المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌على من يجب الصيام - شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير - جـ ٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌على من يجب الصيام

ويلزم الصوم لكل مسلم مكلف قادر، وإذا قامت البينة في أثناء النهار وجب الإمساك والقضاء على كل من صار في أثنائه أهلاً لوجوبه، وكذا حائض ونفساء طهرتا، ومسافر قدم مفطراً، ومن أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم لكل يوم مسكيناً، ويسن لمريض يضره ولمسافر يقصر، وإن نوى حاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فله الفطر، وإن أفطرت حامل أو مرضع خوفاً على أنفسهما قضتا فقط، وعلى ولديهما قضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً.

يكفي.

‌على من يجب الصيام

؟

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: ويلزم الصوم لكل مسلم مكلف قادر.

الصيام يجب وجوب على كل مسلم مكلف بالغ عاقل من الرجال والنساء، فلا يجب الصيام على كافر، بمعنى أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يؤمر بقضائه إذا أسلم، وإن كان الكفار مخاطبين بفروع الشريعة على القول الراجح عند أهل العلم، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَاّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ} [(54) سورة التوبة]؛ فالكفر مانع من قبول العبادة، وكونه لا يقضي إذا أسلم لقوله تعالى:{قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [(38) سورة الأنفال]، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر أحداً ممن أسلم أن يقضي ما فاته من الواجبات، وأيضاً كل هذا من باب الترغيب له في الإسلام؛ إذ لو أمر من أسلم بعد أن بلغ السبعين مثلاً بقضاء ما فاته من الواجبات مدة خمس وخمسين سنة، نعم، احتمال أن يرجع عن إسلامه، فترغيباً له في الإسلام لا يؤمر بقضائها، إضافة إلى ما جاء من النصوص في ذلك، إذن ما فائدة تكليفه بفروع الشريعة وهو كافر؟ يعاقب على تركها في الآخرة، {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(42 - 43) سورة المدثر].

ولا يجب الصيام على الصبي غير البالغ، والبلوغ كما هو معروف يحصل بأحد أمور: تمام خمسة عشر سنة، ويحصل بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، وإنزال المني عن شهوة، وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو: الحيض، فإذا حاضت البنت فقد بلغت، ولو كان سنها دون الخامسة عشرة.

ص: 11

ويستحب لمن بلغ سبعاً فأكثر وأطاقه من الذكور والإناث أن يصوموا، ويتأكد بحق أولياء أمورهم أمرهم بذلك، إذا أطاقوه كما يأمرونهم بالصلاة.

والصيام لا يجب على فاقد العقل كالمجنون والمعتوه، ومثله المختلط، المتغير في آخر عمره، وهو ما يعرف عند الناس بالمخرف أو المهذري لا يجب عليه الصيام، فكل من ليس له عقل بأي وصف من الأوصاف فإنه ليس بمكلف، وليس عليه أي واجب من الواجبات كالصلاة والصيام ولا إطعام عليه.

قد يقول قائل: لماذا نقول بوجوب الزكاة في ماله، ولا نقول بوجوب الحج في ماله، أو بوجوب الصيام فيجب بدله الإطعام؟ نقول: وجوب الزكاة في ماله كوجوبها في مال الصبي؛ فالزكاة تجب في مال الصبي والمجنون، وهذا كما هو معروف ليس من باب الأحكام التكليفية التي رفعت عن المجنون وعن الصبي حتى يعقل المجنون، وحتى يبلغ الصبي، بل هو من قبيل الأحكام الوضعية من باب ربط الأسباب بالمسببات، وجد السبب فيوجد المسبب، وجد المال فتجب الزكاة، كما أنه يلزم بقيمة ما يتلفه إذا جنى الصبي جناية توجب أرشاً، تلزمه هذه الجناية، ويخرج من ماله أرش هذه الجناية، وكذلك المجنون.

يقول: وإذا قامت البينة في أثناء النهار وجب الإمساك والقضاء على كل من صار في أثنائه أهلاً لوجوبه.

إذا قامت البينة، شهد العدل الثقة أنه رأى الهلال البارحة، لكنه تأخر في أدائها تأخر .... لأن الوصف، ويش يقول؟ لأن الوصف الذي من أجله حصل الفطر زال، فوصف السفر ارتفع، وصف الحيض ارتفع، وصف الوصف بعدم التكليف ارتفع، ولذا قال: وإذا قامت البينة في أثناء النهار وجب الإمساك والقضاء على كل من صار في أثنائه أهلاً لوجوبه.

يقول: وكذا حائض ونفساء طهرتا، ومسافر قدم مفطراً، ومن أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم لكل يوم مسكيناً.

ص: 12

الحائض والنفساء لا يصح الصيام منهما، بل يحرم عليهما أن يصوما وقت الحيض أو النفاس، وكذلك تحرم عليهما الصلاة، والأصل في ذلك ما رواه البخاري وغيره في بيان النبي عليه الصلاة والسلام، لنقصان دين المرأة من قوله صلى الله عليه وسلم:((أليست إحداكن إذا حاضت لا تصوم ولا تصلي؟ )) لكن عليهما قضاء الصوم دون الصلاة؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن معاذة سألتها: "ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: "أحرورية أنتِ؟ " يعني هل أنت من الخوارج أهل حروراء الذين يلزمون الحائض بقضاء الصلاة؟ فقالت: لست بحرورية، ولكني أسأل، كأنها رأت أن هذا ركن من أركان الإسلام، وهذا ركن، فكيف تقضي هذا الركن ولا تقضي ذاك الركن، أجابتها عائشة بما يوجب التسليم، فقالت: "كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة" والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما.

نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة، ليس لأحد كلام، وليس لأحد اجتهاد، وليس لأحد قياس في مقابل النص، وقد أجمع العلماء على ما ذكرته عائشة رضي الله عنه من وجوب قضاء الصوم دون الصلاة، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى وتيسيره على هؤلاء؛ لأن الصلاة تتكرر في كل يوم وليلة خمس مرات ففي قضائها مشقة دون الصيام، الصوم يجب في السنة مرة واحدة وهو صوم رمضان فلا مشقة في قضائه.

ص: 13

وإذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر فإنها تصوم، وصومها صحيح، ولو لم تغتسل، إذا تيقنت الطهر قبل طلوع الفجر ولو لم تغتسل إلا بعد أن طلع الفجر كالجنب يصبح جنباً يصوم ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه يدركه الفجر وهو جنب، فيصوم ويغتسل بعد طلوع الفجر، إذا حاضت المرأة بعد غروب الشمس فإن صيامها صحيح، ولو أحست بأعراض الحيض قبل غروب الشمس، إذا حاضت المرأة بعد غروب الشمس فإن صيامها صحيح، ولو أحست بأعراض الحيض من الأوجاع التي تصاحبه قبل غروب الشمس؛ لأن العبرة بخروج الدم، وليست العبرة بالإحساس، وإذا طهرت في أثناء النهار وجب عليها الإمساك في الراجح من أقوال العلماء على ما تقدم لزوال العذر الشرعي، وعليها قضاء ذلك اليوم، ومثلها المسافر في أثناء النهار في رمضان، إذا قدم في أثناء النهار في رمضان إلى بلده، فإنه يلزمه الإمساك لزوال حكم السفر، ارتفع الوصف الذي علق به عدم الصيام، مع قضاء ذلك اليوم.

وأما بالنسبة للمستحاضة وهي التي يكون معها دم لا يصلح أن يكون حيضاً ولا نفاساً، فحكمها حكم الطاهرات تصوم وتصلي، وتتوضأ لكل صلاة كأصحاب الحدث الدائم من بول أو ريح أو غيرهما، لكن عليها أن تتحفظ من الدم بقطن أو نحوه، حتى لا يتلوث بدنها ولا ثوبها بالدم.

وإذا استعملت المرأة ما يقطع الدم من حبوب أو إبر، فانقطع الدم بذلك، فإنها في حكم الطاهرات؛ لأن الحكم معلق برؤية الدم، بالدم بوجوده بنزوله، فإذا لم ينزل ارتفع الحكم، فتكون حينئذ في حكم الطاهرات صلاتها صحيحة، وكذلك صومها، ولا مانع من استعمال ما يمنع العادة من أجل متابعة الصيام والقيام مع الناس؛ لأنه أنشط لها شريطة أن تسلم من الضرر، أما إذا أدى ذلك إلى ضرر في بدنها فإنه لا يجوز لها أن تستعمل ما يضرها، مع أن تسليمها لحكم الله سبحانه وتعالى وعدم استعمال هذه الموانع أولى، ترضى وتسلم بحكم الله، فإذا طهرت صلت وصامت، وإذا حاضت أمسكت وهذا أولى بها.

المريض والمسافر، المريض والمسافر ولذا يقول: ومن أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم لكل يوم مسكيناً، ويسن لمريض يضره ولمسافر يقصر

ص: 14

يعني الفطر، المريض والمسافر يجوز لهما الصيام والفطر، والفطر أفضل؛ لأنه رخصه، والله سبحانه وتعالى يحب أن تؤتى رخصه، لا سيما إذا كان الصيام لا يشق على هذا المريض ولا على ذاك المسافر، لا سيما إذا كان الصيام يشق، المريض والمسافر يجوز لهما الصيام، ويجوز لهما الفطر، والفطر أفضل؛ لأنه رخصة، والله سبحانه وتعلى يحب أن تؤتى رخصه، لا سيما إذا كان الصيام يشق عليهما، وقد يجب الفطر مع حصول المشقة الشديدة، وعليهما القضاء إذا أفطرا في نهار رمضان لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(183 - 184) سورة البقرة]، وقال تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(185) سورة البقرة]، أي فمن كان منكم مريضاً أو على سفر حين شهوده الشهر مريضاً أو على سفر، أي مسافراً فأفطر فعليه عدة من أيام أخر، عدة ما أفطر، يعني بقدرها يصومها بدل الأيام التي أفطرها.

يقول القرطبي في تفسيره: للمريض حالتان: إحداهما: أن لا يطيق الصوم بحال فعليه الفطر وجوباً.

الثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فهذا يستحب له الفطر ولا يصوم إلا جاهل.

وإذا كان المريض لا يرجى برؤه بشهادة الأطباء الثقات فلا يلزمه الصوم ولا القضاء، وعليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، نصف صاع من قوت البلد، وهكذا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم يطعمان كذلك، لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما في وقوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [(184) سورة البقرة]، قال ابن عباس: هذه الآية ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً، وكان يقرؤها:"يُطَوَّقُونَه".

ص: 15

سياق الآية هل يؤيد تفسير ابن عباس أو لا يؤيده؟ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} ابن عباس جعل الآية فيمن لا يطيقه، فيمن لا يطيق الصيام، ومنطوق الآية على الذين يطيقونه فدية، ورأي ابن عباس الفدية على من لا يطيق الصيام، فهل سياق الآية يؤيد قول ابن عباس؟ الواضح من سياق الآية منطوقها أنه لا دلالة فيها لقول ابن عباس؛ لأنها صريحة فيمن يطيق الصيام، والذي يطيقه هو القادر عليه، لا العاجز عنه، وهم مع ذلك مخيرون بين الصيام والفدية، وكان هذا أول ما نزل فرض الصيام، كان الناس مخيرين، إن شاءوا صاموا، وإن شاءوا أفطروا وأطعموا، ولو كانوا قادرين على الصيام، كما ثبت في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع قال:"لما نزلت: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [(184) سورة البقرة]، كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها".

ورجح القول بالنسخ لقوله تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [(184) سورة البقرة]، ومثل هذا الكلام يمكن أن يوجه للشيخ الكبير العاجز {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} أو للمرأة الكبيرة العاجزة عن الصيام؟ يمكن أن يوجه لهما مثل هذا الكلام؟ لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام، لم يناسب أن يقال له:{وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} مع أنه لا يطيق الصيام، ولكن القائل بذلك ابن عباس، وهو ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، هل يخفى عليه مثل هذا الكلام، وقد دعا له النبي عليه الصلاة والسلام أن يعلمه التأويل، هل يخفى على ابن عباس مثل هذا الكلام؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} يقول ابن عباس: الذين يطيقونه الشيخ الكبير والمرأة العجوز، هل هم الذين يطيقونه، أو الذين لا يطيقونه؟ نص الآية يخالف كلام ابن عباس بلا شك، نص الآية يخالف قول ابن عباس.

ص: 16

المسألة صريحة ما فيها إشكال، يعني لو تسأل عامي من عوام المسلمين كيف تفهم من هذه الآية:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} ، {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [(184) سورة البقرة]، هل يقال للشخص العاجز الذي لا يستطيع الصيام أنك تطيق الصيام لكن عليك فدية، وأن تصوم خير لك؟ يمكن أن يوجه له مثل هذا الكلام؟ آحاد الطلبة صغار الطلبة يفهمون هذا الباب، فهل يخفى مثل هذا الكلام على ابن عباس، أو له وجهة نظر تخفى على مثلنا؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يطوقونه، يعني معنى يطوقونه يطيقونه لكن مع شيء من الشدة، والذين يطوق الصيام بمعنى أنه يطيقه مع الشدة يلزمه الصيام، الذي لا يلزمه الصيام العاجز تماماً عن الصيام، حتى عند ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 17

قال: ويمكن أن يوجه كلام ابن عباس رضي الله عنهما بأن الله سبحانه وتعالى جعل الفدية عدلاً للصوم، الآن كل مسلم مكلف ثابت العقل، إما أن يصوم، وإما أن يفطر، ولا ثالث لهما، في خيار ثالث؟ نعم، ما في خيار ثالث، فلما لزم من يطيق ويستطيع الصيام الصوم ولا خيار له ثاني جعلت الفدية هذه وجهة نظر ابن عباس لمن لا يطيق، فما دام الشخص لا يطيق الصيام نعم، يؤمر بالعدل، عدل الصيام وهو الفدية؛ لأن عندنا خيارين، الصيام أو العدل الذي هو الفدية، في خيار ثالث؟ ما في خيار ثالث، إما أن تصوم أو تفدي، الآن الذي يستطيع الصيام ويطيق الصيام، يستطيع الصيام هل يجوز له أن يفتدي؟ نسخ هذا، لا يجوز له أن يفتدي، بقي الذي لا يطيق، هل نقول: يلزمه الصيام؟ لا يلزمه الصيام؛ لأنه لا يطيقه، تكليفه من باب تكليف ما لا يطاق، إذن بقي له، هل يعفى من كل شيء الذي لا يطيق؟ أو نقول: تلزمه الفدية، وهو العدل، عدل الصيام؟ وُجِّه كلام ابن عباس رضي الله عنهما بهذا، لا، يمكن أن يوجه كلام ابن عباس بأن الله سبحانه وتعالى جعل الفدية عدلاً للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عدله، وهو الفدية، لا سيما مع دعوة النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس أن يعلمه التأويل، ولا يمكن أن يخفى عليه مثل هذا، ما يمكن أن يخفى عليه أن الذين يطيقونه هم العاجزون، نعم، ولا يمكن أن يوجه الكلام للعاجز بقوله تعالى:{وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} .

كيفية الإطعام بالنسبة لمن عجز عن الصيام؟ قالوا: له كيفيتان: أولاهما أن يصنع طعاماً فيدعوا إليه المساكين بعدد الأيام التي أفطرها، كما كان أنس بن مالك يفعل ذلك رضي الله عنه لما كبر، والكيفية الثانية: أن يطعمهم طعاماً غير مطبوخ، فيطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من كل ما يسمى طعام، من تمر أو بر أو أرز، أو غيرها.

وقال بعضهم: إن الواجب مد من البر، أو نصف صاع من غيره، يعني على قضاء معاوية رضي الله عنه في الفطرة.

بعضهم يرى أنه لا يصح الإطعام بالطعام المطبوخ، فيدعى إليه المساكين، بل لا بد من تمليك الفقير، يعني كالزكاة، لا بد فيها من التمليك، لكن النص يشمل المطبوخ وغير المطبوخ.

ص: 18

وأما وقت الإطعام فالمسلم مخير إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أجل الإطعام إلى آخر يوم، ولا يجزيء تقديم الإطعام عن شهر رمضان، فلا يجزئ في شعبان مثلاً؛ لأن سبب الوجوب الفطر، فلا يقدم الواجب على سببه.

كل عبادة لها سبب وجوب، ووقت وجوب، لا يجوز تقديمها على السبب والوقت، ويجوز تأخيرها عنهما، أو لا يجوز؟ هاه؟

طالب: يجوز تقديم السبب دون الوقت.

نعم.

طالب: يجوز تقديم السبب دون الوقت.

يجوز، وعنهما معاً؟

طالب: الوقت لا ..

عندنا مثل هذا، عندنا كفارة اليمين، كفارة اليمين لها سبب وهو اليمين، ووقت وهو الحنث، سبب هو انعقاد اليمين ووقتها الحنث، لا يجوز تقديم الكفارة على السبب، ويجوز تأخيرها عن الوقت اتفاقاً يعني بعد الحنث، وهل يجوز تقديمها بين السبب والحنث؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم.

طالب:. . . . . . . . .

يعني قبل الحنث؟

طالب: لا يجوز.

نعم ((إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)).

ص: 19