المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قوله تعالى: (قل يا أيها الذين هادوا - شرح بلوغ المرام لعطية سالم - جـ ٩٩

[عطية سالم]

الفصل: ‌قوله تعالى: (قل يا أيها الذين هادوا

‌قوله تعالى: (قل يا أيها الذين هادوا

)

{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ.

} [الجمعة:6] أي: أنتم تقولون: نحن أولياء الله، وتقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه، فإن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس -أي: من دون المسلمين- فتمنوا الموت لأجل أن تذهبوا إلى من أنتم أولياؤه في زعمكم، فتجدون الكرامة، وتجدون الحنان، وتجدون الرضا، وتجدون النعيم، فأنتم أولى به من غيركم؛ وهذا قول بعض العلماء.

وبعضهم يقول: تمنوا الموت للظالم الضال، على حد قوله:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سبأ:24] ، فواحد من الفريقين هو الضال.

إذاً تمنوا الموت للفريق الضال ليصفو المكان وتبقى الولاية لكم: {إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الجمعة:6] أي: في زعمكم، والواقع هو قوله تعالى:{وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا} [الجمعة:7] ، فلا يمكن أن يتمنوه؛ لأنهم يعلمون ماذا يكون مصيرهم إذا ماتوا.

وبعضهم يقول: هذه مباهلة مع اليهود، كما وقعت مع نصارى نجران حين قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61]، فقال بعض السادات منهم: تعلمون -والله- أنه ما بوهل نبي إلا أهلك من باهلوه، والله لو باهلتم رسول الله لرجعتم بغير مال ولا أهل.

فاعتذروا وقالوا: يا محمد! نعطيك ما تطلب وتتركنا على ما نحن عليه، ففرض عليهم الجزية، ورجعوا على دينهم.

فمعنى (تمنوا الموت) اجتمعوا واطلبوا الموت لأضل الفرقتين.

وهناك من يقول: تمنوه لأنفسكم لتلحقوا بمن تزعمون، ولكن لعلمهم بحقيقة الأمر فإنهم لا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم من التكذيب والتضليل وإضلال الناس وكتمان الشهادة.

قال تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [الجمعة:7] فهم ظالمون، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه.

قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} [الجمعة:8] ، فإذا كنتم خائفين من الموت فالموت لا بد منه، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة:8] .

ص: 12