الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما تفعل المحرمة للحج إذا حاضت
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ما تفعل المحرمة إذا حاضت: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نُرى إلا الحج، فلما كان بسرف حضت، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: مالكِ أنفستِ؟ فقلت: نعم.
قال: هذا أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت، وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر).
هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه دليل على أن المحرمة إذا حاضت بعد أن أحرمت قبل الطواف في البيت؛ فإنها تفعل ما يفعل الحاج، والحديث مختصر في أنها تحرم بالحج وتلبي بالحج، إذا أحرمت بالعمرة وجاء الحج وهي على حالها فإنها تتم بالحج.
وعائشة رضي الله عنها أحرمت بالعمرة، ولما كانت بسرف -وهو مكان قريب من مكة- حاضت فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال:(مالكِ أنفستِ؟) فيه دليل على أن الحيض يسمى نفاساً.
(قالت: نعم.
قال: هذا أمر كتبه الله على بنات آدم) وهذا فيه إثبات الكتابة لله عز وجل، وهي من الصفات الفعلية، وفيه أن الحيض كان على بنات آدم من قديم، وفيه الرد على من قال: إن الحيض ما كان إلا على بنات بني إسرائيل، جاء عن بعضهم أنه قال: إن أول ما وقع كان على بنات بني إسرائيل، وهذا الحديث الصحيح يرده، وأن الحيض في النساء قبل بني إسرائيل، قال:(هذا أمر كتبه الله على بنات آدم).
وجاء في البخاري عن بعضهم أو غيره أنه ذكر قصة في هذا أنه حدث الحيض لبنات بني إسرائيل، وهذا غير الصحيح، والحديث صحيح يرد هذا، وأن الحيض مكتوب على بنات آدم.
وفيه: أن الحائض تقضي ما يقضي الحاج، إلا أنها لا تطوف بالبيت، تفعل جميع المناسك، تقف في عرفة، وتقف في مزدلفة، وترمي الجمار، وتذبح، وتقصر من شعرها، وتفعل جميع ما في الحج إلا الطواف، فلا تطوف حتى تطهر، والحديث مختصر، وفيه أن عائشة رضي الله عنها لما خرجت للعمرة وقربت من مكة من سرف حاضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر وهو أطول من هذا:(ارفضي عمرتكِ واغتسلي وامتشطي وأهلي بالحج) فأحرمت للحج واغتسلت لإهلالها بالحج.
(واغتسلي وامتشطي)، فأمرها بالاغتسال، (وأهلي بالحج)، فأحرمت بالحج، واغتسلت لإهلالها بالحج.
قوله: (وامتشطي) ليس المراد بمشط وإنما بيديها، فمعنى: مشطت شعرها، أي: نقضته بيديها وأعادته، بدون المشط الذي يقطع الشعر، ثم أحرمت بالحج، وفعلت ما يفعل الحاج، ثم طافت وسعت وقصرت لما حلت وطهرت، فصارت قارنة، ثم بعد ذلك ما طابت نفسها، فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمرها عمرة مستقلة كما حصل لصواحباتها، فأمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم.
وفيه دليل على أن الحائض تغتسل، وكذلك النفساء تغتسل لإهلالها بالحج والعمرة، وتفعل جميع المناسك ما عدا الطواف بالبيت.