المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تعليق الإمام ابن بطة على ما تقدم من ذم المراء والخصومات في الدين - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ١٧

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ذم المراء والخصومات في الدين والتحذير من أهل الكلام [2]

- ‌تابع باب ذم المراء والخصومات في الدين، والتحذير من أهل الجدال والكلام

- ‌التحذير من الآرائيين

- ‌الأخذ بالشرع وترك ما دونه

- ‌الاجتماع للاختصام في دين الله سبيل إلى الافتراء على الله

- ‌حرمان صاحب البدعة من التوبة حتى يدع بدعته

- ‌من علامات الساعة اختصام الناس في ربهم

- ‌مجالسة أصحاب الكلام والخصومات سبيل إلى إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة

- ‌مجالسة أصحاب الأهواء ممرضة للقلوب وسبيل إلى ضرب القرآن بعضه ببعض

- ‌وجوب الإيمان بالقدر والتحذير من مجالسة المكذبين به

- ‌إحداث أهل السنة لبعض الألفاظ التي لم تكن عند السلف عندما اضطروا إليها للرد على أهل البدع

- ‌ضرورة التأهل عند الرد على أهل البدع ومناظرتهم

- ‌أحوال صحابة رسول الله والتابعين إذا ذكر لهم شيء من القدر أو الجدال والخصومة

- ‌خوف عمر على الأمة من المنافق عليم اللسان

- ‌توضيح قولهم: إن الدعوة لا تعلق لها بشخص معين

- ‌خوف عمر بن الخطاب على أمة محمد من جدال المنافق العليم بالقرآن

- ‌الورع يحمل صاحبه على ألا يخوض في الشبهات

- ‌تفسير مجاهد لقوله تعالى: (لا حجة بيننا وبينكم)

- ‌حكم جدال من يقبل الحق ويرجع عن الباطل

- ‌الجدال والمراء من أسباب القطيعة وإفساد ذات البين

- ‌المراء والجدال بين التقصير والمبالغة

- ‌الجدال والمخاصمة سبب لقلة المروءة، وذهاب الكرامة

- ‌تعليق الإمام ابن بطة على ما تقدم من ذم المراء والخصومات في الدين

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إلزام الناس أنفسهم بأخذ الهدايا للأبناء والبنات في شهري رجب ورمضان

- ‌الحكم على حديث (من قرأ قل هو الله أحد في يوم إحدى عشرة مرة)

- ‌حكم سكن الرجل بزوجته في بيت يشترك معه فيه أخوه وزوجته

- ‌حكم تدريس الرجال للنساء في حلقات القرآن

- ‌حكم قراءة الضاد ظاءً في قوله تعالى (ولا الضالين)

- ‌تمييز المسجد الأقصى من مسجد قبة الصخرة

- ‌حكم جلوس الحائض في المسجد

- ‌حكم استعمال العطور التي فيها كحول

- ‌حكم قول الرجل: أنا عندي كذا منذ الجاهلية

- ‌الحكم على حديث (اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً)

- ‌حكم العمل في الضرائب وشركات التأمين الأهلية

- ‌حكم العمل في أماكن لا تخلو من شبهة

- ‌لعبة الانتخابات والضحك على الذقون

الفصل: ‌تعليق الإمام ابن بطة على ما تقدم من ذم المراء والخصومات في الدين

‌تعليق الإمام ابن بطة على ما تقدم من ذم المراء والخصومات في الدين

قال الشيخ: [فاعلم يا أخي! أني لم أر الجدال والمناقضة والخلاف والمماحلة، والأهواء المختلفة والآراء المخترعة من شرائع النبلاء، ولا من أخلاق العقلاء، ولا من مذاهب أهل المروءة، ولا مما حكي لنا عن صالحي هذه الأمة، ولا من سير السلف، ولا من شيمة المرضيين من الخلف، وإنما هو لهو يتعلم، ودراية يتفكه بها، ولذة يستراح إليها، ومهارشة العقول، وتذريب اللسان بمحق الأديان، واستمتاع بظهور حجة المخاصم، وقصد إلى قهر المناظر، والمغالطة في القياس، وبهت في المقاولة، وتكذيب الآثار، وتسفيه أحلام الأبرار، ومكابرة لنص التنزيل، وتهاون بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقض لعقدة الإجماع، وتشتيت الألفة، وتفريق لأهل الملة، وشكوك تدخل على الأمة، وتوغير للقلوب، وتوليد للشحناء في النفوس.

عصمنا الله وإياكم من ذلك، وأعاذنا من مجالسة أهل الأهواء].

كل هذه البلايا بسبب الجدال بالباطل.

[وقال ابن أبي الزناد: أدركنا أهل الفضل والفقه من خيار أولية الناس -يعني: من السلف- يعيبون أهل الجدل والتنقيب، والأخذ بالرأي أشد العيب، وينهوننا عن لقائهم ومجالستهم، وحذرونا مقاربتهم أشد التحذير، ويخبرونا أنهم على ضلال، وتحريف لتأويل كتاب الله، وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم، وما توفى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى كره المسائل وعابها، وعاب التنقيب عن الأمور وزجر عن ذلك، وحذره المسلمين في غير موضع، حتى كان من قوله عليه الصلاة والسلام في كراهية ذلك أن قال: (ذورني ما تركتكم)] يعني: إذا أخفيت شيئاً عنكم، أو لم أتكلم في اتباعه؛ فلا يجادلني ويخاصمني فيه أحد منكم.

قال: [(ذروني ما تركتكم، فإنما هلك الذين من قبلكم بسؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم)] يعني: لابد أن تعلم أن الجدال مهلكة، وأن الخصومة مهلكة.

قال: [(فإنما هلك الذين من قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم -يقصد بني إسرائيل- فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه) اجتنبوه كله؛ لأن النهي داخل في مقدور كل إنسان.

قال: [(وإذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم)].

وأنتم تعلمون ذلك الرجل الذي قام وقال: (يا رسول الله! الحج كل عام؟ فسكت، فقام فسأل: الحج كل عام؟ فسكت، فقام فسأل: الحج كل عام؟ قال: لو قلت: نعم لوجبت -أي: لو قلت: الحج كل عام لكان واجباً على كل مسلم أن يحج في كل عام- ولما استطعتم).

[فأي: امرئ أكب على التنقيب لم يعقل من هذا، ولم يبلغ الناس يوم قيل لهم هذا القول من الكشف عن الأمور جزءاً من مائة جزء مما بلغوا اليوم، فهل هلك أهل الأهواء وخالفوا الحق إلا بأخذهم بالجدل، والتفكير في دينهم؟ فهم كل يوم على دين ضلالة وشبهة جديدة، لا يقيمون على دين، وإن أعجبهم إلا نقلهم الجدل والتفكير إلى دين سواه، ولو لزموا السنن وأمر المسلمين، وتركوا الجدل لقطعوا عنهم الشك، وأخذوا بالأثر الذي حضهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 23