المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطورة القول بخلق القرآن - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٦٥

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ما جاء في السنة بأن القرآن كلام الله غير مخلوق

- ‌خطورة القول بخلق القرآن

- ‌ما جاءت به السنة عن النبي وعن أصحابه بأن القرآن كلام الله غير مخلوق

- ‌حديث: (فإن قريشاً منعوني أن أبلغ كلام ربي)

- ‌حديث: (إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة)

- ‌حديث: (إذا تكلم الله سمع صوته أهل السماء)

- ‌حديث: (القرآن كلام الله)

- ‌حديث: (فأحسن الكلام كلام الله)

- ‌وصية خباب بن الأرت لفروة بن نوفل بالتقرب إلى الله تعالى

- ‌أثر عمر: (إن هذا القرآن إنما هو كلام الله)

- ‌حديث: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)

- ‌أحسن الحديث كلام الله

- ‌تعويذ النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين بكلمة الله

- ‌حديث: (لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك إن شاء الله)

- ‌حديث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى قرأ على نفسه المعوذات)

- ‌التعوذ بكلمات الله

- ‌الكفارة المترتبة على من حنث في حلفه بكتاب الله دليل على أنه كلام الله

- ‌إثبات أبي بكر رضي الله عنه أن القرآن كلام الله

- ‌قول الإمام الشافعي في الحلف بأسماء الله والحلف بالمخلوقات

- ‌مس القرآن على طهارة دليل على أنه كلام الله

- ‌تنزيه القرآن من قراءته في الأماكن المستقذرة دليل على أنه كلام الله

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الحلف بالتوراة والإنجيل

- ‌حمل كلام ابن مسعود في كفارة الحلف بكل آية من كتاب الله على التغليظ

- ‌الحكم على حديث: (يدخل الجنة سبعون ألفاً من أمتي) وبيان معناه

- ‌التوسل المشروع

- ‌نسبة الأشاعرة إلى أهل السنة والجماعة أم إلى أهل القبلة

- ‌حكم الاتكاء على اليد اليسرى في الجلوس

- ‌النهي عن تسريح الشعر كل يوم

الفصل: ‌خطورة القول بخلق القرآن

‌خطورة القول بخلق القرآن

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

تكلمنا في الدرس الماضي في إثبات أن كلام الله تعالى غير مخلوق، وأن الله تعالى متكلم ولا يزال متكلماً بما شاء وكيف شاء سبحانه وتعالى، لا ينتهي كلامه، وبينا ذلك من آيات الكتاب المبين.

ودرسنا في هذه الليلة في إثبات أن القرآن كلام الله تعالى، وأنه غير مخلوق من سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

فقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه -أي: من المرفوع والموقوف- بأن القرآن كلام الله].

في الدرس الماضي بعض الإخوة كتبوا إلي رسالة وقالوا: ما قيمة هذا الكلام؟ ما قيمة ذكر هذه الفتنة خاصة وأن الناس لا يعرفونها؟ وهذه حقيقة، وقد أتتني رسائل في الدرس الماضي بعد أن شرحت أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وبينت خطر القول بخلق القرآن، لكن لا يزال الأمر غامضاً على بعض الناس، وقد سألوا عن خطورة القول بخلق القرآن، خاصة وأن بعض الوعاظ -كما ذكر بعض السائلين- يصعدون على المنابر يقولون: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما، فأما الصيام فيقول: أي رب! أظمأت نهاره فشفعني فيه، وأما القرآن فيقول: أي رب! أسهرت ليله فشفعني فيه)، ويسأل عن صحة الحديث.

الحديث صحيح، لكن بدون لفظة:(وقال القرآن أي رب!) القرآن ما قال ذلك، ولكن الحديث:(الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، أما الصيام فيقول: أي رب!)؛ لأن الصيام مخلوق، والصيام فعل العبد، وأفعال العباد مخلوقة، (فيقول الصيام: أي رب! أظمأت نهاره فشفعني فيه، وأما القرآن فيقول: أسهرت ليله فشفعني فيه) ولم يقل القرآن: أي رب! ومن الخطأ الفادح فعلاً قول بعض الأئمة أو الخطباء في هذا الحديث: أي رب!، كما أن من الخطأ الشائع على ألسنة الناس إذا أراد أن يقسم يميناً مغلظاً أخذ القرآن بيمينه وقال:(ورب هذا القرآن) فجعل القرآن مربوباً، والمربوب مخلوق، فهذا يمين خطأ في الاعتقاد، ولا يصح؛ لأن القرآن ليس مربوباً، ولو كان مربوباً لكان حادثاً، ولو كان حادثاً للزم أن نقول: إن الله لم يكن متكلماً حتى خلق لنفسه الكلام، كما أنه لا بد أن يفنى إذا كان حادثاً؛ لأن كل حادث يطرأ عليه الفناء لا محالة.

ولذلك قامت مناظرة في زمن المعتصم في مجلسه، وكانت في فتنة خلق القرآن، وكان الذي تولى كبرها عالم من علماء السلطة في ذلك الزمان يسمى أحمد بن أبي داود أو أحمد بن أبي دؤاد، ينطق هكذا وهكذا، وهو الذي وشى بالإمام أحمد عند الخليفة في زمن العباسيين وقال: إن أحمد يقول: إن القرآن ليس مخلوقاً وهو مخلوق؛ لأن القرآن شيء، والله تعالى خلق كل شيء، فلما كانت المناظرة بين الإمام أحمد وبين إمام الضلالة أحمد بن أبي دؤاد بين يدي المعتصم قال ابن أبي دؤاد: يا أحمد! أليس القرآن شيئاً؟ قال: بلى.

قال: أوليس الله تعالى خلق كل شيء؟ قال: بلى.

قال: إذاً: القرآن مخلوق.

فقال أحمد بن حنبل: يا ابن أبي دؤاد! أليس القرآن شيئاً؟ قال: بلى.

قال: أوليس الله تعالى قال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف:25]؟ قال: بلى.

قال: هل تقول: إن القرآن يدمر؟ -أي: يفنى ويزول- إذا قلت ذلك فقد كفرت، فسكت أحمد بن أبي دؤاد ولم يعر ابن حنبل جواباً.

وانتهت المناظرة وكل مسلم ومسلمة ينتظر هذه الصولة وهذه الجولة لمن تكون: لـ أحمد بن حنبل أم لـ أحمد بن أبي دؤاد؟ فلما انهزم ابن أبي دؤاد ولم يعر أحمد بن حنبل جواباً انصرف الناس وقد كتبوا عن أحمد بن حنبل في هذه اللحظة: القرآن كلام الله غير مخلوق.

ولا زال أهل السنة إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة يعتقدون أن القرآن كلام الله غير مخلوق.

والقرآن هو كلام الله عز وجل، والمخلوق منا لم يكن متكلماً، فلما خلق الله له الكلام تكلم، والمخلوق منا جاهل، فلما خلق الله له العلم صار عالماً، والمخلوق منا جهول، فلما خلق الله الحلم صار حليماً، وغير ذلك من الصفات التي يتصف بها المخلوقين لم يكونوا يتصفون بها ابتداءً، فلما خلقها الله اتصفوا بها؛ ولذلك قال النبي عليه السلام:(إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم) فلم يكن المرء منا عالماً حتى خلق فيه

ص: 2