المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أقوال الشافعية في شعر الميتة وعظمها وعصبها - شرح متن أبي شجاع - محمد حسن عبد الغفار - جـ ١٠

[محمد حسن عبد الغفار]

الفصل: ‌أقوال الشافعية في شعر الميتة وعظمها وعصبها

‌أقوال الشافعية في شعر الميتة وعظمها وعصبها

قال: [وعظم الميتة وشعرها نجس إلا الآدمي] للشافعية في عظم الميتة وشعرها وعصبها ثلاثة أقوال: الأول: عموم النجاسة للعظم والشعر والعصب، واستدلوا على ذلك بعموم قول الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ} [المائدة:3]، فتحريم ما لا حرمة فيه دال على نجاسته، قلنا: الآدمي أيضاً له حرمة، فقالوا: وعموم قول الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} [البقرة:173] فالآدمي يسمى ميتة فيدخل تحت عموم الآية، واستدلوا بحديث جابر:(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الأصنام والخمر والميتة)، قالوا: والعلة في نهيه عن البيع: النجاسة.

القول الثاني: قالوا: كل العظم والشعر والعصب نجس في كل ميتة سوى الآدمي، واستدلوا بعموم الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول، وخصصوا الآدمي بقول الله تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [الإسراء:70]، فقالوا: التكريم دلالة على عدم النجاسة؛ لأن النجس غير مكرم.

فإذاً: التكريم دلالة على الطهارة.

واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه الذي فيه: (أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم وكان جنباً فانخنس، فبعد أن ذهب واغتسل رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: أين كنت يا أبا هر؟ فقال له أبو هريرة: كنت جنباً فاستحييت أن أجلس معك وأنا على جنابة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس)، ووجه الدلالة: عموم لفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن لا ينجس)، وابن حزم فقط هو الذي أخذ بالمفهوم وقال: إن أهل الكتاب أو الكفار كلهم أنجاس حسياً ومعنوياً.

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن لا ينجس)، يعني: حياً كان أو ميتاً، فاستدلوا بهذا الحديث على أن الآدمي لا ينجس عظماً وشعراً وجلداً ولحماً وكل شيء.

القول الثالث: إن عظم الميتة وشعرها وعصبها على الطهارة كلها، واستدلوا بأدلة ستأتي، لكن الصحيح الراجح في المذهب: أن عظم الميتة وشعرها وعصبها نجس وليس بطاهر، سوى ميتة الآدمي؛ لقول الله تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء:70]، ومن تمام التكريم أن يكون طاهراً حياً وميتاً، وأيضاً عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس)، فهذا فيه دلالة أنه طاهر ميتاً كان أو حياً.

وثمرة هذه المسألة: أنك لو وجدت ميتة ووجدت فيها شعراً؛ فإنه يجوز لك أن تستخدم هذا الشعر في حشو لرداء أو جاكت، هذا على القول بأن شعر الميتة طاهر، لكن نقول: الشعر لا يجوز استعماله لعموم الأدلة بنجاسة الميتة، أما الجلد فلا يصح استعماله إلا بعد الدباغ.

ص: 3