المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في التسمية عند الوضوء: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في التسمية عند الوضوء:

على كل حال إذا خشي الإنسان على نفسه، ودار بعض المدارة لعامة الناس بحيث لا يرتكب محظور ولا يترك واجب، تقدم الكلام في المدارة، والمسألة كما يقرر أهل العلم في الهجر والوصل علاج، إذا كان الأنفع والأجدى هو الأصل على ألا يظن بالإنسان الموافقة للمخالف، يعني مع بيان ما هو عليه من حق، فإذا كان الهجر يزيده في شره ويسلطه على الأخيار فمثل هذا يتقى بقدر الإمكان على ألا يفهم منه الموافقة على البدعة، وإلا فالأصل هجر المبتدع.

سم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في التسمية عند الوضوء:

حدثنا نصر بن علي الجهضمي وبشر بن معاذ العقدي قالا: حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال المري عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب عن جدته عن أبيها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) قال: وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وسهل بن سعد وأنس.

قال أبو عيسى: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد، وقال إسحاق: إن ترك التسمية عامداً أعاد الوضوء، وإن كان ناسياً أو متأولاً أجزأه، قال محمد بن إسماعيل: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن.

قال أبو عيسى: ورباح بن عبد الرحمن عن جدته عن أبيها وأبوها: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبو ثفال المري اسمه: ثمامة بن حصين، ورباح بن عبد الرحمن هو أبو بكر بن حويطب، منهم من روى هذا الحديث فقال: عن أبي بكر بن حويطب فنسبه إلى جده.

حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا يزيد بن هارون عن يزيد بن عياض عن أبي ثفال المري عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب عن جدته بنت سعيد بن زيد عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبه أجمعين، أما بعد:

ص: 6

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في التسمية عند الوضوء" يعني قول: بسم الله، في بدايته يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:"حدثنا نصر بن علي بن نصر الجهضمي" ثقة ثبت، توفي سنة خمسين ومائتين "وبشر بن معاذ البصري" الضرير العقدي أبو سهل صدوق من العاشرة "قالا: حدثنا بشر بن المفضل" بن لاحق الرقاشي أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت، عابد من الثامنة "عن عبد الرحمن بن حرملة" بن عمر الأسلمي، صدوق ربما أخطأ "عن أبي ثفال المري" ثمامة بن وائل بن حصين مشهور بكنيته مقبول من الخامسة، وقال البخاري: في حديثه نظر، مختلف في تضعيفه وتقويته، ولذا اختار الحافظ أنه مقبول والعادة أن من يصفه بأنه مقبول يكون فيه كلام كثير لأهل العلم، يختلف فيه اختلافاً كثيراً، وإن لم يكن مكثراًَ من الرواية، مقل من الرواية وليس في حديثه ما يترك حديثه من أجله، لكن قبوله يحتاج إلى متابع فإن توبع فمقبول وإلا فلين، يقول الإمام البخاري: في حديثه نظر، وهذا جرح شديد، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- عفيف اللسان في الجرح، عفيف جداً، قد يكذبه ابن معين وأبو حاتم وجمع من أهل العلم ثم يقول البخاري: في حديثه نظر، أو فيه نظر، فهذا جرح شديد عند الإمام البخاري، وهو عند غيره غمز يسير، وليس بشديد، وعلى هذا إذا قيل في الراوي: فيه أو في حديثه نظر فإنه شديد الضعف عند الإمام البخاري.

ص: 7

"عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب" المدني، مقبول أيضاً "عن جدته" أسماء بنت سعيد بن زيد بن نفيل، أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، يقال: إن لها صحبة، يعني قال بعض أهل العلم: إنها صحابية، وذكرها الحافظ الذهبي في المجهولات من النساء "عن أبيها" زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المبشرين بالجنة "قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم" الأصل قالت وإلا قال؟ قال؛ لأنها تروي عن أبيها ويش عندك؟ ويش عندك؟ نعم حتى في طبعة الشيخ أحمد شاكر مع أنه من أهل التحري والعناية يقول: قالت مع أنها تروي عن أبيه، فالأصل أن يقال: قال، والفاعل ضمير مستتر يعود إلى مذكر لا يجوز تأنيثه بحال "قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) " هذا الحديث لو صح لكان نص على أن التسمية ركن أو شرط من شروط الضوء، كما أنها شرط لصحة التذكية، التسمية شرط لصحة التذكية، فلو صح مثل هذا الحديث لما صح الوضوء إلا بالتسمية، لكن الكلام في الحديث كثير، ولذا الجمهور على عدم وجوبها، ومنهم من يقدر على تقدير ثبوته: لا وضوء كامل، فإذا قدرنا: لا وضوء كامل فلا تشترط التسمية، ولا تكون ركناً من أركان الوضوء، وعلى كل حال لو صح لكان الظاهر من اللفظ الاشتراط، لكان الظاهر من اللفظ الاشتراط، لكن الخبر فيه كلام كثير لأهل العلم، ومر بنا ما في بعض رواته من الضعف.

قال الترمذي: "وفي الباب عن عائشة" أخرجه البزار وابن أبي شيبة وابن عدي بسند ضعيف "وأبي سيعد" عند أحمد والدارمي وابن ماجه "وأبي هريرة" عند أحمد وابن ماجه والترمذي في العلل والدارقطني والحاكم، لكنه ضعيف "وسهل بن سعد" عند ابن ماجه والطبراني "وأنس" عند ابن حبيب عبد الملك بن حبيب في مصنفه، وكلها ضعيفة، يعني جميع ما جاء في الباب لا يثبت بمفرده، جميع الأحاديث الواردة في الباب على كثرتها لا تثبت بمفردها، لكن بمجموعها ولكثرتها يرى بعض أهل العلم أنها لكثرتها تدل على أن للتسمية أصلاً يرجع إليه، ويركن إليه، ويؤنس به.

ص: 8

"قال أبو عيسى: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد" والإمام أحمد يتحدث عن مفردات هذه الأحاديث، وقال البزار: كل ما روي في هذا الباب فليس بقوي، وقال ابن حجر الظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن لها أصلاً، يعني كلام أحمد والبزار نظر إلى المفردات، مفردات هذه الأحاديث، وأنه لا يوجد واحد منها يثبت بنفسه، وكلام ابن حجر يقويها مجتمعة، فاجتماعها وكثرتها تدل على أن لها أصل.

"وقال إسحاق: إن ترك التسمية عامداً أعاد الوضوء، وإن كان ناسياً أو متأولاً أجزأه" تركه متعمداً أعاد الوضوء، وإن تركها ناسياً أو متأولاً أجزأه.

ص: 9

قول إسحاق بناءً على أن التسمية ركن وإلا شرط وإلا واجبة؟ واجبة، إذ لو كانت ركناً أو شرطاً ما عذر فيها الناسي، فدل على وجوبها عنده، ولو كانت مستحبة لما أمر بالإعادة بالنسبة للذاكر فهي عنده واجبة ليست بركن ولا شرط، وليست مستحبة فقط، وهذا قول الظاهرية وأحدى الروايتين عن أحمد القول بوجوبها، يوجبونها على العامد دون الناسي، وذهبت الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنها سنة، ذهب جمهور أهل العلم الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنها سنة وليست بواجبة، واحتج لهم بحديث:((من توضأ وذكر اسم الله كان طهور لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهور لأعضاء وضوئه)) لكنه حديث ضعيف جداً، رواه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر بسند فيه متروك، فلا يثبت به حكم، عرفنا من يقول بالوجوب أحمد وإسحاق وقول أهل الظاهر والأئمة الثلاثة على استحبابها، موقف الأئمة من حديث الباب، الذي لا يثبت الحدي لا يقول بوجوبها، والذي يثبت الحديث قد يقول بوجوبها، وقد يقول باستحبابها، كيف يقول بوجوبها مع ثبوت ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه))؟ والأصل أن مثل هذا النفي مثل ((إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) ((لا تقبل صلاة بغير طهور)) أما بالنسبة للحنفية فالقاعدة عندهم أن الزيادة على النص نسخ، يعني لو ثبت الحديث عندهم فهو زيادة على النص في كتاب الله؛ لأنه ليس فيه ذكر للتسمية، فيه ذكر الفروض الأربعة، وليس فيه ذكر للتسمية فهو زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ عندهم، والآحاد لا ينسخ القرآن لأنه قطعي، هذا بالنسبة للحنفية، بالنسبة للشافعية والمالكية، إذا اثبتوا الحديث فإما أن يقولوا: لا وضوء كامل وهنا يتجه القول بالسنية أو يقول: إن الحديث لا يثبت والاستحباب إنما هو مجرد استرواح للخروج من الخلاف، خشية أن يثبت الخبر، بعض أهل العلم يميل إلى أنه إذا لم يثبت الخبر الموجب فأقل الأحوال أن يقال بالسنية خروجاً من الخلاف، وعلى كل حال الحديث فيه كلام طويل لأهل العلم، والإمام البخاري يقول فيما نقله الترمذي عنه "قال محمد بن إسماعيل: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن" أي الذي تقدم حديث الباب، وقال أحمد

ص: 10

وإسحاق: أصح حديث في التسمية حديث أبي سعيد، حديث أبي سعيد مخرج عند أحمد والدارمي وابن ماجه على ما تقدمت الإشارة إليه.

"قال أبو عيسى: ورباح بن عبد الرحمن عن جدته عن أبيها وأبوها: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبو ثفال المري اسمه: ثمامة بن حصين" نسبه المؤلف لجده وإلا فهو ثمامة بن وائل بن حصين "ورباح بن عبد الرحمن هو أبو بكر بن حويطب، منهم من روى هذا الحديث فقال: عن أبي بكر بن حويطب فنسبه إلى جده" يعني جد أبيه وإلا فهو رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، فنسبته إلى جد أبيه.

قال رحمه الله: "حدثنا الحسن بن علي -بن محمد الهذلي- الحلواني" أبو علي الخلال ثقة حافظ، توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين "قال: حدثنا يزيد بن هارون" بن زاذان السلمي مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن، توفي سنة ست مائتين، فعندنا الحسن بن الحلواني ثقة حافظ، ويزيد بن هارون ثقة أيضاً "عن يزيد بن عياض" الليثي أبو الحكم المدني كذبه مالك "عن أبي ثفال المري عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب عن جدته بنت سعيد بن زيد عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله".

فهذه متابعة من يزيد بن عياض لمن؟ لعبد الرحمن بن حرملة، نعم يزيد بن عياض يتابع عبد الرحمن بن حرملة، لكن متابعته لا تغني شيئاً، ولا تجدي في هذا الباب؛ لأن ضعفه شديد كذبه مالك، فمثل هذا لا يستفاد من متابعته التقوية، كما هو معروف عند أهل العلم.

ص: 11

يقول ابن العربي في عارضة الأحوذي: قال علمائنا: إن المراد بهذا الحديث: ((لا وضوء لمن لم يذكر الله اسم الله عليه)) يقول ابن العربي: قال علمائنا: إن المراد بهذا الحديث النية، وليس المراد به التسمية؛ لأن الذكر لمن لم يذكر؛ لأن الذكر يضاد النسيان، والشيئان إنما يتضادان بالمحل الواحد، فمحل النسيان والذكر متفاوت في القلب وذكر القلب هو النية، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ لمن لم يذكر اسم الله عليه ظاهر اللفظ، هو الذي فهمه عامة أهل العلم أن المراد التسمية {وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة الأنعام] يعني الذي ما يقال فيه: بسم الله، هذا الظاهر من اللفظ ولم يختلفوا في وجوب التسمية في التذكية، ولم يقل أحد: إن النية تكفي؛ لأن الذكر يضاد النسيان، نعم النية شرط لصحة الوضوء إلا ما يذكر عن أبي حنيفة أنها ليست بشرط، ويشترطها في التيمم دون الوضوء، النية شرط لصحة الوضوء لحديث:((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) ودخل في ذلك جميع أبواب الدين.

ص: 12

يقول ابن العربي: يقول علمائنا: إن المراد بهذا الحديث النية؛ لأن الذكر يضاد النسيان والشيئان إنما يتضادان بالشيء الواحد فمحل الذكر والنسيان متفاوت في القلب، وذكر القلب هو النية، يريد أن يخرج الحديث على معنى له ما يشهد له من الأحاديث الصحيحة، وهو حديث: الأعمال بالنيات، فكثرة طرق والأحاديث في هذا الباب هي أحاديث لأنها مروية عن جمع من الصحابة كثرتها تدل على أن لها أصلاً، فابن العربي يريد أن يوجه هذه الأحاديث الواردة في الباب مع ما لا يتعارض مع مذهبه الذي لا يوجب التسمية، الذي لا يوجب التسمية، بل يذهب إلى أبعد من ذلك فيرى ابن العربي أن التسمية كما أنها لا تجب أيضاً لا تستحب، لماذا؟ لأن النص الذي يثبت به الاستحباب هو النص الذي يثبت به الوجوب، فإذا لم نثبته دليلاً على الوجوب حينئذٍ لا يثبت دليلاً على الاستحباب، يعني هل يمكن أن يكون نص واحد يثبت أو لا يثبت؟ أو يستدل به ولا يستدل به في آن واحد؟ هو ما يرى مثل هذا الكلام، يعني إذا لم نقل بوجوب التسمية لثبوت الخبر، فإذا لم نثبت الخبر دليلاً على الوجوب فإننا لا نثبته دليلاً على الاستحباب لأن المناط واحد، المتعلق واحد، الجهة واحدة غير منفكة، يعني ما يكون جهة إثبات وجهة نفي والمناط واحد ما يمكن، لكن الذين قالوا بالاستحباب قالوا: الخروج من الخلاف خشية أن يثبت دليل المخالف مع أن من لم يذكر اسم الله عليه وضوؤه صحيح، فإذا ذكر وسمى الله -جل وعلا- على وضوئه ما تضرر، فإن ثبت الخبر فبها ونعمت وإن لم يثبت فإنه حينئذٍٍ لا يتضرر، لكن القول بالاستحباب حكم شرعي لا يثبت إلا بما يثبت به الوجوب، حينما يقال: هذا الحديث إن لم يدل على الوجوب فأقل ما يستدل به على الاستحباب، يعني التنظير المطابق لمثل هذا القراءة الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام بأسانيد صحيحة لكنها خارجة عن المصحف، هي لا تثبت قرآن، لكن هل يجب العمل بها أو لا يجب؟ هي ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام، إذا تأملنا في التطبيق، يعني في التنظير في هذه المسألة على المسألة التي معنا بان لنا الوجه الذي ذهب إليه ابن العربي، ابن العربي يقول: إذا نفينا الحديث ننفيه بالكلية، إيش معنى ننفيه من

ص: 13

جهة ونثبته من جهة؟ لأن المتعلق واحد هو الثبوت، فإن ثبت دل على الوجوب وإلا فلا، لا وجوب ولا استحباب، هذه القراءة التي ثبتت عن النبي عليه الصلاة والسلام بأسانيد صحيحة وقرأ بها بعض الصحابة مما لم يثبت في مصحف عثمان، هي لا تثبت قرآن ولا تصح الصلاة بها، لكن هل يعمل بمقتضاها "صيام ثلاثة أيام متتابعة"، "فقطعوا أيمانهما"؟ يجب العمل بهذا القراءة ونحن لا نثبتها قرآن؟ يعني مرد المسألتين هو الثبوت وعدمه، فإن أثبتنا رتبنا جميع ما يتعلق بالثبوت، وإذا نفينا الثبوت نفينا جميع ما يتعلق بالثبوت، فمن أهل العلم من يقول: إذا لم تثبت قرآن لا يستدل بها لأننا لا يمكن أن نحكم بأنه ثابت من وجه غير ثابت من وجه الثبوت جهة واحدة، فلا نعمل بالقراءة إذا لم نثبتها قرآن هي ما ذكرت على أساس أنها خبر عن النبي عليه الصلاة والسلام من الأخبار النبوية إنما رويت على أنها قرآن ولو لم نثبتها قرآن، هذه حجة من يقول: لا يستدل بها ولا يحتج بها، ومن يقول: إنه يحتج بها ويستدل بها يقول: لم نثبتها قرآن؛ لأنه يطلب لثبوت القرآن أكثر مما يطلب لثبوت السنة، فأقل الأحوال إذا لم تثبت قرآن وأسانيدها صحيحة أقل الأحوال أن تكون في حكم الخبر النبوي، والحكم الشرعي يثبت بالحديث النبوي وبالقراءة التي لا تثبت على أنها قرآن، بعد هذا التنظير نعود إلى كلام ابن العربي ابن العربي يقول: إذا لم نثبت الوجوب لأننا لا نثبت هذه الأحاديث فالاستحباب أخ الوجوب، الاستحباب أخ الوجوب، وكلاهما يحتاج إلى دليل، والاستحباب والوجوب من الأحكام الشرعية، والأحكام لا تثبت بالضعيف، عامة أهل العلم على أن الأحكام لا تثبت إلا بما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، سواء كان صحيحاً أو حسناً، أما الضعيف فلا يثبت به حكم شرعي، يثبتون به الفضائل، الجمهور يثبتون بالضعيف الفضائل، وقد يقول قائل: إن هذه فضائل، فإذا قلنا: إن مثل التسمية فضيلة من الفضائل، وأنها تندرج تحت أصل عام، والضعف ليس بشديد، وعند العمل بها لا يعتقد الثبوت وإنما يعتقد الاحتياط هذه يشترطها أهل العلم للعمل بالضعيف في الفضائل، وقالوا: إن التسمية من الفضائل، لكن إذا قلنا: إن التسمية من الفضائل، وقلنا

ص: 14

باستحبابها أتينا على أصل الجمهور بالنقض، لماذا؟ لأن الضعيف لا يثبت به أحكام، والاستحباب حكم شرعي اتفاقاً، ولهذا يذهب جمعٌ من أهل التحقيق أنه لا يثبت بالضعيف ولا الفضائل؛ لأن مؤدى الفضيلة إثبات أجراً مرتب على هذه الفضيلة، وإذا ترتب الأجر على الفعل ولم يترتب الإثم على الترك فهذه حقيقة المستحب، والمستحب والمسنون والمندوب مترادفة لحكم شرعي، وهو ما طلبه الشرع لا على سبيل الإلزام والإيجاب.

قال: وكما لا تجب كذلك لا تستحب، وقد سئل مالك عن ذلك، سئل مالك عن التسمية على الوضوء، فقال: أتريد أن تذبح؟ إشارة إلى أن التسمية إنما هي مشروعة عند الذبح، لكن التسمية مشروعة عند الذبح وغير الذبح، عند دخول المنزل، وعند إغلاق الباب، وعند الأكل، وعند الشرب، مشروع في كثير من الأعمال، فليست خاصة بالذبح ليقال: أتريد أن تذبح؟ على كل حال سمعنا ما في الحديث من ضعف وأن جميع ما في الباب لا يثبت به حكم بمفرداته وإن كان مجموع الأحاديث لكثرتها تدل على أن لهذه المسألة أصلاً يجعل لمن قال بالوجوب أو الاستحباب وجه.

ص: 15

الشيخ: أحمد شاكر رحمه الله بعدما سمعنا في كلام أهل العلم في أبي ثفال وقول البخاري: في حديثه نظر، الشيخ رحمه الله يقول: إسناد حديث الباب وهو حديث سعيد بن زيد إسناد جيد حسن، فأبو ثفال المري ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: في القلب من حديثه هذا، فإنه اختلف فيه عليه، ورباح بن عبد الرحمن قاضي المدينة ذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين، وجدته هي أسماء بنت سعيد بن زيد، قال الحافظ في التلخيص: قد ذكرت في الصحابة وإن لم يثبت لها صحبة فمثلها لا يسأل عن حالها، مثلها لا يسأل عن حالها يعني هي مختلف في صحبتها أو هي من كبار التابعين، وبنت سعيد بن زيد أحد العشرة المشهود لهم بالجنة فمثلها يعني تميل النفس إلى أنها ثقة، بل زاد الحافظ فقال: إن مثلها لا يسأل عن حالها، وقولهم في الراوي: فلان لا يسأل عن مثله في أعلى درجات التوثيق، لكن هل يلزم من كون المرء ذكراً كان أو أنثى نشأ في بيت صالح أن يكون ثقة؟ لا، المسألة مترددة بين كونها صحابية أو من كبار التابعين الذين قرر ابن الصلاح أنهم من الذين تقادم العهد بهم، وأنهم في القرون المفضلة، فمثلهم لو قيل بتوثيقهم لما بعد، وارتفاع الجهالة عنهم بذلك، وإلا فالحافظ الذهبي عدها في المجهولات من النساء.

ص: 16