المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فضل الصحابة حصل نزاع بين بعض المهاجرين الأول وبعض من هاجر - شرح فتح المجيد للغنيمان - جـ ٥٩

[عبد الله بن محمد الغنيمان]

فهرس الكتاب

- ‌حديث: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم)

- ‌عقائد النصارى الضالة في عيسى عليه السلام

- ‌عيسى عليه الصلاة والسلام عبد لله

- ‌حرمة الغلو في النبي محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل عمر رضي الله عنه

- ‌فضل الصحابة

- ‌أفضل الصحابة أبو بكر الصديق

- ‌معنى الإطراء

- ‌من الإطراء تجويز الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌قصيدة البوصيري فيها غلو في إطراء النبي عليه الصلاة والسلام

- ‌المطرون للنبي عليه الصلاة والسلام ناقضوه بارتكاب ما نهى عنه

- ‌حديث: (إياكم والغلو)

- ‌حرمة الغلو في الاعتقادات والأعمال

- ‌حديث: (هلك المتنطعون)

- ‌معنى التنطع

- ‌مسائل باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين

- ‌قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها

- ‌أن من سبب الشرك مزج الحق بالباطل

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا)

- ‌جبلة الآدمي على كون الحق ينقص في قلبه ويزيد الباطل

- ‌البدع سبب الكفر

- ‌معرفة الشيطان بما تئول إليه البدعة

- ‌النهي عن الغلو ومعرفة ما يئول إليه

- ‌معرفة النهي عن التماثيل والحكمة في إزالتها

- ‌معرفة شأن قصة قوم نوح

- ‌أن الله حال بين القبوريين وبين قلوبهم في معرفة حقيقة ما صنعه قوم نوح

- ‌التصريح بأنهم لم يريدوا إلا الشفاعة

- ‌نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إطرائه

- ‌نصيحته صلى الله عليه وسلم إيانا بهلاك المتنطعين

- ‌سبب فقد العلم موت العلماء

الفصل: ‌ ‌فضل الصحابة حصل نزاع بين بعض المهاجرين الأول وبعض من هاجر

‌فضل الصحابة

حصل نزاع بين بعض المهاجرين الأول وبعض من هاجر متأخراً قبل فتح مكة، بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف، ومعروف أن عبد الرحمن بن عوف من المهاجرين الأولين، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:(دعوا لي أصحابي، فوالله! لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)، هذا القول يوجه إلى الصحابة فكيف بمن بعدهم؟ والصحابة رضوان الله عليهم كلهم خير قرون هذه الأمة؛ لأن الله اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، فصاروا يقاتلون العدو معه، وصاروا يمتثلون أمره، ويظهرون دين الله على يديه، ويتربون على يديه، ويتلقون الإيمان منه، فلا يمكن أن يكون أحد مثلهم، فالصحابة رضوان الله عليهم اختارهم الله جل وعلا؛ ولهذا نص الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك وقال:(خير القرون الذين بعثت فيهم)، وكان يوصي ويقول:(لا تتخذوا أصحابي غرضاً ترمونهم، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم)، فالذي يبغض الصحابة يبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك، والذي يحبهم يحبهم بمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يحبهم صلوات الله وسلامه عليه، ويوصي بحبهم.

والله جل وعلا أثنى عليهم كثيراً فقال جل وعلا: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح:29] من هم الذين معه؟ هم الصحابة عموماً، ثم يثني عليهم ويقول:{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29]، ويذكر مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل.

وكذلك يقول جل وعلا: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:8 - 10].

وهذا الذي يجب أن يكون عليه المسلم، أن يقول هذا القول:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10].

وفي آخر سورة الفتح يقول الله: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح:29]؛ ولهذا يقول الإمام مالك رحمه الله: من غاظه شأن الصحابة فليس من المسلمين؛ لقول الله تعالى: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح:29] فحب الصحابة دين، يرجى به الخير الكثير، فالله يثيب عليه، وهم الواسطة بيننا وبين رسولنا صلوات الله وسلامه عليه الذين نقلوا إلينا الشرع، فنقلوا إلينا القرآن، ونقلوا إلينا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كاملة، فالذي يطعن فيهم معناه أنه يطعن في الدين، ويكون النقلة الذين نقلوا الدين ليسوا عدولاً عنده، وربما يقول: إنهم كفار! فماذا يكون المعنى؟ ولهذا يقول أبو زرعة رحمه الله: من طعن في الصحابة فإنما يطعن في الدين الإسلامي، فهم الذين نقلوا إلينا الدين الذين جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وقد عدلهم الله جل وعلا، فهم عدول بتعديل الله، ولا يمكن أن يثني الله جل وعلا على قوم يعلم أنهم سيرتدون ويكفرون؛ لأنه علام الغيوب، فكيف يثني عليهم ويمدحهم ثم بعد ذلك يتركون دينهم؟ هذا لا يمكن، فهو علام الغيوب جل وعلا، وقد قال جل وعلا:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18]، وفي آيات كثيرة جداً يمدحهم، ويذكر خير أمة أخرجت للناس، وأنهم تركوا ديارهم وأموالهم وأولادهم نصرة لله ولرسوله، ويذكر أنه رضي عنهم، ويذكر أنه أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار.

ص: 7