المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب البيوع (14) - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٨٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب البيوع (14)

شرح: بلوغ المرام -‌

‌ كتاب البيوع (14)

باب: العارية

الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: ذكرتم بالأمس أن حديث عروة البارقي لم يسق البخاري لفظه، فما معنى هذا؟

قلنا: إن ابن حجر رحمه الله قال: إن البخاري لم يسق لفظه، والحقيقة والواقع أنه ساق لفظه -رحمه الله تعالى-.

يقول: ما معنى هذا؟

معنى هذا أن البخاري ذكر القصة ولم يسق اللفظ الذي يراد منه استنباط الحكم المناسب للباب.

وهل لكم أن تعطونا نبذة عن كتاب البخاري؟

كتاب البخاري تكلمنا فيه كثيراً، وتكلم فيه غيرنا، وصنفت المصنفات في بيان منهجه ومنزلته في الدين، وأنه أصح كتاب بعد كتاب الله -جل وعلا-، والكلام فيه يطول.

يقول: ذكرتم أن حديث جابر ضعيف بسبب عنعنة ابن إسحاق، فهل هناك فرق في قوة الحديث وضعفه إذا قال الراوي: عن فلان عن فلان، وقوله: حدثنا فلان أو أخبرنا؟

هذا إذا كان الراوي لم يوصف بالتدليس فلا فرق بين أن يقول: حدثنا وأخبرنا، أما إذا وصف بالتدليس وصار من المدلسين في الطبقة الثالثة فما دون، فمثل هذا لا بد أن يصرح بالتدليس، لا يكفي أن يقول: عن فلان، وإنما لا بد أن يقول: حدثنا فلان أو أخبرنا فلان.

هذا يقول: نرجو بيان أوثق الكتب في التاريخ الإسلامي؟

أولاً: نعلم جميعاً أن التواريخ عمدة مؤلفيها على ما ينقلونه عن الرواة، وباعتبار أن التواريخ لا يترتب عليها أحكام شرعية، وإن كان تمحيصها وتحقيقها مهم بالنسبة لطالب العلم، الاعتماد على الإشاعات، وما لا يثبت من الأخبار تترتب عليه عواقب ليست طيبة وخيمة من اتهام بعض الناس، أو القدح فيهم، أو رفع إنسان فوق منزلته، أو إعطائه فوق ما يستحقه، لا بد من التنقيح، ولا بد من التأكد فيما ينقله الرواة، ولذا يقول القحطاني رحمه الله:

لا تقبلن من التوارخ كلما

جمع الرواة وخط كل بنانِ

ص: 1

تواريخ تكتب في حياة مؤلفيها، ومؤلفوها يعيشون في ظل دول، الدول هذه إن كانت مكرمة لهذا المؤرخ أشاد بها، وإن تضرر أو لم يكرم نال منها، والناس معروف تصرفاتهم في هذا الباب، لكن في الجملة التواريخ لا يقال: إنها مثل كتب الحديث ممحصة ومنقحة، لا، فيها الأخبار الضعيفة بكثرة، وفيها الأخبار المقبولة، وفيها ما يثبت وفيها ما لا يثبت، لكن باعتبار أنها لا يبنى عليها أحكام يتساهلون في رواتها، فينقلون الأخبار والأحداث عن كل أحد، وطالب العلم لو اعتنى بتاريخ الحافظ ابن كثير رحمه الله باعتباره إمام مفسر محدث يمحص، لو اعتنى به طالب العلم كفاه، يكفيه؛ لأنه منذ بدء الخلق إلى منتصف القرن الثامن، فيه كفاية، تكلم على الأنبياء وعن قصصهم، وأفاض في هذا معتمداً في ذلك على الكتاب والسنة، ومن تقدمه ومن سبقه من المؤرخين، ثم بعد ذلك بدأت السيرة، وأطال فيها النفس جداً إلى نهاية السادس، ثم بدأ بتاريخ الخلفاء الراشدين، ثم الدولة الأموية والعباسية، وترجم لأهل العلم وأهل الفضل، وذكر من عنده مخالفة في معتقد ونحوه، وانتقد بعض المؤرخين الذين أشادوا ببعض المبتدعة، كتاب نافع جداً، ولذا لما ترجم لابن الراوندي، وهو ملحد زنديق -نسأل الله السلامة والعافية- ذكر أن ابن خلكان في وفيات الأعيان ترجم له، ابن كثير لما ترجم له ذكر ما نُقل عنه من طوام قدح في الشرع، وقدح في النبي عليه الصلاة والسلام، ورد على الرسول عليه الصلاة والسلام، ولذا رمي بالزندقة، قال الحافظ ابن كثير: إن ابن خلكان ترجم له على عادته في إفاضته في تراجم الأدباء، والشعراء، واختصاره الشديد في تراجم أهل العلم، ولم يذكر مما حصل منه مما هو قدح في الشريعة وصاحب الشريعة، قال:"وكأن الكلب لم يأكل له عجيناً" يعني ما كأن الأمر يعنيه من قريب ولا من بعيد، فهذا يدل على أن الحافظ ابن كثير رحمه الله له عناية بهذا الشأن، فتاريخه من أفضل التواريخ، قبله تاريخ الإمام محمد بن جرير الطبري، تاريخ نافع يستفاد منه إلى نهاية القرن الثالث، يعني بداية القرن الرابع، وفيه قصص وأخبار تحتاج إلى تنقيح، وابن جرير رحمه الله يكتفي بذكر الإسناد، وعند المتقدمين أن العهدة تبرأ بذكر

ص: 2

الإسناد، يعني في عصور الرواية في القرون الأولى يبرؤون بذكر الإسناد، ولا ينتقدون في مثل هذه الأمور، وعلى كل حال كتابه نافع، وهو عمدة ابن كثير ومن جاء بعد ابن كثير في التاريخ.

هناك تواريخ تهتم بتحليل الأحداث والأخبار، مثل تاريخ ابن خلدون، تاريخ نافع نفيس، وأما بالنسبة لسياق الحواجز فأجود التواريخ تاريخ ابن الأثير، يعني استيفاء الحوادث، وسياقها سياقاً متقناً مضبوطاً فابن الأثير كامل، وابن كثير عرفنا منزلته، وابن جرير إمامهم، وابن خلدون يمحص ويحقق ويعمل رأيه في الأحداث، وإن كان لا يوافق في بعض ما توصل إليه من نتائج، وعلى كل حال هذه التواريخ الأربعة نافعة لطالب العلم يعتني بها، بعض المؤرخين والأدباء يعنون بمروج الذهب للمسعودي، والرجل ليس بثقة، ولا مأمون، ومع ذلك في مقدمته وفي خاتمته ذكر ما يجعل طالب العلم لا ينظر في كتابه، في بداية الكتاب قال: هذا الكتاب من تأليفنا فمن نسبه إليه، أو حذف منه شيئاً، أو اقتبس منه شيئاً، أو فعل أو ترك أو كذا أو كذا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، هذا يجعل الكتاب ما يستفيد منه أحد، تعرض نفسك لهذا، ما له داعي يا أخي، على أن الكتاب ما فيه جديد، فيه بعض غرائب الأخبار التي لا يوثق هو في نقلها.

هناك تواريخ بلدان مهمة جداً لطالب العلم، كتاريخ بغداد، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ نيسابور، تاريخ قزوين، تاريخ أصفهان، تورايخ البلدان هذه مهمة لطالب العلم، يجد فيها من تراجم الرواة لا سيما حملة الأخبار والآثار ما لا يجده في كتب تراجم الرجال، يستفاد منه فائدة كبيرة هذه ويعنى بها طالب العلم، والكلام في كتب التاريخ يطول، يحتاج إلى درس كامل، ولعلنا نكتفي بهذا.

هذا يقول: لو قال لي: رجل اشتر لي كذا وأعطيك إذا أتيت به هل هذه وكالة أم ماذا؟

نعم هذه وكالة.

ما حكم اقتناء جوالات الكاميرا لمن لا يريد استعمالها في التصوير، وإنما يريد الاستفادة من ميزاته الأخرى التي لا توجد في الجوالات التي تخلو من الكاميرا؟ فهل فيها خدش للمروءة؟

ص: 3

على كل حال استعمال الآلات المحرمة حرام؛ لأن التصوير وإن لم يستعمله الإنسان إلا أنه يهون من شأنه، وجدنا بعض الأخيار الذين لا يرون جواز التصوير لا بكاميرا ولا بغيرها تجد نفسه تنازعه منازعة شديدة، يرى طفله في أبهى حلة، وفي تصرفات تحتاج .. ، يعني تنازعه نفسه لحفظ مثل هذه التصرفات ليراها بعد مدة، وتجده في حبوته الأولى أو في خطواته الأولى، يعني في صراع نفسي، ثم بعد ذلك يتصور الخلاف، وأن من أهل العلم من سمح وسهل بهذا، يقول: هذه صورة نتوب منها ونستغفر، ثم بعد ذلك صورة ثانية وثالثة، ثم بعد ذلك يقع في المحظور.

يقول: توجد فيه ميزات أخرى؟

هذه الميزات إذا كان مضطراً إليها وأبطل الآلة التي تصور ذوات الأرواح لا مانع من استعماله، على أن في الأصل في شراء مثل هذه الآلة التي تستعمل فيما حرم الله -جل وعلا- تعاون وإعانة على ترويجها وإشاعتها، وإن تركت عند أهلها ما وردت مرة ثانية، والله المستعان.

يقول: ما حكم الإتصال على من أعلم أنه قد وضع نغمة موسيقية على هاتفه بحيث لو اتصلت عليه صدر صوت هذه الموسيقى؟

أنا الآن من الذي استعمل الموسيقى؟ هل هو المتصل أو صاحب الجوال؟ كلاهما، هذا متسبب وهذا مباشر، وعلى كل حال إذا كنت تعرف وتجزم بأن جواله على موسيقى، لا يجوز أن تتصل عليه ليصدر هذه النغمة المحرمة.

هل يصلي المصلي النافلة بعد الفريضة في مكانه أم يغير مكانه؟

ورد بالنسبة للإمام أنه لا يتطوع في مكانه لكنه لم يصح، وبعض أهل العلم يستحب أن ينتقل من مكانه من أجل أن تكثر البقع التي تشهد له {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [(12) سورة يس] وهذا من آثارهم.

يقول: ما نصيحتكم للمبتدئ في علم التفسير خصوصاً؟ وهل يقدم تفسير الجلالين على تفسير السعدي رحمه الله؟

ص: 4

التفاسير لها مناحي متعددة، فهناك ما يستفاد منه في الفهم عموماً، في فهم إجمالي القرآن، وهذا ينفع تفسير الشيخ ابن سعدي رحمه الله، وهناك ما ينفع في تحليل الألفاظ القرآنية وهذا ينفع فيه تفسير الجلالين على ما فيه من مخالفات، ويحتاج مع ذلك إلى حاشية، يحتاج مع ذلك إلى الرجوع إلى حواشي تحل بعض الإشكالات، وتوضح بعض الغوامض، لكنه أيضاً بحاجة إلى بيان المخالفات، والمسألة مفترضة في مبتدئ، طالب علم مبتدئ يحتاج إلى أن يُعلَق له على هذه المخالفات، وحينئذٍ يكون من أنفع الكتب تفسير الجلالين، تفسير متين يستفيد منه طالب العلم، وذكرنا مراراً في مناسبات أن تفسير الشيخ فيصل بن المبارك من أنفع ما ينفع المبتدئين.

يقول: عندنا في الآونة الأخيرة قضية تجصيص القبور بالحصى في مقبرة الدمام، وتغطية القبر بمادة شبيهة بالجص في مدينة الخبر، ثم سكب الماء فوقه فيجف وييبس كالشيد، وهو أمر تقوم به وتتبناه المقبرة؟

على كل حال البناء على القبور لا يجوز بحال، وتجصيصها والنقش عليها أو الكتابة عليها هذا كله من البدع ومن المحرم، والأصل أن يحفر للميت حفرة، إن أمكن اللحد فهو الأفضل، وإن لم يمكن فالشق، ثم يوارى التراب، يدفن في ترابه، ويرفع القبر قدر شبر، وإذا كانت الأرض لا تتماسك عند الحفر، أو تتهدم على الميت أو ما أشبه ذلك ووضع مادة تمنع ذلك بما لا يعتبر بناء، ولا يعد تشييداً للقبر لمجرد إمساك التراب؛ لئلا ينهال على القبر مثل هذا قد يتسامح فيه للحاجة، لكن بقدر الحاجة.

ما أفضل طبعة لكتاب الإصابة في تمييز الصحابة للحافظ ابن حجر؟

الإصابة طبعت مراراً مفردة، وطبع معها الاستيعاب لابن عبد البر، ومن أفضل الطبعات التي تناسب طلاب العلم اليوم إذا كان يريد معها الاستيعاب فطبعة الاستقامة، وإن كان يريدها مفردة فطبعة البجاوي مخدومة بالفهارس، وهي طبعة في الجملة طيبة، لكن يحتاج إلى اقتناء الاستيعاب معها.

هذا أيضاً يسأل عن كتب.

هذا يقول: عندي طبعة -كأنه يريد أن يسوق- عندي طبعة لكتاب البخاري عمرها ثمانون سنة، مع حاشية السندي عليه، فهل هناك جهات تعنى بذلك؟ وهل يباع بمبلغ كبير؟

ص: 5