المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصلاة (7) - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٢١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الصلاة (7)

بلوغ المرام –‌

‌ كتاب الصلاة (7)

شرح: باب: الحث على الخشوع في الصلاة

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

نعم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصاً، فإن لم يكن فليخط خطاً، ثم لا يضره من مر بين يديه)) أخرجه أحمد وابن ماجه، وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حسن".

الذي يليه.

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقطع الصلاة شي، وادرءوا ما استطعتم)) أخرجه أبو داود، وفي سنده ضعف".

حديث أبي هريرة المخرج في المسند والسنن وغيرها وهو المعروف بحديث الخط "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) يعني أي شيء ((فإن لم يجد فلينصب عصاً)) فلينصب عصا، العصا ليس بشيء؟ نعم ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد فلينصب عصا)) نعم؟ ((فليستتر أحدكم ولو بسهم)) الأصل أن تكون الجملة الأولى أكمل من التي تليها، المخفف فيها ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) كأنه قال: كبيراً، فإن لم يجد هذا الشيء الكبير فلينصب عصا، لكن إطلاق الشيء في الجملة الأولى يدل على أن الاستتار يحصل بأدنى شيء، لماذا؟ لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم، تعم أي شيء يمكن أن يطلق عليه شيء صغر أو كبر، طال أو قصر عرض أم دق، ((فإن لم يجد فلينصب عصاً)) وهو شيء، لكن التنصيص عليه لأنه يغلب وجوده، ((فإن لم يكن)) يعني فإن لم يكن فإن لم يوجد العصا ((فليخط خطاً)) يعني إذا كانت الأرض تراب، أو كان معه شيء يمكن له لون يخط به ((فإن لم يكن فليخط خطاً، ثم لا يضره من مر بين يديه)) يخط خط، وهذا الحديث "أخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان" وصححه أحمد وابن المديني، كما قال ذلك ابن عبد البر في التمهيد، ورواه أيضاً أبو داود والبيهقي، وضعفه الشافعي والبيهقي والنووي.

ص: 1

يقول الحافظ: "وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حديث حسن" الذي زعم أنه مضطرب، بل ذكره مثالاً للمضطرب، مثل به للمضطرب ابن الصلاح في علوم الحديث، والحديث المضطرب: هو الحديث الذي يروى على أوجه، يعني على أكثر من وجه، أوجه مختلفة، إن كانت متحدة أو متفقة في الدلالة فلا اضطراب، أولاً: إذا روي الحديث من وجه واحد فلا اضطراب، لا بد أن يروى من أوجه، إذا روي من أوجه مختلفة في الدلالة فإن كانت دلالتها ومفادها واحداً فلا اضطراب، ولا بد أن تكون هذه الأوجه المختلفة متساوية، متساوية في الثبوت، أما إذا أمكن ترجيح بعضها على بعض انتفى الاضطراب، انتفى الاضطراب، وحديث الخط مثل به ابن الصلاح للحديث المضطرب، ولا شك أنه مروي على أوجه، وهذه الأوجه بينها اختلاف وتفاوت كبير، لم تتحد رواتها، وهي أيضاً من وجهة نظر ابن الصلاح متساوية، بمعنى أنه لم يستطع أن يرجح بعض هذه الأوجه على بعض، الحافظ ابن حجر رجح بعض الطرق على بعض، فانتفى عنده الاضطراب، لكن إذا انتفى الاضطراب وبقي ضعف بعض الرواة يعني نفي الاضطراب بإمكان الترجيح لا ينفي ضعف بعض الرواة، فالحديث ضعيف وإن أمكن ترجيح بعض طرقه على بعض، ولذا قال سفيان بن عيينة:"لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث" وكان إسماعيل بن أمية إذا حدث بهذا الحديث يقول: "هل عندكم شيء تشدونه به؟ " وأشار الإمام الشافعي وغيره إلى ضعفه على أن الضعف ليس بشديد، الضعف ليس بشديد، ولذا يقول بعضهم: لا بأس به في مثل هذا الحكم؛ لأن ضعفه ليس بشديد.

ص: 2

حديث الخط على الخلاف في قبوله ورده على الخلاف في قبوله ورده هذا الخط وفي حكمه طرف السجادة، حكم الخط؛ لأنه إذا نواه المصلي سترة مثل الخط ما يفرق، فهذا الخط إذا وضع يوضع بين يدي المصلي، بينه وبين من يمر بين يديه ممتد من اليمين إلى الشمال كالجنازة خط هكذا، ومنهم من يقول: يوضع الخط طولاً؛ لأن الخط قائم مقام -في الحديث- قائم مقام العصا، فأنت إذا وضعت العصا كأنه أمامك هذا، تخط خطاً أمامك، ومنهم من قال: يوضع الخط بما يشبه الهلال نصف دائرة كالمحراب، على كل حال كل هذا الكلام على فرض ثبوت الخبر، وعرفنا ما فيه من ضعف، وهو قابل لترجيح بعض رواياته على بعض، فينتفي الاضطراب ويبقى الكلام الذي في بعض رواته فهو ضعيف.

بعض من يحقق الكتب يترجح له التصحيح أو التضعيف، وليته يقول: هو صحيح عنده، أو ضعيف عنده، بل يتجاوز ذلك فيقول: ضعيف وإن صححه أحمد، يقوله بعض المعاصرين، ضعيف وإن صححه أحمد وابن المديني، بالمقابل يقول: صحيح وإن ضعفه الشافعي والبيهقي، هذا سوء أدب، هذا لا يليق بطالب علم، يكفي أن تبين وجهة نظرك مع احترام الأئمة وإجلالهم، من أين تعلمت؟ وعلى من اعتمدت؟ وما وصلت ما وصلت إليه من علم -إن كان لديك علم- إلا من طريقهم، فعلى طالب العلم أن يلتزم الأدب، الأدب الشرعي مع الكبار، ضعيف وإن صححه أحمد وابن المديني، صحيح وإن ضعفه الشافعي والبيهقي، هذا كلام؟! هذا لا ينفع، هذا فيه جرأة على أهل العلم، وتربية طلاب العلم على مثل هذه الأساليب هذا لا شك أن هذه كارثة، فلا بد من لزوم الأدب مع أهل العلم، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 3

إذا قال: ضعيف وسكت خلاص، هذا قول من الأقوال، قول من الأقوال التي قيلت في الحديث، وإذا قال: ضعيف وبين لا بأس، بين وجهة نظره لا بأس، ويوجد من الباحثين من يجهل بدهيات العلوم ويقول: وقد قال الجماهير بكذا، والذي أراه كذا، إيش الكلام هذا؟ أحياناً يسرد الأئمة الأربعة وأتباعهم أحمد ومالك والشافعي وأبو حنيفة وفلان وفلان، والذي أراه كذا، هو ما يمنع أن يبدي الإنسان وجهة نظره، ولا يلزم أن يوافق كل قول، ولا يمنع طالب العلم المتأهل للترجيح أن يرجح، فإذا تأهل تعين عليه أن يعمل ويفتي ويقول بما يدين الله به، لكن بالأسلوب المناسب، بالطريقة المناسبة، وأمرنا أن ننزل الناس منازلهم، أمرنا أن ننزل الناس منازلهم.

حديث "أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقطع الصلاة شي، وادرءوا ما استطعتم)) الحديث مخرج عند أبي داود وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي وجمع من أهل العلم لكنه ضعيف، في إسناده مجالد بن سعيد، يقول الإمام أحمد: "ليس بشيء"، وقال ابن معين: "لا يحتج به" فالحديث ضعيف، مجالد بن سعيد يقول الإمام أحمد: "ليس بشيء".

من أهل العلم من يرى أن هذا الحديث ناسخ لحديث أبي ذر ((يقطع صلاة الرجل المسلم)) ما ذُكر، فيقولون: إن حديث أبي ذر منسوخ، وما جاء في معناه منسوخ بهذا الحديث.

أولاً: هذا الحديث -كما سمعنا- ضعيف.

ص: 4