المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المنافقون يظهرون خلاف ما يبطنون - شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية - الراجحي - جـ ٨

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[8]

- ‌أوصاف المنافقين في سورة المنافقون

- ‌المنافقون يظهرون خلاف ما يبطنون

- ‌المنافقون يرفضون استغفار الرسول لهم

- ‌المنافقون يصدون الناس عن الرسول

- ‌سبب نزول قوله تعالى (يقولون لئن رجعنا)

- ‌مسائل متعلقة بالمنافقين

- ‌العلة في التزام المنافقين حال قوة المسلمين

- ‌إطلاع الله لنبيه على أسماء المنافقين

- ‌قاعدة في الصلاة على موتى المنافقين ونحوهم

- ‌خطورة النفاق

- ‌خوف السلف من النفاق

- ‌العبادات لا تقبل من المنافقين

- ‌سبب عدم قبول عبادات المنافقين

- ‌انكشاف أمر عبد الله بن أبي عند الصحابة

- ‌ظهور مصطلح الزنديق والخلاف في حكمه

- ‌ظهور هذا المصطلح وسببه

- ‌الخلاف في قبول توبة الزنديق

- ‌معنى الزنديق عند الفقهاء وغيرهم

- ‌التفريق بين الحكم بالظاهر والحكم بالباطن

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الصلاة في المساجد التي فيها مقابر

- ‌حكم الدراسة عند المنحرفين

- ‌حكم دراسة اللغة الإنجليزية والتكلم بها بين المسلمين لإتقانها

- ‌حكم ساب الصحابة

- ‌معنى قوله تعالى: (باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب)

- ‌حكم الدراسة في الجامعات المختلطة

- ‌حل إشكال في كلام الإمام ابن تيمية عن المنافقين

- ‌وجه ذكر المنافقين في السور المكية

- ‌عقيدة الدروز وحكم التعامل معهم

- ‌الطائفة المنصورة والطائفة الناجية

- ‌حكم من يتنصر لأجل الحصول على الطعام والمال

- ‌حكم القرض الربوي

- ‌الاهتمام بالمناطق القروية في الدعوة إلى الله

الفصل: ‌المنافقون يظهرون خلاف ما يبطنون

‌المنافقون يظهرون خلاف ما يبطنون

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد ذكر في سورة المنافقين قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1] إلى آخر السورة، والمقصود بيان كثرة ما في القرآن من ذكر المنافقين وأوصافهم].

ذكر الله تعالى سورة كاملة في شأن المنافقين تسمى سورة المنافقين، بين الله تعالى فيها أوصافهم وأخلاقهم؛ تحذيراً لعباده المؤمنين أن يتصفوا بصفاتهم، قال سبحانه:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون:1] وهم الذي كفروا في الباطن، وأظهروا الإسلام في الظاهر {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون:1] هذا قولهم باللسان {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1] إذاً: لهم ظاهر وباطن، ظاهرهم الشهادة لله تعالى بالوحدانية باللسان، وكذلك الشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وأما في الباطن فقلوبهم مكذبة.

{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [المجادلة:16] أي: اتخذوا أيمانهم وقاية يتقون بها العقوبات التي تصيبهم في الدنيا، فكلما فعلوا شيئاً حلفوا أيماناً أنهم ما فعلوا فيسلمون من العقاب؛ لأن الأحكام إنما تكون على الظاهر، والسر تكله إلى الله، فجعلوا أيمانهم وقاية.

وهذا فيه تحذير للمؤمن من الأيمان، فنجد بعض المؤمنين يحلف ولا يبالي، وهذه من صفات المنافقين، وبئسما صنعوا، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون:3] آمنوا: عرفوا الحق، ووضح لهم، ثم كفروا، فلما كفروا بعد وضوح الحق عوقبوا بأن طبع الله على قلوبهم، فجعل عليها غلافاً كالطابع.

وفي آية أخرى أخبر عنهم سبحانه بقوله: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة:88] أي: إذاً قلوبهم عليها غلاف وطابع وختم؛ بسبب تركهم الحق، وإعراضهم عنه بعد وضوحه، كما قال تعالى عن أهل القرى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5] فقد أزاغ الله قلوبهم بسبب زيغهم وتركهم الحق بعد وضوحه.

وقال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:110] ومن أوصافهم أنهم ممن يعجبك منظرهم، وأيضاً كلامهم معسول وبليغ وفصيح، لكن القلوب خراب {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون:4] أي: خاوية ليس فيها شيء فهي جوفاء.

{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون:4] وذلك بسبب ما في قلوبهم من الهلع، يظنون كل أمر وبلاء ينزل نازلاً بهم، ويرون أن كل حادثة هي عليهم؛ بسبب ما في قلوبهم من الريب والزيغ.

قال الله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4] أي: هم العدو الحقيقي اللدود، شديد العداوة، وإن كان اليهود أعداء، والنصارى أعداء، لكن هؤلاء أشد عداوة؛ ولهذا قال:{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4].

ص: 3