المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: (كان يقول بعد التكبير: أعوذ بالله السميع العليم - شرح بلوغ المرام لعطية سالم - جـ ٥٩

[عطية سالم]

الفصل: ‌شرح حديث: (كان يقول بعد التكبير: أعوذ بالله السميع العليم

‌شرح حديث: (كان يقول بعد التكبير: أعوذ بالله السميع العليم

)

قال رحمه الله: [ونحوه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً عند الخمسة: (وكان يقول بعد التكبير: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؛ من همزه ونفخه ونفثه) ] .

المؤلف رحمه الله يريد بإيراد تلك الروايات أن يبين لنا بأن الأمر فيه سعة، كان يقول، وكان يقول، وما قال: إنه كان يجب أن يقول هذا كله، لا، فمما كان يقوله صلى الله عليه وسلم:(أعوذ بالله السميع العليم)، {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:200] ، سميع حتى لوساوس الشيطان، عليم بما يكون منه، ولا يمكن أن ينجيك من الشيطان إلا رب العزة جل وعلا.

يقول والدنا الشيخ الأمين: بين لنا المولى كيف نتقي شيطان الإنس وشيطان الجن، وذلك في قوله سبحانه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت:33-34]، أي: عامل الناس بالتي هي أحسن، وادفع السيئة بالحسنة؛ فهي الحرز من شيطان الإنس، فإذا عاملته بالمعروف كفيت شره، وينقلب من عداوة إلى ولاية، {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] .

وبعض عشاق الأدب الغربي أو بعض الكتاب المشهورين يقولون: نراك تصانع أعداءك، قال: ألست بمصانعتهم كفيت شرهم؟ قالوا: بلى، قال: وهذا هو المطلوب، يعني: بدلاً من أن تدخل معه في حرب وتغلبه بالقوة، لكن بالمسالمة، {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] ، وليست المسألة سهلة، وليس كل إنسان يقدر عليها:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:35] ، إلا ذو حظ عظيم أكرمه الله بذلك.

{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت:36]، فهنا يقول صلى الله عليه وسلم:(أعوذ بالله السميع العليم) ، {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} ، فإذاً: أنت كفيت عداوة شيطان الإنس بحسن المصانعة، بل وينقلب صديقاً لك، وكيف تتجنب أو تتقي عداوة الجن (الشيطان) ؟ لا تستطيع أن تصانعه، وليس عندك طريقة له، ولو أنك صانعته زاد عليك، ولكن تلجأ إلى ربك:{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .

وهذا كما يقول الشافعي رحمه الله: (ما من حديث سمعته إلا وله شاهد من كتاب الله) ، وهذا لا يستطيع أن يطبقه إلا مثل الشافعي، فيرد كل حديث سمعه من رسول الله إلى ما يدل عليه من كتاب الله، (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)، هو نفس نص الآية:{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت:36] .

وقوله: (من همزه ونفخه ونفثه) ، من همزه ونفخه ونفثه كل ذلك يدور حول الوسوسة والتشكيك، والنفث هو الإيذاء وكما يقولون: به مس من الشيطان، وكذلك نزعة الإنسان إلى الشر، كل هذا من أعمال الشيطان في كل مجالاتها ومعانيها.

ص: 8