المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما ينهى من سب الأموات - شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان - جـ ١٧

[أسامة سليمان]

الفصل: ‌باب ما ينهى من سب الأموات

‌باب ما ينهى من سب الأموات

قال البخاري: [باب: ما ينهى من سب الأموات.

وباب: ذكر شرار الأموات] أما ما ينهى عن سب الأموات فجاء: من طريق عائشة رضي الله عنها قالت: [قال صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)].

ثم جاء بالحديث الأخير في كتاب الجنائز قال: [قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبي صلى الله عليه وسلم: تباً لك سائر اليوم فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]].

البخاري يريد أن يقول بأن الحديث الأول يعارض الثاني سب الأموات: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]، فيه سب أم لا؟ فيه.

ثم في الحديث الأول: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، كيف نجمع بين النصين؟ إما أن يكون السب للمشركين والكفار بعد موتهم وهذا لا بأس به، كمقام الغيبة في أحوالها الستة جائزة: القدح ليس بغيبة في ستة متظلم ومعرف ومحذر ولمظهر فسقاً ومستفتٍ ومن طلب الإعانة في إزالة منكر فالحديث الأول ينهى عن سب الأموات من المسلمين، والحديث الثاني يشير إلى سب الأموات من الكفار والمشركين، هذا ما انتهى إليه البخاري من أقوال العلماء، وذلك يحتمل أجوبة: أن الذي كان يحدث عنه بالشر كان مجاهراً به فيكون من باب (لا غيبة لفاسق)، أو منافقاً، والمعنى: لما مرت جنازة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال الصحابة لها: (وجبت)، ثم قال للثانية أيضاً:(وجبت)، فلما سألوه عن ذلك، قال:(أما الأولى ذكرتموها بالعمل الصالح والخير فوجبت لها الجنة، وأما الثانية ذكرتموها بالشر فوجبت لها النار).

يقول ابن حجر: ذكر الثانية بشر وذكر الأولى بخير، وهذا يشير إلى ما قلت: أن ذكر محاسن الأموات بالنسبة للمسلم أصل، وذكر شرار الأموات بالنسبة للمشركين جائز، ولذلك قول أمنا عائشة:(لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، تشير إلى أموات المسلمين، و {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]، تشير إلى موتى المشركين.

وإلى هنا انتهى البخاري رحمه الله تعالى في ثمانية وتسعين باباً من كتاب الجنائز.

نسأل الله عز وجل أن يعلمنا من ديننا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وفي السر والعلن؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ص: 10