المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: (تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن سمع منكم) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٤١٤

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[414]

- ‌تكرير الحديث

- ‌شرح حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حدث حديثاً أعاده ثلاث مرات)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حدث حديثاً أعاده ثلاث مرات)

- ‌سرد الحديث

- ‌شرح حديث: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العاد أن يحصيه أحصاه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العاد أن يحصيه أحصاه)

- ‌شرح حديث: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث مثل سردكم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث مثل سردكم)

- ‌التوقي في الفتيا

- ‌شرح حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلوطات)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلوطات)

- ‌شرح حديث: (من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه)

- ‌بيان خطأ مقولة: (دعها في رقبة عالم واخرج سالم)

- ‌كراهية منع العلم

- ‌شرح حديث: (من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)

- ‌الأسئلة

- ‌حال حديث: (إذا بليتم فاستتروا)

- ‌فضل أبي هريرة رضي الله عنه في إكثاره من رواية الحديث

- ‌حكم القسم بوجه الله

- ‌أهمية تحري العالم الذي يسأل

- ‌حكم ترك النهي عن المنكر

- ‌من يتعامل مع البنوك الربوية اعتماداً على فتاوى بعض المفتين

- ‌فضل نشر العلم

- ‌شرح حديث: (تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن سمع منكم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن سمع منكم)

- ‌شرح حديث: (نضر الله امرأً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (نضر الله امرأً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه)

- ‌بيان أنه ليس من شرط الراوي أن يكون فقهياً ولا عاملاً بما علم

- ‌حكم رواية الحديث بالمعنى

- ‌بيان عدم صحة مقولة: كل محدث فقيه وليس كل فقيه محدثاً

- ‌شرح حديث: (والله لأن يهدي الله بهداك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (والله لأن يهدي الله بهداك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)

الفصل: ‌شرح حديث: (تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن سمع منكم)

‌شرح حديث: (تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن سمع منكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل نشر العلم.

حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا جرير عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم)].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في فضل نشر العلم، أي: فضل بذله وتعليمه وإبلاغه إلى الناس؛ ليعملوا به، فيكون من بلغه العلم يعلمه ويعمل به ويبلغه وينشره.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن سمع منكم).

وقوله: (تسمعون) هذا خطاب للصحابة لأنهم هم الذين سمعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وسمعوا حديثه وتلقوه منه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، فكل من سمع كلامه عليه الصلاة والسلام فإنه من أصحابه، ومن رآه ولم يسمع منه فهو من أصحابه عليه الصلاة والسلام.

فمن سمع كلامه ومن سمع حديثه فهو من أصحابه، ومعلوم أنه لا يسمع الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، فهم الذين جعلهم الله في زمانه ومكنهم من ذلك بخلاف الذين بعدهم فإنهم لم يروه ولم يسمعوا منه وإنما رأوا من سمع منه، وسمعوا ممن سمع منه، وعلى هذا فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين رأوا النبي عليه الصلاة والسلام وسمعوا كلامه.

وأما التابعون فقد رأوا من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع كلامه، أي: أن أعين الصحابة رأت النبي عليه الصلاة والسلام، وأما التابعون فلم يروا النبي صلى الله عليه وسلم ولكنهم رأوا الأعين التي رأت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن الصحابة.

فقوله: (تسمعون) أي: تسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (ويسمع منكم) أي: التابعون يسمعون من الصحابة، فالذين سمعوا الصحابة هم التابعون، والذين رأوا الصحابة هم التابعون.

وقوله: (ويسمع ممن سمع منكم) أي: أتباع التابعين يسمعون من التابعين الذين سمعوا من الصحابة، وهكذا كل جيل يسمع ممن قبله، وممن تقدمه ممن أدركه، وهكذا فيكون شرع الله الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناقله الناس منذ زمن الصحابة ويعملون به ويعبدون الله عز وجل وفقاً لهذا الحق والهدى الذي تلقاه الصحابة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتلقاه التابعون عن الصحابة، وتلقاه أتباع التابعين عن التابعين، وهكذا من بعدهم حتى دونت الكتب وألفت المؤلفات في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصار الناس يرجعون إلى هذه المؤلفات والمصنفات في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فقوله صلى الله عليه وسلم:(تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم) نظير قوله صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) فإن قرنه هم: أصحابه الذين سمعوا منه، والذين يلونهم هم: التابعون الذين سمعوا ممن سمع منهم، وأتباع التابعين هم: الذين سمعوا الذين سمعوا ممن سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا فيه بيان فضل العلم ونشره، وتناقله، وأن كل طبقة تورثه للطبقة التي تليها وهكذا، فطبقة الصحابة هم الذين سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم، وطبقة التابعين هم الذين سمعوا من الصحابة، وطبقة أتباع التابعين هم الذين سمعوا من التابعين، وطبقة أتباع أتباع التابعين هم الذين سمعوا من أتباع التابعين وهكذا.

وهذا الحديث ليس فيه دلالة على قلة أهمية السماع بعد عهد أتباع التابعين؛ لأن الأحاديث قد دونت في الكتب، فلا يدل على تقليل أهمية السماع، وإنما كما هو معلوم حصل بعد ذلك تدوين للكتب، وصار الناس يتوارثون هذه الكتب، والسماع كان موجوداً، فكم من مؤلف ومصنف بعد أصحاب الكتب الستة ممن كان في القرن الرابع أو القرن الخامس يروون بالأسانيد مثل: البيهقي ومثل: الطبراني ومثل: أبو عمر ابن عبد البر ومثل: الخطيب البغدادي، ففيهم من كان في القرن الرابع وفيهم من كان في القرن الخامس ومع ذلك كانوا يروون بالأسانيد: حدثنا فلان قال: حدثنا فلان.

وأما وجه دلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على أتباع التابعين فكأن المقصود أن هذا فيه إشارة إلى الطبقات الثلاث التي هي خير القرون، ولكن كما هو معلوم ليس معنى ذلك أن الأمر يقف عندهم؛ وإنما هذا بيان للطبقات الأولى الثلاث، ومن بعدها يأتي تبعاً لها والسلسلة متصلة.

ص: 27