المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اللهم أهدنا فيمن هديت - شرح دعاء قنوت الوتر

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌اللهم أهدنا فيمن هديت

ومن ذلك أيضًا من الهداية التي هي العلم وبيان الحق، قول الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، أي تدل وتبين وتعلم الناس الصراط المستقيم. وأما الهداية التي بمعنى التوفيق فمثل قوله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] . هذه هداية التوفيق للعمل، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يوفق أحدًا للعمل الصالح أبدًا، ولو كان يستطيع ذلك لاستطاع أن يَهْدِي عمه أبا طالب، وقد حاول معه حتى قال له عند وفاته ـ أي قال لعمِّه عند وفاة عمِّه:«يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» ، ولكن قد سبقت من الله عز وجل الكلمة بأنه من أهل النار ـ والعياذ بالله ـ فلم يقل:«لا إله إلا الله» ، وكان آخر ما قال:«هو على ملة عبد المطلب» (1) ، لكن الله عز وجل أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يشفع له، لا لأنه عمه، لكن لأنه قام بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام، فشفع النبي صلى الله عليه وسلم في عمه فكان في ضحضاح من نار وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه وإنه لأهون أهل النار عذابًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» .

‌اللهم أهدنا فيمن هديت

(1) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب قصة أبي طالب، رقم (3884) ، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت

، رقم (24) .

ص: 3