الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح صحيح البخاري (1)
مقدمة في صحيح البخاري
الشيخ / عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فلسنا بصدد التعريف بالسنة، وبيان أهمية السنة وحجية السنة، كل هذا مضى الحديث فيه مراراً ولا حاجة داعية لتكرار ذلك، فالسنة من حيث الاحتجاج بها وكونها وحياً من عند الله كما في قوله - جل وعلا -:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [سورة النجم3 - 4] وأنه لم يخالف في الاحتجاج بها إلا بعض طوائف المبتدعة، وأهل السنة قاطبة على الاحتجاج بها؛ لما ثبت منها ويوافقهم في ذلك بعض أو كثير من طوائف البدع يحتجون بالسنة، كالمعتزلة فتجد كتبهم طافحة بالاستدلال من صحيح البخاري وغيره وإن نازعوا في خبر الواحد مثلاً لكنهم في الجملة يحتجون بما في كتب أهل السنة من نصوص، وكذلك الزيدية، وغيرهم من طوائف المبتدعة.
لكن يخالف في ذلك الغلاة من الخوارج والروافض وغيرهم ولا عبرة بهم، ولا اعتداد بقولهم وفاقاً ولا خلافا، وإذا تقرر هذا فالسنة إذا ثبتت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام فالوحي المفسر للقرآن وهي: البيان الذي جاء النبي عليه الصلاة والسلام مبيناً لكتاب الله - جل وعلا - بها.
لسنا بحاجة إلى تكرار ذلك، وقد تكلمنا فيه مراراً في مقدمات الكتب وفي دروس مستقلة، ولكن ما يتعلق بصحيح البخاري الذي نبدأ شرحه إن شاء الله تعالى، أما بالنسبة للإمام البخاري فمعروف لدى الخاص والعام: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزِبه البخاري الجعفي مولاهم، المولود سنة أربع وتسعين ومائة، والمتوفى سنة ست وخمسين ومائتين.
أخباره مدونة في كتب التراجم، سواء كان منها المفردة فقد ألف في ترجمته كتب كثيرة، وأدرج ترجمته مطولة في كتب التراجم، وكان له النصيب الأوفر، والحظ الأوفى من هذه الكتب، فلسنا بحاجة أيضاً إلى الإفاضة بذكر ترجمته، ولو ذكرنا جميع ما يتعلق به لضاق المقام عن شرح الكتاب؛ لأنه مدرسة - رحمه الله تعالى - في الحديث وفي الفقه، أما بالنسبة للصحيح "صحيح البخاري " الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله - جل وعلا - عند جماهير الأمة.
أول من صنف في الصحيح
…
محمد وخص بالترجيح
ومسلم بعد وبعض الغرب
…
مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع
أول من صنف في الصحيح
…
محمد وخص بالترجيح - يعني على غيره من الكتب -
ومسلم بعد -يعني بعد البخاري- وبعض الغرب** مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع
عامة أهل العلم يرجحون البخاري، وهم يتفقون على أن الصحيحين أصح الكتب، لكن البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد.
ومن رجح صحيح مسلم إما لكونه لم يمعن النظر في صحيح البخاري عموم المغاربة وأهل الأندلس عنايتهم بصحيح مسلم ظاهرة، فتجد في كتبهم الاستدلال بأحاديث يعزونها إلى صحيح مسلم وهي موجودة في البخاري، ما يدل على أن عنايتهم بمسلم أكثر؛ لقرب الفائدة منه، مسلم مرتب ترتيباً واضحاً والأحاديث مجموعة في مكان واضح لا لبس فيها ولا غموض، وأما بالنسبة لصحيح البخاري فاستخراج الأحاديث منه فيه غموض وفيه وعورة، ذلكم أن البخاري - رحمه الله تعالى - يعمد إلى الطريق الأدق في الاستنباط، ويفرق الحديث في مواضع كثيرة من صحيحه تبلغ أحياناً عشرين موضعاً، - الحديث الواحد يقطعه في عشرين موضعاً-.