المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب الطهارة - باب المياه: - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌كتاب الطهارة - باب المياه:

ابن القيم -رحمه الله تعالى- أحياناً -بل في كثير من المواضع- يجعل .. ، يشد القارئ ويجعله يهتم بهذا المكتوب، وأن ابن القيم تعب عليه، وأنه لا يوجد عند غيره، قد يقول:"احرص على حفظ هذا الكلام وفهمه علك ألا تجده في موضع آخر أو في كتاب آخر البتة". هذا ما فيه شك أن فيه حث للقارئ من أجل أن يعتني بهذا الكلام، الله المستعان.

"وأن يرزقنا العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى": وعرفنا أن العلم بدون عمل وبال على صاحبه، والله المستعان.

ويلاحظ بين من ينتسب إلى العلم، بين من ينتسب إلى العلم الإخلال بهذا -الإخلال بالعمل- ويوجد ممن ينتسب إلى العلم -بل ممن يظن أنهم من أهل العلم ومن طلبة العلم- منهم من لا يصلح أن يقتدي به عامة الناس، بل تجدهم في أطراف الصفوف، وأوائل الصفوف وأوساطها من العامة، وهذا شيء مؤسف، بل محزن أن تجد طالب العلم الشرعي في طرف الصف وقد جاءت النصوص بالحث على التقدم في الصلاة، وانتظار الصلاة، فلا بد من العمل، لا بد منه.

يقول: هل يلزم حفظ المقدمة من الكتاب؟

لا شك أن القصد الأحاديث، والهدف هو حفظ الأحاديث وفهمها، لكن هذه المقدمة أولاً هي مقدمة مختصرة وفيها اصطلاح المؤلف، بيان اصطلاحات المؤلف، ولا يضيق المرء بأن يحفظ صفحة واحدة أو أقل من صفحة إذا أراد أن يحفظ هذه الصفحات الكثيرة، أمرها سهل -إن شاء الله تعالى- أما اللزوم فليس بلازم؛ لأن القصد والهدف الأحاديث، لكن من الكمال والتمام أن تحفظ المقدمة معه.

سم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

‌كتاب الطهارة - باب المياه:

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة واللفظ له، وصححه ابن خزيمة والترمذي، ورواه مالك والشافعي وأحمد].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب الطهارة: الكتاب مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكَتْباً، والأصل في هذه المادة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان، إذا اجتمعوا، وقيل لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه كتابة لاجتماع الحروف والكلمات، يقول الحريري في مقاماته:

وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً

ولا قرؤوا ما خط في الكتب

ص: 19

وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً: هم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون وسماهم كاتبين، من هم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

يسمون كاتبين، كيف سماهم كاتبين؟ هم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون، لكن لماذا سماهم كاتبين؟

طالب: مجتمعين.

مجتمعين، غيره؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

غيره؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا قريب منه، الخرازين هم الخرازون قال: وكاتبين هم الخرازون؛ لأنهم يجمعون لنا صفائح الجلود بالخرازة التي هي كتابة عندهم.

ومن ذلكم البيت الذي فيه هجو بني فزاره مما لا يليق ذكره في المسجد، فإذا رجعتم إلى كتب اللغة تجدون هذا كله.

والمراد المكتوب الجامع لسائر الطهارة، من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، المكتوب الجامع لمسائل الطهارة.

والطهارة أيضاً مصدر أو إن شئت فقل .. ، إن شئت فقل: اسم مصدر، طهر تطهيراً، إن قلت: طَهُر فهي مصدر –طهارة- وإن جئت بالفعل مضعف طهَّر مثل كلَّم، فالمصدر التطهير مثل التكليم، فتكون الطهارة اسم مصدر.

وهي في الأصل النظافة، والنزاهة من الأقذار، وفي الشرع استعمال المطهرين الماء والتراب، لرفع الحدث وإزالة الخبث.

ثم بعد هذا باب المياه: الباب في الأصل لما يدخل معه ويخرج منه، لما يدخل معه ويخرج منه، وهنا ما يجمع ويضم مسائل علمية، ما يجمع ويضم المسائل العلمية، واستعماله في الحسيات -في الأبواب الحسية حقيقة- واستعماله في المعاني كما هنا باب المياه حقيقة وإلا مجاز؟

هاه؟ من يقول بالمجاز ما عنده مشكلة يقول: مجاز، لكن الذي لا يقول بالمجاز أيش يقول؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ الذي لا يقول بالمجاز ماذا يصنع بمثل هذا؟

يقول: حقيقة، وإن لم تكن الحقيقة لغوية فهي حقيقة عرفية، حقيقة عرفية، وهي اصطلاح خاص، فالحقائق كما تعرفون ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية.

والمياه: جمع ماء، وتكلموا في تعريفه وماهيته ومركباته وأجزائه، لكن تعريفه يزيده غموضاً كما قال قائلهم:

. . . . . . . . .

وعرفوا الماء بعد الجهد بالماء

كيف تعرفة الماء؟

ص: 20

وهنا تنبيه ينبغي أن يعتنى به، وهي أن كتب السلف قاطبة لا تعتني بمثل هذا التعريف -تعريف الأمور الواضحة- وبناء الأبواب وترتيبها على هذا النسق الحد، ثم الحكم، ولا تتكلم عن حكم الشيء إلا بعد معرفة حده وتصوره، لا بد أن يتصور قبل، هذا عند المتأخرين، تعرفون أياً كان، مرسوم لك خطة تمشي عليها في جميع الأبواب، ويستوي في ذلك الباب الواضح، والباب الخفي هذه من الاصطلاحات الحادثة، نعم لا مشاحة في مثل هذا الاصطلاح إذا كان من باب تتميم القسمة ومشي على خطة وسير على منهج واحد، لا بأس، لكن لا يأخذ علينا الوقت، تعريف الماء، ومركبات الماء ما الذي يستفيده طالب العلم؟ طالب العلم بحاجة إلى أنواع المياه، وما يجوز شربه، وما لا يجوز، وما يجوز استعماله في الطهارة وما لا يجوز، هذا الذي يهم طالب العلم.

أما تعريف الماء في اللغة والاصطلاح والاستعمالات، ومركبات الماء، ومما يتركب منه، هذا لا شك أنه ليس من طريقتهم.

قد يقول قائل: لماذا جمع الماء، وهو اسم جنس يقع على القليل والكثير؟

لماذا لم يقال: باب الماء؟ وإذا قال: باب الماء دخل فيه ماء البحر، ودخل فيه ماء هذا الكوب، والفرق بينهما شاسع؟

إنما جمع -جمعه أهل العلم- لتعدد أنواعه، لتعدد أنواعه، فهناك الماء المالح، والماء الحلو، هناك الماء الطاهر والماء النجس، المقصود أنه لتعدد أنواعه جمعوه، وإلا فالأصل أنه اسم جنس يشمل القليل والكثير.

ثم ساق -رحمه الله تعالى- الحديث الأول حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: ((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة واللفظ له، وصححه ابن خزيمة والترمذي].

يمدينا ندخل في الحديث وإلا .. ؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه، كم؟

طالب:. . . . . . . . .

كم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، هم عندهم خمس يبدأ الدرس الثاني، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

خمس يبدأ الدرس الثاني، وعدنا بالاختصار لكن الكلام يجر بعضه بعضاً، وهذه فوائد كنت أظن أن طالب العلم بحاجتها، لكن الأحاديث -بإذن الله- كل يوم عشرة أحاديث على الأقل، لنمشي سيراً حثيثاً.

ص: 21

هم عندهم دقة في وقتهم يعني خمس، خمس يعني يبدأ الدرس وإلا؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه شوف أنها في الجدول خمس، إن كان الشيخ حضر وإلا .. ، على كل حال ما أريد أن أسترسل في الوقت وبداية الحديث الأول طيبة، نقف عليه؛ لأنه في كلام مترابط حول الحديث.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول الحافظ -رحمه الله تعالى- في كتابه المشروح بلوغ المرام من أدلة الأحكام في الحديث الأول، قرئ وإلا ما .. ؟ قرأت الحديث الأول؟

طالب:. . . . . . . . .

يقول -رحمه الله تعالى-:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: ((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة]: وعرفنا المراد بالأربعة وأنهم أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه -أصحاب السنن- وابن أبي شيبة: صاحب المصنف الكبير واللفظ له: يعني والمعنى لغيره، وصححه ابن خزيمة والترمذي: في بعض النسخ يوجد زيادة في التخريج ورواه مالك والشافعي وأحمد: لكن هذه لا توجد في أكثر النسخ المعتمدة، وإن وجدت في بعضها.

وعلى كل حال الحديث أخرجه من سمعتم، وخلاصة القول فيه أنه حديث صحيح، خلاصة القول أنه حديث صحيح.

بل قال ابن العربي في شرح الترمذي بعد أن صححه قال: إن الإمام البخاري لم يخرج هذا الحديث؛ لأنه جاء من طريق واحد فليس على شرطه.

ص: 22

وابن العربي يزعم أن من شرط الإمام البخاري ألا يخرج حديثاً تفرد به راو واحد، بل لا بد من تعدد الرواة، هذا شرطه في صحيحه -على حد زعم ابن العربي- والكرماني الشارح -شارح البخاري- وإليه يؤمئ كلام الحاكم، أن الإمام البخاري لا يصحح الحديث -شرط لصحة الحديث- أن يروى من أكثر من وجه -من أكثر من طريق- وهذا القول كما هو معروف مردود، يرده الواقع -واقع الصحيح-؛ فأول حديث في الصحيح غريب تفرد به عمر رضي الله عنه وتفرد بروايته عنه علقمة بن وقاص، وتفرد بالرواية عنه محمد بن إبراهيم التيمي، وتفرد بروايته عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعنه انتشر، وكذلك آخر حديث في الصحيح: ((كلمتان خفيفتان على اللسان

)) إلى آخره، تفرد بروايته أبو هريرة، وعنه أبو زرعة عمرو بن جرير البجلي، وعنه محمد بن فضيل، نعم؟

على كل حال مثله مثل الحديث الأول، التفرد وقع في أربع طبقات من إسناده، وغرائب الصحيح موجودة وفيها كثرة، منه حديث ابن عمر في النهي عن بيع الولاء والهبة، وهبته، كل هذه غرائب ترد هذه الدعوى، ولذا يقول الصنعاني في نظم النخبة بعد أن عرف العزيز أنه ما رواه اثنان قال:

وليس شرطاً للصحيح فاعلم

وقد رمي من قال بالتوهم

ولا شك أن هذه غفلة ممن يشرح الصحيح ويزعم أن هذا شرط البخاري، وغرائب الصحيح ترد هذا القول، والغريب أنه يفهم أيضاً من كلام البيهقي.

على كل حال الحديث صحيح، ولا يلزم لصحة الخبر تعدد الطرق، وراويه أبو هريرة راوية الإسلام وحافظ الأمة، اشتهر بكنيته، والمعروف والمطَّرد أن من اشتهر بشيء نسي غيره، فمن اشتهر بالكنية نسي الاسم، ومن اشتهر بالاسم نسيت الكنية.

فأبو هريرة أختلف في اسمه واسم أبيه على نحو من ثلاثين قولاً، لكن المرجح عند الأكثر أنه عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أسلم عام خيبر وتوفي سنة تسع وخمسين.

ومن اشتهر بالكنية -كما هنا- يضيع اسمه سواءً كان من المتقدمين أو من المتأخرين.

من منكم من يعرف اسم أبي تراب الظاهري؟ نعم، اشتهر بالكنية لكن الاسم.

طالب:. . . . . . . . .

إيه، اسمه عبد الرحمن بن .. ؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 23

شوف لولا أنه حديث عهد بالوفاة، كتب عنه في الصحف يمكن ما يعرف اسمه، وهذا شأن كل من اشتهر بشيء.

من يعرف كنية قتادة؟ لأنه اشتهر بقتادة ما اشتهر بكنيته؟ هاه نحن في مجتمع طلبة علم، من يعرف كنية قتادة؟

أشهر من نار على علم باسمه، كما أن أبا هريرة أشهر منه بكنيته، لكن جرت العادة أن الناس إذا تواطؤوا على شيء وتتابعوا عليه نسوا غيره.

كنية قتادة، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

أبو الخطاب؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، أقول: هذه العادة، هذه العادة جرت أن الناس إذا تواطؤوا على شيء نسوا غيره.

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: يعني في شأنه، وفي حكم مائه من حيث الطهارة وعدمها.

والحديث له سبب، وهو أنهم كانوا يركبون البحر، ويحملون معهم القليل من الماء، فإن توضؤوا به عطشوا كما جاء في السؤال:"أنتوضأ من ماء البحر"، قال عليه الصلاة والسلام:((هو الطهور ماؤه)): كلامه يبدأ من هنا، والسؤال -كما هو معروف- كان معاد في الجواب، ((هو الطهور ماؤه)): يعني البحر، والمراد بالبحر الماء المستبحر الكثير، وخص إطلاقه عرفاً على الماء المالح.

ص: 24

((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)): قد يقول قائل: إن الجواب المطابق للسؤال: أنتوضأ من ماء البحر؟ الجواب: نعم، الجواب: نعم، هذا هو المطابق، وأما قوله عليه الصلاة والسلام:((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) فغير مطابق للسؤال، ويشترطون في الجواب أن يكون مطابقاً للسؤال، لكن هنا الجواب الشافي الكافي حصل، ولم يبق للسائل أدنى تردد، بل أجيب بما يحتاج إليه وزيادة، فلو قيل: نعم لاحتيج إلى أسئلة أخرى، ولكن جاء الجواب الكافي الشافي العام الشامل لمن يحمل الماء القليل، ولمن يحمل الماء الكثير، ولمن لا يحمل الماء أصلاً، فأجيب السائل بما طلب، بل بأزيد مما طلب:((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)): لم يسأل عن ميتة البحر فأجيب عن ذلك لشدة حاجة السائل إليه؛ لأن هذا السائل لما تردد في طهارة الماء فهو لا شك أنه بالنسبة لميتة البحر أشد تردداً، وأشد إشكالاً بعد أن عرفوا تحريم الميتة، ولا شك أنهم يحتاجون إلى الطعام كحاجتهم إلى الماء، فجاء هذا الجواب الشامل منه عليه الصلاة والسلام، والمطابقة إنما تشترط حينما ينقص الجواب عن مراد السائل، ولا يلزم المطابقة بحيث لا يزيد الجواب عن مراد السائل وطلبه.

البحر: المراد هو الماء أي في الأصل، لكن المراد به هنا مكانه، مكانه؛ لأن الضمير يعود إليه، يعود إلى البحر، ولو قلنا: إن المراد به الماء المستبحر الكثير المالح لاضطرب الكلام، لصار المعنى ماء البحر هو الطهور ماؤه، ماء البحر وليس ذلك بمراد، إنما المراد المكان، والظرف الحاوي لهذا الماء هو الطهور ماؤه أي الماء الواقع فيه.

والطهور ما يتطهر به –طَهُور- والطُّهور المصدر فعل المتطهر، وهو بمعنى التطهر، المصدر بمعنى التطهر، والطَّهور هو ما يتطهر به كالوضوء، الماء الذي يتوضأ به.

ص: 25

((ماؤه)): فاعل، فاعل المصدر، ومثله ميتته فاعل الحل، والمراد بالحل ضد الحرام، ضد الحرام، الحل ضد المحظور، فميتة البحر حلال، كما أن ماءه طهور بمعنى أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره، طاهر في نفسه ولو تغير طعمه؛ لأن الذي أوجد الإشكال عند السائل تغير طعم ماء البحر، كأنه لما سمع قوله تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} [(48) سورة الفرقان]، رأى أن غير ماء السماء وما يشبهه في الطعم أنه مشكل، فسأل عنه.

فماء البحر طهور، وميتته حلال، والمراد بميتة البحر مما لا يعيش إلا به -في البحر- ما لا يعيش إلا في البحر.

وتفصيل ميتة البحر يأتي في كتاب الأطعمة، لكن ما يمنع أننا نشير إشارة إلى أن أهل العلم اختلفوا في المراد بميتة البحر، فمنهم من قال مثل ما تقدم: ما لا يعيش إلا في البحر سواءً كان جنسه ممنوعاً في البر أو ليس بممنوع، ككلب البحر وخنزيره.

كلب البحر، خنزير البحر حلال وإلا حرام، إنسان البحر؟ إنسان البر لا يجوز أكله، كلب البر لا يجوز أكله، خنزير البر لا يجوز أكله، البري لا يجوز أكله، فهل خنزير البحر يجوز أكله أو لا يجوز؟

مقتضى هذا الحديث: ((الحل ميتته)) أنه يجوز، ومقتضى النصوص القطعية من الكتاب والسنة أن الخنزير لا يجوز أكله، فهل نقول: إن ما جاء في الآيات والأحاديث من تحريم أكل لحم الخنزير عام مخصوص بهذا الحديث؟ أو نقول: هذا الحديث عام مخصوص بالآيات والأحاديث الدالة على تحريم أكل لحم الخنزير؟

والمسألة تحتاج إلى مزيد من البسط فترجأ إلى محلها، لكن الذي يهمنا هنا قوله عليه الصلاة والسلام:((هو الطهور ماؤه، هو الطهور ماؤه)): فماء البحر طهور، يجوز رفع الحدث به، واستقر الإجماع على ذلك، وإن عرف عن بعض السلف المنع من التطهر به، وأنه لا يرفع الحديث، لكن الإجماع استقر.

ص: 26