المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٥٤٥

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[545]

- ‌التجاوز في الأمر

- ‌شرح حديث (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما)

- ‌شرح حديث (ما ضرب رسول الله خادماً ولا امرأة قط)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (ما ضرب رسول الله خادماً ولا امرأة قط)

- ‌شرح حديث (أمر نبي الله أن يأخذ العفو من أخلاق الناس)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أمر نبي الله أن يأخذ العفو من أخلاق الناس)

- ‌ما جاء في حسن العشرة

- ‌شرح حديث (كان النبي إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل ما بال فلان يقول

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (كان النبي إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل ما بال فلان يقول

- ‌حكم التصريح باسم الشخص إذا كان شره شائعاً

- ‌شرح حديث (أن رجلاً دخل على رسول الله وعليه أثر صفرة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً دخل على رسول الله وعليه أثر صفرة)

- ‌كلام محمد عوامة في نسبة سلم العلوي وسبب رد شهادته

- ‌شرح حديث (المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم)

- ‌شرح حديث (إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس لاتقاء فحشه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس لاتقاء فحشه)

- ‌كلام المنذري في اسم الرجل الذي استأذن على النبي

- ‌جواز غيبة الرجل من أجل التحذير من شره

- ‌الفرق بين المداراة والمداهنة

- ‌شرح حديث (أن رجلاً استأذن على النبي فقال النبي بئس أخو العشيرة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً استأذن على النبي فقال النبي بئس أخو العشيرة)

- ‌شرح حديث (إن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم)

- ‌شرح حديث (ما رأيت رجلاً التقم أذن رسول الله فينحي رأسه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (ما رأيت رجلاً التقم أذن رسول الله فينحي رأسه)

- ‌قول الألباني في صحة حديث أنس وحديث عائشة

- ‌ما جاء في الحياء

- ‌شرح حديث (أن النبي مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء)

- ‌شرح حديث (الحياء خير كله)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (الحياء خير كله)

- ‌شرح حديث (إذا لم تستح فافعل ما شئت)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إذا لم تستح فافعل ما شئت)

- ‌الأسئلة

- ‌الاعتماد على حديث (ما خير النبي بين أمرين إلا اختار أيسرهما) في تتبع الرخص في الفتاوى

- ‌حكم مداراة أهل الانحراف إذا خشي الإنسان شرهم

- ‌ضرورة معرفة حال من وقع في بدعة قبل المبادرة في الرد عليه والتشهير به

- ‌ترك عمل المنكر لمجرد خشية اطلاع الناس عليه ليس من الإيمان

- ‌الحياء يمنع من الكلام الفاحش

- ‌النهي عن الزعفران والعصفر للرجال في اللباس والطيب

- ‌حكم أداء العمرة عمن مات وهو تارك للصلاة

- ‌إطلاق لقب الإمام على من عنده أخطاء عقدية

- ‌الحكم على الحديث الضعيف الذي له شواهد تقويه

- ‌حكم قول: فال الله ولا فالك

- ‌حكم أخذ علوم النحو والبلاغة وغيرها ممن يعتقد عقائد الأشاعرة

- ‌حكم افتتاح جلسات تعليم القرآن وختمها بالدعاء

- ‌كيفية قضاء الصلوات الفائتة

- ‌مفارقة أهل السنة للمخالفين في العقائد

- ‌حكم الزيارة مع وجود بعض المعاصي عن المزور

الفصل: ‌شرح حديث (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما)

‌شرح حديث (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التجاوز في الأمر.

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله بها)].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في التجاوز في الأمر].

معنى ذلك الأخذ بالأيسر، والتسامح فيه، وعدم الأخذ بما هو شاق، وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، وما انتقم لنفسه صلى الله عليه وسلم قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله عز وجل.

ففيه: أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ما عرض له أمران أحدهما فيه مشقة والآخر فيه سهولة ويسر إلا اختار الأيسر والأسهل، إلا إذا كان ذلك الأيسر فيه إثم فإنه أبعد الناس عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وكذلك ما انتقم لنفسه، بمعنى أنه يسيء إليه من يسيء فيصفح ويتجاوز، ولا يقابل الإساءة بأن يعاقب عليها، بل يعفو ويصفح صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو لا ينتقم لنفسه، ولكنه ينتقم إذا كان ذلك الشيء يتعلق بالله عز وجل، وهذا يدلنا على كمال خلقه صلى الله عليه وسلم، وعلى شفقته على أمته وحرصه عليها، وعلى ابتعاده عن كل شيء يكون فيه مشقة وضرر عليها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يختار الأيسر في الأمرين الحاصلين اللذين لا بد من أخذ واحد منهما.

وقد ذكر صاحب عون المعبود معنى ذلك حيث قال: (قال القاضي: ويحتمل أن يكون تخييره صلى الله عليه وسلم هاهنا من الله تعالى فيخيره فيما فيه عقوبتان، أو فيما بينه وبين الكفار من القتال وأخذ الجزية، أو في حق أمته في المجاهدة في العبادة، أو الاقتصاد).

كان صلى الله عليه وسلم يخير بين القتال وبين أخذ الجزية، وأخذ الجزية أيسر من القتال؛ لأن أخذ الجزية فيه مصلحة؛ وهي أنهم يبقون تحت حكم الإسلام، وتطبق أحكام الإسلام بينهم، فيكون في مشاهدتهم لأحوال المسلمين، وفي تطبيق أحكام الإسلام ما يكون سبباً في دخولهم في الإسلام، بخلاف كونه يقاتلهم ويستأصلهم، فإن ذلك فيه مضرة وقد تفوت هذه المصلحة التي تحصل بأخذ الجزية، وهي أسهل من القتال لما يترتب عليها من التمكن من الدخول في الإسلام بعد مشاهدة حسنها وفائدتها ومصلحتها.

وكذلك يخير بين عقوبتين فإنه يختار أيسرهما وهي الأخف.

وكذلك في حق أمته في المجاهدة في العبادة أو الاقتصاد، أي: الاجتهاد في العبادة والإكثار منها، أو الاقتصاد والتوسط وعدم الإكثار، ومعلوم أن الإكثار الذي يحصل معه الملل ثم الانقطاع ليس بمحمود، ولكن القليل الذي يدوم ويتمكن من الإتيان به والمداومة عليه هو الذي فيه المصلحة؛ ولهذا ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)؛ لأن قليلاً تداوم عليه، خير من كثير تنقطع عنه، والإنسان إذا اجتهد في وقت من الأوقات، ثم كسل وحصل له الملل وترك العمل نهائياً فهذا سيئ، ولكن كونه يأتي بشي قليل ويداوم ويستمر عليه على مدى الأيام فإن هذا أولى، كأن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فهذا أفضل من أن يصوم شهراً أو شهرين ثم يتعب ويترك، وكذلك كونه يكثر من العبادة فيمل ويترك فهذا سيئ، وخير منه أن يحافظ على شيء قليل محدد يداوم عليه.

قوله: [(ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً)].

(ما لم يكن إثماً) هذا يكون فيما بينه وبين الناس، يعني: التخيير في أمور تجري بينه وبين الناس.

قوله: [(فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله بها)].

يعني: أنه يتجاوز عن حقه ويصفح، ولا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله فإنه ينتقم لله عز وجل وليس لنفسه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

ص: 3