المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الطهارة (7) - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الطهارة (7)

بلوغ المرام -‌

‌ كتاب الطهارة (7)

شرح: باب: المسح على الخفين

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

ص: 1

ماذا يصنع طالب العلم في مثل هذه القضايا الكبار؟ هل نقول لطالب العلم: اترك قواعد المتأخرين فالعبرة بالمتقدمين؟ كما توجد هذه النداءات بقوة، المتقدمون هم أهل الشأن وهم الأصل، ولولا المتقدمون لما أدرك المتأخرون شيئاً، أو نقول: اعتمد قواعد المتأخرين؛ لأنها منضبطة وتسير على نسق واحد؟ هل نقول هذا أو ذاك؟ لا يشك أحد ولا يجادل ولا يماري أن الأصل في الباب الأئمة الكبار المتقدمون الذين يحفظون السنة يحفظون مئات الألوف من الأحاديث، اللي يحفظ مائة ألف، واللي ثلاثمائة ألف، واللي سبعمائة ألف، واللي ستمائة ألف، من يدانيهم من المتأخرين؟ لكن قد يقول قائل: من يُقلد من المتقدمين؟ في حديث رفع اليدين بعد الركعتين نقلد البخاري وإلا أحمد؟ في حديث: ((لا نكاح إلا بولي)) نقلد البخاري وإلا نقلد أبو حاتم ومن معه والدارقطني وجمع من أهل العلم؟ طالب العلم المبتدي عليه أن يتمرن على قواعد المتأخرين؛ لأنها هي التي تؤهله للعمل، يتمرن فيخرج ويدرس ويحكم على قواعد المتأخرين، وكل عمله هذا إنما يصنعه تمريناً، كي يتأهل، وإذا تأهل وعرف كيف يجمع الطرق؟ وكيف يؤلف بين المختلف من هذه الطرق؟ وعرف كيف يرجح؟ وتكونت لديه الأهلية، نقول له: لك أن تحاكي المتقدمين في الحكم بالقرائن، فتحكم بما يترجح عندك، أما قبل أن تتأهل فلا بد من فهم كلام المتأخرين، وتطبيق كلام المتأخرين، ثم بعد ذلك إذا تأهلت من يمنعك؟ ومن تضييع طلاب العلم أن ينادى بين أفراد المتعلمين وهم مبتدئون في أحكام العوام أن يقال: تنبذ قواعد المتأخرين؛ لأنها تخالف ما قرره المتقدمون، لكن هل للمتقدمين قواعد يمكن أن تسلك من البداية؟ ما يمكن؛ لأنه إذا كلف بتقليد المتقدمين يقلد مَنْ مِن المتقدمين؟ هو إذا تأهل صارت لديه الأهلية، وصار من أهل هذا الشأن، له أن يحاكي المتقدمين في أحكامهم بالقرائن، وإلا إذا قيل له قلد من يقلد؟ إذا اختلف المتقدمون على أقوال لا يستطيع أن يقلد، إن قلد الإمام أحمد باستمرار فاته جانب الإصابة عند غيره، وإن قلد غيره باستمرار فكذلك، فإذا تأهل طالب العلم بعد أن يتمرن طويلاً على التخريج والموازنة والمقارنة بين الروايات والطرق والأحكام على الرواة له أن

ص: 2

يحاكي المتقدمين في حكمهم بالقرائن، أما في بداية الطلب فليس له مفر ولا مناص عن قواعد المتأخرين، هذه ذكرناها في أكثر من مناسبة، وقلنا: إنها تشبه إلى حد كبير مطالبة طلاب العلم بالاجتهاد في أول الأمر، ونبذ كلام الرجال وأقوال الفقهاء وكتب الفقه، هذه وجدت، الدعوى هذه وجدت وبقوة، طالب العلم المبتدي يمكن أن يستنبط من الكتاب والسنة وهو لا يعرف، ليس عنده من الآلة ما يؤهله لذلك؟ لا يستطيع، أما إذا تأهل وعرف ووازن وجمع الأدلة ونظر فيها، ونظر في أقوال أهل العلم من خلال أدلتها، ووازن بينها، ورجح الراجح، وتأهل لذلك، لا يجوز له أن يقلد الرجال، وما قيل هناك يقال هنا.

على مقتضى قواعد المتأخرين هذه الزيادة مقبولة؛ لأنها زيادة ثقة، ولذا يصححها من يعتني بقواعد أو يتعامل مع النصوص على ضوء قواعد المتأخرين.

ص: 3

وأقول: ممن يعتمد قواعد المتأخرين، وإن لم يكن عاد مقلد مائة بالمائة الألباني -رحمه الله تعالى-، ولذا تجدونه يصحح أحاديث هي عند المتقدمين فيها خلاف طويل؛ لأنه اعتمد قاعدة زيادة الثقة، ويعتمد ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)) ويعتمد ((إنك لا تخلف الميعاد)) وهكذا، والشيخ عبد العزيز رحمه الله عند شيء من ذلك، والذي يدعي الاجتهاد في كل شيء هذه دعوى عريضة، الذي يريد أن ينبذ التقليد بجميع صوره وأشكاله نقول له: على رسلك، لا يمكن؛ لأنه إن لم يقلد في الأحكام على الأحاديث قلد في الأحكام على الرجال، إن لم يقلد في الاستنباط، في استنباط الأحكام، يعني مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لا يقلد في استنباط الأحكام، لكنه يقلد في الأصل، في الحكم على الأحاديث، وإن لم يقلد في الحكم على الأحاديث وتوصل إلى الحكم بنفسه لا بد أن يقلد في الرواة، وإذا قال: لا، أنا لا أقلد في الرواة، أنا أنظر بين أقوال الأئمة كلهم، أجمع عشرين قول في الراوي ثلاثين قول وأوازن بينها، وأخرج بالقول الراجح متى تنتهي؟ إذا كان الرواة ألوف مؤلفة، وتحتاج في كل راوي إلى هذه العملية، والأحاديث كذلك، كل حديث يحتاج إلى مثل هذه العملية، ثم كل حديث يحتاج إلى مفهوم ومنطوق، ويا الله من القواعد المعروفة عند أهل العلم، متى تصل إلى حد الاجتهاد؟ لن تصل، فنقول: على رسلك، والعلم يؤخذ بالتدريج، نعم إذا تأهلت لشيء لا يسوغ لك أن تقلد أحد.

ص: 4

قد يقول قائل: أنا أسلك طريقة الاجتهاد المطلق، وأبدأ بالتدريج، أمسك الأحاديث حديث حديث، وأتكلم على كل راوي من رواتها، وأجمع أقوال أهل العلم، وأخرج بالقول الصائب من أقوالهم مرجحاً لما يوصلني إليه اجتهادي، ثم بعد أن أجمع أقوال أهل العلم في رواة هذا الحديث وأجمع طرقه، أحكم عليه بنفسي، ثم أستنبط منه، كم تحتاج إلى أن تنهي العلم كله، ولن تصل، مهما بلغت من العلم، ومهما طال بك العمر، وأنت تبحث أحاديث الطهارة، وتحتاج إلى وقت طويل يأتيك حديث في الحج، تقول: أنتظر في الطهارة وفي الحج؟ تأتيك نازلة في الصيام ماذا تصنع؟ فالتقليد لا مفر منه، ويغالط نفسه من يقول: إنه ينبذ التقليد بجميع صوره وأشكاله، أهل العلم الكبار الذين عرفوا بالاجتهاد في العصر الحديث تجدهم لا بد أن يقلدوا، إن ما قلدوا في الاستنباط قلدوا في الحكم على الحديث، إن ما قلدوا في الحكم على الحديث قلدوا في الحكم على الرجال، كثير من أهل العلم المتأهلين يعتمدون التقليد، هات التقليد، وماذا قال ابن حجر وإيش قال .. ؟ مع أن كثير من أحكام ابن حجر عليها ملاحظات، هذا اجتهاده، وهو أهل للاجتهاد، لكن المتأهل يقلد مجتهد؟ يجتهد هو، وغير المتأهل نرجع إلى مسألتنا يقلد في الرجال، يقلد في الأحكام، يقلد في الاستنباط.

فمن تأهل لشيء لا يسوغ له التقليد بحال، أما التقليد فهو فرض العامي وشبه العامي، والذي يخفى عليه حكم مسألة في حكم العامي إيش المانع؟ إلا يتكبر يقول: أنا من أعلم الناس؟ ما هو بصحيح، فالذي يريح الإنسان كثيراً أن يعرف قدر نفسه، إذا عرف الإنسان قدر نفسه ارتاح وأراح غيره، والله المستعان.

وعرفنا المناسبة بين التوبة والتطهر، تطهير الظاهر والباطن، ومناسب جداً أن يختم الحافظ ابن حجر باب الوضوء بهذا الحديث، في غاية المناسبة أن يُختم الباب بفتح أبواب الجنة، وبما يقال بعد تمام الوضوء، والله المستعان.

ص: 5

جاءت هناك صيغ ألحقت بهذا الدعاء، أو هذا الذكر، عند البزار والطبراني في الأوسط، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وأيضاً النسائي في عمل اليوم والليلة دعاء كفارة المجلس بعد الشهادتين ((سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)) فجاء من حديث أبي سعيد وهو في المستدرك أيضاً: ((من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق ثم طبع بطابع فلا يكسر إلى يوم القيامة)) وهذا مصحح عند الحاكم وعند ابن السني، وصححه أيضاً الألباني -رحمه الله تعالى-، وحكم النسائي بأنه موقوف، الراجح وقفه عند النسائي.

أما ما يذكر على الأعضاء من الأدعية والأذكار، إذا غسل وجهه قال: كذا، وإذا غسل يده اليمنى قال: كذا، إذا غسل اليسرى قال: كذا، إذا مسح رأسه قال: كذا، وهكذا، لا يثبت في ذلك حديث.

الحديث الموضوع في الذكر على كل عضو اتفق العلماء على ضعفه، بل نص كثير منهم على أنه موضوع، وإن ذكره بعض من لا بضاعة له من الحديث كالغزالي في الإحياء وغيره، نعم.

باب: المسح على الخفين:

"باب: المسح على الخفين:

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ فأهويت لأنزع خفيه، فقال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) فمسح عليهما"، متفق عليه".

المسح على الخفين، الخفين: مثنى الخف الواحد، وهو ما يستر القدم إلى فوق الكعب القدر المفروض غسله، فإن نزل عن الكعب فهو نعل، إذا كان أسفل من الكعبين فهو نعل، إذا زاد على الكعبين فهو خف.

"عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: "كنت في سفر مع النبي" عليه الصلاة والسلام، كما جاء في صحيح البخاري، وجاء في تعيين السفر أنه في غزوة تبوك "فتوضأ النبي" عليه الصلاة والسلام، فتوضأ "فأهويت لأنزع خفيه" إيش معنى توضأ؟

طالب:. . . . . . . . .

شرع في الوضوء، صح وإلا انتهى من الوضوء؟ نعم، أو أراد الوضوء؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 6

الفعل الماضي يطلق ويراد به الأصل وهو الفراغ من الشيء، إذا قلت: قام زيد، نام زيد، هذا الأصل أنه فرغ، يطلق ويراد به الفراغ من الشيء؛ لأن الفعل الماضي عبارة عن حدث وقع في الزمن الماضي، الفعل الماضي عبارة عن حدث وقع في الزمن الماضي، ذهب زيد، يطلق أيضاً ويراد به الشروع في الشيء، يعني عندنا ((إذا كبر فكبروا)) ((إذا كبر فكبروا)) إيش معناه؟ فرغ من التكبير وانتهى، صح وإلا لا؟ يطلق الفعل الماضي ويراد به الشروع في الشيء ((إذا ركع فاركعوا)) هل معنى هذا أنه إذا فرغ من الركوع اركعوا؟ نعم أو إذا شرع في الركوع اركعوا؟ يطلق ويراد به إرادة الشيء قبل وقوعه {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] يعني إذا انتهيت من القراءة فاستعذ وإلا قبل؟ قبل، قبل.

المقصود أنه هنا توضأ ليس معناه فرغ من وضوئه، وإنما شرع في وضوئه، شرع في وضوئه "فأهويت" قصدت الهوي من القيام إلى القعود، ومددت يدي "لأنزع خفيه" خدمة للنبي عليه الصلاة والسلام، وهذا كان حال الصحابة معه عليه الصلاة والسلام، يتبادرون إلى خدمته، عليه الصلاة والسلام، فقال:((دعهما)) اتركهما ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني دعهما فإني أريد المسح عليهما لأني أدخلتهما طاهرتين "فمسح عليهما " عليه الصلاة والسلام.

ومن شرط المسح أن تكون الخفان أو القدمان طاهرتين؟ ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) طاهرتين حال من إيش؟ من القدمين أو من الخفين؟ ظاهر اللفظ؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 7

نعم، ظاهر اللفظ أنهما الخفان، ولذا لا بد من طهارة الخف، لكن عامة أهل العلم فهموا من الحديث غير هذا، ((فإني أدخلتهما)) يعني القدمين في الخفين حال كونهما طاهرتين، وطاهرتين معاً كما يدل له اللفظ، طاهرتين معاً كما يدل له لفظ الحال هنا، حال كونهما طاهرتين، وعلى هذا لو كانت اليمنى طاهرة، فأدخلها في الخف ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ ظاهر اللفظ أنه لا يكفي، لا بد أن يكونا طاهرتين معاً حال إدخالهما الخف، ولذا يلزم جمع من أهل العلم من صنع مثل هذا العمل، من غسل اليمنى ثم أدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى ثم أدخلها الخف أن ينزع اليمنى ثم يلبسها ثانية؛ ليكون لبس الخفين بعد طهارة القدمين معاً، كما يدل له ظاهر اللفظ، وبعض أهل العلم يقول: هذا عبث. . . . . . . . . خلاص لبس انتهى، إيش معنى اخلع خفك وألبسه مرة ثانية؟ نقول: لا، إذا أردت أن تقول مثل هذا عبث قل: الركوع عبث بعد، إيش معنى أنك تنحني وتقوم؟ الأصل في المسلم أن يتدين بدين، أنه متدين بدين ملتزم لنصوص، الذي لا تبين لك حكمته ولا علته تتركه؟ ما هو بصحيح، ولا نقول في مثل هذا عبث، وإن قاله من قاله من كبار أهل العلم، الواضح من اللفظ أني أدخلتهما طاهرتين ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني حال كونهما طاهرتين معاً، وعلى هذا لا يجوز إدخال اليمنى قبل غسل اليسرى، قبل غسل اليسرى.

"فمسح عليهما" يعني على الخفين؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، والخف يشترط ستره للقدم، بمعنى أنه يغطي الجزء المطلوب غسله، وهو الكعبان، وأن يكون ساتر للمحل المفروض غسله؛ لأن ما ظهر من القدم فرضه الغسل، ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل، فلو كان الخف مخرقاً يبين منه ما يجب غسله، فإنه حينئذٍ لا يجزئ المسح عليه، ولا شك أن مثل هذا القول هو الأحوط، وإن قال شيخ الإسلام أنه يمسح على كل ما يسمى خف، ولو كان مخرقاً، ولو كان لا يثبت بنفسه، ولو كان .. ، ما دام يطلق عليه اسم الخف يمسح عليه، ويفتي به بعض أهل العلم، وله حظ من النظر؛ لأنه لم يرد وصف للخف الممسوح، وإنما ما يسمى خف يُمسح عليه.

ص: 8

يبقى عندنا المعارض الأصلي، وهو أن الغسل للقدم هو الأصل، فما ظهر من هذا الأصل ولم يستر بخف فإنه يجب غسله، وعلى هذا نقول: الأحوط ألا يمسح على الخف المخرق، ولا على الجورب الشفاف الذي يظهر محل الفرض، ومن قال: أنا أقتدي بمن تبرأ الذمة بتقليده كشيخ الإسلام وأمسح على المخرق وغيره نقول: لك ذلك، لكن ما في أحد من أهل العلم يبطل صلاتك إذا مسحت على الخف الساتر، بينما لو مسحت على الخف المخرق لن تعدم من يبطل صلاتك من أهل العلم، والاحتياط لهذه العبادة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام مطلوب.

طالب:. . . . . . . . .

نفسه، يكشف الفرض لا شك أن الأصل الغسل.

المسح على الخفين مشروع بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، ولم يخالف في ذلك إلا نفر من الصحابة، ثم رجعوا عن قولهم وقالوا بالمسح فصار إجماع، وذكره في كتب العقائد يدل على أنه لم يخالف فيه إلا بعض المبتدعة، يُذكر المسح على الخفين في العقائد، وروي عن أكثر من ثمانين صحابي، المسح على الخف.

منهم من يقول: إن المسح على الخفين منسوخ بآية المائدة، وفي حديث جرير بن عبد الله البجلي، وفيه المسح، وفيه قوله:"وهل أسلمت إلا بعد المائدة؟ " دليل على أن القول بالنسخ ضعيف، حتى لو لم يوجد حديث جرير نقول: لا تعارض حتى يلجأ إلى النسخ، لا تعارض بين هذه النصوص، بين آية المائدة وبين المسح على الخفين، فآية المائدة إنما تتجه على من لا خف عليه، وأحاديث المسح ونصوص المسح إنما هي فيمن لبس الخفين.

يروى عن الإمام مالك أنه أنكر المسح على الخفين، لكن ثبت عنه بالأسانيد الصحيحة أنه أثبته.

صرح جمع من أهل العلم بأن أحاديث المسح على الخفين متواترة، فلا مجال لنقاشها، والتردد في مشروعية المسح.

ص: 9

يبقى هل الأفضل المسح أو الغسل؟ هل نقول: غسل القدم هو الأصل فهو أفضل من المسح؟ فالأفضل لك أن تخلع الخف وتغسل القدم؟ نقول: ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه فعله، فهو سنة مشروعة، فالأفضل في حق اللابس المسح، كما أنه لا يشرع من أجل المسح أن يلبس الخف، كما أنه لا يشرع من أجل الفطر أن يسافر وهكذا، المقصود أن الأفضل في حق كل أحد بحسبه، فإن كان لابساً للخف فالأفضل في حقه المسح، ولو تعمد المخالفة وخلع الخف، وغسل رجليه، إن كان راغباً عن هذه السنة مستنكفاً عنها فهو على خطر من الإثم، وإن كان يقول: إن الغسل أحوط، نقول: لا، ما في احتياط هنا، والسنة الصحيحة الصريحة دالة عليه، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول:((من رغب عن سنتي فليس مني)) فليس الأحوط أن يخلع الخف ويغسل القدم، وإن قلنا في المخرق: إن الأحوط الغسل.

كيفية المسح على الخف: كيفية المسح على الخف، يبينه الحديث الذي يليه وللأربعة، نعم.

"وللأربعة عنه إلا النسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله، وفي إسناده ضعف".

اللي بعده:

"وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه" أخرجه أبو داود بإسناد حسن".

"وللأربعة" يعني من حديث المغيرة "عنه" يعني عن المغيرة "إلا النسائي" فيكون المراد أبو داود والترمذي وابن ماجه، وهو مخرج عندهم "أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح أعلى الخف وأسفله، وفي إسناده ضعف".

ص: 10

أئمة الحديث ضعفوا الحديث بكاتب المغيرة، بكاتب المغيرة، لا شك أن الحديث ضعيف، فلم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح أسفل الخف، وإن كان لو كانت المسألة عقلية ليست شرعية أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لكن المسألة شرعية، ولذا "يقول علي رضي الله عنه:"لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه""أخرجه أبو داود بإسناد حسن" يعني حسن لذاته، وبمجموع طرقه يصل إلى درجة الصحيح لغيره، كما نص على ذلك الحافظ في التلخيص، الحافظ في التلخيص يقول: هو حديث صحيح، فبهذا نعرف أن المشروع هو مسح أعلى الخف دون أسفله، وإن كان هو المباشر للأوساخ والقاذورات، نعم إذا وجد في أسفله نجاسة يدلك بالتراب ويطهر، وليس الدين بالرأي، ولو كان الدين بالرأي لقلنا: إن التيمم لا قيمة له، نعم، التيمم إيش قيمته؟ أنت محدث وتلطخ يدك بالتراب ووجهك هل معنى هذا أنك ارتفع حدثك؟ نقول: ليس الدين بالرأي، وليس كل أحكام الدين معقولة المعنى، نعم الله سبحانه وتعالى لا يصنع شيء ليس فيه مصلحة، لكن قد نطلع على هذه المصلحة وقد تخفى علينا هذه المصلحة ليختبر الإنسان ويعرف مدى امتثاله للأوامر الشرعية، أما إذا كان كل شيء ظاهر الحكمة وظاهر المصلحة معناه أنه يدور حول المصلحة، الباعث له على العمل هو المصلحة، لا، ليكن الباعث على العمل هو النص، هو الدليل، هو التكليف الشرعي، كوننا نعرف الحكمة والعلة أو لا نعرف هذه مسألة إن عرفنا بها ونعمت، وإن لم نعرف فلا يلزم من ذلك، فالدين ليس بالرأي.

ولذا يقول علي رضي الله عنه: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه" لأن ما تحت القدم هو الذي يباشر المشي، ويقع على ما ينبغي إزالته من قاذورات ومن نجاسات وغيرها.

يقول: "رواه أبو داود بإسناد حسن" نعم عرفنا أن إسناده حسن لذاته، وله طرق أخرى يرتقي بها إلى الصحيح لغيره، ولذا قال المصنف في التلخيص: إنه صحيح.

ص: 11

يبقى كيفية المسح: باليد اليمنى تُمسح أو تَمسح القدم اليمني، واليسرى لليسرى، وإن شاء مسحهما بيد واحدة، على الترتيب، فيمسح اليمنى قبل اليسرى كالأصل؛ لأن هذا المسح بدل من غسل الرجلين والرجل اليسرى تغسل قبل اليمنى.

أما حديث أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح على خفيه ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح عليهما مسحة واحدة، يعني في آن واحد، هذا عند البيهقي منقطع، منقطع لا تثبت به حجة، الأصل أن البدل له حكم المبدل، البدل له حكم المبدل، ومسح الخفين بدل من غسل الرجلين، وغسل الرجلين إنما يقع غسل اليمنى قبل اليسرى فليقع البدل كذلك، تمسح اليمنى قبل اليسرى، وأما المسح فأي شيء يسمى مسح؛ لأن هذا أمر مطلق، والعادة أن تبلل اليد بالماء وتمر على ظهر القدم.

نقف على حديث صفوان.

اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أسئلة كثيرة علنا أن نأتي على ما تيسر منها إلى وقت الشرح المحدد، إن بقي منها شيء نجيب منه بعد الدرس باختصار شديد.

يقول: كثير من الناس يقدم في الدخول إلى المسجد من على اليمين ويقول: هذا من السنة، فهل هذا صحيح؟ وهل التيمم مختص بالشخص نفسه أو به وبمن معه؟

ص: 12

لا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام يعجبه التيمن، يعجبه التيمن، لكن إذا عورض بما هو أقوى منه، فلو افترضنا أن شخصاً أراد أن يدخل المسجد وعن شماله والده -مثلاً- أو شخص أكبر منه سناً، النبي عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح يقول:((كبر، كبر)) هذا من جهة، الأمر الثاني: أن المبادرة إلى الدخول إلى المسجد أفضل من التأخر، وحينئذٍ يحصل التعارض من هذه الحيثية، لكن إذا كان من على الشمال، أو على اليمين أكبر منك، أو له فضل عليك، كأبيك مثلاً، وقدمته فهاهنا تعارض أمور، وهو أن الدخول إلى المسجد أفضل من التأخر عنه، مع الإيثار، مع تقديم الأكبر، الإيثار مطلوب، ومدح به الأنصار لكن ليس على إطلاقه، فأهل العلم يطلقون المنع في الإيثار بالقرب، أما القرب الواجبة فلا يجوز الإيثار فيها، شخص عنده ماء يكفيه للوضوء ووجد غيره لا يجوز أن يقول له: أأثرك بهذا الماء وهكذا، الإيثار بالقرب المستحبة، على حسب ما يترتب عليها من مصلحة، تدخل فيها المصالح كما هنا، فإذا آثر والده بالدخول إلى المسجد قبله لا شك أنه مأجور على ذلك، ومصلحة الإيثار راجحة على مصلحة التقدم، تقدم دخول المسجد.

نعود إلى أصل المسألة وهي أنه هل يدخل من على اليمين أو يدخل الأكبر؟

النبي عليه الصلاة والسلام يعجبه التيمن، يعجبه التيمن، وجاء الأمر بتقديم الكبير ((كبر، كبر)) فتقديم اليمين هو المعجب للنبي عليه الصلاة والسلام، لكن عارضه ما ثبت بأمره عليه الصلاة والسلام من تقديم الكبير، إذا كان الناس في المجلس وأحضر الطعام أو المشروب أو ما أشبه ذلك فإنه يبدأ بالكبير، ثم من على يمينه، كما بدأ بالنبي عليه الصلاة والسلام فأعطاه من عن يمينه وهكذا.

يقول: إذا تعارض حديثان أحدهما صحيح أو ضعيف؟

يبحث في الجمع بينهما، إذا كان أحدهما ضعيف فلا عبرة به، إذا كان أحدهما ضعيف فلا يتكلف اعتباره، يعمل بالصحيح ويطرح الضعيف، لكن إذا كانا صحيحين، فلا بد من إيجاد المخرج بالجمع والتوفيق، وهذا ما يسميه أهل العلم مختلف الحديث، وهو أن يتعارض حديثان في الظاهر وحينئذٍ يبحث عن أوجه الجمع فإن أمكن وعرف المتقدم من المتأخر قيل بالنسخ وإلا فالتوقف.

ص: 13

يقول: وإذا كان كذلك فهل نجمع بين حديث طلحة بن مصرف وحديث عبد الله بن زيد في المضمضة والاستنشاق بأن حديث طلحة يحمل على أنه يفصل بين المضمضة والاستنشاق ولو كانت من كف واحدة؟

كيف يفصل بينهما من كف واحدة؟ إذا لم يفصل بينهما كيف يجمعهما؟ والأصل أنهما من كف واحدة، كما جاء في الحديث الصحيح، لكن المضمضة مستقلة عن الاستنشاق، فما أدري ما وجه هذا الجمع؟

يقول: نرى بعض الأفلام المتعلقة بفلسطين وبالجهاد في الشيشان وغيرها فهل يجوز رؤيتها لكي نحس بمعاناتهم أم لا؟

عرفنا أن التصوير بجميع صوره وأشكاله داخل في أحاديث النهي، لكن إذا ترتب على الرؤية مصلحة راجحة، والمنع من باب منع الوسائل فأهل العلم يتسامحون في مثل هذا.

هل يجب في مسح الرأس الذهاب إلى القفا ثم العودة إلى الوجه، أو أنه يجزئ الذهاب إلى. . . . . . . . .

يجزئ ما يسمى مسح، يجزئ ما يسمى مسح، لكن الصورة الأكمل أن يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما.

يقول: هل ينتقد الصنعاني رحمه الله في السبل لأنه شرح الأحاديث الضعيفة وغيره من الأئمة الذين شرحوا الأحاديث الضعيفة؟

أهل العلم حينما يتصدون لشرح كتاب يشرحون كل ما فيه من صحيح وضعيف، وإلا فالأصل أن الضعيف لا يتكلف اعتباره، لكن خشية أن يوجد له طرق، خشية أن يوجد له طرق يثبت بها يبين معناه، ويذكر ما يفيده الحديث، مع ترجيح ما دل عليه الأحاديث الصحيحة.

ما صحة قول من يقول بأن الصنعاني رحمه الله في نسبة الأقوال إلى مالك وأحمد الغالب فيها عدم الصحة، عدم صحة النسبة، وأما أبو حنيفة والشافعي فالغالب الصحة بناءً على الأصل، وهو البدر التمام هو كذلك؟

ص: 14

أولاً: الأصل بدر التمام يعتمد كتب .. ، غالباً ما يعتمد على النووي في المجموع وفي شرح مسلم، وله عناية بفتح الباري والتلخيص الحبير لابن حجر، ومذهب الزيدية بفروعه من هادوية وغيرهم يأخذها من كتبهم، وهذه أمور ميسورة لهم؛ لأنهم يعيشون بينهم، وهم في زمنهم غالب سكان اليمن، وكتبهم مشهورة، لكن نسبة المذهب إلى الإمام أحمد، هم لا يخرجون عن إطار المذهب، يذكرون إحدى الروايات المعروفة في المذهب، لكن كثيراً ما يتركون الرواية التي هي المذهب المعتمد عند أهل العلم، ويذهبون إلى روايات أخرى، ومثله مذهب مالك.

ولذا أخذ المذاهب من كتب الشروح التي لا تقلد هذه المذاهب لا ينبغي أن يعتمد عليها، فلا يأخذ المذهب الحنبلي من فتح الباري، ولا المالكي من عمدة القاري، الأصل أن تؤخذ المذاهب من كتب الأئمة الأصلية، المصنفة في هذا الشأن، في الفقه، وكل مذهب يؤخذ من كتبه، من كتب المذهب نفسه؛ لأن صاحب المذهب أعرف من غيره، لكن لو وجدنا شرح على مذهب الشافعي، ومؤلفه شافعي، مثل فتح الباري، بل من فقهاء الشافعية لا يمنع أن نأخذ مذهب الشافعي من فتح الباري؛ لأن مؤلفه خبير بمذهب الشافعي، ولا يمنع أن نأخذ المذهب الحنفي من عمدة القاري مثلاً، ولا يمنع أن نأخذ المذهب المالكي من الاستذكار لابن عبد البر؛ لأنه إمام من أئمة المالكية، لكن ما نأخذ مذهب أحمد من عمدة القاري أو من الاستذكار، نأخذ مذهب أحمد من شرح ابن رجب صحيح؛ لأنه حنبلي ويعتمد الروايات في المذهب، يعتني بأقوال أحمد وهكذا.

فحينما يقال: الاعتماد في نقل المذاهب على الكتب المتخصصة في الفقه، لا شك أن له أصل، متخصصة وكل مذهب يؤخذ من المؤلفات في المذهب نفسه، لكن لو تجاوزنا وقلنا: نأخذ المذهب المالكي من الاستذكار، ونستفيد مذهب مالك وفهم الموطأ، لا مانع، نأخذ المذهب الحنفي من عمدة القاري نستفيد المذهب الحنفي ونفهم صحيح البخاري، لا مانع؛ لأن المؤلف من فقهاء الحنفية، وهكذا بقية المذاهب.

أما هذه الكتب غير المتخصصة في الفقه فلا يعتمد عليها في نقل مذاهب غير أصحابها.

ص: 15

يقول: في طبعة دار السلام لكتاب بلوغ المرام في الحاشية تعريف لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنه وقد كتب غنية عن التعريف؟

يقصد بذلك أنها أشهر من أن تعرف، أشهر من أن تعرف بسطر أو بسطرين، نعم التصنيف في فضلها ومناقبها وفقهها وروايتها وعقلها في مطولات طيب ونافع، لكن تكتب في ترجمة عائشة سطر أو سطرين؟ الذي يعرفه عوام المسلمين أكثر من هذا، هذا الذي يجعل كثير من المحققين لا يعرف بالمشاهير، يقول: فلان غني عن التعريف، وبعض المشاهير تعريفه يزيده غموضاً؛ لأن الذي سوف يُذكر أشهر من أن يعرف، والله المستعان.

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟ يقول: طبعة دار السلام لكتاب بلوغ المرام؟

هي طبعته دار السلام؟ هي عندك؟ أنا ما رأيته.

على كل حال المشاهير ينبغي أن لا يعرفوا، كما أن الكلمات الواضحة لا ينبغي أن تفسر، كما أن الكلمات سهلة النطق لا ينبغي أن تضبط بالشكل، إنما يشكل المشكل.

يقول: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف إذا لم يجد فرجة في الصف الأول؟

جاء الحديث بأنه: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) ولو لم يجد فرجه، الحديث ما فيه تفصيل.

يقول: ما حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية، فقد راجعت كتب الفقه مثل المغني وزاد المستقنع ولكني تحيرت؟

قراءة الفاتحة مسألة خلافية بين أهل العلم، وألفت فيها المؤلفات، وللإمام البخاري جزء القراءة خلف الإمام، وألف فيها ابن خزيمة وابن عبد البر جمع من أهل العلم، لكن لا مانع من سوق الخلاف:

من أهل العلم من يرى أنها ركن من أركان الصلاة بالنسبة لكل مصلٍ، لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام:((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهذا يشمل الإمام والمأموم والمنفرد والمسبوق، يعني لو جاء والإمام راكع لا بد أن يقرأ الفاتحة قبل أن يركع، هذا القول يقول به أبو هريرة رضي الله عنه والإمام البخاري والشوكاني، ركن من أركان الصلاة بالنسبة لكل مصلٍ من إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق.

يلي هذا القول قول الشافعية أنها ركن لكل مصلٍ عدا المسبوق، وحجتهم حديث عبادة:((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) ويستثنى المسبوق بحديث أبي بكرة.

ص: 16

ومنهم من يرى أنها ركن بالنسبة للإمام والمنفرد، وهذا قول مالك وأحمد، وأما المأموم فلا قراءة عليه، ومن هذه المذاهب من يفرق بين الصلاة الجهرية والسرية، في هذين المذهبين روايات تقول بالتفريق بين السرية والجهرية، ورأي أبي حنيفة أن الواجب القراءة، قراءة ما تيسر سواءً كانت الفاتحة أو غيرها، وكأن أعدل الأقوال قول الشافعية في هذه المسألة، وأنها تلزم كل مصلي عدا المسبوق لعموم حديث:((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهو مخصوص بحديث أبي بكرة عندما ركع دون الصف.

يقول: ما نصيحتك لشخص بلغ من العمر ستة وعشرين سنة، وأراد أن يطرق باب العلم الشرعي، فبماذا يبدأ؟ وما هي المنهجية التي يمشي عليها؟

أولاً: بالنسبة للسن لا أثر له، نعم المبادرة في طلب العلم لا شك أنها أولى، لكن شخص لم ينتبه للعلم الشرعي ولو كان ماشي في دراسته النظامية، بعض الناس يدخل الابتدائي والمتوسط والثانوي وقد تخرج من الجامعة وهو في الحقيقة ما بدأ بطلب العلم، نعم يفك الحرف، يقرأ ويكتب لكن على غير أساس، وكثير من الإخوان إنما يلتفت إلى العلم الشرعي إذا تخرج، تفرغ من الدراسة بدأ يطلب العلم، هذا مناسب جداً لا بأس، صالح بن كيسان بدأ بطلب العلم وعمره تسعون سنة، تسعون سنة، قيل: أقل من ذلك، لكن أقل ما قيل: خمسين، لكن الأكثر على أن عمره تسعون سنة، ومات عن مائة واربعين سنة، ووصل إلى درجة عد فيها من كبار الآخذين عن الزهري، فلا يأس، وحينئذٍ إذا انتبه لنفسه ولو كان سنه متقدمة يبدأ بصغار العلم قبل كباره، وليحرص على من يدله على التأصيل والتأسيس، ويجتنب القيل والقال، وليحرص على اغتنام الزمن علماً وعملاً، فيبدأ بالكتب المختصرة والمتون، يبدأ بحفظها إن أسعفته الحافظة، وإلا يقرأها على شيخ يحلها له، ويحيله إلى الشروح، أو يقرأ شروحها وحواشيها حتى يتمكن، ويسمع الأشرطة التي سجلت على هذه المختصرات ويدون ما يستفيده على حواشي هذه الكتب، ثم ينتقل إلى كتب الطبقة الثانية طبقة المتوسطين، ثم يبدأ بكتب الكبار من طلبة العلم.

يقول: هل توجد أحاديث موضوعة في مسند الإمام أحمد؟

ص: 17

هذه مسألة يقع الخلاف فيها بين المتقدمين، ابن الجوزي أدخل تسعة أحاديث من المسند في الموضوعات، وشيخ الإسلام يقول:"إن من قال: إن في المسند أحاديث موضوعة فكلامه صحيح، ومن قال: إنه ليس فيه أحاديث موضوعة، فكلامه صحيح" إيش معنى هذا الكلام؟ يعني أن الأحاديث التي قصد وضعها لا توجد في المسند؛ لأن الإمام أحمد لا يروي عن مثل هؤلاء، الذين يقصدون الوضع والكذب على النبي عليه الصلاة والسلام.

وأما الأحاديث التي وقع فيها الخطأ والوهم ونسبتها إلى النبي عليه الصلاة والسلام خطأ موجودة في المسند، وهناك كتاب ينبغي لطالب العلم أن يعتني به هو كتاب:(القول المسدد في الذب عن المسند) للحافظ ابن حجر، والحافظ ابن حجر وهو شافعي المذهب، ويذكر في مقدمة الكتاب أنه حينما يدافع عن المسند وهو على غير مذهب إمامه أنه إنما يتعصب للسنة النبوية، لا لحمية ولا لعصبية جاهلية، في كلام نفيس ينبغي أن يطلع عليه طالب العلم.

يقول: ترجح أنه لا يمسح على الجوارب المخرقة، وقد ذكرت أن بعض أهل العلم يقول: ببطلان صلاة صاحب الجوارب المخرقة، وعلى حسب علمي أن المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت خفافهم مخرقة ويمسحون عليها؟

على كل حال المسألة كما عرضنا خلافية، والأصل غسل القدم، نعم إذا وجد ما يستر القدم يمسح، وأحاديث المسح متواترة، وما بان مما يجب غسله عند أكثر أهل العلم يجب غسله، وخفاف الصحابة هذا مجرد احتمال أبداه شيخ الإسلام، يقول:"يغلب على الظن أنهم مع عدم انفتاح الدنيا عليهم وحاجتهم وفاقتهم وفقرهم لا يبعد أن تكون خفافهم فيها المخرق" وهذا نقول: لا يبعد، لكن الأصل أن ما ظهر من فرائض الوضوء أنه يجب غسله، وما ستر يمسح، هذا الأصل، من قال بقول شيخ الإسلام، واقتنع بفتوى من يعتد بقوله من الأئمة ما أحد يمنعه، لا سيما والاحتمال الذي أبداه شيخ الإسلام ظاهر لا خفاء فيه، لكن ليعلم أنه لن يعدم من يقول من أهل العلم ببطلان صلاته، وإذا أخذ بالأحوط، وحرص على أن يكون الخف والجورب ساتر للمفروض، ما في أحد من أهل العلم بيقول: إن صلاته باطلة، بل هي صحيحة بالإجماع.

ص: 18

يقول: هناك اقتراح أن نكمل شرح بلوغ المرام بدلاً من درس التائية، والدرس الثاني حيث أنه تم الانتهاء من شرحها؟

المسح على الخفين نبي ننهيه -إن شاء الله تعالى-، ونواقض الوضوء طويل ثمانية عشر حديث يبي درسين على الأقل أو ثلاثة فلا يمكن.

نترك هذه بعد الدرس إن كان فيه وقت.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

"وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم" أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له وابن خزيمة وصححاه.

نعم حديث صفوان بن عسال المرادي، صحابي سكن الكوفة، في التوقيت لمسح الخف بالنسبة للمسافر "كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا إذا كنا سفراً" والسفر جمع سافر، كتجر جمع تاجر، وركب جمع راكب، وصحب جمع صاحب وهكذا، سفر جمع سافر، والسافر هو المسافر، سمي بذلك لسفوره وبروزه عن بلده وخروجه عنه، ومنه سمي السفور لإبراز وإخراج ما ينبغي ستره.

"كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا" بل نمسح عليها "ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة" هذا بالنسبة للمسافر، وسيأتي ما يخص المقيم وأنه يوم وليلة، ثلاثة أيام بلياليهن، وأما بالنسبة للمقيم فسيأتي أنه يوم وليلة.

وبداية المسح متى؟ من أول حدث أو من اللبس؟ أو من أول مسح؟ نعم؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

من أول مسح، من أول مسح، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 19

ما فيها خلاف المسألة؟ الكلام لأهل العلم معروف منهم من يرى أنه من أول حدث بعد لبس، وهذا المعروف عند الحنابلة، ولكن الصواب أنه قبل أن يمسح كأنه لم يلبس، فمن أول مسح من أول ما يستفيد من هذا الخف، وأول إفادته من هذا الخف المسح، المسح المحتاج إليه في الصلاة ورفع الحدث، الذي يكون بعد حدث، فإذا توضأ لصلاة الصبح فلبس الخف، صلى الصبح ثم بعد الصلاة انتقض وضوؤه، لكنه لم يمسح إلا لصلاة الظهر، نقول: يبدأ المسح لصلاة الظهر فيصلي به إلى صلاة الظهر، من الغد صلاة الظهر لا يصلي، لا بد أن يخلع؛ لأنه تم عليه يوم وليلة من المسح.

مقتضى قول من يقول: إنه من أول حدث أنه ينتهي المسح بعد صلاة الصبح، قد يقول قائل: الخلاف لفظي، إيش بيستفيد بين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر؟ نقول: لو احتاج إلى الوضوء في هذا الوقت لقراءة قرآن أو صلاة نافلة لا بد أن يخلع، وعلى القول الثاني: أنه من المسح يستفيد، يمسح حتى تزول الشمس لصلاة الظهر فيخلع، ثم يغسل رجليه وهكذا.

إذا مسح في صورتنا: مسح لصلاة الظهر خلع الخف وغسل رجليه وتوضأ، ثم لبس الخف، يمسح العصر والمغرب والعشاء والصبح والظهر، بقي متطهر من وضوء الظهر يصلي بالعصر أو لا يصلي؟ لأنه ما أحدث لكن المدة تمت، لو أراد أن يتوضأ لصلاة العصر قلنا له: اخلع، المدة تمت، لكن يقول: أنا ما أحدثت لست بحاجة إلى طهارة، يخلع وإلا ما يخلع؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

يخلع، كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم المدة المحددة شرعاً للاستفادة من الخف انتهت، وهو حينئذٍ يصلي بقدم ليست ممسوحة ولا مغسولة، فطهارته ناقصة.

طالب:. . . . . . . . .

هذه طهارة أصلية وهذه فرعية، في فرق، فهذا يصلي بقدم ليست مغسولة وليست ممسوحة، كيف يصلي؟ يعني ليست مغسولة وليست مأذون بمسحها، انتبه، ليست مغسولة ولا مأذون بمسحها شرعاً؛ لأنه انتهت المدة المحددة شرعاً، إذاً انتهى وقت التطهر، انتهى وقت الطهارة.

ص: 20

يأتي مسائل متعلقة بالمسح وتعرفون إيش رأي شيخ الإسلام أنه انتهاء المدة ليس بناقض، نعم ليس بناقض، وهو الذي يقيس خلع الخف على حلق الرأس بعد مسحه، لكن لا يقاس على .. ، يعني إلا مع تمام توافر شروط القياس على أن العبادات لا قياس فيها، العبادات لا قياس فيها، وكون هذه طهارة أصلية وهذه طهارة فرعية يقاس عليها؟ هذا غير مرضي عند أهل العلم.

"لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة" وهذا أمر مجمع عليه، مسحت لصلاة الظهر فأجنبت الظهر تبي تمسح العصر؟ لا، يقول: المدة ما تمت، نقول: لا، الجنابة لا بد أن تخلع.

"إلا من جنابة" وهذا محل إجماع "ولكن من غائط وبول ونوم" يعني من حدث أصغر، من حدث أصغر ناقض للوضوء فقط لا موجب للجنابة "أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له، وابن خزيمة وصححاه" يعني الترمذي وابن خزيمة.

هذا الحديث حسنه الإمام البخاري فيما نقله عنه الترمذي، قال الترمذي عن البخاري: إنه حديث حسن، بل قال البخاري: ليس في التوقيت شيء أصح من حديث صفوان بن عسال، كون البخاري يقول: هذا حديث حسن، ومع ذلكم يقول: ليس في التوقيت شيء أصح من حديث صفوان بن عسال هل في تناقض بين قوليه أو ليس فيه تناقض؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ليس فيه تناقض، لماذا؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم؛ لأن أهل الحديث لا يستعمل أفعل التفضيل على بابها، حتى لو قال البخاري: إن حديث صفوان بن عسال ضعيف، وقال: إنه أصح شيء في هذا الباب، ما فيه تناقض؛ لأن أفعل التفضيل ليست على بابها، يعني في الباب أحاديث هو أقواها وأمثلها، وإن كانت كلها ضعيفة على فيما لو قال: هو حديث ضعيف، لكنه حديث حسن، يعني يحتج به، ويلزم العمل به.

حديث علي نعم.

"وعن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال: "جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم" يعني:"في المسح على الخفين" أخرجه مسلم".

ص: 21

هذا الحديث مخرج في صحيح مسلم كما ترون، وهو عند الترمذي حيث أشار إليه إشارة قال: وفي الباب عن علي وابن حبان والطيالسي وغيرهم، وفيه ذكر التوقيت بالنسبة للمقيم، وهو في المسافر يوافق أو شاهد لحديث صفوان بن عسال، "ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر" يعني كما تقدم في حديث صفوان، فهل نقول: شاهد أو متابع؟

طالب:. . . . . . . . .

شاهد، لماذا؟

طالب:. . . . . . . . .

هو شاهد وإلا متابع؟ إيش الفرق بين الشاهد والمتابع؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، مطابق لإيش؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني باللفظ؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، هذا كله تخرص.

طالب:. . . . . . . . .

نعم إذا جاء الخبر ولو كان بلفظه من طريق صحابي آخر فهو شاهد، وإن اتحد الصحابي فهو متابع، إن اتحد الصحابي واختلف من دونه فهو متابع، والمتابعات كما تعرفون متابعات تامة وناقصة، وتفصيل هذا يطول، المقصود أن حديث علي شاهد لحديث صفوان بن عسال بالنسبة للمسافر، وهو مؤكد له، ومؤسس لحكم جديد، وهو مدة المسح بالنسبة للمقيم.

"ويوم وليلة للمقيم" يعني في المسح على الخفين.

طالب:. . . . . . . . .

المتابع إذا اتحد الصحابي، إذا اتحد الصحابي صار الخبر متابع، يعني إذا تابعه لو افترضنا أن هذا حديث صفوان روي من طريق آخر عن صفوان نفسه، يكون الراوي عن صفوان تابع غيره في الرواية عن صفوان.

ما سبب التفريق بين المسافر والمقيم؟ لماذا لم يكن الجميع واحد؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم زيادة المشقة بالنسبة للمسافر، نعم.

"وعن ثوبان -رضي الله تعالى عنه- قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأمرهم أن يمسحوا على العصائب -يعني العمائم- والتساخين -يعني الخفاف-" رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم".

ص: 22

"وعن ثوبان رضي الله عنه" بلفظ تثنية الثوب، ابن بجدد، ويقال: ابن جحدر، من حمير أصيب في سبي فشراه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقه، روى عدة أحاديث منها هذا الحديث "قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم" والحديث صحيح، الحديث صحيح "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية" وهي القطعة من الجيش "فأمرهم أن يمسحوا على العصائب" والتساخين، العصائب وهي العمائم التي يلف بها الرأس "والتساخين" التي تلبس فتسخن القدم وتدفئه "يعني الخفاف" وإذا دفئ القدم فالجسد في الغالب أنه يدفئ، بخلاف ما لو كانت الأقدام بادية في وقت البرد فإنه مهما لبس من الثياب فإنه سوف يبرد؛ لأن القدمين هما اللتان تباشران الأرض.

على كل حال الحديث أصل في المسح على العمائم، وأما المسح على الخفاف والتساخين فهو متواتر، وهو أصل في المسح على العمامة دون إشارة إلى مسح جزء من الرأس، يعني كما تقدم في حديث ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح على الناصية، وأكمل المسح على العمامة، هنا العمامة فقط، ولذا جاء في كلام ابن القيم أنه ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح على العمامة فقط، ومسح على الناصية وكمل على العمامة، ولم يثبت عنه أنه اكتفى بالناصية، فالحديث أصل في المسح على العمامة، وهل يشترط للعمامة ما يشترط للخف من أن تلبس على طهارة أو لا يلزم؟ وهل يوقت فيها ما يوقت بالنسبة للخف أو يمسح ما بدا له؟

طالب:. . . . . . . . .

لأنه جاء في الخف، والحاجة إليه أشد، جاء التوقيت بالنسبة للخف والحاجة إليه أشد وخلعه أشد، فجاء التوقيت بالنسبة للخف، وأطلق بالنسبة للعمامة، وجاء أيضاً تقييد القدمين بكونهما طاهرتين حال إدخال الخف، فالعمامة في حكمهم في حكم الخفين.

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

من اللي قاله؟

طالب:. . . . . . . . .

أقول: هل يشترط للعمامة ما يشترط للخف؟ نعم، أيهما أهم العمامة وإلا الخف؟ كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 23

الخف، وجاء تقييده مع شدة الحاجة إليه بما ذكر بالمدة وتقدم الطهارة نعم، فاشترط له ما اشترط للخف، يبقى أنه لو كانت العصابة لضرورة، بأن كانت على جرح مثلاً، أو جبيرة لا يمكن فكها، هذه أهم من الخف، ولذا لا يشترط لها ما يشترط للخف، فلا يشترط تقدم طهارة، ولا يشترط لها مدة، بل يمسح عليها ما دامت الحاجة قائمة.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني مدرج "يعني العمائم، والتساخين يعني الخفاف" هذا مدرج، نعم، مدرج في الحديث من كلام الراوي، مدرج في الحديث من كلام الراوي، والمدرج أن يزاد في الحديث ما ليس منه، بما يمكن فصله عنه، تجيء الروايات الأخرى بدونه، هذا واضح أنه مدرج بالإتيان بفعل التفسير يعني، واضح لكن أحياناً يكون الإدراج كما تقدم في حديث أبي هريرة:"فمن استطاع" لا دليل عليه من نفس الحديث، وإنما الطرق الأخرى بينت ذلك.

على كل حال هذا تفسير الراوي وهو أولى، أولى من غيره.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

عقال؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا هذه ما يشق نزعها، لا يشق نزعها، ولولا النص في العمامة لكان كل يمسح بعد، اليدين بعد عليهن.

طالب:. . . . . . . . .

يعني الرأس مكشوف وإلا مغطى؟ أقول: لو كان الدين بالرأي لكان هناك شيء أولى من المسح على العمامة، لكن نقف حيث وقفت النصوص؛ لأن الأصل غسل الأعضاء، هذا الأصل، فيخرج عن هذا الأصل بما ورد فيه النص، وما عدا ذلك يبقى على الأصل، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يشترطون أن تكون محنكة وذات ذؤابة يعني مثل عمائم العرب تماماً، يعني العمامة التي يطلق عليها عمامة في عرف السلف محنكة وذات ذؤابة، لكن النص مطلق ما في ما يدل على أن التحنيك والذؤابة شرط، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

إيه البخاري، البخاري ما يلزم بما أخرجه مسلم، البخاري أصل قائم برأسه، لو ضعف الإمام أحمد حديث في مسلم أو في البخاري، نقول: ليش ضعفه؟ هؤلاء أئمة ما يضرب قول بعضهم ببعض، هذا رأيه، هذه وجهة نظره، ولم يخرج لا هذا ولا ذاك؛ لأن شرطه أعلى رحمه الله، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 24

الجبيرة التي يحتاج إليها، جرح يلف، كسر يربط، هذه جبيرة محتاج إليها، هم يقولون: إذا كانت الجبيرة أكثر من القدر المحتاج إليه يمسح عليها ويُتيمم عن القدر الزائد، لكن هل القدر الزائد هذا بحاجة إليه؟ إن كانت الحاجة داعية فيكتفى بالمسح، فيكون في حكم أصله، وإن لم تكن الحاجة داعية فأن كان الكسر هنا وربط في. . . . . . . . . نقول: لا، ما يجوز يمسح عليه أصلاً، وأما الجمع بين المسح والتيمم لا أصل له، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال تصير حاجة يمسح عليه كله، سم.

"عن عمر رضي الله عنه موقوفاً، وعن أنس مرفوعاً: ((إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما، وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة)) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه".

"عن عمر" موقوفاً يعني لم يرفع إلى النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن ما أضيف إلى النبي المرفوع، وما قصر به دونه فإن كان عن الصحابي فهو الموقوف وإن كان عن التابعي فمن دونه فهو المقطوع.

"عن عمر رضي الله عنه موقوفاً" يعني من قوله "وعن أنس مرفوعاً" يعني إلى النبي عليه الصلاة والسلام: ((إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما، وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة)) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه".

وجمع من أهل العلم حكموا على الحديث بأنه شاذ، مخالف لما تقدم من أحاديث التوقيت ((وليصلِّ فيهما ولا يخلعهما إن شاء)) فالمخالفة من هذا الوجه إن شاء، يعني متى شاء، لا شك أنه من هذه الوجه مخالف لأحاديث التوقيت، توقيت المسح بالنسبة للمسافر والمقيم، فرد إلى مشيئته، فإن شاء مسح يوم، يومين، ثلاثة، أربعة، خمسة، وسيأتي في حديث أبي بن عمارة ما يدل على ذلك، لكن حديثه ضعيف، وهذا حكم عليه بالشذوذ.

منهم من يقول: لا حاجة إلى الحكم عليه بالشذوذ؛ لأنه يمكن تقييده بما تقدم إن شاء في المدة المحددة، فلا يكون هناك حينئذٍ معارضة بين هذا الحديث وبين الذي قبله، وحينئذٍ يرتفع الشذوذ عنه، إذا لم توجد المخالفة يرتفع الشذوذ.

ص: 25

((إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه)) وهذا يقرر ما تقدم من أنه أدخلهما طاهرتين ((فلبس خفيه فليمسح عليهما وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء)) يعني في المدة المحددة، وعلى هذا لا يوجد اختلاف بينه وبين الأحاديث السابقة ((إلا من جنابة)) وهذا مؤكد لما تقدم من حدث صفوان، وحينئذٍ يكون معناه معنى الأحاديث السابقة.

وإذا قلنا: إنه إن شاء إطلاق في المدة، وأنها لا تتحدد بزمن معين، يمسح إن شاء متى شاء فهو مخالف للأحاديث التي هي أقوى منه، حديث علي وحديث صفوان وغيرها من الأحاديث، فيكون حينئذٍ شاذاً.

طالب:. . . . . . . . .

إيه نعم، نعم إيه، إيه، الحديث الذي يليه.

"وعن أبي بكرة رضي الله عنه"

نعم، موقوف على عمر، يعني من كلام عمر نفسه.

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

إي نعم حديث عمر موقوف، وحديث أنس مرفوع، أنس يرفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، نعم.

"وعن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة إذا تطهر ولبس خفيه أن يمسح عليهما" أخرجه الدارقطني، وصححه ابن خزيمة".

وهذا شاهد لحديث علي وحديث صفوان في توقيت المدة، مدة المسح بالنسبة للمقيم والمسافر، وأبو بكرة اسمه نفيع بن الحارث، سمي بذلك لأنه تدلى من بكرة وقت حصار الطائف، أسلم وأعتقه النبي عليه الصلاة والسلام، وكان من فضلاء الصحابة رضي الله عنه، مات سنة إحدى أو اثنتي وخمسين.

يقول أن النبي عليه الصلاة والسلام رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وهذا معروف أنه بالنسبة للمسح على الخفين، وللمقيم يوماً وليلة إذا تطهر بهذا القيد، لا بد أن يلبس الخفين بعد كمال الطهارة، بعد كمال الطهارة، وتقدم فيما لو لبس خفاً قبل طهارة القدم الأخرى، وأنه لا بد أن ينزع القدم اليمنى ولا يلبسها إلا بعد كمال الطهارة، وإن قال بعض أهل العلم إن هذا مجرد عبث، لكنه تحقيق لهذا الشرط، ومثل هذا لا يقال له عبث، نعم.

ص: 26

"وعن أبي بن عمارة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: ((نعم)) قال: يوماً؟ قال: ((نعم)) قال: ويومين؟ قال: ((نعم)) قال: وثلاثة أيام؟ قال: ((نعم وما شئت)) أخرجه أبو داود، وقال: ليس بالقوي".

حديث أبي بن عمارة مدني، سكن مصر، وله صحبة، هذا الحديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، كما قال النووي في شرح مسلم:"ضعيف باتفاق أهل الحديث"، وقال في شرح المهذب:"اتفقوا على أنه حديث ضعيف، مضطرب لا يحتج به" ولا يمكن توجيهه كالحديث السابق، لا يمكن توجيهه، فيه معارضة صريحة واضحة لما تقدم من أحاديث التوقيت "قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: ((نعم)) قال: يوماً؟ قال: ((نعم)) قال: ويومين؟ قال: ((نعم)) قال: وثلاثة أيام؟ قال: ((نعم وما شئت)) زد على ذلك لا بأس، هذا مفاد هذا الحديث، لكنه مخالف لما هو أقوى منه، ولذا اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف، فلا يحتج به.

مالك رحمه الله عنده رواية تقول بالإطلاق بالنسبة للمسافر، وأنه يمسح ما شاء استدلالاً بهذا الحديث، لكنه حديث ضعيف، لا يعتد به، ولا يعتمد عليه، نعم إسناده لا يثبت، ومتنه مخالف، ضعيف سنداً ومتناً.

قال الإمام البخاري: ليس بالقوي، مثل ما قال أبو داود، وقال الإمام أحمد: رجاله لا يعرفون، وقال الدارقطني: هذا إسناد لا يثبت، ابن الجوزي بالغ فذكر الحديث في الموضوعات، وحكم عليه بالوضع، ذكر الحديث في الموضوعات فحكم عليه بالوضع، نعم ضعفه شديد جداً، ومتنه منكر، وابن الجوزي أدخله في الموضوعات، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نكمل الأسئلة مع العجلة.

يقول: هل يترتب المسح على النساء أيضاً؟

كيف هذا؟ المسح على النساء؟ هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

النساء شقائق الرجال، ما ثبت للرجال ثبت للنساء، والنساء داخلات في خطاب الرجال، داخلات في خطاب الرجال، ومريم بنت عمران كانت من إيش؟ من القانتين، للدلالة على أن النساء يدخلن في خطاب الرجال.

يقول: كيف يقول البخاري: إنه ليس في حديث التوقيت أصح من حديث صفوان وهو حسن، مع أن حديث علي أيضاً في التوقيت هو عند مسلم؟

ص: 27

إيش المانع أن يرجح البخاري حديث صفوان على حديث علي؟ ما في ما يمنع، يعني من وجهة نظره هو، ولا يلزم الإمام البخاري بما أخرجه مسلم، فالأئمة لا يلزم بعضهم

يقول: هل من لبس الجوارب من أجل أن يمسح عليها وكان الجو بارداً فيه شيء؟

لا، هذه حكمة مشروعية المسح، تخفيف المشقة، فلا شيء عليه.

في قوله عليه الصلاة والسلام: ((دعهما)) الضمير يعود على الخفين لأنهما مذكورة، أما في قوله:((أدخلتهما طاهرتين)) أي القدمين فكيف يذكر الضمير على شيء لم يذكر في السياق؟

أقول: إذا كان اللبس منتفياً بحيث لا يوجد لبس في الكلام ((دعهما فإني أدخلتهما)) يعني القدمين طاهرتين، لا يشك أحد في أن المراد أن المدخل القدمين، هل يمكن أن يشك شاك أن المدخل في الخفين اليدين؟ نعم؟ هل يمكن أن يشك شاك في أن المدخل في القدمين أو الرأس؟ ما في أحد بيشك في المقصود، والعرب تحذف ما لا يوقع في لبس.

يقول: بعض المصلين يمسح على شراب ذات رائحة كريهة يتأذى منها المصلون فما توجيهكم؟

المسح صحيح ما دامت ساترة للمحل المفروض، لكن يبقى أن من كانت به رائحة تؤذي المصلين سواءً كانت خلقة فيه من بخر ونحوه، أو كانت بسببه لكونه لا يتنظف مثلاً، سواءً في ملبسه أو في بدنه، أو بأكل ما يؤذي برائحته، كل هذا جاء النهي عنه، وأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.

يقول: فإذا خلع الشخص الخفين وهو طاهر وقبل انتهاء مدة المسح وهو على الطهارة السابقة لبس الخفين مرة ثانية ثم أحدث فهل له أن يمسح؟

إذا خلع الشخص الخفين وهو طاهر وقبل انتهاء مدة المسح، إن كان قبل المسح طاهر من الطهارة التي غسل فيها القدمين، فيلبسهما ما في إشكال، وإن كان مسح عليهما ثم خلعهما ثم أعاد اللبس وهو طاهر فقد انتقضت الطهارة، أهل العلم يقررون أنه إذا خلع الخف الممسوح عليه فإنها تنتقض الطهارة ولو أعادهما، ومثله فيما لو خلع الخف في المدة المحددة يعني بعد أن مسح وقتين وجاء الوقت الثالث وهو طاهر وصلى بدون خفين، نقول: أنت تصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، لا مغسولة ولا ممسوحة، مثلما قلنا في نظيرتها سابقاً.

هذا يقول: هل لكم دروس مسجلة في أشرطة؟ وأني لا أعرف غير البرنامج؟

ص: 28

يشكر ويدعو جزاه الله خير، على كل حال الدروس غالبها مسجل، غالب الدروس مسجل، لكنها في طور المراجعة.

ما حكم مسح أكثر من ثلاثة أيام للبريد ومن في حكمه؟

لا يجوز المسح لأي شخص كان أكثر من ثلاثة أيام، أكثر من ثلاثة أيام لا يجوز المسح، هذه أعلى مدة جاء تحديدها في الشرع.

هذا يقول: ما عمر الصبي الذي تصح الصلاة خلفه؟

جاء

ص: 29