المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم إضافة لفظ (سيدنا) عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ١٢٣

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[123]

- ‌ما جاء في الصلاة على النبي بعد التشهد

- ‌شرح حديث كعب بن عجرة في الصلاة على النبي بعد التشهد من طريق حفص بن عمر

- ‌الجمع بين النبي وآله في الصلاة

- ‌ذكر الصيغة التامة للصلاة على النبي وآله

- ‌الجمع بين الصلاة والسلام على رسول الله

- ‌حكم إضافة لفظ (سيدنا) عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وجه طلب الصلاة على محمد مثل الصلاة على إبراهيم وهو أفضل منه

- ‌الصلاة الإبراهيمية هي أفضل صيغ الصلاة على النبي

- ‌سبب ذكر إبراهيم في الصلاة الإبراهيمية دون غيره

- ‌تراجم رجال إسناد حديث كعب بن عجرة في الصلاة الإبراهيمية من طريق حفص بن عمر

- ‌شرح حديث كعب في الصلاة على النبي من طريق يزيد بن زريع

- ‌تراجم رجال إسناد حديث كعب في الصلاة على النبي من طريق يزيد بن زريع

- ‌شرح حديث كعب في الصلاة الإبراهيمية من طريق مسعر عن الحكم

- ‌تراجم رجال إسناد حديث كعب من طريق مسعر عن الحكم

- ‌ذكر رواية الزبير بن عدي لحديث كعب بن عجرة في الصلاة الإبراهيمية

- ‌شرح حديث أبي حميد الساعدي في الصلاة الإبراهيمية

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي حميد الساعدي في الصلاة الإبراهيمية

- ‌شرح حديث أبي مسعود الأنصاري في الصلاة الإبراهيمية من طريق نعيم المجمر

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي مسعود في الصلاة الإبراهيمية من طريق نعيم المجمر

- ‌شرح حديث أبي مسعود في الصلاة الإبراهيمية من طريق محمد بن إبراهيم بن الحارث

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي مسعود في الصلاة الإبراهيمية من طريق محمد بن إبراهيم بن الحارث

- ‌شرح حديث أبي هريرة في الصلاة الإبراهيمية

- ‌تنبيه على خطأ وقع في الكلام على حديث أم محصن

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في الصلاة الإبراهيمية

- ‌ما يقول بعد التشهد

- ‌شرح حديث أبي هريرة في التعوذ بالله من أربع بعد التشهد

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في التعوذ بالله من أربع بعد التشهد

- ‌شرح حديث ابن عباس في التعوذ من أربع بعد التشهد

- ‌تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في التعوذ من أربع بعد التشهد

- ‌شرح حديث محجن بن الأدرع في الدعاء بعد التشهد

- ‌تراجم رجال إسناد حديث محجن في الدعاء بعد التشهد

- ‌ما جاء في إخفاء التشهد

- ‌شرح حديث: (من السنة أن يخفى التشهد)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (من السنة أن يخفى التشهد)

- ‌الأسئلة

- ‌شاب عاق يمنعه والده من حضور مجالس العلم

- ‌عجوة المدينة علاج للسحر

- ‌حكم تبليغ السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم التبرك بجدران الحجرة النبوية

- ‌حكم الصلاة على النبي عند النسيان من أجل التذكر

- ‌حكم الصلاة على النبي بصيغة طلب النجاة من الكرب

- ‌حكم استئجار دار مقابل الترميم

- ‌نقد كتاب (الصلاة المحمدية الكبرى)

- ‌منشور فيه قصة مكذوبة

- ‌حكم زيارة المساجد السبعة ومسجد القبلتين لمن جاء إلى المدينة

- ‌حكم الحلف بالأمانة

الفصل: ‌حكم إضافة لفظ (سيدنا) عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

‌حكم إضافة لفظ (سيدنا) عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

قوله: (اللهم صل على محمد) وليس فيه ذكر: (سيدنا)، وهو سيدنا وسيد البشر وسيد الخلق أجمعين، ولو كانت هذه الكلمة مطلوبة في التشهد ومطلوبة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لبينها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يبين الألفاظ والصيغ التي يتعبد الله بها، وحيث لم يبينه النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لا يضاف إليه شيء آخر، وإنما يقتصر على الصيغة الواردة، كما يقتصر على الصيغة التي وردت في الأذان: أشهد أن محمداً رسول الله دون أن يضاف إليها سيدنا.

وإطلاق السيد على الرسول صلى الله عليه وسلم جائز، وهو أحق البشر بذلك صلى الله عليه وسلم، وقد قال:(أنا سيد الناس يوم القيامة)، وقال:(أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وإنما بين ذلك لأنه كان عليه الصلاة والسلام آخر الرسل، وليس هناك رسول يأتي بعده يبين عظيم منزلته عند الله، أما الرسل السابقون فكان يأتي رسل بعدهم يبينون منازلهم، مثلما بين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام منزلة إبراهيم وموسى وعيسى، وذكر أخبارهم وما يلزم لهم، أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده يبين عظيم منزلته عليه الصلاة والسلام، فبين ذلك عليه الصلاة والسلام وقال:(أنا سيد الناس يوم القيامة).

ثم بين السبب الذي جعله ينص على يوم القيامة، مع أنه سيد الناس في الدنيا والآخرة؛ لأن يوم القيامة هو الذي يظهر فيه سؤدده وإحسانه على الجميع من آدم إلى الذين قامت عليهم الساعة، بخلاف الدنيا فإن الذين لقوه والذين اتصلوا به فيها هم أصحابه، وكذلك الذين أخذوا سنته من بعده.

ثم بين ذلك بأن الناس يجتمعون ويموج بعضهم في بعض، ويبحثون عمن يشفع لهم إلى ربهم ليخلصهم مما هم فيه من شدة الموقف، فيأتون إلى آدم ويطلبون منه الشفاعة إلى الله عز وجل فيعتذر ويحيلهم إلى نوح، ثم يعتذر نوح ويحيلهم إلى إبراهيم، ثم يعتذر إبراهيم ويحيلهم إلى موسى، وموسى يحيلهم إلى عيسى ويعتذر، وعيسى يحيلهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ويعتذر، ويأتون إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فيقول:(أنا لها)، ثم يتقدم ويشفع ويشفعه الله عز وجل، ويأتي لفصل القضاء بين عباده، وينصرف الناس من المحشر، وهذا هو المقام المحمود؛ لأنه يحمده عليه الأولون والآخرون، وهو الشفاعة العظمى.

إذاً: ظهور سؤدده وفضله على الجميع، وإحسانه على الجميع بالشفاعة لهم في تخليصهم مما هم فيه من شدة الموقف، فلذلك قال عليه الصلاة والسلام:(أنا سيد الناس يوم القيامة).

وعلى هذا فإطلاق السيد على الرسول صلى الله عليه وسلم لا بأس به، ولكن كون الإنسان يلتزمه ولا يأتي بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم إلا قال: سيدنا فهذا ما جاء عن سلف هذه الأمة من الصحابة الذين هم خير الناس، فنحن نقرأ في الأحاديث: حدثنا فلان حدثنا فلان أن فلاناً الصحابي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأحاديث كثيرة بالآلاف، وليس فيها: قال سيدنا رسول الله، نعم هو سيدنا؛ لكن استعمال هذه الألفاظ دائماً وأبداً والإكثار منها ما فعله خير هذه الأمة الذين هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.

فهذا صحيح البخاري فيه أكثر من سبعة آلاف حديث، وصحيح مسلم كذلك، وكذلك سنن أبي داود، وغيرها من أمهات الحديث، ومسند الإمام أحمد يشتمل على أربعين ألف حديث، كل هذه الأحاديث إذا قرأها الإنسان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا، ولم يقولوا: أمر سيدنا، نهى سيدنا، جئنا إلى سيدنا، ما كانوا يقولون هذا وهم خير الناس وأفضل الناس.

فإذاً استعمال هذا اللفظ في بعض الأحيان لا بأس به، ولكن الشأن في اتباع خير هذه الأمة الذين كلامهم مدون بين أيدينا، وقد سبق أن مر بنا أنهم يبينون الفرق في عبارات بسيطة لا يترتب عليها اختلاف في المعنى كما يأتي في بعض الأحاديث أن بعضهم يقول: عن النبي صلى الله عليه وسلم، والشخص الثاني يقول: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا عبر بالنبي وهذا عبر بالرسول، وميزوا الفرق بين التعبيرين، فلو كانت كلمة سيدنا موجودة لنبهوا عليها وأتوا بها ولم يحذفوها؛ لأنهم لا يتركون شيئاً مما قاله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أنصح الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم خير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام.

وكذلك مر بنا قريباً حديث المسيء صلاته، وفيه أن أحد الرواة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا، والثاني قال: إن محمداً صلى الله عليه وسلم قال كذا، ومعناه بيان الفرق بين التعبيرين، فالذين يحافظون على الألفاظ ويبينون الفروق الدقيقة في أمور لا يترتب عليها اختلاف في المعنى؛ فهذا يدل على العناية الفائقة والضبط الدقيق والإتيان بالألفاظ كما جاءت عن الرواة، فلو كان هناك استعمال سيدنا لكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين سبقوا إلى ذلك، وهم السباقون إلى كل خير والحريصون على كل خير.

قوله: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) فيه ذكر آل الرسول صلى الله عليه وسلم، واختلف في بيان المراد بهم، فمنهم من قال: إن المقصود بهم أزواجه وذريته، ومنهم من قال: هم كل هاشمي وكل مطلبي لا تحل له الصدقة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:(إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)، والصدقة لا تحل للهاشميين ولا للمطلبيين، وهم أعم من ذريته وأزواجه صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال: إن المقصود بآله المتقون من أمته صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال: إنهم أمته كلها، أي: أمة الإجابة الذين أسلموا ودخلوا في دين الإسلام؛ لأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم له أمتان: أمة إجابة، وأمة دعوة، فأمة الإجابة هم الذين دخلوا في الدين وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وصاروا من جملة المسلمين، أما أمة الدعوة فهم كل إنسي وجني على وجه الأرض من حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، هو داخل في أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وهم مدعوون إلى الإيمان به والدخول في دينه، ولهذا فالدعوة عامة لكل أحد وليست لواحد دون غيره، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح:(والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار) أي: أن اليهود والنصارى هم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين توجه إليهم الدعوة، وهم ملزمون بأن يدخلوا في الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وأن اتباع اليهود لموسى واتباع النصارى لعيسى -كما يزعمون- باطل بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذا لم يدخلوا في دينه؛ لأن شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نسخت الشرائع السابقة، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في حق موسى في بعض الأحاديث:(لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي)، وعيسى بن مريم الذي يزعم النصارى أنهم أتباعه إذا نزل في آخر الزمان من السماء فإنه سيحكم بشريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

ص: 7