المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قول موسى: (وأنا أول المؤمنين) وقول السحرة: (إن كنا أول المؤمنين) - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٢٣

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ أمثلة على تعلق أهل البدع بمتشابه القرآن للطعن في الدين

- ‌موقف أهل السنة وأهل البدع من المتشابه في القرآن والسنة

- ‌قوله تعالى: (بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب)

- ‌قوله تعالى: (هذا يوم لا ينطقون) وقوله: (عند ربكم تختصمون)

- ‌قوله تعالى: (عمياً وبكما وصماً) وقوله: (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة)

- ‌قوله تعالى: (ولا يتساءلون) وقوله: (يتساءلون)

- ‌قوله تعالى: (ما سلككم في سقر) وقوله تعالى: (فويل للمصلين)

- ‌قوله تعالى: (خلقكم من تراب)، وقوله: (من طين)

- ‌قوله تعالى: (رب المشرق والمغرب)، وقوله: (رب المشرقين)

- ‌قوله تعالى: (وإن يوماً عند ربك)، وقوله: (تعرج الملائكة والروح إليه)

- ‌قوله تعالى: (والله ربنا ما كنا مشركين) وقوله: (ولا يكتمون الله حديثاً)

- ‌قوله تعالى: (إن لبثتم إلا عشراً) (ما لبثوا غير ساعة) (إن لبثتم إلا يوماً)

- ‌قوله تعالى: (قالوا لا علم لنا) وقوله تعالى: (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم)

- ‌قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة)، وقوله تعالى (لا تدركه الأبصار)

- ‌قول موسى: (وأنا أول المؤمنين) وقول السحرة: (إن كنا أول المؤمنين)

- ‌قوله تعالى: (أدخلوا آل فرعون)، وقوله: (فإني أعذبه عذاباً)

- ‌قوله تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) وقوله: (شجرة الزقوم طعام الأثيم)

- ‌قوله تعالى: (أن الكافرين لا مولى لهم)، وقوله: (ثم ردوا إلى الله مولاهم)

- ‌قوله تعالى: (إن الله يحب المقسطين)، وقوله: (وأما القاسطون)

- ‌قوله تعالى عن المؤمنين: (بعضهم أولياء بعض) وقوله: (ما لكم من ولايتهم من شيء)

- ‌قوله تعالى لإبليس: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) وقول موسى: (هذا من عمل الشيطان)

- ‌قوله تعالى: (اليوم ننساكم كما نسيتم)، وقوله (في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى)

- ‌قوله تعالى: (ونحشره يوم القيامة أعمى) وقوله تعالى: (فبصرك اليوم حديد)

- ‌قوله تعالى: (إنني معكما أسمع وأرى)، وقوله: (إنا معكم مستمعون)

- ‌الأسئلة

- ‌الرد على شبهة أن قبر النبي وصاحبيه داخل المسجد

الفصل: ‌قول موسى: (وأنا أول المؤمنين) وقول السحرة: (إن كنا أول المؤمنين)

‌قول موسى: (وأنا أول المؤمنين) وقول السحرة: (إن كنا أول المؤمنين)

المسألة التاسعة: قول موسى: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143].

وقال السحرة: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:51].

فإذاً موسى قال: (أنا أول المؤمنين)، والسحرة قالوا:(إن كنا أول المؤمنين).

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162] إلى قوله: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:163]، فقالوا: كيف قال موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143]، وقد كان قبله إبراهيم مؤمناً ويعقوب وإسحاق؟! وقالت السحرة وهم الذين آمنوا بموسى:{أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:51]، وكيف جاز للنبي أن يقول:{وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:163]، وقد كان قبله مسلمون كثيرون مثل عيسى ومن تبعه؟ فشكوا في القرآن وقالوا: إنه متناقض.

و

‌الجواب

أن قول موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143]، حين قال:{رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:143]، ولا يراني أحد في الدنيا إلا مات، أي: صعق.

{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143]، أي: أول المصدقين أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات.

وقوله: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} [الأعراف:143]، أي: من هذا السؤال، فلا أسألك الرؤية مرة أخرى؛ لعلمي باستحالتها في الدنيا في حق المخلوقين.

أما في الآخرة فالعقيدة قائمة وثابتة أنه يراه أهل الإيمان، ويحجب عنه الكافرون.

وأما قول السحرة: {أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:51]، أي: أول المصدقين برسالة موسى عليه السلام، فالإيمان بمعنى: التصديق، وهذا معناه اللغوي، ولذلك قال إخوة يوسف لأبيهم:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف:17]، أي: بمصدق لنا.

وهذا بخلاف تفسير الإيمان عند أهل السنة والجماعة، إذ إنه قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح.

ولذلك اغتر المرجئة بتعريف الإيمان فقالوا: الإيمان هو التصديق فقط.

والجهمية قالوا: الإيمان هو العلم.

ومنهم من قال: الإيمان هو المعرفة.

ولا شك أن تعريف الإيمان على هذا النحو لا يصدق مع مذهب الاستقامة عند أهل السنة والجماعة؛ لأنهم -أي: المرجئة- يخرجون العمل عن مسمى الإيمان وحقيقته، كما أن الجهمية يجعلون إبليس من المؤمنين؛ لأنه كان يعلم ويعرف ربه حق المعرفة، فهم يقولون: الإيمان هو المعرفة، أو الإيمان هو العلم، لكن إبليس يعلم أن الله تعالى رب، ويعرف حقيقة الله عز وجل، ويعلم ذلك تمام العلم، فهل يصير بذلك مؤمناً؟! لذلك كانت هذه التعريفات للإيمان من جهة الاصطلاح كلها تعريفات منابذة لتعريف أهل السنة والجماعة.

وأحياناً الواحد منا يدخل في تحد، أو في مسابقة، أو غير ذلك، وهذا الكلام من كلام العرب، فيقول: لو أنك يا بني نجحت في الامتحان، وأتيت بدرجة (100%)؛ فأنا أول من يمنحك هدية، لكن سبقك إلى الإهداء غيرك، وكذلك قولي: لو أنكم فعلتم كذا وكذا لكنت أنا أول المطبقين، فلا يلزم أن أكون أول المطبقين على الإطلاق، لكن يلزم أنني من أوائل المطبقين لهذا الكلام، وغير ذلك من الأمثلة كثير، والمقصود هنا:{وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143]، أي: أنا أكون أول من يؤمن بهذا، ولا يلزم من ذلك الأسبقية المطلقة في الإيمان والتصديق، وإنما ذلك مثل ما تقول بالضبط: لو أنك يا فلان ذهبت إلى زيارة والديك فسوف تجدني أول من يدخل بيتك، ويحملك إلى والديك، وآخر مات أبوه وأمه فقال: الذي يمنعني من زيارتهما هو عدم وجود المواصلات، فقلت له: لو أنك مستعد لزيارة والديك فستجدني أول من ينتظرك بسيارتي عند بابك ليحملك إلى والدك، وعليه فإذا أبدى الموافقة فلا يلزمك أنك تكون أسبق الناس إليه، بل ربما سبقك غيرك.

إذاً معنى كلامي: لو أنك مستعد لزيارة والديك ستجدني على أتم استعداد لحملك.

وهكذا قول الأنبياء: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143]، وقول السحرة {أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:51]، أي: من أوائل المؤمنين المتابعين المصدقين لهذا الوحي الذي نزل من السماء.

وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:163]، أي: من أهل مكة، أو يحمل على كلامنا السابق، وهذا تفسير ما شك فيه الزنادقة.

ص: 15