المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وصية عبادة بن الصامت عند الموت لابنه الوليد بالإيمان بالقدر - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٥٣

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره

- ‌باب التصديق بأن الإيمان لا يصح لأحد ولا يكون العبد مؤمناً حتى يؤمن بالقدر خيره وشره

- ‌أقوال أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وحذيفة وعمران بن الحصين في إثبات القدر

- ‌الإيمان الجازم بالقدر راحة للعبد في الدنيا والآخرة

- ‌وصية عبادة بن الصامت عند الموت لابنه الوليد بالإيمان بالقدر

- ‌نفي الإيمان عمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره

- ‌حكم عبد الله بن عمر على من أنكر القدر وقال إن الأمر أنف

- ‌أقوال عبد الله بن مسعود في أن العبد لا يذوق طعم الإيمان حتى يؤمن بالقدر

- ‌أقوال علي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر في إثبات القدر

- ‌باب الإيمان بأن الشيطان مخلوق مسلط على بني آدم

- ‌تقديم المرء حسن الظن إذا رأى ما يبعث على الشبهة في أخيه

- ‌دعوة الناس إلى دين الله تعالى بالحكمة

- ‌بيان أن لكل إنسان قريناً من الجن

- ‌أقوال الصحابة والتابعين في أن لكل إنسان قريناً وتحذيرهم من وسوسته

- ‌الأسئلة

- ‌توفيق الله سبحانه لنبيه دون غيره في أن قرينه أسلم

- ‌حكم صيام يوم عاشوراء ويوم بعده

- ‌الجمع بين قولنا: إنه لا راد لما قضى الله وقدره، وبين الحديث: (لا يرد البلاء إلا الدعاء)

الفصل: ‌وصية عبادة بن الصامت عند الموت لابنه الوليد بالإيمان بالقدر

‌وصية عبادة بن الصامت عند الموت لابنه الوليد بالإيمان بالقدر

[عن عطاء بن أبي رباح: قال سألت الوليد بن عبادة بن الصامت: كيف كانت وصية أبيك حين حضره الموت؟ فقال: دعاني فقال: يا بني! اتق الله، واعلم أنك لن تتقي الله ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده، وتؤمن بالقدر خيره وشره.

قلت: يا أبتي! كيف لي أن أؤمن بالقدر خيره وشره؟ قال: تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك.

هذا القدر، أظنه قال: فإن مت على غير هذا دخلت النار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، فقال: أي رب! وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى القلم تلك الساعة بما هو كائن إلى الأبد)].

فلو هددك طاغية بشيء من العذاب والنكال وأردت أن تصرفه عن نفسك وقد كتب في اللوح المحفوظ أنه واقع بك؛ هل يمكنك دفعه؟ لا، وإذا لم يكتبه الله تعالى عليك هل يمكن لهذا الطاغية إلحاق الأذى بك؟ لا، فإن تؤمنوا بذلك فأنتم على خير، لكن الإيمان الحقيقي يظهر ساعة المحك والعمل، فإن قال لك سلطان: افعل كذا، قل له: هذا حرام، فإن قال: تفعل وإلا فعلت، قل له: لا تستطيع إلا بقدر، وكل شيء بقدر، قدر الله وما شاء فعل.

هذه الكلمات تقتله قتلاً؛ لأنه لا يؤمن بالقدر كما تؤمن أنت، وإن أوقع شيئاً من الأذى فبقدر ومكتوب، وهو في علم الله منذ الأزل.

[وعن أيوب بن زياد عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: حدثني أبي قال: دخلت على عبادة وأنا أتخيل فيه الموت، فقلت: يا أبا الوليد! -وهي كنية عبادة بن الصامت - أوصني واجتهد لي؟ قال: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: يا بني! إنك لن تطعم طعم الإيمان، ولن تبلغ حقيقة العلم بالله عز وجل حتى تؤمن بالقدر خيره وشره -أي: إنك لن تطعم طعم الإيمان، وتذوق حلاوته حتى تؤمن بالله، وتعلم الله تعالى، وتؤمن بالقدر خيره وشره- فقلت: يا أبتاه! وكيف لي أن أعلم ما خير القدر من شره؟ قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بني! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إن أول شيء خلق الله القلم، ثم قال: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيام) يا بني فإن مت ولست على هذا -أي: ولم تؤمن بهذا- دخلت النار.

ص: 5