المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصلاة (15) - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الصلاة (15)

بلوغ المرام –‌

‌ كتاب الصلاة (15)

تابع: شرح باب: صفة الصلاة

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً، فعلمني ما يجزئني منه، فقال: ((قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)) .. الحديث، رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم".

ص: 1

حديث بن أبي أوفى، عبد الله بن أبي أوفى في حق من لا يستطيع الحفظ، قد يقول قائل: كيف يقول الشخص: أنا لا أستطيع الحفظ يكرر إلى أن يحفظ؟! كيف يقول طالب: لا أستطيع أو عامي أو مسلم لا يستطيع أن يقرأ الفاتحة، أن يحفظ الفاتحة؟! لا تتصوروا الإنسان ردد الكلام وسمع الكلام كثيراً ولاكته الألسنة، وأخذت عليه الأسماع يُحفظ، لكن يبقى أن أناس صاروا بمعزل عن هذا الكلام، صاروا بمعزل تام، إما أسلم وهو كبير سن فلا يمكنه، نعم، أو صار منشغل في أموره ودنياه ومنصرف عن آخرته ودينه، مثل هذا يصعب عليه .. ، لكن مع المحاولة أفلح كثير من الناس، المسألة مفترضة والحديث مفترض في شخص بل هو واقع بالنسبة لشخص لا يستطيع أن يأخذ من القرآن شيء، وإذا كان بعض المتعلمين صغار سن حاولوا الحفظ وعجزوا، حاولوا الحفظ وعجزوا، الذي لا يستطيع أن يحفظ الفاتحة كحال هذا السائل الذي قال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني عنه، بعض الناس يحفظ من الشعر القصائد ذوات العشرات من الأبيات، وبعضهم يحفظ من القصص وبعضهم يحفظ .. ، وبعضهم مغرم بجوانب من جوانب المعرفة التي قد تنفعه وقد تضره، لكنه بمعزل عن كتاب الله، يصعب عليه كتاب الله، كلام الله أشرف الكلام، قد يعاقب الإنسان من حيث يشعر أو لا يشعر لذنب ارتكبه بحيث يستغلق عليه حفظ القرآن، وقد يعاقب بنسيان شيء منه عقوبة معجلة لذنب وقع، لكن الذي لا يستطيع أن يحفظ شيئاً من القرآن جاء التوجيه بأنه يذكر الله -جل وعلا- بقدر ما طلب منه، وهنا قال:((قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)) الباقيات الصالحات، ((لا يضرك بأيهن بدأت)) غراس الجنة، غراس الجنة.

أو ما سمعت بأنها القيعان

فاغرس ما تشاء بذا الزمان الفاني

وغراسها التكبير والتسبيح

والتحميد والتوحيد للرحمن

ص: 2

(فاغرس) جاء عن إبراهيم عليه السلام أنه قال لمحمد عليه الصلاة والسلام: ((أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم بأن الجنة قيعان، وغراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله)) فإذا كانت هذه هي الباقيات الصالحات خير من المال، وخير من البنين {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ} [(46) سورة الكهف] هذا الذي ينفعك في آخرتك وإلا فالمال قد يضرك، الأولاد قد يضرون {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(15) سورة التغابن] ومع ذلكم يتشبث الإنسان بهذا الحطام، ويتشبث بالولد، وقد يكون هذا الولد وبالاً عليه، لكن الخير الذي لا شر فيه بوجه من الوجوه الذكر، لا يكلف، وأنت جالس، وأنت راقد، وأنت قائم، وأنت ماشي، وأنت تأكل، سبحان الله، وبحمده، سبحان الله العظيم، سبحان الله، الحمد لله، لكن فضل الله إذا رضي عن الشخص وبارك لا يحد، والتوفيق لا نهاية له، كما أن الحرمان أيضاً لا حد له، الحرمان لا حد له، بعض الناس عنده استعداد ليقرأ يومياً عشر من الجرائد بحيث تستوعب الوقت كله، ولا يمل ولا يكل، وقد يكون في مكان غير مريح للقراءة ومنسجم، لكن في مكان مكيف ومريح وعندك تكأة وفرش ونظيف وبيت من بيوت الله تعطيه المصحف ينام، حرمان لا نهاية له، هذا واقع كثير من الناس مع الأسف الشديد يلاحظ على بعض طلبة العلم، إذا قيل له: إنسان بيجي يزوره بيقرأ بيسوي شيء تقول له: مشغول إيش مشغول. . . . . . . . . بس ماسك للمصحف؟ يقول لي: مشغول وهو يقرأ قرآن؟! يعني وصل تصور بعض طلاب العلم إلى هذا الحد، يعني القرآن ليس له نصيب من حياة المسلم، هذا خذلان هذا، كيف يسمى طالب علم وما له نصيب من كتاب الله عز وجل؟! كيف يسمى طالب علم؟.

ص: 3

هذا الذي عجز عن قراءة القرآن حاول وعجز {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] لكن عليه بما لا يعجز عنه، التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ما الذي جاء بـ (لا حول ولا قوة إلا بالله؟ ) هاه؟ كنز من كنوز الجنة، بما يقدر هذا الكنز؟ ترابها الذي على وجهها الظاهر للناس الذي تدوسه الأقدام ما هو؟ المسك الأذخر، إذا كان التراب مسك ويش الكنز ويش بيصير؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، ننتبه لهذا الأمر.

وعلى كل حال الحديث حسن، وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم وابن خزيمة، لكنه حديث حسن يعني قابل للحجية، وتمام الحديث كما في سنن أبي داود:"قال الرجل: يا رسول الله هذا لله" هذا لله يعني كله ذكر لله عز وجل، فما لي؟ ويش اللي لي أنا؟ بإمكانه عليه الصلاة والسلام أن يقول: هذا لك، هذا الذكر لك؛ لأن فائدته تعود إليك، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يخاطب الناس على قدر عقولهم، عرف أن الرجل يحتاج إلى دعاء، يطلب من الله عز وجل شيء يجيبه عنه، قال:((قل: اللهم ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني)) فلما قام قال هكذا بيديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أما هذا فقد ملأ يديه من الخير)) ذكر الله عز وجل بهذه الباقيات، وبهذا الكنز ثم سأله بأن يغفر له ويرحمه، وأن يعافيه، وأن يرزقه، وأن يهديه، ملأ يديه من خير الدنيا والآخرة، فدل الحديث على أن هذه الأذكار تقوم مقام الفاتحة لمن لا يستطيع أن يحفظ الفاتحة، نعم.

"وعن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحياناً، ويطول الركعة الأولى، ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب" متفق عليه".

ص: 4

حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر" يعني في الصلوات السرية "في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين" فاتحة الكتاب على سبيل اللزوم بل الركنية، والسورتان على سبيل الاستحباب عند جمهور أهل العلم، "ويسمعنا الآية أحياناً" ومعرفتهم بقراءته عليه الصلاة والسلام إما بطريق الحرز والتقدير، الحزر والتقدير أو لكونه يسمعهم الآية أحياناً فيسمعون منه الآية أحياناً، والآية قد تكون من الفاتحة أحياناً وأحياناً من غير الفاتحة، فعرفوا أنه يقرأ سورة أخرى غير الفاتحة في الركعة الأولى والثانية، ويسمعنا الآية أحياناً، دل على أن القراءة السرية يجوز أن يجهر بها أحياناً، كما أن الصلاة الجهرية لو أسر بها أحياناً صحت صلاته، ولذا يقولون: إذا جهر في محل الإسرار أو أسر في محل الجهر صح لكن خلاف السنة، خلاف السنة هكذا يطلقون، لكن لو كان ديدنه يجهر في صلاة الظهر والعصر ويسر ببقية الصلوات نقول: صلاته صحيحة خلاف السنة؟ نقول: هذا مبتدع، هذا مبتدع، لا يكفي أن يقال: ارتكب مكروه، ارتكب محرم، مبتدع هذا، "ويسمعنا الآية أحياناً، ويطول الركعة الأولى" يعني أطول من الثانية، يقرأ في الركعة الأولى سورة طويلة أطول من الأولى كي يدرك الناس الركعة الأولى، لكي يدرك الناس الركعة الأولى يطولها عليه الصلاة والسلام رفقاً بمن تأخر عن الإتيان إلى الصلاة بحيث إذا طول النبي عليه الصلاة والسلام، ومثله من يقتدي به من الأئمة أدرك الركعة الأولى، "ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب" ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب فحسب، ولا يقرأ فيهما سورة كما في هذا الحديث، وهو متفق عليه، ويأتي ما يدل على أنه يقرأ أيضاً في الركعتين الأخريين أحياناً بما زاد على الفاتحة.

ص: 5

هناك قرائن يستدل بها الصحابة على قراءته صلى الله عليه وسلم: منها غلبة الظن كما هنا استدلالاً بتطويله الركعة، وهذا غلبة ظن، وبتحرك لحيته عليه الصلاة والسلام باضطراب لحيته يعرفون أنه يقرأ؛ لأن الذي يقرأ يتحرك فكه الأسفل ثم بعد ذلك تضطرب لحيته، والنبي عليه الصلاة والسلام ترى لحيته من قِبَل من خلفه، فكان عليه الصلاة والسلام كث اللحية، كث اللحية، ومقتضى هذا أنها تامة طولاً وعرضاً، ولا يقال: إن هذا يشوه نعم خذ ما زاد على كذا، اترك ما زاد على كذا، هذب رتب، النبي عليه الصلاة والسلام كان كث اللحية، وكانت تعرف قراءته باضطراب لحيته، وجاء عنه الأوامر بإعفائها ((أعفوا اللحى)) ((أكرموا اللحى)) ((وفروا اللحى)) ويأتي من يأتي ويستدل بالموقوفات، ويعارض بها المرفوعات، ويقول: خذ ما زاد على كذا، ولا يزال المقص يعمل عمله في اللحى حتى تنتهي؛ لأنه ملاحظ يبدأ شيء يسير ثم يسير ثم تزيد هذه، ثم يرتب هذه، يصير مثل قسمة القرد للجبنة، يدخله الهوى، جاء شخص بقطعة جبن -هذه يمكن قرأتموها في المطالعة في الابتدائي- لقرد ليقسمها فقطعها قطعتين إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة، فلما رجحت الكبيرة أكل منها حتى صارت أصغر من الأخرى، لما رجحت أكل منها ثم رجع إلى الثانية، وهكذا إلى أن انتهت، وهذا المقص إذا دخل اللحية الشواهد كثيرة، يعني إلى وقت قريب، إلى مائة عام والمسلمون في جميع الأقطار أهل لحى، ثم دخلتهم هذه الأقوال، واختلطوا بغيرهم من الأجانب، وصارت تشويه، وصارت لا بد من تهذيب وترتيب إلى أن انتهت، وتتابع الناس على ذلك، وعمت بها البلوى، وصارت تتداول من غير نكير، لما دخل المقص تتابع على ذلك إلى أن بدأ الموس، والله المستعان، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:((أكرموا اللحى)) ((أعفوا اللحى)) ((وفروا اللحى)) والنبي عليه الصلاة والسلام تعرف قراءته باضطراب لحيته، وجاء في وصفه في الشمائل أنه كان كث اللحية عليه الصلاة والسلام، نعم.

ص: 6

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر:(الم تنزيل) السجدة، وفي الأخريين قدر النصف من ذلك، وفي الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر، والأخريين على النصف من ذلك" رواه مسلم".

نعم في هذا ما يدل على أنه يطيل في القراءة آلم تنزيل السجدة، نعم قدر ثلاثين آية، ثلاث صفحات وقدرها لا ينافي التخفيف الذي أمر به النبي عليه الصلاة والسلام، قرأ في المغرب بالطور، وقرأ بـ (ق) واقترب، وهو الذي وجه وعتب على معاذ ((أفتان يا معاذ؟ )) نعم، هذا ليس بطويل؛ لأن الطول والقصر نسبي، لا شك أن آلم تنزيل السجدة طويل بالنسبة لقصار السور، لكنها إذا قورنت بالبقرة وآل عمران والطول صارت قصيرة، فهذا لا ينافي التخفيف ففي هذا الحديث يقول أبو سعيد رضي الله عنه:"كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر: (آلم تنزيل) السجدة، وفي الأخريين قدر النصف من ذلك" فدل على أنه يقرأ في الركعتين الأخريين أحياناً، في الركعتين الأخريين أحياناً، وأن القراءة فيهما أحياناً سنة، ومضى في الحديث السابق ما يدل على أنه لا يقرأ فيهما، لكن القراءة هنا مشروعة وعدمها أيضاً مشروع، فيفعل هذا أحياناً ويفعل ويترك أحياناً، والله المستعان.

"وفي الأخريين قدر النصف من ذلك، وفي الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر" يعني على قدر النصف، يعني كل ركعة بقدر خمسة عشر آية "والأخريين على النصف من ذلك" قدر سبع ثمان آيات، في الأخريين، وهل المراد ما زاد على الفاتحة أو أنه لا يقرأ غير الفاتحة؛ لأنها سبع آيات في الركعتين الأخريين من العصر؟ الاحتمال قائم.

على كل حال القراءة في الركعتين الأوليين يسن أن تكون بالفاتحة وسورة، وأما بالنسبة للركعتين الأخريين فيقرأ أحياناً ويترك أحياناً، كما دل عليه أحاديث الباب، نعم.

ص: 7

"وعن سليمان بن يسار قال: "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بوسطه، وفي الصبح بطواله، فقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-:"ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا" أخرجه النسائي بإسناد صحيح".

سليمان بن يسار مولى ميمونة أم المؤمنين، أحد الفقهاء السبعة، أحد الفقهاء السبعة من التابعين، ويراد بالفقهاء السبعة من هم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، يجمعهم بيت واحد يجمعهم بيت واحد:

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

سعيد أبو بكر سليمان خارجة

هذا سليمان بن يسار "قال: "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف العصر" فلان أمير من أمراء المدينة، جاء بيانه في شرح السنة للبغوي أنه عمرو بن سلمة، وليس هو عمر بن عبد العزيز؛ لأن ولاية عمر بن عبد العزيز يعني كما قيل: إنه عمر بن عبد العزيز لأن ولادة عمر بن عبد العزيز بعد وفاة أبي هريرة، بعد وفاة أبي هريرة "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بوسطه، وفي الصبح بطواله" يعني هذه جادة تكون في غالب الأحوال، الصبح بطوال المفصل، والمغرب بقصاره، وما عدا ذلك بأوساطه، على أن الظهر ينبغي تطويلها على ما جاء في هذه النصوص، "يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل" والمفصل يبدأ من أين؟ من (ق)، من (ق) إلى سورة الناس، هذا مفصل، بقصار المفصل القصار تبدأ من أين؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب وأوساطه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 8

طيب، إذن المفصل أربعة أجزاء وزيادة، أكثره طوال، ثم الأوساط، ثم القصار "يقرأ في المغرب بقصار المفصل" طيب يأتي في حديث جبير بن مطعم وهو الذي يلي هذا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث في الصحيحين، لما جاء في فداء الأسرى، سمعه يقرأ بصلاة المغرب بسورة الطور، بسورة الطور، وهنا في حديث سليمان بن يسار المرفوع لأبي هريرة، وهو مصحح عند أهل العلم، إسناده صحيح، كيف يقرأ في المغرب بقصار المفصل وسمعه جبير بن مطعم يقرأ في المغرب بالطور وهي من طوال المفصل؟ نقول: الأصل أنه يقرأ والغالب أن يقرأ بقصار المفصل، لكن لو قرأ بطواله لا بأس، وقد قرأ عليه الصلاة والسلام بالمغرب بسورة طويلة جداً هي سورة الأعراف.

"وفي العشاء بوسطه، وفي الصبح بطواله، فقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا" يعني من هذا الأمير، "أخرجه النسائي بإسناد صحيح".

حديث جبير، نعم.

"وعن جبير بن مطعم -رضي الله تعالى عنه- قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور" متفق عليه".

نعم جبير بن مطعم جاء في فداء الأسرى فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بصلاة المغرب بسورة الطور، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبه، يعني لما جاء في فداء أسرى بدر لم يكن مسلماً، لكن لما سمع هذه القراءة وقر الإيمان في قلبه، وتحمل هذا الخبر حال كفره، لكنه أداه بعد إيش؟ إسلامه، إذا تحمل الكافر أو تحمل الصبي أو تحمل الفاسق حال كفره أو صباه أو فسقه يصح تحمله أو لا يصح؟ يصح التحمل، لكن الأداء لا يكون إلا على حال من القبول، بأن يكون مسلماً مكلفاً عدلاً، فلا يصح أداء الكافر، ولا يقبل خبره، ولا يقبل خبر الفاسق، ولا يقبل خبر الصبي، كما هو مقرر عند أهل العلم، لكن إذا تحمل مع اختلال هذا الشرط وأدى بعد تمامه فإنه حينئذٍ يقبل، والحديث في الصحيحين، وهو مثال لهذا النوع.

ص: 9

جبير بن مطعم جاء في فداء الأسرى قبل أن يسلم، فوقر الإيمان في قلبه ثم أسلم، وفي الصحيح أنه أظل بعيراً بعرفة فبحث عنه فوجد النبي عليه الصلاة والسلام قد وقف بعرفة مع الناس، فاستنكر، استنكر كيف يقف النبي عليه الصلاة والسلام وهو من الحمس بعرفة؟ والحمس معروف أنهم لا يخرجون عن حدود الحرم، يقفون بالمزدلفة دون الحدود {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [(199) سورة البقرة] أنتم مثلهم، ما في فرق، فكيف يستغرب جبير بن مطعم وقوف النبي عليه الصلاة والسلام بعرفة مع الناس؟ هل هذا قبل إسلامه أو بعد إسلامه؟ قبل إسلامه، في حجة الوداع وإلا في غيرها؟ نعم؟ هو يستغرب بعد إسلامه؟ يستغرب في .. ، أن هذه الحجة هي حجة الوداع وإلا حجة قبلها؟ هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

إيش لون واحدة؟ الآن جبير بن مطعم أسلم قبل حجة الوداع بسنين، وكيف يستغرب أن النبي عليه الصلاة والسلام يقف؟ نعم، جبير بن مطعم ما حج، أظل بعيراً فجاء إلى عرفة يبحث عنه، مسلم وإلا ما هو بمسلم؟ الناس جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع من كل فج، فرصة كل مسلم أن يحج مع النبي عليه الصلاة والسلام، وجبير بن مطعم أظل بعيره ويبحث عنه في عرفة، ووجد النبي عليه الصلاة والسلام وقف بعرفة مع الناس، الناس كانوا يحجون، قبل الإسلام وبعد الإسلام قبل أن يسلموا، الناس يحجون، لكن الحمس يقفون دون عرفة وغيرهم يدخل عرفة، والنبي عليه الصلاة والسلام معروف من الحمس، فيستغرب كونه وقف بعرفة مع الناس من قبل غير المسلم، وهذه الحجة حجة كانت قبل حجة الوداع، وهل كانت قبل الهجرة أو بعدها؟ أو هما اثنتان؟ أقوال لأهل العلم، والقصة في الصحيح، في صحيح البخاري.

ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى المغرب بـ (آلمص) التي هي الأعراف، وبالصافات، وأنه قرأ فيها بالدخان، وقرأ فيها بالمرسلات، قرأ فيها بالمرسلات، كلها طوال، فدل على أنه قد يقرأ في المغرب بالطوال، ويقرأ في الصبح بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [(1) سورة الزلزلة] مثلاً، فالقاعدة والأصل أن يقرأ بما ذكر، لكن قد يقرأ كما دلت النصوص بخلاف ذلك لبيان الجواز، لبيان الجواز، نعم.

ص: 10

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: (آلم تنزيل) السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [(1) سورة الإنسان] " متفق عليه.

وللطبراني من حديث ابن مسعود: "يديم ذلك".

"وعن أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهذا يدل على الاستمرار "يقرأ في الفجر يوم الجمعة: (آلم تنزيل) السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [(1) سورة الإنسان] " وفي رواية الطبراني:"يديم ذلك" بمعنى أنه لا يخل به، ورواية الطبراني ضعيفة، وأما حديث أبي هريرة متفق عليه، الطبراني في الصغير لكنه ضعيف، حديث ابن مسعود عند الطبراني ضعيف.

يقول شيخ الإسلام: "السر في قراءتهما في فجر يوم الجمعة أنهما تضمنتا ما كان وما يكون في يومها" تضمنت السورتان على خلق آدم، وعلى ذكر المعاد، وحشر العباد، وذلك يكون في يوم الجمعة، ففي قراءتهما تذكير للعباد بما كان وما يكون، ولذلك ليعتبروا بما كان، ويستعدوا لما يكون، ليعتبروا بما كان، ويستعدوا لما يكون.

الآن المناسبة بين هاتين السورتين وما كان وما يكون في هذا اليوم ظاهرة، فهل للإنسان أن ينزل القراءة على المناسبات؟ يعني في خطبة جمعة رأى من الناسب أن يخطب عن موضوع ما للحاجة إليه، ثم في صلاة الجمعة بحث عن آيات مناسبة لهذا الموضوع فقرأها في الصلاة، الآن الرابط بين قراءة هاتين السورتين واليوم، ما سمعنا في كلام شيخ الإسلام، فإذا وجد مناسبة، وجد مناسبة مات رجل صالح وقدم للصلاة فهل لك أن تقرأ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [(13) سورة الأحقاف] من أجل هذا الرجل الصالح؟ وقل عكس ذلك لو جاء ضيف وفد غير صالح أو كافر هل لك أن تقرأ ما يناسب؟ وتنزل القرآن على المناسبات ويكون الأصل ما ذكر من أن الجمعة كان ويكون فيها ما ذكر، وهذه السور تنبه على ما كان وما يكون؟ أو نقول: نقتصر في ذلك على ما ورد به النص؟

ص: 11

سمعتم القراءات في بعض الأحيان إذا قدم رجل صالح للصلاة عليه قرأت {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [(13) سورة الأحقاف] بقصد أو بغير قصد، بقصد أو بغير قصد، نعم؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

أيوه.

طالب:. . . . . . . . .

يعني نقتصر على ما ورد، ولو ترك المجال للناس أن يجتهدوا في تنزيل الآيات على المناسبات لاستهين بالقرآن، واستعمل في غير ما أنزل من أجله، لأدنى مناسبة ولد له مولود، مات له طفل، قدم له قريب بعيد، فصارت المسألة لعب، فيقتصر في هذا على ما ورد، يقتصر في هذا على ما ورد، نعم.

"وعن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها" أخرجه الخمسة، وحسنه الترمذي".

نعم هو حديث صحيح، حذيفة رضي الله عنه قال:"صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم" وهذه الصلاة يحتمل أن تكون إيش؟ في صلاة الليل، كان في صلاة ليل، ويحتمل أن تكون فريضة، لكن جاءت الروايات عن غيره من الصحابة أنها في صلاة الليل، وجاء أيضاً أحاديث مطلقة كهذا.

ص: 12

يقول: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل" يسأل الله من فضله، يسأل الله رحمته وعفوه ومغفرته، "ولا آية عذاب إلا تعوذ منها" فإذا مر به ذكر الجنة سأل الله -جل وعلا- أن يجعله من أهلها، وأن يوفقه للعمل الذي يوصله إليها، وإذا مرت به آية عذاب، أو مر به ذكر النار تعوذ بالله منها، ومما يوصل إليها، وما يقرب إليها، كما جاء في الحديث يقول:((أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار)) فهل يفعل مثل هذا في الفريضة والنافلة أو يقتصر في ذلك على النافلة والأمر فيها أوسع؟ الأصل أن الصلاة واحدة، ما ثبت في النافلة يثبت في الفريضة، هذا الأصل إلا ما دل الدليل على تخصيص النافلة به مما ذكر سابقاً، أو نقول: هذا خاص بالنافلة والفريضة لها أحكامها والأمر فيها أشد، الاحتياط لها ينبغي أن يكون أكثر، وقد يقول المسلم كلمة تبطل صلاته وهو لا يشعر، فيقتصر في الفريضة على القراءة والتدبر، وأما في النافلة يسأل ويطلب الله -جل وعلا-، ويستعيذ بالله من عذابه كما جاء؛ لأن أكثر الروايات تدل على أنه في قيام الليل.

على كل حال قيل بهذا وهذا، والأصل أن الفريضة والنافلة سواء، فإذا اقتصر على الألفاظ الواردة عنه عليه الصلاة والسلام في النافلة وقيلت في الفريضة لا بأس، لكن التوسع في هذا بألفاظ وجمل لم تثبت عنه عليه الصلاة والسلام لا سيما من بعض العامة الذين لا يدركون فحوى الكلام؛ لأنه قد يمر به كلام يظنه رحمة أو العكس، يظنه عذاب أو العكس، عذاب يظنه رحمة، كثير من الناس تسمعه يعني إذا مر ذكر الله -جل وعلا- قال: سبحانه، سبحانه، إذا مر ذكر نبي من الأنبياء صلى عليه وسلم بعضهم يجتهدون في هذا، فإذا اقتصر على المورد باللفظ النبوي الذي لا يخشى منه إبطال الصلاة لا بأس، وإلا فالأصل أن الصلاة {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] يعني ساكتين، إيه نعم.

"وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)) رواه مسلم".

وعن عائشة.

ص: 13

"وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) متفق عليه".

"عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) " لماذا؟ لأن للركوع والسجود أذكار مختصة بهما، وأما القرآن فهو ذكر القيام، الركوع له ذكر، السجود له ذكر، الجلسة بين السجدتين لها ذكر، جلسة التشهد له ذكر، إلى آخره، فالقراءة ذكر القيام الوقوف قبل الركوع، لكن بعض الناس قد يبقى عليه شيء من الفاتحة ثم يركع الإمام ثم يركع معه ويكمل الفاتحة، وبعضهم يبقى من السورة التي قرأها بعد الفاتحة بعض الآيات يركع الإمام فيركع معه ثم يكمل ما شرع، هذا إيش حكمه؟ حرام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) نهيت، والنهي يقتضي التحريم، فالحديث دليل على تحريم قراءة القرآن حال الركوع والسجود،؛ لأن الأصل في النهي التحريم، ذكر الركوع:"سبحان ربي العظيم"، وذكر السجود:"سبحان ربي الأعلى" لأنه لما نزل قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] قال: ((اجعلوها في سجودكم)) ومثلها التعظيم، فأما الركوع، لماذا لا نقرأ؟ "قال:((فأما الركوع فعظموا فيه الرب)) عظموا فيه الرب ((وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء)) يعني ينبغي أن يكون الركوع ذكره التعظيم، سبحان ربي العظيم، وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو إيش؟ وهو ساجد.

((اجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)) حري وجدير وحقيق وخليق أن يستجاب لكم، إذا أكثرتم من الدعاء، واجتهدتم فيه، حري أن يستجاب لكم، فالحديث فيه على ما ذكرنا تحريم القراءة في حال الركوع والسجود، وفيه أيضاً مشروعية تعظيم الرب -جل وعلا- في الركوع والتسبيح والتنزيه، وفيه أيضاً مع التسبيح في حال السجود مشروعية الدعاء.

ص: 14

"وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم)) " في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) الحديث السابق: ((فأما الركوع ف ع ظموا

وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء)) دليل على أنه لا يدعى في حال الركوع وإنما يعظم الرب فيه، وعلى أنه لا يعظم الرب في حال السجود وإنما يجتهد فيه بالدعاء، لكن الحديث الذي يليه حديث عائشة دل على أن الركوع وإن كان الغالب في ذكره التعظيم إلا أنه لا يمنع من الدعاء اليسير، ولذا قال:((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) وهذا دعاء، قد يقول قائل: أما الركوع عظموه ليش تدعو؟ والرسول يقول: ((عظموا)) عليك أن تدعو في السجود، نقول: لا يمنع من أن يكون الدعاء اليسير موجوداً في الركوع أيضاً، والدعاء الكثير مع الاجتهاد فيه وتحري جوامره في السجود، فإنه حري وجدير وقمن أن يستجاب لكم، نعم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول:((سمع الله لمن حمده)) حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم:((ربنا ولك الحمد)) ثم يكبر حين يهوي ساجداً، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها، ويكبر حين يقوم من اثنتين بعد الجلوس" متفق عليه".

ص: 15

نعم حديث أبي هريرة في تكبيرات الانتقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهذا للاستمرار "إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر -للانتقال- حين يركع، ثم يقول: ((سمع الله لمن حمده)) حين يرفع صلبه من الركوع" وهذا في حق الإمام على ما سيأتي "ثم يقول وهو قائم: ((ربنا ولك الحمد)) " وهي للإمام والمأموم ((إذا كبر فكبروا)) التكبير يشترك فيه الإمام والمأموم، لكن إذا رفع من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فدل على أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد على اختلاف في الصيغ الواردة في ربنا ولك الحمد، أو ربنا لك الحمد، أو اللهم ربنا لك الحمد، اللهم ربنا ولك الحمد، هي أربع صيغ، ويقولها الجميع، وأما التسميع فلا يقوله إلا الإمام دون المأموم والمنفرد، يقوله الإمام والمنفرد دون المأمون، "حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ((ربنا ولك الحمد)) ثم يكبر حين يهوي للسجود، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس" وهذا ديدنه وعادته عليه الصلاة والسلام مع قوله عليه الصلاة والسلام: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فدل على وجوب تكبيرات الانتقال، وعلى وجوب قول: سمع الله لمن حمده خلافاً لمن يقول باستحباب ذلك، خلافاً لمن يقول باستحباب ذلك.

ص: 16

وظاهر قوله: يكبر حين يفعل كذا، ويفعل حين .. ، أن التكبير مقارن للفعل، القول ينبغي أن يكون مقارناً للفعل، لكن إن تقدم يسيراً أو تأخر يسيراً، إن قدم الحركة على الذكر خشية أن يسبق، أو تقدم الذكر على الحركة لثقل وكبر سن ونحوه، فالمسألة فيها سعة، فعندنا قول: سمع الله لمن حمده، التكبير للجميع، إن كبر فكبروا، لكن إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فدل على أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، عند الحنفية والمالكية المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، والإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، هذا ذكر الإمام وهذا ذكر المأموم، الشافعية يرون أن كل مصلٍ إمام ومأموم ومنفرد كل منهم يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، والحنابلة يقولون: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، إنما يقول المأموم: ربنا ولك الحمد، والإمام يقولها كذلك، والحديث ظاهر في هذا ((إذا قال

فقولوا)) لأنه إذا قال: سمع الله لمن حمده نقول مباشرة بالتعقيب دون التأخير: ربنا ولك الحمد، إذن متى يقول المأموم: سمع الله لمن حمده؟ فدل على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده.

((ربنا ولك الحمد)) عرفنا أن الصيغ الواردة في هذا أربع، ربنا لك الحمد، ربنا ولك الحمد، واللهم ربنا لك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد، ولك الحمد، المقصود أنها أربع صيغ، وإن قال ابن القيم: إنه لم يرد الجمع بين اللهم والواو، وهو وارد في صحيح البخاري، وارد في صحيح البخاري.

"ثم يكبر حين يهوي -يخر ساجداً- ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يسجد" ثانية، ثم يكبر حين يرفع من السجدة الثانية، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها في الركعة الثانية والثالثة والرابعة هكذا، "ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس" بعد الجلوس يكبر.

نعم الحديث الذي يليه:

ص: 17

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ((اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) رواه مسلم".

نعم هذا ذكر القيام بعد الركوع: "عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ((اللهم ربنا لك الحمد)) " وعرفنا أنه ورد: ((اللهم ربنا لك الحمد)) ((اللهم ربنا ولك الحمد)) وبدون اللهم ((ملء السماوات والأرض)) الحمد ملء السماوات والأرض، الحمد معنى من المعاني والأجرام إنما تملى بالأجرام والأجسام، لا يمتنع أن يكون هذا المعنى بحيث لو كان جسماً لملأ ما بين السماوات والأرض، ولا يمنع أن يكون له حقيقة، وإن لم يدركها البشر، ففي علم الله عز وجل أنها تملأ ما ذكر.

((ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد)) يعني مما تعلمه أنت تبارك وتعاليت، ولا نعلمه نحن، فالمطلوب حمد يملأ الظروف المعلومة وغير المعلومة للآدمي ((وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد)) يعني يا أهل الثناء والمجد ((أحق ما قال العبد)) أحق ما قال العبد، (أهلَ) منصوب على النداء الأصل: يا أهل الثناء والمجد، ويجوز رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أنت أهل الثناء والمجد ((أحق ما قال العبد)) أحق بالرفع خبر مبتدأ محذوف، هذا أو ما ذكر أحق ما قال العبد، ((وكلنا لك عبد)) وكلنا لك عبد اعتراف من العبد لربه بأنه مربوب مدبر ومسير من قبل ربه وخالقه ورازقه -جل وعلا-، وفي هذا من التواضع والانكسار بين يدي الله عز وجل، واعترافاً

مما كان هذا الجد، وهذا الاجتهاد، وهذا الحرص، وهذا الذكاء، وهذه القدرة، وهذه الخبرة كلها لا تنفع إلا إذا أراد الله -جل وعلا- أن ينفع بها، والله المستعان.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 18