المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير الحسن البصري لقوله تعالى: (وهو ألد الخصام وبيان أنواع الكذب، وخطر الكذب على النبي - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ١٦

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ذم المراء والخصومات في الدين والتحذير من أهل الكلام [1]

- ‌باب ذم المراء والخصومات في الدين، والتحذير من أهل الجدال والكلام

- ‌الجدال وأقسامه

- ‌بيان أبغض الرجال إلى الله

- ‌تفسير الحسن البصري لقوله تعالى: (وهو ألد الخصام وبيان أنواع الكذب، وخطر الكذب على النبي

- ‌ما جاء في النهي عن ضرب الأدلة بعضها ببعض، وضرورة إرادة الحق في الجدل

- ‌ضرورة التحلي بالعلم والحكمة في الدعوة إلى الله

- ‌تابع ما جاء في النهي عن ضرب الأدلة بعضها ببعض بالجدل المذموم

- ‌بيان أن الصالحين والموعودين بالجنة لا يجادلون في دين الله تعالى

- ‌نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التخاصم والتنازع في القدر

- ‌الامتناع من الجدال والخصومات المؤدية إلى تكذيب القرآن

- ‌دخول الشيطان على العالم في ساعة الجدال والخصومة

- ‌الخائضون في الباطل أكثر الناس خطايا يوم القيامة، وسبب اتباع الأهواء

- ‌أثر الخصومات والجدال في الدين على الأعمال

- ‌أقوال عمر بن عبد العزيز في التحذير من الخصومات في الدين

- ‌تحذير حذيفة لأبي مسعود الأنصاري من التلون في دين الله

- ‌أقوال إبراهيم النخعي ومالك وعطاء وعمر بن عبد العزيز في كراهة التلون في دين الله

- ‌ضرورة التأهل قبل مناظرة أهل البدع

- ‌الشيخ الألباني ومناظرته لبعض الجهاديين

- ‌دينك هو رأس مالك فاحرص عليه من كل ما يكدره

- ‌من أراد الله به خيراً أغلق عنه باب الجدال

- ‌من كان كثير المراء والجدال فقد تمت خسارته

- ‌الجلوس مع أهل الخصومات والجدال عدوى ينبغي الحذر منها

- ‌إفساد أصحاب الرأي والجدل والبدع لبيوت الله تعالى

الفصل: ‌تفسير الحسن البصري لقوله تعالى: (وهو ألد الخصام وبيان أنواع الكذب، وخطر الكذب على النبي

‌تفسير الحسن البصري لقوله تعالى: (وهو ألد الخصام وبيان أنواع الكذب، وخطر الكذب على النبي

[وعن الحسن في قوله تعالى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة:204]، قال: كاذب القول].

يعني: لا يقول قولاً صدقاً، وأنتم تعلمون أن الكذب في اللغة وفي الاصطلاح هو القول الذي لا يطابق حقيقة الواقع، سواء كان قائله متعمداً، أو مخطئاً، أو ناسياً، فيقال: إنه قول كاذب، لكن هل يأثم قائله بذلك؟ إذا كان متعمداً فإنه يأثم، وإذا كان غير متعمد لذلك فإنه لا يأثم.

والكذب منه ما هو مذموم أشد الذم، بل ذهب بعض أهل العلم إلى كفر قائله، كالكذب على النبي عليه الصلاة والسلام، كما في قوله:(من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، فلم يرد مثل هذا التهديد والوعيد في الكذب في حديث الناس، ولما قاله عليه الصلاة والسلام:(إن كذباً علي ليس ككذب على أحد).

وبهذا يتبين أن الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام إنما هو دين يتعبد به إلى قيام الساعة؛ ولذلك لم يستو الكذب في حديث الناس مع الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنك لو كذبت على النبي عليه الصلاة والسلام فكأنك تقول: هذا دين الله عز وجل الذي قد أتى به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.

وبالتالي يلزمكم أيها الناس! أن تتقربوا إلى الله بمثل هذا الكلام، وفي حقيقة الأمر أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقل هذا الكلام، بل هو مفترى عليه عليه الصلاة والسلام، ولكن من رحمة الله عز وجل ومن حفظ الله عز وجل لهذا الدين أن قيض لسنة النبي الأمين أناساً يذبون عنه، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ فميزوا وغربلوا السنة غربلة، وميزوا وفرقوا بين ما صح وما ثبت عن صاحب الشريعة الغراء وما لم يثبت.

فتعبدنا الله عز وجل بما ثبت عن نبيه عليه الصلاة والسلام، وأما ما دون ذلك فإنه مردود لا يجوز العمل به قط، بل ولا حتى في فضائل الأعمال على أرجح الأقوال من كلام أهل العلم.

والكذب مذموم كله، وهو يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار.

والكذب كله ما ورد في الكتاب والسنة، بل ولم يذكر في لسان العرب إلا في معرض الذم، ولم يستثن منه الشرع إلا مواطن محددة، كالكذب على العدو؛ لأن الحرب خدعة، والكذب على الزوجة؛ لاستقامة الحياة، وهو الكذب فيما يتعلق بالثناء عليها، والحث لها، وقبول أعمالها وغير ذلك، كأن تقول لها مثلاً: أنت جميلة، وهي في حقيقة الأمر دميمة، وكأن تقول لها: طبخك أو طهيك ما أجمله وما ألذه، وهو في حقيقة الأمر تأنف منه الكلاب، لكن على أية حال لو أنك قلت ذلك لدامت العشرة، وطاب الخاطر، فمثل هذه المسائل أجازها الشرع لمصلحة أعظم من الكذب، وهو كذب لا يؤثر على دين الله عز وجل لا أخذاً ولا رداً.

ص: 5