المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصيام (4) - شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير - جـ ٤

[عبد الكريم الخضير]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ كتاب الصيام (4)

زاد المستقنع -‌

‌ كتاب الصيام (4)

المفطرات، وكفارة الجماع في نهار رمضان، واستحباب التتابع في القضاء.

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال:((مالك؟ )) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هل تجد رقبة تعتقها؟ )) قال: لا، قال:((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ )) قال: لا، فقال:((فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ )) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتي النبي عليه الصلاة والسلام بعرق فيه تمر والعرق المكتل قال:((أين السائل؟ )) فقال: أنا، فقال:((خذ هذا فتصدق به)) فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فو الله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي عليه الصلاة والسلام حتى بدت أنيابه ثم قال:((أطعمه أهلك)).

الجمهور: على أن الكفارة لا تسقط بالإعسار بل تستقر بالذمة، قد يقول قائل: إن الكفارة سقطت، كما عندكم في المتن، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكيناًً، فإن لم يجد سقطت، لكن الجمهور على أن الكفارة لا تسقط بالإعسار بل تستقر ديناً في ذمته.

كونها تسقط استدلالاً بالحديث النبي عليه الصلاة والسلام ما أمره أن يكفر إذا وجد، يلزمه القضاء أيضاً؛ لأنه أفسد صومه الواجب.

قال ابن حجر: "وقد ورد الأمر بالقضاء في هذا الحديث من طرق يعرف بمجموعها أن له أصلاً".

ص: 1

قد يقول قائل: ما بي ّ ن ما قال النبي عليه الصلاة والسلام صم يوماً مكانه، أقول: ورد في بعض الروايات، وإن كانت بمفرداتها لا تثبت، إلا أنها بمجموع هذه الطرق تدل على أن له أصلاً، والكفارة كما هو معلوم احتراماً للزمن، وبناءً على ذلك لو كان هذا في قضاء رمضان، فالقضاء واجب، وعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه، لكن ليس عليه كفارة؛ لأنه ليس في شهر رمضان، والكفارة إنما شرعت من أجل احترام رمضان، لو كان الرجل معذوراً بجهل أو نسيان، لو كان الرجل معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه، وكذلك المرأة، فبوجوب الكفارة والقضاء خلاف بين أهل العلم، لكن الأحوط القضاء دون إيجاب الكفارة، دون إيجاب الكفارة، وقد يقال: إن الرجل كان جاهلاً، وألزم بالكفارة فالجواب: أن هناك فرقاً بين جهل الحكم، وبين جهل ما يترتب على الحكم، شخص يعرف أن الزنا حرام مثلاً، لكن لا يعرف أن حده الرجم، جاهل، فجاء إلى الإمام وقال: أنه زنى وهو محصن، يظن أنه بيجلد مائة جلدة ويطلق صراحه، قال: لا، أنت عليك الرجم، قال: أنا جاهل ما أعرف الحكم، لكنك تعرف الزنا وأنه حرام، لا يلزم منه أن تعرف الحكم أو الأمر المترتب على الزنا.

قد يقال: إن الرجل كان جاهلاً، وألزم بالكفارة فالجواب: أن هناك فرقاً بين جهل الحكم، وبين جهل ما يترتب على الحكم، فالذي لا يعرف تحريم الزنا يختلف حكمه، الذي لا يعرف تحريم الزنا لا يدري أن الزنا حرام، وهذا يتصور في مسلم حديث العهد في الإسلام، أو عايش في مكان لم تبلغه شيء من الشرائع، وإلا فمثل هذا معلوم من الدين بالضرورة.

هذا يختلف حكمه عن حكم من يعرف التحريم، لكن يجهل أن عليه الحد، فالأعرابي كان يعرف تحريم الجماع في نهار رمضان، ولذا قال: يا رسول الله هلكت، قال مالك: قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال عليه الصلاة والسلام:((هل تجد رقبة؟ )) الحديث.

على أن الإكراه على الجماع مسألة مختلف فيها بين العلماء، يعني تصور أن تكره المرأة على الجماع، لكن هل يتصور أن يكره الرجل عليه؟

ص: 2

المرأة يتصور إكراهها على الجماع، لكن هل الرجل يتصور إكراهه على الجماع؟ أكثر أهل العلم على أنه لا يتصور إكراهه؛ لأنه إذا أكره لم ينتشر، بينما المرأة ما تحتاج إلى شيء من ذلك، ومنهم من يقول: أنه إذا أكره يمكن أن ينتشر.

لا شك أن الانتشار فرع الرغبة، فرع الرغبة، ومع الإكراه مع الإكراه لا توجد الرغبة، إذا كان المكره صادق في كونه مكره، لكن بعض الناس إذا أكره قال: الحمد لله أنا مكره، ولا علي ذنب، ويزاول المعصية، وعلى كل حال الإكراه درجات، والمسألة كما سمعتم مختلف فيها، فإذا وقع الإكراه الملجئ لا شك أنه معفو عنه بالنسبة للإثم، لكن القضاء أحوط.

إذا باشر دون الفرج فأنزل، وهذه مسألة تقدمت الإشارة إليها، فإنه يفطر ولا كفارة؛ لأن النص إنما ورد فيمن جامع، والجماع إذا أطلق إنما ينصرف إلى إيلاج في الفرج دون المباشرة.

إذا قبل أو باشر فلم ينزل فلا شيء عليه إلا أن الاحتياط وسد الذرائع في هذا مطلوب.

طالب:

...

نعم؟

تقدم الكلام في المذي.

نعم؟

طالب:. .... ..

يقول: نعم أو استمنى أو باشر فأمنى أو أمذى أو كرر النظر فأنزل يقول: فسد صومه، لا شك أنه إن أمنى هذا ما فيه إشكال أنه يفطر؛ لأنه عن شهوة، إذا خرج مني عن شهوة فإنه يفطر؛ لأنه جاء في الحديث:((يدع شهوته)) نعم وهو ملحق بالجماع في الفطر، أما بالنسبة للمذي وهو يختلف حكمه عن حكم الجماع فإنه لا يأخذ حكمه في الإفطار، لكن على الإنسان أن يحتاط لدينه، وهذا ركن من أركان الإسلام، ينبغي أن يترك مثل هذه الأمور وإن كانت لا تفطر خروجاً من الخلاف.

تقول عائشة رضي الله عنه، نعم؟

طالب: وبغير إمذاء الغالب أنه يمذي يا شيخ؟

هذا يختلف باختلاف الأشخاص وتأتي الإشارة إليه فيما يكره، فيما يكره - إن شاء الله تعالى -.

ص: 3

إذا قبل أو باشر فلم ينزل فلا شيء عليه إلا أن الاحتياط وسد الذرائع في هذا مطلوب، لا سيما لمن لا يملكه إربه، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها:"كان النبي عليه الصلاة والسلام يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه" وإذا أنزل بالمباشرة فسد صومه كما هو معروف، ولزمه القضاء، إذا استمنى أي طلب خروج المني بأي وسيلة سواءً كان ذلك بيده أو بغيرها، أفطر عند جمهور العلماء، مع أن الاستمناء معروف حكمه وهو التحريم، لكن لا شك أنه إذا بلغ به الشبق مبلغاً لا يمكنه الصبر عنه، هو أسهل من الزنا الصريح، وعلى كل حال هو محرم عند جمهور العلماء، لكن مع الحاجة الشديدة وخشية الوقوع في العنت، ولا يمنعه صيام ولا غيره، حينئذ ٍ أسهل عليه من أن يباشر المحرم الصريح التحريم.

إذا استمنى أي طلب خروج المني بأي وسيلة سواءً كان ذلك بيده وما أشبه ذلك أفطر عند جمهور العلماء، إذا خرج منه مني خلافاً للظاهرية، فإنه لا يفطر عندهم، وقد ثبت في الصحيح أن الله سبحانه وتعالى قال في الصائم:((يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)) والاستمناء شهوة، وخروج المني شهوة، فهو حرام في رمضان وفي غير رمضان كما سمعتم، وأما إذا فعل ذلك ولم ينزل فإنه لا يفطر.

وإن أمذى أي خرج منه مذي، وهو ماء رقيق يحصل عقيب النظر والملاعبة ونحوها، فالصحيح أنه لا يفسد صومه بل صومه صحيح؛ لأنه لا شهوة فيه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.

ص: 4

إذا كرر هذه مسألة تقدم ذكرها إشارة إذا كرر النظر فأنزل فسد صومه، فعلى الصائم إذا كرر النظر، إن كرر النظر إلى ما يباح له النظر، فهذا خاص بالصيام؛ لأن له أن يكرر النظر في زوجته ولو بشهوة؛ لأن له ما هو أشد من ذلك، لكن إذا كرر النظر فيما حرم الله عليه سبحانه وتعالى هذا حرام للصائم وغير الصائم، لكن الصائم أمره أشد فعليه أن يحتاط لهذا الركن، فيغض بصره عن النساء لقوله تعالى:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [سورة النور: 30] لأن إطلاق النظر من وسائل الوقوع في الفاحشة، فالواجب غض البصر مع الحذر من أسباب الفتنة، لكن لا يبطل صومه بمجرد النظر إذا لم يخرج منه منه، أما من أمنى فإنه يبطل صومه وعليه قضاءه إن كان واجباً، وليحذر الصائم أشد الحذر كما ذكرنا مما حرم الله عليه من مشاهدة الأفلام الخليعة، التي يظهر فيها ما حرم الله من الصور المحرمة العارية، وشبه العارية، وهذا محرم على الصائم وغيره، في رمضان وفي سائر العام، لكن في الصيام ورمضان الأمر أشد، يضعف الأمر -نسأل الله العافية-.

ص: 5

أيضاً يحرم التحايل على الفطر في رمضان، كما أنه يحرم التحايل على إسقاط الكفارة، يحرم التحايل على الفطر في رمضان، اشتهى جماع زوجته فقال: نسافر، لما وصل الخرج، الخرج ثمانين كيلو مسافة قصر عند الجمهور، هذا تحايل، فعليه فعله حرام، ويعامل بنقيض قصده، توجب عليه الكفارة، كما أنه يحرم عليه أيضاً التحايل على إسقاط الكفارة، قد يقول قائل وهو في بلده: الكفارة على من أفطر بالجماع في نهار رمضان، يريد أن يتحايل على إسقاط الكفارة فيشرب ماء، يقول: أنا مفطر مفطر، أنا لست بصائم في رمضان، يتحمل التحريم والوعيد الشديد، لكن ما يتحمل الكفارة، نقول: تلزمك كفارة معاقبة له بنقيض قصده، فلو سافر من أجل أن يفطر مع أنه لا حاجة إلى هذا السفر غير الفطر فإنه يحرم عليه، كما أنه يحرم عليه أن يأكل أو يشرب في نهار رمضان من أجل أن يجامع زوجته، فلا تلزمه كفارة حينئذ ٍ على حد زعمه، فإذا أكل أو شرب عمداً أفطر، ولزمه القضاء، ولزمه الإمساك بقية اليوم، ولزمته الكفارة لحرمة رمضان، ومعاقبة له بنقيض قصده، والله المستعان.

وإن جامع في يومين أو كرره في يوم ولم يكفر فكفارة واحدة في الثانية، يعني في المسألة الثانية، يعني إن كرر الجماع في يوم واحد، ولم يكفر عن الجماع الأول، فإنه يلزمه كفارة واحدة؛ لأن الكفارات تتداخل، أما إذا جامع في يومين فإن عليه كفارتين، لكل يوم كفارة، وهذا باعتبار أن كل يوم عبادة مستقلة، فلا تتداخل مثل هذه الكفارات، ولذا يقول: وإن جامع في يومين أو كرره في يوم ولم يكفر فكفارة واحدة في الثانية، يعني في الصورة الثانية، وفي الأولى اثنتان، وإن جامع ثم كفر ثم جامع في يومه فكفارة ثانية، لماذا؟ هو أفسد الصوم، تقول: لأنه يلزمه الإمساك، فلحرمة الشهر يلزمه كفارة ثانية، والمسألة لا تخلو من خلاف.

وكذلك من لزمه الإمساك إذا جامع، من لزمه الإمساك، شخص مسافر ثم قدم وامرأته حائض ثم طهرت وهكذا.

ص: 6

يقول: وكذلك من لزمه الإمساك إذا جامع، ومن جامع وهو معافى ثم مرض أو جن أو سافر لم تسقط، جامع وهو مقيم، صحيح معافى، ثم سافر، وأفطر في سفره نقول: الآن عليه قضاء هذا اليوم، نقول: عليك الكفارة؛ لأنك أفطرت وأنت صائم مقيم، ومثله لو مرض وأفطر وقد كان قد جامع قبل فطره تلزمه الكفارة ما لم ينو الفطر بالجماع، يعني لو شخص مع أذان المغرب جامع زوجته ناوياً الفطر بذلك، عليه كفارة وإلا لا؟ ما عليه كفارة، لكن شخص سافر واستمر في سفره وهو الآن مخير بين أن يتم صومه، وبين أن يفطر؛ لأن الوصف المبيح للفطر قائم فنوى الفطر بالجماع، نقول: ما عليك شيء، لكن لو لم ينو الفطر إلا بعد الجماع نقول: عليك الكفارة؛ لأنه يقول: " ومن جامع وهو معافى ثم مرض أو جن أو سافر لم تسقط ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان وهي عتق رقبة " لا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان، وإن أوجبها المالكية بالأكل والشرب عمداً.

" باب: ما يكره ويستحب وحكم القضاء:

ويكره جمع ريقه فيبتلعه، ويحرم بلع النخامة "

يبتلُعه، أو يبتلِعه؟

" فيبتلِعه، ويحرم بلع النخامة، ويفطر بها فقط " لكنه على الجواز، النصب على الجواز، نعم.

" ويفطر بها فقط إن وصلت إلى فمه، ويكره ذوق طعام بلا حاجة، ومضغ علك قوي، وإن وجد طعمهما في حلقه أفطر، ويحرم العلك المتحلل إن بلع ريقه، وتكره القبلة لمن تحرك شهوته ".

لمن تُحرِك.

" لمن تُحرِك شهوته، ويجب اجتناب كذب وغيبة وشتم، وسن لمن شتم قوله: إني صائم، وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب، فإن عدم فتمر فإن عدم فماء، وقول: ما ورد ويستحب القضاء متتابعاً، ولا يجوز إلى رمضان آخر من غير عذر، فإن فعل فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم، وإن مات ولو بعد رمضان آخر، وإن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف أو صلاة نذر، استحب لوليه قضاؤه ".

باب: ما يكره ويستحب وحكم القضاء:

يعني هذه ثلاث مسائل أو ثلاثة مباحث: ما يكره فعله للصائم، وما يستحب له، ويندب أن يفعله، وحكم القضاء من قبل من لزمه القضاء، ووجب عليه.

ص: 7

يقول: "يكره جمع ريقه فيبتلِعه" وعلل ذلك كما في الشرح بالخروج من خلاف من قال بفطره كأبي حنيفة، يكره جمع ريقه فيبتلعه، العلة في ذلك الخروج بالخروج من خلاف من قال بفطره، وهذا عند الحنفية أنه يفطر، فللخروج من هذا الخلاف يكره جمع الريق؛ لئلا يكون مفطر اً على قول.

مسألة الخروج من الخلاف ليست من الأصول التي تبنى عليها الأحكام، والكراهية حكم شرعي، مسألة الخروج من الخلاف يعلل بها كثيراً، للكراهة والاستحباب، فيقال: يكره إذا قيل: بالتحريم، وإن كان الدليل لا ينهض، ويقال: يستحب فعل كذا، إذا قال بعض أهل العلم بوجوبه ولو كان دليله لا ينهض.

ص: 8

والخروج من الخلاف ليس من الأصول التي تبنى عليها الأحكام، فالأحكام إنما تبنى على الكتاب والسنة والإجماع، والقياس الصحيح الذي توافرت أركانه، إذ اً كيف يقول أهل العلم: للخروج من الخلاف؟ الخلاف إذا كان له حظ من النظر معتبر بمعنى أنه وجد في المسألة أكثر من قول، قول راجح وقول مرجوح، لكن له حظ من النظر، له أدلته، وإن كان مرجوحاً، وقول ثالث لا حظ له من النظر، أدلته واهية، فالعمل بالقول الراجح، هذا هو الأصل، مع ملاحظة القول المرجوح الذي له حظ من النظر؛ لاحتمال أن يثبت دليله، واحتمال أن يرجح الاحتمال الذي رجحه، الآن عندنا إذا كان الدليل واحد، يحتمل أمرين، أحدهما أرجح من الآخر، الاحتمال الراجح يدل: على الإباحة، والاحتمال المرجوح يدل على المنع، نقول: الأولى الكف، الانكفاف عن فعل مثل هذا؛ لئلا يكون الاحتمال المرجوح راجحاً، خشية أن يكون هذا الاحتمال المرجوح راجح اً؛ لأن الرجحان أمر نسبي، والدليل واحد، نعم إذا خلا القول الثاني المرجوح من الأدلة أو على أقل الأحوال الأدلة المحتملة فلا التفات إليه، فلنعرف سر هذه المسألة، فما دام الاحتمال قائماً ولو كان مرجوحاً ينبغي أن يلاحظ القول، ويكون له حظ من النظر؛ لأنك لن تعدم في يوم الأيام في مسألة من المسائل أن يكون هذا القول المرجوح راجح؛ لأنك وجدت ما يعضده، ووجدت ما ترجح به الاحتمال الآخر، ولو كان المرجح ضعيفاً؛ لأن المرجحات عند أهل العلم كثيرة جداً، المرجحات كثيرة، وبعضها الترجيح به فيه ضعف، إذا عرفنا هذا أنه إذا كان الأدلة للقول الراجح والمرجوح متقاربة، أحياناً يكون القول الراجح راجح بنسبة يسيرة، يكون هذا خمس وخمسين بالمائة وهذا خمس وأربعين مثلاً، علينا ملاحظة القول الآخر، لا لأنه قول لأهل العلم، بل خشية من أن يثبت دليله أو يرجح احتماله، وهنا لا دليل للمخالف أصلاً فلا يكره جمع الريق؛ لأنه لا دليل للمخالف.

" ويحرم بلع النخامة "

ويستوي في ذلك أن تكون النخامة من الجوف أو الصدر أو الدماغ مهما كان مصدرها، وتحريمها على الصائم وغيره، على الصائم وغيره؛ لأنها مما يستقذر، وكل ما يستقذر فهو من الخبائث.

ص: 9

" ويفطر بها فقط " يفطر بها فقط، يعني لا بالريق " إن وصلت إلى فمه " وفي بعض نسخ الزاد: إلى حلقه، لكن الصواب إلى فمه.

على القول بأنها تفطر؛ لأنها من غير الفم، فإذا وصل لما الجوف أو الصدر أو الدماغ، فإذا وصلت إلى الفم فابتلعها وقد انتقلت من مكانها ثم ابتلعها على المذهب يفطر، نظيرها ما لو أصيب بدسعة قلس، إيش معنى هذا؟ يعني من القيء اليسير، كح مثلاً أو سعل فخرج حبات من الطعام إلى فمه فابتلعها يفطر وإلا ما يفطر؟ أو ما بين الأسنان، ابتلع ما بين الأسنان، لكن تنظيرها بما يخرج من الجوف من الطعام المأكول مع السعال، وهذا يحصل كثيراً، يعني بدلاً من القيء يكون كثير، يكون شيئاً يسير، نعم.

هذا إذا ابتلعه يفطر وإلا ما يفطر؟ نعم؟ والنخامة مثله، نعم، يقول:" ويفطر بها فقط، لا بالريق إن وصلت إلى فمه "

طالب:

. . . . . . . . .

مضى في درس الأمس لو طار إلى حلقه ذباب أو غبار ونحوها مما لا يمكن التحرز منها هذا لا يفطر، ما في إشكال.

طالب: القلس؟

على التفصيل السابق، ومثلها النخامة يمكن التحرز منها أو لا يمكن؟ نعم؟ هو مسألة الوصول إلى الحلق لا يمكن التحرز منها، إلا مع استفراغ، لكن إذا وصلت إلى الفم وهو المرجح في كثير من النسخ؛ لأن بعض النسخ إن وصلت إلى حلقه يفطر بها فقط إن وصلت إلى حلقه، لكن هذا ما له وجه، نعم؛ لأنه لا يمكن التحرز منها إلا مع الاستفراغ، لكن إذا وصلت إلى فمه أمكن التحرز منها، يفطر بها عندهم.

" ويفطر بها فقط لا بالريق إن وصلت إلى فمه " لأنها من غير الفم، يعني من الجوف أو الصدر أو الدماغ، فإن لم تصل إلى الفم بأن أحس بها نزلت من دماغه وذهبت إلى جوفه من غير مرور بالفم فإنه لا يفطر.

والقول الثاني: أنها لا تفطر مطلقاً؛ لأنها لم تخرج من الفم كالريق، يعني مثل الريق، لو جمع الريق فابتلعه لا يفطر، وهذه مثله، وهي نوع منه، إلا أنها لها وصف خاص، لكن القول بالتفطير كأنه هو المتجه مثل ما لو ابتلع ما بين أسنانه، أو ما صدر منه أو ما ارتفع إلى فمه من طعام بسبب السعال.

يقول: " ويكره ذوق طعام بلا حاجة "

ص: 10

يكره ذوق طعام بلا حاجة، مفهومه أنه إذا كان هناك حاجة لذوق الطعام كالطباخ مثلاً أنه لا كراهة، إذاًًًًًً كيف يكره ذوق الطعام بلا حاجة وبإمكانه أن يذوق الطعام ثم يلفظ ريقه ولا أثر لذلك؛ لأنه ربما نزل شيئاً من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر به، أما إذا كان لحاجة كالطباخ والمرأة في بيتها تذوق الطعام هل ملحه مناسب، هل حلاه مناسب أو لا؟ لا بأس بذلك، كما حكاه البخاري عن ابن عباس.

يقول: " ويكره ذوق طعام بلا حاجة، ومضغ علك قوي " والمراد بالعلك القوي: الذي لا يتفتت، معروف أن من أنواع العلوك ما يتفتت، ومنها ما لا يتفتت، هل الخلاف في العلك سواءً كان قوي أو غير قوي؟ بأن كان من النوع الذي يتفتت، العلك المطلي بغيره مما له طعم وجرم، أو المراد به الذي لا طعم له؟ ما هو في الأسواق أنواع من العلوك، بعضها نعناع، وبعضها مطلي بطبقة ملونة، وفي أشياء له طعم، طعم وجرم واضح، يعني مثل هذه لو غسلت فذهب الطعم دخلت في الكلام الذي معنا، المقصود بالعلك الذي لم يدخل عليه شيء من التحسينات، ولم تدخله الصناعة، العلك الذي على طبيعته، وهو نوعان: علك قوي لا يتحلل، وعلك يتحلل ويذوب، العلك القوي، نعم؟

طالب:

. . . . . . . . .

هو اللبان نعم.

المرارة التي بالعلك ما فيه نوع مر؟ هاه؟ هل تأخذ حكم المحسنات التي توضع على العلوك؟

طالب:

....

نعم؟

طالب: تصبح لها طعم.

أو المقصود بالعلك الذي يذكر هنا في هذا الباب الذي لا يذهب إلى الجوف منه شيء، افترضنا أن شخص علك العلك بالليل مثلاً، وراح الطعم منه مائة بالمائة، ما بقي للطعم أثر، فقال: أنا أرجئه إلى الظهر، أحتاجه؛ لأنه يجم الريق العلك، ولا طعم له، ولا جرم، إنما هو لاستجمام الريق فقط، هذا محل الكلام، إذا كان لا يتفتت.

ص: 11

يقول: " ومضغ علك قوي " أي الذي لا يتفتت لئلا يتسرب شيء إلى بطنه من طعمه، إن كان له طعم، فإن لم يكن له طعم فلا كراهة، لكن ينبغي أن لا يمضغه أمام الناس؛ لئلا يساء الظن به، الشخص الذي يمضغ العلك أمام الناس يساء به الظن، وأيضاً يفتح مجال لمن أراد أن يأكل، فقد يأكل أشياء بعض الناس الذين عندهم رقة في الدين أو بعض الأطفال الذين يمرنون على الصيام قد يأكلون؛ لأنهم لا يرجون بذلك ثواب من الله سبحانه وتعالى إنما هو لمجرد التمرين، فالطفل وأشد من ذلك من كان في دينه رقة قد يأكل أشياء، ويظهر للناس أنها علك، أنها علك، فلا ينبغي أن يستعمل مثل هذا أمام الناس، الأمر الثاني: أن العلك صار من سمة النساء، صار من سمة النساء يعني هل ترون رجلاً في مكتمل رجولته يمضغ العلك أمام الناس؟ نعم؟ يوجد لا يوجد، وعلى هذا فاستعماله مخالف للمروءة، ومثل هذا مسقط للعدالة عند أهل العلم، فلا ينبغي أن يزاوله من بلغ هذه المنزلة في المروءة والرجولة؛ لئلا يتسبب في إسقاط عدالته.

" وإن وجد طعمهما في حلقه أفطر "

وجد طعمهما في حلقه أفطر، طعم الطعام وطعم إيش؟ العلك القوي، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- ينازع في كون مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق؛ لأن الطعم قد يصل إلى الحلق ولا يبتلع، شيخ الإسلام رحمه الله فعل له رسالة صغيرة اسمها: حقيقة الصيام، طبعت قديماً، وهي نافعة في هذا الباب، طبعت بمطبعة المنار قديماً، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى - ينازع في كون مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق، إنما مناطه وصول الطعم إلى الجوف؛ لأن الطعم قد يصل إلى الحلق ولا يبتلع.

يقول: " ويحرم العلك المتحلل إن بلع ريقه " يحرم العلك المتحلل، يعني هو الذي يقابل العلك القوي الذي سبقت الإشارة إليه، وهذا لا شك في تحريمه؛ لأنه وسيلة إلى إفساد الصوم.

يقول رحمه الله: " وتكره القبلة لمن تُحرِك شهوته "

ص: 12

تكره القبلة لمن تُحرِك شهوته، تكره يعني مع أمن إفساد الصوم، أما إذا خشي إفساد الصوم بإنزال ونحوه فهذا حكمه التحريم، فلا يجوز له حينئذ ٍ أن يقبل، أما من لا تتحرك شهوته، أو قبل ما لا يحرك الشهوة كطفل صغير أو محرم، أو امرأة كبيرة في السن، مثل هذه لا تحرك الشهوة، من لا تحرك شهوته فلا كراهة، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقبل وهو صائم. [ومتفق عليه من حديث عائشة].

وأما حديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام سأله رجل عن القبلة فأذن له، وسأله آخر فلم يأذن له، فإذا الذي أذن له شيخ والذي لم يؤذن له شاب. [أخرجه أبو داود حديث ضعيف] وليس المرد في ذلك إلى الشباب والشيخوخة، فكم من شيخ أشد من الشباب في هذا الباب، وكم من شاب أضعف من الشيوخ في هذا الباب، لكن لو نظر إلى المرأة التأثير للمرأة لا للرجل، نعم لا شك أن الناس يتفاوتون، من الناس من يثيره أدنى شيء، ومن الناس من لا يثيره شيء، فالرجل وقوته وشهوته لها حظ من النظر في هذا الباب، والمرأة أيضاً لها دور في التأثير على الرجل في هذا الباب.

كونه لم يأذن للشاب وأذن للشيخ، أولاً: الحديث ضعيف، الأمر الثاني: أنه ليس المرد الشباب والشيخوخة، بل المرد إلى الشهوة قوة وضعفاً.

" يجب اجتناب كذب وغيبة وشتم "

وهذا يجب على الصائم وغير الصائم، لكنه في حق الصائم آكد، ففي صحيح البخاري:((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) [خرجه البخاري من حديث أبي هريرة].

الكذب كبيرة من كبائر الذنوب، وكذلك الغيبة، السب والشتم، كل هذه من المحرمات، التي يجب على المسلم اجتنابها في كل وقت، وفي كل مكان، لكن إذا اجتمع وانضم إلى هذا التحريم تحريم من وجه آخر أو من وجوه، كأن يكون صائم في رمضان، في بلد حرام، من كبير سن من طالب علم، من عالم، كل هذه تجعل التبعة أكبر، فعلى المسلم أن يحتاط لدينه عموماً وعلى طالب العلم أن يحتاط لنفسه.

يقول: " إذا كان الجماع في نهار رمضان محرم لا يجوز فإن الوسيلة إلى الجماع أيضاً محرمة كذلك "

ص: 13

حتى ولو كان مالكاً لإربه أليس كذلك؟ إذا كان مالك لإربه ليست هناك وسيلة، الوسيلة إذا كان قربه من زوجته سبباً للجماع المحرم، فحينئذ ٍ يمنع القرب منها؛ لأنه وسيلة إلى الوقوع في المحرم، أما إذا كان مالكاً لإربه فلا يمنع من النوم معها، أو من حتى تقبيلها إذا كان مالكاً لإربه على حد زعمه، لكن إذا كان لا يملك إربه ويخشى من نومه بجانبها أو قربه منها فإنه لا يجوز له ذلك سداً للذريعة الموصلة إلى المحرم، هذا سئل عنه أمس لعله يعني. ..

يقول: ذكر المؤلف إحليله فما المراد بالإحليل؟

الذكر.

بقايا الطعام بين الأسنان لو خرجت أثناء الصلاة هل يجوز ابتلاعها؟

لا يجوز ابتلاعها.

من ابتلعها هل تبطل صلاته وصيامه؟

إذا كان مما يشق التحرز منه بحيث لا يستطيع إخراجه لعله يعفى عنه.

يقول: كيف يعرف الشخص من نفسه أنه يقدر على صيام شهرين متتابعين، فإذا علم أن ذلك يشق عليه لا لمرض ولا لضعف، ولكن لطول المدة وأنه قد يفطر خلال هذين الشهرين؟

إذا لم يكن هناك مانع من مرض أو شدة شهوة أو شبق يمنعه من الصيام فإنه قادر، ليس المعنى أن الإنسان ليس بقادر يعني يشق عليه، لا، ولو مع المشقة، ما لم تبلغ المشقة إلى حد يتضرر به.

يقول: علماً بأن الرجل يريد أن يكفر بعد أن تجاوز عدة رمضانات؟

عليه الكفارة ولو طال به الزمن؛ لأنها دين في ذمته.

يقول: هل هناك دليل من السنة على تحديد مدة الإقامة، دليل غير الاحتياط؟

أولاً: من خبر عن ابن عباس تحديده الأربعة البرد، وأيضاً يستدلون بأن النبي عليه الصلاة والسلام مدة إقامته في مكان واحد أربعة أيام في مكة، وأما ما عداه فهو متنقل بين المشاعر، وعلى كل حال مثل هذا بمفرده قد لا ينهض دليلاً على أصل المسألة، كما قال الشيخ رحمه الله، لكن الناس اتخذوا إطلاق النصوص ذريعة إلى تجاوز ما حد الله سبحانه وتعالى وارتكاب ما حرمه.

يقول: إذا انتقضت النية هل يستطيع أن يجددها؟

إذا انتقضت بأن نوى الإفطار فإنه يفطر ولا يستطيع تجديدها.

إذا صاموا ثلاثين يوماً فلم ير هلال شوال مع صحو فهل يتابعون صومهم يوماً آخر؟

ص: 14

لا، إذا صاموا ثلاثين يوماً، ورؤيتهم لدخول الشهر معتبرة شرعية فلا يزيدون على الثلاثين؛ لأنه لا يمكن أن يزيد الشهر عن ثلاثين، ولا ينقص عن تسعة وعشرين.

يقول: إذا استمنى متعمداً الرجل في نهار رمضان فماذا يترتب عليه من الأحكام؟

أولاً: يفطر كما سمعنا؛ لأنه يخرج هذا الماء بشهوة، فهو مثل الجماع، يفطر ويعصي، يترتب عليه الإثم، -نسأل الله العافية-، وعليه التوبة والاستغفار، ولا كفارة عليه؛ لأن الكفارة خاصة بالجماع، وعليه أن يغتسل، من أجل الصلاة، ويقضي هذا اليوم، ويقلع عن هذا الذنب، ويتوب إلى الله، ويكثر من النوافل؛ لأنه خطر عظيم، الفطر في نهار رمضان من غير عذر خطر عظيم.

يقول: شخص كان عليه أيام من عدة رمضانات تقريباً خمسة أيام، قيل: يجب عليك القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم عن التأخير كفارة، فهل إفطار الصائم في رمضان بمبلغ خمسة ريالات يدخل في إطعام المسكين؟

أولاً: مسألة الإطعام مسألة مختلف فيها ويأتي الكلام عليها قريباً -إن شاء الله تعالى-.

الإطعام معروف أنه نصف صاع هذا إذا كان غير مطبوخ، أما إذا كان مطبوخاً فما يشبع المسكين يسمى إطعام مسكين.

خمسة ريالات يمكن بهذه الخمسة ريالات تقدم له وجبة مكونة من سبع تمرات وماء، وكان شيء ما أدري عن مدى إجزائه حقيقة؛ لأنه قد يقدم له شيء غير المعتبر عند أهل العلم، وإن كان يسمى طعام في عرف الناس اليوم، لكن لو قدم له مثلاً بخمسة ريالات صحن فطائر وإلا همبرجر وإلا شيء، نقول: أطعم مسكين، يطلق عليه إطعام عند أهل العلم؟ هم يقولون: نصف صاع من أرز أو بر أو تمر أو ما أشبه ذلك، هذا الإطعام، نعم.

علماً بأن الشخص قد قضى الأيام وبقي له الكفارة؟

يأتي الكلام في الكفارة - إن شاء الله تعالى -، نعم.

على كل حال إذا كان في ما يسمى طعام شرعاً واصطلاحا، ً وعرفاً لا بأس، ما هو بمطبوخ يشبعه، إذا كان يشبعه فهو طعام مسكين.

يقول: هل صيام القضاء والنذر يجب فيه النية؟

كل صيام واجب تجب فيه النية من الليل، لا بد أن ينوي فيه قبل طلوع الفجر.

وهل يجوز قطع الصيام لأي عذر؟

يأتي ما في إبطال الصيام، انتهت.

يقول: إذا رأينا شخصاً يأكل أو يشرب وهو صائم صيام متطوع هل ينكر عليه؟

ص: 15

لا بأس بتنبيهه، لا بأس من تنبيهه، ينبه يقال: إنك صائم، وما أشبه ذلك؛ لأنه ناسي، فلا مانع من تنبيهه، أما إذا أكل ولو ناسياً في رمضان أو في صوم واجب يجب الإنكار عليه.

يقول: الدم يبطل الصوم وهو خارج وليس من الدواخل فذلك ينقض قاعدة ابن عباس؟

قلنا: إن قاعدة ابن عباس أغلبية، سواءً كانت فيما يبطل الصوم، أو ما ينقض الوضوء أغلبية وليست كلية، وعرفنا ما يرد على الشقين.

طالب: يا شيخ بالنسبة لقضية من ضرب على رأسه فأغمي عليه ثم جلس ساعة ثم قام، جلس أظن ربع ساعة ثم أفاق، أو نصف ساعة هل يبطل صومه هذا؟

نقول: الإغماء إذا كان أقل من ثلاثة أيام فهو في حكم النائم، في حكم النائم، لكن هم في باب الطهارة يجعلون مثل هذا الإغماء في حكم الجنون، ينتقض وضوءه؛ لأنه لا يشعر هل صدر منه ما ينقض الوضوء؛ ولأن النوم أيضاً ينقض الوضوء عندهم.

يقول: قلتم إن الإبرة إذا كانت في العضل أو الوريد لا تفطر إذا لم تكن للتغذية؛ لأنها ليست في معنى الأكل أما ما كان مغذياً فهو في معنى الأكل، والسؤال أما ترى أن الإبرة إذا لم تكن للتغذية بل كانت للتداوي أنها بمعنى الدواء الذي يستخدمه الشخص عن طريق الفم، فتكون بذلك مفطرة مثل ما يفطر الدواء المأخوذ عن طريق الفم؟

لا، القياس مع الفارق، أي شيء يدخل مع المدخل الطبيعي الفم يفطر، سواءً كان مغذي نافع ضار، ولو أكل سم، يفطر، ولو شرب دخان يفطر، شرب مسكر يفطر، ولو كان مما يضر، أما ما كان عن غير طريق المدخل الطبيعي فإن كان في معنى الطعام:((يدع شهوته وطعامه)) إذا لم يكن في معنى الطعام بمعنى أنه يغذي فلا أثر له - إن شاء الله تعالى -.

يقول: إذا رأيت رجلاً ويظهر أنه كافر وكان يدخن مثلاً فهل أنكر عليه؟

إن كان في رمضان لا بد من الإنكار عليه، لا يجوز له أن يزاول المنكرات والمفطرات في رمضان ولا في غير رمضان، المنكرات ينكر عليه، ويؤمر بالتستر بفعلها، والله المستعان.

ص: 16

الآن الإنكار في مثل هذه الأمور التي عمت بها البلوى ضعف حتى بين المسلمين، فلا تجد شخصاً ينكر على المدخن، أو يستعمل من آلات اللهو شيئاً، أو مسبل، أو حليق، أو ما أشبه ذلك، بدعوى أنها عمت بها البلوى، ولو باشرها الناس بالإنكار من أول الأمر ما وصل، ما وصلنا إلى مثل هذا الحد الذي وصلنا إليه.

يقول: لو ابتلع الصائم الماء بعد تجمعه في فمه وكان فيه طعم السواك فهل يفطر؟

إذا كان السواك له طعم، السواك الجديد غالباً له طعم، فلا بد أن يلفظ ذلك الطعم، ولا يدخله جوفه إلا إذا ذهب من غير قصد.

يقول: ما فائدة الحجامة؟

فائدة الحجامة ما في شك أنها معروفة وملموسة تخفف النوم، وتخرج الدم الفاسد الزائد، وهي أيضاً جاء النص على أنها مفيدة، إن كان الشفاء ففي ثلاث، ومنها شرطة محجم.

يقول: ما حكم تعليق نية الصوم برؤية الهلال؟

سبق الكلام عن ما لو قال: إن كان غداً من رمضان فهو فرضي، عرفنا أن المذهب لا يصح صومه؛ لأنه متردد في النية، عرفنا أن شيخ الإسلام رحمه الله يرى أن صومه صحيح لأن هذا التردد لا في الصيام، وإنما هو في ثبوت الشهر، والجهة عنده منفكة.

يقول: ما حكم صيام من علم بثبوت الصيام في منتصف النهار ولم ينو للصيام من الليل؟

يلزمه الإمساك بقية اليوم، يلزمه الإمساك بقية اليوم، إذا قامت البينة على أنه رؤي الهلال بالليل، أما إذا قامت البينة بأنه رؤي الهلال بالنهار فإنه يكون لليلة القادمة، يكفي. هاه؟. . . . . . . . . . للغد - إن شاء الله -.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

" ويستحب القضاء متتابعاً، ولا يجوز إلى رمضان آخر من غير عذر، فإن فعل فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم، وإن مات ولو بعد رمضان آخر، وإن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف أو صلاة نذر، استحب لوليه قضاؤه ".

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول -رحمه الله تعالى -: " ويستحب القضاء متتابعاً، ولا يجوز تأخيره إلى رمضان آخر من غير عذر "

ص: 17

أولاً: من أفطر في رمضان لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، وعرض نفسه للعقوبة فعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى مع القضاء، وأما من أفطر لعذر شرعي من سفر أو مرض أو حيض أو نفاس فإنه يجب عليه القضاء إذا زال عذره، لقوله تعالى:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [سورة البقرة: 184] يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: باب متى يقضى قضاء رمضان؟

وقال ابن عباس: "لا بأس أن يفرق" لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وقال سعيد بن المسيب في صوم العشر: "لا يصلح حتى يبدأ برمضان" وقال إبراهيم: "إذا فرط حتى جاء رمضان آخر يصومهما ولم ير عليه إطعاماً".

يعني إذا أخر مفرطاً إلى رمضان آخر لم ير عليه إبراهيم، إبراهيم بن من؟

طالب: النخعي.

النخعي، ولم ير عليه إطعاماً.

ويذكر عن أبي هريرة مرسلاً وابن عباس: "أنه يطعم" فالقول بالإطعام قول أبي هريرة وابن عباس وإبراهيم يرى عدم الإطعام، هذا بالنسبة لمن فرط في القضاء فلم يقض حتى جاء رمضان آخر.

يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: ولم يذكر الله الإطعام، الإمام -رحمه الله تعالى- إذا صدر الباب بخبر ولو عن تابعي فإنه يكون اختياره إذا لم تكن الترجمة صريحة في الحكم؛ لأنه قال في الترجمة: باب: متى يقضي قضاء رمضان؟ ولا تعرض لا لإطعام ولا لغيره، ثم صدر الكلام ذكر كلام النخعي قبل كلام أبي هريرة وابن عباس، دليل على أنه يختار قول النخعي، ولذا عقب بعد ذلك فقال: ولم يذكر الله الإطعام إنما قال: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .

ص: 18

فعلى ما ذكرنا، وما ذكره الإمام البخاري عن أبي هريرة وابن عباس يكون الإطعام مأثور عن هذين الصحابيين، وهو لم يذكر في كتاب الله ولم يصح فيه شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطعم لا شك أنه أحوط، من أطعم فهو أحوط، وفيه حديث مرفوع خرجه الدارقطني والبيهقي، لكنه ضعيف جداً، وهذا في حق من أخر من غير عذر إن كان تأخيره إلى رمضان الآخر لمرض يرجو زواله، واستمر معه المرض إلى رمضان الثاني فإنه يكفيه القضاء؛ لأنه معذور، ولا كفارة عليه حينئذ ٍ بخلاف ما إذا أخر ذلك تساهلاً، وتفريطاً، ولا يلزم التتابع في القضاء، كما قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-:"لا بأس أن يفرق" نقلاً عن ابن عباس، لا بأس أن يفرق يعني القضاء لقوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فعلى هذا لا يلزم التتابع في القضاء، بل لو قضى ما عليه من أيام متفرقة صح ذلك وأجزأ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [سورة البقرة: 184] ولم يقل: متتابعة، هنا يقول: ويستحب القضاء متتابعاً، استحباب التتابع؛ لأن الأصل أن القضاء يحكي الأداء، والأداء متتابع إذ اً فالقضاء حكمه حكمه، وإن لم يكن على سبيل الوجوب والإلزام، لكن في أصل المشروعية، يحكيه في أصل المشروعية، ولأنه أيضاً أسرع في إبراء الذمة، ولا يجوز تأخيره إلى ....

ص: 19