الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الأول: أن عمر رضي الله عنه لم يفعل بدعة، وإنما فعل سنة كان النبي صلى الله عليه وسلم قد فعلها، ثم تركها خشية أن تفرض على الأمة كما بيَّن صلى الله عليه وسلم ذلك ولم ينه الناس عن فعلها مما يؤكد بقاء سنتها.
الوجه الثاني: أنه قال هذه الجملة على سبيل المجاز، فتسميتها بدعة باعتبار أنها لم تفعل في عهد أبي بكر رضي الله عنه تجوزا؛ لأن عمر هو الذي بدأ إحياء هذه السنة، خصوصا وقد زالت علة خشية الفرضية بانتقاله النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى.
الوجه الثالث: ربما قال عمر ذلك تهكما بمن قال له: إنك فعلت بدعة، فلعلم عمر أنها ليست بدعة ردَّ عليه بهذه الجملة على سبيل الإنكار.
هذا وهناك شُبه أخرى قد يتعلقون بها، ولو تأملناها لوجدناها لا تخرج عن هذا الإطار الذي هو تحميل النصوص ما لا تحتمل من المعاني الفاسدة الباطلة.
وهناك تقسيمات للبدع ذكرها القرافي وغيره، لا نجد لها مستندا أو معيارا صحيحا يمكن أن يؤخذ به، كتقسيمهم البدع إلى حقيقية وإضافية، أو حسنة وسيئة، أو كلية وجزئية، أو بسيطة ومركبة، أو فعلية وتركية، أو غير ذلك من التقسيمات المصطنعة المتكلفة التي لا تستند إلى دليل.
وخلاصة القول أن كل ما أحدث في الدين، ولم يقم عليه دليل في الكتاب ولا في السنة لا بعمومه ولا بخصوصه فهو بدعة محدثة.
الحق لا يعرف بكثرة الأتباع:
وأنه مما يؤسف له أن نرى تلك البدع والمحدثات قد طغت وانتشرت وتهافت عليها الناس تهافت الفراش على النار، في الوقت الذي ضيعوا فيه الفرائض، وأهملوا الواجبات، وغرقوا في المنكرات، حتى أصبح الكثير منهم يمثل قول ابن زيدون:
مساوىء لو قسمنا على الغواني
…
لما أمهرن إلا بالطلاق
ومن الغريب حقا أن يرمى هؤلاء المبتدعون أهل السنة، والمتمسكين بها بالجمود والتزمت، وغير ذلك من الألقاب التي يطلقونها زورا وبهتانا، ولكن هيهات هيهات أن ينالوا مآربهم فإن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قد بشرنا ببشارة عظيمة وهى قوله:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرة منصورة، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله". لذا
فإنه لا ينبغي لعاقل أن يغتر بما يفعله سواد الناس، ودهماء العامة في سائر الأقطار من البدع والمحدثات فإنَّ الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية. قال تعالى {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} . وقال تعالى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} وقال تعالى {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} . وقال تعالى {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} . إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في هذا المعنى.
فالحق أحق بالإتباع ولو خالفه الناس، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها؛ وهو لزوم جماعة المسلمين، والتمسك بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة، فهما مصدر كل عِزٍّ وفلاحٍ ونجاحٍ في الدارين. وفقنا الله جميعا للإتباع وجنبنا الزلل والابتداع، إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وأصحابه.
طريق الجنة
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر؛ وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً
…
وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور؛ وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً
…
"