المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرق بين: (عام مخصوص) و (عام مضاف إلى الخصوص) - شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ - جـ ٣٠٣

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

الفصل: ‌الفرق بين: (عام مخصوص) و (عام مضاف إلى الخصوص)

‌الفرق بين: (عام مخصوص) و (عام مضاف إلى الخصوص)

‌السؤال

هل هناك فرق بين عام مخصوص وعام مضاف إلى الخصوص؟

‌الجواب

عام مخصوص أي: دخله مخصص، ودخله التخصيص، أي: جاء نص خاص يخص هذا العموم، تقول: هذا عام وهذا خاص، سواءً اختص بصحابي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم أو اختص بشخص آخر توفرت فيه الصفات، مثلاً يقول الله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة:282] لما قال الله تعالى: ((فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ)) وقال: ((وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ)) دل ذلك على أن الأصل في الشهادة العدد؛ فلا يقبل الشاهد الواحد، ومع ذلك قبل عليه الصلاة والسلام شهادة خزيمة وحده، فعندنا عام وعندنا خاص، فهذا العام الذي ورد من الشرع خصه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الصحابي، فجعل شهادته كشهادة رجلين، فهذا لا نعتبره لكل الأمة، فلا تكفي شهادة واحد في الأحكام، ولا يقبل القاضي شهادة الواحد وحده، وإنما يقضي بشهادة رجل مع امرأتين، أو شهادة رجل مع رجل، أو شهادة رجل مع اليمين في أمور الأموال، وما يتعلق بها كما سيأتي -إن شاء الله- في باب القضاء، فنقول: قضية خزيمة خاصة، والأصل في العام أن يبقى على عمومه، ولكنه عام دخله التخصيص على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الصحابي، فهذا تخصيص يختص بعينه.

وهناك تخصيص عمومي في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، مثلاً: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بتحية المسجد، وورد عنه أنه نهى عن الصلاة بعد صلاة العصر، والجمهور يرون أن الأمر بتحية المسجد عام، والنهي عن الصلاة بعد صلاة العصر خاص تعلق بالوقت والزمان، فيقولون: يصلي تحية المسجد في سائر الأوقات إلا في الأوقات التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا عام دخله التخصيص، فيقولون: هذا العموم يُفعل في كل وقت إلا في هذه الحالة الخاصة التي استثناها الشرع.

أما بالنسبة لعام أُريد به الخصوص، فيأتي اللفظ عاماً في كتاب الله عز وجل لكن المراد به الخصوص، فيختلف عن الأول، الأول عام شامل لجميع الأمة، فلما أمر بتحية المسجد فهو أمر لجميع الأمة بصلاة تحية المسجد، لكن قد يأتي أمر لا يريد به الله عز وجل العموم، وإنما يريد به طائفة معينة مثل: قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} [النور:32]((أَنكِحُوا)) كلنا مأمور أن ينكح، لكن هل أنا مأمور بهذا الأمر؟ إنما يؤمر به من عنده هذا الشيء، فحينئذٍ نقول له: أنكح الأيامى الذين عندك والصالحين من عبادك وإمائك، فعنده رقيق وانطبق عليه هذا الأمر، فهذا عام أُريد به خاص، وأُريد به طائفة مخصوصة، ولا يراد به العموم لكل الأمة؛ لأنه لا يمكن أن يكون لكل أحد عبدٌ أو أمة حتى ينكحها أو ينكحه.

فيكون النص عاماً ويراد به الخاص، ويكون خاصاً ويراد به العموم، ويأتي عام فيدخله التخصيص، ويأتي عام مراد به طائفة معينة خاصة، والنصوص يعمل بها على حسب ما دلت عليه الأدلة، ما لم تقم القرينة أو الدليل على التخصيص أو إرادة العموم، والله تعالى أعلم.

ص: 18