المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له - شرح عمدة الأحكام - عبد الكريم الخضير - جـ ٥١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له

قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين:

‌باب: الصيد

عن أبي ثعلبة الخشني قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ وفي أرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم، وبكلبي المعلم فما يصلح لي؟ قال:((أما ما ذكرت - يعني من آنية أهل الكتاب- فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوا وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الصيد

باب الصيد داخل في كتاب الأطعمة؛ لأن الصيد مما يطعم، والباب الأصل فيه ما يدخل معه ويخرج منه، هذا الأصل، وحقيقته العرفية عند أهل العلم ما يضم مسائل وفصول غالباً، وإطلاقه من باب الحقيقة العرفية، وليس من باب المجاز كما يقولون، والصيد مصدر صاد يصيد صيداً، ويراد به اسم المفعول المصيد أو الاصطياد، المصيد اسم المفعول أو الاصطياد؟ الصيد يطلق ويراد به اسم المفعول المصيد، ويطلق ويراد به فعل الذي يصيد، الذي هو الاصطياد {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [(96) سورة المائدة] يعني هل المباح الاصطياد من البحر أو الصيد الذي يحصل عليه من البحر؟ {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] هل المحرم الاصطياد أو المحرم الصيد؟ وبينهما انفكاك، يعني قد يقول: المحرم الصيد أنا بأصيد وأعطي غيري، الاصطياد ما هو محرم المحرم الصيد نفسه، أنا أصيد لغيري، وقد يقول قائل: المحرم الاصطياد، نعم المحرم الاصطياد، يصيد غيري وأكل أنا، وش المانع؟ أنا أكل الصيد ما أنا بأصيد، نعم أيهما؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 31

الاصطياد، طيب إذا صيد من أجله يأكل وإلا ما يأكل؟ هاه؟ كلاهما؟ يعني لو وجدت، يعني لو شخص حلال غير محرم صاد صيد، وأهدى إليك تأكل وإلا ما تأكل؟ إن كان صاده من أجلك له حكم، وإن كان صاده لا من أجلك له حكم آخر، فهل نقول: إنه يشمل الأمرين؟ أو نقول: إنه يشمل الاصطياد من وجه، ويشمل الصيد من وجه؟ يعني بينهما انفكاك وجهي، بمعنى أنه لو صاد الحلال، وأهدى لمحرم، ولم يصده من أجله جاز، الاصطياد جائز والصيد جائز، حلال يعني ما أحرم، وش اللي يمنعه من الصيد؟ نعم، الاصطياد جائز والصيد جاز لمن لم يصد من أجله وهو محرم، هذا بالنسبة لوجه الجواز، ووجه المنع الاصطياد للمحرم حلال أو حرام؟ حرام، الصيد لغير من صاده، إذا صيد من أجله حرام؟ فهناك وجه حرمة ووجه إباحة في كل من الصيد والاصطياد، فيطلق على هذا وذاك.

يقول الحديث الأول:

ص: 32

"عن أبي ثعلبة الخشني" وثعلبة مر بنا قريباً، واسمه جرثوم بن ناشر، أو جرهم أو جرثم، بن ناشر، على كل حال مثل هذا الذي يشهر بالكنية يضيع الاسم غالباً، "رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب" يعني في أطراف الشام، ويسكنها من تنصر من العرب، وصاروا من أهل الكتاب "بأرض قوم أهل كتاب" وأهل الكتاب يطلق ويراد به اليهود والنصارى، "أفنأكل في آنيتهم؟ " هم أهل كتاب، نأكل في آنيتهم؟ وهم يشربون فيها الخمر، يطبخون فيها الخنزير "وفي أرض صيد" يعني فيها الطيور كثيرة، والحيوانات المتوحشة كثيرة مما يباح أكله "وفي أرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم، وبكلبي المعلم" سؤال مفصل يحتاج إلى جواب مفصل، سؤال مفصل والسؤال بمثابة اللف، والجواب بمثابة النشر، ثم جاء التفصيل في الجواب، "قال: فما يصلح لي؟ قال: ((أما ما ذكرته من آنية أهل الكتاب)) " جواب تفصيلي ((أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها)) وهذا يسري على كل ما يشك فيه، كل ما يشك فيه إن وجدت غيره اتركه؛ لأنه يريبك، وجاء الأمر بتركه ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) اترك ما تشك فيه إلى الشيء الذي لا تشك فيه، وما دام يزالون النجاسات في أوانيهم فلا تأكلوا فيها إذا وجدتم غيرها، لكن أحياناً يضطر الإنسان، يعني إنسان محتاج إلى مبلغ من المال، بحث عن مقرض لم يجد، احتاج إلى مسألة التورق، بحث إلى شخص أمواله نظيفة، ومعاملاته صحيحة ما وجد، ما وجد إلا من هو مخلط في معاملاته، من معاملاته ما هو في الصحيح، ومنها ما هو الباطل، إذا لم يجد مثل ما عندنا، إن وجدت غير هذا فلا تتعاون معه، إن وجدت غيره لا يجوز لك أن تتعاون معه، وإن لم تجد فاحرص على أن تكون معاملتك معه صحيحة، ومعاملته مع غيرك تولاها. . . . . . . . .، ((فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، فإن لم تجدوا)) المسألة مسألة حاجة أو ضرورة أحياناً ((فاغسلوها وكلوا ما فيها)) الأصل في الأواني طاهرة أو نجسة؟ الأصل الطهارة، لماذا أمرنا بغسلها؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 33

قوة الشبهة، الأصل فيها الطهارة، نعم وعندنا هذا الأصل ثابت بيقين، وكونها متنجسة ظن، الظن يرفع اليقين وإلا ما يرفع اليقين؟ أما الشك فلا يرفع اليقين، لكن الظن؟ إذا غلب على الظن لأن عندنا اليقين القطعي المجزوم به مائة بالمائة، ما فيه أدنى تردد، الظن الذي ينزل عنه، ويكون هو الغالب، والشك المساوي، الاحتمال المساوي يسمى شك، والاحتمال المرجوح يسمى وهم، الشك لا يرفع اليقين بلا شك، إذا ترددت خمسين مائة احتمال الأصل الطهارة، لكن إذا وصل إلى درجة الظن الغالب، يكون عندنا أمر هو مقرر عند أهل العلم، وهو تعارض الأصل مع الظاهر فهل يحكم بالأصل أو يحكم بالظاهر؟ يحكم بالأصل أو يحكم بالظاهر؟ أو نحتاج إلى مرجح؟ نجيب مثال يهمكم كلكم: وجدت كتاب، زرت زميلك ووجدت في مكتبته كتاباً عليه اسمك، هذا الكتاب ملك فلان بن فلان الذي هو أنت، الأصل أنه لك، والظاهر أنه ما دام بيده وأنت لا تذكر أنه استعاره منك، ما تذكر، والظاهر أنه له ما دام في مكتبته، فتعارض عندنا هذا وهذا، أنت يمكن تأخذه وتطلع به، تقول: والله هذا كتابي، صحيح وإلا لا؟ تبني على الأصل أو الظاهر أن هذا الكتاب دخل في مكتبته وأنت ما تذكر أنه استعاره منك، كما أنك لا تذكر أنك أهديته له أو بعته عليه، يصير لمن الكتاب؟ الأصل أن الكتاب ما دام عليه اسمك الكتاب ملك فلان هل يظن أن صاحب المكتبة كتب على الكتاب اسمك؟ يظن به هذا؟ لا ما يمكن، ما يظن به هذا، فالأصل أن الكتاب لك، لكن هل عندك استعداد تشيل الكتاب وتطلع به، وتقول: والله هذا كتابي، اثبت أنك اشتريته مني، الأصل أنه لك، والظاهر أنه بيده نحتاج إلى ما يرجح بمثل هذا

ص: 34