المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إقرار المشركين بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام - شرح كشف الشبهات لخالد المصلح - جـ ٣

[خالد المصلح]

الفصل: ‌إقرار المشركين بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام

‌إقرار المشركين بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين.

وبعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإذا تحققت أنهم مقرون بهذا، وأنه لم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفت أن التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننا (الاعتقاد) ، كما كانوا يدعون الله سبحانه ليلاً ونهاراً، ثم منهم من يدعو الملائكة لأجل صلاحهم وقربهم من الله ليشفعوا لهم، أو يدعو رجلاً صالحاً مثل اللات، أو نبياً مثل عيسى، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على هذا الشرك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18] وكما قال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} [الرعد:14] ، وتحققت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليكون الدعاء كله لله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، والاستغاثة كلها بالله، وجميع أنواع العبادة كلها لله، وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء يريدون شفاعتهم، والتقرب إلى الله بذلك هو الذي أحل دماءهم وأموالهم؛ عرفت حينئذٍ التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون، وهذا التوحيد هو معنى قولك: لا إله إلا الله] .

يواصل الشيخ رحمه الله التقديم لهذه الشبهات التي سيجيب عليها، فيقول رحمه الله:(فإذا تحققت أنهم مقرون بهذا) أي: بتوحيد الربوبية (ولم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفت أن التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننا (الاعتقاد) ، كما كانوا يدعون الله سبحانه ليلاً ونهاراً، ثم منهم من يدعو الملائكة لأجل صلاحهم وقربهم إلى الله ليشفعوا لهم، أو يدعو رجلاً صالحاً مثل اللات، أو نبياً مثل عيسى، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على هذا الشرك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده، كما قال تعالى:{فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18] ) .

هذا فيه بيان أن الإقرار بتوحيد الربوبية لا ينقل الإنسان من الكفر إلى الإيمان، إذ أن الإقرار بتوحيد الربوبية أمر فطر الله سبحانه وتعالى عليه الخلائق، فكل الخلق يقرون بأن الله هو المالك، وأنه هو الخالق، وأنه هو المدبر، وأنه هو الرزاق، وإنما اختلف الخلق، وتشعبت طرقهم، وتباينت مذاهبهم؛ في صرف العبادة لله سبحانه وتعالى؛ فمن الخلق من أفردوا الله سبحانه وتعالى بالعبادة، فلم يصرفوها لغيره، وهؤلاء هم المتبعون للرسل، ومنهم من تنكب عن هذا السبيل، وخالف طريق المرسلين؛ فصرف العبادة لغير الله سبحانه وتعالى، وهؤلاء هم أعداء الرسل الذين بعثت الرسل لمحاربتهم، ودعوتهم إلى دين الحق.

يقول رحمه الله: (وتحققت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليكون الدعاء كله لله، والنذر كله لله، والذبح كله لله، والاستغاثة كلها لله، وجميع العبادات كلها لله) علمت بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا إلى التوحيد، وأنه صلى الله عليه وسلم أمر الناس بألا يصرفوا أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، وبهذا تفهم أن الدعوة التي جاءت بها الرسل هي إفراد الله بالعبادة؛ فمعنى لا إله إلا الله أي: لا معبود بحق إلا الله، وبالتالي لا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبادة لغيره تعالى، فكل ما ثبت أنه عبادة فصرفه لله سبحانه وتعالى توحيد جاءت به الرسل، وصرفه لغيره سبحانه وتعالى شرك نهت عنه الرسل.

يقول: (وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة والأنبياء والأولياء يريدون شفاعتهم، والتقرب إلى الله بذلك، هو الذي أحل دماءهم وأموالهم؛ عرفت حينئذٍ التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون، وأنه توحيد الألوهية الذي مقتضاه إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة) .

لا شك أن المشركين أبوا الإقرار بهذا التوحيد، ولذلك وقعت الخصومة بينهم وبين الرسل.

قال رحمه الله: (هو الذي أحل دماءهم وأموالهم)، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال:(أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام)، وفي حديث طارق بن أشيم عند مسلم قال:(من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله) ، فعلمنا أن الذي جعله الله سبحانه وتعالى ورسوله محرِّماً للدم والمال، وعاصماً لهما؛ هو الإقرار بالتوحيد، الذي هو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، فمن لم يقم بذلك فإنه مباح الدم والمال، ولا حرمة لدمه وماله.

ثم قال رحمه الله: (وهذا التوحيد هو معنى قولك: لا إله إلا الله)، فمعنى قولك: لا إله إلا الله: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، وذكرنا لكم أن العبادة هي: كل ما أمر الله به ورسوله، فكل ما أمر الله به ورسوله من العبادة التي لابد من إفراد الله سبحانه وتعالى بها، فقولك: لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله.

ص: 2