الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمدة الأحكام -
كتاب الصيام (3)
تابع لباب أفضل الصيام - باب ليلة القدر
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
ولا يدخل هذا لا في الغيبة ولا في النميمة، فالمخبر أراد أن يؤصل الفعل تأصيلاً شرعياً من قِبل النبي عليه الصلاة والسلام، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هناك ضرر متعدي، أو منكر تجب إزالته فمن الصحابة من قال:"لأخبرن بك رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهذا أيضاً لا مانع منه، إذا خشي الضرر من فلان، ونصح ولم ينتصح، خشي الضرر المتعدي مثل هذا يخبر عنه، ويبلغ عنه "أُخبر النبي صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله -واو قسم- لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" أخبره النبي عليه الصلاة والسلام بالأفضل، فهل يلزمه كفارة أو لا يلزمه كفارة؟ لأنه أقسم؟ وهذا من باب ((والله إني لا أحلف على شيء فأرى غيره خيراً منه إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)) وفي رواية: ((كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير)) المقصود أن في مثل هذا اليمين -مثل هذا القسم- فيه الكفارة، فالذي وجهه إليه النبي عليه الصلاة والسلام خير مما حلف عليه، ففيه الكفارة، "والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" عبد الله بن عمرو بن العاص من عباد الصحابة كما هو معروف من حرصه على الخير من حرصه على الخير قال هذا الكلام، "والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أنت الذي قلت ذلك؟ )) ما قال له النبي عليه الصلاة والسلام مباشرةً لم قلت ذلك؟ احتمال أنه لم يثبت عنه، يتأكد عليه الصلاة والسلام، ((أنت الذي قلت ذلك؟ )) لأن بعض الأخبار تنقل خطأ.
. . . . . . . . .
…
وما آفة الأخبار إلا رواتها
قد ينقل كلام والناقل يريد الخير؛ لكنه لا يحسن النقل، ثم إذا اتهم هذا الشخص الذي نقل عنه بما نسب إليه مباشرةً من غير تقريرٍ له، مثل هذا لا شك أنه يوقع في حرج، وهذا أدب نبوي الذي دخل المسجد وجلس، ما قال له النبي عليه الصلاة والسلام:((قم فصل ركعتين)) سأله بكل أدب ((هل صليت ركعتين؟ )) قال: لا قال: ((قم فصل ركعتين)) مثل هذا لا يهجم الإنسان على مجرد ظنه أو وهمه أو لمجرد خبرٍ بلغه، لا بد أن يتأكد، ((أنت الذي قلت ذلك؟ )) عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما من حرصه على الخير مندفع فيأتيه العلاج النبوي ومثل هذا كيف يعالج؟ المندفع، كيف يعالج؟ يبدأ بالأشد أو بالأخف؟ المندفع؟ يجي شخص، يجي طالب مثلاً يقول: أنا والله أريد أن أقرأ القرآن في ثلاثة أيام، أبي أختم كل ثلاث، قال له: يا أخي وين أنت والثلاث، عثمان يختم في ركعة؟ وين أنت عن سلف الأمة؟ يقال له هذا الكلام؟ أو يقال له: اقرأ القرآن في سبع ولا تزد؟ نعم المندفع يواجه بما يناسبه من حلول، بخلاف المفرط لو جاء شخص يقول: ما يقرأ القرآن إلا من رمضان إلى رمضان، وغير ذلك من الأشهر ما يفتح المصحف؟ نقول له: يا أخي وين أنت؟ الختمة ثلاثة ملايين حسنة يا محروم وين أنت؟ المفترض أن تستغل كل لحظة من لحظاتك في قراءة القرآن، وسلف الأمة الذي يقرأ في يومين، مرتين في اليوم، والذي يختلف في ثلاث وهذا كثير، يعالج بمثل هذا ويا لله، النبي عليه الصلاة والسلام بدأ بعبد الله بن عمرو بالأخف، المسألة مسألة علاج، النصوص الشرعية علاج للأدواء، لأمراض المجتمعات، وكل شخص يعالج بما يناسبه، وقل مثل هذا في البلدان، اختلاف طباع أهلها، والمجتمعات، لو جئت إلى مجتمعٍ منصرف، ما هو بهم الدين، ولا بهم العبادة، هم مسلمون في الجملة، لكنهم مفرطون، تجيب لهم نصوص الوعد، ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله ثم صلى ركعتين لا يحدث بها نفسه دخل الجنة من أي أبوابها الثمانية)) يقال له مثل هذا؟ يقول: يكفينا هذه النعمة؛ لكن مثل هذا يعالج بنصوص الوعيد، من أجل إيش؟ أن يرد إلى حظيرة الالتزام، هذا منصرف لا بد من شيء يكبح جماحه، يرده، بخلاف ما لو كنت في مجتمع أو في
محيط أو في بلد فيه تشديد وتطرف وغلو مثل هذا لا تجيب له نصوص الوعد؛ لأنك لو جبت لهم نصوص الوعيد إيش بيصيرون؟ يبي يزيدون، فأنت تحتاج إلى أن تكسر من حدتهم بنصوص الوعد، وهذا الرسول عليه الصلاة والسلام يعالج ما عند عبد الله بن عمرو بن العاص من اندفاع.
فقلت له: "قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله" يفديه بأمه وأبيه، وهذا من تعظيمهم للنبي عليه الصلاة والسلام، والتفدية جائزة، سواء كان الأب والأم حيين أو ميتين، والنبي عليه الصلاة والسلام فدى سعد بن أبي وقاص بأبيه وأمه عليه الصلاة والسلام.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان القصد منها يفديه يعني يفدي ما بقي من سنته، وما بقي من اتباعه، لا بأس، يقدم نفسه دون دينه لا بأس.
"قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله" قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك)) تقوم الليل كله، وتصوم النهار، صوم الدهر؟ ما تفطر أبد، وتقوم الليل ما تنام أبداً؟ لا لا، فإنك لا تستطيع ذلك، الذي يستطيع ذلك لأن المسألة مسألة موازنة بين حقوق وواجبات، وسنن وشرائع، هل يستطيع؟ مهما قال: أنه يستطيع، لو قال: أنا بقوم الليل من صلاة العشاء إلى أذان الفجر، ثم أصلي الفجر وأنام، وش صار؟ أنام إلى الظهر وأعود، نقول: يا أخي أنت بفعلك هذا فرطت بأمور، ألست تبحث عن الأفضل؟ ولذا قد يقول قائل: فإنك لا تستطيع، فقلت له بل أستطيع، هأنا أسهر في استراحات وسواليف بدون شيء، لماذا لا أسهر بصلاة وقراءة قرآن وإذا صليت الفجر نمت؟ نعم الاستطاعة قد تكون بدنية، وقد تكون حكمية، الذي يصنع أو يفعل هذا العمل لا بد أن يفرط بأمور، قد يفرط ببعض الواجبات، لا يمكن أن يوازن بين جميع ما شرعه الله -جل وعلا- للعبد، قد يؤديه ذلك إلى النوم عن الصلاة، فالاستطاعة حكمية، وتنوع العبادات هدف شرعي ليضرب المسلم من كل بابٍ من أبواب الخير بسهم، أما أن ينصرف إلى الصيام ويترك غيره ينصرف إلى القيام ويترك غيره، يكون ديدنه القرآن ويترك العبادات الأخرى؟ هذا ما هو مطلوب، كل شيء على حسابه.
فعلى المسلم أن يتوازن، ويؤدي من العبادات كل عبادةٍ منها بسهم، ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم)) يعني نوع، صم وأفطر، ونم وقم، أو قم ونم، اجمع بين هذا وهذا، وناشئة الليل يقرر أهل العلم أنها أفضل أنواع القيام، وهي أشدها على الإنسان، وهي القيام بعد نوم، نعم الذي يسهر وإذا بقي من الليل شيء قام فصلى ما كتب له، ثم صلى صلاة الصبح وجلس ينتظر ارتفاع الشمس في مصلاه يذكر الله -جل وعلا-، على خيرٍ عظيم؛ لكن يبقى أنه لا بد أن يفرط بشيء إذا كان الليل كله من غير نوم، هذا إذا كان استغلاله بالخير، بالصلاة والذكر والتلاوة، أما إذا كان استغلاله بالمباح من القيل والقال أو بالمكروه أو بالمحرم فإن هذا أثره ظاهر، قد يسهر الإنسان خمس ست ساعات، ثم إذا أراد أن يوتر صاحي ما فيه شيء، ما فيه نوم، يريد أن يوتر، يعني المفترض شاب ونشيط ومقبل من أهل الخير والرغبة، يوتر يعني يوتر على الصفة النبوية لكنه يجاهد نفسه على الوتر على أي وصفٍ كان، وبأي عددٍ كان، وأحياناً ينام من غير وتر، لماذا؟ لأن وقته مشغول بما لا ينفع؛ لكن لو شغل وقته؛ لأن العبادة تعين على العبادة، والطاعة تعين على الطاعة، أما شخص مفرط همه القيل والقال ولا يلتفت إلى شيءٍ ينفعه في أمور دنيه ودنياه مثل هذا لا يعان، فتجده يسهر للساعة ثنتين ثم يعالج نفسه ليوتر بثلاث ركعات قبل أن ينام فيعجز، مرة سجال ومرة يستطيع ومرة يعجز، والأثر لأي شيء؟ الأثر لما دار في مجلسه أثناء سهره، وجرِب ترى، إن كان الذي دار في المجلس والله مجلس علم وفضل وذكر وتخلله بعض الكلام والسواليف المباحة وكذا يعان لا بأس؛ لكن إذا استغل الوقت كله بالقيل والقال وما انتفع من وقته بشيء، أيضاً تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، جاء وقت الشدة ما تعان على هذا، هذا كل واحد يجربه بنفسه، إذا استغل وقته بالطاعة أعين على العبادة التي بعدها، إذا استغله في معصية لن يعان، هذا معروف، استغله في المباحات سجال، مرة يعان ومرة يقول: نبي نقوم ينام الساعة ثلاث، باقي ساعة للأذان، يقول: نبي نقوم نوتر قبل الصبح، ما هو صحيح، هذا يغالط نفسه يضحك عليها، حتى إذا سهر يستغل هذا الوقت ولو جزءً منه بما
ينفعه.
((صم وأفطر)) صيام الدهر الذي حلف عليه عبد الله بن عمرو، "والله لأصومن النهار" أولاً: صيامه غير ممكن شرعاً، الذي لا يفطر، بحيث لا يفطر، غير ممكن شرعاً لأن هناك أيام يحرم صيامها على ما سيأتي، ولن يصومها عبد الله بن عمرو ولا غيره، الأمر الثاني: أن صيام الدهر ليس بممدوحٍ شرعاً، ((لا صام من صام الأبد)) وجاء النهي عن صيام الدهر، وسيأتي الكلام عنه، وقيام الليل من غير نوم ما حفظ عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قام ليلةً إلى السحر من غير نوم، ما حفظ عنه أنه قال ليلة كاملة من غير نوم، وإن جاء في العشر الأواخر أنه يشد المئزر، ويعتزل أهله، فمنهم من يستثني هذه الليالي، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام لا ينام، ومنهم من يقول: أنه يتخللها نوم يسير.
على كل حال المسألة في طول العام، ينبغي للمسلم لا سيما من ينتسب إلى العلم وطلب العلم أن يرتب وقته، يرتب ليله ونهار ويكون له نصيب من العبادة الخاصة التي يقتصر نفعها عليه بحيث تعينه هذه العبادة على العبادات الأخرى التي يتعدى نفعها إلى غيره، يعني هؤلاء العلماء الذي يبذلون أوقاتهم ليل نهار، وعرفتم منهم نماذج، ليل نهار لنفع الناس، هؤلاء تظنون أنهم ما هم أهل عبادة، ترى الذي ما عنده عبادة خاصة ما يعان على مثل هذا أبداً، والله المستعان.
على كل حال صيام الدهر ليس بممدوح في الشرع، بل جاء النهي عنه، وقيام ليلةٍ كاملة إلى السحر لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا ما كان في العشر الأواخر من رمضان على خلافٍ في ذلك، فليس من هديه عليه الصلاة والسلام الصيام المتتابع الذي هو صيام الدهر، وليس من هديه إحياء الليل كله، قد يقول قائل: ما دام المسألة هكذا والنبي عليه الصلاة والسلام نهى ابن عمرو يعني الإكثار من التعبد هل هو مشروع وإلا ابتداع؟ الإكثار من التعبد، واحد شخص يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، هذا مأثور عن سادات القوم عن الإمام أحمد، وعن جمع من أهل العلم، نقول: هذه بدعة؟ صاحب هذا الكتاب، الحافظ عبد الغني يصلي من ارتفاع الشمس إلى صلاة الظهر ثلاثمائة ركعة، نقول مبتدع؟ ويعلم الناس العلم، ويلقّن حتى الصبيان القرآن تلقين، يعني ضرب من كل باب من أبواب بسهم، وهذا أعانه على أداء هذا، فالإكثار من التعبد ليس ببدعة، ويشهد له قوله عليه الصلاة والسلام:((أعني على نفسك بكثرة السجود)) هذا ليس ببدعة؛ لكن يبقى أن الناس يتفاوتون، بعض الناس نفعه للناس أولى من انقطاعه للعبادة، وبعض الناس نفعه للناس يعني وجوده مثل عدمه، ضعيف، يقال لهذا: انصرف إلى التعبد، بعض الناس نفعه ببدنه، بعض الناس نفعه بماله أكثر، المقصود أن الأمة بمجموعها متكاملة، ومن كان نفعه للناس أعظم يقلل من هذه العبادات بحيث يتمكن من أداء أكثر ما يستطيع من نفع الناس، ولذا كان عليه الصلاة والسلام لو لاحظنا عبادة النبي عليه الصلاة والسلام قام حتى تفطرت قدماه، وهو أعبد الناس، وأخشى الناس، وأتقاهم، وأعلمهم بالله، ما أحد يشك في هذا؛ لكن هل كان يصوم صيام داود عليه السلام؟ النبي يصوم صيام داود؟ ما كان يصوم صيام داود، يصوم العشر من ذي الحجة، في الصحيح عن عائشة أنه ما كان يصومها، وإن ثبت من طريق غيرها أنه كان يصوم العشر، المقصود أنه يحث على العمل، وقد لا يفعله، وحث على العمرة في رمضان، وقال:((تعدل حجة معي)) ومع ذلك ما اعتمر في رمضان، أولاً: من باب التيسير على الأمة والشفقة عليها، لما دخل الكعبة ندم على دخولها، ندم على دخولها هل هذا لأن دخول الكعبة ما فيه
فضل ولا أجر لخشي على الأمة أن تقتتل على دخول الكعبة، ندم على ذلك لئلا يزدحم الناس على دخول الكعبة ويقتتلون عليها، لو اعتمر في رمضان تصورون يعني مع قوله ما قال لأن بعض الناس يقرر أن العمرة في رمضان خاص بتلك المرأة؛ لأنه لو كان ما هو بخاص لاعتمر النبي عليه الصلاة والسلام، يعني وجود مثل هذه التصرفات منه عليه الصلاة والسلام، لولا وجود مثل هذا وش يصير وضع الحرم في رمضان؟ يعني مع قوله عليه الصلاة والسلام لتلك المرأة ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) واعتمر النبي وحرص على ذلك وكل سنة يعتمر، وش يصير الوضع؟ كان يقتتل الناس على العمرة في رمضان؛ لكن من شفقته عليه الصلاة والسلام لأمته يبيّن لمن أراد الخير ويحرص على ذلك ويخفف من حرص بعض الناس بحيث لو وجد مثل هذا كان يحصل أمر لا يطاق، فالنبي يبيّن بقوله، وقد يتخلف فعله لا رغبةً عن الخير، وإنما تشريع، ومثلما قلنا: أنه لو تتابع القول مع الفعل كانت المسألة أعظم من ذلك، الآن زحام شديد فكيف لو كان النبي أعتمر؟ ولذلك يوجد من يتمسك بفعله، ويقول: لو كان في فضل لسائر الناس اعتمر النبي عليه الصلاة والسلام، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، دعونا من أقوال بعض الناس التي لا تستند لا إلى عقل ولا إلى نقل، بعض الناس يقول: نعم عمرة في رمضان تعدل حجة لكن ما هو كل سنة، وش الكلام هذا؟ ترى هذا قيل ودون في بعض الصحف، قيل هذا؛ لكن هذا كلام؟ نعم إما أن تقول: هذا خاص بالمرأة ويكون لك سلف من أهل العلم، لك سلف، والمرأة نفسها في سنن أبي داود، قالت: لا أدري هذا لي خاصة أم للناس عامة؟ يعني لو قلت: أنه خاص بالمرأة انتهى الإشكال لك سلف، أما أن تقول: نعم عمرة في رمضان تعدل حجة لكن ما هو كل سنة؟ وش الكلام الفاضي؟ هذا لا يستند إلى دليل؛ لكن وصيتي إلى من فتح له باب خير فليلزمه، يعني حببت إليه الصلاة يكثر من الصلاة، حبب إليه الصيام يكثر من الصيام، حببت إليه تلاوة القرآن يكثر من تلاوة القرآن؛ لأنه ما يدري ما يفجعه، حاول نفسه ويعصر نفسه على أمر لم يفتح له يصعب عليه، ((فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر)) صم من
الشهر ثلاثة أيام غير معينة، وجاء من كل عشرٍ يوم، من العشر الأول يوم، ومن العشر الوسطى يوم، ومن العشر الأخيرة يوم من كل شهر، وجاء تعيينها بالبيض، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، على كل حال من صام ثلاثة أيام من كل شهر أدرك الفضل، يدرك الفضل يعني لو صام الاثنين من كل أسبوع أدرك هذا وزيادة، إذا كان موظف أو عنده عمل، ولا يستطيع أن يصوم الاثنين وصام الخميس من كل أسبوع أدرك الفضل؛ لكن يحرص على صيام ثلاثة أيام، كما سيأتي في وصية النبي عليه الصلاة والسلام، الحسنة بعشر أمثالها، إذا صام ثلاثة أيام في عشرة ثلاثين كأنه صام شهر، يعني نتيجة الضرب واضحة، "وذلك مثل صيام الدهر" يعني صيام ثلاثة أيام من كل شهر ممدوح وإلا مذموم؟ ممدوح، صيام الدهر ممدوح وإلا مذموم؟ كيف يشبّه الممدوح بالمذموم؟ ما في أجر صيام الدهر، مذموم، يعني مثل صيام الدهر لو كان مشروعاًً يعني تشبيه الممدوح بالمذموم بحيث يكون وجه الشبه من وجهٍ دون وجه، لا يلزم مطابقة المشبه بالمشبه به من كل وجه، الوحي ممدوح وإلا مذموم؟ الوحي ممدوح، والجرس ممدوح وإلا مذموم؟ مذموم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:((وأحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس)) شبه المحمود بالمذموم؛ لكن من وجهٍ دون وجه، في تدارك الصوت وتتابعه لا من جهة الإطراب التي ذمّ من أجلها الجرس فإذا شبّه محمود بمذموم كان وجه الشبه من وجهٍ دون وجه، ولا يلزم المطابقة من كل وجه، ((إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر)) يعني وجه شبه من وجهٍ دون وجه، تشبيه الرؤية بالرؤيا لا المرئي بالمرئي، وقل مثل هذا في أحاديث كثيرة لو فصلناها طال الوقت، مثل من أوضح ذلك حديث البروك ((إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) الممنوع التشبه بالبعير في نزوله على الأرض بقوة، هذا بروك البعير، بحيث يفرق الحصى، ويثير الغبار، هذا الممنوع، وليس الممنوع أن يضع يديه قبل ركبتيه؛ لأن هذا مأمور به، وإن كان البعير يضع يديه قبل ركبتيه، ووجه الشبه من وجهٍ دون وجه، والحديث ليس فيه قلب ولا إشكال.
صيام الدهر جاء ما يدل على أنه ممنوع، ونهي عنه، ولا صام من صام الأبد، إذا استثنينا الأيام التي نهي عن صيامها وصام الشخص الباقي، استثنى أيام العيد والتشريق وصام الشخص الباقي، يعني من صام في السنة ثلاثمائة يوم، هل هو أفضل ممن صام يوم وأفطر يوم؟ أفضل وإلا ما هو أفضل؟ لأنه سيأتي في حديث لا أفضل من ذلك، وهذا قول معروف عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يفضل القول الثاني، يفضل كل ما كثر الصيام كان أفضل، صيام كل يوم بحسبه، وله أجره وهو مستقل، فمن صام ثلاثمائة يوم أفضل ممن صام (170) يوم، يصوم يوم ويفطر يوم، عند أبي حنيفة وعند الشافعية، عندهم أفضل؛ لأن كل يوم بحسابه، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) فالذي يصوم ثلاثمائة يوم أفضل من الذي يصوم مائة وسبعين يوم، أو ثلاثمائة وخمسين يوم، المقصود أن المسألة خلافية، والحديث صريح في الدلالة على أنه لا أفضل من صيام داود.
"قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك" يطيق أن يصوم كل يوم، يصوم الدهر، "إني لأطيق أفضل من ذلك" قال:((فصم يوماً وأفطر يومين)) يعني صم من الشهر عشرة أيام، "قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك؟ " فقال: ((صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل الصيام))
فدل على أن الذي يصوم يوم ويفطر يوماً أفضل من الذي يتابع الصيام ولا يفطر إلا في الأيام التي نهي عن صيامها، ومنهم من يرى أن مثل هذا الصيام أشق على النفس من تتابع الصيام الذي لا يفطر مطلقاً، كونه يصوم يوم ويفطر اليوم الثاني، تميل نفسه إلى الراحة والدعة، جربت الأكل في النهار؛ لكن الذي يسرد الصيام وغافل عما عليه الناس من أكل وشرب أمره أسهل، المقصود أن الحديث نص في تفضيل هذا النوع من الصيام، صيام يوم وإفطار يوم، فقال:((لا أفضل من ذلك)) وفي رواية: ((لا صوم فوق صوم داود عليه السلام شطر الدهر)) نصف الدهر، صم يوماً وأفطر يوماً، وسيأتي بيانه في الحديث الذي يليه.
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً)).
وهذا أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحب الصيام إلى صيام داود -يصوم يوماً ويفطر يوماً، على ما شرح في الحديث السابق- وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود)) طيب كيف صيام داود وكيف صلاة داود؟ جاء شرحها، ((كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً)) لف ونشر، مرتب وإلا مشوش؟ اللف والنشر يذكر الشيء إجمالاً ثم يفصل، لف ونشر؛ لكن هل هذا مرتب وإلا مشوش؟ نعم مشوش ليس بمرتب، لأنه لو كان مرتباً لقدم الصيام وأخر ما يتعلق بالصلاة، إن أحب الصيام بدأ بالصيام، وأحب الصلاة ثنى بالصلاة، ثم في التفصيل والنشر قدم الصلاة وأخر الصيام، يعني نظير ما جاء في سورة آل عمران {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ} [(106) سورة آل عمران](فأما الذين اسودت) يعني في الإجمال في اللف قدّم (الذين ابيضت) يوم تبيض، وفي التفصيل في النشر قدّم (فأما الذي اسودت) وهذا أسلوب جاري في النصوص، وفي لغة العرب، يعني أسلوب فصيح ما فيه إشكال، جاء في أفصح الكلام، بينما في سورة هود {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ} [(106) سورة هود] ثم {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ} [(108) سورة هود] لف ونشر مرتب، أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، الليل يحسب من متى؟ متى يبدأ حساب الليل لمن يبي يطبق هذا الحديث؟
طالب:. . . . . . . . .
من إيش؟ من غروب الشمس، يعني لو غربت الشمس، يرقب الشمس إذا غربت نام إلى نصف الليل، أنا أريد من خلال هذا الحديث، من أين يبدأ النصف الأول من الليل؟ معروف الليل عند الفلكين من غروب الشمس إلى طلوعها، من غروب الشمس إلى طلوعها، وفي عرف المتشرعة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا تحديد الليل؛ لكن هنا في هذا الحديث، ينام نصف الليل، من غروب الشمس أو الحساب يبدأ من إمكان النوم؟ من وقت إمكان النوم، وهو صلاة العشاء، نعم يبدأ من إمكان النوم ليقع قيامه في وقت النزول الإلهي، لا أن نقول: الله -جل وعلا- ينزل في الثلث الأخير من الليل، وداود ينام نصف الليل وقيامه محمود يعني جاء شرعنا بحمده، يعني سيق سياق المدح، فهو مطلوب من المسلم أن ينام نصف الليل؛ لكن إذا نام نصف الليل وانتبه الساعة (12) مثلاً، بقي على الثلث الأخير ساعة أو أكثر من ساعة، باقي ساعة ونصف مثلاً على الثلث الأخير، يكون قيامه في النزول الإلهي أو قبل النزول الإلهي، هو يبي يدرك النزول؛ لكن كون القيام كله في الثلث الأخير أفضل، هنا إذا أردنا أن يتفق هذا الحديث مع ما جاء من أحاديث النزول أمكن إذا حسبنا الليل من صلاة العشاء، ونام نصف الليل ينتبه في الثلث الأخير من الليل، فتلتئم بذلك الأحاديث؛ لأن بعض الناس يبي يجمع النصوص كلها، فكونه ينام نصف الليل يعني ينتهي نومه الساعة كم؟ في هذه الأيام يمكن إحدى عشر ونصف، وينتهي نصف الليل؛ لكن إذا حسب النصف من بعد صلاة العشاء من إمكان النوم من ثمان ونصف مثلاً، يبي يمتد معه الوقت إلى ثنتين تقريباً، يبدأ الثلث الأخير من الليل، فيكون نام نصف الليل وامتد إلى وقت النزول الإلهي.
وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في حديث النزول أشار إلى شيءٍ من هذا، أن بداية الليل تختلف من نص إلى نص، ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، ينام نصف الليل، ينام هذا إذا اعتبرناه كم يؤذن الفجر الآن؟ أربع وربع، قل: من ثمان وربع إلى أربع وربع، ثمان ساعات اقسمها على ثلاثة، أولاً: الأربع الساعات اللي هي نصف الليل يبي ينامها، معناه يبي ينام إلى اثنا عشر وربع، وإذا حسبناه من غروب الشمس صار الثلث الأخير يبدأ من اثنا عشر ونصف، متقارب جداً، المسألة ما هي دقيقة مائة بالمائة بالحساب؛ لكن يتنزل هذا على هذا، ثم بعد ذلك يقوم ثلثه، يصلي ثلث الليل؛ لكن مَن مِن طلاب العلم الذي يصلي ثلث الليل إلا القليل النادر، نعم الذي ما يسهرون ينامون بعد صلاة العشاء مباشرة يعانون على مثل هذا، أما من ابتلي بالسهر فالله المستعان.
وبعض الشيوخ موجودين الآن، يقرؤون القرآن في سبع في صلاة التهجد، يعني أول ليلة يقرأ البقرة وآل عمران والنساء في صلاته، صلاة الليل، وثاني ليلة المائة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة، ثم بعد ذلك يقرأ سبع سور في الليلة الثالثة، وتسع في الليل الرابعة، واحدى عشرة في الليلة الخامسة، وثلاث عشرة في الليلة السادسة والمفصل في الليلة السابعة، من المعاصرين من يفعل هذا، لكن الأمر مع التمرين سهل، ابتلينا بالسهر فعوقبنا بمثل هذا، وعلى كل حال السهر لذاته خلاف الأولى، يعني ما تتجه إليه تحريم وإلا منع، يكره النوم قبلها، والحديث بعدها، وثبت عنه أنه سمر مع بعض الصحابة، والسمر في العلم مطلوب، وأهل العلم يسهرون من أجل العلم، يعني هذا يخفف من المعاناة النفسية التي يعيشها كثير من الناس؛ لكن مثل هذا لا يدعو إلى التفريط، يبقى أن الأصل أن الليل سكن، والسنة الإلهية على أن الليل للنوم والراحة، والنهار للعمل والمعاش، ويقوم ثلثه وينام سدسه، ينام السدس ليستعين به على أعماله في النهار، ويستجم بها بهذا السدس ليحضر صلاة الصبح بقلبٍ حاضر، وقرآن الفجر مشهود يقرب من الإمام ويتأمل ما يقرؤه الإمام، وابن القيم بيّن أهمية القرب من الإمام، وحضور القلب في صلاة الفجر، يعني من أراد تفصيل هذا يرجع إلى طريق الهجرتين.
((وينام سدسه)) هذا بالنسبة للقيام، وأما بالنسبة للصيام الذي هو أفضل الصيام وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا هو أفضل الصيام، وأشقه على النفس، شاق على النفس، كان ابن عمرو بعد هذا يجمع الأيام يصوم عشرة أيام ثم يفطر عشرة أيام، يستجم ويستريح، وتمنى أن لو قبل وصية النبي عليه الصلاة والسلام؛ لكنه لا يترك شيئاً عهده عليه النبي عليه الصلاة والسلام، و ((نعم الرجل عبد الله)) يعني بالمقابل عبد الله بن عمر، ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً بعد ذلك، وهذا امتثال ورغبة في الخير؛ لكن يسمع من هذه الأحاديث وما هو أشد من هذه الأحاديث وانظر في نفسك هل يؤثر فيك أو لا يؤثر؟ اختبر نفسك هل أنت بالفعل طالب علم، وإلا لست بطالب علم؟ إيش الفائدة من العلم الذي لا يدل على العمل؟ والله ما كأننا نسمع مثل هذا الكلام، والسبب في ذلك الاسترسال في المباحات الذي جرنا إلى ارتكاب المكروهات، وإذا وقع منا شيء مما حرمه الله -جل وعلا- ما أثر فينا، ولا خفنا ولا وجلنا، وهذا الذي جعلنا نتساهل في مثل هذه الأمور.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".
النبي عليه الصلاة والسلام أوصى بعض أصحابه بهذه الوصايا، فممن أوصاهم أبو هريرة وأبو ذر وأبو الدرداء، وهنا يقول أبو هريرة رضي الله عنه:"أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم" والخلة نهاية المحبة وغايتها، من تخللت إلى أن ولجت إلى الفؤاد، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكرٍ خليلاً)) وأبو هريرة يقول: "أوصاني خليلي" فالممنوع أن يتخذ النبي عليه الصلاة والسلام خليلاً غير الله -جل وعلا-، كونه يتّخذ من قبل بعض أصحابه لا بأس، ولهذا قال أبو هريرة:"أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث خصال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر" يعني والحسنة بعشر أمثالها، فيكون كأنه صام الدهر، وهذا سبق في حديث عبد الله بن عمرو "وركعتي الضحى" ركعتي الضحى، أوصى بها أبا هريرة وغيره، وتكفي من جميع الصدقات المطلوبة في مقابل كل عضوٍ من أعضاء الإنسان، ((يصبح على كل سلامى منكم صدقة)) والسلامى: المفاصل ومقدارها ثلاثمائة وستين، فعلى الإنسان أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة كل يوم، ليقوم بشكل هذه المفاصل، ثلاثمائة وستين صدقة، من أجل إيش؟ أن يقوم بشكر هذه المفاصل، وجاء بيان هذه الصدقات، بالأقوال والأعمال الصالحة، ومنها الذكر، كل تسبيحة صدقة، كل تهليلة صدقة، كل تحميدة صدقة، إذا اجتمع عندك ثلاثمائة وستين شكرت هذه النعمة، يعني تصلح بين اثنين، تحمل عاجزاً على دابته، أو تعينه في حمل متاعه، المقصود أنك تنفع الناس صدقات هذه؛ لكن هناك صدقات ما تكلفك شيء وأنت جالس، كل تسبيحة صدقة، كل تهليلة صدقة، كل تحميدة صدقة، كل تكبيرة صدقة، فضل الله واسع، يعني إذا قلت مع أذكار الصباح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. الخ مائة مرة، وجاء الحث على هذا، وفيه رفع الدرجات، ومحو السيئات، وحرز من الشيطان حتى تمسي، وقلت: سبحان الله وبحمده مائة مرة، حطت عنك خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر، وقلت: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، كلمتان خفيفتان على اللسان .. الخ، واجتمع من ذلك ثلاثمائة وستين، نعمة، وهذا لا يكلفك شيء، كل هذا ما يحتاج ولا ربع ساعة، ((ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى)) يكفي، فهل
يدل على المداومة على صلاة الضحى؟ والنبي عليه الصلاة والسلام ما داوم عليها، لكن بوصاياه وبمثل هذا الحديث تثبت مشروعة المداومة على صلاة الضحى.
قد يقول قائل: إذا كانت هاتان الركعتان كافيتين في الصدقة عن هذه السلامى ليش أتصدق وليش أسبح وأهلل يكفي ركعتين وخلاص؟ نقول: يا أخي يا محروم صل ركعتين وش يضرك لو قلت: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ما الذي يضيرك أن تأتي ببقية الأذكار ولسانك رطب بذكر الله سراً وجهاراً ليلاً ونهاراً، إيش الذي يمنعك إلا الحرمان، الذي بيحاسب هذه النصوص بدقة ويقول: أنا فعلت خلاص يكفي، والرسول يقال: يكفي ركعتين، صليت ركعتين وش بعد؟ نقول: يا محروم، أنت محمل من الذنوب، ولله عليك نِعم، لا تستطيع عدها {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل] هذه النعمة تحتاج منك إلى شكر، خفف من ذنوبك، وأدّ بعض ما عليك، بالأذكار التي لا تكلفك شيئاً، فيضيف الإنسان إلى أذكاره مثل هذه تخفف عنه التي جاء الترغيب فيها في كل صباح وفي كل مساء، مثل لا إله إلا الله وحده لا شريك .. ، إذا أراد أن ينام يأتي بأذكار النوم، ويقول ابن القيم: إنها تبلغ نحو الأربعين، أذكار النوم، عندكم أربعة ما هي أربعين؟ أربعة أذكار؟ ابن القيم يقول: تبلغ نحو الأربعين، كم نحفظ منها؟ ما بيّنها رحمه الله، ذكرها في شرح حال المقربين، وأنهم يحرصون على أذكار النوم، وهي تبلغ نحو الأربعين، وشرح حالهم وطريقتهم ومنهجهم في طريق الهجرتين، يراجعه من أراد، وهو في غاية الأهمية؛ لكن قوله: وهي تبلغ نحو الأربعين ولا بيّنها، ولو بحثت في كتب الأذكار وفي كتب السنة ما وجدتَ هذا العدد، ما أدري والله عن هذا العدد، أحد أحصاها وإلا شيء؟ في أحد اهتم بها؟ في منكم من اهتم بجمعها؟ أنا سألت الشيخ ابن باز رحمه الله فاستغرب هذا العدد قال: لا هذا كثير جداً، ما تبلغ هذا العدد؛ لكن من اهتم بها وجمعها ويحرص عليها ويفيد غيره.
"وركعتي الضحى" قد يقول قائل: أنا اعتدت أن أجلس بعد صلاة الصبح، وأنتظر طلوع الشمس، وأصلي ركعتين، رجاء الثواب المرتب على هذا، هاتان الركعتان تكفيان عن صلاة الضحى، فإذا جلس حتى تنتشر الشمس مقتدياً بالنبي عليه الصلاة والسلام لأنه ثبت عنه أنه كان يجلس، ثم إذا ارتفعت الشمس صلى ركعتين هما ركعتا الضحى، يكون أدى ركعتي الضحى، وإن ثبت الأجر المرتب على ذلك، وأن هذا كحجة لن يحرمه الله -جل وعلا-، يعني الحساب ما هو عند بشر تبي تذكره تقول: ها ترى جلست لا تنسى هذا، كل شيء مضبوط، بس عليك أن تعمل، ما تقول: والله يمكن يغفل، يحسب لي ركعة ضحى، ولا يحسبها لي إشراق، لا لا تخاف، إن ثبت الحديث كل شيء بيحسب لك، ولن تحرم الأجر، إن لم يثبت فأنت اقتديت بالنبي عليه الصلاة والسلام، وجلست تذكر الله، وتصلي عليك الملائكة ما لم تحدث، ما لم تؤذِ، وهذا رباط، فإذا صليت ركعتي الضحى انتهى ما عليك، وإذا كنت خلال هذه المدة قرأت حزبك من القرآن، سبع القرآن، وحرصت أن تقرأ القرآن في سبع فأنت في خيرٍ عظيم -إن شاء الله تعالى-.
"وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام" هذا أفضل يعني لو أخرها صار أفضل، لو أخرها إلى أن ترمض الفصال أفضل؛ لكن كونه يصليها بنية الضحى إن لم يثبت الخبر، وإن ثبت الخبر صلى إذا رمضت الفصال جمع الخيرات كلها، ابن القيم -رحمه الله تعالى- لما شرح حال الأبرار، وحال المقربين، وذكر المنهج الذي يسيرون عليه في طريق الهجرتين، قال: إن الأبرار يجلسون بعد صلاة الصبح حتى تنتشر الشمس، ثم يصلون الركعتين وينصرفون، ولما ذكر حال المقربين وهم أكمل من الأبرار، قال: فإذا انتشرت الشمس إن شاؤوا صلوا ركعتين، وإن شاؤوا انصرفوا دون صلاة، لماذا؟ قال: هذا بالنسبة للأبرار، وهم دونهم منزلة صلوا الركعتين وذولك إن شاؤوا صلوا وإن شاؤوا انصرفوا؟ يعني يؤخرون هاتين الركعتين، أيضاً هم ينصرفون إلى عبادة فوقتهم معمور بالعبادات والطاعات
…