الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهادة العلماء له
دخل على شيخ الإسلام ابن تيمية علم من أعلام الأمة وكان هذا العلم مفخرة للمصريين في العصر المتأخر، وهو ابن دقيق العيد وكان ابن دقيق العيد عالماً نحريراً، وكان من العلماء في علم الحديث وعلم الفقه، كان مالكياً، ثم بعد ذلك انتقل إلى الفقه الشافعي، فأتقن علم المالكية وعلم الشافعية، وكان هو القاضي في مصر، وكان أحمد بن طولون على مذهب الإمام مالك، وكان الإمام ابن دقيق العيد هو المستشار الوحيد له، وهو قاضي القضاة في مصر.
فسمع ابن دقيق العيد عن شيخ الإسلام ابن تيمية فرحل إليه إلى الشام، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية شاباً يافعاً، فدخل ابن دقيق العيد على شيخ الإسلام ابن تيمية فسلم عليه وتكلم معه في مسألة علمية، فسكت ابن دقيق العيد وأخذ شيخ الإسلام يشرق ويغرب شمالاً وجنوباً في الكلام على ما يخص هذه المسألة بكل الأدلة من الكتاب ومن السنة ومن النظر ومن الأثر، فلما سمع ابن دقيق العيد ذلك منه لم يرد عليه بشيء وبعد أن سلم عليه خرج من مجلسه، فقام الناس صفوفاً يسألون ابن دقيق العيد: هل رأيته؟ قال: رأيته.
قالوا: كلمته؟ قال: كلمته.
قالوا: ماذا تقول فيه؟ قال: أقول: لم ير مثل نفسه.
وهذه شهادة من ابن دقيق العيد لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وكفى فخراً لـ شيخ الإسلام أن كل الطوائف من أهل البدع يستدلون به.
وكان الرجل كما يقول المؤرخون: لا يعرف الفرق بين الدرهم والدينار.
وكان كما قال ابن القيم: إذا نزلت بنا الملمات نزلنا على مجلس شيخ الإسلام فاطمأنت قلوبنا.
قالوا: وكنا ننظر إلى شيخ الإسلام فتطمئن قلوبنا.
فهذا الرجل كأن الله لم يخلقه لهذه الدنيا، إذ لا يعرف شيئاً عن هذه الدنيا، ولذلك ابتلي ابتلاء شديداً ونزلت عليه النكبات تترا؛ لأنه كان ينافح عن دين الله جل في علاه.
والإمام الذهبي ترجم لشيخ الإسلام ابن تيمية قريباً من ثلاثة أسطر، وذلك لأنه يقول: شيخ الإسلام ابن تيمية يغني عنه ترجمته.
وقد كان الذهبي يقول: إن الحديث الذي لا يعرفه شيخ الإسلام ليس بحديث، وهذا يدل على سعة علم الرجل واطلاعه، ولذلك قالوا: إنه في عصر ابن تيمية لم يحفظ أحد مسند أحمد إلا ابن تيمية.
والإمام ابن كثير يقول: رأيت في الدنيا ثلاثة: ابن تيمية وابن دقيق العيد والثالث المزي صاحب تحفة الأشراف، وكان المزي عالماً نحريراً في علم الرجال، قال ابن كثير: فدخلت عليهم، فرأيت أحفظهم لمتن رسول الله في الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية، ورأيت أعلمهم بالرجال المزي، ورأيت أفقههم في المتون ابن دقيق العيد.
وكان هذا في صغر سن شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن لما كبر سن شيخ الإسلام ابن تيمية واتسعت العلوم والفهوم عنده أصبح لا نظير له ولا ند له.