الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة
نخلص من كل ما سبق أن الإسلام قد وضع إطارا عاما للسياسة الاقتصادية للدولة الإسلامية يقوم على فلسفة الوسطية والاستناد إلى مبادئ عامة أخصها مبدأ التوجيه الاقتصادي ومبدأ التوازن الاجتماعي. وخلص البحث إلى قواعد عديدة يمكن أن يبنى عليها بحق نموذج إسلامي رائد في التنمية الاقتصادية. وواقع التخلف الذي يعيشه العالم الإسلامي اليوم لا ليدعوا إلى وقفة تأمل ومراجعة يعاد من خلالها النظر في المطبق من نماذج التنمية الاقتصادية في ربوعه. فهذه النماذج في غالبها مستوردة منقولة سواء من الشرق الشيوعي أو الغرب الرأسمالي. وبالتالي فقد صيغت مقوماتها على أساس الأوضاع الهيكلية للبلد الأم.
ومتى كانت هذه الأوضاع مختلفة متباينة في النوع والدرجة من بلد إلى آخر، بل ومن إقليم إلى آخر داخل الدولة كان من الطبيعي أن يؤدي نقلها وتطبيقها في بلد آخر أو في إقليم آخر إلى نتائج سلبية، إذ عاشت هذه النماذج في التطبيق غريبة كل الغرابة عن الواقع الهيكلي للدولة الإسلامية التي أخذت بها لأن النقل لم يتناول في الواقع سوى الجانب المادي من النموذج (أي تنظيماته ووسائله) دون الجانب المذهبي، لأن هذا الجانب الأخير لا يمكن أن يتناوله الاستيراد والنقل. وهكذا انقطعت الصلة العضوية بين النموذج وأصوله الفكرية والمذهبية، تلك الأصول التي كانت ثمار تطور فكري طويل أسهمت في تكوينه عوامل عديدة من فلسفية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية وغيرها.
إن استبعاد الأخذ بنماذج التنمية الاقتصادية المعمول بها في دول الغرب الرأسمالي أو دول الشرق الشيوعي يقوم على مبدأ أساسي أكدته التجارب التاريخية وهو أن حلول مشاكل التخلف الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن أن تصنع في الخارج. فالتخلف ظاهرة اجتماعية اقتصادية سياسية لا بد وأن تجد علاجها في واقع البلد المتخلف ذاته. ومن هنا كانت الأصالة الفكرية شرط ضروري ولازم لانطلاق عجلة التنمية. فصياغة نماذج تنمية جديدة بعيدا عن المؤثرات الإيديولوجية المستوردة تعتبر في يقيننا الواجب الأول الذي يقع على عاتق كل مسؤول عن التنمية في البلد المتخلف وهنا تفرض النظرة الإسلامية سلطانها على اعتبار أن الإسلام تراث فاعل تمتد رؤاه الفلسفية إلى أعماق الواقع الاجتماعي والاقتصادي.