المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مشيئة الله تعالى غالبة في نصوص القرآن - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٤٥

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ بيان أن الله أرسل المرسلين لدعوة الناس لعبادته وحده

- ‌باب بيان أن الله أرسل المرسلين لدعوة الناس لعبادته وحده

- ‌وجوب الإيمان والتصديق بأن علم الله قد سبق ونفذ في خلقه قبل أن يخلقهم

- ‌إحصاء الله تعالى لما هو كائن قبل أن يكون

- ‌إرسال الله للرسل لدعوة الناس إلى عبادته، وإرسال الشياطين على الكافرين تحرضهم على المعاصي

- ‌التعليق على قوله تعالى: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان)

- ‌إخبار الله في كتابه وعلى لسان رسوله أنه يرسل الشياطين فتنة للكافرين الذين حق عليهم القول

- ‌إخبار الله عن فعله في خلقه

- ‌كلام بعض الصحابة والتابعين في قوله تعالى: (ما أنتم عليه بفاتنين)

- ‌باب ذكر ما أعلمنا الله تعالى أن مشيئة الخلق تبع لمشيئته

- ‌آيات من القرآن في بيان أن مشيئة الخلق تبع لمشيئة الله

- ‌كلام أهل العلم في تفسير قوله تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك)

- ‌مشيئة الله تعالى غالبة في نصوص القرآن

- ‌قول ابن عباس وأبي العالية في تفسير قوله تعالى: (كما بدأكم تعودون فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة)

- ‌رد ابن عباس على من يزعم أن الشر ليس بقدر

- ‌تفسير أبي حازم لقوله تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها)

- ‌تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (يحول بين المرء وقلبه)

- ‌تفسير الحسن لقوله تعالى: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون)

- ‌تفسير الحسن لبعض الآيات المتعلقة بمشيئة الله وغلبتها لكل مشيئة

- ‌تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه)

- ‌كلام مالك وزيد بن أسلم في القدرية

- ‌انحراف القدرية في القدر رغم سماعهم للآيات الدالة عليه

- ‌إكثار النبي في قوله: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)

- ‌كلام أبي شامة في حكم من شبه شيئاً من صفات الله بما يقابله من جوارحه

- ‌عمل العباد من طاعة أو معصية لا يخرج عن إرادة الله وقدره

- ‌اقتصار دعوة الرسل على البلاغ واختصاص الله بالهداية والتوفيق

- ‌قول بعض السلف في تفسير بعض آيات القدر

- ‌دعاء للمجاهدين الأفغان في قتالهم مع الروس

- ‌مشروعية الدعاء في النوازل وآدابه

- ‌الحكم على حديث: (يا علي! لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء)

الفصل: ‌مشيئة الله تعالى غالبة في نصوص القرآن

‌مشيئة الله تعالى غالبة في نصوص القرآن

قال: [وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم:4]]، فهذا هو الشاهد:{فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم:4]، إذاً الهداية والضلال بيد الله، وبمشيئة الله العزيز الحكيم.

قال: [وقال عز وجل: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:213]]، لو شاء الله عز وجل يا أخي الكريم! ألا يجلسك في هذا المجلس ما جلست، ولجعلك في أهل الشقوة والتعاسة، ولو شاء الله عز وجل الآن أن يجعلنا جميعاً كفاراً لما قمنا من مقامنا إلا ونحن كفار عياذاً بالله، ولو شاء الله أن تعالى أن يأتي بالكفار الآن فيدخلهم علينا أفواجاً وجماعات لفعل سبحانه وتعالى، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23].

فهذه باختصار عقيدة السلف في الإيمان بالقدر كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر)، وهو سر الله تعالى المكتوم الذي يحرم على المسلم أن يماحل وأن يجادل فيه.

قال: [قال الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:56]]، أي: يا محمد! لا يمكن أن يهتدي على يديك أحد مهما حاولت إلا أن يشاء الله ذلك، والنبي عليه الصلاة والسلام كان أحب شيء له أن يهتدي أبوه، وعبد المطلب، وأبو طالب، أهله وأقرب الناس إليه، لكن الله تعالى أراد غير ذلك، فما تم لمحمد عليه الصلاة والسلام ما أحب؛ لأن مشيئة الله تعالى أنهم من أهل الشقاء، ولذلك قال:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56]، أي: وقد سبق في علمه الأزلي من يهتدي.

قال: [وقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر:22 - 23]]، أي: يا محمد مهمتك: النذارة والبشارة، {نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [الأعراف:188] فقط لا غير، نذير من النار، وبشير بالجنة.

قال: [وقال عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الشورى:8].

وقال عز وجل: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر:56].

وقال عز وجل حين دعا إلى الجنة وشوق إليها، وحذر من النار وخوف منها:{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل:19](فمن شاء) أثبت لك مشيئة، وأثبت لك إرادة، لكن مشيئتك وإرادتك داخلة تحت مشيئة الله، بمعنى: ألا تشاء شيئاً إلا أن يشاءه الله، ولا تريد شيئاً إلا أن يريده الله عز وجل، ولذلك رد الله تعالى مشيئة الخلق إلى نفسه وإلى مشيئته فقال:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الإنسان:30 - 31]]، أي: المرء لا يستطيع أن يدخل نفسه في رحمة الله إلا أن يشاء الله تعالى ذلك، {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان:31]، ثم قال:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:28 - 29].

ص: 13