الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرمة المحبة لغير الله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [البقرة:165]].
قوله تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ} [البقرة:165 - 167] هذا كله في هؤلاء الذين اتخذوا من المخلوقين محبوبين يحبونهم كمحبتهم لله جل وعلا، والمحبة هذه -التي جعلت المخلوق نداً لله- هي محبة فيها ذل وتعظيم، وليست محبة إلفة أو محبة حنان أو محبة تقدير وإجلال كمحبة الوالد أو الولد، وليست محبة طبيعية كمحبة الجائع للطعام والظمآن للشراب وما أشبه ذلك، هذا لا لوم على الإنسان فيها، ولكن هذه محبة مقصودة ومرادة، وليست الطبيعة والحاجة تبعث عليها، وإنما هي محبة عبادة، تدعو إلى الدعاء والاستغاثة والاستنصار، وإلى أن يعطى ذلك المحبوب شيئاً من خصائص الله؛ ولهذا قال:{يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:165] يعني: يجعلون حباً موزعاً بين هؤلاء وبين الله، وهذا هو الشرك الأعظم الذي إذا مات عليه الإنسان يكون من حطب جهنم، ويكون خالداً فيها؛ لأن هذا الحب يجب أن يكون خالصاً لله، ولا يجوز أن يكون مع الله فيه شريك، لا سيد، ولا نبي، ولا ملك، ولا أي مخلوق من مخلوقات الله، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وولده ومن الناس أجمعين)، ومع ذلك لا يحب هذا الحب، وليس له نصيب من حب التعظيم والخوف والذل، وإنما يحب لله، ومن أجل الله، فإن الله يحبه، ومن أجل أن الله أمر بحبه، فتحبه طاعة لله؛ لأن الحبيب يحب حبيب حبيبه، يحب ما يحبه، ويبغض ما يبغضه، هذا من تمام الحب؛ ولهذا صارت محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من كمال محبة الله ومتمماتها، ومن مكملاتها كما سيأتي.