ فالتُبس عليه فيها؛ فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} .

وفي رواية: أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف ورجل آخر يشربون الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف فقرأ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]؛ فخلط فيها؛ فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1252 رقم 636)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 58، 59)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 955 رقم 5338)، والطبراني؛ كما في "مجمع الزوائد"(7/ 23) من طرق عن محمد بن فضيل عن عطية عنه به.

قال الهيثمي: "رواه الطبراني؛ وفيه عطية، وهو ضعيف".

قلنا: وهو كما قال.

(2)

أخرجه مسدد في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 57 رقم 7620) =

ص: 389

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= -وعنه أبو داود (3/ 325 رقم 3671) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(2/ 188 رقم 567) -، وعبد بن حميد في "مسنده"(1/ 132 رقم 82 - منتخب)، وفي "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 872) -وعنه الترمذي في "جامعه"(5/ 238 رقم 3026)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(2/ 187، 188 رقم 566) -، والنسائي في "التفسير"(7/ 402 رقم 10175 - "تحفة الأشراف")، وأحمد في "الأشربة" -ومن طريقه الحاكم (4/ 142)، والخطيب في "الأسماء المبهمة"(ص 381) -، والفريابي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 872)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 61)، والبزار في "البحر الزخار"(2/ 211 رقم 598)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 958 رقم 5352)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(12/ 239 رقم 4777)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 103)، والحاكم (2/ 307)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(2/ 189 رقم 568) -، والخطيب في "الأسماء المبهمة"(ص 381) من طريق سفيان الثوري وأبي جعفر الرازي كلاهما عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي به.

قال الترمذي: "حديث حسن غريب صحيح".

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وصححه الضياء المقدسي وشيخنا الألباني رحمهم الله.

قلنا: وسنده قوي؛ لكن اختلف في اسم الداعي واسم المصلي، والصحيح أن الذي صلى بهم هو عبد الرحمن بن عوف، كذا هو في رواية الثوري، وقد رواه عنه ثقتان حافظان وهما:

الأول: عبد الرحمن بن مهدي؛ عند أحمد والحاكم والطبري والنحاس والمقدسي.

الثاني: وكيع؛ عند أحمد والحاكم.

وهذا هو الذي رحجه الحاكم في "المستدرك" ووافقه عليه الذهبي في "التلخيص"، ورجحه الحافظ، وقال فى "العجاب" (2/ 873):"أصح طرقه".

ورواه يحيى القطان والفريابي عن الثوري به؛ لكن فيه أن الذي صلى بهم هو علي؛ أخرجه أبو داود والفريابي في "تفسيره" على الترتيب. =

ص: 390

• عن عائشة رضي الله عنها: أنها استعارت من أسماء قلادة؛ فهلكت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله آية التيمم، فقالا أسيد بن حضير لعائشة: جزاك الله أخيراً، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه؛ إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيراً.

وفي رواية: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كان بالبيداء -أو بذات الجيش-؛ انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء؛ فأتى الناسُ إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حَبَسْتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس

= قلنا: والأول أرجح؛ لأمرين:

الأول: قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" -بعد ذكر رواية عبد الرحمن بن مهدي-: "أصح طرقه؛ لأنَّ الثوري سمع من عطاء قبل اختلاطه، وعبد الرحمن أثبت من الفريابي". اهـ.

لكن تابعه القطان، وتابع عبد الرحمن وكيع، فإذا اعتبرنا جانب الحفظ والإتقان؛ قدمنا رواية ابن مهدي ووكيع، وهو الذي رجحه الحافظ.

الآخر: أننا رأينا الطحاوي روى الحديث في "المشكل"(12/ 237 رقم 4776) من طريق الفريابي نفسه، لكن أرسله. وسياقه هكذا: عن الفريابي عن سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: دعا فذكره.

وهذه الرّواية مرسلة، فلا ندري هل الرواية عند الفريابي على ما ذكره الحافظ في "العجاب" متصلة أم مرسلة؟ وعلى كل؛ فالصواب ما ذكرن، ولا يضر مثل هذا الاختلاف، والمهم وقوع القصة، وسبب النزول واضح، والله أعلم.

والصحيح: أن الداعي هو رجل من الأنصار؛ كذا في رواية وكيع وابن مهدي، الراجحة، وتابعهم على ذلك أبو نعيم الفضل بن دكين وقبيصة؛ أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 307).

ص: 391

وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكرٍ، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكانُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء؛ فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر! قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته

(1)

. [صحيح]

• عن عمار بن ياسر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَرَّسَ بأولاتِ الجيش ومعه عائشة، فانقطع عقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس؛ ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فتغيظ عليها أبو بكر، وقال: حبست الناس وليس معهم ماء؛ فأنزل الله -تعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم إلى الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئاً؛ فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 336)، ومسلم في "صحيحه"(1/ 279 رقم 367).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 263، 264)، وأبو داود (1/ 86، 87 رقم 320)، والنسائي في "المجتبى"(1/ 167)، و"الكبرى"(1/ 132، 133 رقم 300)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 102، 103)، والبيهقي في "الكبرى"(1/ 208) من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه عن ابن عباس عن عمار به.

قلنا: وهذا سند ضعيف، فقد خولف صالح بن كيسان فيه:

فأخرجه الطيالسي في "مسنده"(1/ 63 رقم 244 - "منحة")، وعبد الرزاق في "مصنفه"(رقم 827)، وأحمد (4/ 320، 321)، وأبو داود (رقم 318، 319)، والنسائي في "المجتبى"(1/ 168)، و"الكبرى"(1/ 133 رقم 301)، وابن ماجه (رقم 566، 571)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1310 - =

ص: 392

• عن الأسلع بن شريك؛ قال: كنت أُرحِّل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابتني جنابة في ليلة باردة، وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحلة، فكرهت أن أُرحِّل ناقته وأنا جنب، وخشيت إن اغتسلت بالماء البارد فأموت أو أمرض؛ فأمرت رجلاً من الأنصار فرحَّلَها، ثم وضعت أحجاراً فأسخنت بها ماءً فاغتسلت، ثم لحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أسلع! ما لي أرى راحلتك تغيرت؟ "، فقلت: يا رسول الله! لم أرحلها، رحلها رجل من الأنصار، قال:"ولم"؟ فقلت: أصابتني جنابة؛ فخشيت القرَّ على نفسي، فأمرته أن يرحلها، ووضعت أحجاراً فأسخنت ماء واغتسلت به؛ فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}

(1)

. [ضعيف جداً]

= "إحسان")، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 110)، والبيهقي (1/ 208) من طرق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عمار به.

هكذا رواه معمر والليث بن سعد وابن أبي ذئب ويونس بن يزيد كلهم عن الزهري.

قلنا: وهو منقطع بين عبيد الله وعمار؛ كما قال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 155)، وابن حجر في "العجاب"(2/ 879).

(1)

أخرجه الحسن بن سفيان في "مسنده"؛ كما في "الدر المنثور"(547/ 2) -ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1/ 357 رقم 1094)، والبيهقي في "الكبرى"(1/ 5، 6) -، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "المختار"(4/ 216، 217 رقم 1431) -، والطبراني في "الكبير"(1/ 299 رقم 877) -ومن طريقه الضياء في "المختارة"(4/ 215، 216 رقم 1430) - من طريق العلاء بن الفضل نا الهيثم بن رزيق من بني مالك بن كعب بن سعد -وعاش مئة وسبع عشرة سنه- عن أبيه عن الأسلع به. =

ص: 393

• عن علي قال: نزلت في المسافر تصيبه الجنابة؛ فيتيمم ثم يصلي

(1)

. [ضعيف]

= قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه الهيثم بن رزيق المالكي، قال العقيلي في "الضعفاء الكبير" (4/ 254 رقم 1961):"لا يتابع عليه".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 262): "وفيه الهيثم بن رزيق، قال بعضهم: لا يتابع على حديثه". اهـ.

قلنا: وأبوه؛ مجهول، والعلاء بن الفضل؛ ضعيف؛ فهو واهٍ بمرة.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(7/ 65 - 66)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 68)، والدارقطني في "سننه"(1/ 179) والطبراني في "الكبير"(1/ 298 رقم 876) -وعنه أبو نعيم في "المعرفة"(3/ 14/ 1069) -، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 113)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 989)، ودعلج في "المنتقى من مسند المقلين"(32/ 5)، وأبو نعيم في "المعرفة"(3/ 14 رقم 1070)، والبيهقي في "الكبرى"(1/ 207، 208) جميعهم من طريق الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الأسلع به.

قلنا: والربيع بن بدر هذا؛ متروك الحديث؛ كما قال النسائي والدارقطني وابن حجر، وأبوه وجده؛ مجهولان.

وقال البيهقي عقبه: "الربيع بن بدر ضعيف؛ إلا أنه لم يتفرد به".

وقال الهيثمي: "وفيه الربيع بن بدر، وقد أجمعوا على ضعفه".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 547)، وزاد نسبته للقاضي إسماعيل في "الأحكام"، والبارودي في "الصحابة". والرواية الثانية زاد نسبتهما لعبد بن حميد.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 959 رقم 5359)، والفريابي؛ كما في "العجاب"(2/ 880)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 62) من طريق قيس بن الربيع وابن أبي ليلى كلاهما عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي به.

قال الحافظ في "العجاب": "وفيه ضعف، وانقطاع".

قلنا: قيس لم يتفرد به؛ بل تابعه ابن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ جداً، وعباد بن عبد الله؛ ضعيف؛ ضعفه البخاري وابن المديني وغيرهم، وفيه -أيضاً- علة الانقطاع؛ كما ذكره الحافظ، والله أعلم. =

ص: 394

• عن مجاهد قوله: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} ؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار كان مريضاً؛ فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم فينا؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن إبراهيم النخعي؛ قال: في المريض لا يستطيع الغسل من الجنابة أو الحائض، قال: يجزيهم التيمم، ونال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جراحة، ففشت فيهم، ثم ابتلوا بالجنابة، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}

(2)

. [ضعيف]

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 546)، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي.

قلنا: هو في "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 157)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (1/ 216)؛ لكن ليس فيه التصريح بسبب النزول.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 961 رقم 5365) من طريق مالك بن إسماعيل ثنا قيس بن الربيع عن خصيف الجزري عن مجاهد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: خصيف الجزري؛ سيئ الحفظ.

الثالثة: قيس بن الربيع؛ ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 68) من طريق سويد بن نصر عن ابن المبارك عن محمد بن جابر اليمامي عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جابر هذا؛ صدوق، ذهبت كتبه؛ فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي؛ فصار يلقن.

ص: 395

• عن ابن أبي مليكة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، ففقدت عائشة قلادة لها، فأمر الناس بالنزول، فنزلوا وليس معهم ماء، فأتى أبو بكر على عائشة فقال لها: شققت على الناس -وقال أيوب بيده، يصف أنه قرصها- قال: ونزلت آية التيمم ووجدت القلادة في مناخ البعير، فقال الناس: ما رأينا قط امرأة أعظم بركة منها

(1)

. [حسن لغيره]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد، صنع علي لهم طعاماً وشراباً، فأكلوا وشربوا، ثم صلى عليٌّ لهم المغرب فقرأ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حتى خاتمتها، فقال: ليس لي دين وليس لكم دين؛ فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}

(2)

. [ضعيف]

• عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: أول ما نزل في الخمر: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219]؛ فقال بعض المنافقين: نشربها لمنافعها، وقال آخرون: لا خير في شيء فيه إثم، ثم نزلت:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ؛ فقال بعض الناس: لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع المسلمين؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90]؛ فنهاهم فانتهوا

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 68): ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا ابن عُليّه عن أيوب عنه به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وتقدم موصولًا في "الصحيحين".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 545)، ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو مرسل.

(3)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 872): نا أبو نعيم نا طلحه بن عمرو عن عطاء به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه طلحة بن عمرو، وهو متروك، وهو -أيضاً- مرسل.

ص: 396

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)} .

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب اليهودي

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظمائهم -يعني: في اليهود- إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لوى لسانه، وقال: راعنا سمعك يا محمد! حتى نفهمك، ثم طعن في الإِسلام وعابه؛ فأنزل الله الآية

(2)

. [ضعيف]

• {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 74) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 553)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"(2/ 190 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن المنذر في "تفسيره"، والطبري في "جامع البيان"(5/ 74)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 963 رقم 5381، ص 967 رقم 5405)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 533، 534) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد شيخ ابن إسحاق مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق.

ص: 397

أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)}.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود؛ منهم: عبد الله بن صوريا، وكعب بن الأشرف، فقال لهم:"يا معشر يهود! اتقوا الله، وأسلموا؛ فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق"، فقالوا: ما نعرف ذلك يا محمد! وجحدوا ما عرفوا وأصروا على الكفر؛ فأنزل الله فيهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: نزلت في مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع

(2)

. [ضعيف جداً]

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} .

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر؛ حتى سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} ؛

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 555)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 79)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 968 رقم 5411)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 533، 534 ضمن حديث طويل) -: ثني محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ كسابقه.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 78)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 968 رقم 5410) من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

تنبيه: هناك أقوال أخرى موجودة في "العجاب"(2/ 883)؛ لكنها واهية.

ص: 398

قال: "إني ادخرت دعوتي؛ شفاعة لأهل الكبائر من أمتي"، قال: فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا، ثم نطقنا بعد ورجونا

(1)

. [حسن]

• وعنه -أيضاً-رضي الله عنهما؛ قال: كنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل النفس، وآكل مال اليتيم، وقاذف المحصنات، وشاهد الزور حتى نزلت:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ؛ فأمسك

(1)

أخرجه أبو يعلى في "المسند"(10/ 185، 186 رقم 5813) -ومن طريقه وطريق غيره ابن عدي في "الكامل"(2/ 825) -، والبزار في "مسنده"(4/ 84 رقم 3254 - "كشف")، وابن الضريس في "فضائل القرآن"(67/ 8) جميعهم من طريق حرب بن سريج المنقري ثنا أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات؛ عدا حرب وهو لا بأس به مالم يخالف؛ قال أحمد: "ليس به بأس"، وكذا قال الطيالسي وأبو داود والبزار وابن عدي، ووثقه ابن معين وابن شاهين والهيثمي، وقال الدارقطني:"صالح"، وتكلم فيه البخاري وأبو حاتم وابن حبان.

قال البزار عقبه: "لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن أيوب إلا حرب، وهو بصري لا بأس به".

وقال ابن عدي: "وهذا لا يرويه عن أيوب بهذا الإسناد غير حرب بن سريج".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 5): "رواه أبو يعلى؛ ورجاله رجال الصحيح؛ غير حرب بن سريج وهو ثقة".

وقال -أيضاً- (10/ 211): "رواه البزار وإسناده جيد".

وقلنا: هو كما قال.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 557) -بعد ما عزاه لمن ذكرناهم، وزاد نسبته لابن المنذر-:"بسند صحيح".

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 970 رقم 5421) من طريق صالح المري عن أيوب عن نافع عن ابن عمر؛ قال: كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله؛ حتى نزلت علينا هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، فلما سمعناها، كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله.

قلنا: وصالح هو ابن بشير المري؛ متروك.

ص: 399

أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 971 رقم 5426)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 80) من طريقين عن الهيثم بن جماز (*) عن سلام بن أبي المطيع عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مداره على الهيثم بن جماز، وهو متروك؛ كما قال أحمد والنسائي والساجي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 556)، وزاد نسبته للبزار.

وله طريق أخرى: أخرجها الطبراني في "الأوسط"(3/ 235، 336 رقم 3021) من طريق هشام بن عمار: نا عمر بن المغيرة: نا غالب القطان عن بكر به.

قال الطبراني: "لم يروه عن بكر المزني إلا غالب القطان!! ولا رواه عن غالب إلا عمر بن المغيرة".

قلنا: بلى؛ رواه عن بكرٍ سلامُ بن أبي المطيع؛ كما سبق.

والحديث ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: هشام بن عمار؛ فيه ضعف؛ لأنه كان يلقن.

الثاني: عمر بن المغيرة؛ قال البخاري: "منكر الحديث، مجهول"، وقال أبو حاتم:"شيخ"، وروى عنه جمع من الثقات.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 193): "رواه الطبراني في "الكبير"، "والأوسط"؛ وفيه عمر بن المغيرة، وهو مجهول".

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 273، 274 رقم 1332) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي عصمة، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر؛ قال: لما نزلت الموجبات مثل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]، إلى آخر الآية، ومثل:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ومثل قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]؛ قال: كنا نشهد على من فعل شيئاً من هذا أنه في النار، فلما نزل قوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ؛ كففنا عن الشهادة، فخفنا عليهم بما أوجب الله لهم.

قلنا: إسناده ضعيف جداً؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 193): "رواه =

(*) في "جامع البيان" و"تفسير القرآن العظيم": "حماد"، وهو تصحيف.

ص: 400

• عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه؛ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام، قال:"وما دينه؟ "، قال: يصلي ويوحد الله -تعالى-، قال:"استوهب منه دينه، فإن أبى؛ فابتعه منه"؛ فطلب الرجل ذاك منه؛ فأبى عليه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره؛ فقال:"وجدته شحيحاً على دينه"، قال: فنزلت: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عمر؛ قال: لما نزلت {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر:53] الآية؛ قام رجل، فقال: والشرك يا نبي الله؟! فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ

= الطبراني؛ وفيه أبو عصمة، وهو متروك".

وأخرجه -أيضاً- (12/ 281 رقم 13364) من طريق عمر بن يزيد السياري ثنا مسلم بن خالد الزنجي ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر؛ قال: كنا نبت على القاتل حتى نزلت: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} .

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 193): "ورواه بإسناد آخر فيه عمر بن يزيد السياري ولم نعرفه عن مسلم بن خالد الزنجي وقد وثق".

قلنا: بل هو ضعيف.

وبالجملة؛ فالحديث ضعيف، والله أعلم.

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 177، 178 رقم 4063)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 971 رقم 5424) من ثلاث طرق عن عيسى بن يونس عن واصل بن السائب عن أبي سورة ابن أخي أبي أيوب الأنصاري عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: أبو سورة؛ قال البخاري: "منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابع عليها"، وضعفه ابن معين جداً، وضعفه الترمذي وابن حجر، وقال الدارقطني:"مجهول"، وقال الذهبي:"لا يدرى من هو".

الثانية: واصل بن السائب؛ قال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث"، وقال النسائي:"متروك"، وضعفه الدارقطني وأبو زُرعة وابن حجر وغيرهم، وضعفه ابن حبان وأغلظ فيه.

ص: 401

يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإِسلام، فأرسل إليه: يا محمد! كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنا يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً، وأنا قد صنعت ذلك؟ فهل تجد لي رخصة؟ فأنزل الله عز وجل:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 70]؛ فقال وحشي: يا محمد! هذا شرط شديد: إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً، فلعلي لا أقدر على هذا؛ فأنزل الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فقال وحشي: يا محمد! أرى بعد مشيئة، فلا أدري يغفر لي أم لا؟ فهل غير هذا؛ فأنزل الله عز وجل:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53]؛ قال وحشي: هذا؛ فجاء، فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله! إذا أصبنا ما أصاب وحشي؛ قال: "هي للمسلمين عامة"

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 80) من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع؛ قال: ثني مخبر عن ابن عمر (فذكره).

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: جهالة المخبر هذا.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ.

الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان في "الثقات": "يعتبر به من غير روايته عن أبيه".

(2)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 157، 158 رقم 11480) من طريق أبين بن سفيان عن عطاء عنه به.

قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 101): "رواه الطبراني في "الأوسط"!! وفيه أبين بن سفيان ضعفه الذهبي". =

ص: 402

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم، ويقربون قربانهم؛ ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب، وكذبوا، قال الله: إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له، وأنزل الله -تعالى-:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)}

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن البصري؛ قال: هم اليهود والنصارى، قالوا:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]، وقالوا:{لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: قال الدارقطني عنه: "ضعيف، له مناكير"، وضعفه الذهبي في "الميزان"(1/ 78).

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 972 رقم 5430): ثنا أبي ثنا محمد بن مصفى ثنا محمد بن حمير -وفي "المطبوع": جمير، وهو تصحيف من الناسخ أو الطابع- عن ابن لهيعة عن بشر بن أبي عمرو الخولاني عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ابن لهيعة؛ ضعيف، والراوي عنه ليس من قدماء أصحابه.

الثانية: بشر لم نجد له ترجمة.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 81)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 972 رقم 5430) -من طريق عبد الرزاق وهذا في "تفسيره" (1/ 1/ 164) -: نا معمر عن الحسن به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: معمر لم يسمع من الحسن البصري؛ فقد روى عنه عبد الرزاق؛ أنه قال: خرجت مع الصبيان إلى جنازة الحسن وطلبتُ العلم سنة مات الحسن.

ولذا لم يذكره المزي ولا العسقلاني ضمن شيوخ معمر، والله أعلم.

ص: 403

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في اليهود؛ كانوا يقدمون صبيانهم في الصلاة فيؤمونهم، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم؛ فتلك التزكية

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: هم أعداء الله اليهود، زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه؛ فقالوا:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]، وقالوا: لا ذنوب لنا إلا كذنوب أبنائنا الأطفال

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي مالك؛ قال: نزلت في اليهود، كانوا يقدمون صبيانهم؛ يقولون: ليست لهم ذنوب

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الفريابي وعبد بن حميد في "تفسيريهما"؛ كما في "العجاب"(2/ 883)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 81) جميعاً من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله.

وأخرجه ابن جرير من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج عن ابن جريج عن الأعرج عن مجاهد نحوه.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج مدلس وقد عنعن.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 80، 81) بسنده المتكرر عن سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 884، 885) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به.

قلنا: هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 81): حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن الثوري عن حصين عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: سفيان بن وكيع هذا؛ قال الحافظ في "التقريب"(1/ 312): "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقهِ؛ فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه".

ص: 404

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: وذلك أن اليهود قالوا: إن أبناءنا قد توفوا، وهم لنا قربة عند الله، وسيشفعون لنا ويزكوننا؛ فقال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)} [النساء: 49]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: كان أهل الكتاب يقدمون الغلمان الذين لم يبلغوا الحنث يصلون بهم؛ يقولون: ليس لهم ذنوب؛ فأنزل الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}

(2)

. [ضعيف]

• عن الكلبي؛ قال: نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطفالهم، فقالوا: يا محمد! هل على أولادنا هؤلاء من ذنب؟ قال: "لا"، قالوا: والذي يحلف به ما نحن إلا كهيئتهم؛ ما من ذنب نعمله بالليل إلا كفَّر عنا بالنهار، وما من ذنب نعمله بالنهار إلا كفر عنا بالليل

(3)

. [موضوع]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)} .

• عن عكرمة؛ قال: قدم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى مكة، فقالت قريش: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم؛ فنحن خير أم محمد؟ فقالوا: وما أنتم وما محمد؟ قالوا: صنبور قطع أرحامنا منا، واتبعه سراق

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 81)، وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 81): ثنا ابن وكيع ثنا أبي عن أبي مكين عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف.

(3)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 884) عنه معلقاً. قلنا: وهو موضوع؛ لأن الكلبي كذاب.

ص: 405

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1280 رقم 648 - تكملة)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 974 رقم 5441): ثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقريء، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 103) من طريق عبد الجبار بن العلاء ثلاثتهم (سعيد ومحمد وعبد الجبار): نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة به مرسلاً.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 562)، وزاد نسبته لابن المنذر.

وخالفهما محمد بن يونس الجمال (*)؛ فرواه عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به موصولاً.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ رقم 11645)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 193، 194).

قلنا: وهو وهم، والصواب الإرسال؛ فمحمد هذا ضعيف؛ كما في "التقريب"(2/ 222)؛ فلا تقبل زيادته للوصل.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 6): "فيه يونس بن سليمان الجمال ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح".

قلنا: وهو تصحيف، والصواب محمد بن يونس الجمال؛ فقد ذكر ضمن الرواة عن سفيان بن عيينة، ولم يذكر يونس من ضمن من روى عنه. وقد توبع عمرو بن دينار؛ فأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 164، 165) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 85) -: نا معمر: نا أيوب عن عكرمة: أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش، فاستجاشهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرهم أن يغزوه، وقال: وإنا معكم نقاتله، فقالوا: إنكم أهل كتاب، وهو صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معكم؛ فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما؛ ففعل، ثم قالوا: نحن أهدى =

(*) في "المعجم الكبير": يونس بن سليمان الجمال، وهو تصحيف.

ص: 406

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في كعب بن الأشرف وكفار قريش؛ قال: كفار قريش أهدى من محمد عليه الصلاة والسلام، قال ابن جريج: قدم كعب بن الأشرف؛ فجاءته قريش، فسألته عن محمد؛ فصغر أمره

= أم محمد؟ فنحن ننحر الكوماء، ونسقي اللبن علي الماء، ونصل الرحم، ونقري الضيف، ونطوف بهذا البيت، ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده، قال: بل أنتم خير وأهدى؛ فنزلت فيه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)} [النساء].

قلنا: وهذا مرسل رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 525)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 85، 35/ 213)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 973، 974 رقم 5440)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1731 - "موارد")، والبزار؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 598) كلهم من طريق ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: قدم كعب بنُ الأشرف مكة، فقالت له قريش: أنت سيدهم، ألا ترى إلى هذا الصنبر المنبتر من قومه! يزعم أنه خير منا، ونحن أهلُ الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية، فقال: أنتم خير منه، قال: فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} [الكوثر: 108]، وأنزلت:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلى قوله: {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} .

قلنا: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 85، 30/ 213) من طريق خالد بن عبد الله الطحان وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي كلاهما عن داود بن أبي هند عن عكرمة به مرسلاً، لم يذكر ابن عباس.

وهذا مرسل صحيح الإِسناد، ولا تعارض بينهما؛ فالوصل زيادة يجب قبولها.

وأخرجه البزار في "مسنده"(4/ 83 رقم 2293 - "كشف"): ثنا الحسن بن علي الواسطي ثنا يحيى بن راشد المازني عن داود بن أبي هند به موصولاً.

قلنا: لكن يحيى بن راشد المازني؛ ضعيف، بل قال ابن حبان:"يخطئ ويخالف"؛ فالعمدة على رواية ابن أبي عدي.

ص: 407

ويسره، وأخبرهم أنه ضال، قال: ثم قالوا له: ننشدك الله: نحن أهدى أم هو؟ فإنك قد علمت أنا ننحر الكوم، ونسقي الحجيج، ونعمر البيت، ونطعم ما هبت الريح، قال: أنتم أهدى

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي؛ قال: لما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود بني النضير ما كان، حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين فهموا به وأصحابه، فأطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فهرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة فعاهدهم على محمد، فقال أبو سفيان: يا أبا سعد! إنكم قوم تقرؤون

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 85) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني ابن جريج عن مجاهد به.

وسند الرواية الأولى ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد.

الثالثة: سنيد ضعيف.

لكن رواه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 104) من طريق روح بن عبادة، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 977 رقم 5459) من طريق يزيد بن زريع كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ قال: نزلت هذه الآية في كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب -رجلين من اليهود من بني النضير-، لقيا قريشاً بالموسم، فقال لهما المشركون: أنحن أهدى أم محمد وأصحابه؛ فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم؟ فقالا: بل أنتم أهدى من محمد، فهما يعلمان أنهما كاذبان، إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه؛ فأنزل الله -تعالى-:{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)} ، فلما رجعا إلى قومهما؛ قال لهما قومهما: إن محمداً يزعم أنه قد نزل فيكما كذا وكذا، فقالا: صدق والله، ما حملنا على ذلك إلا بغضه وحسده.

قلنا: وهذا مرسل أصح من الذي قبله، لكن يبقى ضعيفاً؛ لإرساله.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 564)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 408

الكتاب وتعلمون ونحن قوم لا نعلم؛ فأخبرنا: ديننا خير أم دين محمد؟ قال كعب: أعرضوا عليَّ دينكم، فقال أبو سفيان: نحن قوم ننحر الكوماء، ونسقي الحجيج الماء، ونقري الضيف، ونعمر بيت ربنا، ونعبد آلهتنا التي كان يعبد آباؤنا، ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه، قال: دينكم خير من دين محمد؛ فاثبتوا عليه، ألا ترون أن محمداً يزعم أنه بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء؟! وما نعلم ملكاً أعظم من ملك النساء؛ فذلك حين يقول:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع بن أبي الحقيق، وأبو عامر، ووحوح بن عامر، وهوذة بن قيس: فأما وحوح وأبو عامر وهوذة؛ فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير، فلما قدموا على قريش؛ قالوا: هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فاسئلوهم: أدينكم خير أم دين محمد؟ فسألوهم؛ فقالوا: بل دينكم خير من دينهم، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه، وأنزل الله فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 85) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 976، 977 رقم 5457)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 887) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك بلفظ: أن أهل مكة قالوا لكعب بن الأشرف بنحوه.

قلنا: وهو مرسل حسن الإسناد.

ص: 409

مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)}

(1)

. [ضعيف]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: لما كان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان؛ اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان بها، وقال: لا أعين عليه ولا أقاتله، فقيل له بمكة: يا كعب! أديننا خير أم دين محمد وأصحابه؟ قال: دينكم خير وأقدم؛ دين محمد حديث؛ فنزلت فيه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)} ، ثم جاء كعب بن الأشرف المدينة معلناً بمعاداة النبي صلى الله عليه وسلم وبهجاء النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

. [ضعيف]

{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)} .

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم قوة بضع وسبعين شاباً؛ فحسدته اليهود؛ فقال الله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}

(3)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: وذلك أن أهل الكتاب قالوا:

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 85، 86) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

(2)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 194) من طريق محمد بن إسحاق نا الحسن بن علي بن زياد ثنا ابن أبي أويس ثنا جعفر بن محمود بن مسلمة عن أبيه عن جابر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه الحسن بن علي لم نجد له ترجمة.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 564) وزاد نسبته لابن عساكر.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 888) من طريق بكير بن معروف عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 410

زعم محمد أنه أوتي ما أوتي من تواضع، وله تسع نسوة، ليس همه إلا النكاح؛ فأي ملك أفضل من هذا؟! فقال الله:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي حمزة الثمالي؛ قال: يعني بالناس في هذه الآية: نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم وحده، قالت اليهود: انظروا إلى هذا الذي ما شبع من الطعام، لا والله ماله هم إلا النساء، لو كان نبياً؛ لشغله هم النبوة عن النساء؛ حسدوه على كثرة نسائه، وعابوه بذلك؛ فأكذبهم الله -تعالى- فقال:{فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {مُلْكًا عَظِيمًا} . فأخبرهم بما كان لداود وسليمان؛ فأقرت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه كان لسليمان ألف امرأة: ثلثمائة مهرية وسبعمائة سرية، وعند داود مئة امرأة، فقال لهم:"ألف امرأة عند رجل أكثر أم تسع نسوة؟! "، وكان عنده يومئذٍ تسع نسوة، فسكتوا، قال الله -تعالى-:{فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ} [النساء: 55]؛ يعني: من آمن به عبد الله بن سلام

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عطية؛ قال: قالت اليهود للمسلمين: تزعمون أن محمداً أوتي الدين في تواضع وعنده تسع نسوة؛ أي ملك أعظم من هذا؟! فنزلت

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 88)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 978، 979 رقم 5470) من طريق العوفي عنه.

قلنا: وإسناده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 889).

قلنا: وسند واهٍ؛ كما قال الحافظ رحمه الله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 566)، ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده واهٍ؛ لإرساله، وضعف مرسله وهو عطية العوفي هذا أولاً.

وثانياً: إن صح السند إليه، والله أعلم.

ص: 411

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ؛ قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة؛ دعا عثمان بن أبي طلحة، فلما أتاه؛ قال:"أرني المفتاح"؛ فأتاه به، فلما بسط يده إليه؛ قدم العباس، فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي اجعله لي مع السقاية، فكف عثمان يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرني المفتاح يا عثمان! "، فبسط يده إليه، فقال العباس مثل كلمته الأولى. فكف عثمان يده، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عثمان! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر؛ فهات المفتاح"؛ فقال: هاك بأمانة الله. فقام: ففتح باب الكعبة، فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما للمشركين -قاتلهم الله- وما شأن إبراهيم وشأن القداح؟ "، ثم دعا بحفنة فيها ماء، فأخذ ماء فغمسه، ثم غمس بها تلك التماثيل، وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة، ثم قال:"يا أيها الناس! هذه القبلة"، ثم خرج فطاف بالبيت، ثم نزل عليه جبريل فيما ذُكر لنا برَدِّ المفتاح، فدعا عثمان بن طلحة؛ فأعطاه المفتاح، ثم قال:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} حتى فرغ من الآية

(1)

. [موضوع]

• عن صفيه بنت شيبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس؛ خرج حتى جاء البيت؛ فطاف به سبعاً على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده، فلما فرغ من طوافه؛ دعا عثمان بن أبي طلحة، فأخذ

(1)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 528)، و"العجاب"(2/ 892)، و"الدر المنثور"(2/ 570) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: الكلبي وشيخه كذابان.

ص: 412

منه مفتاح الكعبة؛ ففتحت له، فدخلها، فوجد فيها حمامة من عيدان وكسرها بيده، ثم طرحها، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف الناس له في المسجد، ثم قال: ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله! اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين عثمان بن أبي طلحة؟ "، فدعي له، فقال:"هاك مفتاحك يا عثمان! اليوم يوم وفاء وبر"

(1)

. [صحيح]

• عن ابن جريج في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ؛ قال: نزلت في عثمان بن أبي طلحة، قبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة ودخل بها البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح، قهال: وقال عمر بن الخطاب -لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو هذه الآية-: فداؤه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة"(2/ 411) -ونقله ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 528)، وابن حجر في "العجاب" (2/ 890) -: ثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بيع عبد الله بن أبي ثور عن صفية به.

قلنا: وسنده صحيح.

(2)

أخرجه سُنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 92) -: ثني الحجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان.

الأولى: الإعضال.

الثانية ضعف سنيد صاحب "التفسير".

وأخرجاه من طريق خالد الزنجي عن الزهري؛ قال: دفعه إليه، وقال:"أعينوه".

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ضعف خالد الزنجي. =

ص: 413

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في ابن طلحة، قبض النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، فدخل الكعبة يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان؛ فدفع إليه المفتاح وقال:"خذوها يا بني أبي طلحة! بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم"

(1)

. [ضعيف]

• عن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة؛ قال: دفع النبي صلى الله عليه وسلم المفتاح إليَّ وإلى عثمان، وقال:"خذوها يا بني أبي طلحة! خالدة تالدة، لا يأخذها منكم إلا ظالم"، فبنو أبي طلحة الذي يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار

(2)

. [ضعيف]

= الثالثة: ضعف سنيد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 570)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 103 - 111) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 105) -: ثنا جدي [أحمد بن محمد بن الوليد الأزرق] عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد به.

فلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع منه مجاهد.

وقد وقع في هذا السند تخليط كبير يصعب تحديد الصحيح:

1 -

أن الواحدي رواه من طريق الأزرقي وزاد في سنده هكذا [ثني جدي عن سفيان عن سعيد به] فزاد سفيان، وهذا وهم؛ لأن في نسخة الواحدي تخليط وتصحيف كبيرين، والحافظ ابن حجر بصير بالأسانيد؛ فقد ذكره في "العجاب"(2/ 891) على نحو مما ذكرنا.

2 -

أن إسناد الأزرقي في "المطبوع" ثني سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن ابن جريج وعن ابن إسحاق به.

وهذا أمر مشكل وسواء صح هذا أو ذاك؛ فكلاهما ضعيف؛ فإن الأول مرسل، والثاني معضل.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 105) من طريق أحمد بن زهير بن أبي خيثمة عن مصعب بن عبد الله الزبيري عن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة به. =

ص: 414

• قال الثعلبي: نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار -وكان سادن الكعبة-، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح؛ أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح، فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح، فقيل له: إنه مع عثمان، فطلب منه؛ فأبى، وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح، فلوى علي بن أبي طالب يده، وأخذ منه المفتاح وفتح الباب، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين، فلما خرج؛ سأله العباس أن يعطيه المفتاح فيجمع له بين السقاية والسدانة؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أن يردَّ المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه، ففعل ذلك، فقال عثمان: يا علي! أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق! فقال علي: لقد أنزل الله في شأنك، وقرأ عليه الآية، فقال عثمان: أشهد أن محمداً رسول الله، وجاء فأسلم، فجاء جبريل عليه السلام فقال:"ما دام هذا البيت أو لبنة من لبناته قائمة؛ فإن السدانة في أولاد عثمان"؛ فهو اليوم في أيديهم

(1)

.

= قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين مصعب وشيبة فبينهما مفاوز.

وذكره المزي في "تهذيب الكمال"(12/ 605، 656) معلقاً حيث قال: "وقال مصعب بن عبد الله الزبيري وذكره".

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(5/ 448) عن هوذة بن خليفة عن عوف بن أبي جميلة عن رجل من أهل المدينة.

قلنا: وسنده ضعيف؛ للجهالة، والانقطاع.

(1)

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "العجاب"(2/ 893): "كذا أورده الثعلبي [في "تفسيره" (3/ 332 - 333)] بغير سند جازماً به، وتلقاه عنه غير واحد؛ منهم: الواحدي، وفيه زيادات منكرة؛ منها: أن المحفوظ أن إسلام عثمان بن طلحة كان قبل الفتح بمدة، قدم هو وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد فأسلموا جميعاً بين الحديبية والفتح.

ومنها: أنه أغلق الباب، وصعد السطح! والمعروف في كتب "السير": أن المفتاح كان عند أمه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما طلب منه المفتاح؛ امتنعت أمه من =

ص: 415

• عن زيد بن أسلم: أنزلت في ولاة الأمر

(1)

. [ضعيف]

• عن شهر بن حوشب: نزلت في الأمراء خاصة

(2)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي؛ إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية

(3)

. [صحيح]

• عن السدي في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها خالد بن الوليد وفيها عمار بن ياسر، فساروا قبل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريباً

= دفعه؛ فدار بينهما في ذلك كلام كثير، ثم كيف يلتئم قوله: لوى عليٌّ يده مع كونه فوق السطح!! ". اهـ.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(12/ 222 رقم 12609)، وابن جرير في "جامع البيان"(5/ 92)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 986 رقم 5522) من طريقين عنه.

قلنا: وهو مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 571)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 92)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 986 رقم 5521) من طريق عبد الله بن إدريس: ثنا ليث [وهو ابن أبي سليم] عن شهر.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: شهر؛ ضعيف.

الثالثة: ليث بن أبي سليم؛ ضعيف.

(3)

أخرجه البخاري (8/ 253 رقم 4584)، ومسلم (3/ 1465 رقم 1834).

ص: 416

منهم؛ عرسوا، وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم، فأصبحوا وقد هربوا؛ غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل، حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر؟ فأتاه فقال: يا أبا اليقظان! إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإن قومي لما سمعوا بكم؛ هربوا وإني بقيت، فهل إسلامي نافعي غداً، وإلا؛ هربت؟ قال عمار: بل هو ينفعك؛ فأقم؛ فأقام، فلما أصبحوا؛ أغار خالد، فلم يجد أحداً غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله، فبلغ عمار الخبر؛ فأتى خالد؛ فقال: خل عن الرجل؛ فإنه قد أسلم، وهو في أمان مني، فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير، فاستبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال خالد: يا رسول الله! أتترك هذا العبد الأجدع يسبني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا خالد! لا تسب عماراً؛ فإنه من سب عماراً؛ سبه الله، ومن أبغض عماراً؛ أبغضه الله، ومن لعن عماراً؛ لعنه الله"؛ فغضب عمار فقام، فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه؛ فاعتذر إليه، فرضي عنه؛ فأنزل الله -تعالى- قوله:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 94)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن كثير عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال؛ فالسدي لم يصح أنه روى عن صحابي.

الثانية: أسباط؛ ضعيف.

وقال الحافظ في "العجاب"(2/ 897): "هكذا رواه أسباط عن السدي مرسلاً".

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 530): "هكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق السدي مرسلاً".

قلنا: ووصله ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 897)، و"تفسير القرآن العظيم"(1/ 530) من طريق الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس به. =

ص: 417

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أبو بردة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه، فتنافر إليه أناس من أسلم؛ فأنزل الله -تعالى-:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الجلاس بن الصامت قبل توبته -فيما بلغني- ومتعب بن قشير ورافع بن زيد وبشر كانوا يَدَّعُون الإِسلام، فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية؛ فأنزل الله فيهم هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: ولا يصح؛ لأن فيه أبا صالح هذا الكذاب، وشر منه الحكم بن ظهير؛ قال الحافظ في "التقريب" (1/ 191):"متروك، رمي بالرفض، واتهمه ابن معين".

(1)

أخرجه الحسن بن سفيان -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 106، 107) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 295/ 12045)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 991 رقم 5547) كلهم من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع: ثنا صفوان بن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال مسلم.

قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 6): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".

وصححه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 580)، و"لباب النقول"(ص 72).

(تكميل): قال الحافظ في "العجاب"(2/ 900، 901): "قلت: كذا وقع في هذه الرواية أبو برزة -براء ثم زاي منقوطة- ووقع في غيرها أبو بردة -بدال بدل الزاي وضم أوله- وهو أولى؛ فما أظن أبا برزة الأسلمي الصحابي المشهور إلا غير هذا الكاهن". اهـ.

(2)

أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما =

ص: 418

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: والطاغوت رجل من اليهود، كان يقال له: كعب بن الأشرف، وكانوا إذا ما دُعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول؛ ليحكم بينهم؛ قالوا: بل نحاكمكم إلى كعب؛ فذلك قول الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة؛ فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافق اليهودي إلى حاكمهم؛ لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم، فلما اختلفا؛ اجتمعا على أن يحكما كاهناً في جهينة؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} يعني: اليهود {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} إلى قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]

(2)

. [ضعيف]

= في "العجاب"(2/ 902) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على محمد شيخ ابن إسحاق، وهو مجهول.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 580)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 98)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 992 رقم 5552) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين.

(2)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 107) -، والطبري في "جامع البيان"(5/ 96 - 97 و 97)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(2/ 658 رقم 711) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي به مرسلاً.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

قال الحافظ في "فتح الباري"(5/ 37): "فروى إسحاق بن راهويه في "تفسيره" =

ص: 419

• عن حضرمي: أن رجلاً من اليهود كان قد أسلم، فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق، فقال اليهودي له: انطلق إلى نبي الله؛ فعرف أنه سيقضي عليه، قال: فأبى، فانطلقا إلى رجل من الكهان، فتحاكما إليه؛ قال الله:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن السُّدّي: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} ؛ قال: كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم، وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قُتل الرجل من بني النضير -قتلته بنو قريظة؛ قتلوا به منهم، فإذا قُتل الرجل من بني قريظة- قتلته النضير-؛ أعطوا ديته ستين وسقاً من تمر، فلما أسلم أناس من بني قريظة النضير؛ قتل رجل من بني النضير رجلاً من بني قريظة؛ فتحاكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النضيري: يا رسول الله! إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم ذلك، فقالت قريظة: "لا؛ ولكنا إخوانكم في النسب والدين، ودماؤنا مثل دمائكم، ولكنكم كنتم تغلبوننا في الجاهلية، فقد جاء الله بالإِسلام؛ فأنزل الله يُعيّرهم بما فعلوا فقال:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45]. فعيَّرهم ثم ذكر قول النضيري: كنا نعطيهم في الجاهلية ستين وسقاً، ونقتل منهم ولا يقتلونا، فقال:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}

= بإسناد صحيح عن الشعبي".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 580)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 97): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه قال: زعم حضرمي (وذكره).

قلنا: إسناده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: جهالة الحضرمي.

ص: 420

[المائدة: 50]؛ فأخذ النضيري فقتله بصاحبه؛ فتفاخرت النضير وقريظة، فقالت النضير: نحن أكرم منكم! وقالت قريظة: نحن أكرم منكم! ودخلوا المدينة إلى أبي بُرْدة الكاهن الأسلمي، فقال المنافق في قريظة والنضير: انطلقوا إلى أبي بُرْدة ينفر بيننا، وقال المسلمون من قريظة والنضير: لا، بل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ينفر بيننا فتعالوا إليه، فأبى المنافقون، وانطلقوا إلى أبي بُرْدة فسألوه فقال: أعظموا اللقمة، يقول: أعظموا الخطر، فقالوا: لك عشر أوساق، قال لا، بل مائة وسق ديتي؛ فإني أخاف أن أنفرِّ النضير تقتلني قريظة، أو أنفرِّ قريظة تقتلني النضير، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق، وأبى أن يحكم بينهم؛ فأنزل الله عز وجل:{يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} وهو أبو بُرْدة: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} إلى قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} الآية حتى بلغ: {ضَلَالًا بَعِيدًا} ؛ قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجلين؛ رجل من الأنصار يقال له: بشر، وفي رجل من اليهود، في مدارأة كانت بينهما في حق، فتدارءا بينهما فيه؛ فتنافرا إلى كاهن بالمدينة يحكم بينهما، وتركا نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ فعاب الله عز وجل ذلك.

وذكر لنا: أن اليهودي كان يدعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، وقد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يجور عليه، فجعل الأنصاري يأبى عليه، وهو يزعم أنه مسلم، ويدعوه إلى الكاهن؛ فأنزل الله تبارك وتعالى ما تسمعون؛

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 97، 98)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 991، 992 رقم 5549) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما تقدم بيانه.

ص: 421

فعاب ذلك على الذي يزعم أنه مسلم، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب؛ فقال:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} إلى قوله: {صُدُودًا} [النساء:61]

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد في قوله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} ؛ قال: تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود؛ فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهودي: اذهب بنا إلى النبي؛ فقال الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآيةِ والتي تليها فيهم -أيضاً-

(2)

. [ضعيف]

• عن الربيع بن أنس: في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} إلى قوله: {ضَلَالًا بَعِيدًا} ؛ قال: كان رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بينهما خصومة؛ أحدهما مؤمن، والآخر منافق، فدعاه المؤمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف؛ فأنزل الله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ الله وَإِلَى الرَّسُولِ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 97)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 903)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 107) من طريق شيبان النحوي وسعيد بن أبي عروبه عنه به.

قال الحافظ في "فتح الباري"(5/ 38): "وأفاد الواحدي بإسناد صحيح عن سعيد عن قتادة".

قلنا: صحيح الإسناد إلى قتادة؛ لكنه مرسل؛ فهو ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 98)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 991 رقم 5548) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

صححه الحافظ في "فتح الباري"(5/ 37) بقوله: "وروي بإسناد آخر صحيح إلى مجاهد".

قلنا: صحيح الإسناد إلى مجاهد؛ لكنه مرسل؛ فهو ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 582) وزاد نسبته لابن المنذر، وعبد بن حميد.

ص: 422

{رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)} [النساء: 61]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} ؛ قال: تنازع رجل من المؤمنين ورجل من اليهود؛ فقال اليهودي: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال المؤمن: اذهب بنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} إلى قوله: {صُدُودًا}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في رجل من المنافقين، يقال له: بشر، كان بينه وبين يهودي خصومة؛ فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد، وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف -وهو الذي سماه الله -تعالى- الطاغوت-؛ فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى المنافق ذلك؛ أتى معه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم واختصما إليه، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهودي، فلما خرجا من عنده؛ لزمه المنافق،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 98) من طريق ابن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ سيئ الحفظ.

الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان في "الثقات": "يعتبر بروايته عن غير أبيه".

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 98) -: ثني حجاج عن ابن جريج عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف، ضعفه أبو حاتم، والنسائي، وابن حجر.

ص: 423

وقال: ننطلق إلى عمر بن الخطاب؛ فأقبلا إلى عمر، قال اليهودي: اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه، فلم يرضَ بقضائه؛ وزعم أنه مخاصم إليك، وتعلق بي فجئت. معه، فقال عمر للمنافق: أكذلك؟! فقال: نعم، فقال لهما: رويدكما حتى أخرج إليكما، فدخل عمر البيت وأخذ السيف واشتمل عليه ثم خرج إليهما فضرب به المنافق حتى برد، وقال: هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهرب اليهودي. ونزلت هذه الآية

(1)

. [موضوع]

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} .

• عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير؛ أنه حدثه: أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرّح الماء يمر، فأبى عليه. فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير:"اسق يا زُبير! ثم أرسل الماء إلى جارك"؛ فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؛ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "اسق يا زبير! ثم احبس الماء حتى يرجع إلى

(1)

أخرجه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "الفتح السماوي"(2/ 497 رقم 373)، و"تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 330)، و"العجاب"(2/ 903)(*) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده تالف، واه بمرة؛ الكلبي وشيخه كذابان.

قال الحافظ في "فتح الباري"(5/ 38): "وهذا الإسناد وإن كان ضعيفاً؛ لكن تقوى بطريق مجاهد، ولا يضره الاختلاف لإمكان التعدد".

قلنا: أما إمكان التعدد؛ فنعم، وأما أن يتقوى به؛ فلا، ولا كرامة؛ فهو إسناد مكذوب مصنوع.

(*) لم يعزه للثعلبي، وعزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 582).

ص: 424

الجدر". فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}

(1)

. [صحيح]

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة؛ اختصما في ماء؛ فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل

(2)

. [ضعيف]

• عن سلمة من ولد أم سلمة؛ قال: خاصم رجل الزبير إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقضى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير، فقال: إنما قضى له؛ لأنه ابن عمته؛ فنزلت: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري (5/ 34 رقم 2359، 2360)، ومسلم (4/ 1829، 1830 رقم 2357).

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 994 رقم 5559): ثنا أبي نا عمرو بن عثمان نا أبو حيوة نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن الزهري عن سعيد به.

قال الحافظ في "فتح الباري"(5/ 35، 36): "وإسناده قوي مع إرساله، فإن كان سعيد بن المسيب سمعه من الزبير؛ فيكون موصولاً".

قلنا: وهو كما قال.

وقال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 333): "وهو مرسل".

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1300 رقم 660)، والحميدي في "مسنده"(1/ 143، 144 رقم 300) -ومن طريقهما الهروي في "ذم الكلام"(2/ 248 رقم 315) -، وعبد بن حميد والفريابي في "تفسيرهما"؛ كما في "العجاب"(2/ 906)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 533)، وابن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(2/ 656، 657 رقم 708) من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سلمة؛ قال: خاصم. . . هكذا مرسلاً.

كذا رواه أبو عاصم النبيل وسعيد بن منصور والحميدي عن سفيان به مرسلاً.

وخالفهم ابن أبي عمر العدني ويعقوب بن حميد وحامد بن يحيى البلخي والحميدي -في رواية عنه- عن ابن عيينة عن عمرو به موصولاً. =

ص: 425

• عن أبي الأسود؛ قال: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انطلقا إليه"، فلما أتاه؛ قال الرجل: يا ابن الخطاب! إن هذا قضى لي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ردنا إلى عمر، فردنا إليك، فقال عمر: أكذلك؟! قال: نعم، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما، فخرج إليهما مشتملاً بسيفه، فضرب عنق الذي قال ردنا إلى عمر، وأدبر الآخر فارًّا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! عمر قتل صاحبي، ولولا أني أعجزته؛ لقتلني، فقال صلى الله عليه وسلم:"ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن"؛ فأَنزل الله -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} فهدر دم ذلك الرجل وبريء عمر من قتله

(1)

. [ضعيف]

= أخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(8/ 550 رقم 3942 - المسندة)، والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 242 رقم 652)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 110)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 101)، وابن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(2/ 656 رقم 708).

قلنا: ابن أبي عمر؛ ثقة من رجال مسلم، ويعقوب بن حميد بن كاسب؛ صدوق ربما وهم، وحامد؛ ثقة حافظ، ووافقهما الحميدي في رواية، ولا شك أن الوصل زيادة يجب قبولها، ولا تعارض بين الموصول والمرسل، وكلاهما صحيح، والموصول مقدم.

قال الحافظ في "العجاب"(2/ 908): "ورجاله ثقات؛ إلا أن بعض أصحاب ابن عيينة أرسلوه. . ." وذكرهم.

وسكت عن الرواية الموصولة الحافظ في "فتح الباري"(5/ 35، 37) مما يدل على ثبوته، والله أعلم.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 994 رقم 5560): ثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة عليه أنبأ ابن وهب: ثني عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود به.

قلنا: وسنده صحيح إلى أبي الأسود وهو محمد بن عبد الرحمن النوفلي، وهو =

ص: 426

• عن ضمرة بن حبيب: أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى للمحق على المبطل، فقال المقضي عليه: لا أرضى حتى ترضى، فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصديق فذكروا ذلك له، فقال الذي قضى له النبي صلى الله عليه وسلم: قد اختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى لي عليه؛ فقال أبو بكر: فأنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى صاحبه أن يرضى، وفيه: أنه ردَّ به إلى عمر ثم ذكر قصة عمر في قتله

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في اليهود

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى كعب بن الأشرف

(3)

. [ضعيف]

= ثقة من السادسة، يروي عن أتباع التابعين؛ فالسند معضل.

أما ما يخشى من ضعف ابن لهيعة؛ فالراوي عنه هنا أحد العبادلة الذين رَوَوْا عنه قبل احتراق كتبه.

ومن طريقه أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 533)، و"تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 330).

قال الزيلعي: "وهو مرسل، وابن لهيعة ضعيف"!!

وقال ابن كثير: "ذكر سبب آخر غريب جداً، وذكره، ثم قال: وهو أثر غريب مرسل، وابن لهيعة ضعيف! والله أعلم".

(1)

أخرجه إبراهيم بن دحيم في "مسنده"؛ كما في "العجاب"(2/ 910، 911)، و"تفسير القرآن العظيم" (1/ 534): نا شعيب بن شعيب نا أبو المغيرة نا عتبة بن ضمرة ثني أبي به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 995 رقم 5561): ذكر عن المقدمي: ثنا أشعث بن عبد الله بن شعبة عن خالد الحذاء عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: الانقطاع بين ابن أبي حاتم والمقدمي.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 101) من طريق عيسى عن ابن أبي نجيح =

ص: 427

• عن الشعبي: هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى الكاهن

(1)

. [ضعيف]

{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)} .

• عن السدي؛ قال: افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من يهود، فقال اليهودي: والله لقد كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم؛ فقتلنا أنفسنا، فقال ثابت: والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم؛ لقتلنا أنفسنا؛ فأنزل الله في هذا: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي إسحاق السبيعي؛ قال: لما نزلت: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} ؛ قال رجل: لو أمرنا؛ لفعلنا، والحمد لله الذي عافنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إن من أمتي لرجالاً: الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي"

(3)

. [ضعيف]

= عن مجاهد به، ومن طريق شبل عن ابن أبي نجيح به.

قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل، وفي متنه نكارة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 585) وزاد نسبته إلى ابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 101) من طريق ابن عُليّة عن داود بن أبي هند عن الشعبي.

قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 102)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 996 رقم 5568) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 102) من طريق إسماعيل بن أبي خالد =

ص: 428

• عن الثوري: نزلت في ثابت بن قيس

(1)

. [ضعيف]

• عن زيد بن الحسن؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} ؛ قال ناس من الأنصار: والله لو كتبه علينا لقبلنا، والحمد لله الذي عافنا، ثم الحمد الله الذي عافنا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الإيمان أثبت في قلوب رجال من الأنصار من الجبال الرواسي"

(2)

. [ضعيف]

{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إنك لأحب إليَّ من نفسي، وإنك لأحب إليَّ من أهلي ومالي، وأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت: فأذكرك فما أجد حتى آتيك؛ فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك؛ عرفت أنك إذا دخلت

= عن أبي إسحاق به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، واختلاط أبي إسحاق.

ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 995 رقم 5565) من طريق هشام بن حسان عن الحسن بنحوه.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال، ومراسيل الحسن كالريح.

الثانية: هشام بن حسان ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين؛ لكن في روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه كان يرسل عنهما.

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 912) عن عمر بن سعد عن الثوري به.

قلنا: إسناده معضل كما هو ظاهر.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 586)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 587)، ونسبه لابن المنذر.

ص: 429

الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة؛ خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}

(1)

. [حسن لغيره]

• عن مسروق؛ قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من شاء الله منهم-: يا رسول الله! ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا؛ فإنك لو مت

(1)

أخرجه الطبراني في "الصغير"(1/ 26)، و"الأوسط"(1/ 152، 153 رقم 477) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "صفة الجنة"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 535)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 239، 240، و 8/ 125) -وعنه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 111) -: ثنا أحمد بن عمرو الخلال ثنا عبد الله بن عمران العابدي ثنا فضيل بن عياض عن منصور عن الأسود عن عائشة.

قال الطبراني: "لم يروه بهذا الإسناد إلا فضيل، تفرد به عبد الله بن عمران".

قلنا: وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين؛ إلا شيخ الطبراني لم نجد له ترجمة.

وقال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث منصور وإبراهيم، تفرد به فضيل، وعنه العابدي".

وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(2/ 914): "رجاله موثقون".

وقال الضياء المقدسي: "لا أرى بإسناده بأساً، والله أعلم".

وهو كما قال خلا شيخ الطبراني وقد توبع؛ فقد أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 535): ثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم، ثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد، ثنا عبد الله بن عمران به.

قلنا: ولم نجد لشيخ ابن مردويه هذا ترجمة، وكذا لإسماعيل هذا الذي تابع الخلال.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 7): "رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح؛ غير عبد الله بن عمران العابدي؛ وهو ثقة".

قلنا: يشهد له ما بعده.

ص: 430

رُفِعْتَ فوقنا فلم نرك؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}

(1)

. [حسن لغيره]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محزون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا فلان! مالي أراك محزوناً؟! "، قال: يا نبي الله! شيء فكرت فيه، فقال:"ما هو؟ "، قال: نحن نغدو عليك، ونروح ننظر في وجهك، ونجالسك، غداً ترفع مع النبيين؛ فلا نصل إليك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً؛ فأتاه جبريل عليه السلام بهذه الآية:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} ، قال: فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبشره

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن الشعبي؛ قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأنت أحب إليَّ من نفسي وولدي وأهلي ومالي، ولولا أني آتيك؛ فأراك؛ لظننت أني سأموت، وبكى الأنصاري، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(11/ 501 رقم 11823)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 104)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 110)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 997 رقم 5577) جميعهم من طريق منصور بن المعتمر عن أبي الضحى مسلم بن صُبيح عن مسروق.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، لكن يشهد له ما قبله.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 589)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 104): ثنا ابن حميد ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيره عن سعيد بن جبير به مرسلاً.

قلنا: وسنده واهٍ؛ فيه علتان:

الأولى: ابن حميد شيخ الطبري؛ مُتَّهم بالكذب.

الثانية: الثالثة: الإرسال.

قال المناوي في "الفتح السماوي"(2/ 501): "ورواه الطبري مرسلاً".

ص: 431

أبكاك؟! "، فقال: ذكرت أنك ستموت ونموت؛ فترفع مع النبيين، ونحن إذا دخلنا الجنة كنا دونك، فلم يخبره النبي صلى الله عليه وسلم بشيء؛ فأنزل الله عز وجل على رسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} إلى قوله {عَلِيمًا} [النساء: 70]؛ فقال: "أبشر"

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة: ذكر لنا أن رجالاً قالوا: هذا نبي الله نراه في الدنيا؛ فأما في الآخرة؛ فيرفع؛ فلا نراه؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1307، 1308 رقم 661) -ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(3/ 538، 539 رقم 1317 - هندية) أو (2/ 131 رقم 1380 - دار الكتب العلمية) -، والطبري في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 535) من طريق خلف بن خليفة وجرير بن عبد الحميد كلاهما عن عطاء بن السائب عن الشعبي.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عطاء كان قد اختلط.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 588) وزاد نسبته لابن المنذر.

ورواه خالد بن عبد الله الطحان الواسطي عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن عباس به.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 68 رقم 12559) ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 535).

قلنا: وهذا كما ترى موصول، وما قبله مرسل، ولا شك أن هذا من تخاليط عطاء، ومن رواه عنه رواه عنه في الاختلاط.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 7)، وقال:"رواه الطبراني؛ وفيه عطاء بن السائب، وقد اختلط".

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 104)، والواحدي في "أسباب النزول" =

ص: 432

• عن السدي؛ قال: قال ناس من الأنصار: يا رسول الله! إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك؛ فكيف نصنع؟ فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الربيع بن أنس؛ قال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: قد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم فُضِّل على من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدقه؛ فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضُهم بعضاً؟ فأنزل الله في ذلك، فقال: إن الأعلين ينحدرون إلى من هم أسفل منهم فيجتمعون في رياضها، فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه، وينزل لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهون وما يدعون به، فهم في روضة يحبرون ويتنعمون فيه

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: أتى فتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله! إن لنا منك نظرة في الدنيا، وفي يوم القيامة لا نراك؛ فإنك في الدرجات

= (ص 110، 111) من طريق روح بن عبادة ويزيد بن زريع كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عنه به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 589)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

وقال المناوي في "الفتح السماوي"(2/ 502): "وأخرجه الواحدي. . . من طريق روح عن قتادة كذلك مرسلاً".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 104) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 104) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما تقدم مراراً.

ص: 433

العلى؛ فأنزل الله: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}

(1)

. [ضعيف]

• وقال الثعلبي: نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه، ونحل جسمه؛ فعرف الحزن في وجهه، فقال له:"يا ثوبان! ما غير لونك؟ "، فقال: يا رسول الله! لا بيَ مرض ولا وجع، غير أني إذا لم أرك؛ اشتقت إليك، واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكَرْت الآخرة؛ فأخاف أن لا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك تُرفع مع النبيين، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل الجنة؛ فذاك حين لا أراك أبداً؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك:"والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله والناس أجمعين"

(2)

.

• عن مقاتل بن سليمان؛ قال: قال رجل من الأنصار -يسمى عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو الذي رأى الأذان مع عمر-: يا رسول الله! إذا خرجنا من عندك إلى أهلينا؛ اشتقنا إليك، فلم ينفعنا

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 998 رقم 5578)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 914) من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 589)، وزاد نسبته للطبري.

(2)

قال الحافظ في "العجاب"(2/ 914): "وذكره الثعلبي بغير إسناد".

وقال الحافظان العراقي وابن حجر؛ كما نقله عنهما المناوي في "الفتح السماوي"(2/ 500): "ذكره الثعلبي في تفسره بلا إسناد ولا راوٍ، ونقله الواحدي في "أسباب النزول" [(ص 110)] عن الكلبي".

قلنا: والكلبي متهم، والأثر لا يصح أبداً.

ص: 434

شيء حتى نرجع إليك، فذكرت درجتك في الجنة؛ فكيف لنا برؤيتك إن دخلنا الجنة؟ فنزلت هذه الآية:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} ، قال: فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حديقة؛ أتاه ابنه؛ فأخبره، فقال عند ذلك: اللهم لا أرى شيئاً بعد حبيبي أبداً؛ فعمي مكانه؛ وذلك من شدة حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

. [ضعيف جداً]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بمكة، فقالوا: يا رسول الله! إنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا؛ صرنا أذلة، فقال:"إني أُمرتُ بالعفو؛ فلا تقاتلوا"، فلما حوّله الله إلى المدينة؛ أمر بالقتال؛ فكفوا؛ فأنزل الله عز وجل:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}

(2)

. [صحيح]

(1)

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأن مقاتل بن سليمان متروك.

(2)

أخرجه النسائي في "المجتبى"(6/ 2، 3)، وفي "الكبرى"(3/ 3 رقم 4293، 6/ 325 رقم 11112)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 108) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1005 رقم 5630)، والحسن بن سفيان في "مسنده" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 111، 112) -، والفاكهي في "أخبار مكة"؛ كما في "العجاب"(2/ 917)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 67 رقم 307) -وعنه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 11) - جميعهم من طريق الحسين بن واقد عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال مسلم.

وصححه شيخنا رحمه الله في "صحيح سنن النسائي"(رقم 2891).

ص: 435

• عن قتادة؛ قال: كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذٍ بمكة قبل الهجرة تسرَّعوا إلى القتال، فقالوا لنبي الله صلى الله عليه وسلم: ذرنا نتخذ معاول؛ فنقاتل المشركين بمكة، فنهاهم نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ وقال:"لم أُومر بذلك"، فلما كانت الهجرة وأمر بالقتال؛ كره القوم ذلك، فصنعوا فيه ما تسمعون؛ فقال الله -تعالى-:{قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}

(1)

. [صحيح لغيره]

• عن عكرمة: نزلت في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي: هم قوم أسلموا قبل أن يفرض عليهم القتال ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة، فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال:{فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} الآية إلى: {أَجَلٍ قَرِيبٍ} ؛ وهو الموت، قال الله:{قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 108) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب"(2/ 917، 918) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، ويشهد له حديث ابن عباس السابق.

وذكره السيوطي في "الدر المثنور"(2/ 594) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 108) من طريق سنيد ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة.

الثالثة: سنيد هذا ضعيف.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 108، 109)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1004/ 5620 و 1005/ 5631 و 1006/ 5634) من طريق =

ص: 436

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في اليهود

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: نهى هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم؛ يعني: اليهود

(2)

.

{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78)} .

• عن مجاهد؛ قال: كان فيمن كان قبلكم امرأة، وكان لها أجير، فولدت جارية، فقالت لأجيرها: انطلق فاقتبس لنا ناراً، فخرج فوجد بالباب رجلاً، فقال له الرجل: ما ولدت هذه المرأة؟ قال: جارية، قال: أما إن هذه الجارية لا تموت حتى تبغي بمائة، ويتزوجها أجيرها، ويكون موتها بالعنكبوت، قال: فقال الأجير في نفسه: فأنا أريد هذه بعد أن تفجر بمائة؛ فأخذ شفرة، فدخل، فشق بطن الصبية، وعولجت؛ فبرئت، فشبت، وكانت تبغي، فأتت ساحلاً من سواحل

= أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط؛ صدوق كثير الخطأ، يُغْرب.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 109)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1003 رقم 5619)، وعبد بن حميد وابن المنذر في "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 594) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهو مرسل صحيح.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 109).

قلنا: وهو ضعيف جداً؛ إسناده مسلسل بالعوفيين.

وهنالك أقوال أخرى واهية جداً، ذكرها الحافظ في "العجاب"(2/ 918)؛ فلتنظر.

ص: 437

البحر، فأقامت عليه تبغي، ولبث الرجل ما شاء الله، ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير، فقال لامرأة من أهل الساحل: ابغيني امرأة من أجمل امرأة في القرية أتزوجها، فقالت: هناك امرأة من أجمل النساء؛ ولكنها تبغي، قال: ائتيني بها، فأتتها، فقالت، قد قدم رجل له مال كثير، وقد قال لي: كذا، فقلت له: كذا، فقالت: إني قد تركت البغاء، ولكن إن أراد تزوجته، قال: فتزوجها، فوقعت منه موقعاً، فبينما هو يوماً عندها؛ إذ أخبرها بأمره، فقالت: أنا تلك الجارية؛ وأرته الشقَّ في بطنها، وقد كنت أبغي فما أدرى بمائة أو أقل أو كثر، قال: فإنه قال لي: يكون موتها بالعنكبوت، قال: فبنى لها برجاً بالصحراء وشيده، فبينما هما يوماً في ذلك البرج؛ إذا عنكبوت في السقف، فقالت: هذا يقتلني؟ لا يقتله أحد غيري فحركته فسقط، فأتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدخته، وساح سمه بين ظفرها واللحم؛ فاسودت رجلها؛ فماتت؛ فنزلت هذه الآية:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما استشهد الله من المسلمين من استشهد يوم أُحُد؛ قال المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد: لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية

(2)

. [موضوع]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 109، 110) -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"(3/ 288، 289) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1007، 1008 رقم 5640) عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل.

(2)

ذكره الحافظ في "العجاب"(2/ 919) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.

قلنا: إسناد مختلق مصنوع.

ص: 438

{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)} .

• عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه؛ قال: دخلت المسجد؛ فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب. فقال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة، فقلت: يا بنت أبي بكر! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب؟! عليك بعيبتك، قال: فدخلت على حفصة بنت عمر، فقلت لها: يا حفصة! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك، ولولا أنا؛ لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هو في خزانته في المشربة، فدخلت؛ فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر، فناديت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً، ثم قلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليَّ فلم يقل شيئاً، ثم رفعت صوتي؛ فقلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله! لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها؛ لأضربن عنقها، ورفعت صوتي. فأومأ إليّ أن ارقه. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير. فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه. فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظاً في ناحية الغرفة،

ص: 439

وإذا أفيق معلق؛ قال: فابتدرت عيناي، قال:"ما يبكيك يا ابن الخطاب؟! "، قلت: يا نبي الله! ومالي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته، وهذه خزانتك! فقال:"يا ابن الخطاب! ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ "، قلت: بلى، قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله! ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن؛ فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلما تكلمت -وأحمد الله- بكلام؛ إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية: آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]. وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! أطلقتهن؟ قال: "لا"، قلت: يا رسول الله! إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى، يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال:"نعم؛ إن شئت"، فلم أزل أحدثه؛ حتى تخسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك. وكان من أحسن الناس ثغراً. ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت، فنزلت أتشبت بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله! إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين، قال:"إن الشهر يكون تسعاً وعشرين"، فقمت على باب المسجد؛ فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله نساءه، ونزلت هذه الآية:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} ؛ فكنت

ص: 440

أنا استنبطت ذاك الأمر، وأنزل الله عز وجل آية التخيير

(1)

.

{فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ الله وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا في سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)} .

• عن زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد؛ رجع ناس من أصحابه، فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم؛ فنزلت: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد"

(2)

. [صحيح]

• عن ابن سعد بن معاذ؛ قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال:"مَنَ لي ممن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني؟ "، فقال سعد بن معاذ: إن كان من الأوس؛ قتلناه، وإن كان من إخواننا من الخزرج؛ أمرتنا فأطعناك؛ فقام سعد بن عبادة، فقال: ما بك يا ابن معاذ؟! طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد تكلمت ما هو منك؛ فقام أُسيد بن حُضير، فقال: إنك يا ابن عبادة! منافق تحب المنافقين؛ فقام محمد بن مسلمة، فقال: اسكتوا أيها الناس؛ فإن فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يأمرنا فننفِّذ أمره؛ فأنزل الله عز وجل:{فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(2/ 1105 - 1108 رقم 1479)(230).

(2)

أخرجه البخاري (رقم 1884، 4050، 4589)، ومسلم (رقم 1384 - مختصراً و 2776).

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1313، 1314 رقم 663)، وابن أبي =

ص: 441

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ} ؛ وذلك أن قوماً كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام؛ فليس علينا منهم بأس، وأن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة؛ قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الخبثاء، فاقتلوهم؛ فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم، وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله -أو كما قالوا- أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به، أمن أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم تستحل دماؤهم وأموالهم لذلك؟! فكانوا كذلك فئتين، والرسول عليه الصلاة والسلام عندهم لا ينهى واحداً من الفريقين عن شيء؛ فنزلت:{فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ الله}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أن قوماً من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأسلموا وأصابهم وباء المدينة حماها؛ فأركسوا، فخرجوا من المدينة، فاستقبلهم نفر من أصحابه؛ يعني: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا لهم: ما لكم رجعتم؟ قالوا: أصبنا وباء المدينة؛ فاجتوينا المدينة، فقالوا: أما لكم في رسول الله أُسوة، فقال بعضهم:

= حاتم في "تفسيره"(3/ 1023 رقم 5740) كلاهما من طريق الدراوردي عن زيد بن أسلم عن ابن سعد بن معاذ به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين زيد بن أسلم وابن سعد هذا، وزيد هذا كان يرسل ولم يصرح بالتحديث، ولم ينص أحد ممن كتب في الرجال أنه روى عن ابن سعد هذا.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 609)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 122)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 1023 رقم 5741) عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 442

نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا؛ هم المسلمون؛ فأَنزل الله عز وجل: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد: قوم خرجوا من مكة حتى أتوا المدينة، يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛ ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها؛ فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول: هم منافقون، وقائل يقول: هم مؤمنون؛ فبيّن الله نفاقهم؛ فأمر بقتالهم.

فجاءوا ببضائعهم يريدون المدينة، فلقيهم هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم حلف -وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين أو

(1)

أخرجه أحمد في "مسنده"(1/ 192): ثنا أسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.

الثانية: أبو سلمة لم يسمع من أبيه؛ كما صرح بذلك الأئمة؛ كما في "المراسيل"(ص 91)، و"التهذيب"(10/ 438، 439، 12/ 117).

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 7): "رواه أحمد؛ وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 610): "وأخرجه أحمد بسند فيه انقطاع".

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1024 رقم 5742) من وجه آخر عن أبي سلمة عن عبد الرحمن: أن نفراً من طوائف العرب هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمكثوا معه ما شاء الله أن يمكثوا، ثم ارتكسوا، فرجعوا إلى قومهم، فلقوا سرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرفوهم فسألوهم: ما ردكم؟ فاعتلوا لهم، فقال بعض القوم لهم: نافقتم، فلم يزل بعض ذلك حتى فشا فيهم القول؛ فنزلت هذه الآية:{فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} .

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، وجهالة أحد رواته وهو إسماعيل بن عبيد الله أبو سفيان.

ص: 443

يقاتل قومه-؛ فدفع عنهم؛ بأنهم يؤمّنون هلالاً، وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ} الآية: ذكر لنا أنهما كانا رجلين من قريش كانا مع المشركين بمكة، وكانا قد تكلما بالإِسلام، ولم يهاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيهما ناس من أصحاب نبي الله وهما مقبلان إلى مكة؛ فقال بعضهم: إن دماءهما وأموالهما حلال، وقال بعضهم: لا يحل لكم؛ فتشاجروا فيهما؛ فأنزل الله في ذلك: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} حتى بلغ: {وَلَوْ شَاءَ الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ}

(2)

. [ضعيف]

• عن السدي في قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} ؛ قال: كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنا قد أصابنا أوجاع في المدينة وأتخمناها، فلعلنا إن نخرج إلى الظهر حتى نتماثل ثم نرجع؛ فإنا كنا أصحاب برية، فانطلقوا.

واختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقالت طائفة: أعداء الله المنافقون، وددنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا فقتلناهم، وقالت طائفة: لا، بل إخواننا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 121)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1024 رقم 5744) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(5/ 121)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 122): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 610) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 444

تخمتهم المدينة فأتخموها؛ فخرجوا إلى الظهر يتنزّهون، فإذا برؤوا رجعوا؛ فقال الله:{فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} يقول: ما لكم تكونون فيهم فئتين {وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الضحاك يقول في قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} : هم ناس تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأقاموا بمكة، وأعلنوا الإيمان، ولم يهاجروا؛ فاختلف فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ من ولايتهم آخرون، وقالوا: تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يهاجروا؛ فسماهم الله: منافقين، وبرأ المؤمنين من ولايتهم، وأمرهم أن لا يتولوهم حتى يهاجروا

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} حتى بلغ: {فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا في سَبِيلِ اللهِ} ؛ قال: هذا في شأن ابن أُبيِّ حين تكلم في عائشة بما تكلم، فقال سعد بن معاذ: فإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله منه؛ يريد: عبد الله بن أبي ابن سلول

(3)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة: أخذ ناس من المسلمين أموالاً من المشركين،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 122) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 122).

قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: الانقطاع بين الطبري والحسين بن الفرج.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 122، 123): ثنا يونس، نا ابن وهب عن عبد الرحمن به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن متروك.

ص: 445

فانطلقوا بها تجاراً إلى اليمامة؛ فاختلف المسلمون فيهم؛ فقالت طائفة: لو لقيناهم قتلناهم وأخذنا ما في أيديهم، وقال بعضهم: لا يصلح لكم ذلك؛ إخوانكم انطلقوا تجاراً؛ فنزلت هذه الآية: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: "كيف ترون في الرجل يخاذل بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسيء القول لأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد برأها الله؟ "، ثم قرأ ما أنزل الله في براءة عائشة رضي الله عنها؛ فنزل القرآن في ذلك:{فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} الآية، فلم يكن بعد هذه الآية ينطق ولا يتكلم فيه أحد

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن الحسن، عن سُراقة بن مالك المدلجي حدثهم: أن قريشاً جعلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر أوقية، قال: فبينما أنا جالس؛ إذ جاءني رجل، فقال: إن الرجلين اللذين جعلت قريش فيهما ما جعلت قريب منك بمكان كذا وكذا، فأتيت فرسي وهو في الوعي، فنفرت به ثم أخذت رمحي، قال: فركبته، قال: فجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني فيهما أهل الماء، قال: فلما رأيتهما؛ قال أبو بكر: هذا باغ يبغينا؛ فالتفت إليّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"اللهم! اكفناه بما شئت"، قال: فوجل فرسي وإني لفي جلد من الأرض، فوقعت على حجر فانقلب، فقلت: ادع

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1024 رقم 5743) من طريق أبي أسامة: أخبرني عمران بن حدير عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 611) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1025 رقم 5748): قرئ على يونس بن عبد الأعلى: أنبأ ابن وهب: أخبرني عبد الرحمن به.

قلنا: وسنده واهٍ بمرة؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عبد الرحمن بن زيد؛ متروك.

ص: 446

الذي فعل بفرسي ما أرى أن يخلصه، وعاهده أن لا يعصيه، قال: فدعا له، فخلص الفرس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أواهبه أنت لي"، فقلت: نعم، فقال: فها هنا، قال:"فعمي عنا الناس"، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق الساحل مما يلي البحر، قال: فكنت أول النهار لهم طالباً، وآخر النهار لهم مسلحة، وقال لي:"إذا استقررنا بالمدينة؛ فإن رأيت أن تأتينا؛ فأتنا"، قال: فلما قدم المدينة وظهر على أهل بدر وأُحد وأسلم الناس من حولهم؛ قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى بني مدلج، قال: فأتيته، فقلت له: أنشدك النعمة، فقال القوم: مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعوه"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما تريد؟ "، فقلت: بلغني أنك تريد أن تبعث خالد بن الوليد إلى قومي، فأنا أحب أن توادعهم، فإن أسلم قومهم؛ أسلموا معهم، وإن لم يسلموا؛ لم تخشن صدور قومهم عليهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد، فقال له:"اذهب معه فاصنع ما أراد"، فذهب إلى بني مدلج، فأخذوا عليهم أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أسلمت قريش؛ أسلموا معهم؛ فأنزل الله:{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} حتى بلغ: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} ، قال الحسن: فالذين حصرت صدُورُهم: بني مدلج، فمن وصل إلى بني مدلج من غيرهم؛ كان في مثل عهدهم

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(14/ 331، 332 رقم 18461)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(*)(3/ 1026 رقم 5750)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(2/ 692، 693 رقم 678 - "بغية الباحث")، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 546) جميعهم من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن: أن سراقة. . وذكره.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علي بن زيد بن جدعان؛ ضعيف. =

(*) دون قصة الهجرة.

ص: 447

{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)} .

• عن مجاهد؛ قال: ناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان؛ يبتغون بذلك أن يأمنوا هنا وهنا؛ فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: حي كانوا بتهامة، قالوا: يا نبي الله! لا نقاتلك، ولا نقاتل قومنا، وأرادوا أن يأمنوا نبي الله ويأمنوا قومهم؛ فأبى الله ذلك عليهم، فقال:{كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} يقول: كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ

= قال علي بن المديني في "علله""ص 58، 59): "هو إسناد ينبو عنه القلب أن يكون الحسن سمع من سراقة؛ إلا أن يكون معنى حدثهم: حدث الناس، فهذا أشبه". اهـ.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 613)، وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1029 رقم 5769) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 614)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1029 رقم 5768) من طريق عن يزيد بن زرَيع عن سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 614)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 448

يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} يقول: كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنة أركسوا فيها، وذلك أن الرجل كان يوجد قد تكلم بالإِسلام، فيقرب إلى العود والحجر وإلى العقرب والخنفساء، فيقول المشركون لذلك المتكلم بالإِسلام: قل: هذا ربي -للخنفساء والعقرب

(1)

! [ضعيف جداً]

• عن السدي، قال: ثم ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي -وكان يأمن في المسلمين والمشركين، ينقل الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين؛ فقال:{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} يقول: إلى الشرك

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} .

• عن عكرمة: كان الحارث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل، ثم خرج الحارث بن يزيد مهاجراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلقيه عياش بالحرة؛ فعلاه بالسيف حتى سكت،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1029 رقم 5770) بسندهما المتكرر عن العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1029 رقم 5767) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

ص: 449

وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره؛ ونزلت: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد قال: قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} : عياش بن أبي ربيعة قتل رجلاً مؤمناً كان يعذبه هو وأبو جهل-وهو أخوه لأمه-؛ في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وعياش يحسب أن ذاك الرجل كافر كما هو، وكان عياش هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً. جاءه أخوه أبو جهل -وهو أخوه لأمه-، فقال: إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها -وهي أسماء بنت مخرمة-؛ فأقبل معه؛ فربطه أبو جهل حتى قدم به مكة، فلما رآه الكفار؛ زادهم كفراً وافتتاناً، فقالوا: إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء، ويأخذ أصحابه

(2)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي، فكان أخاً لأبي جهل بن هشام لأمه، وإنه أسلم وهاجر في المهاجرين الأولين قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبه أبو جهل والحارث بن هشام ومعهما رجل من بني عامر بن لؤي؛ فأتوه بالمدينة، وكان عياش أحب

(1)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 128) -: ثني حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف؛ كما تقدم مراراً.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 128)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1031 رقم 5781)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 14) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 615)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 450

إخوته إلى أمه، فكلموه، وقالوا: إن أمك قد حلفت أن لا يظلها بيت حتى تراك، وهي مضطجعة في الشمس؛ فأتها لتنظر إليك، ثم ارجع، وأعطوه موثقاً من الله لا يحجزونه حتى يرجع إلى المدينة، فأعطاه بعض أصحابه بعيراً له نجيباً، وقال: إن خفت منهم شيئاً فاقعد على النجيب، فلما أخرجوه من المدينة؛ أخذوه فأوثقوه، وجلده العامري؛ فحلف ليقتلن العامري، فلم يزل محبوساً بمكة حتى خرج يوم الفتح، فاستقبله العامري وقد أسلم -ولا يعلم عياش بإسلامه-؛ فضربه، فقتله؛ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن سعيد بن جبير في الآية؛ قال: إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه، وكان الحارث يومئذ مشركاً، وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش، فلقيه بالمدينة؛ فقتله، وكان قتله ذلك خطأ

(2)

. [ضعيف]

• عن القاسم بن محمد بن أبي بكر: أن الحارث بن زيد كان شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى الإِسلام وعياش لا يشعر، فلقيه عياش بن أبي ربيعة فحمل عليه فقتله؛ فأنزل الله عز وجل:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} الآية

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 128، 129) من طريق أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده واهٍ بمرة؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 616)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1031 رقم 5782) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن لهيعة؛ فيه كلام مشهور، والراوي عنه ليس من قدماء أصحابه.

(3)

أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 72) من طريق حماد بن سلمة عن ابن =

ص: 451

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ قال: نزل هذا في رجل قتله أبو الدرداء كانوا في سرية، فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له، فوجد رجلاً من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف، فقال: لا إله إلا الله، قال: فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا شققت عن قلبه؟ "، فقال: ما عسيت أجد؟ هل هو يا رسول الله! إلا دم أو ماء؟! قال: "فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه"، قال: كيف بي يا رسول الله؟! قال: "فكيف بلا إله إلا الله"، قال: فكيف بي يا رسول الله! قال: "فكيف بلا إله إلا الله؟ "؛ حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي، قال: ونزل القرآن: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} حتى بلغ: {إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} ؛ قال: إلا أن يضعوها

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن بكر بن حارثة الجهني؛ قال: كنت في سرية بعثها

= إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه به.

قلنا: وهذا سنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن.

وأخرجه البيهقي (8/ 131)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 813، 814 رقم 2137) من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش؛ قال: قال لي القاسم بن محمد به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد، وهو أصح من الذي قبله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 616، 617)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ثم رأينا الحافظ ذكره في "الإصابة"(1/ 295) ونسبه لأبي يعلى، والحارث بن أبي أسامه، وأبي مسلم الكجي.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 129): ثني يونس: نا ابن وهب عن عبد الرحمن.

قلنا: وهذا سنده واهٍ بمرةٍ؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد متروك.

ص: 452

رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فاقتتلنا نحن والمشركون، وحملت على رجل من المشركين؛ فتعوذ مني بالإِسلام؛ فقتلته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فغضب وأقصاني؛ فأوحى الله إليه:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} . قال: فرضي عني، وأدناني

(1)

. [ضعيف]

• عن جزء بن الحدرجان بن مالك -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-؛ قال: وقد أخي قذاذ بن الحدرجان بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن، من موضع يقال له: القتوتي، بسروات الأزد، بإيمانه وإيمان من أعطى الطاعة من أهل بيته -وهم إذ ذاك ستمائة بيت ممن أطاع الحدرجان، وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم-، فخرج قذاذ مهاجراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة أبيه الحدرجان، وإيمانهم، فلقيت في بعض الطريق سرية النبي صلى الله عليه وسلم، فقتلت قذاذاً. فقال قذاذ: أنا مؤمن! فلم يقبلوا وقتلوه في جوف الليل، فبلغنا ذلك، فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، وطلبت ثأري؛ فنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الآية، فأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم ألف دينار دية أخي، وأمر لي بمائة ناقة حمراء - وقال النبي صلى الله عليه وسلم-:"لا تمنعني أن أصير لك المائة الناقة دية أخرى؛ إلا أني لا أتعبأ سرية للمسلمين من بعد، فتكون دية المسلم ديتين"؛ فرضيت، وسلمت وعقد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية من سرايا المسلمين، فخرجت إلى حي حاتم طيء، وغنمت مغنماً كثيراً وأسرت أربعين امرأة من حي حاتم، فأتيت بالنسوة، وهداهن الله للإِسلام

(1)

أخرجه الدولابي؛ كما في "الإصابة"(1/ 163) -وعنه أبو نعيم في "المعرفة"(3/ 142 رقم 1214) - من طريق الحسن بن بشر بن مالك بن نافذ بن مالك حدثني أبي؛ أنه سمع أباه يحدث: عن أبيه عن جده به.

قلنا: فيه من لم نعرفه، ولم نجد له ترجمة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 617) وزاد نسبته للروياني وابن منده.

ص: 453

وزوجهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه

(1)

. [ضعيف]

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما أنزلت التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} [الفرقان: 68]؛ قال مشركو أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلهاً آخر، وقد آتينا الفواحش؛ فأنزل الله:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [الفرقان: 70]؛ فهذه لأولئك، وأما التي في النساء:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} ؛ فالرجل إذا عرف الإِسلام وشرائعه ثم قَتَلَ؛ فجزاؤه جهنم. فذكرته لمجاهد فقال: إلا من ندم

(2)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لقد نزلت في آخر ما نزلت ما نسخها شيء

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 628، 629 رقم 1690)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "الإصابة"(1/ 233) بسند ضعيف.

قال الحافظ ابن حجر: "هذا إسناد مجهول".

(2)

أخرجه البخاري (رقم 3855، 4764، 4765، 4766).

وأخرجه مسلم (رقم 3023)(20) من طريق سعيد بن جبير؛ قال: قلت لابن عباس: ألِمَن قتل مؤمناً متعمداً من توبة؟ قال: لا، قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى آخر الآية؛ قال: هذه آية مكية نسختها آية مدنية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} .

(3)

أخرجه البخاري (رقم 4590، 4763)، ومسلم (رقم (3023) 16، 17، 18).

ص: 454

• عن سعيد بن جبير في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ؛ قال: نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني، وذلك أنه أسلم وأخوه هشام بن ضبابة -وكان بالمدينة-، فوجد مقيس أخاه هشاماً ذات يوم قتيلاً في الأنصار في بني النجار، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من قريش من بني فهر ومعه مقيس إلى بني النجار ومنازلهم يومئذ بقباء أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك؛ وإلا فادفعوا إليه الدية، فلما جاءهم الرسول؛ قالوا: السمع والطاعة لله وللرسول، والله ما نعلم له قاتلاً، ولكن نؤدي الدية، فدفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه، فلما انصرف مقيس والفهري راجعين من قباء إلى المدينة وبينهما ساعة؛ عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله، وارتد عن الإِسلام، وركب جملاً منها وساق معه البقية، ولحق بمكة، وهو يقول في شعر له:

قتلت به فهراً وحملت عقله

سراة بني النجار أرباب فارع

وأدركت ثأري واضطجعت موسداً

وكنت إلى الأوثان أول راجع

فنزلت فيه بعد قتل النفس، وأخذ الدية، وارتد عن الإِسلام، ولحق بمكة كافراً {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة: أن رجلاً من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية؛ فقبلها، ثم وثب على قاتل أخيه، فقتله.

قال ابن جريج وقال غيره: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ديته على بني النجار،

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1037، 1038 رقم 5816) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن لهيعة؛ ضعيفة.

ص: 455

ثم بعث مقيساً وبعث معه رجلاً من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم، فاحتمل مقيس الفهري وكان رجلاً شديداً فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، ثم ألقى يتغنى:

قتلت به فهراً وحملت عقله

سراة بني النجار أرباب فارع

فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أظنه قد أحدث حدثاً، أما والله لئن كان فعل؛ لا أُومنه في حلّ ولا حرم، ولا سلم ولا حرب"، فقتل يوم الفتح.

قال ابن جريج: وفيه نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} . بعد قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [الفرقان: 70] بسنة

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية بعد الآية

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 137) من طريق سنيد: ثني حجاج عن ابن جريج من عكرمة.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع عن عكرمة.

الثالثة: سنيد ضعيف.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 138) من طريق شعبة ثنا معاوية بن قرة عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لضعف شهر بن حوشب.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 625)، وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

ص: 456

التي في سورة الفرقان بثمان سنين، وهو قوله:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} [الفرقان: 68]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} ؛ [الفرقان: 68]؛ عجبنا للينها، فلبثنا ستة أشهر، ثم نزلت التي في النساء:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} حتى فرغ

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 138، 139).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 136، 137 رقم 4869)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 106) من طريق سعيد بن أبي هلال عن جهم بن أبي الجهم: أن أبا الزناد أخبرهم: أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره عن زيد بن ثابت به.

قلنا: وهذا سند حسن في المتابعات؛ رواته ثقات؛ غير جهم؛ روى عنه ثلاثة، ووثقه ابن حبان (4/ 113)، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 521) برواية اثنين عنه، ويضاف لهم ثالث وهو راوي حديثنا هذا، وقال الذهبي في "الميزان" (1/ 426):"لا يُعرف".

قلنا: بل هو معروف برواية هؤلاء الثلاثة وتوثيق ابن حبان؛ فلا أقل أن يكون حسناً لغيره على أنه لم يتفرد بل توبع:

فقد أخرجه النسائي في "المجتبى"(7/ 87)، و"الكبرى"(2/ 288، 289 رقم 3470)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 139)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 136 رقم 4868) من طريق عبد الوهاب الثقفي وهياج بن بسطام وعباد بن عباد ثلاثتهم عن محمد بن عمرو بن علقمة عن موسى بن عقبة عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن أبيه بنحوه.

قلنا: وسنده حسن؛ إلا أن لفظ عبد الوهاب عند النسائي: "ثمانية أشهر"؛ لكن رواه النسائي من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو به =

ص: 457

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بلفظ: "ستة أشهر"؛ فوافق هياجاً وعباداً، لكنه أسقط من السند موسى بن عقبة.

ولذلك قال النسائي عقب روايته للحديث: "محمد بن عمرو لم يسمع من أبي الزناد".

قلنا: وهذا اختلاف في السند والمتن، والأرجح رواية ستة أشهر.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(8/ 10 رقم 1953)، وأبو داود في "سننه (4/ 104 رقم 4272)، والنسائي (7/ 87، 88) عن طريق حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن إسحاق وابن إسحاق كلاهما عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف: أن خارجة بن زيد؛ قال: سمعت زيداً به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ لأن مجالداً صدوق؛ كما في "التقريب"(2/ 229)، ووثقه ابن حبان في "الثقات"(7/ 296، 297).

أما الذهبي؛ فقال في "الميزان"(3/ 439): "لا يعرف؛ تفرد عنه أبو الزناد وأثنى عليه".

وأخرجه الطبراني (5/ 149 رقم 4906) من طريق وهب بن بقية: أنا خالد الطحان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف عن زيد بن ثابت.

قلنا: وسنده حسن؛ لأجل عبد الرحمن ومجالد، وهنا كما ترى سقط ذكر خارجة بن زيد.

ومن فوق عبد الرحمن ثقات أثبات، فحماد بن سلمة كما سبق رواه عن عبد الرحمن وابن إسحاق عن أبي الزناد بإثبات الواسطة.

وخالد الطحان -وهو أوثق من حماد بن سلمة- رواه عن عبد الرحمن به بإسقاط خارجة؛ فإما أن نرجح هذه الطريق؛ لأن رجالها أقوى، وإما أن يقال: إن لمجالد إسنادين؛ تارة عن زيد مباشرة، وتارة أخرى بالواسطة.

وهذا أحسن وأقوى من توهيم الثقات، على أن عبد الرحمن بن إسحاق الذي روى عنه حماد بن سلمة الحديث بوجود الواسطة لم يتفرد به، بل تابعه ابن إسحاق، وهذا مما يقوي أمره.

والأحسن أن يقال: إن له فيه إسنادين، والله أعلم.

ثم تأكد لنا أن له فيه إسنادين؛ فقد أخرجه البخاري في "التاريخ"(7/ 58)، =

ص: 458

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قوله: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى

= والطبراني في "الكبير"(5/ 149/ 4905) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه: أن عوف بن مجالد أخبره -قال: وكان امرئ صدق-؛ قال: وأخبرني ونحن عند خارجة بن زيد بن ثابت قال: قلت لزيد (فذكره).

قلنا: وهذا سند حسن، وهو يؤكد أن مجالداً سمعه من زيد بن ثابت مباشرة بحضرة خارجة، وقد يكون رواه عن خارجة؛ لأنه حضر المجلس؛ فسأل مجالد خارجة فأخبره، وهذا ممكن، وهذا الجمع أحسن من توهيم الثقات.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1321 رقم 667 - تكملة)، وابن جرير في "جامع البيان"(5/ 139) من طريق يحيى بن آدم، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1037 رقم 5814) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ثلاثتهم (سعيد ويحيى ومحمد) عن ابن عيينة عن أبي الزناد؛ قال: سمعت شيخاً في مسجد منى يحدث خارجة بن زيد، يقول: سمعت أباك -ها هنا- يقول: نزلت الشديدة هذه الآية، والهيّنة التي في الفرقان:{وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 68 - 70].

وقوله: "شيخاً"؛ المراد: مجالد بن عوف.

وخالفهم عبد الرزاق؛ فرواه في "تفسيره"(1/ 1/ 168) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 139) -: أنا ابن عيينة به، فذكره بنحوه؛ إلا أنه جعل بدل قوله -تعالى-:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48].

قلنا: وهي شاذة.

وأخرجه سمّويه في "فوائده"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 626) من طريق زيد بن ثابت به بلفظ: "أربعة أشهر".

والصواب رواية: "ستة أشهر".

ثم رأينا شيخنا الألباني رحمه الله صحح الحديث في "الصحيحة"(رقم 2799).

ص: 459

إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}؛ قال: كان رجل في غنيمة، فلحقه المسلمون؛ فقال: السلام عليكم؛ فقتلوه، وأخذوا غنيمته؛ فأنزل الله في ذلك إلى قوله:{عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تلك الغنيمة

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري (8/ 258 رقم 4591)، ومسلم (4/ 2319 رقم 3025).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 125 رقم 8990، 8991، 12/ 377، 378 رقم 14051، 14052)، و"مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 59 رقم 7626)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 59 رقم 7627)، وأحمد (1/ 229، 272، 324)، وعبد بن حميد في "تفسيره" -وعنه الترمذي (5/ 240 رقم 3030) -، والطبري في "جامع البيان"(5/ 141)، وابن حبان في "صحيحه"(11/ 59 رقم 4752 - "إحسان")، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 222 رقم 11731)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 115)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 235)، والبيهقي (9/ 115) جميعهم من طريق إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غنم له فسلم عليهم، قالوا: ما سلم عليكم؛ إلا ليتعوذ منكم، فقاموا؛ فقتلوه، وأخذوا غنمه، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} .

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه سماك بن حرب؛ صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة؛ فكان ربما يلقن.

لكن توبع على أصل القصة عند البخاري ومسلم في الحديث السابق.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وفي "تفسير القرآن العظيم" (1/ 551):"حديث حسن صحيح".

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال ابن كثير: "وهذا خبر عندنا صحيح سنده".

وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"(8/ 258).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 632)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 460

• عن عبد الله بن أبي حدرد رضي الله عنه؛ قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم، فخرجت في نفر من المسلمين؛ فيهم: الحارث بن ربعي أبو قتادة، ومحلّم بن جثامة بن قيس الليثي، فخرجنا، حتى إذا كنا ببطن إضَم؛ مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له، معه مُتّيع له ووطب من لبن، فلما مر بنا؛ سلّم علينا بتحية الإِسلام، فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه؛ فقتله، وأخذ بعيره ومتاعه، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرنا الخبر؛ نزل فينا القرآن:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}

(1)

. [حسن]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(14/ 547 رقم 18859)، و"مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 60 رقم 7629)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 133 - معلقاً)، وأحمد (6/ 11)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 140)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(2/ 679 رقم 729)، وابن الجارود في "المنتقى"(3/ 777/92)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1040 رقم 5826، 5827)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(4/ 136 - 137/ 1654) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول (ص 116) -، والطبراني؛ كما في "مجمع الزوائد" (7/ 8)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1358 رقم 3426، 1624، 1625 رقم 4088، 4089)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 115)، و"دلائل النبوة" (4/ 305، 306) جميعهم من طريق ابن إسحاق -وهذا في "مغازيه" (4/ 275 - ابن هشام) -: ثنا يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد عن أبيه به.

قلنا: وهذا سند حسن -إن شاء الله-؛ فيه القعقاع؛ روى عنه ثقتان هما: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن عبد الله، ووثقه ابن حبان في "الثقات"(3/ 349)، بل قال أبو حاتم والبخاري: له صحبة. =

ص: 461

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم؛ وجدوهم قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله؛ فأهوى إليه المقداد، فقتله؛ فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلاً يشهد أن لا إله إلا الله؟! لأذكرنَّ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالوا: يا رسول الله! إن رجلاً شهد أن لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقال:"ادع لي المقداد، يا مقداد! أقتلت رجلاً يقول: لا إله إلا الله؟ فكيف لك بلا إله إلا الله غداً؟ "؛ فأنزل الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد: "كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة من قبل"

(1)

. [ضعيف]

= قلنا: ولا يصح، وألمح أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(7/ 136) إلى أنه ليس من الضعفاء بل ممن يقبل حديثهم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 633)، وزاد نسبته لابن المنذر، وأبي نعيم في "الدلائل"، وعبد بن حميد.

وسكت عنه الحافظ في "الفتح"(8/ 259)، وأشار إلى ثبوته بقوله:"وهذه عندي قصة أخرى، ولا مانع أن تنزل الآية في الأمرين معاً".

وقال شيخه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 8): "رواه أحمد والطبراني؛ ورجاله ثقات".

(1)

أخرجه البخاري -معلقاً بصيغة الجزم- (12/ 187 رقم 6866) - ووصله البزار في "مسنده"(3/ 45 رقم 2202 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 24، 25 رقم 12379) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 148 - 150 رقم 147) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في =

ص: 462

= "تغليق التعليق"(5/ 242 - 243) -، والدارقطني في "الأفراد"؛ كما في "فتح الباري"(12/ 190) -ومن طريقه الحافظ في "تغليق التعليق"(5/ 243) -، وبحشل في "تاريخ واسط"(ص 178) جميعهم من طريق أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم ثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قال البزار: "لا نعلمه يروى إلا عن ابن عباس، ولا له عنه إلا هذا الطريق".

وقال الدارقطني: "هذا حديث غريب من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، تفرد به حبيب بن أبي عمرة، وتفرد به أبو بكر بن علي بن مقدم، وهو أخو عمر بن علي؛ وأبو بكر هذا والد محمد، وهو غريب الحديث".

قلنا: قال ابن حجر عنه في "التقريب"(2/ 3991): "مقبول"؛ يعني: حيث يتابع، وإلا؛ فلين، بل إنه خولف؛ فرواه الثوري عن حبيب به مرسلاً، وهو الصواب؛ كما سيأتي.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 9): "رواه البزار وإسناده جيد".

وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"(8/ 258، 12/ 191)؛ لكنه أشار في الموضع الثاني: أن أبا بكر توبع، تابعه الثوري؛ لكنه أرسله، وذكر في "تغليق التعليق"(5/ 244) أنها متابعة جيدة!

قلنا: بل هي مخالفة؛ فذاك موصول، وهذا مرسل -وهو أصح-.

فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 124، 125 رقم 8989، 12/ 377 رقم 14050)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1041 رقم 5834)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 142)، وأبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 115) - جميعهم من طريق وكيع، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1/ 149 رقم 3 - "بغية الباحث") -من طريق أبي إسحاق الفزاري كلاهما عن الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد به مرسلاً.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وهو أصح من الذي قبله.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1040 رقم 5828) من طريق مروان بن =

ص: 463

• عن ابن عمر: بعث النبي صلى الله عليه وسلم محلّم بن جثامة مبعثاً؛ فلقيهم عامر بن الأضبط، فحياهم بتحية الإِسلام، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية؛ فرماه محلم بسهم، فقتله، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتكلم فيه عيينة والأقرع، فقال الأقرع: يا رسول الله! أسَنَّ اليوم وغيّر غداً، فقال عيينة: لا، والله حتى تذوق نساؤه من الشكل ما ذاق نسائي، فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر له، فقال له

= محمد الطاطري عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أبو الزبير؛ مدلس، وقد عنعن، وأما ما يخشى من اختلاط ابن لهيعة واحتراق كتبه؛ فإن راويه عنه -مروان بن محمد- سمع منه قبل احتراق كتبه؛ كما قال ابن سيد الناس في "النفح الشذي"(2/ 803).

وقال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 259): "وهذا شاهد حسن".

قلنا: ويشهد له في الجملة: مرسل قتادة الذي أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 141)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الفتح"(8/ 258)، و"الدر المنثور" (2/ 634) بلفظ: وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الآية؛ قال: هذا حديث في شأن مرداس -رجل من غطفان-، ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جيشاً عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك، وبه ناس من غطفان، وكان مرداس منهم، فقرأ أصحابه، فقال مرداس: إني مؤمن وإني غير متبعكم، فصبحته الخيل غدوة، فلما لقوه؛ سلم عليهم مرداس، فتلقوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقتلوه، وأخذوا ما كان معه من متاع؛ فأنزل الله -جل وعلا- في شأنه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ؛ لأن تحية المسلمين السلام بها يتعارفون، وبها يحيي بعضهم بعضاً.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وهو شاهد قوي للسابق وهو أنها نزلت في مرداس هذا، ويكون الحديث بمجموع ذلك حسن -إن شاء الله-.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 141) من طريق أسباط بن نصر عن السدي نحوه.

قلنا: لكن هذا ضعيف بمرة؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"!.

ص: 464

النبي صلى الله عليه وسلم: "لا غفر الله لك"، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت به سابعة؛ حتى مات ودفنوه؛ فلفظته الأرض، فجاؤا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال:"إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله -جل وعز- أراد أن يعظكم"، ثم طرحوه بين صدفي جبل وألقوا عليه من الحجارة؛ ونزلت:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الرجل يتكلم بالإِسلام ويؤمن بالله والرسول، ويكون في قومه، فإذا جاءت سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بها حيَّهُ؛ -يعني: قومه- وأقام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل أنه على دينهم حتى يلقاهم؛ فيلقي إليهم السلام، فيقولون: لست مؤمناً وقد ألقى السلام؛ فيقتلونه، فقال الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} إلى: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ؛ يعني: تقتلونه؛ إرادة أن يحل لكم ماله الذي وجدتم معه، وذلك عرض الحياة الدنيا؛ فإن عندي مغانم كثيرة، والتمسوا من فضل الله.

وهو رجل اسمه مرادس، خلى قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليها رجل من بني ليث اسمه: قليب، حتى إذا وصلت الخيل؛ سلم عليهم؛ فقتلوه؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله بديته، ورد إليهم

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"؛ كما في "فتح الباري"(8/ 259) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 140) - عن نافع عن ابن عمر به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه، والراوي عنه عند الطبري سفيان بن وكيع؛ كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلى بوراقه، فأدخل عليه ما ليس في حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه.

وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"!

ص: 465

ماله، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الحسن البصري: أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبوا يتطرقون، فلقوا أناساً من العدو، فحملوا عليهم؛ فهزموهم، فشدّ منهم رجل فتبعه رجل يريد متاعه، فلما غشيه بالسنان؛ قال: إني مسلم، إني مسلم، فأوجزه بالسنان فقتله، وأخذ متبعيه، قال: فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاتل:"أقتلته بعد ما قال: إني مسلم؟! "، قال: يا رسول الله! قالها متعوذاً، قال:"أشققت قلبه؟ "، قال: لم يا رسول الله؟! قال: "لتعلم أصادقاً هو أو كاذباً"، قال: وكنت عالماً ذلك يا رسول الله! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما كان يعبر عنه لسانه، إنما كان يعبر عنه لسانه"، قال: فما لبث القاتل أن مات؛ فحفر له أصحابه، فأصبح وقد وضعته الأرض، ثم عادوا فحفروا له، فأصبح وقد وضعته الأرض إلى جنب قبره -قال الحسن: فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم دفناه، مرتين، أو ثلاثة؟ - كل ذلك لا تقبله الأرض، فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا؛ برجليه فألقيناه في بعض تلك الشعاب، فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} . أهل الإِسلام إلى آخر الآية. قال الحسن: أما والله ما ذاك إلا يكون الأرض تجن من هو شر منه، ولكن وعظ الله القوم ألا يعودوا

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1041 رقم 5831، 5832) -لكن سقط منه أوله- بالسند المسلسل بالعوفيين عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1039 رقم 5824): حدثنا أبي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. =

ص: 466

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} ؛ قال: بلغني أن رجلاً من المسلمين أغار على رجل من المشركين؛ فحمل عليه، فقال المشرك: إني مسلم، لا إله إلا الله، فقتله بعد أن قالها، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال للذي قتله:"وقد قال لا إله إلا الله!! "، قال -وهو يعتذر-: يا نبي الله! إنما قالها متعوذاً، وليس كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فهلا شققت عن قلبه؟! "، ثم مات قاتل الرجل؛ فقبر؛ فلفظته الأرض، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فأمرهم أن يعيدوه، ثم لفظته، ثم أمرهم أن يعيدوه، ثم لفظته الأرض، فعل ذلك ثلاث مرات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الأرض قد أبت أن تقبله، فألقوه في غار من الغيران"

(1)

. [ضعيف]

• عن مسروق: أن قوماً من المسلمين لقوا رجلاً من المشركين في غنيمة له، فقال: السلام عليكم إني مؤمن، فظنوا أنه يتعوذ بذلك؛ فقتلوه، وأخذوا غنيمته، قال: فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ} تلك الغنيمة، {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا}

(2)

. [صحيح لغيره]

• عن مجاهد؛ قال: راعي غنم لقيه نفر من المؤمنين؛ فقتلوه،

= وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 310) بنحوه من طريق أخرى -ضعيفة- عن الحسن به.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 168 - 169)، ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 142) نا معمر عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 142): ثنا محمد بن بشار: ثنا أبو أحمد الزبيري عن الثوري عن أبي الضحى عن مسروق به.

قلنا: وهو مرسل قوي، يشهد له حديث ابن عباس المتقدم.

ص: 467

وأخذوا ما معه، ولم يقبلوا منه: السلام عليكم، فإني مؤمن

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن زيد عن أسلم: نزلت في رجل قتله أبو الدرداء، فذكر من قصة أبي الدرداء نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد

(2)

. [ضعيف جداً]

{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95)} .

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً؛ فجاءه بكتف، فكتبها، وشكا ابن أم مكتوم ضرارته؛ فنزلت:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(3)

. [صحيح]

• عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه؛ أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالساً في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا: أن زيد بن ثابت أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليّ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، قال: فجاءه ابنُ أُمِّ مكتوم، وهو يُملها عليَّ؛ فقال: يا رسول الله! لو استطيع الجهاد؛ لجاهدتُ -وكان رجلاً

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 142) من طريق ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: وهو مرسل صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 636) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 142): ثني يونس عن ابن وهب عنه به.

قلنا: وسنده ساقط؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد متروك.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(6/ 45 رقم 2831، 8/ 259، 260 رقم 4593، 4594، 9/ 22 رقم 4990)، ومسلم في "صحيحه"(3/ 1508، 1509 رقم 1898) وغيرهما.

وقد فات السيوطي أن يذكر مسلماً ضمن من خرج الحديث، لما ذكره في "الدر المنثور"(2/ 639)؛ فليستدرك.

ص: 468

أعمى-؛ فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم، فخذه على فخذي، فثقلت عليَّ؛ حتى خفت أن تُرضَّ فخذي، ثم سُرِّي عنه؛ فأنزل الله عز وجل:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(6/ 45 رقم 2832، 8/ 259 رقم 4592) وغيره.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(رقم 2314 - الأعظمي)، و (4/ 1354 - 1356 رقم 681 - تكملة)، وأحمد (5/ 190، 191)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 211)، وأبو داود (4/ 24، 25 رقم 2507)، والطحاوي في "المشكل"(4/ 143، 144 رقم 1499)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ رقم 4851، 4852)، والحاكم (2/ 81، 82)، والبيهقي (9/ 23، 24) جميعهم من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجه بن زيد: أن أباه زيد بن ثابت؛ قال: كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغشيته السكينة، فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سرّيَ عنه؛ فقال:"اكتب"؛ فكتبت في كتف: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . الْمُجَاهِدُونَ} إلى آخر الآية، فقام ابن أم مكتوم -وكان رجلاً أعمى- لما سمع فضيلة المجاهدين؛ فقال يا رسول الله! فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ قال خارجة: قال زيد: فلما قضى ابن أم مكتوم كلامه؛ غشيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم السكينةُ، فوقعت فخذه على فخذي؛ فوجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت من ثقلها في المرة الأولى، ثم سرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"اقرأ يا زيد! "، فقرأت:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الآية كلها. قال: يقول زيد: أنزلها الله وحدها؛ فألحقتها، والذي نفسي بيده؛ لكأني انظر إلى ملحقها عند صدع في الكتف.

قلنا: وهذا إسناده حسن.

وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 640)، وزاد نسبته لابن المنذر وابن الأنباري.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 169) -وعنه أحمد في "المسند"(5/ 184)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 145)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

ص: 469

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} عن بدر والخارجون إلى بدر لما نزلت غزوة بدر، قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم: إنا أعميان يا رسول الله؛ فهل لنا رخصة؟! فنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ؛ فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر، {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر

(1)

. [صحيح]

• عن الفَلَتان بن عاصم؛ قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأُنزل عليه، -وكان إذا أنزل عليه؛ رام بصره، مفتوحة عيناه، وفرغ سمعه وقلبه لما

= (3/ 1043، 5846)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ رقم 4899)، وابن حبان في "صحيحه"(11/ رقم 4713 - إحسان)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(رقم 175) -، والطبراني (4899) من طريق ابن المبارك كلاهما عن معمر عن الزهري عن قبيصة بن ذؤبب عن زيد بن ثابت؛ قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} "، فجاء عبد الله بن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله! إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الزمانة ما قد ترى، وقد ذهب بصري، قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي؛ حتى خشيت أن ترضها، ثم قال:"اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ".

قلنا: وهذا سند صحيح، وقد ذكرنا هذه الروايات وفصلنا فيها؛ لأن فيها زيادات ليست عند البخاري.

(1)

أخرجه الترمذي في "سننه"(5/ 241 رقم 3032)، والنسائي في "التفسير"(1/ 399 رقم 137)، والطحاوي في "المشكل"(4/ 141 رقم 1496)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 145) والبيهقي في "الكبرى" (9/ 47) من طريق حجاج من محمد المصيصي عن ابن جريج: أخبرني عبد الكريم سمع مقسماً مولى عبد الله بن الحارث يحدث عن ابن عباس: (فذكره).

قلنا: وسنده صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه في "صحيحه"(7/ 290 رقم 3954، 8/ 260 رقم 4595) مختصراً ليس فيه اللفظ المذكور.

وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور"(2/ 641) لابن المنذر.

ص: 470

يأتيه من الله-، قال: فكنا نعرف ذلك منه، فقال للكاتب:"اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} "، قال: فقام الأعمى، فقال: يا رسول الله! ما ذنبنا؟ فقلنا للأعمى: إنه ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فخاف أن يكون ينزل عليه شيء من أمره؛ فبقي قائماً يقول: أعوذ بالله من غضب رسول الله، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكتب: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} "

(1)

. [صحيح]

• عن زيد بن أرقم؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(8/ 546، 547 رقم 3937 - المسندة)، و"الإصابة"(3/ 209)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 60، 61 رقم 7630)، وأبو يعلى في "المسند"(3/ 156، 157 رقم 1583) -وعنه ابن حبان في "صحيحه"(رقم 1733 - "موارد") -، والطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 280، 281 رقم 856)، والبزار في "مسنده"(3/ 45، 46 رقم 2203 - "كشف")، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2/ 281 رقم 1039/ 58 رقم 2593)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 148، 149 رقم 1503) جميعهم من طريق عبد الواحد بن زياد: ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن الفلتان به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات.

قال البزار: "حديث الفلتان يروى بإسناد أحسن من هذا"، وصححه ابن حبان.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 280): "رواه أبو يعلى؛ ورجاله ثقات".

وقال (7/ 9): "رواه أبو يعلى والبزار بنحوه والطبراني بنحوه. . . ورجال أبي يعلى ثقات".

وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة"(6/ 272): "رواته ثقات".

وقال (6/ 287): "هذا إسناد رجاله ثقات".

وسكت عليه الحافظ في "فتح الباري"(8/ 261).

وصححه شيخنا الإِمام الألباني رحمه الله في "صحيح موارد الظمآن"(1450).

ص: 471

أَجْرًا عَظِيمًا}؛ جاء ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله! أما لي رخصة؟ قال: "لا"، قال ابن أم مكتوم: اللهم إني ضرير؛ فرخص لي؛ فأنزل الله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابتها

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن شداد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ قام ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله! إن فيَّ ما ترى؛ فأنزل الله عز وجل: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(2)

. [صحيح]

• عن أنس بن مالك؛ قال: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ، لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء

(3)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: هم قوم كانوا على عهد

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 144، 145)، والطبراني في "الكبير" (5/ 190 رقم 5053) كلاهما عن أبي كريب: ثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان الشيباني عن أبي إسحاق السبيعي عن زيد بن أرقم به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ أبو إسحاق السبيعي مدلس، وكان اختلط. وقد عنعن، ولم يذكروا أبا سنان الشيباني فيمن روى عنه قبل اختلاطه، وباقي رجاله محتج بهم.

قلنا: لكن الحديث صحيح على كل حال بشواهده المتقدمة.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1360 رقم 682)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 145) من طريق خالد الطحان وهشيم كلاهما عن حصين بن عبد الرحمن السلمي عن عبد الله به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 642)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ويشهد له ما سبق.

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1360 رقم 683 - تكملة) عن سفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن أنس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن علياً هذا ضعيف؛ لكنه صحيح بما سبق، وما سيأتي من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ص: 472

رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغزون معه؛ لأسقام وأمراض وأوجاع، وآخرون أصحاء لا يغزون معه، وكان المرضى في عذر من الأصحاء

(1)

. [صحيح]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ. . .} ؛ فقال رجل أعمى: يا نبي الله! فأنا أحب الجهاد ولا أستطيع أن أجاهد؛ فنزلت: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ؛ فسمع بذلك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! قد أنزل الله في الجهاد ما قد علمت، وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد؛ فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أمرت في شأنك بشيء، وما أدري هل يكون لك ولأصحابك من رخصة؟ "، فقال ابن أم مكتوم:

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 128 ر قم 12775)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 147)، والبيهقي (9/ 24) من طرق عن أبي عقيل الدورقي عن أبي نضرة عن ابن عباس به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 9): "رواه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما ثقات".

قلنا: إسناده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 642)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 145): ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن عمرو بن أبي قيس عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل.

الأولى: الإرسال.

الثانية: عطاء بن السائب؛ اختلط، وعمرو ليس ممن روى عنه قبل الاختلاط.

الثالثة: ابن حميد شيخ الطبري؛ حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه؛ كما في "التقريب".

قلنا: واتهمه بعض العلماء.

ص: 473

اللهم إني أنشدك بصري؛ فأنزل الله بعد ذلك على رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى قوله: {عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي؛ قال: لما أُنزلت هذه الآية؛ قال ابن أم مكتوم: يا رسول الله! إني أعمى ولا أطيق الجهاد؛ فأنزل الله فيه: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قال: عذر الله أهل العذر من الناس فقال: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} وكان منهم ابن أم مكتوم، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم

(3)

. [ضعيف]

• عن أبي عبد الرحمن؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ فقال ابن أم مكتوم: يا رب! ابتليتني؛ فكيف أصنع؟ فنزلت: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(4)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 145) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 146) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 145): ثنا بشر العقدي: ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 642) -عنه؛ أنه قال: ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية؛ قال ابن أم مكتوم: يا نبي الله! عذري؟ فأنزل الله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .

(4)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 210)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 146) من طريق إسرائيل عن زياد بن فياض عن أبي عبد الرحمن به. =

ص: 474

• عن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ؛ قال ابن أم مكتوم: أي رب! أنزل عذري، أنزل عذري؛ فأنزل الله:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ؛ فجعلت بينهما، وكان بعد ذلك يغزو فيقول: ادفعوا إليَّ اللواء؛ فإني أعمى لا أستطيع أن أغزو، أقيموني بين الصفين

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: نزلت في ابن أم مكتوم أربع آيات: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ، ونزل فيه:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} ، ونزل فيه:{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ} ، ونزل فيه:{عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: 1]؛ فدعا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأدناه وقربه، وقال:"أنت الذي عاتبني فيك ربي"

(2)

. [ضعيف]

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)} .

• عن أبي الأسود؛ قال: قطع على أهل المدينة بعث، فاكْتُتِبْتُ فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشدَّ النَّهي، ثم قال: أخبرني ابنُ عباس: أنا ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأتي السهم يرمى به فيصيب

= قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 643)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 210): نا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة نا ثابت عن عبد الرحمن به.

قلنا: إسناده صحيح؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 643)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 643)، ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو مرسل.

ص: 475

أحدَهم فيقتله، أو يُضرَبُ فيُقتل؛ فأنزل الله:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 262 رقم 4596، 13/ 37 رقم 7085) وغيره. وأخرجه البزار في "مسنده"(3/ 46 رقم 2204 - "كشف")، والطبري في "جامع البيان"(5/ 148)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1046 رقم 5863) من طريق أبي نعيم وأبي أحمد الزبيري كلاهما عن محمد بن شريك المكي: ثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: كان ناس من أهل مكة أسلموا، وكانوا مستخفين بالإِسلام، فلما خرج المشركون إلى بدر؛ أخرجوهم مكرهين، فأُصيبَ بعضهم يوم بدر مع المشركين، فقال المسلمون: أصحابنا هؤلاء مسلمون أخرجوهم مُكرَهين، فاستغفروا لهم؛ فنزلت هذه الآية:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية، فكتب المسلمون إلى من بقي منهم بمكة بهذه الآية، فخرجوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ ظهر عليهم المشركون وعلى خروجهم؛ فلحقوهم، فردّوهم، فرجعوا معهم؛ فنزلت هذه الآية:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10]؛ فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا؛ فنزلت هذه الآية: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)} [النحل: 110]؛ فكتبوا إليهم بذلك.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا محمد بن شريك، وهو ثقة.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 9): "روى البخاري بعضه، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح".

وسكت عن هذه الرواية الحافظ في "فتح الباري"(8/ 263).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 646)، وزاد نسبته لابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في "سننه".

قلنا: هو عند البيهقي عن عكرمة به مرسلاً؛ كما سيأتي.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 171) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 149، 152)، والفاكهي في "أخبار مكة"(4/ 62 رقم 2382)، =

ص: 476

• عن عكرمة قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} إلى قوله: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ؛ قال: نزلت في قيس بن الفاكه بن

= وأبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة"(2/ 212)، والبيهقي في "الكبرى"(9/ 14) جميعهم من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة به مرسلاً.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد، وما قبله صحيح -أيضاً-، ولا تعارض بين الوصل والإرسال؛ فالوصل زيادة من الثقة مقبولة.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 217 رقم 11708)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 118، 119) كلاهما من طريق سهل بن عثمان: ثنا عبد الرحيم بن سليمان: ثنا أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس بنحو السابق.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أشعث بن سوار الكندي، ضعيف؛ كما في "التقريب"(1/ 79).

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 148) عن أبي هشام الرفاعي: ثنا محمد بن فضيل: ثنا أشعث عن عكرمة به مرسلاً.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أشعث ضعيف.

الثالثة: هشام الرفاعي؛ ضعيف.

وأخرجه ابن مردويه؛ كما في "فتح الباري"(8/ 263) من طريق أشعث به، وفيه: سمّى منهم: قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة والوليد بن عتبة بن ربيعة وعمرو بن أمية بن سفيان وعلي بن أمية بن خلف، وذكر في شأنهم أنهم خرجوا إلى بدر، فلما رأوا قلة المسلمين؛ دخلهم الشك، وقالوا: غر هؤلاء دينهم؛ فقتلوا ببدر.

وسنده ضعيف؛ كالسابق، وسكت عليه الحافظ في "الفتح".

وأخرجه الطبراني -أيضاً- (11/ 352 رقم 12260) من طريق قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لضعف قيس بن الربيع.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 9): "فيه قيس الربيع، وثقه شعبة وغيره، وضعفه جماعة". اهـ.

ص: 477

المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبي العاص بن منبه بن الحجاج وعلي بن أمية بن خلف، قال: لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة؛ خرجوا معهم بشبان كارهين كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد، فقتلوا ببدر كفاراً، ورجعوا عن الإِسلام، وهم هؤلاء الذين سميناهم

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان قوم بمكة قد أسلموا، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كرهوا أن يهاجروا وخافوا؛ فأَنزل الله:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ؛ قال: لما أُسِرَ العباسُ وعقيل ونوفل؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "افْدِ نفسك وابنَ أخيك"، قال: يا رسول الله! ألم نُصَلِّ قبلتك، ونشهد شهادتك؟ قال: "يا عباس! إنكم خاصمتم؛ فَخُصِمْتُم، ثم تلا هذه الآية: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 148، 149) من طريق سنيد: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة.

الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف.

لكن أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1046 رقم 5865) من طريق محمد بن عيسى بن سميع: ثنا روح بن القاسم عن ابن جريج عن عكرمة.

قلنا: وهذا سند خير من سابقه؛ لكن تبقى فيه علّة الانقطاع.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 646)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 148) من طريق العوفي عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين.

ص: 478

وَسَاءَتْ مَصِيرًا} "، فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر؛ فهو كافر حتى يهاجر:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} ؛ حيلة في المال، والسبيل: الطريق

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن إسحاق في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} قال: هم خمسة فتية من قريش: علي بن أمية، وأبو قيس بن الفاكه، وزمعة بن الأسود، وأبو العاص بن منبه بن الحجاج. قال: ونسيت الخامس

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} ، حدثنا: أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإِسلام من أهل مكة، فخرجوا مع عدو الله أبي جهل، فقُتِلُوا يوم بدر، فاعتذروا بغير عذر؛ فأبى الله أن يقبل منهم، وقوله:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} [النساء: 98]: أناس من أهل مكة وعذرهم الله؛ فاستثناهم؛ فقال: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)}

(3)

. [ضعيف]

• عن الضحاك في الآية؛ قال: هم أناس من المنافقين، تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلم يخرجوا معه إلى المدينة، وخرجوا مع

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1047 رقم 5869) من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 1/ 172) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1046 رقم 5864) - عن ابن عُيينة عن ابن إسحاق به.

قلنا: وهو ضعيف جداً؛ لإعضاله.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1048 رقم 5876) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عنه به.

قلنا: وهذا صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 647)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 479

مشركي قريش إلى بدر، فأُصيبوا يوم بدر فيمن أصيب؛ فأنزل الله فيهم هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} فقرأ حتى بلغ: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [النساء: 98]؛ فقال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وظهر ونبع الإيمان؛ نبع النفاق معه، فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالٌ، فقالوا: يا رسول الله! لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبوننا ويفعلون ويفعلون؛ لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فكانوا يقولون ذلك له، فلما كان يوم بدر؛ قام المشركون، فقالوا: لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحنا ماله، فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وسلم معهم؛ فَقُتِلَتْ طائفةٌ منهم، وأُسِرت طائفة. قال: فأما الذين قتلوا؛ فهم الذين قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية كلها {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم، {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}. قال: ثم عذر الله أهل الصدق؛ فقال: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} [النساء: 98]، يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا:{فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [النساء: 99]: إقامتهم بين ظهري المشركين، وقال الذين أسروا: يا رسول الله! إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفاً؛ فقال الله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70]: صنيعكم الذي صنعتم بخروجكم مع المشركين

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1046، رقم 5866).

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 480

على النبي صلى الله عليه وسلم، {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} خرجوا مع المشركين، {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 71]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت فيمن قتل يوم من الضعفاء من كفار قريش

(2)

. [ضعيف]

{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجراً؛ فقال لأهله: احملوني؛ فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزل الوحي:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} حتى بلغ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 149 - 150): ثنا يونس: ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن متروك.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 150)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1047 رقم 5867) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

وذكره السيوطي في "الدر"(2/ 647)؛ وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(3)

أخرجه أبو يعلى في "المسند"(5/ 81 رقم 2679) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"(2/ 443) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 217، 218 رقم 11709) -وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1548 رقم 3922) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1051 رقم 5889)، والواحدي في "أسباب النزول"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 351، 352) كلهم من طريق أشعث بن سوار الكندي عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ أشعث ضعيف؛ كما في "التقريب"(1/ 79).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 10): "رواه أبو يعلى؛ ورجاله ثقات!! ". =

ص: 481

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلنا: هذا وهم؛ فأشعث ضعيف، وفاته أنه عند الطبراني.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 152)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1050 رقم 5887) كلاهما قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي: ثنا أبو أحمد الزبيري: ثنا محمد بن شريك المكي عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97]، وكان بمكة رجل يقال له: ضمرة من بني بكر، وكان مريضاً فقال لأهله: أخرجوني من مكة؛ فإني أجد الحرَّ، فقالوا: أين نخرجك؟ فأشار بيده نحو المدينة؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ} إلى آخر الآية.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا محمد بن شريك، وهو ثقة.

(تنبيه): في "جامع البيان"؛ "شريك" بدل "محمد بن شريك"، فظنه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند من أسباب النزول"، وكذا المعلق على "مسند أبي يعلى" أنه شريك القاضي النخعي الكوفي -وهو ضعيف-؛ فضعفا الحديث!! وقد وهما في ذلك للوجوه الآتية:

الأول: أن الطبري نفسه روى حديثاً آخر بالسند نفسه في (5/ 148)[في تفسير: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النساء: 97]]؛ فذكر محمد بن شريك على الجادة، وهو كذلك في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 554، 555).

الثاني: جاء منسوباً عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" في المكان الذي أشرنا إليه آنفاً.

الثالث: أنهم لم يذكروا في ترجمة عمرو بن دينار أنه روى عنه شريك القاضي بينما ذكروا محمد بن شريك ضمن الرواة عنه، كذلك لم يذكروا في ترجمة شريك أنه روى عن عمرو بن دينار، بينما ذكروا ذلك في ترجمة محمد أنه روى عن عمرو بن دينار؛ كما في "تهذيب الكمال"(22/ 8)، (12/ 463 - 465).

الرابع: قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(2/ 212 رقم 4190) في ترجمة ضمرة: "قال ابن منده: رواه أبو أحمد الزبيري عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس، وعلقه أبو نعيم في "المعرفة" [(3/ 1547)] بقوله: "ورواه أبو أحمد الزبيري عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس. . .". اهـ.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 650)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 482

• وعنه -أيضاً-رضي الله عنه: أن عبد الرحمن بن عوف كتب إلى أهل مكة لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} ؛ فلما قرأها المسلمون؛ قال ضمضم بن عمرو الخزاعي: والله لأخرجن، وكان مريضاً، وقال آخرون: تمارض عمداً؛ ليخرج، فقال: أخرجوني من مكة؛ فقد آذاني فيها الحر، فخرج حتى انتهوا به إلى التنعيم، فتوفي؛ فأنزل الله عز وجل:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

(1)

. [موضوع]

• عن سعيد بن جبير: أن رجلاً من خزاعة كان بمكة؛ فمرض -وهو ضمرة بن العيص، أو العيص بن ضمرة بن زنباع- فأمر أهله، ففرشوا له على سرير، وحملوه وانطلقوا به متوجهاً إلى المدنية، فلما كان بالنتعيم؛ مات؛ فنزلت:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1549 رقم 3925): حدثنا الطبراني: ثنا بكر بن سهل: ثنا عبد الغني بن سعيد: ثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء وعن مقاتل عن الضحاك كلاهما عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند موضوع، وهاك البيان:

أما الأول؛ فقال الحافظ ابن حجر في "العجاب"(1/ 225): "ومن التفاسير الواهية؛ لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين، يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وقد نسبَ ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث، ورواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي -وهو ضعيف-". اهـ.

قلنا: وانظر -لزاماً-: "الميزان"(4/ 211).

وأما الثاني؛ فقال الحافظ -أيضاً- في "العجاب"(1/ 217): "ومنها -أي: تفاسير ضعفاء التابعين-: تفسير مقاتل بن سليمان، وقد نسبوه إلى الكذب، وقال الشافعي: مقاتل؛ قاتله الله -تعالى-. . . وروى تفسير مقاتل هذا عنه: أبو عصمة؛ نوح بن أبي مريم الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب. ورواه -أيضاً- عن مقاتل: هذيل بن حبيب -وهو ضعيف-؛ لكنه أصلح حالاً من أبي عصمة". اهـ.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1361، 1362 رقم 685) -ومن طريقه =

ص: 483

• عن الزبير بن العوام؛ قال: هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة؛ فنهشته حية في الطريق؛ فمات؛ فنزلت فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .

قال الزبير: فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة، فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغتني؛ لأنه قل أحد ممن هاجر من قريش إلا ومعه بعض أهله، أو ذوي رحمه، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن

= البيهقي في "سننه"(9/ 14، 15) -، والطبري في "جامع البيان"(5/ 151)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1547 رقم 3921)، جميعهم من طريق هشيم بن بشير عن جعفر بن إياس عن سعيد به.

قلنا: وسنده مع إرساله: ضعيف؛ فيه هشيم مدلس، وقد عنعن.

لكن تابعه شعبة عند الطبري (5/ 151)؛ فصح الحديث مرسلاً إلى عكرمة.

وأخرجه الفريابي في "تفسيره"؛ كما في "الإصابة"(2/ 212): ثنا قيس بن الربيع، والطبري في "جامع البيان"(5/ 152، 153): ثنا الحارث بن أبي أسامة: ثنا عبد العزيز بن أبان: ثنا قيس. وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1051 رقم 5890) من طريق إسرائيل كلاهما عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]؛ قال: رخص فيها من المسلمين ممن كان بمكة من أهل الضرر حتى نزلت فضيلة المجاهدين على القاعدين؛ فقالوا: قد بيّن الله فضيلة المجاهدين على القاعدين ورخص لأهل الضرر حتى نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] قالوا: هذه موجبة حتى نزلت: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98} [النساء: 98]؛ فقال ضمرة بن العِيص الزرقي -أحد بني ليث، وكان مصاب البصر-: إني لذو حيلة؛ لي مال، ولي رقيق؛ فاحملوني، فخرج وهو مريض، فأدركه الموت عند التنعيم؛ فدفن عند مسجد التنعيم؛ فنزلت فيه هذه الآية:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} .

قلنا: وهذا سند صحيح إلى سعيد؛ لكنه مرسل.

ص: 484

عبد العزي ولا أرجو غيره

(1)

. [حسن]

• عن عبد الرحمن الحزامي؛ قال: خرج خالد بن حزام مهاجراً إلى أرض الحبشة في المرة الثانية؛ فنهش بالطريق؛ فمات قبل أن يدخل أرض الحبشة؛ فنزلت فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}

(2)

. [حسن]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في أكثم بن صيفي، قيل: فابن الليثي؟ قال: هذا قبل الليثي بزمان، وهي خاصة عامة

(3)

.

• عن عكرمة؛ قال: كان الناس من أهل مكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله، قال: فلما خرج المشركون إلى بدر؛ أخرجوهم معهم، فقتلوا؛

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1050 رقم 5888)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(2/ 953، 954 رقم 2465) من طريق عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي عن المنذر بن عبد الله عن هشام بن عروة عن أبيه: أن الزبير قال: (فذكره).

قلنا: وهذا سند حسن؛ مداره على المنذر بن عبد الله؛ روى عن جمع كثير من الثقات، ووثقه ابن حبان (7/ 518)، وأثنى عليه الخطيب في "التاريخ"(3/ 244).

ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، ومن دونه صدوقون.

وقال ابن كثير: "وهذا الأمر غريب جداً".

وذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 80) وزاد نسبته لابن منده والبارودي في "الصحابة".

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(4/ 119): نا محمد بن عمر ثني المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي قال: أخبرنا أبي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ الواقدي متروك الحديث، وكذبه أحمد وغيره، لكنه حسن بما قبله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 651)، و"لباب النقول"(ص 81) ونسبه لأبي حاتم في كتاب "المعمرين".

ص: 485

فنزلت فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] إلى: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)} [النساء: 99]، قال: فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، قال: فخرج ناس من المسلمين حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون، فأدركوهم، فمنهم من أعطى الفتنة؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10]؛ فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، فقال رجل من بني ضمرة -وكان مريضاً-: أخرجوني إلى الحر، حتى إذا كان بالحصحاص؛ مات؛ فأنزل الله فيه:{يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية، وأنزل الله في أولئك الذين كانوا أعطوا الفتنة:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} إلى {رَحِيمٌ} [النحل: 110]

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} ؛ قال: لما أنزل الله هؤلاء الآيات ورجل من المؤمنين يقال له: ضمرة بمكة؛ قال: والله إن لي من المال ما يبلغني المدينة وأبعد منها، وإني لأهتدي، أخرجوني، وهو مريض حينئذ؛ فلما جاوز الحرم؛ قبضه الله، فمات؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

قلنا: تقدم الكلام عليه مستوفياً في الآية السابقة فانظره.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 151): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا الإسناد صحيح؛ لكنه مرسل.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 170، 171) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 151، 152) -: نا معمر عن قتادة؛ قال: لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97]؛ قال رجل من المسلمين -وهو مريض يومئذ-: والله مالي من عذر؛ إني لدليل بالطريق، وإني لموسر؛ =

ص: 486

• عن يزيد بن عبد الله بن قسيط: أن ضمرة بن العاص الجندعي أسلم، فحسن إسلامه، فكان يخاف من قومه أن يهاجر، فمرض، فقال: أخرجوني، فأخرجوه -وهو يريد الهجرة-؛ فأدركه الموت؛ فنزلت فيه:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: لما سمع بهذه الآية؛ يعني: بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99] ضمرة بن جندب الضمري؛ قال لأهله -وكان وجعاً-: ارحلوا راحلتي؛ فإن الأخشبين قد غماني -يعني: جبلي مكة-؛ لعلي إن أخرج فيصيبني روح، فقعد على راحلته ثم توجه نحو المدينة فمات بالطريق؛ فأنزل الله:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ، وأما حين تَوَجَّه إلى المدينة؛ فإنه قال: اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن علباء بن أحمر اليشكري؛ قال: نزلت في رجل من خزاعة

(3)

. [ضعيف]

= فاحملوني، فحملوه؛ فأدركه الموت في الطريق؛ فنزل فيه:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} .

(1)

أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 31 رقم 471) من طريق أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن يزيد بن عبد الله بن قسيط به.

قلنا: وهذا معضل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 653)، وزاد نسبته لابن سعد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 152) من طريق أحمد بن المفضل: ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وهذا معضل، وأسباط ضعيف.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 152): ثنا ابن وكيع ثنا أبي عن المنذر بن ثعلبة عن علباء به. =

ص: 487

• عن الضحاك في قول الله عز وجل: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} قال: لما سمع رجل من أهل مكة أن بني كنانة قد ضربت وجوههم وأدبارهم الملائكة؛ قال لأهله: أخرجوني وقد أدنف للموت، قال: فاحتمل حتى انتهى إلى عقبة قد سماها، فتوفي؛ فأنزل الله:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ يعني: قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النساء: 97]؛ قال جندب بن ضمرة الجندعي: اللهم أبلغت في المعذرة والحجة، ولا معذرة لي ولا حجة، قال: ثم خرج وهو شيخ كبير؛ فمات ببعض الطريق، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مات قبل أن يهاجر، فلا ندري أعلى ولاية أم لا؟ فنزلت:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وهذا مرسل ضعيف؛ سفيان بن وكيع كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه؛ فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 152): ثنا محمد بن بشار: ثنا أبو عامر ثنا قرة عن الضحاك به.

قلنا: وهذا معضل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 653)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 152) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة.

الثالثة: سنيد ضعيف.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(4/ 64 رقم 2384) من طريق ابن ثور عن ابن جريج به. =

ص: 488

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في رجل من بني ليث أحد بني جندع

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الرحمن بن زيد؛ قال: هاجر رجل من بني كنانة يريد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمات في الطريق؛ فسخر به قوم، واستهزؤوا به، وقالوا: لا هو بلغ الذي يريد، ولا هو أقام في أهله يقومون عليه ويدفن؛ فنزل القرآن:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن الحسن؛ قال: خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النبي وأصحابه، فأدركه الموت في الطريق فمات، فقالوا: ما أدرك هذا من شيء؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

(3)

. [ضعيف]

{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)} .

• عن علي؛ قال: سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! إنا نضرب في الأرض؛ فكيف نصلي؟ فأنزل الله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ثم انقطع الوحي، فلما كان بعد ذلك بحول؛ غزا النبي صلى الله عليه وسلم، فصلَّى الظهر، فقال المشركون: لقد

= قلنا: سنده ضعيف.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 653)، ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(2/ 152): ثنا يونس ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به.

قلنا: وسنده واهٍ؛ لإعضاله، وعبد الرحمن متروك.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر"(2/ 653)، ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو مرسل.

ص: 489

أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم؛ هلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إن لهم أخرى مثلها في أثرها؛ فأنزل الله تبارك وتعالى بين الصلاتين: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد في قوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان، والمشركون بضجنان، فتوافقوا. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر ركعتين ركوعهم وسجودهم وقيامهم جميعاً؛ فَهَمَّ بهم المشركون أن يَغيرُوا على أمتعتهم وأثقالهم؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102]، فصلى بهم صلاة العصر، وصف أصحابه صفين، ثم كبر بهم جميعاً، ثم سجد الأولون بسجود، والآخرون قيام، ثم سجد الآخرون حين قام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كبر بهم وركعوا جميعاً، فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف المقدم فتعاقبوا السجود كما دخلوا أول مرة، وقصرت صلاة العصر إلى ركعتين

(2)

. [ضعيف]

• {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 155).

قال ابن كثير في "تفسيره"(1/ 561): "وهذا سياق غريب جداً".

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 504 رقم 4236)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 156)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1052 رقم 5895) من طريقين عن مجاهد.

قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 657)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 490

عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)}.

• عن أبي عياش الزرقي؛ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بُعسْفان، قال: فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد، وهم بيننا وبين القبلة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر، فقالوا: قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، لقد أصبنا غفلة، لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة.

فقالوا: تأتي عليه الآن صلاة هي أحب إليهم من أبناءهم وأنفسهم، قال: فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الآية، قال: فحضرت الصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة والمشركون أمامه، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا السلاح، فصففنا خلفه صفين؛ صف خلف رسول الله جميعاً، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالصف الذي يليه، قال: والآخرون قيام يحرسونهم، فلما سجدوا وقاموا؛ جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم، ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فركعوا جميعاً، ثم رفع فرفعوا جميعاً، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فلما جلسوا؛ جلس الآخرون، فسجدوا، ثم جلسوا جميعاً، ثم سلم عليهم جميعاً، قال: فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة بعُسفان، وصلاها يوم بني سُليم

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(2/ 505 رقم 4237)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 463، 465، 466)، والطيالسي في "مسنده"(رقم 1347)، وسعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1367، 1368 رقم 686)، وأحمد (4/ 59، 59، 60، 60)، وأبو داود في "سننه"(2/ 11 - 12/ 1236)، والنسائي في "المجتبى"(3/ 176، 177)، و"الكبرى"(1/ 596، 597 رقم 1937، 1938)، وابن حبان في "صحيحه"(7/ 128 رقم 2876 - "إحسان")، والطبري =

ص: 491

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في عبد الرحمن بن عوف كان جريحاً

(1)

. [صحيح]

• وعنه -أيضاً-رضي الله عنهما؛ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلقي المشركين بعسفان، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه؛ قال بعضهم لبعض: كان هذا فرصة لكم لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم، فقال قائل منهم: فإن لهم صلاة أخرى هي أحبّ إليهم من أهليهم وأموالهم، فاستعدوا؛ حتى تغيروا عليهم؛ فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} إلى آخر الآية، وذكر صلاة الخوف

(2)

. [صحيح]

= في "جامع البيان"(5/ 156، 164)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 1052 رقم 5896)، والدارقطني في "سننه"(2/ 59، 60، 60)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ رقم 5132، 5133، 5137، 5139، 5140)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 196 رقم 2179)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1176 رقم 2985)، والحاكم (1/ 337، 338)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 256، 257)، و"معرفة السنن والآثار"(3/ 15 رقم 1841، 1842)، والبغوي في "شرح السُّنة"(4/ 289، 290 رقم 1096)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 119، 120)، و"الوسيط"(2/ 109)، والمزي في "تهذيب الكمال"(34/ 161، 162) من طرق عن أبي عياش به.

قال الإمام الدارقطني: "صحيح".

وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح".

وقال البغوي: "هذا إسناد صحيح".

وقال ابن كثير في "تفسيره"(1/ 561): "وهذا إسناد صحيح، وله شواهد كثيرة". وقال ابن حجر في "الإصابة"(4/ 143): "سنده جيد".

(1)

أخرجه الحاكم (2/ 308) وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

قلنا: أخرجه البخاري (8/ 264 رقم 4599) دون قوله: "نزلت في".

(2)

أخرجه البزار في "مسنده"(1/ 326 رقم 679 - كشف)، والطبري في "جامع =

ص: 492

{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)} .

• عن قتادة بن النعمان؛ قال: كان أهل بيت منا يقال لهم: بنو أُبيرق: بشر، وبشير، ومبشر، وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر؛ يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ينحله بعض العرب، ثم يقول: قال فلان كذا وكذا، قال فلان كذا وكذا، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك

= البيان" (5/ 163، 164)، والحاكم (3/ 30)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 120) جميعهم من طريق النضر بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مداره على النضر، وهو أبو عمر الخزاز متروك؛ كما في "التقريب"(2/ 302).

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 196): "رواه البزار؛ وفيه النضر بن عبد الرحمن، وهو مجمع على ضعفه". اهـ.

أما الحاكم؛ فقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال:"صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه"!!.

قلنا: والبخاري لم يخرج البتة للنضر هذا! لكن الحديث صحيح بشاهده من حديث أبي عياش الزرقي رضي الله عنه المتقدم آنفاً.

ص: 493

الشعر؛ قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث أو كما قال الرجل، وقالوا: ابنُ الأُبيرق قالها، قال: وكان أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإِسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافِطَةٌ من الشام من الدَّرمك؛ ابتاع الرجل منها فخصَّ بها نفسه، وأما العيال؛ فإنما طعامهم التمر والشعير، فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له، وفي المشربة سلاح ودرع وسيف، فَعُدِي عليه من تحت البيت؛ فنقبت المشربة، وأُخِذَ الطعام والسلاح، فلما أصبح؛ أتاني عمي رفاعة، فقال: يا ابن أخي! إنه قد عُدي علينا في ليلتنا هذه؛ فنُقِبَتْ مشربتُنا، فذُهب بطعامنا وسلاحنا، قال: فتحسسنا في الدار وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوفدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم، قال: وكان بنو أُبيرق قالوا -ونحن نسأل في الدار-: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل؛ رجل منا له صلاح وإسلام، فلما سمع لبيد؛ اخترط سيفه، وقال: أنا أسرق؟ فوالله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السَّرقة، قالوا: إليك عنها أيها الرجل؛ فما أنت بصاحبها، فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي! لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه؛ فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام؛ فلا حاجة لنا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سآمر في ذلك"، فلما سمع بنو أُبيرق؛ أتوا رجلاً منهم يقال له: أسير بن عروة فكلموه في ذلك، فاجتمع في ذلك ناس من أهل الدار، فقالوا: يا رسول الله! إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت، قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته، فقال: "عمدت إلى أهل بيت ذُكِر منهم إسلام

ص: 494

وصلاح ترميهم بالسرقة على غير ثبت ولا بينة! "، قال: فرجعت، ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأتاني عمي رفاعة، فقال: يا ابن أخي! ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: الله المستعان، فلم يلبث أن نزل القرآن:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)} بني أُبيرق: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} ؛ أي: مما قلت لقتادة: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} إلى قوله: {غَفُورًا رَحِيمًا} ؛ أي: لو استغفروا الله؛ لغفر لهم: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} -إلى قوله-: {وَإِثْمًا مُبِينًا} قوله للبيد: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إلى قوله: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} ، فلما نزل القرآن؛ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح، فرده إلى رفاعة. فقال قتادة: لمّا أَتيتُ عمي بالسلاح، وكان شيخاً قد عسي أو عشي في الجاهلية، وكنت أُرى إسلامه مدخولاً، فلما أتيته بالسلاح؛ قال: يا ابن أخي! هو في سبيل الله، فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً، فلما نزل القرآن؛ لَحِقَ بشيرٌ بالمشركين، فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية؛ فأنزل الله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)} [النساء: 115، 116]، فلما نزل على سلافة؛ رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعره، فأخذت رحله فوضعته على رأسها، ثم خرجت به فرمت به في الإِبطح، ثم قالت: أهديت لي شعر حسان؟ ما كنت تأتيني بخير

(1)

. [حسن لغيره]

(1)

أخرجه الترمذي (5/ 244 - 246 رقم 3036)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 15 رقم 1958)، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 16 - 18 رقم =

ص: 495

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 15)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 170، 171)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ رقم 5933 و 5936 و 5948 و 5951 و 5955)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 385 - 388)، وابن المنذر وأبو الشيخ في "تفسيريهما"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 565)، والمزي في "تهذيب الكمال"(21/ 483 - 484) جميعهم من طريق ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أبيه عن جدة قتادة بن النعمان به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عمر بن قتادة هذا لم يرو عنه سوى ولده عاصم، ولم يوثقه سوى ابن حبان في "الثقات" (5/ 146)؛ ولذا قال الذهبي في "الميزان" (3/ 218):"لا يُعرف إلا من رواية ولده عنه"، وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 62):"مقبول"؛ حيث يتابع، وإلا؛ فلين. ولم يتابع عليه.

وصرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية الحاكم.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني".

قلنا: بل رواه -أيضاً- مسنداً يونس بن بكير عند الحاكم.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه! " وسكت عنه الذهبي.

وهذا منهم عجيب؛ فمسلم لم يخرج لابن إسحاق في "الأصول"، وكذا عمر بن قتادة.

وحسنه شيخنا الإمام الهمام أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "صحيح الترمذي".

قلنا: ولعل ذلك لشاهده الذي رواه الطبري في "جامع البيان"(5/ 171): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أُنزلت في شأن طعمة بن أُبيرق وفيما هَمَّ به نبي الله صلى الله عليه وسلم من عذره وبين الله شأن طعمة بن أبيرق ووعظ نبيه صلى الله عليه وسلم، وحذرهُ أن يكون للخائنين خصيماً، وكان طعمة بن أبيرق رجلاً من الأنصار ثم أحد بني ظفر سرق درعاً لعمه كانت وديعة، ثم قذفها على يهودي كان يغشاهم يقال له: زيد بن السمين، فجاء اليهودي إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يهتف، فلما رأى ذلك قومه بني ظفر؛ جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليُعذروا صاحبهم، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد هَمَّ بعذور؛ حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل، فقال:{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} =

ص: 496

• عن عبد الله بن عباس قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)} : وذلك أن نفراً من الأنصار غزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته؛ فسُرقت درع لأَحدهم، فأظنَّ بها رجلاً من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن طعمة بن أبي أُبيرق سرق درعي، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم به، فلما رأى السارق ذلك؛ عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء، وقال لنفر من عشيرته: إني قد غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان، وستوجد عنده. فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً، فقالوا: يا نبي الله! إن صاحبنا بريء، وإن سارق الدرع فلان، وقد أحطنا بذلك علماً، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه؛ فإنه إن لم يعصمه الله بك؛ يهلك، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبرأ وعذره على رؤوس الناس؛ فأنزل الله:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)}

(1)

. [ضعيف جداً]

= إلى قوله: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ} ؛ يعني بذلك: قومهم، {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)} ، وكان طعمة قذف بها برئياً، فلما بين الله شأن طعمة؛ نافق ولحق بالمشركين بمكة؛ فأنزل الله في شأنه:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [النساء: 115].

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا بشر، وهو ثقة.

وبالجملة؛ فالحديث يرتقي بمجموعهما لدرجة الحسن لغيره، والله أعلم.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(2/ 672) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

وله شاهد آخر: أخرجه ابن سعد في "الطبقات"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 671، 672)، و"لباب النقول"(ص 83).

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 171)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1061/ 5940 و 1062/ 5944 و 1063/ 5950)، وابن مردويه في "تفسيره"؛=

ص: 497

• عن عبد الرحمن بن زيد؛ قال: كان رجل سرق درعاً من حديد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وطرحه على يهودي، فقال اليهودي: والله ما سرقتها يا أبا القاسم! ولكن طرحت علي، وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي، ويقولون: يا رسول الله! هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به، قال: حتى مال عليه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القول؛ فعاتبه الله عز وجل، في ذلك فقال:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ} بما قلت لهذا اليهودي: {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} ثم أقبل على جيرانه فقال: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ} فقرأ حتى بلغ: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ، قال: ثم عرض التوبة، فقال:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه: {وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} إن كان مشركاً: {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ؛ فقرأ حتى بلغ إلى قوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} . قال: أبي أنا يقبل التوبة التي عرض الله له، وخرج إلى المشركين بمكة، فنقب بيتاً ليسرقه، فهدمه الله عليه فقتله، فذلك قوله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} فقرأ حتى بلغ: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ويقال: هو طعمة بن أُبيرق، وكان نازلاً في بني ظفر

(1)

. [ضعيف جداً]

= كما في "الدر المنثور"(2/ 673)، و"تفسير القرآن العظيم"(1/ 563) من طريق العوفي عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 171 - 172): ثنا يونس ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن. =

ص: 498

• عن السدي؛ قال: نزلت في طعمة بن أبيرق، واستودعه رجل من اليهود درعاً، فانطلق بها إلى داره فحفر لها اليهودي ثم دفنها، فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها، فلما جاء اليهودي يطلب درعه؛ كافره عنها، فانطلق إلى ناس من اليهود من عشيرته، فقال: انطلقوا معي؛ فإني أعرف موضع الدرع، فلما علم بهم طعمة؛ أخذ الدرع فألقاها في دار أبي مليل الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها؛ وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه، وقال: أتخونونني؟! فانطلقوا يطلبونها في داره، فأشرفوا على بيت أبي مليل؛ فإذا هم بالدرع، وقال طعمة: أخذها أبو مليل، وجادلت الأنصار -دون طعمة-، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له: ينضح عني، ويكذب حجة اليهودي؛ فإني إن أكذب؛ كذب على أهل المدينة اليهودي، فأتاه أناس من الأنصار؛ فقالوا: يا رسول الله! جادل عن طعمة وأكذب اليهودي؛ فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل؛ فأنزل الله عليه: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} مما أردت: {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107)} ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه، فقال:{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} يقول: يقولون ما لا يرضى من القول: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ثم دعا إلى التوبة؛ فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} ثم ذكر قوله حين قال: أخذها أبو مليل؛ فقال: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)} ثم ذكر الأنصار وإتيانهم إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه؛ فقال: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ

= قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد متروك.

ص: 499

وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}؛ يقول: النبوة، ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة؛ فقال:{لَا خَيْرَ في كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]، فلما فضح الله طعمة بالمدينة بالقرآن؛ هرب حتى أتى مكة، فكفر بعد إسلامه، ونزل على الحجاج بن علاط السلمي، فنقب بيت الحجاج فأراد أن يسرقه فسمع الحجاج خشخشة في بيته وقعقة جلود كانت عنده، فنظر؛ فإذا هو بطعمة، فقال: ضيفي وابن عمي وأردت أن تسرقني! فأخرجه، فمات بحرة بني سليم كافراً، وأنزل الله فيه:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} إلى: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع وخرج، فغاب، فلما قدم الأنصاري؛ فتح مشربته؛ فلم يجد الدرع، فسأل عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلاً من اليهود يقال له: زيد بن السمين، فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه، فلما رأى ذلك قومه؛ أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكلموه؛ ليدرأ عنه، فهم بذلك؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} ؛ يعني: طعمة بن أبيرق وقومه: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)} محمد صلى الله عليه وسلم وقوم طعمة،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 172)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1066 رقم 5967) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

ص: 500

قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} محمد وطعمة وقومه، قال:{وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} الآية طعمة: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} ؛ يعني: زيد بن السمين: {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} : طعمة بن أبيرق {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} : يا محمد {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} : قوم طعمة بن أبيرق {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} محمد صلى الله عليه وسلم: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} [النساء: 114]، حتى تنقضى الآية للناس عامة، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] الآية، قال: لما نزل القرآن في طعمة بن أبيرق؛ لحق بقريش ورجع في دينه، ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهزي ثم السلمي حليف لبني عبد الدار، فنقبها فسقط عليه حجر فلحج، فلما أصبح؛ أخرجوه من مكة، فخرج فلقي ركباً من بهراء من قضاعة فعرض لهم؛ فقال: ابن سبيل منقطع به؛ فحملوه، حتى إذا جن عليه الليل؛ عدا عليهم، فسرقهم، ثم انطلق، فرجعوا في طلبه؛ فأدركوه؛ فقذفوه بالحجارة حتى مات، قال ابن جريج: فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]: أنزلت في طعمة بن أبيرق، يقولون: إنه رمى بالدرع في دار أبي مليل بن عبد الله الخزرجي، فلما نزل القرآن؛ لحق بقريش فكان من أمره ما كان

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 173) -من طريق سنيد: حدثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. =

ص: 501

• عن الضحاك يقول في قوله: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} يقول: بما أنزل عليك وأراكه في كتابه، ونزلت هذه الآية في رجل من الأنصار استودع درعاً؛ فجحد صاحبها، فخوّنه رجال من أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ فغضب له قومه وأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: خونوا صاحبنا، وهو أمين مسلم؛ فاعذره يا نبي الله! وازجر عنه، فقام نبي الله فعذره وكذب عنه، وهو يرى أنه بريء، وأنه مكذوب عليه؛ فأنزل الله بيان ذلك، فقال:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} إلى قوله: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ؛ فبين الله خيانته، فلحق بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإِسلام؛ فنزلت:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} إلى قوله {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} ؛ قال: اختان رجل عن عمّ له درعاً ففقدت، فقذف بها يهودياً كان يغشاهم، فجادل عن الرجل قومُه؛ فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عذره، ثم لحق بأرض الشرك؛ فنزلت فيه:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115]

(2)

. [ضعيف]

= الثالثة: سنيد ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 675)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 173، 174).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، والانقطاع بين الطبري والحسين بن الفرج.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 172) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 174)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1066 رقم 5965) -: نا معمر عن قتادة به.

قلنا: وسنده ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 676)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 502

• عن عطية العوفي: أن رجلًا يقال له: طعمة بن أبيرق سرق درعاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فألقاها في بيت رجل، ثم قال لأصحاب له: انطلقوا فاعذروني عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن الدرع قد وجد في بيت فلان. فانطلقوا يعذرونه عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} ؛ قال: بهتان: قذفه الرجل

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن البصري؛ قال: إن رجلًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختان درعاً من حديد، فلما خشي أن توجد عنده؛ ألقاها في بيت جار له من اليهود، وقال: تزعمون أني اختنت الدرع؛ فوالله لقد أنبئت أنها عند اليهودي، فرُفِعَ ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجاء أصحابُه يعذرونه، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عذره حين لم يجد عليه بيّنة، ووجدوا الدرعِ في بيت اليهودي، وأبى الله إلا العدل؛ فأنزل الله على نبيه:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} إلى قوله: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ، فعرض اللهُ التوبة لو قبلها إلى قوله:{ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} ؛ اليهودي، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إلى قوله: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} ؛ فابرئ اليهودي، وأخبر بصاحب الدرع. قال: قد افتُضِحْتُ الآن في المسلمين، وعلموا أني صاحب الدرع، ما لي إقامة ببلد؛ فتراغم، فلحق بالمشركين؛ فأنزل الله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] إلى قوله: {ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116]

(2)

. [ضعيف]

{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)} .

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1063 - 1064 رقم 5953).

قلنا: وهو مرسل ضعيف الإسناد.

(2)

عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 674) لابن المنذر.

قلنا: إسناده مرسل.

ص: 503

• عن الحسن؛ قال: لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يعبدونه، يسمونه أنثى بني فلان؛ فأنزل الله عز وجل:{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)}

(1)

. [ضعيف]

{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)} .

• عن مجاهد؛ قال: قالت العرب: لا نبعث ولا نحاسب، وقالت النصارى: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق؛ قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه هذه الآية:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر! ألا أقرئك آية أُنزلت عليَّ؟ "، قلت: بلى يا رسول الله! قال: فأَقرأنيها، فلا أعلم إلا أني قد كنت وجدت انقصاماً في ظهري فتمطأت لها، فقال

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1373 رقم 688)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 179) من طريق محمد بن سيف عن الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 687)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1376 رقم 692 - تكملة)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 186)، وابن أبي حاتم (4/ 1070 رقم 5990) من طريق ابن أبي نجيح والقاسم بن أبي أبزة كلاهما عن مجاهد به.

قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 693) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 504

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما شأنك يا أبا بكر؟! "، قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، وأينا لم يعمل سوءاً، وإنا لَمُجْزَوْنَ بما عملنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أما أنت يا أبا بكر! والمؤمنون؛ فتجزون بذلك في الدنيا؛ حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون؛ فيجمع ذلك لهم؛ حتى يجزوا به يوم القيامة"

(1)

. [ضعيف]

• عن مسروق؛ قال: احتج المسلمون وأهل الكتاب، فقال المسلمون: نحن أهدى منكم؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)} فأفلج عليهم المسلمون بهذه الآية: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "مسنده"(رقم 7 - "منتخب") -وعنه الترمذي في "سننه"(5/ 248/ 3039) -، والمروزي في "مسند أبي بكر الصديق"(57 - 59 رقم 20)، وأبو يعلى في "مسنده"(1/ 29، 30 رقم 21)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1071 رقم 5994)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(1/ 571)، وأبو عمرو الداني في "المكتفى"(ص 225، 226) جميعهم عن طريق موسى بن عبيدة الربذي عن مولى ابن السباع؛ قال: سمعت ابن عمر: (فذكره).

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: جهالة هذا المولى؛ قال ابن حجر في "التقريب"(2/ 583): "موسى بن عبيدة عن مولى ابن سباع عن ابن عمر؛ مجهول من الرابعة".

الثانية: موسى بن عبيدة؛ ضعيف.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال؛ موسى بن عبيدة يضعف في الحديث؛ ضعفه يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل، ومولى ابن سباع مجهول. وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح -أيضاً-".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 696)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 505

يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا؛ فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، ونبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله؛ فأنزل الله -تعالى-:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا} فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1377 رقم 693)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 185) من طريق الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق به.

قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

(تنبيه): سقط اسم (أبو الضحى) من "سنن سعيد بن منصور"؛ فليتنبه لذلك.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 184، 185)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ق 183/ ب) من طريق غندر وأبي الوليد الطيالسي كلاهما عن شعبة عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق؛ قال: تفاخر النصارى وأهل الإِسلام؛ فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} .

قلنا: وهذا مرسل صحيح -أيضاً-.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 693)، وزاد نسبته لابن المنذر.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 185) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ثنا الثوري، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1072 - 1073 رقم 6000) من طريق أبي عوانة (كلاهما) عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق؛ قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} ؛ قال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء؛ فنزلت: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ} الآية.

قلنا: وهذا مرسل صحيح.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 185): ثنا بشر العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. =

ص: 506

• عن السدي: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ؛ قال: التقى ناس من اليهود والنصارى، فقالت اليهود للمسلمين: نحن خير منكم؛ ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان هودًا. وقالت النصارى مثل ذلك. فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم، ونبينا بعد نبيكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم، فنحن خير منكم؛ نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحق، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا؛ فرد الله عليهم قولهم فقال:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقال:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الضحاك؛ قال: تخاصم أهل الأديان؛ فقال أهل التوراة: كتابنا أول كتاب وخيرها، ونبينا خير الأنبياء، وقال أهل الإنجيل نحو ذلك، وقال أهل الإِسلام: لا دين إلا دين الإِسلام، وكتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم؛ فقضى الله بينهم، فقال:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، ثم خيّر بين أهل الأديان؛ ففضل أهل الفضل؛ فقال:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} إلى قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}

(2)

. [ضعيف جداً]

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 694)، وزاد نسبته لابن المنذر، وعبد بن حميد.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 185) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 185) وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، والانقطاع بين الطبري والحسين بن الفرج.

ص: 507

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى {وَلَا نَصِيرًا} : تحاكم أهل الأديان؛ فقال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب؛ أنزل قبل كتابكم، ونبينا خير الأنبياء، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك، وقال أهل الإِسلام: لا دين إلا الإِسلام؛ كتابنا نسخ كلّ كتاب، ونبينا خاتم كل الأنبياء، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا؛ فقضى الله بينهم؛ فقال:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، وخيّر بين أهل الأديان؛ فقال:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ. . .}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الضحاك في قوله -تعالى-: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} ؛ قال: افتخر أهل الأديان؛ فقالت اليهود: كتابنا خير الكتب، وأكرمها على الله، ونبينا أكرم الأنبياء على الله؛ موسى كلمة الله قيلًا، وخلا به نجياً، وديننا خير الأديان، وقالت النصارى: عيسى بن مريم خاتم الرسل، وآتاه الله التوراة والإنجيل، ولو أدركه موسى؛ لاتبعه، وديننا خير الأديان. وقال المجوس وكفار العرب: ديننا أقدم الأديان وخيرها. وقال المسلمون: محمد نبينا، وخاتم النبيين، وسيد الأنبياء، والفرقان آخر ما أنزل من الكتب من عند الله، وهو أمين على كلّ كتاب، والإِسلام خير الأديان؛ فخير الله بينهم، فقال:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي صالح السمان؛ قال: جلس ناس من أهل التوراة وأهل

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 185) من طريق العوفي عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 186)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 694) من طريق جويبر عن الضحاك به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ جويبر متروك، وهو معضل

ص: 508

الإنجيل وأهل الإيمان؛ فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، وقال هؤلاء: نحن أفضل؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ}

(1)

ثم حصى الله أهل الإيمان فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ} . [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالت اليهود والنصارى: لا يدخل الجنة غيرنا، وقالت قريش لا نُبْعَث؛ فأنزل الله:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} والسوء: الشرك

(2)

. [ضعيف]

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)} .

• عن عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة عن قول الله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]؛ فقالت: يا ابن أُختي! هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها؛ فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها؛ فيعطيها مثل ما يعطيها غيره؛ فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يُقسِطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 185، 186)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1073 رقم 6001) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عنه به.

قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 695) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1071 رقم 5991) بسند ضعيف.

وذكره السيد في "الدر"(2/ 695) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 509

قال عروة: قالت عائشة: وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية؛ فأنزل الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} .

قالت عائشة: وقوله الله -تعالى- في آية أخرى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال.

قالت: فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من يتامى النساء إلا بالقسط؛ من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} ، قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة، فلما كان الإِسلام؛ قال:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} في أول السورة في الفرائض اللاتي لا تؤتوهن ما كتب الله لهن

(2)

. [ضعيف]

(1)

قلنا: تقدم تخريجه في أوائل هذه السورة عند آية رقم (3)، وهو في "الصحيحين".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 695، 696) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 191)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 308) من طريق عمرو بن أبي قيس وعمار بن رزيق كلاهما عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عطاء اختلط، وعمرو وعمار ليسا من الذين رووا عنه قبل الاختلاط.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 192، 193)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1076 رقم 6021) من طريق جرير بن عبد الحميد وسلام بن سليم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير بنحوه مرسلًا.

وهذا من تخاليط عطاء؛ وجرير وسلام رويا عنه بعد الاختلاط. =

ص: 510

• عن إبراهيم النخعي؛ قال: كان الرجل منهم تكون له اليتيمة بها الدمامة، والأمر الذي يرغب عنها فيه ولها مال؛ فلا يتزوجها ولا يزوجها حتى تموت؛ فيرثها، قال: فنهاهم الله عن ذلك.

وفي رواية: كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة؛ لم يعطوها ميراثها، وحبسوها من التزويج حتى تموت، فيرثوها؛ فأنزل الله هذا

(1)

. [ضعيف]

= وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 192) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج: ثني ابن جريج: ثنا عبد الله بن كثير؛ أنه سمع سعيد بن جبير يقول في قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} الآية.

قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ، لا يرث الرجل الصغير ولا المرأة، فلما نزلت آية المواريث في سورة النساء؛ شقّ ذلك على الناس، وقالوا: يرث الصغير الذي لا يعمل في المال ولا يقوم فيه، والمرأة التي هي كذلك فيرثان كما يرث الرجل الذي يعمل في المال!! نرجو أن يأتي في ذلك حدث من السماء، فانتظروا. فلما رأوا أنه لا يأتي حدث؛ قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما منه بد، ثم قالوا: سلوا، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} ؛ قال سعيد بن جبير: وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال؛ رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذاث جمال ومال؛ أنكحها ولم ينكحها.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 707) وزاد نسبته لابن المنذر.

وبالجملة؛ فالحديث ضعيف.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 192) من طريق هشيم وجرير بن عبد الحميد كلاهما عن المغيرة بن مقسم الضبي عن إبراهيم به. =

ص: 511

• عن عبد الله بن عباس: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} ؛ يعني: الفرائض التي افترض في أمر النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن، قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل؛ فيرغب أن ينكحها أو يجامعها، ولا يعطيها مالها؛ رجاء أن تموت، وإن مات لها حميم؛ لم تعط من الميراث شيئاً، وكان ذلك في الجاهلية؛ فبين الله لهم ذلك

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي قوله: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} إلى قوله: {بِالْقِسْطِ} ؛ قال: كان جابر بن عبد الله الأنصاري ثم السلمي له ابنة عم عمياء، وكانت دميمة، وكانت قد ورثت عن أبيها مالاً، فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها؛ رهبة أن يذهب الزوج بمالها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكان ناس في حجورهم جوارٍ -أيضاً- مثل ذلك، فجعل جابر يسأل النبي صلى الله عليه وسلم: أترث الجارية إن كانت قبيحة عمياء؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "نعم"؛ فأنزل الله فيهن هذا

(2)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: الإعضال؛ فإبراهيم لم يرو عن أحد من الصحابة وهو من الطبقة الخامسة، من أتباع التابعين.

الثانية: المغيرة بن مقسم؛ ثقة متقن؛ إلا أنه مدلس، ولا سيما عن إبراهيم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 707)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 192، 193) من طريق عطية العوفي عنه به.

قلت: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 193) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. =

ص: 512

• عن مجاهد؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئاً؛ كانوا يقولون: لا يغزون ولا يغنمون خيراً، ففرض الله لهن الميراث حقاً واجباً؛ ليتنافس أو لينفس الرجل في اليتيمة إن تكن حسنة

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة؛ فيرغب عنها أن ينكحها، ولا يُنْكِحَها؛ رغبة في مالها

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} ؛ فكان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل بها ذلك؛ لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً، فإن كانت جميلة وهويها؛ تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة؛ منعها الرجل أبداً حتى تموت، فإذا ماتت؛ ورثها؛ فحرم الله ذلك، ونهى عنه

(3)

. [حسن]

= قلنا: وهذا سند واه؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: وضعف أسباط.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 192) -من طريقين- عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 707)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 174) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 193) -: نا معمر عن قتادة به.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 193): ثنا بشر العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد عن قتادة به بنحوه.

قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(15/ 195)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

ص: 513

• عن عبد الملك بن محمد بن حزم: أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع؛ فقتل عنها بأُحد، وكان له منها ابنة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تطلب ميراث ابنتها؛ ففيها نزلت:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}

(1)

. [ضعيف]

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)} .

• عن عائشة رضي الله عنها في قوله -تعالى-: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} : أُنزلت في المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد أن يطلقها ويتزوج غيرها؛ فتقول: لا تطلقني وأمسكني، وأنت في حلٍّ من النفقة والقسمة لي؛ فأنزل الله -جل وعز-:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا}

(2)

. [صحيح]

= (4/ 1077 رقم 6026) من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن، كما بيناه مراراً.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 709) وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 709) ونسبه للقاضي إسماعيل في "أحكامه".

(2)

أخرجه البخاري (8/ 265 رقم 4601)، ومسلم (4/ 2316 رقم 13، 14)، والنسائي في "تفسيره"(رقم 145) واللفظ له، وهو أتم مما هو عندهما.

وأخرجه أبو داود (2/ 242، 243 رقم 2135) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(7/ 74، 75) -، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 53، 169)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 197، 198)، والحاكم (2/ 186)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 575) من طريق أحمد بن يونس وأبي بلال الأشعري وعبد الله بن وهب والواقدي أربعتهم عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ قالت: يا ابن أُختي! كان =

ص: 514

• عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: في قوله -تعالى-: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} ؛ قال: كانت تحته امرأة قد خلا من سنها، فتزوج عليها شابة، فآثر الشابة عليها، فأبت امرأته الأولى أن تقر على ذلك؛ فطلقها تطليقة، حتى إذا بقي من أجلها يسير؛ قال: إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة، وإن شئت تركتك حتى يخلو أجلك، قالت: بل

= رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُفَضِّلُ بعضَنا على بعض في القَسْم، من مُكْثهِ عندنا، وكان قَلَّ يومٌ إلا وهو يطوف علينا جميعاً فيدنو من كل امرأةٍ من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة -حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، قالت: نقول في ذلك أنزل الله -تعالى- وفي أشباهها، أراه قال:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} .

قلنا: وسنده حسن؛ لأن ابن أبي الزناد صدوق.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

وحسّنه شيخنا الألباني رحمه الله في "الإرواء"(7/ 85).

وخالف الأربعة سعيد بن منصور؛ فرواه في "سننه"(4/ 1401 رقم 702 - تكملة) عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه به مرسلًا.

قلنا: ولا تعارض بينهما؛ لأن الحكم للوصل، فهم أكثر وأحفظ.

وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(2683) -ومن طريقه الترمذي في "سننه"(5/ 249 رقم 3040)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1079/ 6036)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 310) والطبراني في "الكبير"(11/ 226 رقم 11746)، والبيهقي (7/ 297) -: ثنا سليمان بن معاذ عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن رواية سماك عن عكرمة مضطربة؛ وكان ربما يلقن، وسليمان بن معاذ ضعيف. لكن يشهد له السابق.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".

وقال شيخنا في "الإرواء"(7/ 85): "وفي إسناده ضعف".

ص: 515

راجعني وأصبر على الأثرة، فراجعها وآثر عليها الشابة، فلم تصبر على الأثرة؛ فطلقها وآثر عليها الشابة، حتى إذا بقي من أجلها يسير؛ قال لها مثل قوله الأول. فقالت: راجعني وأصبر، قال: فذلك (الصلح) الذي بلغنا أن الله -تعالى- أنزل فيه: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 175) -ومن طريق الطبري في "جامع البيان"(5/ 198، 199)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 308، 309) -: نا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: أن رافع بن خديج قال: فذكره.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.

قلنا: هو كما قالا.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1080/ 6041)، والبيهقي (7/ 296) من طريق يونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: أن السنّة في هاتين الآيتين اللتين ذكر الله عز وجل فيها نشوز المرء وإعراضه عن امرأته في قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} إلى تمام الآيتين: أن المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها؛ فإن من الحق عليه أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من نفسه وماله، فإن استقرت عنده على ذلك وكرهت أن يطلقها؛ فلا حرج عليه فيما آثر عليها من ذلك، فإن لم يعرض عليها الطلاق وصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضاه وتقر عنده على الأثرة في القسم من ماله ونفسه؛ صلح له ذلك، وجاز صلحهما عليه.

قلنا: وسياقه مرسل.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1398 رقم 701)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 202)، والشافعي في "الأم"(5/ 171)، و"المسند"(2/ 28 رقم 86)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 124)، و"الوسيط"(2/ 124)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 75، 296) جميعهم من طريق سفيان بن عيينة عن =

ص: 516

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)} .

• عن السدي؛ قال: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم، اختصم إليه رجلان: غني وفقير، وكان ضلعه مع الفقير؛ يرى أن الفقير لا يظلم الغني؛ فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مولى لابن عباس؛ قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة؛ كانت البقرة أول سورة نزلت، ثم أردفها سورة النساء، قال: فكان الرجل يكون عنده الشهادة قبل ابنه أو عمه أو ذوي رحمه، فيلوي بها لسانه أو يكتمها؛ مما يرى من عسرته حتى يوسر فيقضي؛ فنزلت:{كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} ؛ يعني: إن يكن غنياً أو فقيراً

(2)

. [ضعيف جداً]

= الزهري عن سعيد بن المسيب: أن رافع.

قلنا: ورجاله رجال الصحيح؛ لكن سياقه سياق المرسل.

وتقدم تخريجه موصولاً وهو صحيح، ولا معارضة بين الوصل والإرسال؛ فالزهري قد يكون نشط مرة؛ فرفعه، وأخرى لم يرفعه، والله أعلم.

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 711) وزاد نسبته لمالك، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

قلنا: هو في "الموطأ"(2/ 548، 549 - رواية يحيى) عن الزهري عن رافع وهو منقطع.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 206، 207) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وهذا سند واه؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(2)

أخرجه ابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(2/ 714) من طريق ابن جريج عنه به.

قلنا: وهذا سنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعنه. =

ص: 517

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن عبد الله بن سلام، وأسداً وأسيداً ابني كعب، وثعلبة بن قيس، وسلاماً ابن أخت عبد الله بن سلام، وسلمة ابن أخيه، ويامين بن يامين، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! إنا نؤمن بك وبكتابك وموسى والتوراة وعزيز، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بل آمنوا بالله ورسوله محمد، وكتابه القرآن، وبكل كتاب كان قبله"، فقالوا: لا نفعل؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} .

قال: فآمنوا كلهم

(1)

. [موضوع]

{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)} .

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن موسى جاء بالألواح من عند الله؛ فأتنا بالألواح من عند الله؛ حتى نصدقك؛ فأنزل الله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ

= الثانية: جهالة المولى.

الثالثة: الإرسال.

(1)

أخرجه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف"(1/ 365) من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه به.

قلنا: وهذا كذب؛ لأن الكلبي وشيخه كذابان.

وذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 124) معلقاً عن الكلبي.

ص: 518

تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} إلى قوله: {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} [النساء: 156]

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن جريج في قوله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} ؛ وذلك أن اليهود والنصارى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لن نبايعك على ما تدعونا إليه؛ حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله. قال الله -جل ثناؤه-: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}

(2)

. [ضعيف جداً]

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال عدي بن زيد: يا محمد! ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى؛ فأنزل الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 6): ثني الحارث بن أبي أُسامة: ثنا عبد العزيز بن أبان: ثنا أبو معشر عن محمد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي؛ متروك، وكذبه ابن معين؛ كما في "التقريب"(1/ 508).

الثانية: أبو معشر نجيح السندي؛ ضعيف، أسن واختلط؛ كما في "التقريب"(2/ 298).

الثالثة: الإرسال.

(2)

أخرجه سُنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(6/ 6، 7) -: ثني حجاج، قال ابن جريج: وذكره.

قلنا: وهذا سند واه بمرة؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: وضعف سنيد صاحب "التفسير".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 726)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 519

إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} الآيات كلها

(1)

. [ضعيف]

{لَكِنِ الله يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا (166)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من يهود، فقال لهم:"إني والله أعلم أنكم لتعلمون أني رسول الله"، فقالوا: ما نعلم ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)}

(2)

. [ضعيف]

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: جاء رسولُ الله يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصبَّ عليَّ من وضوءه، فعقلت؛ فقلت: يا رسول الله! لمن الميراث؛ إنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 28)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 535)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 353، 354 رقم 379) -جميعهم من طريق ابن إسحاق -وهذا في "المغازي" له (2/ 191 - سيرة ابن هشام) -: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة محمد بن أبي محمد شيخ ابن إسحاق.

(2)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(6/ 22) -: ثني محمد بن محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 750)، وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

تقدم تخريجه تحت الآية رقم (11) من السورة نفسها؛ فانظره غير مأمور.

ص: 520

• عن طاوس؛ قال: أمر عمر حفصة أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة، فأمهلته حتى إذا لبس ثيابه؛ سألته عنها؛ فأملاها عليها، وقال:"ومن أمرك بهذا؟ أعمر؟ ما أظن أن يفهمها، أو لم تكفه آية الصيف؟ ". قال سفيان: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] فلم يفهمها، وقال: اللهم من فهمها؛ فإني لم أفهمها

(1)

. [حسن لغيره]

• عن حذيفة رضي الله عنهما؛ قال: نزلت آية الكلالة على النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو بحذيفة، وإذا رأس ناقة حذيفة عند مؤتزر النبي صلى الله عليه وسلم، فلقاها إياه، فنظر حذيفة؛ فإذا عمر رضي الله عنه فلقاها إياه، فلما كان في خلافة عمر رضي الله عنه؛ نظر عمر في الكلالة؛ فدعا حذيفة؛ فسأله عنها، فقال حذيفة: لقد لقّانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيتك كما لقاني؛ والله إني لصادق، والله لا أزيدك على ذلك شيئاً أبداً

(2)

. [حسن]

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1178 رقم 587 - تكملة)، وعبد الرزاق في "المصنف"(10/ 305 رقم 19194) كلاهما عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس به.

وأخرجه عبد الرزاق (رقم 19195) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه: أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة.

قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل.

وأصله في "صحيح مسلم"(1/ 396 رقم 567، 3/ 1236 رقم (1617)(9)): أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة؛ فذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أبا بكر، ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة، ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه؛ حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال:"يا عمر! ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟ ". وإني إن أَعش أقضي فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 754)، وزاد نسبته لابن مردويه.

(2)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 47 رقم 2206 - "كشف") من طريق =

ص: 521

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: إن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: كيف نورث الكلالة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أوَليس قد بيّن الله -تعالى- ذلك! ثم قرأ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] إلى آخرها"، فكأن عمر رضي الله عنه لم يفهمها؛ فأنزل الله:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} إلى آخر الآية، فكأن عمر لم يفهم. فقال لحفصة رضي الله عنها: إذا رأيت

= عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي عبيدة بن حذيفة عن أبيه به.

وقال: "لا نعلم رواه إلا حذيفة، ولا عنه إلا هذا الطريق".

قلنا: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا أبي عبيدة، وهو صدوق إن شاء الله؛ روى عنه جمع من الثقات؛ ووثقه العجلي وابن حبان، وهو من التابعين.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 13): "رواه البزار؛ ورجاله رجال الصحيح؛ غير أبي عبيدة بن حذيفة، ووثقه ابن حبان".

وأخرجه ابن أبي عمر في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(8/ 551، 552 رقم 3944 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 65، 66 رقم 7642): حدثنا عبد الوهاب عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن حذيفة به، لم يذكر أبا عبيدة.

قال البوصيري: "هذا إسناد رواته ثقات؛ إلا أنه منقطع، ورواه البزار بسند متصل رواته ثقات". اهـ.

قلنا: وهو كما قال.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 756): "سنده صحيح".

وزاد نسبته لأبي الشيخ في "الفرائض".

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(10/ 304 رقم 19193)، والطبري في "جامع البيان"(6/ 29) من طريق أيوب وجعفر بن عون كلاهما عن ابن سيرين به مرسلاً.

قلنا: وهو مرسل وما قبله صحيح، ولا تعارض بين الوصل والإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 757)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 522

رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس؛ فاسأليه عنها، فرأت منه طيب نفس؛ فسألته عنها؛ فقال صلى الله عليه وسلم:"أبوك كتب لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها أبداً"، فكان عمر رضي الله عنه يقول: ما أراني أعلمها أبداً، وقد قال صلى الله عليه وسلم ما قال

(1)

. [ضعيف]

• عن البراء بن عازب رضي الله عنه؛ قال: آخر سورة نزلت براءة، وآخر آية نزلت:{يَسْتَفْتُونَكَ}

(2)

. [صحيح]

تم بحمد الله وفضله الجزء الأول من

"الاستيعاب في بيان الأسباب"

ويليه -إن شاء الله- الجزء الثاني

(1)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(4/ 132، 133 رقم 1645 المسندة): نا جرير بن عبد الحميد عن الشيباني عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب به.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 28): ثنا ابن وكيع عن جرير به مختصراً.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

قال الحافظ: "صحيح؛ إن كان ابن المسيب سمعه من حفصة رضي الله عنها".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 753)، وزاد نسبته لابن مردويه.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(5/ 28): ثنا بشر بن معاذ العقدي، ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4364، 4605، 4654)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 1618).

ص: 523